مرسى الباحثين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحت حول المدرسة الوظيفية (علم النفس) Support
دخول

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 87 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 87 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد - 7229
7229 المساهمات
بتول - 4324
4324 المساهمات
3758 المساهمات
foufou90 - 3749
3749 المساهمات
1932 المساهمات
1408 المساهمات
1368 المساهمات
1037 المساهمات
973 المساهمات
535 المساهمات

اذهب الى الأسفل
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : بحت حول المدرسة الوظيفية (علم النفس) Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205083
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

GMT + 4 Hours بحت حول المدرسة الوظيفية (علم النفس)

10/01/13, 05:11 pm
مقدمة:
حفظ البقاء والاستمرار، التكيف والتلاؤم، النشوء والارتقاء ومفردات أخرى شبيهة بها وقريبة منها أضحت الأدوات الأكثر تداولاً من قبل السواد الأعظم من المثقفين الأوربيين والأمريكيين في مداخلاتهم ومناظراتهم الفكرية خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. . فقد عرفت أوربة والولايات المتحدة الأمريكية منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر ظهور شبكة واسعة من المؤسسات الإنتاجية والخدمية والتعليمية وأمام هذا الواقع كان لا بد من وضع قواعد وأسس لتنظم العلاقات بين مختلف الأطراف داخل تلك المؤسسات، وتحدد موقف الفرد فيها وتقوّم سلوكه فظهر فريق من العلماء والمفكرين الأمريكيين لم يكن في نية أي عضو فيه تأسيس مدرسة نفسية، بقدر ما كان يرمي إلى جمع المزيد من الأدلة وتنظيم التصورات وضبط المفاهيم على قاعدة المستجدات العلمية لمصلحة ما عُرف فيما بعد بعلم النفس الوظيفي. وبناء على ذلك فإن هذا العلم ليس مدرسة كسائر المدارس، وإنما هو اتجاه عام في علم النفس يضم كافة المحاولات التي تتخذ من الوظائف النفسية موضوعاً لها

1-مفهوم المدرسة في علم النفس:
يشير مصطلح مدرسة في علم النفس إلى الاتجاه العام في دراسة الشخصية والسلوك الإنساني. وعلى هذا الاساس فان المدرسة تشمل كل الاتجاهات الفرعية (النظرية) التي تشترك في الأيمان بمجموعة من المسلمات أو الفرضيات الأساسية في تفسير الشخصية والسلوك الإنساني. كما يعرفها طه وآخرون بأنها محاولات لوضع تصور نظري مبني على الملاحظة والتجريب والتصورات والقناعات لوصف وتفسير السلوك الإنساني وما يؤثر فيهما وغير منهما سواء في الاتجاه المرغوب أم المرفوض.
2-نشأة المدرسة الوظيفية :
من بين الحقائق التي يعترف بها المؤرخون هي أن قيام علم النفسالوظيفي جاء كرد فعل على المخطط الميكانيكي الذي وضعه علم النفس البنيوي بزعامة فوندت، ومن بعده تيتشنر. ومعلوم أن قاعدة هذا المخطط هي تجزئة الوعي إلى عناصره النهائية، دون أن يكلف واضعوه أنفسهم مهمة التعرف على تشكلها وتطورها وهذا يعني أن علم النفس البنيوي أسقط من حسابه تماماً العلاقة القائمة بين العضوية والبيئة ودورها في نشوء الوعي وعناصره.
ومن هذا المنطلق ذهب رواد علم النفس الوظيفي إلى القول بوجوب بناء المخطط البديل على أساس التلاؤم البيولوجي، ليصبح بالإمكان تفسير الوعي وتجلياته، وفي مقدمتها الفعل واتجاهه نحو حل المشكلات الحيوية التي تعترض حركة العضوية. ومن ناحية ثانية فإن البحث عن أيسر الطرق وأقصرها لتلبية حاجات الفرد هي، في رأينا، كانت وما تزال، سمة المجتمعات الاستهلاكية. وهي السمة التي تبدو لنا أنها طبعت بصورة بارزة مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة نشوء السيطرة الاحتكارية وتحول الرأسمالية إلى الامبريالية. ويضاف إلى ذلك خصوصية بنية هذا المجتمع، حيث أنه يتألف من أفراد تنحدر أغلبيتهم الساحقة من أصول ثقافية واجتماعية مختلفة. وهم، على تباين ثقافاتهم وتنوعها وتعدد جنسياتهم. الأصلية، يشتركون في تلك الدوافع التي حدت بهم إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى بلاد العمل والمال.
3- نظرية المدرسة الوظيفية
لعل علماء النفس الوظيفي، عندما أولوا اهتمامهم الخاص بدراسة الفعل كوسيلة لتذليل العقبات التي يصادفها الفرد وما يحققه لهم من فوائد ومنافع ذاتية، إنما كانوا يعبرون عن قوة هذه السمة وقدرتها على توجيه السلوك. فلا غرو أن تكون هذه الفكرة جوهر الفلسفة البراغماتية(النفعية) التي ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية على يد كل من جيمس وديوي، وأصبحت بالنسبة للوظيفيين ركناً ثانياً أقاموا عليه آراءهم وتصوراتهم. لقد اعتقد الوظيفيون بوجود أجهزة وظيفية على غرار ما هو معروف في ميادين علمية أخرى كعلم الأحياء والتكنولوجيا وسواهما. فالعضوية تتألف من عدد من الأجهزة التي يؤدي كل منها وظيفة محددة تكمل الوظائف التي تقوم بها الأجهزة الأخرى وتحقق معها عملية التلاؤم، مثل جهاز دوران الدم، والجهاز العصبي،وجهاز التنفس، وجهاز الهضم… الخ. والآلات الميكانيكية تتركب، هي الأخرى، من مجموعة من الأجهزة، يقوم كل جهاز منها بوظيفة معينة وتتكامل مع الوظائف التي تقوم بها الأجهزة الباقية لتسيير الآلة، كجهاز الاحتراق، وجهاز ضخ الماء والتبريد، وجهاز توليد الكهرباء في محرك السيارة. ولذا فإنهم يتحدثون عن جهاز للتفكير، وثان للتذكر، وثالث للإدراك وهكذا. ويعينون لكل واحد من هذه الأجهزة وظيفة يُناط به أداؤها. ذلك لأن مسعاهم لا يتوقف عند حدود التعرف على الأجهزة النفسية، وتحليل كل واحد منها إلى مركباته، كما هو الشأن بالنسبة للبنيويين، بل إنهم يتعدون ذلك إلى الكشف عما يقوم به كل جهاز نفسي من وظائف داخل الإطار العام لسلوك الفرد. وبعبارات أخرى فإن مهمةا لبحث في علم النفس التي حددها فوندت وأتباعه في الإجابة على سؤال ما هي مركبات الوعي؟ وكيف تعمل؟ تتحول عند الوظيفيين إلى الإجابة على سؤال ماذا يفعل الوعي؟ ولماذا؟. فالبحث عن أجهزة النفس(أو الوعي) ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما هو خطوة على طريق التعرف على نشاط النفس وأهدافه.
إن من شأن طرح المسألة بهذه الكيفية، بالنسبة للوظيفيين، إقامة الارتباط بين البيئة الداخلية والبيئة الخارجية للفرد انسجاماً مع مبدأ تطور السلوك تحت تأثير الشروط البيئية كفعل تكيفي، وبالتالي كوسيلة للبقاء. ولكن هذا الطرح، من حيث معناه وجوهره، ليس جديداً على الفكر السيكولوجي، كما يدعي أصحاب الاتجاه الوظيفي. فالدراسات التي أجريت في ميادين علم النفس المخلتفة، والتي كان لها الفضل في ظهورها، لم تتوقف عند حدود معرفة عناصر الوعي وماهيته. بل وعملت على تحديد مستوى وطبيعة علاقة الفرد بالوقائع والحوادث الطبيعية والاجتماعية.
5-اهم رواد المدرسة الوظيفية:
وليم جيمس(1842-1910م)
ويعتبر وليم جيمس(1842-1910م) من أبرز مؤسسي الاتجاه الوظيفي في علم النفس. عرض جيمس أفكاره في مجموعة من الأعمال، أهمها مقالته ماهي الدوافع؟ التي نشرها عام 1884، وكتابه مبادئ علم النفس الذي صدر بجزأيه عام 1890، ومحاضراته المنشورة عام 1896 تحت عنوان حوارات مع المعلمين حول علم النفس، ومداخلته في المؤتمر الدولي الخامس لعلماء النفس الذي عقد في روما عام 1905 هل الوعي موجود؟.
ولعل المحطة الأولى التي تستوقف المرء خلال قراءته لمؤلفات جيمس، وخاصة المبادئ هي وقفته الطويلة أمام فوندت وهجومه العنيف على تصوره للنفس كحاصل جمع الإحساسات البسيطة. فالحياة النفسية، عند جيمس، ليست مجرد فسيفساء حسية أو طبقات متفاوتة التركيب والتعقيد، وإنما هي عبارة عن تيار من الشعور أو الوعي دائم التدفق والجريان. وفي هذا يقول: في كل واحد منا تجري بعض العمليات الواعية أثناء اليقظة(وكذا في وقت النوم غالباً). وفي داخلنا يجري تيار من شتى حالات الوعي: الإحساسات والرغبات والتأملات.. الخ التي يتتابع بعضها إثر بعض كالأمواج أو الحقول، أو سمّها ما شئت وهكذا فإن القضية التي يتوجب على علم النفس أن يتصدى لها هي تفسير هذه الحالات الدينامية ومعرفة شروطها وانعكاساتها المباشرة على وجود الفرد. ولئن وقف جيمس مطولاً عند الحالات الدينامية ليقدم وصفاً مفصلاً لعلائقها وعملها، فإنه لم يفعل ذلك مع شروطها.
ولقد ذهب معظم المؤرخين إلى القول بأن ما قصده جيمس به هو البنية الجسدية والعصبية للوعي. ولعل هذا المدلول ينسجم مع روح منطلقات جيمس وفهمه للوعي. فهو ينظر إلى الوعي، نظرته إلى أعضاء الجسم وأجهزته، كأداة تتوسط علاقة الفرد بمحيطه وتسهم في تكيفه وتوازنه معه. وعلى هذا الأساس يشدد على ضرورة دراسة وقائع الحياة النفسية بارتباطها الوثيق مع البيئة الفيزيائية. ويستمد الدليل على استحالة الفصل بين الفرد وعالمه الخارجي لدى دراسة الظواهر النفسية من التاريخ الطبيعي للكائنات الحية التي يتميز بصراعها الحاد والدائم مع المحيط. وما نشأة تلك الظواهر وتطورها سوى نتيجة طبيعية وحتمية لهذا الصراع. ومن المنطقي أن تدفع هذه النظرة العامة بصاحبها خطوة أخرى إلى الأمام بغية التعرف على آلية نشوء الوظيفة النفسية وارتقائها. وهذا ما قام به جيمس بالفعل. حيث لجأ إلى تحليل علاقة الوعي والنشاط بالعالم الخارجي ليعلن، إثر ذلك، عن أن الطبيعة الانعكاسية للجسم هي مصدر، أو قل شرط رغباتنا وأفكارنا ومشاعرنا. كتب جيمس يقول: .. إن كلّ إحساس يحدث حركة، وأن هذه الحركة هي حركة الجسم بأكمله وكل جزء فيه لقد نظر جيمس إلى الإحساسات البسيطة كمرحلة أولى على طريق نشوء عمليات الوعي. ووجد أنها تؤلف مجموعة من الوظائف النفسية مختلفة عن المجموعة التي ينتمي إليها الانتباه والتخيل والمحاكمة والتمييز والتذكر. والإحساسات تتشكل لدى الطفل خلال الأسابيع الأولى من حياته وفق مبدأ الانعكاس. وفي مرحلة لاحقة تتحد مع العمليات النفسية المعقدة.
لقد أراد جيمس من خلال هذا التقسيم أن يصل إلى استنتاج يتمثل في وجود قانون آخر يتحكم بنشأة وظائف الوعي المعقدة غير قانون الانعكاس. وهو ما لم يكلف نفسه عناء إيضاحه في كتاباته بالصورة التي قدمها أثناء حديثه عن نشوء الإحساسات وتطورها. وعندما يتحدث جيمس عن وظائف الوعي، فإنه يشير إلى مستويين من التكيف: الأول بسيط، والثاني معقد. ويرى أن العادات والمهارات التي يختزنها الفرد تتولى مهمة التكيف على المستوى الأول التي تتضمن حركات العضوية في المحيط وتماسّها مع عناصره وأشيائه.
أما المستوى الثاني(المعقد) من التكيف فإنه لا يتم إلا عن طريق الوعي ويتجلى هذا الأخير(الوعي) حين تعترض سبيل الفرد مشكلات في التكيف، وتعجز الانعكاسات عن حلها. فتصدر عن الفرد مجموعة من الأفعال الراقية كحصر المثيرات ومقارنتها وتصنيفها وتوجيه السلوك وضبطه على نحو يتناسب مع الموقف الجديد.ولكن جيمس لا يتوقف عند حدود ربط الوعي بالتكيف، وإنما يتعداها إلى جانب آخر من العلاقات والارتباطات، وهو جانب الشخصية. فالوعي يرتبط –عنده- ببنية الشخصية التي تتخذ الذات فيها أشكالاً أربعة، هي:
-الأنا المادي، ويشمل البدن والأشياء التي تعود ملكيتها إلى الشخص، كاللباس والأدوات والنقود وغيرها.
-الأنا الاجتماعي، ويبدأ بنزوع الشخص للظهور بصورة معينة أمام الآخرين والصلات التي يقيمها معهم، وينتهي بنظرتهم إليه وموقفهم تجاهه.
-الأنا الروحي، ويضم أوجه النشاط النفسي المختلفة التي يمارسها الشخص.
-الأنا الخالص أو المحض، ويعني الشعور بالهوية.
الانفعالات عند وليام جيمس
لقد خصّ هذا الموضوع بحيّز هام من أعماله، بدأه بمقالة نشرها عام 1884 بعنوان ماهي الانفعالات؟. وفي هذه المقالة يرى جيمس أن الانفعال يتكون بسبب التغيرات التي تطرأ على العضوية. فالمثير الخارجي يستدعي اضطراباً perturbation في العضلات والأجهزة الداخلية للجسم يحسّ به الفرد على صورة حالة انفعالية. إلى هنا يبدو الأمر عادياً. ولكن جدّة هذا التصوّر وطرافته تتجلى في معارضته لما هو شائع ومألوف في الأوساط العلمية من أن الانفعال هو مصدر التغيرات الفيزيولوجية التي تحدث في الأجهزة المختلفة للعضوية(الجهاز العضلي، دوران الدم، جهاز التنفس…) وليس نتيجة لها. فبدلاً من أن يكون البكاء نتيجة الحزن، والارتعاش نتيجة الخوف، والضحك نتيجة الفرح –كما هو معروف- يعكس جيمس هذه العلاقة ليصير البكاء سبباً للحزن، والارتعاش سبباً للخوف، والضحك سبباً للفرح. وبكلمات أوضح فإن جيمس أراد أن يقول إن إدراك حادثة أو واقعة ما يستجر ردود أفعال جسدية معينة. وهذه، بدورها، تؤثر في حالة الفرد النفسية، أو لنقل يكابدها الفرد كحالة نفسية خاصة. عندما يبرز الباحثون أهمية الانفعالات في حياة الإنسان ويشيرون إلى صعوبة دراستها، فإنهم يتوقفون عند فرضية جيمس ولانج محاولين معرفة الغاية التي سعيا إلى تحقيقها من وراء ذلك. وهنا يذهب بعضهم إلى القول بأن هذه الفرضية هي بمثابة الدعوة إلى إلحاق الانفعالات بقائمة موضوعات البحث الطبيعي. ولكنهم، في الوقت ذاته، يجدون أنها فرضية تأملية تجانب الحقيقة وتبتعد عن التفسير العلمي. ويستشهد ياروشيفسكي للبرهان على ذلك بواقعتين. تتمثل الأولى منهما في قيام ش.شيرنغتون بفصل المخ عن الأعضاء الداخلية عند الكلب عن طريق قطع نخاعه الشوكي والأعصاب الشاردة(الجوالة). وعلى الرغم من غياب التنبيه العصبي لدى الحيوان، فقد لاحظ شيرنغتون تكوّن الحالات الانفعالية عنده كالخوف والغضب. أما الثانية فتتمثل في محاولة و.كينون، أحد تلاميذ جيمس، للتحقق من صحة فرضية أستاذه. فقد استأصل كينون الجزء السمبتاوي من الجملة العصبية للقطة بواسطة عملية جراحية. ووجد، مع ذلك، أن القطة تستجيب بنفس الحركات التي كانت تميز استجابتها قبل إجراء العملية. فهي الآن ترفع قائمتها وتنشب مخالبها وتصدر أصوات التهديد وتجحظ عينيها وتكشر عن أنيابها لمجرد رؤيتها الكلب وهو يقترب منها.
إن هذه الملاحظات التي تؤكد على وجود الانفعالات عند الحيوانات مع غياب التنبيه العصبي أو التهيج تعارض تماماً رأي كل من جيمس ولانج اللذين اشترطا توفر الواقعة العصبية لحدوث السلوك الانفعالي. وقد عبر جيمس عن رأيه هذا بوضوح حين قال: إنني لا أستطيع أن أتصور أبدأ أن يبقى انفعال الخوف في وعينا، إذا نحن حذفنا منه المشاعر المتصلة بخفقان القلب المتزايد وقصر النفس وارتعاش الشفتين وارتخاء الأعضاء… واضطرابات الأحشاء.
جيمس أنجيل(1869-1949م)
نشر أنجيل مقالاً بعنوان مجال علم النفس الوظيفي عام 1906. وللقارئ أن يتكهن بمحتوى هذا المقال من خلال عنوانه. فقد خصّصه صاحبه لعرض المسائل التي ينبغي على علم النفس الوظيفي مناقشتها ومعالجتها. وتكمن المسألة المركزية التي تتفرع عنها المسائل الأخرى، في رأي أنجيل، في دراسة العمليات العقلية التي تتوسط علاقة العضوية بالبيئة، وتساعد على إشباع الحاجات(الطبيعية والمكتسبة) للعضوية. ومما يستوقفنا في هذا المقال زيادة على ذلك، هو تطابق وجهتي نظر أنجيل وجيمس فيما يتعلق بالهدف النهائي الذي تنشده العضوية. فهما يريان أن التكيف هو غاية ما يسعى إليه الكائن الحي. ولكن ذلك لا يتحقق على مستوى البشر بفضل العمليات العقلية فقط، بل إن ثمة عمليات أخرى أقل درجة تجري داخل الفرد، وتشارك فيه، كالدوافع والانفعالات. ثم إن الفرد قبل ذلك وفوقه هو حصيلة تفاعل وتعاون أجهزة بيولوجية. فبفضل تلك العمليات العقلية والدوافع والانفعالات والوظائف التي تقوم بها تلك الأجهزة يستمر تفاعله ويتحقق تكيّفه مع العالم الخارجي. وهذا يعني، باختصار، أن العضوية تعمل ككل بالتعاون والتكامل بين بنيتها النفسية وبنائها الفيزيقي. وفي ضوء هذا الفهم يجد أنجيل أن اهتمام علم النفس يتعدى حدود الوعي ليشمل مختلف أشكال العلاقات بين الفرد وعالمه الخارجي. وهذا ما يوضحه في قولـه: بالنسبة لي يتمثل جوهر ما أفهمه من الوظيفة وأعارض به الذرية السيكولوجية أو البنيوية الجامدة في الآتي: تحليل ووصف الجوانب الرئيسية من التجربة العقلية، ومحاولة إدخالها في مجرى العضوية الفيزيائية، ووضع ذلك في جو عام من الاعتراف بضرورة السلوك التكيفي، ومحاولة الكشف في كل مرة عن الخدمة الخاصة التي تؤديها عمليات الوعي على صعيد هذه الأفعال التكيفية لم تكن أفكار أنجيل لتؤلف نظرية جديدة في علم النفس. ولم يطمح هو نفسه إلى ذلك. وكل ما كان يرمي من وراء طرحها أن تكون إعادة أو تأكيداً للمفاهيم والتصورات التي كانت تشكل منذ القديم مدخلاً لعلم النفس الوظيفي الذي عملت بنيوية تيتشنر على زعزعته .

الخاتمة
ومن خلال هذا العرض الموجز لأهم أفكار أعلام الاتجاه الوظيفي نجد أن هناك نقطتين أساسيتين تستحقان المراجعة والتعقيب. أما النقطة الأولى فتتعلق بدور النفس في توجيه السلوك بهدف التكيف مع العالم الخارجي. حيث وقفنا على إجماع الوظيفيين على الأهمية القصوى التي يكتسيها إبراز ما للظواهر(الوظائف) النفسية من فائدة للفرد في تحقيق استقراره وتوازنه مع المحيط. وظلّت العلاقة بين النفس والنشاط العملي، الخارجي –عندهم- تسير في اتجاه واحد. وبقي الاتجاه العكسي خارج دائرة اهتمامهم. فلم يطرح أحد منهم مسألة الأثر الذي يتركه نشاط الإنسان مع العالم الموضوعي في قدراته وإمكانياته مع ما يحمله طرحها ومعالجتها من قيمة علمية وعملية. إن استجلاء الكيفيات التي تتم بها علاقة الإنسان في مراحل حياته مع عناصر العالم الخارجي وأشيائه عبر نشاطاته العملية(النشاط الاستكشافي، نشاط اللعب، العمل يعد أحد الموضوعات الرئيسية التي يعالجها علم النفس المعاصر. فهو وسيلة حاسمة للتعرف على محددات التطور النفسي، ووضع أساليب ووسائل لتوجيه هذا النشاط أو ذاك بغية الارتقاء بالسلوك الإنساني. بينما تمس النقطة الثانية الصيغة التي اقترحها الوظيفيون لتحديد الصلة بين الجانب النفسي والجانب العضوي. فعلى أساس نظرتهم إلى الظواهر النفسية كجزء من التيار العام للقوى البيولوجية، ارتبطت هذه الظواهر بأفعال الإنسان الموجهة إلى الموضوعات الخارجية.


المصادر:
كتاب علم النفس في القرن العشرين دراسة للدكتور / بدر الدين عامود
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى