- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150754
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
القصة
22/04/10, 09:20 pm
مقدّمة الأدب مظهر من مظاهر تجلي الفكر والقصّة فنّ من فنونه ، تعدّ بأشكالها المتعدّدة إحدى طرائق نقل الأفكار والقيم ووسيلة من وسائل دورانها فيما بين أفراد المجموعة الثقافية واللغوية الواحدة وأداة من أدوات صنع الوعي العام، و القصّة من أقرب الفنون الأدبية إلى النفس البشرية، لأنها فن يستقي مادته من الحياة اليومية ، فتحتلّ القصّة مكانة مرموقة ،لأنّها تروّح عن النّفس وتثقّف العقل بالحكمة ، فيحسّ بها القارئ ويتذوقها السامع باختلاف العصور، وتنوّع الأعمال، وتباين البيئات و تعدّ شكلاً من أشكال التعبير، وسيلته النثر،
لكن الذي يتبادر إلى الأذهان هل عرف العرب الفن القصصي أم أنّهم عرّبوه عن العجم وهل للقصّة وطن معيّن أو أنّها شبيهة بالغناء والموسيقى لا وطن لهما ، خاصة وأن الإنسان قصّاص بطبعه في كل زمان ومكان، يحكي دائماً ما يختلج نفسه ويضيق به صدره أو ما يرهف سمعه ويدغدغ شعوره ولمعرفة الفن القصصي عند العرب وتطوّره صمّمنا هذه الخطّة آملين أن نقف على الإرهاصات الأولى للقصّة العربية وتطوّرها وأشكالها وعناصرها .
تعريف القصّة لغة: القصص مصدر الفعل قصّ يقصّ ومن معاني القصص في لسان العرب الخبر وهوالقصص وقصّ عليّ قصصه يقصّه قصّا وقصصا بمعنى أورده،والقصص (بالفتح) الخبر المقصوص ، وُ ضِع موضع المصدر حتّى صار أغلب عليه (ونقصّ عليك أحسن القصص )نبيّن لك أحسن البيان وتقصّص الخبر َ تتبّع أثره (1) وربط الدارسون بين ما أوردته المعاجم العربية عن قصّ الأثر باللّيل والقصّ ليلا لارتباطه مع الأسمار وكأنّ سلطان القصّ لا يستقيم إلاّ ليلا وقد سكن النّاس وهدأ الفرد واستراح من كدّ النهار ووفّر له اللّيل حجابا أضحى من طقوس السّرد اصطلاحاً: القصّة عمل فني يمنح الشعور بالمتعة والبهجة، كما يتميز بالقدرة على جذب الانتباه والتشويق، وإثارة الخيال، وقد تتضمن غرضاً أخلاقياً، أو لغوياً، أو ترويحيًا، وقد تشمل هذه الأغراض كلها أو بعضها وعرّفها النقّاد بأنّها ."مجموعة من الأحداث يرويها الكاتب، وهي تتناول حادثة واحدة، أو حوادث عدة تتعلق بشخصيات إنسانية تتباين أساليب عيشها، وتصرفها في الحياة، على غرار ما تتباين حياة الناس على وجه الأرض، ويكون نصيبها في القصة متفاوتاً من حيث التأثر والتأثير(2)".نشأة القصّة وتطوّرها
استحوذت القصة على فكر كثير من الأدباء والمفكرين واشتد الجدل في قضية وجود القصة في أدبنا العربي وعدم وجودها.. وكان السؤال المطروح على موائد البحث دائماً: أهي سليلة أدب أجنبي أم أنّ لها جذورا ضاربة في تاريخ الأدب العربي ؟
إنّ المتتبّع لجذور الفن القصصي عند العرب يجد أنّ البداية حتما من القصص الخرافية كما هي الحال في البداية لدى كلّ المجتمعات القديمة وكلمة الخرافية في حدّ ذاتها من الممكن أن ترسم لنا بداية هذا الفنّ ، يُروى أنّ رجلا عربيا من بني عذرة يُسمّى خرافة قد ادّعى أنّ الجنّ قد اختطفته ومكث عندهم مدّة ثمّ أعادوه إلى قومه فراح يحكي غريب مشاهداته في عالم الجنّ ، فكان قومه يستمعون له ويعجبون ويقولون أحاديث خرافة وصارت هذه الكلمة تطلق على أيّ كلام غريب لا يصدّق .ومما يدلّ على أنّ هذا اللون كان يعدّ من الأدب ما حُكِي من أنّ سهل بن علي بن أبي غالب وضع كتابا في الجنّ وحكاياتها وحمله إلى هارون الرشيد فقال : (إن كنت رأيت ما ذكرت فقد رأيت عجبا ، وإن لم تكن رأيته فقد وضعت أدبا )(1)لكن ّ النقاد أمام قضية وجود القصة في أدبنا العربي القديم، أو عدمه انقسموا بين مؤيد ومعارض فمنهم من يرى أن العرب لم يعرفوا القصة ومنهم المستشرقين وبعض النقّاد أمثال أحمد حسن الزيات، وأدلتهم في ذلك أنّ القصص فن من فنون الأدب الجليلة، له عند الفرنج مكانة مرفوعة وقواعد موضوعة، أما عند العرب فلا أثر له، ولا عناية به لأنّ مزاولة هذا الفن تقتضي الروّية والفكرة، والعربُ أهل بديهةٍ وارتجال، وتتطلّب الإلمام بطبائع الناس، وقد شٌغلوا بأنفسهم عن النظر فيمن عداهم، وتقتضي التحليل والتطويل، وهم أشد الناس اختصاراً للقول، وأقلّهم تعمقاً في البحث، وقد قل تعرضهم للأسفار البعيدة،(1) كما أن هذا الفن نوع من أنواع النثر، والفن الكتابي أو النثر الفني ظل في حكم العدم أزمان الجاهلية وصدر الإسلام حتى آخر الدولة الأموية حين وضع ابن المقفع الفارسي مناهج النثر، وفكّر في تدوين شيء من القصص. لكنّهم تناسوا أنّ القصّة العربية لها خصائص ومناهج وألوان تختلف عن القصة الغربية بمفهومها الغربي، وصياغتها الخاصة كأنموذج لم يجدوه في التراث العربي ، وهذا مقياس خاطئ في تعميم عدم وجود الفن القصصي في الأدب العربي، (2) والحقّ أنه قد وجد في العربية فن قصصي، منه ما هو مترجم مثل (ألف ليلة وليلة)، و(كليلة ودمنة)، ومنه ما هو مكتوب أصلاً بالعربية مثل قصص المقامات والقصص الشعبي، وقصة (حي بن يقظان)، وقصة (زنوبيا) ملكة تدمر، فكانت القصة، والرواية، والنبأ، والخبر، والأسطورة، والمقامةفي حين يذهب بعض النقاد إلى الجذور العميقة للقصّة في أدبنا العربي وفي هذا أفاض الحديث شوقي ضيف في كتابه تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، حيث قال: "من المحقق أنه وُجدت عندهم (أي عند العرب) ألوانٌ من القصص، والأمثال، وسجع الكهّان، ومن المؤكد أنهم كانوا يشغفون بالقصص شغفاً شديداً. وساعدتهم على ذلك أوقات فراغهم الواسعة في الصحراء، فكانوا حين يُرخي الليل سدوله يجتمعون للسمر، وما يبدأ أحدهم في مضرب خيامهم بقوله: "كان ياما كان" حتى يرهف الجميع أسمعاهم إليه، وقد يشترك بعضهم معه في الحديث، وشباب الحي، وشيوخه، ونساؤه وفتياته المخدرات وراء الأخبية، كل هؤلاء يتابعون الحديث في شوق ولهفة، ومن غير شك كان يفيض القصّاص على قصصه من خياله، حتى يبهر سامعيه، وحتى يملك عليهم قلوبهم. وقد دوّن الكتّاب العباسيون ما انتهى إليهم من هذا القصص مع تغيير في الصياغة وإن كان من الحق أن الأدب العربي حفَل بقوالب متعدّدةٍ للتعبير عن القص مثل: "قال الراوي"، و"يحكى أن"، و"كان يا كان"، وما إلى ذلك من المقدّمات التي كان يبدأ بها القاص حديثه القصصي، بل العرب كأمّة أول من قالت: "يحكى أن"، و"زعموا أن"(1)
........................................................................................................
لكن الذي يتبادر إلى الأذهان هل عرف العرب الفن القصصي أم أنّهم عرّبوه عن العجم وهل للقصّة وطن معيّن أو أنّها شبيهة بالغناء والموسيقى لا وطن لهما ، خاصة وأن الإنسان قصّاص بطبعه في كل زمان ومكان، يحكي دائماً ما يختلج نفسه ويضيق به صدره أو ما يرهف سمعه ويدغدغ شعوره ولمعرفة الفن القصصي عند العرب وتطوّره صمّمنا هذه الخطّة آملين أن نقف على الإرهاصات الأولى للقصّة العربية وتطوّرها وأشكالها وعناصرها .
تعريف القصّة لغة: القصص مصدر الفعل قصّ يقصّ ومن معاني القصص في لسان العرب الخبر وهوالقصص وقصّ عليّ قصصه يقصّه قصّا وقصصا بمعنى أورده،والقصص (بالفتح) الخبر المقصوص ، وُ ضِع موضع المصدر حتّى صار أغلب عليه (ونقصّ عليك أحسن القصص )نبيّن لك أحسن البيان وتقصّص الخبر َ تتبّع أثره (1) وربط الدارسون بين ما أوردته المعاجم العربية عن قصّ الأثر باللّيل والقصّ ليلا لارتباطه مع الأسمار وكأنّ سلطان القصّ لا يستقيم إلاّ ليلا وقد سكن النّاس وهدأ الفرد واستراح من كدّ النهار ووفّر له اللّيل حجابا أضحى من طقوس السّرد اصطلاحاً: القصّة عمل فني يمنح الشعور بالمتعة والبهجة، كما يتميز بالقدرة على جذب الانتباه والتشويق، وإثارة الخيال، وقد تتضمن غرضاً أخلاقياً، أو لغوياً، أو ترويحيًا، وقد تشمل هذه الأغراض كلها أو بعضها وعرّفها النقّاد بأنّها ."مجموعة من الأحداث يرويها الكاتب، وهي تتناول حادثة واحدة، أو حوادث عدة تتعلق بشخصيات إنسانية تتباين أساليب عيشها، وتصرفها في الحياة، على غرار ما تتباين حياة الناس على وجه الأرض، ويكون نصيبها في القصة متفاوتاً من حيث التأثر والتأثير(2)".نشأة القصّة وتطوّرها
استحوذت القصة على فكر كثير من الأدباء والمفكرين واشتد الجدل في قضية وجود القصة في أدبنا العربي وعدم وجودها.. وكان السؤال المطروح على موائد البحث دائماً: أهي سليلة أدب أجنبي أم أنّ لها جذورا ضاربة في تاريخ الأدب العربي ؟
إنّ المتتبّع لجذور الفن القصصي عند العرب يجد أنّ البداية حتما من القصص الخرافية كما هي الحال في البداية لدى كلّ المجتمعات القديمة وكلمة الخرافية في حدّ ذاتها من الممكن أن ترسم لنا بداية هذا الفنّ ، يُروى أنّ رجلا عربيا من بني عذرة يُسمّى خرافة قد ادّعى أنّ الجنّ قد اختطفته ومكث عندهم مدّة ثمّ أعادوه إلى قومه فراح يحكي غريب مشاهداته في عالم الجنّ ، فكان قومه يستمعون له ويعجبون ويقولون أحاديث خرافة وصارت هذه الكلمة تطلق على أيّ كلام غريب لا يصدّق .ومما يدلّ على أنّ هذا اللون كان يعدّ من الأدب ما حُكِي من أنّ سهل بن علي بن أبي غالب وضع كتابا في الجنّ وحكاياتها وحمله إلى هارون الرشيد فقال : (إن كنت رأيت ما ذكرت فقد رأيت عجبا ، وإن لم تكن رأيته فقد وضعت أدبا )(1)لكن ّ النقاد أمام قضية وجود القصة في أدبنا العربي القديم، أو عدمه انقسموا بين مؤيد ومعارض فمنهم من يرى أن العرب لم يعرفوا القصة ومنهم المستشرقين وبعض النقّاد أمثال أحمد حسن الزيات، وأدلتهم في ذلك أنّ القصص فن من فنون الأدب الجليلة، له عند الفرنج مكانة مرفوعة وقواعد موضوعة، أما عند العرب فلا أثر له، ولا عناية به لأنّ مزاولة هذا الفن تقتضي الروّية والفكرة، والعربُ أهل بديهةٍ وارتجال، وتتطلّب الإلمام بطبائع الناس، وقد شٌغلوا بأنفسهم عن النظر فيمن عداهم، وتقتضي التحليل والتطويل، وهم أشد الناس اختصاراً للقول، وأقلّهم تعمقاً في البحث، وقد قل تعرضهم للأسفار البعيدة،(1) كما أن هذا الفن نوع من أنواع النثر، والفن الكتابي أو النثر الفني ظل في حكم العدم أزمان الجاهلية وصدر الإسلام حتى آخر الدولة الأموية حين وضع ابن المقفع الفارسي مناهج النثر، وفكّر في تدوين شيء من القصص. لكنّهم تناسوا أنّ القصّة العربية لها خصائص ومناهج وألوان تختلف عن القصة الغربية بمفهومها الغربي، وصياغتها الخاصة كأنموذج لم يجدوه في التراث العربي ، وهذا مقياس خاطئ في تعميم عدم وجود الفن القصصي في الأدب العربي، (2) والحقّ أنه قد وجد في العربية فن قصصي، منه ما هو مترجم مثل (ألف ليلة وليلة)، و(كليلة ودمنة)، ومنه ما هو مكتوب أصلاً بالعربية مثل قصص المقامات والقصص الشعبي، وقصة (حي بن يقظان)، وقصة (زنوبيا) ملكة تدمر، فكانت القصة، والرواية، والنبأ، والخبر، والأسطورة، والمقامةفي حين يذهب بعض النقاد إلى الجذور العميقة للقصّة في أدبنا العربي وفي هذا أفاض الحديث شوقي ضيف في كتابه تاريخ الأدب العربي العصر الجاهلي، حيث قال: "من المحقق أنه وُجدت عندهم (أي عند العرب) ألوانٌ من القصص، والأمثال، وسجع الكهّان، ومن المؤكد أنهم كانوا يشغفون بالقصص شغفاً شديداً. وساعدتهم على ذلك أوقات فراغهم الواسعة في الصحراء، فكانوا حين يُرخي الليل سدوله يجتمعون للسمر، وما يبدأ أحدهم في مضرب خيامهم بقوله: "كان ياما كان" حتى يرهف الجميع أسمعاهم إليه، وقد يشترك بعضهم معه في الحديث، وشباب الحي، وشيوخه، ونساؤه وفتياته المخدرات وراء الأخبية، كل هؤلاء يتابعون الحديث في شوق ولهفة، ومن غير شك كان يفيض القصّاص على قصصه من خياله، حتى يبهر سامعيه، وحتى يملك عليهم قلوبهم. وقد دوّن الكتّاب العباسيون ما انتهى إليهم من هذا القصص مع تغيير في الصياغة وإن كان من الحق أن الأدب العربي حفَل بقوالب متعدّدةٍ للتعبير عن القص مثل: "قال الراوي"، و"يحكى أن"، و"كان يا كان"، وما إلى ذلك من المقدّمات التي كان يبدأ بها القاص حديثه القصصي، بل العرب كأمّة أول من قالت: "يحكى أن"، و"زعموا أن"(1)
........................................................................................................
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150754
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: القصة
22/04/10, 09:26 pm
1- وتوخياً للحق والإنصاف فإنّ القصة في أدبنا العربي، بمفهومها العام كوسيلة للإمتاع والتسلية، والتذكير بالأحداث في العصر الجاهلي والمتأثرة بأضخم أثرين: القرآن والشعر الجاهلي في العصرين الأموي والعبّاسي لم تكتسي الصبغة الحالية بمواصفات القصّة الحديثة إلاّ في نهاية القرن التاسع عشر فتأثرت بالقصة الغربية، وسارت على مقاييسها منذ منتصف القرن التاسع عشر فتعدّدت أشكالهاوتنوعت،ووضع النقّاد لكل منها مسمى خاصاّ فالرواية: هي أكبر الأنواع القصصية حجما وتلتزم التصويـــر المقنــع بالأحداث والشخصيـات.والحكاية : هي وقائع حقيقية أو خيالية لا يلتزم فيها الحاكي قواعد الفن الدقيقة. أما القصة القصيرة: فتمثل حدثا واحدا، في وقت واحد وزمان واحد، يكون أقل من ساعة وهي حديثة العهد في الظهور - و الأقصوصة: هي أقصر من القصة القصيرة وتقوم على رسم منظر.- القصة: وتتوسط بين الأقصوصة والرواية ويحصر كاتب الأقصوصة اتجاهه في ناحية ويسلط عليها خياله، ويركز فيها جهده، ويصورها في إيجاز. (1)
- محمدمشرف مرسى الرياضة
- البلد :
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205083
تاريخ التسجيل : 10/12/2009
رد: القصة
22/04/10, 09:38 pm
شكرا لك استاذنا الغالي على الطرح الجميل اما بالنسبة لي فارى ان الرواية هي الاكثر انتشارا وجمالا
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150754
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: القصة
22/04/10, 10:08 pm
شكرا أخي الأستاذ القدير محمد على المرور الذي عطّر متصفحي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى