صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:00 pm
عصمَة غير الأنبيَاء
***********
أهل السنة والجماعة لا ينسبون العصمة لغير الأنبياء والمرسلين
حتى أفضل هذه الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم
وهم الصحابة – رضوان الله عليهم –
وفيهم أبو بكر وعمر ليسوا بمعصومين
وقد قال الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق
في أولّ خطبة يخطبها بعد توليه الخلافة :
" أيها الناس إني وليت عليكم ولست بخيركم
فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أخطأت فقوِّموني "
. وعندما اعترضت امرأة على عمر بن الخطاب
وجاءت بالدليل قال :
أصابت امرأة وأخطأ عمر .
وقد نسب أقوام العصمة لغير الأنبياء من غير دليل ولا برهان
افتراء على الله ، وسنعرض لبعض من ادعيت فيهم هذه الدعوى .
عصمة المُعِزّ الفاطمي ( العُبيدي ) :
يزعم أتباع (( المعز معد بن إسماعيل ، أبو تميم ))
وهو الذي يسميه بعض الناس :
المعزّ لدين الله الفاطمي –
أنّه معصوم هو وأولاده عن الذنوب والأخطاء .
وهذا الزعم زعم باطل
أرادوا به إضلال الناس بتنصيب هذا الطاغية في مقام النبوة
لتكون كلمته ديناً يتبع ، وإلاّ فإن هذا الذي يسمونه المعزّ
وأولئك الذين كانوا يسمّون بالفاطميين ليسوا من سلالة فاطمة
وإنما هم من سلالة عبيد الله القداح
كانوا يقولون بمثل هذه العصمة لأئمتهم ونحوهم
مع كونهم كما قال فيهم أبو حامد الغزالي
في كتابه الذي صنعه في الردّ عليهم :
" ظاهر مذهبهم الرفض ، وباطنه الكفر المحض "
(1) .
عصمة أئمة الشيعة الاثني عشرية :
يزعم الشيعة أن أئمتهم الاثني عشر معصومون عن الخطأ
والعصمة التي ينسبونها لهم هي العصمة التي ينسبونها للأنبياء
يقول أحد مُقدَّمي الشيعة المعاصرين
مبيناً مفهوم عصمة الأئمة عندهم :
" الأئمة لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة
ونعتقد فيهم الإحاطة بكلّ ما فيه مصلحة للمسلمين "
(2)
وينقل إبراهيم الموسوي الزنجاني عن الصدوق قوله :
" اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة
أنهم معصومون مطهرون من كل دنس
وأنهم لا يذنبون ذنباً لا صغيراً ولا كبيراً
ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون "
(3) .
وهو يكفِّر الذين لا يقولون بعصمة الأئمة
يقول بعد كلامه السابق مباشرة :
" ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهَّلهم
ومن جهلهم فهو كافر " (4)
ثمّ قال :
" واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام
والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها
لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان "
(5) .
وقال المجلسي :
" أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء
والأئمة من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمداً وخطأً ونسياناً ، قبل النبوة والإمامة وبعدهما ، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى ، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد ابن بابويه وشيخه ابن الوليد ، فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام " (6) ، وعصمة الأئمة عندهم مسألة اعتقادية رئيسة ، ولذا فإنهم يكفرون مخالفيهم فيها ، ويترتب عليها أمور كثيرة منها : أنّ الكلام المنسوب إلى الأئمة يعتبرونه دليلاً شرعياً كالقرآن والسنة ، ولذا فإن التشريع لم ينته عندهم بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو مستمر إلى حين غيبة إمامهم الثاني عشر، بل يرون أنّه يمكن أن يتلقوا رسائل من الإمام الغائب بواسطة نوابّه .
ومن ذلك أنهم أحقّ بالخلافة من غيرهم ، فهم أحقّ من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة .
السر في دعوى العصمة (7) :
الأنبياء والرسل معصومون بالوحي ، ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النجم : 3-4 ]
فما سر عصمة الأئمة ؟
يقول علماء الشيعة الإمامية :
إنّ الله جعل في الأئمة أرواحاً يسددهم بها
فقد عنون الكليني في كتابه أصول الكافي لهذا الموضوع بقوله :
" باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة "
(1/271-272)
و " باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة "
(1/273-274)
وفي هذا الباب ستة أخبار منها عن أبي عبد الله
قال في الروح الذي في هذه الآية
( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا )
[الشورى : 52]
خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله – عز وجل – أعظم من جبريل وميكائيل
كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره
ويسدده ، وهو مع الأئمة من بعد .
وفي الباب الأسبق ذكر عن الإمام الصادق
أن روح القدس خاصة بالأنبياء
فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار مع الإمام
وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو
والإمام يرى به (
وفسر في الحاشية الرؤية بقوله :
يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض
وما في عنان السماء
وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى .
وفي كتاب بحار الأنوار للمولى محمد باقر المجلسي
(25/47-99) " باب الأرواح التي فيهم "
" أي في الأئمة "
وأنهم مؤيدون بروح القدس وقال ابن بابوية القمي في
" رسالة للصدوق في الاعتقادات "
(ص108-109) .. "
اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة
أنها موافقة لكتاب الله ، متفقة المعاني
غير مختلفة ، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه
" وهذا لقمي صاحب كتاب
" فقيه من لا يحضره الفقيه "
أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية يقول :
" ويرى علماء الشيعة أنّ النبي
إذا لم يوص فإنّه ناقص النبوة والرسالة
وأنه قد ضيع أمته " (9) .
ومما يدلُّ على بطلان مدعاهم في الأئمة
أنّ المعصوم يجب اتباعه من غير دليل
ومخالفة غير المعصوم جائزة
بل تكون واجبة إذا علمنا أنّه خالف النصَ
وقد أمرنا الله بطاعته وطاعة رسوله
وغير رسوله يطاع إن أمر بطاعة رسوله
فإن تنازعنا رددنا الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )
[ النساء : 59 ]
فلو كان الأئمة معصومين لكان أوجب الرد إلى الله
وإلى الرسول والأئمة ، فدلّ عدم إيجاب الرد عليهم
حال التنازع على عدم عصمتهم .
وقد كان عليّ وابناه وغيرهم يخالف بعضهم بعضاً في العلم والفتيا
كما يخالف سائر أهل العلم بعضهم بعضاً
ولو كانوا معصومين لكان مخالفة المعصوم للمعصوم ممتنعة،
ولقد كان الحسن في أمر القتال يخالف أباه
ويكره كثيراً مما يفعله ،
ويرجع علي في آخر الأمر إلى رأيه ،
وتبين له في آخر الأمر أنّه لو فعل غير الذي فعله لكان الصواب
وله فتاوى رجع ببعضها عن بعض ،
والمعصوم لا يكون له قولان متناقضان ،
إلا أن يكون أحدهما ناسخاً للآخر .
وقد وصى الحسن أخاه الحسين بأن لا يطيع أهل العراق
ولا يطلب هذا الأمر ،
ولو كان معصوماً لما جاز للحسين مخالفته
(10) .
--------------------------------
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 4/320 .
(2) الحكومة الإسلامية للخميني : ص91 .
(3) عقائد الإمامية الاثني عشرية : ص157 .
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق .
(6) بحار الأنوار للمولى محمد باقر المجلسي : (25/350-351) (انظر الإمامة للسالوس : ص21) .
(7) النقول المثبتة هما بمصادرها أخذناها من كتاب الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة د. علي أحمد السالوس : (ص20) .
( انظر عقائد الإمامية الاثني عشرية لإبراهيم الموسوي الزنجاني: ص161 .
(9) المصدر السابق : ص171 .
(10) راجع مجموع فتاوى : 35/120 ، 126 .
***********
أهل السنة والجماعة لا ينسبون العصمة لغير الأنبياء والمرسلين
حتى أفضل هذه الأمة بعد نبيها محمد صلى الله عليه وسلم
وهم الصحابة – رضوان الله عليهم –
وفيهم أبو بكر وعمر ليسوا بمعصومين
وقد قال الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق
في أولّ خطبة يخطبها بعد توليه الخلافة :
" أيها الناس إني وليت عليكم ولست بخيركم
فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أخطأت فقوِّموني "
. وعندما اعترضت امرأة على عمر بن الخطاب
وجاءت بالدليل قال :
أصابت امرأة وأخطأ عمر .
وقد نسب أقوام العصمة لغير الأنبياء من غير دليل ولا برهان
افتراء على الله ، وسنعرض لبعض من ادعيت فيهم هذه الدعوى .
عصمة المُعِزّ الفاطمي ( العُبيدي ) :
يزعم أتباع (( المعز معد بن إسماعيل ، أبو تميم ))
وهو الذي يسميه بعض الناس :
المعزّ لدين الله الفاطمي –
أنّه معصوم هو وأولاده عن الذنوب والأخطاء .
وهذا الزعم زعم باطل
أرادوا به إضلال الناس بتنصيب هذا الطاغية في مقام النبوة
لتكون كلمته ديناً يتبع ، وإلاّ فإن هذا الذي يسمونه المعزّ
وأولئك الذين كانوا يسمّون بالفاطميين ليسوا من سلالة فاطمة
وإنما هم من سلالة عبيد الله القداح
كانوا يقولون بمثل هذه العصمة لأئمتهم ونحوهم
مع كونهم كما قال فيهم أبو حامد الغزالي
في كتابه الذي صنعه في الردّ عليهم :
" ظاهر مذهبهم الرفض ، وباطنه الكفر المحض "
(1) .
عصمة أئمة الشيعة الاثني عشرية :
يزعم الشيعة أن أئمتهم الاثني عشر معصومون عن الخطأ
والعصمة التي ينسبونها لهم هي العصمة التي ينسبونها للأنبياء
يقول أحد مُقدَّمي الشيعة المعاصرين
مبيناً مفهوم عصمة الأئمة عندهم :
" الأئمة لا نتصور فيهم السهو أو الغفلة
ونعتقد فيهم الإحاطة بكلّ ما فيه مصلحة للمسلمين "
(2)
وينقل إبراهيم الموسوي الزنجاني عن الصدوق قوله :
" اعتقادنا في الأنبياء والرسل والأئمة والملائكة
أنهم معصومون مطهرون من كل دنس
وأنهم لا يذنبون ذنباً لا صغيراً ولا كبيراً
ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون "
(3) .
وهو يكفِّر الذين لا يقولون بعصمة الأئمة
يقول بعد كلامه السابق مباشرة :
" ومن نفى عنهم العصمة في شيء من أحوالهم فقد جهَّلهم
ومن جهلهم فهو كافر " (4)
ثمّ قال :
" واعتقادنا فيهم أنهم معصومون موصوفون بالكمال والتمام
والعلم من أوائل أمورهم وأواخرها
لا يوصفون في شيء من أحوالهم بنقص ولا عصيان "
(5) .
وقال المجلسي :
" أصحابنا الإمامية أجمعوا على عصمة الأنبياء
والأئمة من الذنوب الصغيرة والكبيرة عمداً وخطأً ونسياناً ، قبل النبوة والإمامة وبعدهما ، بل من وقت ولادتهم إلى أن يلقوا الله تعالى ، ولم يخالف في ذلك إلا الصدوق محمد ابن بابويه وشيخه ابن الوليد ، فإنهما جوزا الإسهاء من الله تعالى لا السهو الذي يكون من الشيطان في غير ما يتعلق بالتبليغ وبيان الأحكام " (6) ، وعصمة الأئمة عندهم مسألة اعتقادية رئيسة ، ولذا فإنهم يكفرون مخالفيهم فيها ، ويترتب عليها أمور كثيرة منها : أنّ الكلام المنسوب إلى الأئمة يعتبرونه دليلاً شرعياً كالقرآن والسنة ، ولذا فإن التشريع لم ينته عندهم بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بل هو مستمر إلى حين غيبة إمامهم الثاني عشر، بل يرون أنّه يمكن أن يتلقوا رسائل من الإمام الغائب بواسطة نوابّه .
ومن ذلك أنهم أحقّ بالخلافة من غيرهم ، فهم أحقّ من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة .
السر في دعوى العصمة (7) :
الأنبياء والرسل معصومون بالوحي ، ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) [ النجم : 3-4 ]
فما سر عصمة الأئمة ؟
يقول علماء الشيعة الإمامية :
إنّ الله جعل في الأئمة أرواحاً يسددهم بها
فقد عنون الكليني في كتابه أصول الكافي لهذا الموضوع بقوله :
" باب فيه ذكر الأرواح التي في الأئمة "
(1/271-272)
و " باب الروح التي يسدد الله بها الأئمة "
(1/273-274)
وفي هذا الباب ستة أخبار منها عن أبي عبد الله
قال في الروح الذي في هذه الآية
( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا )
[الشورى : 52]
خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله – عز وجل – أعظم من جبريل وميكائيل
كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره
ويسدده ، وهو مع الأئمة من بعد .
وفي الباب الأسبق ذكر عن الإمام الصادق
أن روح القدس خاصة بالأنبياء
فإذا قبض النبي انتقل روح القدس فصار مع الإمام
وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو
والإمام يرى به (
وفسر في الحاشية الرؤية بقوله :
يعني ما غاب عنه في أقطار الأرض
وما في عنان السماء
وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى .
وفي كتاب بحار الأنوار للمولى محمد باقر المجلسي
(25/47-99) " باب الأرواح التي فيهم "
" أي في الأئمة "
وأنهم مؤيدون بروح القدس وقال ابن بابوية القمي في
" رسالة للصدوق في الاعتقادات "
(ص108-109) .. "
اعتقادنا في الأخبار الصحيحة عن الأئمة
أنها موافقة لكتاب الله ، متفقة المعاني
غير مختلفة ، لأنها مأخوذة من طريق الوحي عن الله سبحانه
" وهذا لقمي صاحب كتاب
" فقيه من لا يحضره الفقيه "
أحد كتب الحديث الأربعة المعتمدة عند الجعفرية يقول :
" ويرى علماء الشيعة أنّ النبي
إذا لم يوص فإنّه ناقص النبوة والرسالة
وأنه قد ضيع أمته " (9) .
ومما يدلُّ على بطلان مدعاهم في الأئمة
أنّ المعصوم يجب اتباعه من غير دليل
ومخالفة غير المعصوم جائزة
بل تكون واجبة إذا علمنا أنّه خالف النصَ
وقد أمرنا الله بطاعته وطاعة رسوله
وغير رسوله يطاع إن أمر بطاعة رسوله
فإن تنازعنا رددنا الأمر إلى كتاب الله وسنة رسوله :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ
إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )
[ النساء : 59 ]
فلو كان الأئمة معصومين لكان أوجب الرد إلى الله
وإلى الرسول والأئمة ، فدلّ عدم إيجاب الرد عليهم
حال التنازع على عدم عصمتهم .
وقد كان عليّ وابناه وغيرهم يخالف بعضهم بعضاً في العلم والفتيا
كما يخالف سائر أهل العلم بعضهم بعضاً
ولو كانوا معصومين لكان مخالفة المعصوم للمعصوم ممتنعة،
ولقد كان الحسن في أمر القتال يخالف أباه
ويكره كثيراً مما يفعله ،
ويرجع علي في آخر الأمر إلى رأيه ،
وتبين له في آخر الأمر أنّه لو فعل غير الذي فعله لكان الصواب
وله فتاوى رجع ببعضها عن بعض ،
والمعصوم لا يكون له قولان متناقضان ،
إلا أن يكون أحدهما ناسخاً للآخر .
وقد وصى الحسن أخاه الحسين بأن لا يطيع أهل العراق
ولا يطلب هذا الأمر ،
ولو كان معصوماً لما جاز للحسين مخالفته
(10) .
--------------------------------
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 4/320 .
(2) الحكومة الإسلامية للخميني : ص91 .
(3) عقائد الإمامية الاثني عشرية : ص157 .
(4) المصدر السابق .
(5) المصدر السابق .
(6) بحار الأنوار للمولى محمد باقر المجلسي : (25/350-351) (انظر الإمامة للسالوس : ص21) .
(7) النقول المثبتة هما بمصادرها أخذناها من كتاب الإمامة عند الجمهور والفرق المختلفة د. علي أحمد السالوس : (ص20) .
( انظر عقائد الإمامية الاثني عشرية لإبراهيم الموسوي الزنجاني: ص161 .
(9) المصدر السابق : ص171 .
(10) راجع مجموع فتاوى : 35/120 ، 126 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:01 pm
دلائل النّبّوة
تمهيد :
الأنبياء الذين ابتعثهم الله إلى عباده
يقولون للناس :
نحن مرسلون من عند الله
وعليكم أن تصدقونا فيما نخبركم به
كما يجب عليكم أن تطيعونا بفعل ما نأمركم به
وترك ما ننهاكم عنه
وقد أخبر الله في سورة الشعراء أن نوحاً خاطب قومه قائلاً :
( أَلَا تَتَّقُونَ - إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ -
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ )
[ الشعراء : 106-108 ]
وبهذا القول نفسه خاطب رسل الله :
هود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، أقوامهم
بل هي مقالة ودعوة كل رسول لقومه .
فإذا كان الأمر كذلك فلا بدّ أن يقيم الله
الدلائل والحجج والبراهين المبينة
صدق الرسل في دعواهم أنهم رسل الله
كي تقوم الحجة على الناس
ولا يبقى لأحد عذر في عدم تصديقهم وطاعتهم
( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ )
[ الحديد : 25 ]
أي : بالدلائل والآيات البينات التي تدلُّ على صدقهم .
تنوع الدلائل :
أفراد الأدلة الدالة على صدق كل رسول كثيرة متنوعة
وقد عدّ الذين ألّفوا في دلائل نبوة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم أدلة صدقه
فنافت على الألف عند بعضهم
ويمكننا أن نقسم هذه الأدلة إلى أقسام
يضمُّ كل قسم منها مجموعة متشابهة
وقد أرجعنا أفراد الأدلة إلى خمسة أمور :
الأول :
الآيات والمعجزات التي يجريها الله تصديقاً لرسله .
الثاني :
بشارة الأنبياء السابقين بالأنبياء اللاحقين .
الثالث :
النظر في أحوال الأنبياء .
الرابع :
النظر في دعوة الرسل .
الخامس :
نصر الله وتأييده لهم .
.............
وسنتناول كلَّ واحد من هذه الخمسة بشيء من الإيضاح
والتفصيل في خمسة مباحث .
المبحث الأول
الآيات والمعجزات
المطلب الأول
تعريف الآية والمعجزة
...................
الآية – في لغة العرب – العلامة الدالة على الشيء
والمراد بها هنا : ما يجريه الله على أيدي رسله وأنبيائه
من أمور خارقة للسنن الكونية المعتادة
التي لا قدرة للبشر على الإتيان بمثلها
كتحويل العصا إلى أفعى تتحرك وتسعى
فتكون هذه الآية الخارقة للسنة الكونية المعتادة دليلاً
غير قابل للنقض والإبطال
يدلُّ على صدقهم فيما جاؤوا به .
وقد تتابع العلماء على تسمية هذه الآيات بالمعجزات
والمعجزة – في اللغة –
اسم فاعل مأخوذ من العجز الذي هو زوال القدرة
عن الإتيان بالشيء من عمل أو رأي أو تدبير
(1) .
ويعرّف الفخر الرازي المعجزة في العرف : بأنّها أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة (2) .
ويعرفها ابن حمدان الحنبلي بأنَّها ما خرق العادة من قول أو فعل إذا وافق دعوى الرسالة وقارنها وطابقها على جهة التحدي ابتداءً بحيث لا يقدر أحدٌ على مثلها ، ولا على ما يقاربها (3) .
وعلى ذلك فإنّ الأمور التالية لا تعدّ من باب المعجزات :
1- الخوارق التي تعطى للأنبياء وليس مقصوداً بها التحدي ، كنبع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتكثيره الطعام القليل ، وتسبيح الحصا في كفّه ، وإتيان الشجر إليه ، وحنين الجذع إليه ، وما أشبه ذلك .
2- الخوارق التي أعطاها الله لغير الأنبياء ويسميها المتأخرون كرامات .
والذين فرقوا هذا التفريق هم العلماء المتأخرون ، أمّا المعجزة في اللغة وفي عرف العلماء المتقدمين كالإمام أحمد فإنّها تشمل ذلك كله (4) .
وقد أطلقنا عليها اسم ( الآية ) كما جاء بذلك القرآن الكريم ، وهو اسم شامل لكل ما أعطاه الله لأنبيائه للدلالة على صدقهم سواءً أقصد به التحدي أم لم يقصد .
--------------------------------
(1) بصائر ذوي التمييز : 1/65 .
(2) لوامع الأنوار البهية : 2/289-290 .
(3) المصدر السابق .
(4) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/311 ، ولوامع الأنوار البهية : 2/290 .
تمهيد :
الأنبياء الذين ابتعثهم الله إلى عباده
يقولون للناس :
نحن مرسلون من عند الله
وعليكم أن تصدقونا فيما نخبركم به
كما يجب عليكم أن تطيعونا بفعل ما نأمركم به
وترك ما ننهاكم عنه
وقد أخبر الله في سورة الشعراء أن نوحاً خاطب قومه قائلاً :
( أَلَا تَتَّقُونَ - إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ -
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ )
[ الشعراء : 106-108 ]
وبهذا القول نفسه خاطب رسل الله :
هود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب ، أقوامهم
بل هي مقالة ودعوة كل رسول لقومه .
فإذا كان الأمر كذلك فلا بدّ أن يقيم الله
الدلائل والحجج والبراهين المبينة
صدق الرسل في دعواهم أنهم رسل الله
كي تقوم الحجة على الناس
ولا يبقى لأحد عذر في عدم تصديقهم وطاعتهم
( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ )
[ الحديد : 25 ]
أي : بالدلائل والآيات البينات التي تدلُّ على صدقهم .
تنوع الدلائل :
أفراد الأدلة الدالة على صدق كل رسول كثيرة متنوعة
وقد عدّ الذين ألّفوا في دلائل نبوة نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم أدلة صدقه
فنافت على الألف عند بعضهم
ويمكننا أن نقسم هذه الأدلة إلى أقسام
يضمُّ كل قسم منها مجموعة متشابهة
وقد أرجعنا أفراد الأدلة إلى خمسة أمور :
الأول :
الآيات والمعجزات التي يجريها الله تصديقاً لرسله .
الثاني :
بشارة الأنبياء السابقين بالأنبياء اللاحقين .
الثالث :
النظر في أحوال الأنبياء .
الرابع :
النظر في دعوة الرسل .
الخامس :
نصر الله وتأييده لهم .
.............
وسنتناول كلَّ واحد من هذه الخمسة بشيء من الإيضاح
والتفصيل في خمسة مباحث .
المبحث الأول
الآيات والمعجزات
المطلب الأول
تعريف الآية والمعجزة
...................
الآية – في لغة العرب – العلامة الدالة على الشيء
والمراد بها هنا : ما يجريه الله على أيدي رسله وأنبيائه
من أمور خارقة للسنن الكونية المعتادة
التي لا قدرة للبشر على الإتيان بمثلها
كتحويل العصا إلى أفعى تتحرك وتسعى
فتكون هذه الآية الخارقة للسنة الكونية المعتادة دليلاً
غير قابل للنقض والإبطال
يدلُّ على صدقهم فيما جاؤوا به .
وقد تتابع العلماء على تسمية هذه الآيات بالمعجزات
والمعجزة – في اللغة –
اسم فاعل مأخوذ من العجز الذي هو زوال القدرة
عن الإتيان بالشيء من عمل أو رأي أو تدبير
(1) .
ويعرّف الفخر الرازي المعجزة في العرف : بأنّها أمر خارق للعادة ، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة (2) .
ويعرفها ابن حمدان الحنبلي بأنَّها ما خرق العادة من قول أو فعل إذا وافق دعوى الرسالة وقارنها وطابقها على جهة التحدي ابتداءً بحيث لا يقدر أحدٌ على مثلها ، ولا على ما يقاربها (3) .
وعلى ذلك فإنّ الأمور التالية لا تعدّ من باب المعجزات :
1- الخوارق التي تعطى للأنبياء وليس مقصوداً بها التحدي ، كنبع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتكثيره الطعام القليل ، وتسبيح الحصا في كفّه ، وإتيان الشجر إليه ، وحنين الجذع إليه ، وما أشبه ذلك .
2- الخوارق التي أعطاها الله لغير الأنبياء ويسميها المتأخرون كرامات .
والذين فرقوا هذا التفريق هم العلماء المتأخرون ، أمّا المعجزة في اللغة وفي عرف العلماء المتقدمين كالإمام أحمد فإنّها تشمل ذلك كله (4) .
وقد أطلقنا عليها اسم ( الآية ) كما جاء بذلك القرآن الكريم ، وهو اسم شامل لكل ما أعطاه الله لأنبيائه للدلالة على صدقهم سواءً أقصد به التحدي أم لم يقصد .
--------------------------------
(1) بصائر ذوي التمييز : 1/65 .
(2) لوامع الأنوار البهية : 2/289-290 .
(3) المصدر السابق .
(4) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/311 ، ولوامع الأنوار البهية : 2/290 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:01 pm
ثانياً : معجزة إبراهيم عليه السلام :
حطّم إبراهيم آلهة قومه التي كانوا يعبدونها
فأشعلوا له النار ، ورموه فيها
فأمر الله – جل وعلا – النار
ألا تصيبه بأذى وأن تكون عليه برداً وسلاماً
( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ -
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ -
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ )
[ الأنبياء : 68-70 ] .
ومن الآيات التي أجراها على يد إبراهيم إحيـاء الموتى
وقد قصّ الله علينا خبر ذلك :
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا )
[ البقرة : 260 ] .
فأمره بذبح هذه الطيور ، ثم تقطيعها
وتفريقها على عدة جبال ، ثم دعاها فلبت النداء
واجتمعت الأجزاء المتفرقة ، والتحمت كما كانت من قبل
ودبت فيها الحياة ، وطارت محلقة في الفضاء
فسبحان الله ما أعظم شأنه ، وأجلَّ قدرته .
............
ثالثاً : آيات نبي الله موسى عليه السلام :
.............
أعطى الله موسى تسع آيات بينات
( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ )
[الإسراء : 101 ] .
1- وأعظم هذه الآيات وأكبرها العصا
التي كانت تتحول إلى حيّة عظيمة عندما يلقيها على الأرض
( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى -
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي
وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى - قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى -
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى -
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى )
[ طه : 17-21 ] .
وكان من شأن هذه العصا أن ابتلعت عشرات من الحبال
والعصي التي جاء بها فرعون ليغالبوا موسى
( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى
- قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ
مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى - فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى
- قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى -
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ
وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى )
[ طه : 65-69 ] .
وعندما عاين السحرة ما فعلته حيَّة موسى ، علموا أنَّ هذا ليس من صنع البشر ، إنما هو من صنع الله خالق البشر ، فلم يتمالكوا أن خروا أمام الجموع ساجدين لله ربِّ العالمين ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ) [ طه : 70 ] .
2- ومن الآيات التي أرسل بها موسى ما ذكره الله في قوله : ( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى ) [ طه : 22 ] ، كان يدخل يده في جيبه ( درع قميصه ) ، ثم ينزعها ، فإذا هي تتلألأ كالقمر بياضاً من غير سوء ، أي : من غير برص ، ولا بهق .
وذكر الله سبع آيات في سورة الأعراف ، فقد ذكر الله أنه أصابهم :
3- بالسنين ، وهي ما أصابهم من الجدب والقحط ، بسبب قلة مياه النيل ، وانحباس المطر عن أرض مصر .
4- نقص الثمرات ذلك أن الأرض تمنع خيرهـا ، وما يخرج يصاب بالآفات والجوائح .
5- الطوفان الذي يتلف المزارع ويهدم المدن والقرى .
6- الجراد الذي لا يدع خضراء ولا يابسة .
7- القمّل ، وهي حشرة تؤذي الناس في أجسادهم .
8- الضفادع التي نغصت عليهم عيشتهم لكثرتها .
9- الدم الذي يصيب طعامهم وشرابهم .
( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ - فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ - وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ) [ الأعراف : 130-133 ] .
آيات أخرى :
هذه الآيات التسع التي أرسل بها موسى إلى فرعون ، وإلاّ فالآيات التي أجراها الله على يد موسى أكثر من ذلك ، فمن ذلك ضرب موسى البحر بعصاه وانفلاقه ، ومن هذا ضربه الحجر فينفلق عن اثنتي عشرة عيناً ، وإنزال المن والسلوى على بني إسرائيل في صحراء سيناء ، وغير ذلك من الآيات .
رابعاً : معجزات نبي الله عيسى عليه السلام :
من معجزاته التي أخبرنا الله بها أنّه كان يصنع من الطين ما يشبه الطيور ثمَّ ينفخ فيها فتصبح طيوراً بإذن الله وقدرته ، ويمسح الأكمه فيبرأ بإذن الله ، ويمسح الأبرص فيذهب الله عنه برصه ، ويمرُّ على الموتى فيناديهم فيحييهم الله تعالى ، وقد حكى القرآن لنا هذا في قوله تعالى مخاطباً عيسى : ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) [المائدة : 110] .
ومن آياته تلك المائدة التي أنزلها الله من السماء عندما طلب الحواريون من عيسى إنزالها ، وكانت على الحال التي طلبها عيسى عيداً لأولهم وآخرهم ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ - قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ - قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ - قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) [المائدة : 112-115] .
--------------------------------
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/312-313 .
(2) البداية والنهاية : 1/134 .
حطّم إبراهيم آلهة قومه التي كانوا يعبدونها
فأشعلوا له النار ، ورموه فيها
فأمر الله – جل وعلا – النار
ألا تصيبه بأذى وأن تكون عليه برداً وسلاماً
( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ -
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ -
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ )
[ الأنبياء : 68-70 ] .
ومن الآيات التي أجراها على يد إبراهيم إحيـاء الموتى
وقد قصّ الله علينا خبر ذلك :
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ
ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا )
[ البقرة : 260 ] .
فأمره بذبح هذه الطيور ، ثم تقطيعها
وتفريقها على عدة جبال ، ثم دعاها فلبت النداء
واجتمعت الأجزاء المتفرقة ، والتحمت كما كانت من قبل
ودبت فيها الحياة ، وطارت محلقة في الفضاء
فسبحان الله ما أعظم شأنه ، وأجلَّ قدرته .
............
ثالثاً : آيات نبي الله موسى عليه السلام :
.............
أعطى الله موسى تسع آيات بينات
( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ )
[الإسراء : 101 ] .
1- وأعظم هذه الآيات وأكبرها العصا
التي كانت تتحول إلى حيّة عظيمة عندما يلقيها على الأرض
( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى -
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي
وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى - قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى -
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى -
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى )
[ طه : 17-21 ] .
وكان من شأن هذه العصا أن ابتلعت عشرات من الحبال
والعصي التي جاء بها فرعون ليغالبوا موسى
( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى
- قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ
مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى - فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى
- قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى -
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ
وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى )
[ طه : 65-69 ] .
وعندما عاين السحرة ما فعلته حيَّة موسى ، علموا أنَّ هذا ليس من صنع البشر ، إنما هو من صنع الله خالق البشر ، فلم يتمالكوا أن خروا أمام الجموع ساجدين لله ربِّ العالمين ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ) [ طه : 70 ] .
2- ومن الآيات التي أرسل بها موسى ما ذكره الله في قوله : ( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى ) [ طه : 22 ] ، كان يدخل يده في جيبه ( درع قميصه ) ، ثم ينزعها ، فإذا هي تتلألأ كالقمر بياضاً من غير سوء ، أي : من غير برص ، ولا بهق .
وذكر الله سبع آيات في سورة الأعراف ، فقد ذكر الله أنه أصابهم :
3- بالسنين ، وهي ما أصابهم من الجدب والقحط ، بسبب قلة مياه النيل ، وانحباس المطر عن أرض مصر .
4- نقص الثمرات ذلك أن الأرض تمنع خيرهـا ، وما يخرج يصاب بالآفات والجوائح .
5- الطوفان الذي يتلف المزارع ويهدم المدن والقرى .
6- الجراد الذي لا يدع خضراء ولا يابسة .
7- القمّل ، وهي حشرة تؤذي الناس في أجسادهم .
8- الضفادع التي نغصت عليهم عيشتهم لكثرتها .
9- الدم الذي يصيب طعامهم وشرابهم .
( وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ - فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ - وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ ) [ الأعراف : 130-133 ] .
آيات أخرى :
هذه الآيات التسع التي أرسل بها موسى إلى فرعون ، وإلاّ فالآيات التي أجراها الله على يد موسى أكثر من ذلك ، فمن ذلك ضرب موسى البحر بعصاه وانفلاقه ، ومن هذا ضربه الحجر فينفلق عن اثنتي عشرة عيناً ، وإنزال المن والسلوى على بني إسرائيل في صحراء سيناء ، وغير ذلك من الآيات .
رابعاً : معجزات نبي الله عيسى عليه السلام :
من معجزاته التي أخبرنا الله بها أنّه كان يصنع من الطين ما يشبه الطيور ثمَّ ينفخ فيها فتصبح طيوراً بإذن الله وقدرته ، ويمسح الأكمه فيبرأ بإذن الله ، ويمسح الأبرص فيذهب الله عنه برصه ، ويمرُّ على الموتى فيناديهم فيحييهم الله تعالى ، وقد حكى القرآن لنا هذا في قوله تعالى مخاطباً عيسى : ( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) [المائدة : 110] .
ومن آياته تلك المائدة التي أنزلها الله من السماء عندما طلب الحواريون من عيسى إنزالها ، وكانت على الحال التي طلبها عيسى عيداً لأولهم وآخرهم ( إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ - قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ - قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ - قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) [المائدة : 112-115] .
--------------------------------
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/312-313 .
(2) البداية والنهاية : 1/134 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:03 pm
- تكثيره الطعام صلوات الله وسلامه عليه :
وقد وقع هذا منه صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة
فمن ذلك ما رواه أنس ، قال :
قال أبو طلحة لأمَّ سُلَيم
لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً
أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء ؟
قالت : نعم ، فأخرجت أقراصاً من شعير
ثمَّ أخرجت خماراً لها ، فلفت الخبز ببعضه
ثمّ دسته تحت يدي ، ولاثتني (4) ببعضه
ثمَّ أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذهبت به ، فوجدت رسول الله
– صلى الله عليه وسلم –
في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أرسلك أبو طلحة ؟ " فقلت : نعم
قال : " بطعام ؟ " قلت : نعم
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
لمن معه : " قوموا " فانطلق
وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة
فأخبرته ، فقال أبو طلحة ، يا أمَّ سليم
قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس
وليس عندنا ما نطعمهم ، فقالت : الله ورسوله أعلم .
فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" هلمي يا أم سليم ، ما عندك ؟ "
فأتت بذلك الخبز
فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففت، وعصرت أم سليمة عكة ، فأدَمَتهُ
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيه ما شاء الله أن يقول ، ثمَّ قال :
" ائذن لعشرة " ، فأذن لهم ، فأكلوا ، حتى شبعوا
ثم خرجوا ، ثمَّ قال : " ائذن لعشرة " فأذن لهم
فأكلوا ، حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثمَّ قال :
" ائذن لعشرة " فأذن لهم ، فأكلوا
حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثم قال : " ائذن لعشرة "
فأكل القوم كلهم ، وشبعوا
والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً "
(5) .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :
" لما حُفِر الخندقُ رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم
خَمَصاً شديداً ، فانكفَيتُ إلى امرأتي فقلتُ :
هل عندك شيء ؟ فإني رأيت برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
خمصاً شديداً .
فأخرجتْ إليَّ جِراباً فيه صاعٌ من شعير
ولنا بُهيمةٌ داجن فذبحتها ، وطحنت الشعير
ففرغت إلى فراغي ، وقطعتها في برمتها
ثم ولَّيتُ إلى رسول الله صلى الله ع
ليه وسلم فقالت : لا تفضحني برسول الله
صلى الله عليه وسلم وبمن معهُ
فجئتُهُ فساررتهُ فقلت :
يا رسول الله ذبحنا ُبهيمة لنا وطحنّا صاعاً من شعير كان عندنا
فتعال أنت ونفر معك ، فصاحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم :
يا أهل الخندق ، إن جابراً قد صنع سُوراً
فحيَّ هلا بكم فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
لا تُنزلُنَّ برمتكم ، ولا تخبزُنَّ عجينكم حتى أجيء
فجئتُ وجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقدُمُ الناس
حتى جئتُ امرأتي فقالت :
بكَ وبك . فقلت : قد فعلتُ الذي قلتِ. فأخرجَتْ له عجيناً
فبصقَ فيه وبارك
ثم عمدَ إلى بُرمَتِنا فبصق وبارك
ثم قال : ادعُ خابزةً فلتخبز معي
واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها ، وهم ألف
فأقسم باللهِ لقد أكلوا حتى تركوهُ وانحرفوا
وإن بُرْمَتَنا لتغِطُّ كما هي :
وإن عجيننا ليُخبَز كما هو "
(6) .
5- تكثيره الماء ونبعه من بين أصابعه الشريفة :
وقد وقع من هذا شيء كثير من الرسول صلى الله عليه وسلم ، نذكر طرفاً منه ، فمن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله ، قال : عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة ( ظرف للماء ) فتوضأ منها ، ثمَّ أقبل الناس نحوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما لكم " ؟ قالوا : ليس عندنا ماء نتوضأ به ، ونشرب إلا ما في ركوتك ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون ، قال : فشربنا ، وتوضأنا ، قيل لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة " (7) .
ومن ذلك تكثيره ماء بئر الحديبية في يوم الحديبية ، فقد روى البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال : " كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة ، والحديبية بئر ، فنزحناها ، حتى لم نترك فيها قطرة ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير البئر ، (طرفها) ، فدعا بماء فمضمض ، ومجّ في البئر ، فمكثنا غير بعيد ، ثم استقينا حتى رَوِينا ، ورَوَت أو صَدَرت ركائبنا " ( .
وعن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نعدُّ الآيات بركة ، وأنتم تعدونها تخويفاً ، كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء ، فقال : " اطلبوا فضلة من ماء " فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال : " حيَّ على الطَّهور المبارك ، والبركة من الله " فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنّا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل " (9) .
6- كف الأعداء عنه :
ومن ذلك استجابة الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم عندما كان مهاجراً ، وأدركه سراقة ابن مالك ، فارتطمت بسراقة فرسه إلى بطنها في أرض صلبة ، فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما عليَّ ، فادعوا لي ، فالله لكما أن أردّ عنكما الطلب ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا ، فجعل لا يلقى أحداً إلاّ قال : كفيتم ، ما هاهنا ، فلا يلقى أحداً إلاّ ردّه . متفق عليه (10) .
وفي معركة حنين انهزم المسلمون وثبت الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلّة من المؤمنين أولئك الذين بايعوا تحت الشجرة ، فلّما حمى الوطيس ، أخذ صلوات الله وسلامه عليه حصيات ، فرمى بهنَّ وجوه الكفار ، ثم قال : " انهزموا وربِّ محمد " يقول العباس راوي الحديث : فوالله ما هو إلاّ أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدّهم كليلاً ، وأمرهم مدبراً (11) .
وفي رواية سلمة بن الأكوع ، قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً ، فولّى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ، ثمَّ قبض قبضة من تراب الأرض ، ثمَّ استقبل به وجوههم ، فقال : " شاهت الوجوه " ، فما خلق الله منهم إنساناً إلاّ ملأ الله عينيه تراباً بتلك القبضة ، فولوا مدبرين ، فهزمهم الله ، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين " (12) .
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة أن أبا جهل حلف باللات والعزى أنه لو رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد حيث مجامع قريش أن يطأ على رقبته ، أو ليعفرن وجهه في التراب ، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجداً ، أراد أن يفعل ما أقسم عليه ، فلما اقترب منه " ما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي يديه ، فقيل له: مالك ؟ فقال : إنَّ بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة " .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو دنا مني لاختطفتـه الملائكة عضواً عضواً " (13) .
--------------------------------
(1) راجع في ضلال القرآن : 19-2584 بتصرف يسير .
(2) البداية والنهاية : 3/118 .
(3) البداية والنهاية : 3/120 .
(4) لاثتني ، أي : لفت علي بعض الخمار عمامة .
(5) صحيح البخاري : 3578 . وصحيح مسلم : 2040 .
(6) صحيح البخاري : 4102 . وصحيح مسلم : 2039 .
(7) صحيح البخاري : 4152 .
( صحيح البخاري : 3577 .
(9) صحيح البخاري : 3579 .
(10) مشكاة المصابيح : (3-166) .
(11) صحيح مسلم : 1775 .
(12) صحيح مسلم : 1777 بشيء من الاختصار .
(13) صحيح مسلم : 2797 .
وقد وقع هذا منه صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة
فمن ذلك ما رواه أنس ، قال :
قال أبو طلحة لأمَّ سُلَيم
لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً
أعرف فيه الجوع ، فهل عندك من شيء ؟
قالت : نعم ، فأخرجت أقراصاً من شعير
ثمَّ أخرجت خماراً لها ، فلفت الخبز ببعضه
ثمّ دسته تحت يدي ، ولاثتني (4) ببعضه
ثمَّ أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذهبت به ، فوجدت رسول الله
– صلى الله عليه وسلم –
في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أرسلك أبو طلحة ؟ " فقلت : نعم
قال : " بطعام ؟ " قلت : نعم
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
لمن معه : " قوموا " فانطلق
وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة
فأخبرته ، فقال أبو طلحة ، يا أمَّ سليم
قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس
وليس عندنا ما نطعمهم ، فقالت : الله ورسوله أعلم .
فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" هلمي يا أم سليم ، ما عندك ؟ "
فأتت بذلك الخبز
فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
ففت، وعصرت أم سليمة عكة ، فأدَمَتهُ
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيه ما شاء الله أن يقول ، ثمَّ قال :
" ائذن لعشرة " ، فأذن لهم ، فأكلوا ، حتى شبعوا
ثم خرجوا ، ثمَّ قال : " ائذن لعشرة " فأذن لهم
فأكلوا ، حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثمَّ قال :
" ائذن لعشرة " فأذن لهم ، فأكلوا
حتى شبعوا ، ثم خرجوا ، ثم قال : " ائذن لعشرة "
فأكل القوم كلهم ، وشبعوا
والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً "
(5) .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :
" لما حُفِر الخندقُ رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم
خَمَصاً شديداً ، فانكفَيتُ إلى امرأتي فقلتُ :
هل عندك شيء ؟ فإني رأيت برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
خمصاً شديداً .
فأخرجتْ إليَّ جِراباً فيه صاعٌ من شعير
ولنا بُهيمةٌ داجن فذبحتها ، وطحنت الشعير
ففرغت إلى فراغي ، وقطعتها في برمتها
ثم ولَّيتُ إلى رسول الله صلى الله ع
ليه وسلم فقالت : لا تفضحني برسول الله
صلى الله عليه وسلم وبمن معهُ
فجئتُهُ فساررتهُ فقلت :
يا رسول الله ذبحنا ُبهيمة لنا وطحنّا صاعاً من شعير كان عندنا
فتعال أنت ونفر معك ، فصاحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم :
يا أهل الخندق ، إن جابراً قد صنع سُوراً
فحيَّ هلا بكم فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :
لا تُنزلُنَّ برمتكم ، ولا تخبزُنَّ عجينكم حتى أجيء
فجئتُ وجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقدُمُ الناس
حتى جئتُ امرأتي فقالت :
بكَ وبك . فقلت : قد فعلتُ الذي قلتِ. فأخرجَتْ له عجيناً
فبصقَ فيه وبارك
ثم عمدَ إلى بُرمَتِنا فبصق وبارك
ثم قال : ادعُ خابزةً فلتخبز معي
واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها ، وهم ألف
فأقسم باللهِ لقد أكلوا حتى تركوهُ وانحرفوا
وإن بُرْمَتَنا لتغِطُّ كما هي :
وإن عجيننا ليُخبَز كما هو "
(6) .
5- تكثيره الماء ونبعه من بين أصابعه الشريفة :
وقد وقع من هذا شيء كثير من الرسول صلى الله عليه وسلم ، نذكر طرفاً منه ، فمن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله ، قال : عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة ( ظرف للماء ) فتوضأ منها ، ثمَّ أقبل الناس نحوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما لكم " ؟ قالوا : ليس عندنا ماء نتوضأ به ، ونشرب إلا ما في ركوتك ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون ، قال : فشربنا ، وتوضأنا ، قيل لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة " (7) .
ومن ذلك تكثيره ماء بئر الحديبية في يوم الحديبية ، فقد روى البراء بن عازب رضي الله عنه ، قال : " كنا يوم الحديبية أربع عشرة مائة ، والحديبية بئر ، فنزحناها ، حتى لم نترك فيها قطرة ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير البئر ، (طرفها) ، فدعا بماء فمضمض ، ومجّ في البئر ، فمكثنا غير بعيد ، ثم استقينا حتى رَوِينا ، ورَوَت أو صَدَرت ركائبنا " ( .
وعن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نعدُّ الآيات بركة ، وأنتم تعدونها تخويفاً ، كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقلَّ الماء ، فقال : " اطلبوا فضلة من ماء " فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال : " حيَّ على الطَّهور المبارك ، والبركة من الله " فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنّا نسمع تسبيح الطعام وهو يأكل " (9) .
6- كف الأعداء عنه :
ومن ذلك استجابة الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم عندما كان مهاجراً ، وأدركه سراقة ابن مالك ، فارتطمت بسراقة فرسه إلى بطنها في أرض صلبة ، فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما عليَّ ، فادعوا لي ، فالله لكما أن أردّ عنكما الطلب ، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا ، فجعل لا يلقى أحداً إلاّ قال : كفيتم ، ما هاهنا ، فلا يلقى أحداً إلاّ ردّه . متفق عليه (10) .
وفي معركة حنين انهزم المسلمون وثبت الرسول الله صلى الله عليه وسلم وقلّة من المؤمنين أولئك الذين بايعوا تحت الشجرة ، فلّما حمى الوطيس ، أخذ صلوات الله وسلامه عليه حصيات ، فرمى بهنَّ وجوه الكفار ، ثم قال : " انهزموا وربِّ محمد " يقول العباس راوي الحديث : فوالله ما هو إلاّ أن رماهم بحصياته ، فما زلت أرى حدّهم كليلاً ، وأمرهم مدبراً (11) .
وفي رواية سلمة بن الأكوع ، قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً ، فولّى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ، ثمَّ قبض قبضة من تراب الأرض ، ثمَّ استقبل به وجوههم ، فقال : " شاهت الوجوه " ، فما خلق الله منهم إنساناً إلاّ ملأ الله عينيه تراباً بتلك القبضة ، فولوا مدبرين ، فهزمهم الله ، وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين " (12) .
ومن ذلك ما رواه أبو هريرة أن أبا جهل حلف باللات والعزى أنه لو رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي في المسجد حيث مجامع قريش أن يطأ على رقبته ، أو ليعفرن وجهه في التراب ، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجداً ، أراد أن يفعل ما أقسم عليه ، فلما اقترب منه " ما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي يديه ، فقيل له: مالك ؟ فقال : إنَّ بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحة " .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو دنا مني لاختطفتـه الملائكة عضواً عضواً " (13) .
--------------------------------
(1) راجع في ضلال القرآن : 19-2584 بتصرف يسير .
(2) البداية والنهاية : 3/118 .
(3) البداية والنهاية : 3/120 .
(4) لاثتني ، أي : لفت علي بعض الخمار عمامة .
(5) صحيح البخاري : 3578 . وصحيح مسلم : 2040 .
(6) صحيح البخاري : 4102 . وصحيح مسلم : 2039 .
(7) صحيح البخاري : 4152 .
( صحيح البخاري : 3577 .
(9) صحيح البخاري : 3579 .
(10) مشكاة المصابيح : (3-166) .
(11) صحيح مسلم : 1775 .
(12) صحيح مسلم : 1777 بشيء من الاختصار .
(13) صحيح مسلم : 2797 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:04 pm
المطلب الثاني
أنواع الآيات
( الجزء الثالث )
يتبع آيات خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه :
7- إجابة دعوته :
أ- اهتداء أم أبي هريرة بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة قال : كنت أدعو أميَّ إلى الإسلام وهي مشركة
فدعوتها يوماً
فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي
قلت : يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام
فتأبى عليَّ ، فدعوتها اليوم ، فأسمعتني فيك ما أكره
فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة ، فقال :
" اللهمَّ اهد أم أبي هريرة "
فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم
فلما جئت ، فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف
[ مردود ]
فسمعَتْ أمي خشف قدمي
فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعتُ خضخضة [ تحريك ] الماء
قال : فاغتسلَتْ ، ولبسَتْ درعها
وعجلت عن خمارها ، ففتحت الباب
ثم قالت : يا أبا هريرة :
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
فرجعت إلى رسول الله فأتيته ، وأنا أبكي من الفرح
قال : قلت : يا رسول الله ، أبشر
قد استجاب الله دعوتك ، وهدى أم أبي هريرة ، فح
مد الله وأثنى عليه ، وقال خيراً "
(1) .
ب- أصبح بدعوته فارساً :
عن جرير بن عبد الله ، قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تُريحني من ذي الخلَصةِ ؟ فقلت : بلى . فانطلقتُ في خمسين ومائة فارسٍ من أحمسَ ، وكانوا أصحابَ خيل وكنتُ لا أثبُتُ على الخيل ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري ، وقال : " اللهم ثبته ، واجعلهُ هادياً مهدياً . قال : فما وقعتُ عن فرس بعدُ . قال : وكان ذو الخلَصة بيتاً باليمن لخَثْعَم وبجيلة فيه نُصُبٌ تُعبَد ، يقال له : الكعبة . قال : فأتاها فحرَّقها بالنار وكسرها " (2) .
ج- إغاثة الله الناس بدعائه :
وعن أنس بن مالك قال : أصابت الناس سنةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ في يوم الجمعة ، قام أعرابيٌ فقالَ : يا رسول الله هَلَكَ المالُ ، وجاعَ العيالُ ، فادعُ الله لنا . فرفعَ يديه ، وما نرى في السماء قَزَعةً ، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثارَ السحابُ أمثالَ الجبالِ ، ثم لم ينزلْ عن منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته ، فمُطِرنا يومنا ذلك ، ومن الغدِ ، والذي يليه حتى الجمعةِ الأخرى ، وقام ذلك الأعرابي – أو قال غيره – فقال : يا رسول الله تهدَّمَ البناء وغرقَ المالُ ، فادعُ الله لنا . فرفعَ يديه فقال : " اللهم حوالينا ولا علينا " فما يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت ، وصارت المدينةُ مثلَ الجوبة ، وسال الوادي قناةُ شهراً ، ولم يجئ أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجود (3) .
وفي رواية قال : " اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام ، والجبال ، والآجام ، والظراب ، والأودية ومنابت الشجر " قال : فأقلعَتْ وخرجنا نمشي في الشمس (4) .
أصابت الدعوة يد مستكبر :
وعن سلمة بن الأكوع أنَّ رجلاً أكل عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال : " كُل بيمينك " قال : لا أستطيع . قال : " لا استطعت " ما مَنَعَه إلا الكبرُ . قال: فما رفعها إلى فيه (5) .
د- بركة دعوة الرسول الله صلى الله عليه وسلم تصيب بعير جابر :
وعن جابر قال : غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على ناضحٍ لنا قد أعيا ، فلا يكادُ يسيرُ فقال لي : " ما لبعيرك ؟ " قال: قلت : عيي ، قال : فتخلف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فزجره ودعا له ، فما زال بين يدي الإبلِ قدّامها يسيرُ . فقال لي : " كيف ترى بعيرك ؟ " قلت : بخير ، قد أصابته بركتُك . قال : " أَفتبيعُنيه ؟ " قال : فاستحييت ، ولم يكن لنا ناضحٌ غيره ، قال : فقلت : نعم ، قال : " فبعنيه " فبعته إياه على أن لي فقار ظهره إلى المدينة ، .. قال : فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، غدوت عليه بالبعير ، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ " (6) .
8- إبراء المرضى :
أ- إبراؤه من كسرت رجله :
عن البراء بن عازب قال : بعثَ النبي صلى الله عليه وسلم رهطاً إلى أبي رافعٍ (7) ، فدخل عليه عبد الله بن عتيك ليلاً وهو نائم فقتله ( ، فقال عبد الله بن عتيكٍ : فوضعتُ السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتحُ الأبواب باباً فباباً ، حتى انتهيتُ إلى درجة له فوضعت رجلي ، وأنا أرى أني انتهيت إلى الأرض ، فوقعت في ليلة مقمرة ، فانكسرت ساقي ، فعصبتها بعمامةٍ فانطلقت إلى أصحابي ، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال : ابسط رجلك فبسطت رجلي ، فمسحها فكأنها لم أشتكِها قطُّ (9) .
ب- إبراؤه عين علي بن أبي طالب :
وعن سهل بن سعدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : " لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتحُ الله على يديه ، يحبُّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناسُ غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يُعطاها فقال : " أين عليُّ بنُ أبي طالب ؟ " فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : " فأرسلوا إليه " ، فأُتي به ، فبصق رسول الله في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجعٌ ، فأعطاه الراية ، فقال عليٌّ : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال : " انفُذْ على رسلك (10) حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعُهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجبُ عليهم من حقِّ الله فيه ، فوالله لأن يهدي اللهُ بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لكَ حمرُ النعم " (11) .
ج- ساق سلمة بن الأكوع :
وعن يزيد بن أبي عبيد قال : رأيت أثر ضربةٍ في ساق سلمة فقلت : يا أبا مسلم ما هذه الضربة ؟ قال : هذه ضربةٌ أصابتني يوم خيبر ، فقال الناسُ : أصيب سلمة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها حتى الساعة (12) .
د- إخراجه الجن من المصروع :
وعن يعلى بن مرة الثقفي قال : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بماءٍ، فأتتهُ امرأةٌ بابن لها به جنةٌ ، فأخذَ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخرِهِ ثم قال : " اخرج فإني محمد رسول الله " ثم سرنا ، فلما رجعنا مررنا بذلك الماء ، فسألها عن الصبي ، فقالت : والذي بَعَثَك بالحقِّ ما رأينا منه ريباً بعدك (13) .
9- إخباره بالأمور الغيبية :
فمن ذلك إخباره عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله ، وإخباره عن الملائكة وصفاتهم ، وإخباره عن عالم الجن ، وعن الجنة والنار ، ومن ذلك إخباره عن الحوادث التي وقعت ، كما أخبر عن آدم ونوح وهود وصالح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل ، وما جرى بينهم وبين أقوامهم ، وهو حديث فيه تفصيل وبيان ، ومثل هذا لا يتأتى من رجل أمي لم يكن كاتباً ولا قارئاً ، ولم يخالط الذين درسوا تاريخ الأمم وعرفوا أخبارها ، ثم هو يأتي بأخبار لم يبلغها علم الأمم ، وأخبار يكتمها علماء أهل الكتاب ، ويصحح لهم كثيراً مما عندهم ، وكل ذلك دليل على أنه إنما جاء بهذه العلوم من العليم الخبير ، ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ) [ هود : 49 ] .
وقد أشار القرآن إلى هذا الدليل في عدة مواضع ، فمن ذلك قوله في سياق قصة مريم : ( وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) [ آل عمران : 44 ] .
وفي سياق قصة موسى ، قال : ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [ القصص : 46 ] .
وقد كان يخبر الأخبار المغيبة التي وقعت في حينها ، فقد أخبر باستشهاد قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة ، وباستلام خالد بن الوليد الراية من بعدهم في اليوم الذي وقع فيه الحدث ، رواه البخاري (14) .
وعندما توفي النجاشي أخبر بوفاته في اليوم نفسه الذي توفي فيه ، وكذلك عندما توفي كسرى .
أنواع الآيات
( الجزء الثالث )
يتبع آيات خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه :
7- إجابة دعوته :
أ- اهتداء أم أبي هريرة بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة قال : كنت أدعو أميَّ إلى الإسلام وهي مشركة
فدعوتها يوماً
فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره
فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي
قلت : يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام
فتأبى عليَّ ، فدعوتها اليوم ، فأسمعتني فيك ما أكره
فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة ، فقال :
" اللهمَّ اهد أم أبي هريرة "
فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم
فلما جئت ، فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف
[ مردود ]
فسمعَتْ أمي خشف قدمي
فقالت : مكانك يا أبا هريرة ، وسمعتُ خضخضة [ تحريك ] الماء
قال : فاغتسلَتْ ، ولبسَتْ درعها
وعجلت عن خمارها ، ففتحت الباب
ثم قالت : يا أبا هريرة :
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
فرجعت إلى رسول الله فأتيته ، وأنا أبكي من الفرح
قال : قلت : يا رسول الله ، أبشر
قد استجاب الله دعوتك ، وهدى أم أبي هريرة ، فح
مد الله وأثنى عليه ، وقال خيراً "
(1) .
ب- أصبح بدعوته فارساً :
عن جرير بن عبد الله ، قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تُريحني من ذي الخلَصةِ ؟ فقلت : بلى . فانطلقتُ في خمسين ومائة فارسٍ من أحمسَ ، وكانوا أصحابَ خيل وكنتُ لا أثبُتُ على الخيل ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده على صدري حتى رأيت أثر يده في صدري ، وقال : " اللهم ثبته ، واجعلهُ هادياً مهدياً . قال : فما وقعتُ عن فرس بعدُ . قال : وكان ذو الخلَصة بيتاً باليمن لخَثْعَم وبجيلة فيه نُصُبٌ تُعبَد ، يقال له : الكعبة . قال : فأتاها فحرَّقها بالنار وكسرها " (2) .
ج- إغاثة الله الناس بدعائه :
وعن أنس بن مالك قال : أصابت الناس سنةٌ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ في يوم الجمعة ، قام أعرابيٌ فقالَ : يا رسول الله هَلَكَ المالُ ، وجاعَ العيالُ ، فادعُ الله لنا . فرفعَ يديه ، وما نرى في السماء قَزَعةً ، فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثارَ السحابُ أمثالَ الجبالِ ، ثم لم ينزلْ عن منبره حتى رأيتُ المطرَ يتحادرُ على لحيته ، فمُطِرنا يومنا ذلك ، ومن الغدِ ، والذي يليه حتى الجمعةِ الأخرى ، وقام ذلك الأعرابي – أو قال غيره – فقال : يا رسول الله تهدَّمَ البناء وغرقَ المالُ ، فادعُ الله لنا . فرفعَ يديه فقال : " اللهم حوالينا ولا علينا " فما يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت ، وصارت المدينةُ مثلَ الجوبة ، وسال الوادي قناةُ شهراً ، ولم يجئ أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجود (3) .
وفي رواية قال : " اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام ، والجبال ، والآجام ، والظراب ، والأودية ومنابت الشجر " قال : فأقلعَتْ وخرجنا نمشي في الشمس (4) .
أصابت الدعوة يد مستكبر :
وعن سلمة بن الأكوع أنَّ رجلاً أكل عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال : " كُل بيمينك " قال : لا أستطيع . قال : " لا استطعت " ما مَنَعَه إلا الكبرُ . قال: فما رفعها إلى فيه (5) .
د- بركة دعوة الرسول الله صلى الله عليه وسلم تصيب بعير جابر :
وعن جابر قال : غزوتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاحق بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على ناضحٍ لنا قد أعيا ، فلا يكادُ يسيرُ فقال لي : " ما لبعيرك ؟ " قال: قلت : عيي ، قال : فتخلف رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فزجره ودعا له ، فما زال بين يدي الإبلِ قدّامها يسيرُ . فقال لي : " كيف ترى بعيرك ؟ " قلت : بخير ، قد أصابته بركتُك . قال : " أَفتبيعُنيه ؟ " قال : فاستحييت ، ولم يكن لنا ناضحٌ غيره ، قال : فقلت : نعم ، قال : " فبعنيه " فبعته إياه على أن لي فقار ظهره إلى المدينة ، .. قال : فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، غدوت عليه بالبعير ، فأعطاني ثمنه وردَّه عليَّ " (6) .
8- إبراء المرضى :
أ- إبراؤه من كسرت رجله :
عن البراء بن عازب قال : بعثَ النبي صلى الله عليه وسلم رهطاً إلى أبي رافعٍ (7) ، فدخل عليه عبد الله بن عتيك ليلاً وهو نائم فقتله ( ، فقال عبد الله بن عتيكٍ : فوضعتُ السيف في بطنه حتى أخذ في ظهره فعرفت أني قتلته، فجعلت أفتحُ الأبواب باباً فباباً ، حتى انتهيتُ إلى درجة له فوضعت رجلي ، وأنا أرى أني انتهيت إلى الأرض ، فوقعت في ليلة مقمرة ، فانكسرت ساقي ، فعصبتها بعمامةٍ فانطلقت إلى أصحابي ، فانتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال : ابسط رجلك فبسطت رجلي ، فمسحها فكأنها لم أشتكِها قطُّ (9) .
ب- إبراؤه عين علي بن أبي طالب :
وعن سهل بن سعدٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : " لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتحُ الله على يديه ، يحبُّ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناسُ غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يُعطاها فقال : " أين عليُّ بنُ أبي طالب ؟ " فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : " فأرسلوا إليه " ، فأُتي به ، فبصق رسول الله في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجعٌ ، فأعطاه الراية ، فقال عليٌّ : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال : " انفُذْ على رسلك (10) حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعُهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجبُ عليهم من حقِّ الله فيه ، فوالله لأن يهدي اللهُ بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لكَ حمرُ النعم " (11) .
ج- ساق سلمة بن الأكوع :
وعن يزيد بن أبي عبيد قال : رأيت أثر ضربةٍ في ساق سلمة فقلت : يا أبا مسلم ما هذه الضربة ؟ قال : هذه ضربةٌ أصابتني يوم خيبر ، فقال الناسُ : أصيب سلمة ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكيتها حتى الساعة (12) .
د- إخراجه الجن من المصروع :
وعن يعلى بن مرة الثقفي قال : سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بماءٍ، فأتتهُ امرأةٌ بابن لها به جنةٌ ، فأخذَ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخرِهِ ثم قال : " اخرج فإني محمد رسول الله " ثم سرنا ، فلما رجعنا مررنا بذلك الماء ، فسألها عن الصبي ، فقالت : والذي بَعَثَك بالحقِّ ما رأينا منه ريباً بعدك (13) .
9- إخباره بالأمور الغيبية :
فمن ذلك إخباره عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله ، وإخباره عن الملائكة وصفاتهم ، وإخباره عن عالم الجن ، وعن الجنة والنار ، ومن ذلك إخباره عن الحوادث التي وقعت ، كما أخبر عن آدم ونوح وهود وصالح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل ، وما جرى بينهم وبين أقوامهم ، وهو حديث فيه تفصيل وبيان ، ومثل هذا لا يتأتى من رجل أمي لم يكن كاتباً ولا قارئاً ، ولم يخالط الذين درسوا تاريخ الأمم وعرفوا أخبارها ، ثم هو يأتي بأخبار لم يبلغها علم الأمم ، وأخبار يكتمها علماء أهل الكتاب ، ويصحح لهم كثيراً مما عندهم ، وكل ذلك دليل على أنه إنما جاء بهذه العلوم من العليم الخبير ، ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ ) [ هود : 49 ] .
وقد أشار القرآن إلى هذا الدليل في عدة مواضع ، فمن ذلك قوله في سياق قصة مريم : ( وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) [ آل عمران : 44 ] .
وفي سياق قصة موسى ، قال : ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [ القصص : 46 ] .
وقد كان يخبر الأخبار المغيبة التي وقعت في حينها ، فقد أخبر باستشهاد قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة ، وباستلام خالد بن الوليد الراية من بعدهم في اليوم الذي وقع فيه الحدث ، رواه البخاري (14) .
وعندما توفي النجاشي أخبر بوفاته في اليوم نفسه الذي توفي فيه ، وكذلك عندما توفي كسرى .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:05 pm
جزيرة العرب كانت جنات وأنهاراً
وحضارة عاد إرم ذات العماد :
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه
" أن أرض العرب ستعود جنات وأنهاراً "
(15)
وهذا يفيد أن جزيرة العرب كانت في الماضي جناناً وارفة الظلال
تجري من تحتها الأنهار
وهذا يدل على وجود حضارات قامت في تلك الجنان
وعلى شطآن تلك الأنهار
وقد أخبرنا القرآن عن حضارة قوم عاد
وهي مدينة (( إرم ))
التي لم يخلق مثلها في البلاد .
وقوم عاد أصحاب مدينة (( إرم ))
ليس لهم ذكر في كتب أهل الكتاب لا في التوراة ولا في الإنجيل
ولا في غيرهما
وقد شكك كثير من علماء التاريخ
بوجود عاد كما شككوا بوجود حاضرتهم
(( إرم )) .
واستمر الحال على ذلك
إلى أن ظهر صدق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم
من أن أرض العرب كانت جنات وأنهاراً
وصدق ما أخبر به القرآن عن عاد وحاضرتها
(( إرم )) ففي رحلة من رحلات الفضاء
زود مكوك الفضاء بجهاز
رادار له قدرة اختراق التربة إلى عشرة أمتار
وحين مر المكوك بصحراء الربع الخالي
صور مجرى لنهرين جافين يندفع أحدهما
من الغرب إلى الشرق والآخر من الجنوب إلى الشمال
فانبهر الأمريكيون لهذا الاكتشاف
الذي لا يوجد عند علمائهم علم به .
وفي رحلة ثانية زودوا المكوك بجهاز رادار له قدرة اختراق أكبر
فصور مجرى النهرين وأنهما يصبان
في بحيرة قطرها يزيد على أربعين كيلومتراً
في جنوب شرق الربع الخالي
وصور المكوك بين مصبي النهرين وعلى ضفاف البحيرة
عمراناً لا تعرف البشرية نظيراً له في ضخامته
فجمعوا علماء التاريخ وعلماء الآثار وعلماء الأديان
وقالوا ماذا يمكن أن يكون هذا العمران ؟
فأجمعوا على أنه قصور إرم التي وصفها القرآن الكريم
بقول الحق تبارك وتعالى :
( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )
[الفجر : 7-8].
وقالوا في تقريرهم : إن البشرية لم تعرف في تاريخها الطويل عمراناً في ضخامة هذا العمران . واكتشفوا حينما بدأوا في إزالة الرمال عن هذه المدينة قلعة ثمانية الأضلاع على أسوار المدينة ، مقامة على أعمدة ضخمة عديدة يصفها ربنا – تبارك وتعالى – بقوله عز من قائل : ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )[الفجر : 7-8] .
وذكر التقرير أن هذه الحضارة التي لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية ، وقد أطال القرآن القول في عاد وحاضرتهم (( إرم )) وتكذيبهم لرسولهم هود ، وكيف حل بهم العذاب ، إذ أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات ، استمرت تضرب ديارهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسوماً ، وقد أبقى الله مساكنهم قائمة ليأتي الباحثون عن الخافي في باطن الأرض ، فتظهر آلاتهم ما حدّث به القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ، على النحو الذي أخبر به ، يقول الحق تبارك وتعالى وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ - مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) [ الذاريات : 41-42 ] .
ويقول عز من قائل فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ) [فصلت : 15-16] .
ويقول وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ - قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ - قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ - فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ - تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ - وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون )[ الأحقاف : 21-26 ] .
ويقول كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ - تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ - فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) [ القمر : 18-22 ] .
ويقول : ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ - سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ - فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ) [ الحاقة : 6-8 ] .
ويقول : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ - إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) [ الفجر : 6-8 ] (16) .
ومن ذلك إخباره بالغيوب الآتية ، وبعض هذه الأخبار كان يقع ويتحقق في الحال أو بعد فترة وجيزة .
فمن ذلك أنه أخبر بالمواضع التي سيصرع فيها صناديد الكفر قبل وقوع معركة بدر، عن أنس رضي الله عنه ، قال : فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، فانطلقوا حتى نزلوا بدراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا مصرع فلان " ويضع يده هاهنا هاهنا ، قال : فما ماط [ أي ما بعد ، وما تجاوز ] أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه مسلم (17) .
ومن هذه الغيوب التي أخبر بها ما وقع بعد وفاته ، فمن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعـده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " (18) . وقد وقع الأمر كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه .
وقد أكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من الإخبار مما سيقع في مقبل الزمان ، قال حذيفة بن اليمان ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ، فما ترك شيئاً يكون من قيامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه ، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته ، فأراه فأذكره ، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثم إذا رآه عرفه " رواه البخاري ومسلم وأبو داود (19) .
ومن ذلك ما أخبر به من الفتن وأشراط الساعة وغير ذلك ، وقد تكفلت بذكرها كتب الحديث .
10- حنين الجذع :
في صحيح البخاري وغيره " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحوّل إليه ، فحن الجذع ، فأتاه فمسح عليه " وفي رواية عند البخاري أيضاً: " فلما وضع المنبر : سمعنا للجذع مثل صوت العشار ، حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه " (20) .
11- انقياد الشجر وتسليمه وكلامه :
عن جابر قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح [واسعاً]، فذهب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فلم ير شيئاً يستَتِرُ به ، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي ، فانطلق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : " انقادي عليَّ بإذن الله " فانقادت معه كالبعير المخشوش (21) ، الذي يصانع قائدَه ، حتى أتى الشجرة الأخرى ، فأخذ بغصنٍ من أغصانها ، فقال : " انقادي عليَّ بإذن الله " فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف [الوسط] مما بينهما قال : " التئما علي بإذن الله " فالتأمتا ، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتةٌ ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً ، وإذا بالشجرتين قد افترقتا فقامت كل واحدةٍ منهما على ساقٍ " (22) .
وعن يعلى بن مُرة الثقفي قال : سِرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا منزلاً ، فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرةٌ تشقُّ الأرض حتى غشيته ، ثم رجعت إلى مكانها ، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرتُ له فقال : هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُذن لها (23) .
وعن أنس قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس حزينٌ ، قد تخضب بالدم من فعل أهل مكة ، فقال : يا رسول الله ، هل تحبُّ أن نريك آية ؟ قال : نعم . فنظر إلى شجرةٍ من ورائه فقال : ادعُ بها . فدعا بها فجاءت فقامت بين يديه ، فقال : مرها فلترجع فأمرها فرجعت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبي حسبي " (24) .
وعن ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بمَ أعرفُ أنك نبيٌّ ؟ قال : " إن دعوت هذا العذقَ (25) من هذه النخلة يشهدُ أني رسول الله " فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينزلُ من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ارجع " فعاد ، فأسلم الأعرابي (26) .
وعن معن بن عبد الرحمن قال سمعت أبي قال : سألتُ مسروقاً : من آذن (27) النبي صلى الله عليه وسلم بالجنِّ ليلة استمعوا القرآن قال : حدثني أبوك – يعني عبد الله بن مسعود – أنه قال : آذنت بهم شجرةٌ (28) .
وعن ابن عمر قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأقبل أعرابي ، فلما دنا قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : تشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأنَ محمداً عبدهُ ورسوله ؟ قال : ومَن يشهدُ على ما تقولُ ؟ قال : هذه السَّلَمة (29) ، فدعاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخدُّ (30) الأرض حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثاً فشهدت ثلاثاً أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها (31) .
12- تسليم الحجر :
عن جابر بن سَمُرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لا أعرفُ حجراً بمكةَ كان يسلمُ عليَّ قبل أن أبعثَ إني لأعرفُهُ الآن (32) .
13- شكوى البعير :
عن يعلى بن مرة الثقفي قال : " بينما نحنُ نسيرُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مررنا ببعيرٍ يُسنَى (33) عليه ، فلما رآه البعيرُ جرجَرَ (34) ، فوضع جرانه (35) ، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أين صاحبُ هذا البعير ؟ فجاءه فقال : " بِعْنِيهِ " فقال : بل نهبُهُ لكَ يا رسول الله ، وإنه لأهلِ بيتٍ ما لهم معيشةٌ غيرُهُ .
قال : أما إذ ذكرتَ هذا من أمره ، فإنه شكا كثرةَ العمل ، وقلةَ العلفِ ، فأحسنوا إليه " (36) .
وعن عبد الله بن جعفر قال : أردفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم ، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أُحدثُ به أحداً من الناس ، وكان أحبَّ ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجتِهِ (37) هدفٌ أو حائشُ (38) نخلٍ . فدخلَ حائطاً لرجلٍ من الأنصار فإذا جملٌ ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته (39) إلى سنامه وذفراه (40) . فسَكَنَ فقال : مَن ربُّ هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟ فجاءه فتىً من الأنصار فقال : لي يا رسول الله . فقال : أفلا تتقي اللهَ في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها ؟ فإنه شكا إليَّ أنك تُجعيه وتُدئبُهُ " (41) .
14- خاتم النبوة :
من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة بين كتفيه ، ففي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال : " رأيت خاتماً في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام " .
وفي رواية عنه أيضاً : " ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه ، مل زر الحجلة " .
وروى مسلم أيضاً عن عبد الله بن سرجس قال : " ثم درت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، عند ناغض كتفه اليسرى ، جُمعاً عليه خيلان ، كأمثال الثآليل " (42) .
--------------------------------
(1)صحيح مسلم : 4491 .
(2) صحيح البخاري : 4356 ، 4357 . وصحيح مسلم : 2476 وذو الخلصة كما في الحديث بيت للأصنام ، كان في اليمن ، وأحمس كما يقول ابن حجر : على وزن أحمر ، وهم رهط جرير ينسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار ، فتح الباري : (8/91) طبعة الرسالة . الأردن .
(3) صحيح البخاري : 933 ، ومسلم : 897 ، واللفظ للبخاري .
(4) صحيح البخاري : 1013 .
(5) رواه مسلم : 2021 .
(6) صحيح البخاري : 2967 .
(7) اليهودي وكان أعدى أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نبذ عهده وتعرض له بالهجاء .
( رواه البخاري : 4038 .
(9) صحيح البخاري مختصراً : 4039 .
(10) أي : امضِ على رفقك ولينك .
(11) صحيح البخاري : 4210 . وصحيح مسلم : 2406 .
(12) رواه البخاري : 4206 .
(13) رواه في شرح السنة ، ورواه الإمام أحمد في مسنده : (4/172) بسند صحيح كما في المشكاة (3/188) ، بتحقيق شيخنا محمد ناصر الدين الألباني .
(14) صحيح البخاري : 4262 .
(15) صحيح مسلم : (157) (60) بعد الحديث رقم (1012) (59) .
(16) راجع : الإعجاز العلمي في القرآن للدكتور زغلول النجار : 1/66-68. نشر مكتبة الشروق الدولية . القاهرة . الثالثة . 1423 هـ - 2002م .
(17) مشكاة المصابيح : (3/167) وانظر صحيح مسلم : 1779 .
(18) صحيح البخاري : 3120 . وصحيح مسلم : 2918 واللفظ للبخاري .
(19) جامع الأصول : (12/63) .
(20) جامع الأصول : (12/68) .
(21) هو الذي في أنفه الخشاش ، وهو عويدة تجعل في أنف البعير ليكون أسرع انقياداً .
(22) رواه مسلم : 3012 .
(23) رواه في شرح السنة ، ورواه أيضاً أحمد وسنده ضعيف ، لكن له شاهد من حديث جابر رواه الدارمي (1/10) ، فالقصة صحيحة كما قال شيخنا الألباني في التعليق على المشكاة : (3/188) .
(24) رواه الدارمي ، وإسناده صحيح كما في المشكاة : (3/188) .
(25) العنقود .
(26) رواه الترمذي وصححه .
(27) أي : اعلم .
(28) متفق عليه . البخاري (3859) ، ومسلم (450) .
(29) شجرة من أشجار البادية .
(30) تشق .
(31) رواه الدارمي ، وإسناده صحيح كما قال شيخنا محمد ناصر الدين الألباني في تحقيقه لمشكاة المصابيح (3/189) .
(32) رواه مسلم والترمذي .
(33) أي : يستقي عليه .
(34) صاح وردد صوته في حلقه .
(35) مقدم عنقه وقيل : باطن عنقه .
(36) رواه في شرح السنة ، ورواه أحمد وسنده ضعيف لكن له شاهد من حديث جابر رواه الدارمي : (1/10) فالقصة صحيحـة كما قال شيخنا الألباني في المشكاة : (3/188) .
(37) كجدار وشجرة .
(38) أشجار مجتمعة .
(39) السراة : الظهر .
(40) عظم خلف الأذن .
(41) أي : تتعبه ، والحديث رواه أبو داود والحاكم وأحمد وابن عساكر واللفظ له وإسناده صحيح على شرط مسلم فقد أخرجه بهذا الإسناد دون قصة الجمل ( وراجع الأحاديث الصحيحة لشيخنا الألباني : 1/28) .
(42) صحيح مسلم : 2345 ، 2346 . وحديث السائب رواه البخاري : 190 ، 3541 . وناغض الكتف : طرف العظم العريض ، الذي في أعلى طرفه
والخيلان : جمع خال ، وهو الشامة .
وحضارة عاد إرم ذات العماد :
أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه
" أن أرض العرب ستعود جنات وأنهاراً "
(15)
وهذا يفيد أن جزيرة العرب كانت في الماضي جناناً وارفة الظلال
تجري من تحتها الأنهار
وهذا يدل على وجود حضارات قامت في تلك الجنان
وعلى شطآن تلك الأنهار
وقد أخبرنا القرآن عن حضارة قوم عاد
وهي مدينة (( إرم ))
التي لم يخلق مثلها في البلاد .
وقوم عاد أصحاب مدينة (( إرم ))
ليس لهم ذكر في كتب أهل الكتاب لا في التوراة ولا في الإنجيل
ولا في غيرهما
وقد شكك كثير من علماء التاريخ
بوجود عاد كما شككوا بوجود حاضرتهم
(( إرم )) .
واستمر الحال على ذلك
إلى أن ظهر صدق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم
من أن أرض العرب كانت جنات وأنهاراً
وصدق ما أخبر به القرآن عن عاد وحاضرتها
(( إرم )) ففي رحلة من رحلات الفضاء
زود مكوك الفضاء بجهاز
رادار له قدرة اختراق التربة إلى عشرة أمتار
وحين مر المكوك بصحراء الربع الخالي
صور مجرى لنهرين جافين يندفع أحدهما
من الغرب إلى الشرق والآخر من الجنوب إلى الشمال
فانبهر الأمريكيون لهذا الاكتشاف
الذي لا يوجد عند علمائهم علم به .
وفي رحلة ثانية زودوا المكوك بجهاز رادار له قدرة اختراق أكبر
فصور مجرى النهرين وأنهما يصبان
في بحيرة قطرها يزيد على أربعين كيلومتراً
في جنوب شرق الربع الخالي
وصور المكوك بين مصبي النهرين وعلى ضفاف البحيرة
عمراناً لا تعرف البشرية نظيراً له في ضخامته
فجمعوا علماء التاريخ وعلماء الآثار وعلماء الأديان
وقالوا ماذا يمكن أن يكون هذا العمران ؟
فأجمعوا على أنه قصور إرم التي وصفها القرآن الكريم
بقول الحق تبارك وتعالى :
( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )
[الفجر : 7-8].
وقالوا في تقريرهم : إن البشرية لم تعرف في تاريخها الطويل عمراناً في ضخامة هذا العمران . واكتشفوا حينما بدأوا في إزالة الرمال عن هذه المدينة قلعة ثمانية الأضلاع على أسوار المدينة ، مقامة على أعمدة ضخمة عديدة يصفها ربنا – تبارك وتعالى – بقوله عز من قائل : ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ )[الفجر : 7-8] .
وذكر التقرير أن هذه الحضارة التي لم يكن يدانيها في زمانها حضارة أخرى قد طمرتها عاصفة رملية غير عادية ، وقد أطال القرآن القول في عاد وحاضرتهم (( إرم )) وتكذيبهم لرسولهم هود ، وكيف حل بهم العذاب ، إذ أرسل الله عليهم ريحاً صرصراً في أيام نحسات ، استمرت تضرب ديارهم سبع ليالٍ وثمانية أيام حسوماً ، وقد أبقى الله مساكنهم قائمة ليأتي الباحثون عن الخافي في باطن الأرض ، فتظهر آلاتهم ما حدّث به القرآن قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام ، على النحو الذي أخبر به ، يقول الحق تبارك وتعالى وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ - مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) [ الذاريات : 41-42 ] .
ويقول عز من قائل فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ - فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ ) [فصلت : 15-16] .
ويقول وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ - قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ - قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ - فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ - تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ - وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون )[ الأحقاف : 21-26 ] .
ويقول كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ - تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ - فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) [ القمر : 18-22 ] .
ويقول : ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ - سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ - فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ) [ الحاقة : 6-8 ] .
ويقول : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ - إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ - الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) [ الفجر : 6-8 ] (16) .
ومن ذلك إخباره بالغيوب الآتية ، وبعض هذه الأخبار كان يقع ويتحقق في الحال أو بعد فترة وجيزة .
فمن ذلك أنه أخبر بالمواضع التي سيصرع فيها صناديد الكفر قبل وقوع معركة بدر، عن أنس رضي الله عنه ، قال : فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، فانطلقوا حتى نزلوا بدراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا مصرع فلان " ويضع يده هاهنا هاهنا ، قال : فما ماط [ أي ما بعد ، وما تجاوز ] أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه مسلم (17) .
ومن هذه الغيوب التي أخبر بها ما وقع بعد وفاته ، فمن ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعـده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " (18) . وقد وقع الأمر كما أخبر صلوات الله وسلامه عليه .
وقد أكثر الرسول صلى الله عليه وسلم من الإخبار مما سيقع في مقبل الزمان ، قال حذيفة بن اليمان ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ، فما ترك شيئاً يكون من قيامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّثه ، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته ، فأراه فأذكره ، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثم إذا رآه عرفه " رواه البخاري ومسلم وأبو داود (19) .
ومن ذلك ما أخبر به من الفتن وأشراط الساعة وغير ذلك ، وقد تكفلت بذكرها كتب الحديث .
10- حنين الجذع :
في صحيح البخاري وغيره " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحوّل إليه ، فحن الجذع ، فأتاه فمسح عليه " وفي رواية عند البخاري أيضاً: " فلما وضع المنبر : سمعنا للجذع مثل صوت العشار ، حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليه " (20) .
11- انقياد الشجر وتسليمه وكلامه :
عن جابر قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا وادياً أفيح [واسعاً]، فذهب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فلم ير شيئاً يستَتِرُ به ، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي ، فانطلق رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها ، فقال : " انقادي عليَّ بإذن الله " فانقادت معه كالبعير المخشوش (21) ، الذي يصانع قائدَه ، حتى أتى الشجرة الأخرى ، فأخذ بغصنٍ من أغصانها ، فقال : " انقادي عليَّ بإذن الله " فانقادت معه كذلك ، حتى إذا كان بالمنصف [الوسط] مما بينهما قال : " التئما علي بإذن الله " فالتأمتا ، فجلست أحدث نفسي فحانت مني لفتةٌ ، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً ، وإذا بالشجرتين قد افترقتا فقامت كل واحدةٍ منهما على ساقٍ " (22) .
وعن يعلى بن مُرة الثقفي قال : سِرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا منزلاً ، فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرةٌ تشقُّ الأرض حتى غشيته ، ثم رجعت إلى مكانها ، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرتُ له فقال : هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُذن لها (23) .
وعن أنس قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس حزينٌ ، قد تخضب بالدم من فعل أهل مكة ، فقال : يا رسول الله ، هل تحبُّ أن نريك آية ؟ قال : نعم . فنظر إلى شجرةٍ من ورائه فقال : ادعُ بها . فدعا بها فجاءت فقامت بين يديه ، فقال : مرها فلترجع فأمرها فرجعت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " حسبي حسبي " (24) .
وعن ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بمَ أعرفُ أنك نبيٌّ ؟ قال : " إن دعوت هذا العذقَ (25) من هذه النخلة يشهدُ أني رسول الله " فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينزلُ من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : " ارجع " فعاد ، فأسلم الأعرابي (26) .
وعن معن بن عبد الرحمن قال سمعت أبي قال : سألتُ مسروقاً : من آذن (27) النبي صلى الله عليه وسلم بالجنِّ ليلة استمعوا القرآن قال : حدثني أبوك – يعني عبد الله بن مسعود – أنه قال : آذنت بهم شجرةٌ (28) .
وعن ابن عمر قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأقبل أعرابي ، فلما دنا قال له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : تشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأنَ محمداً عبدهُ ورسوله ؟ قال : ومَن يشهدُ على ما تقولُ ؟ قال : هذه السَّلَمة (29) ، فدعاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو بشاطئ الوادي ، فأقبلت تخدُّ (30) الأرض حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثاً فشهدت ثلاثاً أنه كما قال ، ثم رجعت إلى منبتها (31) .
12- تسليم الحجر :
عن جابر بن سَمُرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لا أعرفُ حجراً بمكةَ كان يسلمُ عليَّ قبل أن أبعثَ إني لأعرفُهُ الآن (32) .
13- شكوى البعير :
عن يعلى بن مرة الثقفي قال : " بينما نحنُ نسيرُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مررنا ببعيرٍ يُسنَى (33) عليه ، فلما رآه البعيرُ جرجَرَ (34) ، فوضع جرانه (35) ، فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أين صاحبُ هذا البعير ؟ فجاءه فقال : " بِعْنِيهِ " فقال : بل نهبُهُ لكَ يا رسول الله ، وإنه لأهلِ بيتٍ ما لهم معيشةٌ غيرُهُ .
قال : أما إذ ذكرتَ هذا من أمره ، فإنه شكا كثرةَ العمل ، وقلةَ العلفِ ، فأحسنوا إليه " (36) .
وعن عبد الله بن جعفر قال : أردفني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم ، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أُحدثُ به أحداً من الناس ، وكان أحبَّ ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجتِهِ (37) هدفٌ أو حائشُ (38) نخلٍ . فدخلَ حائطاً لرجلٍ من الأنصار فإذا جملٌ ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح سراته (39) إلى سنامه وذفراه (40) . فسَكَنَ فقال : مَن ربُّ هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟ فجاءه فتىً من الأنصار فقال : لي يا رسول الله . فقال : أفلا تتقي اللهَ في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها ؟ فإنه شكا إليَّ أنك تُجعيه وتُدئبُهُ " (41) .
14- خاتم النبوة :
من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة بين كتفيه ، ففي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال : " رأيت خاتماً في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام " .
وفي رواية عنه أيضاً : " ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتمه بين كتفيه ، مل زر الحجلة " .
وروى مسلم أيضاً عن عبد الله بن سرجس قال : " ثم درت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه ، عند ناغض كتفه اليسرى ، جُمعاً عليه خيلان ، كأمثال الثآليل " (42) .
--------------------------------
(1)صحيح مسلم : 4491 .
(2) صحيح البخاري : 4356 ، 4357 . وصحيح مسلم : 2476 وذو الخلصة كما في الحديث بيت للأصنام ، كان في اليمن ، وأحمس كما يقول ابن حجر : على وزن أحمر ، وهم رهط جرير ينسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار ، فتح الباري : (8/91) طبعة الرسالة . الأردن .
(3) صحيح البخاري : 933 ، ومسلم : 897 ، واللفظ للبخاري .
(4) صحيح البخاري : 1013 .
(5) رواه مسلم : 2021 .
(6) صحيح البخاري : 2967 .
(7) اليهودي وكان أعدى أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نبذ عهده وتعرض له بالهجاء .
( رواه البخاري : 4038 .
(9) صحيح البخاري مختصراً : 4039 .
(10) أي : امضِ على رفقك ولينك .
(11) صحيح البخاري : 4210 . وصحيح مسلم : 2406 .
(12) رواه البخاري : 4206 .
(13) رواه في شرح السنة ، ورواه الإمام أحمد في مسنده : (4/172) بسند صحيح كما في المشكاة (3/188) ، بتحقيق شيخنا محمد ناصر الدين الألباني .
(14) صحيح البخاري : 4262 .
(15) صحيح مسلم : (157) (60) بعد الحديث رقم (1012) (59) .
(16) راجع : الإعجاز العلمي في القرآن للدكتور زغلول النجار : 1/66-68. نشر مكتبة الشروق الدولية . القاهرة . الثالثة . 1423 هـ - 2002م .
(17) مشكاة المصابيح : (3/167) وانظر صحيح مسلم : 1779 .
(18) صحيح البخاري : 3120 . وصحيح مسلم : 2918 واللفظ للبخاري .
(19) جامع الأصول : (12/63) .
(20) جامع الأصول : (12/68) .
(21) هو الذي في أنفه الخشاش ، وهو عويدة تجعل في أنف البعير ليكون أسرع انقياداً .
(22) رواه مسلم : 3012 .
(23) رواه في شرح السنة ، ورواه أيضاً أحمد وسنده ضعيف ، لكن له شاهد من حديث جابر رواه الدارمي (1/10) ، فالقصة صحيحة كما قال شيخنا الألباني في التعليق على المشكاة : (3/188) .
(24) رواه الدارمي ، وإسناده صحيح كما في المشكاة : (3/188) .
(25) العنقود .
(26) رواه الترمذي وصححه .
(27) أي : اعلم .
(28) متفق عليه . البخاري (3859) ، ومسلم (450) .
(29) شجرة من أشجار البادية .
(30) تشق .
(31) رواه الدارمي ، وإسناده صحيح كما قال شيخنا محمد ناصر الدين الألباني في تحقيقه لمشكاة المصابيح (3/189) .
(32) رواه مسلم والترمذي .
(33) أي : يستقي عليه .
(34) صاح وردد صوته في حلقه .
(35) مقدم عنقه وقيل : باطن عنقه .
(36) رواه في شرح السنة ، ورواه أحمد وسنده ضعيف لكن له شاهد من حديث جابر رواه الدارمي : (1/10) فالقصة صحيحـة كما قال شيخنا الألباني في المشكاة : (3/188) .
(37) كجدار وشجرة .
(38) أشجار مجتمعة .
(39) السراة : الظهر .
(40) عظم خلف الأذن .
(41) أي : تتعبه ، والحديث رواه أبو داود والحاكم وأحمد وابن عساكر واللفظ له وإسناده صحيح على شرط مسلم فقد أخرجه بهذا الإسناد دون قصة الجمل ( وراجع الأحاديث الصحيحة لشيخنا الألباني : 1/28) .
(42) صحيح مسلم : 2345 ، 2346 . وحديث السائب رواه البخاري : 190 ، 3541 . وناغض الكتف : طرف العظم العريض ، الذي في أعلى طرفه
والخيلان : جمع خال ، وهو الشامة .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:06 pm
المطلب الثالث
الخوارق من غير الأنبياء
كرامات الأولياء :
من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات (1)
الأولياء
وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات
في أنواع العلوم والمكاشفات ، وأنواع القدرة والتأثيرات
(2) .
وقد أنكر طوائف من المسلمين كرامات الأولياء
ومن هؤلاء المعتزلة وحجتهم في دعواهم أنَّ خرق العادة
لو صحَّ من غير الأنبياء لالتبس النبي بالولي
ولم تكن المعجزة دليلاً على صدق الأنبياء
(3) .
وقولهم هذا مردود ، لأن من كرامات الأولياء
ما حدّث به القرآن وصحَّ ذكره في الأحاديث الصحيحة
وتواتر النقل به
والناس يشاهدون شيئاً منه في كل عصر ومصر .
والشبهة التي جاؤوا بها إنما تصحُّ إذا كان الولي
يأتي بالخارق ويدَّعي النبوة ، وهذا لا يقع
ولو ادعى النبوة لم يكن ولياً بل كان متنبئاً كذاباً
(4)
وقد أنكر الإمام أحمد على الذين نفوا كرامات الأنبياء
ولم يصدفوا بها ، وضلَّلَهم
(5) .
حكمة إعطاء الكرامة للولي :
يعطي الله بعض عباده أموراً خارقة للعادة إكراماً لهم
لصلاحهم وقوة إيمانهم ، وقد يكون ذلك سداً لحاجتهم
كالحاجة للطعام والشراب والأمن
وقد يعطيهم ذلك لنصرة دينه
ورفعة كلمته ، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل
(6) .
فمن ذلك ما حدثنا به القرآن الكريم من شأن مريم
فقد كان يوجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف
وفاكهة الصيف في الشتاء
( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ
إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )
[ آل عمران : 37 ] .
ومن ذلك ما جرى لأصحاب الكهف حيث ضرب الله
على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً
وحفظ الله أجسادهم تلك الدهور المتطاولة على النحو الذي حدثنا عنه في سورة الكهف .
ومن ذلك ما وقع لصحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومن ذلك :
الخوارق من غير الأنبياء
كرامات الأولياء :
من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات (1)
الأولياء
وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات
في أنواع العلوم والمكاشفات ، وأنواع القدرة والتأثيرات
(2) .
وقد أنكر طوائف من المسلمين كرامات الأولياء
ومن هؤلاء المعتزلة وحجتهم في دعواهم أنَّ خرق العادة
لو صحَّ من غير الأنبياء لالتبس النبي بالولي
ولم تكن المعجزة دليلاً على صدق الأنبياء
(3) .
وقولهم هذا مردود ، لأن من كرامات الأولياء
ما حدّث به القرآن وصحَّ ذكره في الأحاديث الصحيحة
وتواتر النقل به
والناس يشاهدون شيئاً منه في كل عصر ومصر .
والشبهة التي جاؤوا بها إنما تصحُّ إذا كان الولي
يأتي بالخارق ويدَّعي النبوة ، وهذا لا يقع
ولو ادعى النبوة لم يكن ولياً بل كان متنبئاً كذاباً
(4)
وقد أنكر الإمام أحمد على الذين نفوا كرامات الأنبياء
ولم يصدفوا بها ، وضلَّلَهم
(5) .
حكمة إعطاء الكرامة للولي :
يعطي الله بعض عباده أموراً خارقة للعادة إكراماً لهم
لصلاحهم وقوة إيمانهم ، وقد يكون ذلك سداً لحاجتهم
كالحاجة للطعام والشراب والأمن
وقد يعطيهم ذلك لنصرة دينه
ورفعة كلمته ، إحقاقاً للحق وإبطالاً للباطل
(6) .
فمن ذلك ما حدثنا به القرآن الكريم من شأن مريم
فقد كان يوجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف
وفاكهة الصيف في الشتاء
( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ
إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )
[ آل عمران : 37 ] .
ومن ذلك ما جرى لأصحاب الكهف حيث ضرب الله
على آذانهم في الكهف ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً
وحفظ الله أجسادهم تلك الدهور المتطاولة على النحو الذي حدثنا عنه في سورة الكهف .
ومن ذلك ما وقع لصحابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ومن ذلك :
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:06 pm
أمثلة من الكرامات :
1- نور في العصا :
فمن هؤلاء أسيد بن حُضير
وعباد بن بشر تحدثا عند النبي صلى الله عليه وسلم
في حاجة لهما ، حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة مظلمة
ثم خرجا من عند رسول الله ينقلبان
وبيد كل واحد منهما عصيّة
فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها
حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه
فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله
(7) .
2- الطعام المبارك :
وهذا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه –
يأتي معه بثلاثة أضياف من أهل الصفة
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم
قد أمر المسلمين أن يضيّفوا هؤلاء
وتركهم أبو بكر في منزله كي يضيفهم أهله
وذهب هو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
وجاء في ساعة متأخرة ، فقالت له امرأته :
ما حبسك عن أضيافك ؟ قال : أو ما عشيتهم ؟
قالت: أبوا حتى تجيء ، فغضب
وقال : والله لا أطعمه أبداً ، فحلفت المرأة أن لا تطعمه
وحلف الأضياف أن لا يطعموه ، قال أبو بكر :
هذا من الشيطان ، فدعا بالطعام
فأكل وأكلوا ، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت أسفلها أكثر منها
فقال لامرأته : يا أخت بن فراس ! ما هذا ؟
قالت : وقرة عيني إنها الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات
فأكلوا ، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فذكر أنَّه أكل منها . متفق عليه
( .
فقد كان هذا إكراماً من الله لأبي بكر لفضله
ولأنَّه لم يشتط في غضبه إذ حلف أن لا يأكل من الطعام
وراغم الشيطان ، فأكرمه الله بذلك .
3- سفينة والأسد :
وهذا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخطأ جيش المسلمين بأرض الروم أو أسر
فانطلق هارباً يلتمس الجيش ، فإذا هو بالأسد
فقال : يا أبا الحارث ( كنية للأسد )
أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان من أمري كيت وكيت .
فأقبل الأسد له بصبصة ( أي : تحريك بالذنب )
حتى قام إلى جنبه ، كلّما سمع صوتاً أهوى إليه،
ثمَّ أقبل يمشي إلى جنبه حتى بلغ الجيش ،
ثم رجع الأسد
(9) .
صرخة في المدينة تدوي في الشام :
وهذا عمر بن الخطاب يبعث جيشاً ، ويؤمر عليهم رجلاً يدعى سارية ، وبينما عمر يخطب ، فجعل يصيح يا ساري الجبل ، فقدم رسول من الجيش ، فقال : يا أمير المؤمنين، لقد لقينا عدونا فهزمونا ، فإذا بصائح يصيح : يا ساري الجبل ، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ، فهزمهم الله تعالى (10) .
4- جملة من كرامات الأولياء :
وقد ذكر ابن تيمية جملة من هذه الكرامات غير ما تقدم نسوق إليك بعضها (11) :
فمن ذلك أن خبيب بن عدي كان أسيراً عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى ، وكان يؤتى بعنب يأكله ، وليس بمكة عنبة .
وأم أيمن خرجت مهاجرة ، وليس معها زاد ولا ماء ، فكادت تموت من العطش ، فلما كان وقت الفطر ، وكانت صائمة سمعت حسّأً على رأسها فرفعته ، فإذا دلو معلق ، فشربت منه ، حتى رويت ، وما عطشت بقية عمرها .
والبراء بن مالك كان إذا أقسم على الله تعالى أبرَّ قسمه ، وكان الحرب إذا اشتدَّ على المسلمين في الجهاد يقولون : يا براء ، أقسم على ربّك ، فيقول : يا ربّ ، أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم ، فيعزم العدو ، فلما كان يوم القادسية ، قال : أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم ، وجعلتني أول شهيد ، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً .
وخالد بن الوليد حاصر حصناً منيعاً ، فقالوا : لا نسلم حتى تشرب السمّ ، فشربه فلم يضره .
ولما عذبت (( الزبيرة )) على الإسلام في الله ، فأبت إلاّ الإسلام ، وذهب بصرها ، قال المشركون : أصاب بصرها اللات والعزى ، قالت : كلا والله ، فردّ الله عليهـا بصرها .
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج ، فدخلوا عليه ست مرات ، فدعا الله – عز وجل – فلم يروه ، ودعا على بعض الخوارج كان يؤذيه فخر ميتاً . ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه أكفاناً لم تكن معه قبل ، ووجدوا له قبراً محفوراً فيه لحد في صخرة، فدفنوه فيه ، بعد أن كفنوه في تلك الأثواب .
الاستقامة أعظم كرامة :
ليست الكرامة دليلاً على تفضيل هذا المعطى على غيره ، فقد يعطي الله الكرامة ضعيف الإيمان لتقوية إيمانه ، ومحتاجاً لسدّ حاجته ، ويكون الذي لم يعط مثل ذلك أكمل إيماناً وأعظم ولاية ، وهو لذلك مستغن عن مثل ما أعطي غيره ، ولذلك كانت الأمور الخارقة في التابعين أكثر منها في الصحابة ، وعلى هذا فلا ينبغي أن يشغل المرء نفسه بالتطلع إلى الكرامة ، ولا ينبغي له أن يحزن إذا لم يعطها ، وقد صدق أبو علي الجوزجاني وبرّ حين قال : " كن طالباً للاستقامة " ، لا طالباً للكرامة ، فإنَّ نفسك منجبلة على طلب الكرامة ، وربّك يطلب منك الاستقامة ، قال بعض من فهم قوله : وهذا أصل عظيم كبير في الباب ، وسرّ غفل عن حقيقته كثير من أهل السلوك والطلاب " (12) .
الخوارق والأحوال الشيطانية (13) :
ضلَّ كثير من الناس عندما ظنوا أن كلَّ من جرت على يديه خوارق العادات فهو من أولياء الله الصالحين ، فبعض الناس يطيرون في الهواء ، ويمشون على الماء ، ونحو ذلك ، وهم من أفجر خلق الله ، بل قد يدَّعون النبوة ، مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان ، وادعى النبوة ، وقد أظهر أموراً خارقة للعادة ، فقد كانوا يضعون القيود في رجليه فيخرجها ، ويضرب بالسلاح فلا يؤثر فيه ، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده ، وكان يُري الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء ، ويقول : هي الملائكة ، وهذا وأمثاله من فعل الشياطين ، ولذلك إذا حضر بعض الصالحين هذه الأحوال الشيطانية وذكر الله وقرأ آية الكرسي أو شيئاً من القرآن بطلت أحوالهم هذه ، فهذا الحارث الدمشقي الكذاب لما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه طاعن بالرمح ، فلم ينفذ فيه ، فقال له عبد الملك : إنّك لم تسمّ الله ، فسمّي الله ، فطعنه فقتله (14) .
والمسيح الدجال تجري على يديه أمور خارقة للعادة تذهل من يراها وهو مع ذلك يدعى الألوهية .
فالخوارق ليست دليلاً على أن صاحبها ولي لله تعالى ، فالكرامة سببها الإيمان والتقوى والاستقامة على طاعة الله تعالى ، فإذا كانت الخارقة بسبب الكفر والشرك والطغيان والظلم والفسق فهي من الأحوال الشيطانية ، لا من الكرامات الرحمانية .
--------------------------------
(1) يعرف علماء التوحيد الكرامة بأنها أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ، ولا هو مقدمة لها ، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي مكلف بشريعته ، مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح ، علم بها ذلك العبد أم لم يعلم ( لوامع الأنوار البهية : 2/393 ) .
(2) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 3/156 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية : ص563 .
(4) المصدر السابق .
(5) لوامع الأنوار البهية : 2/393 .
(6) كثير من أهل الكلام لا يثبتون خوارق العادة إلا للأنبياء ، ولا يثبتونها لأحد غيرهم ( شرح الطحاوية ص 158) .
(7) مشكاة المصابيح : (3/197) ، وأخرجه أحمد في ((المسند)): 19/396 (12404) ، وأخرجه بنحوه البخاري : (465) و (3639) و(3805) .
( مشكاة المصابيح : (3/198) .
(9) قال التبريزي في مشكاة المصابيح : رواه في شرح السنة ، وقال المحقق : ورواه الحاكم بنحوه ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي وهو كما قالا ( مشكاة المصابيح : 3/199 ) .
(10) قال التبريزي : رواه البيهقي في دلائل النبوة وقال محقق المشكاة : ورواه ابن عساكر بإسناد حسن نحوه .
(11) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/276-281 .
(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : (11/320) .
(13) ارجع في هذا المبحث إلى كتاب أ.د. عمر الأشقر : عالم الجن والشياطين .
(14) راجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام : (11/284-285) .
1- نور في العصا :
فمن هؤلاء أسيد بن حُضير
وعباد بن بشر تحدثا عند النبي صلى الله عليه وسلم
في حاجة لهما ، حتى ذهب من الليل ساعة في ليلة شديدة مظلمة
ثم خرجا من عند رسول الله ينقلبان
وبيد كل واحد منهما عصيّة
فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها
حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه
فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله
(7) .
2- الطعام المبارك :
وهذا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه –
يأتي معه بثلاثة أضياف من أهل الصفة
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم
قد أمر المسلمين أن يضيّفوا هؤلاء
وتركهم أبو بكر في منزله كي يضيفهم أهله
وذهب هو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
وجاء في ساعة متأخرة ، فقالت له امرأته :
ما حبسك عن أضيافك ؟ قال : أو ما عشيتهم ؟
قالت: أبوا حتى تجيء ، فغضب
وقال : والله لا أطعمه أبداً ، فحلفت المرأة أن لا تطعمه
وحلف الأضياف أن لا يطعموه ، قال أبو بكر :
هذا من الشيطان ، فدعا بالطعام
فأكل وأكلوا ، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربت أسفلها أكثر منها
فقال لامرأته : يا أخت بن فراس ! ما هذا ؟
قالت : وقرة عيني إنها الآن لأكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات
فأكلوا ، وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فذكر أنَّه أكل منها . متفق عليه
( .
فقد كان هذا إكراماً من الله لأبي بكر لفضله
ولأنَّه لم يشتط في غضبه إذ حلف أن لا يأكل من الطعام
وراغم الشيطان ، فأكرمه الله بذلك .
3- سفينة والأسد :
وهذا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخطأ جيش المسلمين بأرض الروم أو أسر
فانطلق هارباً يلتمس الجيش ، فإذا هو بالأسد
فقال : يا أبا الحارث ( كنية للأسد )
أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان من أمري كيت وكيت .
فأقبل الأسد له بصبصة ( أي : تحريك بالذنب )
حتى قام إلى جنبه ، كلّما سمع صوتاً أهوى إليه،
ثمَّ أقبل يمشي إلى جنبه حتى بلغ الجيش ،
ثم رجع الأسد
(9) .
صرخة في المدينة تدوي في الشام :
وهذا عمر بن الخطاب يبعث جيشاً ، ويؤمر عليهم رجلاً يدعى سارية ، وبينما عمر يخطب ، فجعل يصيح يا ساري الجبل ، فقدم رسول من الجيش ، فقال : يا أمير المؤمنين، لقد لقينا عدونا فهزمونا ، فإذا بصائح يصيح : يا ساري الجبل ، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل ، فهزمهم الله تعالى (10) .
4- جملة من كرامات الأولياء :
وقد ذكر ابن تيمية جملة من هذه الكرامات غير ما تقدم نسوق إليك بعضها (11) :
فمن ذلك أن خبيب بن عدي كان أسيراً عند المشركين بمكة شرفها الله تعالى ، وكان يؤتى بعنب يأكله ، وليس بمكة عنبة .
وأم أيمن خرجت مهاجرة ، وليس معها زاد ولا ماء ، فكادت تموت من العطش ، فلما كان وقت الفطر ، وكانت صائمة سمعت حسّأً على رأسها فرفعته ، فإذا دلو معلق ، فشربت منه ، حتى رويت ، وما عطشت بقية عمرها .
والبراء بن مالك كان إذا أقسم على الله تعالى أبرَّ قسمه ، وكان الحرب إذا اشتدَّ على المسلمين في الجهاد يقولون : يا براء ، أقسم على ربّك ، فيقول : يا ربّ ، أقسمت عليك لما منحتنا أكتافهم ، فيعزم العدو ، فلما كان يوم القادسية ، قال : أقسمت عليك يا ربّ لما منحتنا أكتافهم ، وجعلتني أول شهيد ، فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيداً .
وخالد بن الوليد حاصر حصناً منيعاً ، فقالوا : لا نسلم حتى تشرب السمّ ، فشربه فلم يضره .
ولما عذبت (( الزبيرة )) على الإسلام في الله ، فأبت إلاّ الإسلام ، وذهب بصرها ، قال المشركون : أصاب بصرها اللات والعزى ، قالت : كلا والله ، فردّ الله عليهـا بصرها .
وتغيب الحسن البصري عن الحجاج ، فدخلوا عليه ست مرات ، فدعا الله – عز وجل – فلم يروه ، ودعا على بعض الخوارج كان يؤذيه فخر ميتاً . ولما مات أويس القرني وجدوا في ثيابه أكفاناً لم تكن معه قبل ، ووجدوا له قبراً محفوراً فيه لحد في صخرة، فدفنوه فيه ، بعد أن كفنوه في تلك الأثواب .
الاستقامة أعظم كرامة :
ليست الكرامة دليلاً على تفضيل هذا المعطى على غيره ، فقد يعطي الله الكرامة ضعيف الإيمان لتقوية إيمانه ، ومحتاجاً لسدّ حاجته ، ويكون الذي لم يعط مثل ذلك أكمل إيماناً وأعظم ولاية ، وهو لذلك مستغن عن مثل ما أعطي غيره ، ولذلك كانت الأمور الخارقة في التابعين أكثر منها في الصحابة ، وعلى هذا فلا ينبغي أن يشغل المرء نفسه بالتطلع إلى الكرامة ، ولا ينبغي له أن يحزن إذا لم يعطها ، وقد صدق أبو علي الجوزجاني وبرّ حين قال : " كن طالباً للاستقامة " ، لا طالباً للكرامة ، فإنَّ نفسك منجبلة على طلب الكرامة ، وربّك يطلب منك الاستقامة ، قال بعض من فهم قوله : وهذا أصل عظيم كبير في الباب ، وسرّ غفل عن حقيقته كثير من أهل السلوك والطلاب " (12) .
الخوارق والأحوال الشيطانية (13) :
ضلَّ كثير من الناس عندما ظنوا أن كلَّ من جرت على يديه خوارق العادات فهو من أولياء الله الصالحين ، فبعض الناس يطيرون في الهواء ، ويمشون على الماء ، ونحو ذلك ، وهم من أفجر خلق الله ، بل قد يدَّعون النبوة ، مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان ، وادعى النبوة ، وقد أظهر أموراً خارقة للعادة ، فقد كانوا يضعون القيود في رجليه فيخرجها ، ويضرب بالسلاح فلا يؤثر فيه ، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده ، وكان يُري الناس رجالاً وركباناً على خيل في الهواء ، ويقول : هي الملائكة ، وهذا وأمثاله من فعل الشياطين ، ولذلك إذا حضر بعض الصالحين هذه الأحوال الشيطانية وذكر الله وقرأ آية الكرسي أو شيئاً من القرآن بطلت أحوالهم هذه ، فهذا الحارث الدمشقي الكذاب لما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه طاعن بالرمح ، فلم ينفذ فيه ، فقال له عبد الملك : إنّك لم تسمّ الله ، فسمّي الله ، فطعنه فقتله (14) .
والمسيح الدجال تجري على يديه أمور خارقة للعادة تذهل من يراها وهو مع ذلك يدعى الألوهية .
فالخوارق ليست دليلاً على أن صاحبها ولي لله تعالى ، فالكرامة سببها الإيمان والتقوى والاستقامة على طاعة الله تعالى ، فإذا كانت الخارقة بسبب الكفر والشرك والطغيان والظلم والفسق فهي من الأحوال الشيطانية ، لا من الكرامات الرحمانية .
--------------------------------
(1) يعرف علماء التوحيد الكرامة بأنها أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوى النبوة ، ولا هو مقدمة لها ، يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي مكلف بشريعته ، مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل الصالح ، علم بها ذلك العبد أم لم يعلم ( لوامع الأنوار البهية : 2/393 ) .
(2) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 3/156 .
(3) شرح العقيدة الطحاوية : ص563 .
(4) المصدر السابق .
(5) لوامع الأنوار البهية : 2/393 .
(6) كثير من أهل الكلام لا يثبتون خوارق العادة إلا للأنبياء ، ولا يثبتونها لأحد غيرهم ( شرح الطحاوية ص 158) .
(7) مشكاة المصابيح : (3/197) ، وأخرجه أحمد في ((المسند)): 19/396 (12404) ، وأخرجه بنحوه البخاري : (465) و (3639) و(3805) .
( مشكاة المصابيح : (3/198) .
(9) قال التبريزي في مشكاة المصابيح : رواه في شرح السنة ، وقال المحقق : ورواه الحاكم بنحوه ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي وهو كما قالا ( مشكاة المصابيح : 3/199 ) .
(10) قال التبريزي : رواه البيهقي في دلائل النبوة وقال محقق المشكاة : ورواه ابن عساكر بإسناد حسن نحوه .
(11) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/276-281 .
(12) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : (11/320) .
(13) ارجع في هذا المبحث إلى كتاب أ.د. عمر الأشقر : عالم الجن والشياطين .
(14) راجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام : (11/284-285) .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:07 pm
بشارات الأمم السّابقة
.....................
*******************************
قال تعالى :
( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ )
[الشعراء : 197]
فالآية تبين أنَّ من الآيات البينات
الدالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم
وصدق ما جاء به – علم بني إسرائيل بذلك
وهو علم مسجل محفوظ مكتوب في كتبهم التي يتداولونها
كما قال تعالى : ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )
[ الشعراء : 196 ] .
المطلب الأول
القرآن يتحدث عن بشارات الأنبياء السابقين
بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
...............
************************
القرآن المنزل إلينا من ربنا العليم الخبير
يحدثنا أن ذكر محمد وأمته موجود في الكتب السماوية السابقة
وأنَّ الأنبياء السابقين بشروا به
وقد فهم جمع من المفسرين من قوله تعالى :
( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ
لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ )
[ آل عمران :81 ]
– أنّ الله أخذ العهد والميثاق على كلّ نبي
لئن بُعث محمد صلى الله عليه وسلم
في حياته ليؤمنن به ويترك شرعه لشرعه
وعلى ذلك فإن ذكره موجود عند كل الأنبياء السابقين .
1- دعوة إبراهيم :
عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنَّه قال : " إني عند الله مكتوب خاتم النبيين
وإنَّ آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري
دعوةُ إبراهيم، وبشارة عيسى
ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني
أنه خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام "
رواه في شرح السنة
(1) .
وقد أخبرنا الله أنَّ خليل الرحمن إبراهيم وابنه إسماعيل
كان يبنيان البيت الحرام ويدعوان
ومن دعائهما ما قصه علينا في سورة البقرة
( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ -
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ -
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )
[ البقرة : 127-129 ] .
وقد استجاب الله دعاء خليله إبراهيم وابنه نبيّ الله إسماعيل
وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو تأويل تلك الاستجابة
ولا تزال التوراة الموجودة اليوم
– على الرغم مما أصابها من تحريف –
تحمل شيئاً من هذه البشارة
فنجد فيها أنَّ الله استجاب دعاء إبراهيم في إسماعيل
فقد ورد في التوراة في سفر التكوين في
الإصحاح السابع عشر فقرة (20) :
" وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه
ها أنا أباركه وأثمره ، وأكثره كثيراً جداً
اثني عشر رئيساً يلد ، وأجعله أمّة عظيمة كبيرة " .
وهذا النصُّ ورد في التوراة السامرية
بألفاظ قريبة جداً مما أثبتناه هنا
والترجمة الحرفية للتوراة العبرانية لهذا النص :
" وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه
ها أنا أباركه وأكثره (( بمأد مأد )) (2)
وقد ذكر ابن القيم أنَّ بعض نسخ التوراة القديمة
أوردت النص كما أثبتناه هنا .
ودلالة هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وجوه :
الأول :
أنَّ الأمة العظيمة عند الله لا بدَّ أن تكون مسلمة
ولم توجد هذه الأمّة من نسل إسماعيل
إلاّ بعد بعثة الرسول وانتشار المسلمين في المشارق والمغارب .
الثاني : النصّ العبراني (( مأد مأد ))
صريح في اسم الرسول صلى الله عليه وسلم فالمترجمون ترجموه
(( جداً جداً أو كثيراً كثيراً ))
والصواب هو : محمد ، لأنها تلفظ بالعبراني
(( مؤد مؤد ))
واللفظ العبراني قريب من العربي .
الثالث :
قوله : اثني عشر رئيساً يلد
هذا موافق لأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه سيلي أمر هذه الأمة اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش .
2- بشارة موسى :
لقد جاء بني إسرائيل الخبرُ اليقين الأميّ
على يد نبي الله موسى منذ أمد بعيد ، جاءهم الخبر اليقين ببعثه
وبصفاته ، ونهج رسالته ، وبخصائص ملته
فهو النبي الأمي ، وهو يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر
ويحلُّ لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
يضع عن من يؤمنون به من بني إسرائيل الأثقال والأغلال
التي علم الله أنها ستفرض عليهم بسبب معصيتهم
فيرفعها عنهم النبيُّ الأمي حين يؤمنون به
وأتباع هذا النبي يتقون ربهم
ويخرجون زكاة أموالهم ويؤمنون بآيات الله ..
وجاءهم الخبر اليقين بأن الذين يؤمنون بهذا النبي الأمي
ويعظمونه ويوقرونه وينصرونه ويؤيدونه
ويتبعون النور الذي أنزل معه
(( أولئك هم المفلحون )) .
قال تعالى :
( عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ
- الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ
الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ
الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
[الأعراف : 156-157] .
بقية هذه البشارة في التوراة :
وقد بقي من هذه البشارة بقية في التوراة ، ففي سفر التثنية ، الإصحاح (18) فقرة 18-19 قال الله لموسى : " أقيم لهم [ أي لبني إسرائيل ] نبياً من وسط إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فمه ، فيكلمهم بكل ما أوصيه به ، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع كلامي الذي يتكلّم به باسمي أنا أطالبه " .
ودلالة هذه البشارة على رسولنا صلى الله عليه وسلم بيَّنه ، ذلك أنّه من بني إسماعيل وهم إخوة بني إسرائيل ، فجدُّهم هو إسحاق ، وإسماعيل وإسحاق أخوان ، ثم هو أوسط العرب نسباً ، وقوله : مثلك ، أي : صاحب شريعة مثل موسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي جعل الله كلامه في فمه حيث كان أميّاً لا يقرأ من الصحف ، ولكنَّ الله يوحي إليه كلامه ، فيحفظه ويرتله ، وهو الرسول المرسل إلى الناس كافة ، وبنو إسرائيل مطالبون باتباعه وترك شريعتهم لشريعته ، ومن لم يفعل فإنَّ الله معذبه (( ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه )) .
ومما يعرفنا أنَّ هذه البشارة هي بقية البشارة العظيمة التي أوحى الله بها إلى موسى ، وأخبرنا بها القرآن الكريم ، أن هذه البشارة وردت في موقف معين ، فعندما اختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقات الله أخذتهم الرجفة ، وذلك بسبب طلبهم رؤية الله جلَّ وعلا ، فدعا موسى ربَّه وتوسل إليه ، فبعثهم الله من بعد موتهم ، قال الله بعد توسل موسى ودعائه ( عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ .. ) الآيات .
وإذا رجعت إلى التوراة في سفر الخروج تجد أنَّ هذه البشارة إنما أوحى الله بها إلى موسى بعد ذهابه لميقات الله ، وتتحدث التوراة عن شيء قريب من الرجفة (( وكل الشعب سمع الأصوات وصوت البوق ، ونظروا الشهب والجبل دخاناً ونظر كل القوم وتشردوا ووقفوا من بعد ..)) سفر الخروج ، الإصحاح (20) فقرة : 18 . (( وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق ، وصوت البوق والجبل يدخن ، ولما رأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد .. )) .
3- بشارة عيسى :
وأخبرنا الله – سبحانه – أن عيسى بشر برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) [الصف : 6] .
وأحمد من أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ لي أسماء ، أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب " (3) .
مثلان في التوراة والإنجيل :
ضرب الله في التوراة والإنجيل مثلين لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )[ الفتح : 29 ] .
--------------------------------
(1)مشكاة المصابيح للتبريزي : 3/127 وقال الشيخ ناصر الدين الألباني : حديث صحيح وانظره في صحيح موارد الظمآن للشيخ ناصر الدين الألباني : 1756 ، 2093 ، وانظره في سلسلة الصحيحة : 1546 ، 1925 .
(2) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص250 ، محمد نبي الإسلام : ص3 .
(3) صحيح البخاري : 4896
وصحيح مسلم : 2354 .
.....................
*******************************
قال تعالى :
( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ )
[الشعراء : 197]
فالآية تبين أنَّ من الآيات البينات
الدالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم
وصدق ما جاء به – علم بني إسرائيل بذلك
وهو علم مسجل محفوظ مكتوب في كتبهم التي يتداولونها
كما قال تعالى : ( وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ )
[ الشعراء : 196 ] .
المطلب الأول
القرآن يتحدث عن بشارات الأنبياء السابقين
بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
...............
************************
القرآن المنزل إلينا من ربنا العليم الخبير
يحدثنا أن ذكر محمد وأمته موجود في الكتب السماوية السابقة
وأنَّ الأنبياء السابقين بشروا به
وقد فهم جمع من المفسرين من قوله تعالى :
( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ
لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ
ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ
وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ )
[ آل عمران :81 ]
– أنّ الله أخذ العهد والميثاق على كلّ نبي
لئن بُعث محمد صلى الله عليه وسلم
في حياته ليؤمنن به ويترك شرعه لشرعه
وعلى ذلك فإن ذكره موجود عند كل الأنبياء السابقين .
1- دعوة إبراهيم :
عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنَّه قال : " إني عند الله مكتوب خاتم النبيين
وإنَّ آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري
دعوةُ إبراهيم، وبشارة عيسى
ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني
أنه خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام "
رواه في شرح السنة
(1) .
وقد أخبرنا الله أنَّ خليل الرحمن إبراهيم وابنه إسماعيل
كان يبنيان البيت الحرام ويدعوان
ومن دعائهما ما قصه علينا في سورة البقرة
( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ -
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ
وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ -
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ )
[ البقرة : 127-129 ] .
وقد استجاب الله دعاء خليله إبراهيم وابنه نبيّ الله إسماعيل
وكان محمد صلى الله عليه وسلم هو تأويل تلك الاستجابة
ولا تزال التوراة الموجودة اليوم
– على الرغم مما أصابها من تحريف –
تحمل شيئاً من هذه البشارة
فنجد فيها أنَّ الله استجاب دعاء إبراهيم في إسماعيل
فقد ورد في التوراة في سفر التكوين في
الإصحاح السابع عشر فقرة (20) :
" وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه
ها أنا أباركه وأثمره ، وأكثره كثيراً جداً
اثني عشر رئيساً يلد ، وأجعله أمّة عظيمة كبيرة " .
وهذا النصُّ ورد في التوراة السامرية
بألفاظ قريبة جداً مما أثبتناه هنا
والترجمة الحرفية للتوراة العبرانية لهذا النص :
" وأمّا إسماعيل فقد سمعت لك فيه
ها أنا أباركه وأكثره (( بمأد مأد )) (2)
وقد ذكر ابن القيم أنَّ بعض نسخ التوراة القديمة
أوردت النص كما أثبتناه هنا .
ودلالة هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من وجوه :
الأول :
أنَّ الأمة العظيمة عند الله لا بدَّ أن تكون مسلمة
ولم توجد هذه الأمّة من نسل إسماعيل
إلاّ بعد بعثة الرسول وانتشار المسلمين في المشارق والمغارب .
الثاني : النصّ العبراني (( مأد مأد ))
صريح في اسم الرسول صلى الله عليه وسلم فالمترجمون ترجموه
(( جداً جداً أو كثيراً كثيراً ))
والصواب هو : محمد ، لأنها تلفظ بالعبراني
(( مؤد مؤد ))
واللفظ العبراني قريب من العربي .
الثالث :
قوله : اثني عشر رئيساً يلد
هذا موافق لأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه سيلي أمر هذه الأمة اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش .
2- بشارة موسى :
لقد جاء بني إسرائيل الخبرُ اليقين الأميّ
على يد نبي الله موسى منذ أمد بعيد ، جاءهم الخبر اليقين ببعثه
وبصفاته ، ونهج رسالته ، وبخصائص ملته
فهو النبي الأمي ، وهو يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر
ويحلُّ لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
يضع عن من يؤمنون به من بني إسرائيل الأثقال والأغلال
التي علم الله أنها ستفرض عليهم بسبب معصيتهم
فيرفعها عنهم النبيُّ الأمي حين يؤمنون به
وأتباع هذا النبي يتقون ربهم
ويخرجون زكاة أموالهم ويؤمنون بآيات الله ..
وجاءهم الخبر اليقين بأن الذين يؤمنون بهذا النبي الأمي
ويعظمونه ويوقرونه وينصرونه ويؤيدونه
ويتبعون النور الذي أنزل معه
(( أولئك هم المفلحون )) .
قال تعالى :
( عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ
- الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ
الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ
الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
[الأعراف : 156-157] .
بقية هذه البشارة في التوراة :
وقد بقي من هذه البشارة بقية في التوراة ، ففي سفر التثنية ، الإصحاح (18) فقرة 18-19 قال الله لموسى : " أقيم لهم [ أي لبني إسرائيل ] نبياً من وسط إخوتهم مثلك ، وأجعل كلامي في فمه ، فيكلمهم بكل ما أوصيه به ، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع كلامي الذي يتكلّم به باسمي أنا أطالبه " .
ودلالة هذه البشارة على رسولنا صلى الله عليه وسلم بيَّنه ، ذلك أنّه من بني إسماعيل وهم إخوة بني إسرائيل ، فجدُّهم هو إسحاق ، وإسماعيل وإسحاق أخوان ، ثم هو أوسط العرب نسباً ، وقوله : مثلك ، أي : صاحب شريعة مثل موسى ، ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الذي جعل الله كلامه في فمه حيث كان أميّاً لا يقرأ من الصحف ، ولكنَّ الله يوحي إليه كلامه ، فيحفظه ويرتله ، وهو الرسول المرسل إلى الناس كافة ، وبنو إسرائيل مطالبون باتباعه وترك شريعتهم لشريعته ، ومن لم يفعل فإنَّ الله معذبه (( ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به باسمي أنا أطالبه )) .
ومما يعرفنا أنَّ هذه البشارة هي بقية البشارة العظيمة التي أوحى الله بها إلى موسى ، وأخبرنا بها القرآن الكريم ، أن هذه البشارة وردت في موقف معين ، فعندما اختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقات الله أخذتهم الرجفة ، وذلك بسبب طلبهم رؤية الله جلَّ وعلا ، فدعا موسى ربَّه وتوسل إليه ، فبعثهم الله من بعد موتهم ، قال الله بعد توسل موسى ودعائه ( عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ .. ) الآيات .
وإذا رجعت إلى التوراة في سفر الخروج تجد أنَّ هذه البشارة إنما أوحى الله بها إلى موسى بعد ذهابه لميقات الله ، وتتحدث التوراة عن شيء قريب من الرجفة (( وكل الشعب سمع الأصوات وصوت البوق ، ونظروا الشهب والجبل دخاناً ونظر كل القوم وتشردوا ووقفوا من بعد ..)) سفر الخروج ، الإصحاح (20) فقرة : 18 . (( وكان جميع الشعب يرون الرعود والبروق ، وصوت البوق والجبل يدخن ، ولما رأى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد .. )) .
3- بشارة عيسى :
وأخبرنا الله – سبحانه – أن عيسى بشر برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ) [الصف : 6] .
وأحمد من أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت في صحيح البخاري عن جبير بن مطعم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنَّ لي أسماء ، أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب " (3) .
مثلان في التوراة والإنجيل :
ضرب الله في التوراة والإنجيل مثلين لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ولأصحابه : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا )[ الفتح : 29 ] .
--------------------------------
(1)مشكاة المصابيح للتبريزي : 3/127 وقال الشيخ ناصر الدين الألباني : حديث صحيح وانظره في صحيح موارد الظمآن للشيخ ناصر الدين الألباني : 1756 ، 2093 ، وانظره في سلسلة الصحيحة : 1546 ، 1925 .
(2) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص250 ، محمد نبي الإسلام : ص3 .
(3) صحيح البخاري : 4896
وصحيح مسلم : 2354 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:08 pm
المطلب الثاني
بشائر التوراة وأسفار الأنبياء
************************************
التوراة التي بين أيدي الناس اليوم محرَّفة مغيرة يدلك على ذلك هذا الاختلاف الذي تجده في أمور كثيرة بين نسخها وطبعاتها
فهناك ثلاث نسخ للتوراة : العبرانية ، واليونانية، والسامرية
وكلُّ قوم يدَّعون أن نسختهم هي الصحيحة
وهناك فروق واضحة بين طبعات التوراة وترجماتها .
وقد أدى هذا التحريف
إلى ذهاب كثير من البشارات أو طمس معالمها
ومع ذلك فقد بقي من هذه البشارات شيء كثير
ولا تخفى هذه البشارات على من يتأملها
ويعرضها على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
متجرداً من الهوى .
1- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه في التوراة :
لقد صرح بعض هذه البشارات باسم محمد
صلى الله عليه وسلم
وقد اطلع بعض علماء المسلمين على هذ
ه النصوص ولكنَّ التحريف المستمر لهذا الكتاب
أتى على هذه النصوص ، فمن ذلك ما ورد في سفر أشعيا
(1) :
" إني جعلت أمرك محمداً ، يا محمد يا قدوس الربّ
اسمك موجود من الأبد "
(2) .
وقوله إن اسم محمد موجود من الأبد موافق
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إني مكتوب عند الله خاتم النبيين
وإن آدم لمنجدل في طينته "
(3) .
وفي التوراة العبرانية في الإصحاح الثالث من سفر حبقوق :
" وامتلأت الأرض من تحميد أحمد ، ملك بيمينه رقاب الأمم " .
وفي النسخة المطبوعة في لندن قديماً سنة 1848
والأخرى المطبوعة في بيروت سنة 1884
والنسخ القديمة تجد في سفر حبقوق
النص في غاية الصراحة والوضوح :
" لقد أضاءت السماء من بهاء محمد ، امتلأت الأرض من حمده
.. زجرك في الأنهار ، واحتدام صوتك في البحار
يا محمد ادن ، لقد رأتك الجبال فارتاعت " .
2- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر يتعلق به :
وفي بعض الأحيان يذكر مكان مبعثه
ففي سفر التثنية الإصحاح الثالث والثلاثون
فقرة : (2) : " جاء الربّ من سيناء ، وأشرق لهم من سعير
وتلألأ من جبل فاران
" وسيناء هي الموضع الذي كلّم الله فيه موسى
وساعير الموضع الذي أوحى الله فيه لعيسى
وفاران هي جبال مكة
حيث أوحى الله لمحمد صلى الله عليه وسلم
وكون جبال فاران هي مكة ، دلت عليه نصوص من التوراة
وقد جمع الله هذه الأماكن المقدسة في قوله :
( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ - وَطُورِ سِينِينَ - وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ )
[ التين : 1-3 ] .
وذكرت التوراة مكان الوحي إليه
ففي سفر أشعيا الإصحاح (21) فقرة :
(13)" وحي من جهة بلاد العرب في الوعر "
وقد كان بدء الوحي في بلاد العرب في الوعر في غار حراء .
وفي هذا الموضع من التوراة فقرة :
(14) حديث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
وإشارة إلى الجهة التي هاجر إليها
" هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء
وافوا الهارب بخبزة ، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا
من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة
ومن أمام شدة الحرب " وتيماء من أعمال المدينة المنورة
وإذا نظرت في النص ظهر لك بوضوح
أنه يتحدث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتكملة النص السابق فقرة : (16)
يقول :
" فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير
يفنى كل مجد قيدار ، وبقية قسى أبطال بني قيدار تقلّ
لأنَّ الربّ إله إسرائيل قد تكلم " .
وهذا النص يتحدث عن معركة بدر
فإنّه بعد سنة كسنة الأجير من الهجرة كانت وقعة بدر
وفنى مجد قيدار ، وقيدار من أولاد إسماعيل
وأبناؤه أهل مكة
وقد قلت قسى أبناء قيدار بعد غزوة بدر .
3- إشارة التوراة إلى معلم من معالم مهاجر الرسول :
وأشارت بعض نصوص التوراة إلى مكان هجرة الرسول
صلى الله عليه وسلم ، ففي سفر أشعيا الإصحاح
(42) فقرة : (11) " لترفع البريّة ومدنها صوتها
الديار التي سكنها قيدار
لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
ليعطوا الربَّ مجداً .. " .
وقيدار أحد أبناء إسماعيل كما جاء في سفر التكوين إصحاح
(25) عدد (13) .
وسالع جبل سلع في المدينة المنورة .
والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان
ولا يزال يشقُّ أجواز الفضاء كلّ يوم خمس مرات
وذلك التكبير والتحميد في الأعياد وفي أطراف النهار
وآناء الليل كانت تهتف به الأفواه الطاهرة
من أهل المدينة الطيبة الرابضة بجانب سلع .
4- إشارة التوراة إلى أمور جرت على يديه صلى الله عليه وسلم :
وقد تذكر النصوص انتشار دعوته وبعض ما يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي سفر حبقوق الإصحاح الثالث فقرة : (3-6) : " الله جاء من تيمان ، والقدوس من جبال فاران ، سلاه جلاله غطى السماوات والأرض ، امتلأت من تسبيحه ، وكان لمعان كالنور ، له من يده شعاع ، وهناك استنارت قدرته ، قدامه ذهب الوبا ، وعند رجليه خرجت الحمّى ، وقف وقاس الأرض ، نظر ، فرجفت الأمم ، ودكت الجبال الدهرية ، وخسفت آكام القدم " .
ففي هذه البشارة إخبار بالنصر العظيم الذي حازه الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه ، وإخبار بانتشار دعوته في شتى بقاع الأرض ، وبأن الجبال الدهرية وهي الدول القويّة ذات المجد القديم ستدك ، وآكام القدم وهي الدول الأقل ستخسف ، وقد تحقق ذلك كله ، وأشارت هذه البشارة إلى أمرين يدركهما من كان عليماً بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخباره ، وهما : لمعان كالنور له من يده ، وذهاب الوبا من قدامه
وخروج الحمّى من عند رجليه .
بشائر التوراة وأسفار الأنبياء
************************************
التوراة التي بين أيدي الناس اليوم محرَّفة مغيرة يدلك على ذلك هذا الاختلاف الذي تجده في أمور كثيرة بين نسخها وطبعاتها
فهناك ثلاث نسخ للتوراة : العبرانية ، واليونانية، والسامرية
وكلُّ قوم يدَّعون أن نسختهم هي الصحيحة
وهناك فروق واضحة بين طبعات التوراة وترجماتها .
وقد أدى هذا التحريف
إلى ذهاب كثير من البشارات أو طمس معالمها
ومع ذلك فقد بقي من هذه البشارات شيء كثير
ولا تخفى هذه البشارات على من يتأملها
ويعرضها على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
متجرداً من الهوى .
1- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه في التوراة :
لقد صرح بعض هذه البشارات باسم محمد
صلى الله عليه وسلم
وقد اطلع بعض علماء المسلمين على هذ
ه النصوص ولكنَّ التحريف المستمر لهذا الكتاب
أتى على هذه النصوص ، فمن ذلك ما ورد في سفر أشعيا
(1) :
" إني جعلت أمرك محمداً ، يا محمد يا قدوس الربّ
اسمك موجود من الأبد "
(2) .
وقوله إن اسم محمد موجود من الأبد موافق
لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إني مكتوب عند الله خاتم النبيين
وإن آدم لمنجدل في طينته "
(3) .
وفي التوراة العبرانية في الإصحاح الثالث من سفر حبقوق :
" وامتلأت الأرض من تحميد أحمد ، ملك بيمينه رقاب الأمم " .
وفي النسخة المطبوعة في لندن قديماً سنة 1848
والأخرى المطبوعة في بيروت سنة 1884
والنسخ القديمة تجد في سفر حبقوق
النص في غاية الصراحة والوضوح :
" لقد أضاءت السماء من بهاء محمد ، امتلأت الأرض من حمده
.. زجرك في الأنهار ، واحتدام صوتك في البحار
يا محمد ادن ، لقد رأتك الجبال فارتاعت " .
2- ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر يتعلق به :
وفي بعض الأحيان يذكر مكان مبعثه
ففي سفر التثنية الإصحاح الثالث والثلاثون
فقرة : (2) : " جاء الربّ من سيناء ، وأشرق لهم من سعير
وتلألأ من جبل فاران
" وسيناء هي الموضع الذي كلّم الله فيه موسى
وساعير الموضع الذي أوحى الله فيه لعيسى
وفاران هي جبال مكة
حيث أوحى الله لمحمد صلى الله عليه وسلم
وكون جبال فاران هي مكة ، دلت عليه نصوص من التوراة
وقد جمع الله هذه الأماكن المقدسة في قوله :
( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ - وَطُورِ سِينِينَ - وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ )
[ التين : 1-3 ] .
وذكرت التوراة مكان الوحي إليه
ففي سفر أشعيا الإصحاح (21) فقرة :
(13)" وحي من جهة بلاد العرب في الوعر "
وقد كان بدء الوحي في بلاد العرب في الوعر في غار حراء .
وفي هذا الموضع من التوراة فقرة :
(14) حديث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
وإشارة إلى الجهة التي هاجر إليها
" هاتوا ماءً لملاقاة العطشان يا سكان أرض تيماء
وافوا الهارب بخبزة ، فإنهم من أمام السيوف قد هربوا
من أمام السيف المسلول ، ومن أمام القوس المشدودة
ومن أمام شدة الحرب " وتيماء من أعمال المدينة المنورة
وإذا نظرت في النص ظهر لك بوضوح
أنه يتحدث عن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم .
وتكملة النص السابق فقرة : (16)
يقول :
" فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير
يفنى كل مجد قيدار ، وبقية قسى أبطال بني قيدار تقلّ
لأنَّ الربّ إله إسرائيل قد تكلم " .
وهذا النص يتحدث عن معركة بدر
فإنّه بعد سنة كسنة الأجير من الهجرة كانت وقعة بدر
وفنى مجد قيدار ، وقيدار من أولاد إسماعيل
وأبناؤه أهل مكة
وقد قلت قسى أبناء قيدار بعد غزوة بدر .
3- إشارة التوراة إلى معلم من معالم مهاجر الرسول :
وأشارت بعض نصوص التوراة إلى مكان هجرة الرسول
صلى الله عليه وسلم ، ففي سفر أشعيا الإصحاح
(42) فقرة : (11) " لترفع البريّة ومدنها صوتها
الديار التي سكنها قيدار
لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا
ليعطوا الربَّ مجداً .. " .
وقيدار أحد أبناء إسماعيل كما جاء في سفر التكوين إصحاح
(25) عدد (13) .
وسالع جبل سلع في المدينة المنورة .
والترنم والهتاف ذلك الأذان الذي كان
ولا يزال يشقُّ أجواز الفضاء كلّ يوم خمس مرات
وذلك التكبير والتحميد في الأعياد وفي أطراف النهار
وآناء الليل كانت تهتف به الأفواه الطاهرة
من أهل المدينة الطيبة الرابضة بجانب سلع .
4- إشارة التوراة إلى أمور جرت على يديه صلى الله عليه وسلم :
وقد تذكر النصوص انتشار دعوته وبعض ما يكون من الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي سفر حبقوق الإصحاح الثالث فقرة : (3-6) : " الله جاء من تيمان ، والقدوس من جبال فاران ، سلاه جلاله غطى السماوات والأرض ، امتلأت من تسبيحه ، وكان لمعان كالنور ، له من يده شعاع ، وهناك استنارت قدرته ، قدامه ذهب الوبا ، وعند رجليه خرجت الحمّى ، وقف وقاس الأرض ، نظر ، فرجفت الأمم ، ودكت الجبال الدهرية ، وخسفت آكام القدم " .
ففي هذه البشارة إخبار بالنصر العظيم الذي حازه الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه ، وإخبار بانتشار دعوته في شتى بقاع الأرض ، وبأن الجبال الدهرية وهي الدول القويّة ذات المجد القديم ستدك ، وآكام القدم وهي الدول الأقل ستخسف ، وقد تحقق ذلك كله ، وأشارت هذه البشارة إلى أمرين يدركهما من كان عليماً بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأخباره ، وهما : لمعان كالنور له من يده ، وذهاب الوبا من قدامه
وخروج الحمّى من عند رجليه .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:09 pm
- اللمعان والنور الذي شعَّ من يده :
يقول النص :
" وكان لمعان كالنور ، له من يده
وشعـاع ، وهناك استنارت قدرته " ثم يقول :
" وقف وقاس الأرض نظر ، فرجفت الأمم ..
" والذي يبدو لي أنَّ هذا النص يتحدث عن حادثة بعينها
وهي ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق
عندما أعجزت صخرة الصحابة أثناء حفر الخندق
فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فضربها
ضربة عظيمة أسقطت ثلثها
وخرج منها نور فكبر الرسول صلى الله عليه وسلم
فكبر أصحابه ، ثمَّ الثانية فالثالثة
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه رأى بالنور الأول قصور الشام
وبالنور الثاني قصور فارس ، وبالنور الثالث أبواب صنعاء .
وروى النسائي وأحمد بإسناد حسن من حديث البراء بن عازب قال : لما كان حين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق
عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول
فاشتكينا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فجاء فأخذ المعقول فقال : " باسم الله "
فضرب ضربة فكسر ثلثها ، وقال :
" الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام
والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة "
ثمَّ ضرب الثانية فقطع الثالث الآخر
فقال :
الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس
والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض
ثمَّ ضرب الثالثة ، وقال : باسم الله
فقطع بقية الحجر ، فقال :
" الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن
والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة "
(4) .
وفي رواية الطبراني :
" فضرب الصخرة وبرق منها برقة فكبّر ، وكبّر ، المسلمون "
وفيه " إن البرقة الأولى أضاءت لها قصور الشام
فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم .. "
(5) .
تأمل النص الذي أوردناه مرة أخرى "
لمعان كالنور له من يده ، وشعاع ، وهناك استنارت قدرته ..
وقف وقاس الأرض نظر .. " .
وتأمل في الأحاديث التي أوردناها أليست هذه الواقعة
تأويل لتلك البشارة ؟
6- ذهاب الوبا وخروج الحمى :
تقول هذه البشارة : " قدامه ذهب الوبا
وعند رجليه خرجت الحمّى "
وهذه – والله – بشارة صريحة لا تحتمل تأويلاً
فالمدينة قبل مجيء الرسول – صلى الله عليه وسلم
– كانت معروفة بالحمّى
وفي الحديث عن ابن عباس
أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم
وأصحابه عندما قدموا مكة للعمرة –
وهي العمرة المعروفة بعمرة القضاء –
قال المشركون : " إنّه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمّى يثرب "
رواه البخاري (6) .
وقد أصابت هذه الحمّى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أول قدومهم المدينة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه كي يذهب الحمّى .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وعُك أبو بكر وبلال . قالت : فدخلت عليهما (7) ، فقلت : يا أبت كيف تَجِدُك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كلُّ امرئ مُصَبَّحٌ في أهله ××× والموتُ أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمّى يرفع رأسه ويقول :
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة ××× بوادٍ وحولي إذخرٌ وجليلُ
وهل أرِدَنْ يوماً مياهَ مَجَنَّةٍ ××× وهل يَبدُوَنْ لي شامةٌ وطفيلُ
قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : " اللَّهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ ، وصَحِّحْها ، وبارك لنا في صاعها ومدِّها ، وانقل حمّاها ، فاجعلها في الجحفة " رواه البخاري ( وزاد البخاري في آخر كتاب الحج : " ثم يقول بلال : اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا إلى أرض الوباء " (9) .
إذن كانت يثرب موبُوْءَة بالحمى ، لا يكاد يدخلها أحد إلاّ أصابته .
وقد استجاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فنقل عنها الحمى ، وصحَّحَها ، ومنع عن المدينة الطاعون ، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده عن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل عليه السلام بالحمّى والطاعون ، فأمسكت الحمّى بالمدينة ، وأرسلت الطاعون إلى الشام " (10) .
وإمساكه الحمّى بالمدينة لعله في بداية الأمر ، ثمَّ أمر بإرسالها إلى الجحفة ، أو أن المراد بإمساكها بالمدينة المنطقة التي فيها المدينة ، ذلك أن الجحفة تقع قرب المدينة ، وعلى كلّ فالبشارة واضحة وقعت كما أخبرت التوراة .
7- بشارات جامعة :
وفي بعض الأحيان تكون البشارات جامعة تذكر صفات الرسول صلى الله عليه وسلم ووحي الله إليه ، وأخبار أمته ، وما ينزل إليه عليهم من نصره ، وإمدادهم بالملائكة، وشيئاً مما يعطيه الله لرسوله كالعروج به إلى السماء ونحو ذلك ، فمن ذلك ما ورد في بشائر دانيال .
قال دانيال (11) يهدد اليهود ، ويصف لهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم : " إن الله يظهرهم عليكم ، وباعث فيهم نبياً ، ومنزل عليهم كتاباً ، ومملكهم رقابكم ، يقهرونكم ويذلونكم بالحق ، ويخرج رجال قيدار في جماعات الشعوب ، معهم الملائكة على خيل بيض ، فيحيطون بكم ، وتكون عاقبتكم النار ، نعوذ بالله من النار " .
وأبناء قيدار بن إسماعيل ، قد انتشروا في الأرض ، واستولوا على الشام والجزيرة ومصر والعراق ، وقد تواترت الآثار أن الملائكة كانت تنزل على الخيل البيض كما نزلت يوم بدر والأحزاب ، وقال دانيال مصرحاً باسم محمد صلى الله عليه وسلم : " ستنزع في قسيّك إغراقاً ، وترتوي السهام بأمرك يا محمد " .
وقال دانيال أيضاً : " سألت الله وتضرعت إليه أن يبيّن لي ما يكون من بني إسرائيل، وهل يتوب عليهم ، ويردّ إليهم ملكهم ، ويبعث فيهم الأنبياء ، أو يجعل ذلك في غيرهم ؟ فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه ، فقال : السلام عليكم يا دانيال ، إن الله يقول : إنّ بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا علي ، وعبدوا من دوني آلهة أخرى ، وصاروا من بعد العلم إلى الجهل ، ومن بعد الصدق إلى الكذب . فصلَّت عليهم بخت نصّر ، فقتل رجالهم ، وسبى ذراريهم ، وهدم مساجدهم ، وحرق كتبهم ، وكذلك فعل من بعده بهم ، وأنا غير راض عنهم ، ولا مقيلهم عثرات ، فلا يزالون في سخطي حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول ، وأختم ذلك عليهم باللعن والسخط ، فلا يزالون ملعونين ، عليهم الذلة والمسكنة ، حتى أبعث نبي بني إسماعيل الذي بشرت به هاجر ، وأرسلت إليها ملاكي وبشرها ، وأوحي إلى ذلك النبي ، وأعلمه الأسماء ، وأزينه بالتقوى ، وأجعل البرَّ شعاره ، والتقوى ضميره ، والصدق قوله ، والوفاء طبيعته ، والقصد سيرته ، والرشد سنته ، أخصه بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتب ، وناسخ لبعض ما فيها ، أسري به إلي ، وأرقيه من سماء إلى سماء ، حتى يعلو ، فأدنيه ، وأسلِّم عليه ، وأوحي إليه ، ثمَّ أردّه إلى عبادي بالسرور والغبطة ، حافظاً لما استودع ، صادقاً فيما أخبر ، يدعو إلى توحيدي باللين من القول والموعظة الحسنة ، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق ، رؤوف بمن والاه ، رحيم بمن عاداه ، فيدعو قومه إلى توحيدي وعبادتي ، ويخبرهم بما رأى من آياتي ، فيكذبونه ، ويؤذونه " .
يقول ابن تيمية : " ثمَّ سرد دانيال قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أملاه عليه الملك حتى وصل آخر أمته بالنفخة ، وانقضاء الدنيا " .
ثم قال : " وهذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى يقرؤونها ، ويقولون : لم يظهر صاحبها بعد " .
--------------------------------
(1)الجواب الصحيح : 3/326 .
(2) محمد نبي الإسلام : ص18 .
(3) صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان : 1756 ، 2093 وهو مخرج في سلسلة الصحيحة للشيخ ناصر : 1546 ، 1925 .
(4) فتح الباري : 7/397 .
(5) المصدر السابق .
(6) انظر فتح الباري : 3/469 .
(7) دخولها على بلال كان قبل نزول آية الحجاب .
( انظر فتح الباري : 7/262 (3926) .
(9) فتح الباري : 7/263 ، وانظر البخاري (1889) .
(10) مسند الإمام أحمد : (5/81) .
(11) انظر الجواب الصحيح : (3/331 ، 4/3) .
يقول النص :
" وكان لمعان كالنور ، له من يده
وشعـاع ، وهناك استنارت قدرته " ثم يقول :
" وقف وقاس الأرض نظر ، فرجفت الأمم ..
" والذي يبدو لي أنَّ هذا النص يتحدث عن حادثة بعينها
وهي ما وقع منه صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق
عندما أعجزت صخرة الصحابة أثناء حفر الخندق
فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم فضربها
ضربة عظيمة أسقطت ثلثها
وخرج منها نور فكبر الرسول صلى الله عليه وسلم
فكبر أصحابه ، ثمَّ الثانية فالثالثة
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه رأى بالنور الأول قصور الشام
وبالنور الثاني قصور فارس ، وبالنور الثالث أبواب صنعاء .
وروى النسائي وأحمد بإسناد حسن من حديث البراء بن عازب قال : لما كان حين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق
عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول
فاشتكينا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فجاء فأخذ المعقول فقال : " باسم الله "
فضرب ضربة فكسر ثلثها ، وقال :
" الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام
والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة "
ثمَّ ضرب الثانية فقطع الثالث الآخر
فقال :
الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس
والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض
ثمَّ ضرب الثالثة ، وقال : باسم الله
فقطع بقية الحجر ، فقال :
" الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن
والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة "
(4) .
وفي رواية الطبراني :
" فضرب الصخرة وبرق منها برقة فكبّر ، وكبّر ، المسلمون "
وفيه " إن البرقة الأولى أضاءت لها قصور الشام
فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم .. "
(5) .
تأمل النص الذي أوردناه مرة أخرى "
لمعان كالنور له من يده ، وشعاع ، وهناك استنارت قدرته ..
وقف وقاس الأرض نظر .. " .
وتأمل في الأحاديث التي أوردناها أليست هذه الواقعة
تأويل لتلك البشارة ؟
6- ذهاب الوبا وخروج الحمى :
تقول هذه البشارة : " قدامه ذهب الوبا
وعند رجليه خرجت الحمّى "
وهذه – والله – بشارة صريحة لا تحتمل تأويلاً
فالمدينة قبل مجيء الرسول – صلى الله عليه وسلم
– كانت معروفة بالحمّى
وفي الحديث عن ابن عباس
أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم
وأصحابه عندما قدموا مكة للعمرة –
وهي العمرة المعروفة بعمرة القضاء –
قال المشركون : " إنّه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمّى يثرب "
رواه البخاري (6) .
وقد أصابت هذه الحمّى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أول قدومهم المدينة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّه كي يذهب الحمّى .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وعُك أبو بكر وبلال . قالت : فدخلت عليهما (7) ، فقلت : يا أبت كيف تَجِدُك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت : فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كلُّ امرئ مُصَبَّحٌ في أهله ××× والموتُ أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه الحمّى يرفع رأسه ويقول :
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة ××× بوادٍ وحولي إذخرٌ وجليلُ
وهل أرِدَنْ يوماً مياهَ مَجَنَّةٍ ××× وهل يَبدُوَنْ لي شامةٌ وطفيلُ
قالت عائشة : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : " اللَّهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشدّ ، وصَحِّحْها ، وبارك لنا في صاعها ومدِّها ، وانقل حمّاها ، فاجعلها في الجحفة " رواه البخاري ( وزاد البخاري في آخر كتاب الحج : " ثم يقول بلال : اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا إلى أرض الوباء " (9) .
إذن كانت يثرب موبُوْءَة بالحمى ، لا يكاد يدخلها أحد إلاّ أصابته .
وقد استجاب الله لنبيه صلى الله عليه وسلم فنقل عنها الحمى ، وصحَّحَها ، ومنع عن المدينة الطاعون ، ففي الحديث الذي يرويه أحمد في مسنده عن أبي عسيب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل عليه السلام بالحمّى والطاعون ، فأمسكت الحمّى بالمدينة ، وأرسلت الطاعون إلى الشام " (10) .
وإمساكه الحمّى بالمدينة لعله في بداية الأمر ، ثمَّ أمر بإرسالها إلى الجحفة ، أو أن المراد بإمساكها بالمدينة المنطقة التي فيها المدينة ، ذلك أن الجحفة تقع قرب المدينة ، وعلى كلّ فالبشارة واضحة وقعت كما أخبرت التوراة .
7- بشارات جامعة :
وفي بعض الأحيان تكون البشارات جامعة تذكر صفات الرسول صلى الله عليه وسلم ووحي الله إليه ، وأخبار أمته ، وما ينزل إليه عليهم من نصره ، وإمدادهم بالملائكة، وشيئاً مما يعطيه الله لرسوله كالعروج به إلى السماء ونحو ذلك ، فمن ذلك ما ورد في بشائر دانيال .
قال دانيال (11) يهدد اليهود ، ويصف لهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم : " إن الله يظهرهم عليكم ، وباعث فيهم نبياً ، ومنزل عليهم كتاباً ، ومملكهم رقابكم ، يقهرونكم ويذلونكم بالحق ، ويخرج رجال قيدار في جماعات الشعوب ، معهم الملائكة على خيل بيض ، فيحيطون بكم ، وتكون عاقبتكم النار ، نعوذ بالله من النار " .
وأبناء قيدار بن إسماعيل ، قد انتشروا في الأرض ، واستولوا على الشام والجزيرة ومصر والعراق ، وقد تواترت الآثار أن الملائكة كانت تنزل على الخيل البيض كما نزلت يوم بدر والأحزاب ، وقال دانيال مصرحاً باسم محمد صلى الله عليه وسلم : " ستنزع في قسيّك إغراقاً ، وترتوي السهام بأمرك يا محمد " .
وقال دانيال أيضاً : " سألت الله وتضرعت إليه أن يبيّن لي ما يكون من بني إسرائيل، وهل يتوب عليهم ، ويردّ إليهم ملكهم ، ويبعث فيهم الأنبياء ، أو يجعل ذلك في غيرهم ؟ فظهر لي الملك في صورة شاب حسن الوجه ، فقال : السلام عليكم يا دانيال ، إن الله يقول : إنّ بني إسرائيل أغضبوني وتمردوا علي ، وعبدوا من دوني آلهة أخرى ، وصاروا من بعد العلم إلى الجهل ، ومن بعد الصدق إلى الكذب . فصلَّت عليهم بخت نصّر ، فقتل رجالهم ، وسبى ذراريهم ، وهدم مساجدهم ، وحرق كتبهم ، وكذلك فعل من بعده بهم ، وأنا غير راض عنهم ، ولا مقيلهم عثرات ، فلا يزالون في سخطي حتى أبعث مسيحي ابن العذراء البتول ، وأختم ذلك عليهم باللعن والسخط ، فلا يزالون ملعونين ، عليهم الذلة والمسكنة ، حتى أبعث نبي بني إسماعيل الذي بشرت به هاجر ، وأرسلت إليها ملاكي وبشرها ، وأوحي إلى ذلك النبي ، وأعلمه الأسماء ، وأزينه بالتقوى ، وأجعل البرَّ شعاره ، والتقوى ضميره ، والصدق قوله ، والوفاء طبيعته ، والقصد سيرته ، والرشد سنته ، أخصه بكتاب مصدق لما بين يديه من الكتب ، وناسخ لبعض ما فيها ، أسري به إلي ، وأرقيه من سماء إلى سماء ، حتى يعلو ، فأدنيه ، وأسلِّم عليه ، وأوحي إليه ، ثمَّ أردّه إلى عبادي بالسرور والغبطة ، حافظاً لما استودع ، صادقاً فيما أخبر ، يدعو إلى توحيدي باللين من القول والموعظة الحسنة ، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب بالأسواق ، رؤوف بمن والاه ، رحيم بمن عاداه ، فيدعو قومه إلى توحيدي وعبادتي ، ويخبرهم بما رأى من آياتي ، فيكذبونه ، ويؤذونه " .
يقول ابن تيمية : " ثمَّ سرد دانيال قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أملاه عليه الملك حتى وصل آخر أمته بالنفخة ، وانقضاء الدنيا " .
ثم قال : " وهذه البشارة الآن عند اليهود والنصارى يقرؤونها ، ويقولون : لم يظهر صاحبها بعد " .
--------------------------------
(1)الجواب الصحيح : 3/326 .
(2) محمد نبي الإسلام : ص18 .
(3) صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان : 1756 ، 2093 وهو مخرج في سلسلة الصحيحة للشيخ ناصر : 1546 ، 1925 .
(4) فتح الباري : 7/397 .
(5) المصدر السابق .
(6) انظر فتح الباري : 3/469 .
(7) دخولها على بلال كان قبل نزول آية الحجاب .
( انظر فتح الباري : 7/262 (3926) .
(9) فتح الباري : 7/263 ، وانظر البخاري (1889) .
(10) مسند الإمام أحمد : (5/81) .
(11) انظر الجواب الصحيح : (3/331 ، 4/3) .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:10 pm
المطلب الثالث
بشارات من الإنجيل
..................
وفي إنجيل متى الإصحاح
(11) عدد (14)
، من له أذنان للسمع فليسمع " .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه ليس بينه وبين عيسى نبي
فيكون إيلياء الذي بشر به عيسى
هو محمداً صلى الله عليه وسلم
وإيليا بحساب الجمل الذي أغرمت به اليهود يساوي محمداً .
وفي إنجيل يوحنا إصحاح (14) عدد (15)
" إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي
وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر
ليمكث معكم إلى الأبد ، وفي اللغات الأجنبية
(( فيعطيكم باركليتوس ))
ليمكث معكم إلى الأبد "
والمعنى الحرفي لكلمة (( باركليتوس )) اليونانية هو أحمد
وهو من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم
(1) .
وفي إصحاح يوحنا (15) عدد (26)
" ومتى جاء المعزى الذي أرسله
أنا إليكم من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب
ينبثق فهو يشهد لي " "ويشهد لي"
لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
شهد للمسيح بالنبوة والرسالة
وروح الحقّ كناية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
والمعاني الواردة في هذه الترجمة الحديث ليست دقيقة
لأن أصلها باليونانية
وهي اللغة التي ترجمت منها هذه الأناجيل
– مكتوبة (( بيركليتوس ))
وفي التراجم العربية المطبوعة
سنة 1821 ، سنة 1831 ، سنة 1844
في لندن تجدهـا (( فارقليط ))
وهي أقرب إلى العبارة اليونانية المشار إليها (2)
أمّا ترجمتها في الطبعات الحديثة إلى المعزى
فهو من التحريف الذي ذم الله أهل الكتاب بـه
( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ )
[ النساء : 46 ]
ويلاحظ أن هناك جملة ساقطة قبل الجملة الواردة
في عدد (26) من هذا الإصحاح
سقطت من الطبعات الحديثة
لكنها واردة صراحة في الطبعات القديمة للإنجيل
ونص هذه الجملة :
" فلو قد جاء المنحمنا الذي يرسله الله إليكم "
ومعنى المنحمنا الحرفي باللغة السريانية محمد
(3) (4) .
بشارات أخرى من الإنجيل (5) :
1- من إنجيل ( مَتّى ) :
.....................
جاء في ( إنجيل متى ) في الإصحاح الحادي والعشرين :
" 42 قال لهم يسوع : أما قرأتم قط في الكتب :
الحجر الذي رفضه البناؤون هوذا قد صار رأس الزاوية
من قِبَل الرب كان هذا هو عجيب في أعيننا .
43 لذلك أقول لكم إنَّ ملكوت الله يُنزع منكم
ويعطى لأمة تعمل أثماره .
44 ومن سقط على هذا الحجر يترضض
ومن سقط هو عليه يسحقه " .
وهذا الحجر إنما هو سيدنا محمد
جاء في ( صحيحي البخاري ومسلم )
عن أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إنَّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً
فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية
فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له
ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟
قال: فأنا اللبنة ، وأنا ختم النبيين " .
قال ابن القيم (6) : " وتأمل قوله [ المسيح ] في البشارة الأخرى : ألم تر إلى الحجر الذي أخره البناؤون صار رأساً للزاوية ، كيف تجده مطابقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى داراً فأكملها وأتمها إلا موضع لبنة منها ، فجعل الناس يطوفون بها ويعجبون منها ، ويقولون : هلاّ وضعت تلك اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة .
وتأمل قول المسيح في هذه البشارة : إن ذلك عجيب في أعيننا . وتأمل قوله فيها : " إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ، ويدفع إلى آخر " كيف تجده مطابقاً لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) [الأنبياء : 105] ، وقوله : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ) [النور: 55] .
ونحو هذا النص ما جاء في ( إنجيل متى ) في الإصحاح الثامن :
" 11 وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ، ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات ، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية ، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان " .
وهذه بشارة تشير إلى ظهور أمة الإسلام التي تأتي من المشارق والمغارب ، وتكون مرضية عند الله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
جاء في ( الفارق ) : " أيها المسيحي إذا أنصفت تحكم بأن هؤلاء الذين سيأتون من مشارق الأرض ومغاربها هم الأمة المحمدية ، لأنكم مخاطبون حاضرون إذ ذاك ، والمسيح سلام الله عليه يخبر عن قوم سيأتون في مستقبل الزمن ، وقد أخرجكم بقوله : " وأما بنو الملكوت " (7) .
ونحو ذلك ما جاء في ( إنجيل يوحنا ) في الإصحاح الرابع :
" 20-24 قال لها يسوع : يا امرأة صدقيني ، أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون لله " .
وهذا النص يشير إلى ظهور الدين الجديد ، وإنّه سيتحول مركزه عن أورشليم ويشير إلى تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المعظمة ، قبلة أصحاب الدين الجديد ، ويصدقه قوله تعالى : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) [ البقرة : 144 ] .
فقد كان المسلمون أول الأمر يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس ، ثم نزلت الآية بوجوب توجههم إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة .
بشارات من الإنجيل
..................
وفي إنجيل متى الإصحاح
(11) عدد (14)
، من له أذنان للسمع فليسمع " .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه ليس بينه وبين عيسى نبي
فيكون إيلياء الذي بشر به عيسى
هو محمداً صلى الله عليه وسلم
وإيليا بحساب الجمل الذي أغرمت به اليهود يساوي محمداً .
وفي إنجيل يوحنا إصحاح (14) عدد (15)
" إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي
وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر
ليمكث معكم إلى الأبد ، وفي اللغات الأجنبية
(( فيعطيكم باركليتوس ))
ليمكث معكم إلى الأبد "
والمعنى الحرفي لكلمة (( باركليتوس )) اليونانية هو أحمد
وهو من أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم
(1) .
وفي إصحاح يوحنا (15) عدد (26)
" ومتى جاء المعزى الذي أرسله
أنا إليكم من الآب روح الحقّ الذي من عند الآب
ينبثق فهو يشهد لي " "ويشهد لي"
لأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم
شهد للمسيح بالنبوة والرسالة
وروح الحقّ كناية عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
والمعاني الواردة في هذه الترجمة الحديث ليست دقيقة
لأن أصلها باليونانية
وهي اللغة التي ترجمت منها هذه الأناجيل
– مكتوبة (( بيركليتوس ))
وفي التراجم العربية المطبوعة
سنة 1821 ، سنة 1831 ، سنة 1844
في لندن تجدهـا (( فارقليط ))
وهي أقرب إلى العبارة اليونانية المشار إليها (2)
أمّا ترجمتها في الطبعات الحديثة إلى المعزى
فهو من التحريف الذي ذم الله أهل الكتاب بـه
( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ )
[ النساء : 46 ]
ويلاحظ أن هناك جملة ساقطة قبل الجملة الواردة
في عدد (26) من هذا الإصحاح
سقطت من الطبعات الحديثة
لكنها واردة صراحة في الطبعات القديمة للإنجيل
ونص هذه الجملة :
" فلو قد جاء المنحمنا الذي يرسله الله إليكم "
ومعنى المنحمنا الحرفي باللغة السريانية محمد
(3) (4) .
بشارات أخرى من الإنجيل (5) :
1- من إنجيل ( مَتّى ) :
.....................
جاء في ( إنجيل متى ) في الإصحاح الحادي والعشرين :
" 42 قال لهم يسوع : أما قرأتم قط في الكتب :
الحجر الذي رفضه البناؤون هوذا قد صار رأس الزاوية
من قِبَل الرب كان هذا هو عجيب في أعيننا .
43 لذلك أقول لكم إنَّ ملكوت الله يُنزع منكم
ويعطى لأمة تعمل أثماره .
44 ومن سقط على هذا الحجر يترضض
ومن سقط هو عليه يسحقه " .
وهذا الحجر إنما هو سيدنا محمد
جاء في ( صحيحي البخاري ومسلم )
عن أبي هريرة وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" إنَّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً
فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية
فجعل الناس يطوفون به ، ويعجبون له
ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟
قال: فأنا اللبنة ، وأنا ختم النبيين " .
قال ابن القيم (6) : " وتأمل قوله [ المسيح ] في البشارة الأخرى : ألم تر إلى الحجر الذي أخره البناؤون صار رأساً للزاوية ، كيف تجده مطابقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى داراً فأكملها وأتمها إلا موضع لبنة منها ، فجعل الناس يطوفون بها ويعجبون منها ، ويقولون : هلاّ وضعت تلك اللبنة فكنت أنا تلك اللبنة .
وتأمل قول المسيح في هذه البشارة : إن ذلك عجيب في أعيننا . وتأمل قوله فيها : " إن ملكوت الله سيؤخذ منكم ، ويدفع إلى آخر " كيف تجده مطابقاً لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) [الأنبياء : 105] ، وقوله : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ) [النور: 55] .
ونحو هذا النص ما جاء في ( إنجيل متى ) في الإصحاح الثامن :
" 11 وأقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ، ويتكئون مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في ملكوت السماوات ، وأما بنو الملكوت فيطرحون إلى الظلمة الخارجية ، هناك يكون البكاء وصرير الأسنان " .
وهذه بشارة تشير إلى ظهور أمة الإسلام التي تأتي من المشارق والمغارب ، وتكون مرضية عند الله مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .
جاء في ( الفارق ) : " أيها المسيحي إذا أنصفت تحكم بأن هؤلاء الذين سيأتون من مشارق الأرض ومغاربها هم الأمة المحمدية ، لأنكم مخاطبون حاضرون إذ ذاك ، والمسيح سلام الله عليه يخبر عن قوم سيأتون في مستقبل الزمن ، وقد أخرجكم بقوله : " وأما بنو الملكوت " (7) .
ونحو ذلك ما جاء في ( إنجيل يوحنا ) في الإصحاح الرابع :
" 20-24 قال لها يسوع : يا امرأة صدقيني ، أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون لله " .
وهذا النص يشير إلى ظهور الدين الجديد ، وإنّه سيتحول مركزه عن أورشليم ويشير إلى تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المعظمة ، قبلة أصحاب الدين الجديد ، ويصدقه قوله تعالى : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ) [ البقرة : 144 ] .
فقد كان المسلمون أول الأمر يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس ، ثم نزلت الآية بوجوب توجههم إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:11 pm
- من إنجيل لوقا ( :
...............
ذكر صاحب كتاب
( الإنجيل والصليب )
أنه جاء في ( إنجيل لوقا ) 2 :14
" الحمد لله في الأعالي
، وعلى الأرض إسلام
وللناس أحمد " .
ولكن المترجمين ترجموها في الإنجيل هكذا :
" الحمد لله في الأعالي
وعلى الأرض السلام
وبالناس المسرة " .
ومؤلف الكتاب يرى أن الترجمة الصحيحة ما ذكره هو .
يقول المؤلف أنّ ثمة كلمتين وردتا في اللغة الأصلية
لم يدرك أحد ما تحتويان عليه من المعاني تماماً
فلم تترجم هاتان الكلمتان
كما يجب في الترجمة القديمة من السريانية .
هاتان الكلمتان هما :
أيريني – التي يترجمونها : السلامة .
و : أيودكيا – التي يترجمونها : حسن الرضا .
فالأولى من الكلمتين اللتين
هما موضوع بحثنا الآن هي ( أيريني )
فقد ترجمت بكلمات ( سلامة ) ( مسالمة ) ( سلام ) .
والمؤلف يرى أن ترجمتها الصحيحة
( إسلام ) فيقول في ص : 40 :
" ومن المعلوم أن لفظ ( إسلام ) يفيد معاني واسعة جداً
ويشتمل على ما تشتمل عليه ألفاظ
( السلم ، السلام ) ( الصلح ، المسالمة )
( الأمن ، الراحة ) ..
وتتضمن معنى زائداً وتأويلاً آخر أكثر
وأعم وأشمل وأقوى مادة ومعنى
ولكن قول الملائكة :
" على الأرض سلام "
لا يصح أن يكون بمعنى الصلح العام والمسالمة
لأنّ جميع الكائنات وعلى الأخص الحيَّة منها
ولا سيما النوع البشري الموجود على كرة الأرض
دارنا الصغيرة هي بمقتضى السنن الطبيعة
والنواميس الاجتماعية خاضعة
للوقائع والفجائع الوخيمة
كالاختلافات والمحاربات والمنازعات ..
فمن المحال أن يعيش الناس على وجه الأرض بالصلح والمسالمة " .
ثم يستشهد بقول المسيح :
" ما جئت لألقي سلاماً على الأرض
ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً "
( متى 10 : 34 ) .
ويستشهد بقول آخر للمسيح :
" جئت لألقي ناراً على الأرض
فماذا أريد لو اضطرمت ؟
أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض ؟
كلا أقول لكم بل انقساماً "
( لوقا : 12 : 49-53 ) .
وعلى هذا فالترجمة لا تنطبق ورسالـة المسيح
وأقواله والصواب
" وعلى الأرض إسلام "
( انظر البحث من ص38-44 ) .
كما يرى أن ( أيادوكيا )
بمعنى ( أحمد )
لا ( المسرة أو حسن الرضا )
كما يترجمها القسس
وذلك لأنه لا يقال في اليونانية لحسن الرضا
( أيودوكيا )بل يقال : ( ثليما ) .
ويقول : إن كلمة ( دوكوته )
هي بمعنى
( الحمد ، الاشتهاء ، الشوق ، الرغبة ، بيان الفكر )
وها هي ذي الصفات المشتقة من هذا الفعل
( دوكسا ) وهي
( حمد ، محمود ، ممدوح ، نفيس ، مشتهى ، مرغوب ، مجيد ) .
واستشهد بأمثلة كثيرة من اليونانية لذلك
وقال : إنهم يترجمون ( محمديتو )
في (أشعيا 64 : 11) بـ ( اندوكساهيمون )
ويترجمون الصفات منها
( محمد ، أحمد ، أمجد ، ممدوح ، محتشم ، ذو الشوكة )
بـ ( ايندكسوس ) .
واستدل بهذا التحقيق النفيس أن الترجمة الحقيقية الصحيحة
لما ذكره لوقا هي ( أحمد، محمد )
لا ( المسرة )
فتكون الترجمة الصحيحة لعبارة الإنجيل :
" الحمد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام
وللناس أحمد "
(9) .
3- بشارات إنجيل برنابا :
هذا الإنجيل مليء بالبشارات الصريحة بالرسول المصطفى المختار ، ومما ورد فيه (ص161) : " قال الله اصبر يا محمد .. " وفي (ص162) " إن اسمه المبارك محمد .. " (ص162) : " يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم " .
رأي في إنجيل برنابا :
لا شكّ أن هذا الإنجيل من الأناجيل التي كانت معروفة قديماً ، وقد ورد ذكره في كتب القرن الثاني والثالث للميلاد ، ثمّ لم يرد له ذكر بعد ذلك ، إلى أن عثر على نسخة منه في أوائل القرن الثامن عشر الهجري ، ولا تزال هذه النسخة في مكتبة بلاط ( فيّنا ) .
وعندما نشر هذا الكتاب أحدث ضجّة – كبرى في ذلك الوقت – في أوربا في نوادي العلم والدين ، وقد طبعت ترجمة هذا الكتاب مرتين باللغة العربية ، الطبعة الثانية نشرتها دار القلم بالكويت .
وقد اطلعت على هذا الكتاب ، وأمعنت النظر فيه ، فتبين لي فيه رأي لم أجد أحداً قد تنبه إليه ، تبين لي أن هذا الكتاب وإن كان له أصل فقد لعبت فيه يد مسلم ، فأدخلت فيه ما ليس منه ، والذي جعلني أذهب هذا المذهب ليست تلك التعليقات العربية التي وجدت على هامش النسخة الأصلية الموجودة في ( فينّا ) ، وإنّما تلك المبالغات التي وصف بها الإنجيل الرسول صلى الله عليه وسلم ، نحن نصدّق أن يبشر الإنجيل بالرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نستبعد كل البعد أن يكون قد شاع بين أهل الكتاب تلك الخرافات التي شاعت بين المسلمين بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونسبوها للرسول صلى الله عليه وسلم ، فنجد في هذا الإنجيل أنّ الله أعطى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كل شيء ، وخلق من أجله كل شيء ، وجعله قبل كل شيء ، انظر ص ( 91 ، 93 ، 110 ) ، وفي ص (111) يقول حاكياً كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: " يا رب اذكر أنك لما خلقتني قلت : إنّك أردت أن تخلق العالم والجنة والملائكة – والناس حبّاً فيّ ليمجدوك بي أنا عبدك " .
وفي ص (161) ، اصبر يا محمد ، لأجلك أريد أن أخلق الجنّة والعالم وجمّاً غفيراً من الخلائق التي أهبها لك .. " .
وفي ص (266) ، " هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء " .
وفي ص (152) يقول : " ولذلك لما خلق الله قبل كل شيء رسوله " .
هذه الأقوال بدون شكّ غير صحيحة ، وهي تناقض الحقّ الذي بين أيدينا ، فالله خلق البشر والملائكة والجنَّ لعبادته ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56] .
وأول المخلوقات القلم كما في الحديث " أول ما خلق الله القلم " وهذه الأقوال التي فيها غلو شاعت بين المسلمين ، وصاغوها أحاديث نسبوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث " لولاك لما خلقت الأفلاك " ( سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث رقم 282) وحديث " كنت نبياً وآدم بين الماء والطين " (حديث رقم 302 ، 303) وحديث : " كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث " (كتاب الفوائد المجموعة للشوكاني ص326) .
وحديث : " لقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك علي ومنزلتك عندي ، ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا " ( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة : ص325 ) .
وفي هذا المصدر ص337 حديث يقول : " خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري " .
وإذا أنت قارنت بين ما نقلته عن إنجيل برنابا وهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة أدركت أن الذي أدخل هذه الأوصاف كان من هذا النوع الذي عشعشت أمثال هذه الأحاديث المكذوبة في ذهنه .
وهناك أمور منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم زوراً ، لأنها تخالف الحقَّ الذي في أيدينا ، فمن ذلك ما ورد (ص209) من " أن الجحيم ترتعد لحضور الرسول عليه السلام ، فيمكث بلا مكابدة عقاب مدة إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمشاهدة الجحيم" . فهذا مخالف لصريح القرآن ( لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) [الزخرف:75].
ومن ذلك نقل هذا الكتاب عن عيسى قوله في (ص92) " لست أهلاً أن أحل رباطات جرموق أو سيور حذاء رسول الله " ويقول قريباً من هذا في ص (96) و ص (160) ، ومثل هذا بعيد أن يصدر عن رسول من أولي العزم من الرسل .
ومع ذلك فقد وصف الكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم بأمور فيها تحقير له ، ففي ص (108) يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّه سيكون كالمخبول ، وفي ص (105) يقول : " إن الله سيجرد رسوله محمد في يوم القيامة من الذاكرة " .
--------------------------------
(1) محمد نبي الإسلام : ص36 .
(2) المصدر السابق : ص38 .
(3) المصدر السابق : ص39 .
(4) وقد استقصى شيخ الإسلام ، فأورد تلك الروايات التي بشر بها عيسى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبين وجه الاستدلال بها ، انظر الجواب الصحيح : (4/6) .
(5) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص297 .
(6) هداية الحيارى : 381-382 .
(7) الفارق : 54 .
( نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص300 .
(9) انظر كتاب (الإنجيل والصليب) للأب عبد الأحد داود : 34-35 .
...............
ذكر صاحب كتاب
( الإنجيل والصليب )
أنه جاء في ( إنجيل لوقا ) 2 :14
" الحمد لله في الأعالي
، وعلى الأرض إسلام
وللناس أحمد " .
ولكن المترجمين ترجموها في الإنجيل هكذا :
" الحمد لله في الأعالي
وعلى الأرض السلام
وبالناس المسرة " .
ومؤلف الكتاب يرى أن الترجمة الصحيحة ما ذكره هو .
يقول المؤلف أنّ ثمة كلمتين وردتا في اللغة الأصلية
لم يدرك أحد ما تحتويان عليه من المعاني تماماً
فلم تترجم هاتان الكلمتان
كما يجب في الترجمة القديمة من السريانية .
هاتان الكلمتان هما :
أيريني – التي يترجمونها : السلامة .
و : أيودكيا – التي يترجمونها : حسن الرضا .
فالأولى من الكلمتين اللتين
هما موضوع بحثنا الآن هي ( أيريني )
فقد ترجمت بكلمات ( سلامة ) ( مسالمة ) ( سلام ) .
والمؤلف يرى أن ترجمتها الصحيحة
( إسلام ) فيقول في ص : 40 :
" ومن المعلوم أن لفظ ( إسلام ) يفيد معاني واسعة جداً
ويشتمل على ما تشتمل عليه ألفاظ
( السلم ، السلام ) ( الصلح ، المسالمة )
( الأمن ، الراحة ) ..
وتتضمن معنى زائداً وتأويلاً آخر أكثر
وأعم وأشمل وأقوى مادة ومعنى
ولكن قول الملائكة :
" على الأرض سلام "
لا يصح أن يكون بمعنى الصلح العام والمسالمة
لأنّ جميع الكائنات وعلى الأخص الحيَّة منها
ولا سيما النوع البشري الموجود على كرة الأرض
دارنا الصغيرة هي بمقتضى السنن الطبيعة
والنواميس الاجتماعية خاضعة
للوقائع والفجائع الوخيمة
كالاختلافات والمحاربات والمنازعات ..
فمن المحال أن يعيش الناس على وجه الأرض بالصلح والمسالمة " .
ثم يستشهد بقول المسيح :
" ما جئت لألقي سلاماً على الأرض
ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً "
( متى 10 : 34 ) .
ويستشهد بقول آخر للمسيح :
" جئت لألقي ناراً على الأرض
فماذا أريد لو اضطرمت ؟
أتظنون أني جئت لأعطي سلاماً على الأرض ؟
كلا أقول لكم بل انقساماً "
( لوقا : 12 : 49-53 ) .
وعلى هذا فالترجمة لا تنطبق ورسالـة المسيح
وأقواله والصواب
" وعلى الأرض إسلام "
( انظر البحث من ص38-44 ) .
كما يرى أن ( أيادوكيا )
بمعنى ( أحمد )
لا ( المسرة أو حسن الرضا )
كما يترجمها القسس
وذلك لأنه لا يقال في اليونانية لحسن الرضا
( أيودوكيا )بل يقال : ( ثليما ) .
ويقول : إن كلمة ( دوكوته )
هي بمعنى
( الحمد ، الاشتهاء ، الشوق ، الرغبة ، بيان الفكر )
وها هي ذي الصفات المشتقة من هذا الفعل
( دوكسا ) وهي
( حمد ، محمود ، ممدوح ، نفيس ، مشتهى ، مرغوب ، مجيد ) .
واستشهد بأمثلة كثيرة من اليونانية لذلك
وقال : إنهم يترجمون ( محمديتو )
في (أشعيا 64 : 11) بـ ( اندوكساهيمون )
ويترجمون الصفات منها
( محمد ، أحمد ، أمجد ، ممدوح ، محتشم ، ذو الشوكة )
بـ ( ايندكسوس ) .
واستدل بهذا التحقيق النفيس أن الترجمة الحقيقية الصحيحة
لما ذكره لوقا هي ( أحمد، محمد )
لا ( المسرة )
فتكون الترجمة الصحيحة لعبارة الإنجيل :
" الحمد لله في الأعالي ، وعلى الأرض إسلام
وللناس أحمد "
(9) .
3- بشارات إنجيل برنابا :
هذا الإنجيل مليء بالبشارات الصريحة بالرسول المصطفى المختار ، ومما ورد فيه (ص161) : " قال الله اصبر يا محمد .. " وفي (ص162) " إن اسمه المبارك محمد .. " (ص162) : " يا الله أرسل لنا رسولك ، يا محمد تعال سريعاً لخلاص العالم " .
رأي في إنجيل برنابا :
لا شكّ أن هذا الإنجيل من الأناجيل التي كانت معروفة قديماً ، وقد ورد ذكره في كتب القرن الثاني والثالث للميلاد ، ثمّ لم يرد له ذكر بعد ذلك ، إلى أن عثر على نسخة منه في أوائل القرن الثامن عشر الهجري ، ولا تزال هذه النسخة في مكتبة بلاط ( فيّنا ) .
وعندما نشر هذا الكتاب أحدث ضجّة – كبرى في ذلك الوقت – في أوربا في نوادي العلم والدين ، وقد طبعت ترجمة هذا الكتاب مرتين باللغة العربية ، الطبعة الثانية نشرتها دار القلم بالكويت .
وقد اطلعت على هذا الكتاب ، وأمعنت النظر فيه ، فتبين لي فيه رأي لم أجد أحداً قد تنبه إليه ، تبين لي أن هذا الكتاب وإن كان له أصل فقد لعبت فيه يد مسلم ، فأدخلت فيه ما ليس منه ، والذي جعلني أذهب هذا المذهب ليست تلك التعليقات العربية التي وجدت على هامش النسخة الأصلية الموجودة في ( فينّا ) ، وإنّما تلك المبالغات التي وصف بها الإنجيل الرسول صلى الله عليه وسلم ، نحن نصدّق أن يبشر الإنجيل بالرسول صلى الله عليه وسلم ولكننا نستبعد كل البعد أن يكون قد شاع بين أهل الكتاب تلك الخرافات التي شاعت بين المسلمين بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونسبوها للرسول صلى الله عليه وسلم ، فنجد في هذا الإنجيل أنّ الله أعطى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كل شيء ، وخلق من أجله كل شيء ، وجعله قبل كل شيء ، انظر ص ( 91 ، 93 ، 110 ) ، وفي ص (111) يقول حاكياً كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: " يا رب اذكر أنك لما خلقتني قلت : إنّك أردت أن تخلق العالم والجنة والملائكة – والناس حبّاً فيّ ليمجدوك بي أنا عبدك " .
وفي ص (161) ، اصبر يا محمد ، لأجلك أريد أن أخلق الجنّة والعالم وجمّاً غفيراً من الخلائق التي أهبها لك .. " .
وفي ص (266) ، " هذا هو الذي لأجله خلق الله كل شيء " .
وفي ص (152) يقول : " ولذلك لما خلق الله قبل كل شيء رسوله " .
هذه الأقوال بدون شكّ غير صحيحة ، وهي تناقض الحقّ الذي بين أيدينا ، فالله خلق البشر والملائكة والجنَّ لعبادته ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56] .
وأول المخلوقات القلم كما في الحديث " أول ما خلق الله القلم " وهذه الأقوال التي فيها غلو شاعت بين المسلمين ، وصاغوها أحاديث نسبوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث " لولاك لما خلقت الأفلاك " ( سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديث رقم 282) وحديث " كنت نبياً وآدم بين الماء والطين " (حديث رقم 302 ، 303) وحديث : " كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث " (كتاب الفوائد المجموعة للشوكاني ص326) .
وحديث : " لقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك علي ومنزلتك عندي ، ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا " ( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة : ص325 ) .
وفي هذا المصدر ص337 حديث يقول : " خلقني الله من نوره وخلق أبا بكر من نوري " .
وإذا أنت قارنت بين ما نقلته عن إنجيل برنابا وهذه الأحاديث الضعيفة والموضوعة أدركت أن الذي أدخل هذه الأوصاف كان من هذا النوع الذي عشعشت أمثال هذه الأحاديث المكذوبة في ذهنه .
وهناك أمور منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم زوراً ، لأنها تخالف الحقَّ الذي في أيدينا ، فمن ذلك ما ورد (ص209) من " أن الجحيم ترتعد لحضور الرسول عليه السلام ، فيمكث بلا مكابدة عقاب مدة إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمشاهدة الجحيم" . فهذا مخالف لصريح القرآن ( لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ) [الزخرف:75].
ومن ذلك نقل هذا الكتاب عن عيسى قوله في (ص92) " لست أهلاً أن أحل رباطات جرموق أو سيور حذاء رسول الله " ويقول قريباً من هذا في ص (96) و ص (160) ، ومثل هذا بعيد أن يصدر عن رسول من أولي العزم من الرسل .
ومع ذلك فقد وصف الكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم بأمور فيها تحقير له ، ففي ص (108) يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّه سيكون كالمخبول ، وفي ص (105) يقول : " إن الله سيجرد رسوله محمد في يوم القيامة من الذاكرة " .
--------------------------------
(1) محمد نبي الإسلام : ص36 .
(2) المصدر السابق : ص38 .
(3) المصدر السابق : ص39 .
(4) وقد استقصى شيخ الإسلام ، فأورد تلك الروايات التي بشر بها عيسى بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبين وجه الاستدلال بها ، انظر الجواب الصحيح : (4/6) .
(5) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص297 .
(6) هداية الحيارى : 381-382 .
(7) الفارق : 54 .
( نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص300 .
(9) انظر كتاب (الإنجيل والصليب) للأب عبد الأحد داود : 34-35 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:12 pm
المطلب الرابع
بشارات من الأسفار العالمية الأخرى
(1)
ألّف : ( عبد الحق قديارتي )
كتاباً باللغة الإنجليزية وسماه :
(( محمد في الأسفار العالمية ))
واستفاد في مقارناته ومناقضاته بمعرفته للفارسية
والهندية والعبرية والعربية وبعض اللغات الأوربية
ولم يقنع فيه بكتب التوراة والإنجيل بل عمم
البحث في كتب فارس والهند وبابل القديمة
وكانت له في بعض أقواله توفيقات تضارع أقوى
ما ورد من نظائرها في شواهد المتدينين كافة ..
يقول الأستاذ عبد الحق :
إن اسم الرسول العربي ( أحمد )
مكتوبة بلفظه العربي في السامافيدا
Samavida من كتب البراهمة
وقد ورد في الفقرة السادسة
والفقرة الثامنة من الجزء الثاني
ونصها إن " أحمد تلقى الشريعة من ربه
" وهي مملوءة بالحكمة ، وقد قبست منه النور
كما يقبس من الشمس ... " .
وفي مواضع كثيرة من كتب البراهمة
يرى المؤلف أن النبي محمداً مذكور
بوصفه الذي يعني الحمد الكثير والسعة البعيدة
ومن أسمائه الوصفية اسم سشرافا Sushra
الذي ورد في كتاب أثار فافيدا Atharpha Vida
وكذلك صنع بكتب زرادشت
التي اشتهرت باسم الكتب المجوسية
فاستخرج من كتاب زند افستا
Zend Avesta
نبوءة عن رسول يوصف بأنه رحمة للعالمين
(( سوشيانت Soeshyant ))
ويتصدى له عدو يسمى بالفارسية القديمة
أبو لهب ِِAngra Mainyu
ويدعو إلى إله واحد ، لم يكن له كفواً أحد
(( هيج جيز باونمار ))
وليس له أول ولا آخر ، ولا ضريع ولا قريع
ولا صاحب ولا أب
ولا أم ولا صاحبة ولا ولد ولا ابن
ولا مسكن ولا جسد ولا شكل ولا لون ولا رائحة
(( جز آخاز وانباز ودشمن ومانند ويار
وبدر ومادر وزن وفرزند وحاي سوي
وتن آسا وتناني ورنك وبوي است )) .
وهذه هي جملة الصفات التي يوصف
بها الله سبحانه في الإسلام :
أحد صمد ليس كمثله شيء
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً .
ويشفع ذلك بمقتبسات كثيرة من كتب الزرادشتية
تنبئ عن دعوة الحق التي يجيء بها النبي الموعود
وفيها إشارة إلى البادية العربية
ويترجم نبذة منها إلى اللغة الإنجليزية
معناها بغير تصرف
" إن أمة زردشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون
وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس
ويخضع الفرس المتكبرين
وبعد عبادة النار في هياكلهم
يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم
التي تطهرت من الأصنام
ويومئذ يصبحون وهم أتباع للنبي رحمة للعالمين
وسادة لفارس ومديان وطوس وبلخ
وهي الأماكن المقدسة للزرادشتيين ومن جاورهم
وإن نبيهم ليكونن فصيحاً يتحدث بالمعجزات
(2) .
--------------------------------
(1) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص204 .
(2) ص47 من كتاب
Mohammed in World ******ures
نقلاً من كتاب (مطلع النور)
للأستاذ عباس محمد العقاد : 14-17 .
بشارات من الأسفار العالمية الأخرى
(1)
ألّف : ( عبد الحق قديارتي )
كتاباً باللغة الإنجليزية وسماه :
(( محمد في الأسفار العالمية ))
واستفاد في مقارناته ومناقضاته بمعرفته للفارسية
والهندية والعبرية والعربية وبعض اللغات الأوربية
ولم يقنع فيه بكتب التوراة والإنجيل بل عمم
البحث في كتب فارس والهند وبابل القديمة
وكانت له في بعض أقواله توفيقات تضارع أقوى
ما ورد من نظائرها في شواهد المتدينين كافة ..
يقول الأستاذ عبد الحق :
إن اسم الرسول العربي ( أحمد )
مكتوبة بلفظه العربي في السامافيدا
Samavida من كتب البراهمة
وقد ورد في الفقرة السادسة
والفقرة الثامنة من الجزء الثاني
ونصها إن " أحمد تلقى الشريعة من ربه
" وهي مملوءة بالحكمة ، وقد قبست منه النور
كما يقبس من الشمس ... " .
وفي مواضع كثيرة من كتب البراهمة
يرى المؤلف أن النبي محمداً مذكور
بوصفه الذي يعني الحمد الكثير والسعة البعيدة
ومن أسمائه الوصفية اسم سشرافا Sushra
الذي ورد في كتاب أثار فافيدا Atharpha Vida
وكذلك صنع بكتب زرادشت
التي اشتهرت باسم الكتب المجوسية
فاستخرج من كتاب زند افستا
Zend Avesta
نبوءة عن رسول يوصف بأنه رحمة للعالمين
(( سوشيانت Soeshyant ))
ويتصدى له عدو يسمى بالفارسية القديمة
أبو لهب ِِAngra Mainyu
ويدعو إلى إله واحد ، لم يكن له كفواً أحد
(( هيج جيز باونمار ))
وليس له أول ولا آخر ، ولا ضريع ولا قريع
ولا صاحب ولا أب
ولا أم ولا صاحبة ولا ولد ولا ابن
ولا مسكن ولا جسد ولا شكل ولا لون ولا رائحة
(( جز آخاز وانباز ودشمن ومانند ويار
وبدر ومادر وزن وفرزند وحاي سوي
وتن آسا وتناني ورنك وبوي است )) .
وهذه هي جملة الصفات التي يوصف
بها الله سبحانه في الإسلام :
أحد صمد ليس كمثله شيء
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
ولم يتخذ صاحبة ولا ولداً .
ويشفع ذلك بمقتبسات كثيرة من كتب الزرادشتية
تنبئ عن دعوة الحق التي يجيء بها النبي الموعود
وفيها إشارة إلى البادية العربية
ويترجم نبذة منها إلى اللغة الإنجليزية
معناها بغير تصرف
" إن أمة زردشت حين ينبذون دينهم يتضعضعون
وينهض رجل في بلاد العرب يهزم أتباعه فارس
ويخضع الفرس المتكبرين
وبعد عبادة النار في هياكلهم
يولون وجوههم نحو كعبة إبراهيم
التي تطهرت من الأصنام
ويومئذ يصبحون وهم أتباع للنبي رحمة للعالمين
وسادة لفارس ومديان وطوس وبلخ
وهي الأماكن المقدسة للزرادشتيين ومن جاورهم
وإن نبيهم ليكونن فصيحاً يتحدث بالمعجزات
(2) .
--------------------------------
(1) نبوة محمد من الشك إلى اليقين : ص204 .
(2) ص47 من كتاب
Mohammed in World ******ures
نقلاً من كتاب (مطلع النور)
للأستاذ عباس محمد العقاد : 14-17 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:13 pm
المطلب الخامس
شيوع هذه البشارات قبل البعثة
************************************
لقد كانت هذه البشارات منتشرة قبل البعثة النبوية
فلم يكن أهل الكتاب يكتمونها في ذلك الوقت
بل كانوا يذيعونها
ويزعمون أنهم سيتابعون صاحبها عندما يبعث
وقد حفظ لنا المسلمون بعض هذه البشارات
ونقل لنا الأنصار من أهل المدينة
أحاديث اليهود قبل البعثة عن هذه البشارات
وقد تعرف بعض أهل الكتاب على الرسول
صلى الله عليه وسلم في صغره
وانتفع بعض أهل الكتاب بهذه البشارات وآمنوا .
1- صفة رسولنا صلى الله عليه وسلم في التوراة :
روى البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار
قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص
قلت : أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة
قال : أجل ، " والله إنّه لموصوف في التوراة
ببعض صفته في القرآن
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )
[الأحزاب : 45]
وحرزاً للأميين ، أنت عبدي ورسولي
سمّيتك المتوكل ، ليس بفظّ ، ولا غليظ
ولا سخاب في الأسواق
[ السخب : الصياح ]
ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر
ولا يقبضه الله حتى يقيم به الملّة العوجاء
بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح أعينا عمياً
وآذاناً صمّاً ، وقلوباً غلفاً "
(1) .
وروى الدارمي عن عطاء عن ابن سلام ونحوه (2)
وعن كعب –
وهو من علماء اليهود الذين آمنوا
بالنبي صلى الله عليه وسلم
– قال :
" نجد مكتوباً في التوراة محمد رسول الله
عبدي المختار
لا فظٌّ ولا غليظ ، ولا سخّاب في الأسواق
ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر
مولده بمكة ، وهجرته بطيبة ، وملكه بالشام
وأمته الحمّادون ، يحمدون الله في السراء والضراء
يحمدون الله في كلّ منزلة ، ويكبرونه على كل شرف
رعاة للشمس ، يصلُّون الصلاة إذا جاء وقتها
يتأزرون على أنصافهم ، ويتوضؤون على أطرافهم
مناديهم ينادي في جوّ السماء ، صفهم في القتال
وصفهم في الصلاة سواء
لهم بالليل دويٌّ كدوي النحل "
قال التبريزي : هذا لفظ المصابيح
ورواه الدارمي مع تغيير (3) يسير .
أين هذه البشارة في التوراة :
وهذه البشارة ليست موجودة
في التوراة المنتشرة اليوم بين اليهود والنصارى
فإن كان المراد بالتوراة التوراة المعينة
فتكون هذه البشارة مما أخفته اليهود
وقد تكون مخفية عندهم مما لا يطلع عليه إلاّ أحبارهم (4)
إلاّ أنه قد تطلق التوراة ولا يراد بها توراة موسى
بل يراد بها الكتب المنزلة من عند الله
وقد يطلق على الكتب المنزلة اسم القرآن
كما في الحديث الصحيح
" خفّف على داود القرآن
فكان ما بين أن يسرج دابته على أن يركبها يقرأ القرآن "
والمراد به قرآنه وهو الزبور
وجاء في بعض البشارات عن هذه الأمة
" أناجيلهم في صدورهم "
فسمى القرآن إنجيلاً
وعلى ذلك فهذه البشارة موجودة عندهم في نبوة أشعيا
فقد جاء فيها :
" عبدي الذي سرّت به نفسي ، أنزل عليه وحيي
فيظهر في الأمم عدلي ، ويوصيهم بالوصايا
لا يضحك ، ولا يسمع صوته في الأسواق
يفتح العيون العور ، والآذان الصمّ
ويحيي القلوب الغلف ، وما أعطيه لا أعطيه أحداً
يحمد الله حمداً جديداً ، يأتي من أقصى الأرض
وتفرح البريّة وسكانها ، يهللون على كلِّ شرف
ويكبرونه على كل رابية ، لا يضعف ، ولا يغلب
ولا يميل إلى الهوى مشقح
ولا يذلّ الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة
بل يقوّي الصديقين ، وهو ركن المتواضعين
وهو نور الله الذي لا ينطفي ، أثر سلطانه على كتفيه "
(5) .
2- خبر ابن الهيبان :
ومما حفظته لنا كتب السنة عن علماء اليهود
قبل الإسلام أن رجلاً من اليهود
كان يدعى ابن الهيبان قدم المدينة
ونزل في يهود بني قريظة قبل الإسلام بسنين
قال راوي القصة :
ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضل منه
فأقام عندنا إذا قحط عنا المطر قلنا له :
اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا
فيقول : لا والله حتى تقدموا بين مخرجكم صدقة
فنقول له : كم ؟ فيقول : صاعاً من تمر ، أو مدّين من شعير
قال : فنخرجها ثمَّ يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا
فيستسقي لنا
فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي
وقد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً .
قال : ثَمَّ حضرته الوفاة عندنا ، فلمّا عرف أنّه ميت قال :
يا معشر يهود
ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير
إلى أرض البؤس والجوع ؟
قال : قلنا : الله أعلم .
قال : فإني إنّما قدمت هذه البلدة
أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه
هذه البلدة مهاجرة ، فكنت أرجو أن يبعثه الله
وقد أظلّكم زمانه ، فلا تسبقّن إليه يا معشر يهود ، فإنّه يبعث بسفك الدماء ، وسبي الذراري ، فيمن خالفه ، فلا يمنعنكم ذلك منه ، وفد انتفع بوصية ابن الهيبان مجموعة من شباب يهود بني قريظة ، وهم ثعلبة بن سعيه ، وأسيد بن سعيه ، وأسد بن عبيد ، فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلم – لما حاصر بني قريظة – قال هؤلاء الفتية وكانوا شباباً أحداثاً : يا بني قريظة ، والله إنّه للنبي الذي عهد إليكم ابن الهيبان ، قالوا : ليس به ، قالوا : بلى ، إنّه لهو صفته ، فنزلوا ، فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم ورحالهم (6) .
3- خبر يوشع :
وروى أبو نعيم في دلائل النبوة بإسناده عن محمد بن سلمة ، قال : لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد ، يقال له : يوشع ، فسمعته يقول – وإني لغلام في إزار – قد أظلَّكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت ، ثمّ أشار بيده إلى بيت الله ، فمن أدركه فليصدّقه ، فبعث رسول الله فأسلمنا وهو بين أظهرنا ، ولم يسلم حسداً وبغياً (7) .
4- خبر عبد الله بن سلام :
وقد كان عبد الله بن سلام سيد اليهود وأعلمهم وابن سيدهم وأعلمهم ، قال : لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وهيئته وزمانه الذي كنا نتوكف له ، ( نتوكف : ننتظر ) فكنت بقباء مسراً صامتاً عليه ، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلمّا قدم نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة ، فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبّرت ، فقالت عمتي حين سمعت تكبيري : لو كنت سمعت بموسى بن عمران ما زدت ، قال : قلت له : أي عمّة ، والله هو أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه بعث بما بعث به .
قال : فقالت : يا ابن أخي أهو الذي كنّا نخبر أنّه يبعث مع الساعة ؟ قال : قلت : نعم ، قالت : فذاك إذاً ( .
وقد ذكر البخاري قصة مجيء عبد الله بن سلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإسلامه وطلبه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل إلى اليهود ويسألهم عنه بل أن يعلموا بإسلامه ، فلما جاؤوا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا معشر يهود ، ويلكم اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنّكم لتعلمون أنّي رسول الله حقاً ، وأنّي جئتكم بحقٍّ ، فأسلموا " قالوا : ما نعلمه ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، [ قالها ثلاث مرات ] قال : " فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ " قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا وابن أعلمنا ، قال : " أفرأيتم إن أسلم ، قالوا : حاش لله ما كان ليسلم [ سألهم ذلك ثلاثاً ، ويرددون عليه بالجواب نفسه ] ، قال : " يا ابن سلام ، اخرج عليهم " ، فخرج ، فقال : يا معشر اليهود ، اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو ، إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله ، وأنّه جاء بحق . فقالوا : كذبت . فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) .
5- شهادة غلام يهودي :
وروى أنس بن مالك أنَّ غلاماً يهودياً كان يخدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده ، فوجد أباه عند رأسه يقرأ التوراة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا يهودي أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، هل تجد في التوراة صفتي ومخرجي ؟ قال : لا .
قال الفتى : بلى والله يا رسول الله ، إنّا لنجد في التوراة نعتك ومخرجك ، وإنّي أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله " رواه البيهقي بإسناد صحيح (10) .
6- فراسة راهب :
وقد تعرف على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الرهبان وهو صغير ، عندما كان في تجارة مع عمّه أبي طالب إلى الشام ، روى أبو موسى قال : خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش ، فلمّا أشرفوا على الراهب هبطوا ، فحلّوا رحالهم ، فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ، قال : فهم يحلّون رحالهم ، فجعل يتخللهم الراهب ، حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربِّ العالمين ، يبعثه الله رحمة للعالمين .
فقال له أشياخ من قريش : ما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلاّ خرّ ساجداً ، ولا يسجدان إلاّ لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، ثمَّ رجع فصنع لهم طعاماً ، فلمّا أتاهم به ، وكان هو في رعية الإبل ، فقال : أرسلوا إليه ، فأقبل عليه غمامة تظلّه ، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلمّا جلس مال فيء الشجرة عليه ، فقال : انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه (11) .
شيوع هذه البشارات قبل البعثة
************************************
لقد كانت هذه البشارات منتشرة قبل البعثة النبوية
فلم يكن أهل الكتاب يكتمونها في ذلك الوقت
بل كانوا يذيعونها
ويزعمون أنهم سيتابعون صاحبها عندما يبعث
وقد حفظ لنا المسلمون بعض هذه البشارات
ونقل لنا الأنصار من أهل المدينة
أحاديث اليهود قبل البعثة عن هذه البشارات
وقد تعرف بعض أهل الكتاب على الرسول
صلى الله عليه وسلم في صغره
وانتفع بعض أهل الكتاب بهذه البشارات وآمنوا .
1- صفة رسولنا صلى الله عليه وسلم في التوراة :
روى البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار
قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص
قلت : أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة
قال : أجل ، " والله إنّه لموصوف في التوراة
ببعض صفته في القرآن
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )
[الأحزاب : 45]
وحرزاً للأميين ، أنت عبدي ورسولي
سمّيتك المتوكل ، ليس بفظّ ، ولا غليظ
ولا سخاب في الأسواق
[ السخب : الصياح ]
ولا يدفع بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر
ولا يقبضه الله حتى يقيم به الملّة العوجاء
بأن يقولوا : لا إله إلا الله ، ويفتح أعينا عمياً
وآذاناً صمّاً ، وقلوباً غلفاً "
(1) .
وروى الدارمي عن عطاء عن ابن سلام ونحوه (2)
وعن كعب –
وهو من علماء اليهود الذين آمنوا
بالنبي صلى الله عليه وسلم
– قال :
" نجد مكتوباً في التوراة محمد رسول الله
عبدي المختار
لا فظٌّ ولا غليظ ، ولا سخّاب في الأسواق
ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويغفر
مولده بمكة ، وهجرته بطيبة ، وملكه بالشام
وأمته الحمّادون ، يحمدون الله في السراء والضراء
يحمدون الله في كلّ منزلة ، ويكبرونه على كل شرف
رعاة للشمس ، يصلُّون الصلاة إذا جاء وقتها
يتأزرون على أنصافهم ، ويتوضؤون على أطرافهم
مناديهم ينادي في جوّ السماء ، صفهم في القتال
وصفهم في الصلاة سواء
لهم بالليل دويٌّ كدوي النحل "
قال التبريزي : هذا لفظ المصابيح
ورواه الدارمي مع تغيير (3) يسير .
أين هذه البشارة في التوراة :
وهذه البشارة ليست موجودة
في التوراة المنتشرة اليوم بين اليهود والنصارى
فإن كان المراد بالتوراة التوراة المعينة
فتكون هذه البشارة مما أخفته اليهود
وقد تكون مخفية عندهم مما لا يطلع عليه إلاّ أحبارهم (4)
إلاّ أنه قد تطلق التوراة ولا يراد بها توراة موسى
بل يراد بها الكتب المنزلة من عند الله
وقد يطلق على الكتب المنزلة اسم القرآن
كما في الحديث الصحيح
" خفّف على داود القرآن
فكان ما بين أن يسرج دابته على أن يركبها يقرأ القرآن "
والمراد به قرآنه وهو الزبور
وجاء في بعض البشارات عن هذه الأمة
" أناجيلهم في صدورهم "
فسمى القرآن إنجيلاً
وعلى ذلك فهذه البشارة موجودة عندهم في نبوة أشعيا
فقد جاء فيها :
" عبدي الذي سرّت به نفسي ، أنزل عليه وحيي
فيظهر في الأمم عدلي ، ويوصيهم بالوصايا
لا يضحك ، ولا يسمع صوته في الأسواق
يفتح العيون العور ، والآذان الصمّ
ويحيي القلوب الغلف ، وما أعطيه لا أعطيه أحداً
يحمد الله حمداً جديداً ، يأتي من أقصى الأرض
وتفرح البريّة وسكانها ، يهللون على كلِّ شرف
ويكبرونه على كل رابية ، لا يضعف ، ولا يغلب
ولا يميل إلى الهوى مشقح
ولا يذلّ الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة
بل يقوّي الصديقين ، وهو ركن المتواضعين
وهو نور الله الذي لا ينطفي ، أثر سلطانه على كتفيه "
(5) .
2- خبر ابن الهيبان :
ومما حفظته لنا كتب السنة عن علماء اليهود
قبل الإسلام أن رجلاً من اليهود
كان يدعى ابن الهيبان قدم المدينة
ونزل في يهود بني قريظة قبل الإسلام بسنين
قال راوي القصة :
ما رأينا رجلاً قط لا يصلي الخمس أفضل منه
فأقام عندنا إذا قحط عنا المطر قلنا له :
اخرج يا ابن الهيبان فاستسق لنا
فيقول : لا والله حتى تقدموا بين مخرجكم صدقة
فنقول له : كم ؟ فيقول : صاعاً من تمر ، أو مدّين من شعير
قال : فنخرجها ثمَّ يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا
فيستسقي لنا
فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقي
وقد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثاً .
قال : ثَمَّ حضرته الوفاة عندنا ، فلمّا عرف أنّه ميت قال :
يا معشر يهود
ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير
إلى أرض البؤس والجوع ؟
قال : قلنا : الله أعلم .
قال : فإني إنّما قدمت هذه البلدة
أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه
هذه البلدة مهاجرة ، فكنت أرجو أن يبعثه الله
وقد أظلّكم زمانه ، فلا تسبقّن إليه يا معشر يهود ، فإنّه يبعث بسفك الدماء ، وسبي الذراري ، فيمن خالفه ، فلا يمنعنكم ذلك منه ، وفد انتفع بوصية ابن الهيبان مجموعة من شباب يهود بني قريظة ، وهم ثعلبة بن سعيه ، وأسيد بن سعيه ، وأسد بن عبيد ، فإنّ الرسول صلى الله عليه وسلم – لما حاصر بني قريظة – قال هؤلاء الفتية وكانوا شباباً أحداثاً : يا بني قريظة ، والله إنّه للنبي الذي عهد إليكم ابن الهيبان ، قالوا : ليس به ، قالوا : بلى ، إنّه لهو صفته ، فنزلوا ، فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم ورحالهم (6) .
3- خبر يوشع :
وروى أبو نعيم في دلائل النبوة بإسناده عن محمد بن سلمة ، قال : لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد ، يقال له : يوشع ، فسمعته يقول – وإني لغلام في إزار – قد أظلَّكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت ، ثمّ أشار بيده إلى بيت الله ، فمن أدركه فليصدّقه ، فبعث رسول الله فأسلمنا وهو بين أظهرنا ، ولم يسلم حسداً وبغياً (7) .
4- خبر عبد الله بن سلام :
وقد كان عبد الله بن سلام سيد اليهود وأعلمهم وابن سيدهم وأعلمهم ، قال : لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت صفته واسمه وهيئته وزمانه الذي كنا نتوكف له ، ( نتوكف : ننتظر ) فكنت بقباء مسراً صامتاً عليه ، حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلمّا قدم نزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فأقبل رجل حتى أخبر بقدومه ، وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها ، وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة ، فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبّرت ، فقالت عمتي حين سمعت تكبيري : لو كنت سمعت بموسى بن عمران ما زدت ، قال : قلت له : أي عمّة ، والله هو أخو موسى بن عمران ، وعلى دينه بعث بما بعث به .
قال : فقالت : يا ابن أخي أهو الذي كنّا نخبر أنّه يبعث مع الساعة ؟ قال : قلت : نعم ، قالت : فذاك إذاً ( .
وقد ذكر البخاري قصة مجيء عبد الله بن سلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإسلامه وطلبه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل إلى اليهود ويسألهم عنه بل أن يعلموا بإسلامه ، فلما جاؤوا قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم : " يا معشر يهود ، ويلكم اتقوا الله ، فوالله الذي لا إله إلا هو إنّكم لتعلمون أنّي رسول الله حقاً ، وأنّي جئتكم بحقٍّ ، فأسلموا " قالوا : ما نعلمه ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ، [ قالها ثلاث مرات ] قال : " فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ " قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا وابن أعلمنا ، قال : " أفرأيتم إن أسلم ، قالوا : حاش لله ما كان ليسلم [ سألهم ذلك ثلاثاً ، ويرددون عليه بالجواب نفسه ] ، قال : " يا ابن سلام ، اخرج عليهم " ، فخرج ، فقال : يا معشر اليهود ، اتقوا الله فوالله الذي لا إله إلا هو ، إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله ، وأنّه جاء بحق . فقالوا : كذبت . فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) .
5- شهادة غلام يهودي :
وروى أنس بن مالك أنَّ غلاماً يهودياً كان يخدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده ، فوجد أباه عند رأسه يقرأ التوراة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا يهودي أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، هل تجد في التوراة صفتي ومخرجي ؟ قال : لا .
قال الفتى : بلى والله يا رسول الله ، إنّا لنجد في التوراة نعتك ومخرجك ، وإنّي أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك رسول الله " رواه البيهقي بإسناد صحيح (10) .
6- فراسة راهب :
وقد تعرف على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الرهبان وهو صغير ، عندما كان في تجارة مع عمّه أبي طالب إلى الشام ، روى أبو موسى قال : خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش ، فلمّا أشرفوا على الراهب هبطوا ، فحلّوا رحالهم ، فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ، قال : فهم يحلّون رحالهم ، فجعل يتخللهم الراهب ، حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربِّ العالمين ، يبعثه الله رحمة للعالمين .
فقال له أشياخ من قريش : ما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلاّ خرّ ساجداً ، ولا يسجدان إلاّ لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، ثمَّ رجع فصنع لهم طعاماً ، فلمّا أتاهم به ، وكان هو في رعية الإبل ، فقال : أرسلوا إليه ، فأقبل عليه غمامة تظلّه ، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلمّا جلس مال فيء الشجرة عليه ، فقال : انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه (11) .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:14 pm
- معرفة علماء اليهود
بموعد خروج النبي
صلى الله عليه وسلم :
عندما اقترب موعد خروج المصطفى
صلى الله عليه وسلم
علم أهل الكتاب بذلك بأمارات كانت عندهم
فقد روى أبو زرعة بإسناد صحيح
عن أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة
أن الرسول صلى الله عليه وسلم
التقى بزيد بن عمرو بن نفيل قبل البعثة
وكان مما أخبر به زيد الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه رحل في طلب الدين الحق دين التوحيد
فقال له حبر في الشام :
إنك لتسأل عن دين ما نعلم عليه أحداً يعبد الله به
إلاّ شيخ بالجزيرة .
قال فخرجت : فقدمت عليه
فأخبرته بالذي خرجت له ، فقال :
إن كلّ من رأيت في ضلالة ، ممنّ أنت ؟
قلت : أنا من أهل بيت الله ، ومن أهل الشوك والقرظ .
فقال : إنه قد خرج في بلدك نبيّ ، أو خارج
قد خرج نجمه ، فارجع فصدقه واتبعه
فرجعت فلم أحسّ شيئاً بعد
(12) .
كان زيد يحدّث بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته
ولم يكن يعلم أنَّ الذي يحدثه هو الرسول
صلى الله عليه وسلم الذي ظهر نجمه
ومات زيد قبل البعثة بسنوات .
وقد سبق ذكر خبر ابن الهيبان
الذي خرج من الشام إلى المدينة
فقد قال لليهود عندما حضرته الوفاة :
" إنّما أخرجني توقع خروج نبيّ قد أظلّ زمانه
هذه البلاد مهاجره " .
وفي صحيح البخاري :
كان ابن الناطور صاحب إيلياء وهرقل سُقُفاً على نصارى الشام
يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوماً خبيث النفس
، فقال بعض بطارقته : قد استنكرنا هيئتك
قال ابن الناطور :
وكان هرقل حزّاءً ينظر في النجوم ، فقال لهم حين سألوه :
إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختانِ قد ظهر "
وقال هرقل في آخر كلامه :
" هذا ملك هذه الأمة قد ظهر " (13) يعني العرب .
--------------------------------
(1) رواه البخاري : 2125 . الأميون : العرب . والسخب : الصياح والجلبة . والفظ : القاسي القلب .
(2) مشكاة المصابيح : 3/125 .
(3) مشكاة المصابيح : 3/129 .
(4) الذي يظهر لنا أنه كان حتى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نسخ غير محرفة من التوراة والإنجيل بدلالة قوله تعالى : ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ ) [ المائدة : 47 ] وقوله : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ) [ المائدة : 43 ] ، وقوله : ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ) [ المائدة : 68 ] . فقد كانت هناك نسخ كثيرة محرفة وبعض النسخ لم يصبها التحريف ، ولكن اليهود كانوا يخفونها ، ولعلّ بعضاً من هذه النسخ لا تزال إلى يومنا يخفيها بعض علماء اليهود والنصارى ، ويذكر صاحب كتاب (( محمد نبي الإسلام )) ص (46) نقلاً عن مجلة (( الأيكونومست )) البريطانية أن أول عمل يؤديه المرشح لوظيفة في ( الكوريا ) أي الإدارية المركزية للكنيسة الكاثولوكية هو أن يقسم اليمين المقدسة على كتمان كل شيء يصل إلى علمه أو يقع تحت بصره ، من معلومات خصوصاً عن ثروة الكنيسة ومواردها إلى جانب ما يملكه الفاتيكان من تحف وثروة فنية تعتبر من أثمن الثروات في العالم . ولا شك أن عبارة ثروة فنية تشمل مكتبة الفاتيكان الضخمة بما تحويه من كتب في الديانة المسيحية لو تركت للبحث العلمي الحر لألقت أضواءً لامعة على حقبة مجهولة من تاريخ المسيحية في قرونها الأولى المظلمة .
(5) الجواب الصحيح لابن تيمية : (3/281) .
(6) البداية والنهاية : 1/310 .
(7) البداية والنهاية : 2/309 .
( ابن إسحاق في السيرة ( البداية : 3/211 ) .
(9) صحيح البخاري : 3911 .
(10) الجواب الصحيح : (3/287) .
(11) الحديث رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب . ( انظر مشكاة المصابيح : 3/187 ) وقال الشيخ ناصر في تعليقه على الحديث في المشكاة : رجاله ثقات. والحديث صحيح كما بينته في مقال نشرته في ( مجلة التمدن الإسلامي ) .
(12) الجواب الصحيح : 3/285 .
(13) صحيح البخاري : كتاب بدء الوحي حديث رقم : 7 . والأسقف مرتبة دينية عند النصارى . والحزاء : يقال للناظر في النجوم، لأنه يقدر الأمور بظنه .
بموعد خروج النبي
صلى الله عليه وسلم :
عندما اقترب موعد خروج المصطفى
صلى الله عليه وسلم
علم أهل الكتاب بذلك بأمارات كانت عندهم
فقد روى أبو زرعة بإسناد صحيح
عن أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة
أن الرسول صلى الله عليه وسلم
التقى بزيد بن عمرو بن نفيل قبل البعثة
وكان مما أخبر به زيد الرسول صلى الله عليه وسلم
أنه رحل في طلب الدين الحق دين التوحيد
فقال له حبر في الشام :
إنك لتسأل عن دين ما نعلم عليه أحداً يعبد الله به
إلاّ شيخ بالجزيرة .
قال فخرجت : فقدمت عليه
فأخبرته بالذي خرجت له ، فقال :
إن كلّ من رأيت في ضلالة ، ممنّ أنت ؟
قلت : أنا من أهل بيت الله ، ومن أهل الشوك والقرظ .
فقال : إنه قد خرج في بلدك نبيّ ، أو خارج
قد خرج نجمه ، فارجع فصدقه واتبعه
فرجعت فلم أحسّ شيئاً بعد
(12) .
كان زيد يحدّث بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته
ولم يكن يعلم أنَّ الذي يحدثه هو الرسول
صلى الله عليه وسلم الذي ظهر نجمه
ومات زيد قبل البعثة بسنوات .
وقد سبق ذكر خبر ابن الهيبان
الذي خرج من الشام إلى المدينة
فقد قال لليهود عندما حضرته الوفاة :
" إنّما أخرجني توقع خروج نبيّ قد أظلّ زمانه
هذه البلاد مهاجره " .
وفي صحيح البخاري :
كان ابن الناطور صاحب إيلياء وهرقل سُقُفاً على نصارى الشام
يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوماً خبيث النفس
، فقال بعض بطارقته : قد استنكرنا هيئتك
قال ابن الناطور :
وكان هرقل حزّاءً ينظر في النجوم ، فقال لهم حين سألوه :
إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختانِ قد ظهر "
وقال هرقل في آخر كلامه :
" هذا ملك هذه الأمة قد ظهر " (13) يعني العرب .
--------------------------------
(1) رواه البخاري : 2125 . الأميون : العرب . والسخب : الصياح والجلبة . والفظ : القاسي القلب .
(2) مشكاة المصابيح : 3/125 .
(3) مشكاة المصابيح : 3/129 .
(4) الذي يظهر لنا أنه كان حتى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم نسخ غير محرفة من التوراة والإنجيل بدلالة قوله تعالى : ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ ) [ المائدة : 47 ] وقوله : ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ ) [ المائدة : 43 ] ، وقوله : ( لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ) [ المائدة : 68 ] . فقد كانت هناك نسخ كثيرة محرفة وبعض النسخ لم يصبها التحريف ، ولكن اليهود كانوا يخفونها ، ولعلّ بعضاً من هذه النسخ لا تزال إلى يومنا يخفيها بعض علماء اليهود والنصارى ، ويذكر صاحب كتاب (( محمد نبي الإسلام )) ص (46) نقلاً عن مجلة (( الأيكونومست )) البريطانية أن أول عمل يؤديه المرشح لوظيفة في ( الكوريا ) أي الإدارية المركزية للكنيسة الكاثولوكية هو أن يقسم اليمين المقدسة على كتمان كل شيء يصل إلى علمه أو يقع تحت بصره ، من معلومات خصوصاً عن ثروة الكنيسة ومواردها إلى جانب ما يملكه الفاتيكان من تحف وثروة فنية تعتبر من أثمن الثروات في العالم . ولا شك أن عبارة ثروة فنية تشمل مكتبة الفاتيكان الضخمة بما تحويه من كتب في الديانة المسيحية لو تركت للبحث العلمي الحر لألقت أضواءً لامعة على حقبة مجهولة من تاريخ المسيحية في قرونها الأولى المظلمة .
(5) الجواب الصحيح لابن تيمية : (3/281) .
(6) البداية والنهاية : 1/310 .
(7) البداية والنهاية : 2/309 .
( ابن إسحاق في السيرة ( البداية : 3/211 ) .
(9) صحيح البخاري : 3911 .
(10) الجواب الصحيح : (3/287) .
(11) الحديث رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب . ( انظر مشكاة المصابيح : 3/187 ) وقال الشيخ ناصر في تعليقه على الحديث في المشكاة : رجاله ثقات. والحديث صحيح كما بينته في مقال نشرته في ( مجلة التمدن الإسلامي ) .
(12) الجواب الصحيح : 3/285 .
(13) صحيح البخاري : كتاب بدء الوحي حديث رقم : 7 . والأسقف مرتبة دينية عند النصارى . والحزاء : يقال للناظر في النجوم، لأنه يقدر الأمور بظنه .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:14 pm
دعوة الرّسُل
*******************
النظر في دعوة الرسل مجال خصب يدلنا على مدى صدقهم
فقد جاءت الرسل بمنهج متكامل لإصلاح الإنسان
ولإصلاح المجتمع الإنساني
ودين كهذا يقول الذين جاؤوا به إنّه منزل من عند الله
لا بدّ أن يكون في غاية الكمال
خالياً من النقائص والعيوب ، لا يتعارض مع فطرة الإنسان
وسنن الكون ، وقد وجهنا القرآن إلى هذا النوع من الاستدلال
فقال :
( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا )
[النساء : 82] .
فكونه وحدة متكاملة يصدق بعضه بعضاً
لا تناقض فيه ولا اختلاف –
دليل واضح على صدق الذي جاء به .
والنظر في المقاصد التي تدعو إليها الرسل
والفضائل والقيم التي يُنادون بها كلُّ ذلك من أعظم الأدلة ع
لى صدقهم ، وقد قال الله تعالى :
( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )
[ الإسراء : 9 ] .
ولقد ألَّف العلماء مؤلفات في بيان
كمال هذا الدين وشموله وبيان حكمة التشريع
وبيان القواعد والأسس التي تجعل هذا الدين بناء محكماً
يردد الناس النظر فيه فلا يجدون فيه عيباً ولا نقصاً .
وقد ميز الله البشر بالعقل ، وأودع عقولهم إدراك قبح القبيح
وإدراك حسن الحسن
إلاّ أنّ رحمته جلّ وعلا اقتضت ألاّ يعذب خلقه
على تركهم الحسن وفعلهم القبيح
ما لم يُقِم عليهم الحجةَ بإرسال الرسل .
وقد سئل أعرابيُّ : بم عرفت أنّ محمداً رسول الله ؟
فقال : ما أمر بشيء فقال العقل: ليته ينهى عنه
ولا نهى عن شيء ، فقال العقل : ليته أمر به
(1) .
وهذا الذي استدل به الأعرابي في غاية الجودة
فإن الرسل جاءت من عند الله بعلوم وشرائع
يعلم العاقل المنصف عند التأمل فيها
أنّه لا يمكـن أن تكون آراء البشر ولا أفكارهم .
دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
والناظر في دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
يكون مكابراً أعظم المكابرة إن لم يعتبر ولم يؤمن
فنبينا عليه السلام جاء بهذا القرآن
الذي عجزت الإنس والجنُّ عن الإتيان بمثله
وقد حوى من الأخبار الماضية والآتية
والعلوم المختلفة ما يخضع له المنصف
ويجعله يسبح بحمد الله طويلاً .
هذا الكتاب وتلك العلوم تصل إلينا على يد رجل أميّ
لم يمسك بالقلم يوماً ، ولم يكن يقرأ ما سطره العلماء
والكتاب من قبل
( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ
وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )
[ العنكبوت : 48 ] .
ليس أمراً عادياً أن يتحول رجل أميّ بين عشية وضحاها
إلى معلم بشرية ، يبذل العلم للناس
ويقوّم علوم السابقين ، ويبين ما فيها من تحريف وتغير .
لقد كان هذا الدليل يجول في نفوس أهل مكة ، فهم يعرفون محمداً صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتيهم بما أتاهم به ، ويعلمون أُميته ، ولذلك لم يكن منهم إلا التمحل وجحود الحقّ بعد معرفته ( فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ ) [الأنعام : 33] لقد وصلت بهم السفاهة إلى الزعم بأن الذي يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا العلم حداد رومي كان بمكة ، وإنه لفرية مضحكة ( لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) [ النحل : 103 ] .
--------------------
(1) مفتاح دار السعادة : 2/6-7 .
*******************
النظر في دعوة الرسل مجال خصب يدلنا على مدى صدقهم
فقد جاءت الرسل بمنهج متكامل لإصلاح الإنسان
ولإصلاح المجتمع الإنساني
ودين كهذا يقول الذين جاؤوا به إنّه منزل من عند الله
لا بدّ أن يكون في غاية الكمال
خالياً من النقائص والعيوب ، لا يتعارض مع فطرة الإنسان
وسنن الكون ، وقد وجهنا القرآن إلى هذا النوع من الاستدلال
فقال :
( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا )
[النساء : 82] .
فكونه وحدة متكاملة يصدق بعضه بعضاً
لا تناقض فيه ولا اختلاف –
دليل واضح على صدق الذي جاء به .
والنظر في المقاصد التي تدعو إليها الرسل
والفضائل والقيم التي يُنادون بها كلُّ ذلك من أعظم الأدلة ع
لى صدقهم ، وقد قال الله تعالى :
( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ )
[ الإسراء : 9 ] .
ولقد ألَّف العلماء مؤلفات في بيان
كمال هذا الدين وشموله وبيان حكمة التشريع
وبيان القواعد والأسس التي تجعل هذا الدين بناء محكماً
يردد الناس النظر فيه فلا يجدون فيه عيباً ولا نقصاً .
وقد ميز الله البشر بالعقل ، وأودع عقولهم إدراك قبح القبيح
وإدراك حسن الحسن
إلاّ أنّ رحمته جلّ وعلا اقتضت ألاّ يعذب خلقه
على تركهم الحسن وفعلهم القبيح
ما لم يُقِم عليهم الحجةَ بإرسال الرسل .
وقد سئل أعرابيُّ : بم عرفت أنّ محمداً رسول الله ؟
فقال : ما أمر بشيء فقال العقل: ليته ينهى عنه
ولا نهى عن شيء ، فقال العقل : ليته أمر به
(1) .
وهذا الذي استدل به الأعرابي في غاية الجودة
فإن الرسل جاءت من عند الله بعلوم وشرائع
يعلم العاقل المنصف عند التأمل فيها
أنّه لا يمكـن أن تكون آراء البشر ولا أفكارهم .
دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
والناظر في دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
يكون مكابراً أعظم المكابرة إن لم يعتبر ولم يؤمن
فنبينا عليه السلام جاء بهذا القرآن
الذي عجزت الإنس والجنُّ عن الإتيان بمثله
وقد حوى من الأخبار الماضية والآتية
والعلوم المختلفة ما يخضع له المنصف
ويجعله يسبح بحمد الله طويلاً .
هذا الكتاب وتلك العلوم تصل إلينا على يد رجل أميّ
لم يمسك بالقلم يوماً ، ولم يكن يقرأ ما سطره العلماء
والكتاب من قبل
( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ
وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ )
[ العنكبوت : 48 ] .
ليس أمراً عادياً أن يتحول رجل أميّ بين عشية وضحاها
إلى معلم بشرية ، يبذل العلم للناس
ويقوّم علوم السابقين ، ويبين ما فيها من تحريف وتغير .
لقد كان هذا الدليل يجول في نفوس أهل مكة ، فهم يعرفون محمداً صلى الله عليه وسلم قبل أن يأتيهم بما أتاهم به ، ويعلمون أُميته ، ولذلك لم يكن منهم إلا التمحل وجحود الحقّ بعد معرفته ( فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ ) [الأنعام : 33] لقد وصلت بهم السفاهة إلى الزعم بأن الذي يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا العلم حداد رومي كان بمكة ، وإنه لفرية مضحكة ( لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) [ النحل : 103 ] .
--------------------
(1) مفتاح دار السعادة : 2/6-7 .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:15 pm
تأييد الله لرسُله ونصرته لهم
......................
ومما يدلنا على صدق الأنبياء والمرسلين
نصرة الله لهم وحفظه إياهم
فإنّه يستحيل على الله تعالى أن يتقول عليه متقول
فيدعي أنّه مرسل من عند الله وهو كاذب في دعواه
ثمّ بعد ذلك يؤيده الله وينصره
ويرسل الملائكة لتثبيته وحمايته
لو فعل هذا ملك من ملوك الأرض
فادعى مدع أنّه مرسل من قبله كذباً وزوراً
وعلم بذلك الملك المفترى عليه ، فإنّه سيلاحقه
وإذا ظفر به فسيوقع به أشدَّ العذاب
فكيف يليق بخالق الكون العليم الحكيم
أن يرى ويسمع رجلاً يكذب عليه ، ويزعم أنّه رسوله
ويحلل باسمه ويحرم ، ويشرع الشرائع
ويضرب الرقاب
ويزعم أنه يفعل ذلك بأمر الله وبرضاه ومشيئته
ثم يؤيده الله وينصره ، ولا يوقع به عقابه وعذابه ؟
هذا لا يكون أبداً
وإن وقع مثل هذا من كاذب مارق وظهر أمره
وقويت شوكته يوماً ، فلن يطول ذلك
ولا بدَّ أن يكشف الله أمره ، ويهتك ستره
ويسلط عليه من يقهره ، ويجعله عبرة لغيره
كما فعل الله بمسيلمة وسجاح والأسود العنسي من قبل
(1) .
وقد أشار الله تعالى لهذا النوع من الاستدلال فقال :
( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ )
[ النحل : 116 ]
فحكم عليهم بعدم الفلاح
وقال :
( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ -
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ -
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )
[الحاقة : 44-46]
والمعنى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم
لو تقوَّل على الله ما لم يقله الله لأهلكه الله .
وهذا الدليل ذو تأثير كبير على نفوس الناس
فإن العرب لمّا رأت انتصار الإسلام صدقت وآمنت
ودخلت في دين الله أفواجاً
( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ -
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا )
[النصر : 1-2] .
شبهة :
..........
وما يذكره بعض المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم
من أنّ النصر تمّ لفرعون ونمرود وجنكيزخان
وغيرهم من الملوك الكفرة في القديم والحديث
جوابه ظاهر ، فإن هؤلاء لم يدع أحد منهم النبوة
وأن الله أمره أن يدعو إلى عبادته وطاعته
ومن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار
بخلاف من ادعى أن الله أرسله ، ثمّ يؤيده الله وينصره،
وينصر أتباعه ويجعل العاقبة لهم فإنّه لا يكون إلاّ رسولاً صادقاً
فلو كان كاذباً فلا بدّ أن ينتقم الله منه
ويقطع دابره
واعتبر في هذا بحال مسيلمة والأسود العنسي وسجاح
واعتبر هذا بحال المسيح الدجال
فإنّه يفتري على الله الكذب ويدعي الألوهية
فيكشف الله ستره ، ويظهر أمره لمن كان عنده بصيرة
فهو رجل أعور ، مكتوب بين عينيه كافر
وإنّما يلتبس أمره على من لم يرزق نور الإيمان .
--------------------------------
(1) راجع شرح العقيدة الطحاوية :
ص 165-167 وقد استدل بشيء قريب
من هذا ابن القيم في كتابه هداية الحيارى
انظر الجامع : (ص562) .
......................
ومما يدلنا على صدق الأنبياء والمرسلين
نصرة الله لهم وحفظه إياهم
فإنّه يستحيل على الله تعالى أن يتقول عليه متقول
فيدعي أنّه مرسل من عند الله وهو كاذب في دعواه
ثمّ بعد ذلك يؤيده الله وينصره
ويرسل الملائكة لتثبيته وحمايته
لو فعل هذا ملك من ملوك الأرض
فادعى مدع أنّه مرسل من قبله كذباً وزوراً
وعلم بذلك الملك المفترى عليه ، فإنّه سيلاحقه
وإذا ظفر به فسيوقع به أشدَّ العذاب
فكيف يليق بخالق الكون العليم الحكيم
أن يرى ويسمع رجلاً يكذب عليه ، ويزعم أنّه رسوله
ويحلل باسمه ويحرم ، ويشرع الشرائع
ويضرب الرقاب
ويزعم أنه يفعل ذلك بأمر الله وبرضاه ومشيئته
ثم يؤيده الله وينصره ، ولا يوقع به عقابه وعذابه ؟
هذا لا يكون أبداً
وإن وقع مثل هذا من كاذب مارق وظهر أمره
وقويت شوكته يوماً ، فلن يطول ذلك
ولا بدَّ أن يكشف الله أمره ، ويهتك ستره
ويسلط عليه من يقهره ، ويجعله عبرة لغيره
كما فعل الله بمسيلمة وسجاح والأسود العنسي من قبل
(1) .
وقد أشار الله تعالى لهذا النوع من الاستدلال فقال :
( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ )
[ النحل : 116 ]
فحكم عليهم بعدم الفلاح
وقال :
( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ -
لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ -
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ )
[الحاقة : 44-46]
والمعنى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم
لو تقوَّل على الله ما لم يقله الله لأهلكه الله .
وهذا الدليل ذو تأثير كبير على نفوس الناس
فإن العرب لمّا رأت انتصار الإسلام صدقت وآمنت
ودخلت في دين الله أفواجاً
( إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ -
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا )
[النصر : 1-2] .
شبهة :
..........
وما يذكره بعض المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم
من أنّ النصر تمّ لفرعون ونمرود وجنكيزخان
وغيرهم من الملوك الكفرة في القديم والحديث
جوابه ظاهر ، فإن هؤلاء لم يدع أحد منهم النبوة
وأن الله أمره أن يدعو إلى عبادته وطاعته
ومن أطاعه دخل الجنة ، ومن عصاه دخل النار
بخلاف من ادعى أن الله أرسله ، ثمّ يؤيده الله وينصره،
وينصر أتباعه ويجعل العاقبة لهم فإنّه لا يكون إلاّ رسولاً صادقاً
فلو كان كاذباً فلا بدّ أن ينتقم الله منه
ويقطع دابره
واعتبر في هذا بحال مسيلمة والأسود العنسي وسجاح
واعتبر هذا بحال المسيح الدجال
فإنّه يفتري على الله الكذب ويدعي الألوهية
فيكشف الله ستره ، ويظهر أمره لمن كان عنده بصيرة
فهو رجل أعور ، مكتوب بين عينيه كافر
وإنّما يلتبس أمره على من لم يرزق نور الإيمان .
--------------------------------
(1) راجع شرح العقيدة الطحاوية :
ص 165-167 وقد استدل بشيء قريب
من هذا ابن القيم في كتابه هداية الحيارى
انظر الجامع : (ص562) .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:16 pm
فضل الأنبياء وتفاضلهم
المبحث الأول
فضل الأنبياء على غيرهم
المطلب الأول
الأدلة على هذا التفضيل
*******************************
خلق الله الخلق وفاضل بينهم :
( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ )
[القصص : 68]
وقد اختار من أرضه مكة
فجعلها مقرّ بيته العتيق الذي من دخله كان آمناً
وجعل أفئدة من الناس تهوي إليه
وأوجب على الناس الحج إليه من استطاع إليه سبيلاً
وحرّم صيد الحرم وقطع شجره
وجعل الأعمال الصالحة فيه مضاعفة
وجعل إرادة الظلم فيه مستحقة العذاب الأليم
( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
[الحج:25]
واختار من الشهور شهر رمضان
ومن الليالي ليلة القدر ، ومن الأيام يوم عرفة
ومن أيام الأسبوع يوم الجمعة
وفاضل الله بين الملائكة فاختار منهم الملائكة
الذين يحملون رسالته إلى رسله وأنبيائه
واصطفى الله من بني آدم الأنبياء ، فالأنبياء أفضل البشر
وأفضل الأنبياء الرسل
( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا
وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )
[ الحج : 75 ] .
وقد أجمعت الأمة على تفضيل الأنبياء (1)
على غيرهم من الصديقين والشهداء والصالحين .
ويدلَّ على تفضيلهم قوله تعالى :
( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
- وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا
هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ
وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ -
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ
- وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ )
[ الأنعام : 83-86 ] .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه :
" ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين
والمرسلين على أفضل من أبي بكر "
(2) .
ويؤخذ من الحديث أن الأنبياء والمرسلين أفضل الخلق
وأنّ أفضل رجل بعدهم أبو بكر الصديق .
وقريب من هذا الحديث قول الرسول
صلى الله عليه وسلم في أبي بكر وعمر
" هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين
إلاّ النبيين والمرسلين "
(3) .
وقد رتب الله عباده السعداء الذين أنعم عليهم أربع مراتب
قال تعالى :
( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا )
[ النساء : 69 ] .
فأول هذه المراتب وأعلاها الأنبياء
ثم الصديقون ثم الشهداء ، ثم الصالحون .
لا مجال للمصادفة :
قد يظنّ ظانٌ أن للمصادفة هنا محلاً
وأن من الأنبياء من أصابته النبوة وهو لا يستحقها
معاذ الله
ولكنّ الله العليم الحكيم الخبير نظر في معادن العباد وقلوبهم
واختار منهم واصطفى الأفضل الأكمل
وصدق الله إذ يقول :
( اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )
[الأنعام : 124] .
إنّ حكمة الله وعلمه قاضيان بأن لا تمنح النبوة والرسالة
إلاّ للمستعد لها والقادر على حملها (4)
وإذا تأملت في سيرة أنبياء الله ورسله
رأيتهم أبرّ الناس قلوباً ، وأعمقهم علماً
وأحضرهم بديهة ، وأشدّهم تحملاً ، وأرقهم طباعاً
.. فلا عجب أن يختارهم الله ليكونوا أمناء وحيه
والعاملين على إقامة دينه
فهم القمم السامقة التي تعجز النفوس عن أن تبلغ مداها .
المبحث الأول
فضل الأنبياء على غيرهم
المطلب الأول
الأدلة على هذا التفضيل
*******************************
خلق الله الخلق وفاضل بينهم :
( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ )
[القصص : 68]
وقد اختار من أرضه مكة
فجعلها مقرّ بيته العتيق الذي من دخله كان آمناً
وجعل أفئدة من الناس تهوي إليه
وأوجب على الناس الحج إليه من استطاع إليه سبيلاً
وحرّم صيد الحرم وقطع شجره
وجعل الأعمال الصالحة فيه مضاعفة
وجعل إرادة الظلم فيه مستحقة العذاب الأليم
( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
[الحج:25]
واختار من الشهور شهر رمضان
ومن الليالي ليلة القدر ، ومن الأيام يوم عرفة
ومن أيام الأسبوع يوم الجمعة
وفاضل الله بين الملائكة فاختار منهم الملائكة
الذين يحملون رسالته إلى رسله وأنبيائه
واصطفى الله من بني آدم الأنبياء ، فالأنبياء أفضل البشر
وأفضل الأنبياء الرسل
( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا
وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ )
[ الحج : 75 ] .
وقد أجمعت الأمة على تفضيل الأنبياء (1)
على غيرهم من الصديقين والشهداء والصالحين .
ويدلَّ على تفضيلهم قوله تعالى :
( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ
- وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا
هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ
وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ -
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ
- وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ )
[ الأنعام : 83-86 ] .
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه :
" ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين
والمرسلين على أفضل من أبي بكر "
(2) .
ويؤخذ من الحديث أن الأنبياء والمرسلين أفضل الخلق
وأنّ أفضل رجل بعدهم أبو بكر الصديق .
وقريب من هذا الحديث قول الرسول
صلى الله عليه وسلم في أبي بكر وعمر
" هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين
إلاّ النبيين والمرسلين "
(3) .
وقد رتب الله عباده السعداء الذين أنعم عليهم أربع مراتب
قال تعالى :
( وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ
فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ
وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا )
[ النساء : 69 ] .
فأول هذه المراتب وأعلاها الأنبياء
ثم الصديقون ثم الشهداء ، ثم الصالحون .
لا مجال للمصادفة :
قد يظنّ ظانٌ أن للمصادفة هنا محلاً
وأن من الأنبياء من أصابته النبوة وهو لا يستحقها
معاذ الله
ولكنّ الله العليم الحكيم الخبير نظر في معادن العباد وقلوبهم
واختار منهم واصطفى الأفضل الأكمل
وصدق الله إذ يقول :
( اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )
[الأنعام : 124] .
إنّ حكمة الله وعلمه قاضيان بأن لا تمنح النبوة والرسالة
إلاّ للمستعد لها والقادر على حملها (4)
وإذا تأملت في سيرة أنبياء الله ورسله
رأيتهم أبرّ الناس قلوباً ، وأعمقهم علماً
وأحضرهم بديهة ، وأشدّهم تحملاً ، وأرقهم طباعاً
.. فلا عجب أن يختارهم الله ليكونوا أمناء وحيه
والعاملين على إقامة دينه
فهم القمم السامقة التي تعجز النفوس عن أن تبلغ مداها .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:17 pm
المطلب الثاني
دعوى تفضيل الأئمة على الأنبياء
وقد خالفت في هذه المسألة التي أجمعت
عليها الأمة طوائف من الذين ينتسبون إلى الإسلام
فمن هؤلاء الشيعة الإمامية الاثني عشرية
يقول عالم من علمائهم البارزين المعاصرين (5)
في هذا الموضوع :
" إن من ضرورات مذهبنا أنّ لأئمتنا مقاماً
لا يبلغه ملك مقرب ولا نبيٌّ مرسل " (6)
وقال أيضاً : " ورد عنهم (أي الأئمة)
: إنّ لنا مع الله حالات ، لا يسعها ملك مقرب
ولا نبيٌّ مرسل ، ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء "
(7) ( .
قال الألوسي رحمه الله في (( مختصر التحفة ص 100 ))
مبيناً قول الشيعة في هذه المسألة :
" أجمع الإمامية على أن الإمام أفضل من غير أولي العزم
من الرسل والأنبياء
وليس بأفضل من خاتم النبيين عليه وعليهم السلام
وأما غيره من سائر أولي العزم فقد توقف فيه
بعضم كابن المطهر الحلي وغيره ، ويعتقد بعضهم أنه مساوٍ لهم
وهذا مخالف لما ورد عن الأئمة
فقد روى الكليني عن هشام الأحوال
عن زيد بن علي أن الأنبياء أفضل من الأئمة
وأن من قال غير ذلك فهو ضال
وروى ابن بابويه عن الصادق ما ينص على أن الأنبياء
أحبّ إلى الله من عليٍّ " .
وقد رد الألوسي – رحمه الله –
قولهم بنصوص الكتاب وبالمعقول وبتضعيف النصوص
التي اعتمدوا عليها لضعف رجالها
ولكونها معارضة للنصوص الأخرى الموجودة في كتبهم
وهي ردود شافية لمن أراد معرفة الحقّ واتباعه فارجع إليه .
وقد ترددت هذه الأقوال المفضلة للأئمة على الأنبياء في كتب الشيعة كثيراً ، فقد ذكر علي موسى البهبهاني في كتابه مصباح الهداية في إثبات الولاية (9) (ص61-62) أن الأمامة مرتبة فوق النبوة .
ولذلك فقد حكموا بكفر من أنكر إمامة أئمتهم أو إمامة واحد منهم ، قال ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق :
" اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده أنّه كمن جحد نبوة جميع الأنبياء ، واعتقادنا فيمن أقرّ بأمير المؤمنين وأنكر واحداً من بعده من الأئمة أنّه بمنزلة من أقرّ بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد " (( رسالته في الاعتقاد ص 103 )) .
وقال المفيد : " اتفقت الإمامية على أنّ من أنكر إمامة أحد من الأئمة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار " بحار الأنوار للمجلسي ((23/390)) والمجلسي ذكر قول المفيد لتأييد رأيه .
ويرى بعضهم أنّ إنكار الإمامة شر من إنكار النبوة ، يقول الحلي الملقب عند الجعفرية بالعلامة : " الإمامة لطف عام ، والنبوة لطف خاص ، لإمكان خلو الزمان من نبي حي بخلاف الإمام ، وإنكار اللطف العام شرٌّ من إنكار اللطف الخاص " (( كتاب الألفين في إمامة أمير المؤمنين للحسن بن يوسف المطهر الحلي 1/3 )) وعقب أحد علمائهم على هذا بأنّه " نعم ما قال " وأضاف : " وإلى هذا أشار الصدوق بقوله عن منكر الإمامة هو شرّ الثلاثة ، فعنه أنه قال : الناصبي شرّ من اليهودي ، قيل : وكيف ذلك يا ابن رسول الله ؟ فقال : إن اليهودي منع لطف النبوة وهو خاص ، والناصبي منع لطف الإمامة وهو عام " (( انظر حاشية ص 43 من كتاب النفع يوم الحشر لجمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري )) .
المطلب الثالث
الزعم بأن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء (10)
وزعم بعض المتصوفة أنّ الولاية أفضل من النبوة ، وزعم هؤلاء أنّ خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء ، ومن هؤلاء الذين زعموا هذا الزعم الباطل الحكيم الترمذي ، وابن عربي القائل بوحدة الوجود ، وهؤلاء كذبوا فيما ذهبوا إليه ، فلم يرد في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنّ هناك خاتماً للأولياء ، ولم يرد أنّه أفضل من غيره من الأولياء فضلاً عن أن يكون خيرهم ، ولم يتكلم في هذه المسألة أحد من الذين لهم باع في العلم ممن يقتدى ويتأسى بهم .
وأصل غلطهم أنّهم نظروا فوجدوا أنّ محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ، وأفضل الرسل ، فقالوا : هو أفضلهم لأنّه آخرهم ، وهذا فاسد فالتأخر والتقدم ليس عليه مدار التفضيل ، ولذلك كان إبراهيم متقدماً وهو أفضل من موسى ، وإبراهيم وموسى متقدمان ، وهما أفضل من عيسى ، وصحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن أفضل هذه الأمة صحابته الذين كانوا معه ، ولو أنّ المسلم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ، وثبت عنه أنه قال : " خير الناس قرني ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم " (11) .
وفي العلوم قد ينبغ المتقدم نبوغاً لا يدرك شأوه المتأخر ، واعتبر في هذا بسيبويه في علم النحو ، وقد يكون هذا في العلوم المترقية التي يكمل المتأخر فيها المتقدم صحيحاً ، أمّا في النبوة والرسالة فالأمر مختلف ، إذ النبوة وعلومها هبة إلهية ، ومنحة ربانية ، لا تنال بالكسب والمجاهدة ، وقد فتحت هذه المقالة باب شرّ ، فأصبح كلّ من ظنَّ في نفسه خيراً، وكلّ من أراد بهذه الأمّة شراً يزعم أنّه خاتم الأولياء ، وأنّه يأخذ علومه عن الله من غير واسطة ، وهذا ضلال كبير ، فليس لأحد من هذه الأمة أن يزعم أنه أفضل من أحد من الأنبياء ، وليس لأحد يزعم الصلاح أن يتعبد الله بطريقة تخالف طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم .
--------------------------------
(1)مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 11/321 .
(2) أخرجه بنحوه عبد بن حميد في ((مسنده)) ورقمه : (212) من حديث أبي الدرداء ، وأخرجه أيضاً عبد الله بن أحمد في كتاب ((فضائل الصحابة)) ورقمه : (508) .
ولفظه في ((مسند عبد بن حميد)) : عن أبي الدرداء ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل ، وأخير ، من أبي بكر ، إلا أن يكون نبيٌّ " .
(3) أخرجه الترمذي : (3664) من حديث أنس بن مالك ، و (3665) من حديث علي بن أبي طالب ، وكلاهما صحيح .
(4) المهتدون بهدى الكتاب والسنة يرون أنّ الرسل أفضل الخلق وأكملهم ، وقد اختارهم العليم الخبير كي يكونوا سفراءه إلى خلقه ، وينبغي أن نفرق بين ما جبلهم الله عليه من الفضائل والمزايا وبين ما أوحاه إليهم ، فالذي أوحي إليهم به لم يكن لهم به علم، وليس لذكائهم وفظنتهم من شيء فيه ، ولذلك قال الله لرسوله : ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الإيمانُ ) [ الشورى : 52 ] وهذا يرد على ذلك الصنف من الذين يزعمون أنهم يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويصفونه بالعبقرية ، ثم ينسبون كل شيء إلى عبقريته ، حتى العلوم التي جاء بها ، وهذه خدعة ماكرة ، يريدون من ورائها إنكار الوحي ، ونسبة هذه العلوم الإلهية الربانية إلى العبقرية المحمدية ، ونحن في الرد عليهم لا نشتط فننكر مزايا الرسول وفضله ، ولكننا نبطل باطلهم، ونثبت الجانب الحق فيه ، وهو أن محمداً ليس عبقرياً فقط ، بل هو مع ذلك رسول رب العالمين .
(5) هو الخميني الذي فجّر الثورة في إيران .
(6) انظر كتاب الحكومة الإسلامية للخميني : ص52 .
(7) المرجع السابق .
( غلا الخميني في الأئمة غلواً عظيماً فقد رفعهم فوق مرتبة البشر ، وعدهم في مرتبة الآلهة ، يقول في كتاب الحكومة الإسلامية ص 52 : " إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون" ولا أفهم من هذه الخلافة التكوينية التي تخضع لها جميع ذرات الكون إلا تلك التي حدثنا الله بها عن نفسه ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ يس : 52 ] . ويقول في الكتاب السابق أيضاً : " والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنواراً ، فجعلهم الله بعرشه محدقين ، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله " تأمل كيف وصفهم بأنهم كانوا موجودين قبل خلق العالم ، وكان وجودهم نوراً ، وكانوا محدقين بالعرش ، وكل ذلك من الغلو الشديد المخالف لصريح الكتاب والسنة .
وبعد إعداد هذا البحث وقبل دفعه إلى المطبعة طالعتنا وكالات الأنباء والصحف بكلام للخميني لا يقل خطورة عن الكلام الذي أثبتناه من كتابه ، قال بمناسبة ميلاد المهدي الغائب الذي تزعم الشيعة اختفاءه منذ أكثر من ألف عام ويزعمون بقاءه حياً وأنه سيعود مرة أخرى ليملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً . وفي كلامه هذا يزعم أن الأنبياء والرسل جميعاً وفيهم محمد صلى الله عليه وسلم لم ينجحوا في إصلاح البشرية وتنفيذ العدالة ، وأن الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر ، وأنه الشخص الوحيد في العالم الذي سيحقق ذلك . يقول في كلامه الذي نشرته بنصه صحيفة الرأي العام الكويتية بتاريخ (30/6/1980) " الأنبياء جميعاً جاؤوا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم كله، لكنهم لم ينجحوا ، وحتى إن النبي محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية وتنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك في عهده .. وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسى قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم ويقوم بالانحرافات هو المهدي المنتظر " . لا والله ما ذلك بحق وليس بصدق ، فإن أحداً لم ينجح محمد صلى الله عليه وسلم في تحقيق العدالة ، ولن يأتي أحد بعده يحقق ما حققه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه . ويؤكد الخميني كلامه السابق فيقول : " لا يوجد في العالم أحد سوى المهدي من أجل تنفيذ العدالة بمعناها الحقيقي .. " ويقول : " إن الإمام المهدي عليه السلام سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم وسينجح فيما فشل في تحقيقه الأنبياء والأولياء بسب العراقيل التي كانت في طريقهم .. " ومن هنا يرى الخميني أن عيد المهدي هو أكبر أعياد المسلمين " إن عيد المهدي هو أكبر عيد للبشرية بأجمعها " وهذا يعني أنه أعظم من عيد الفطر والأضحى ، وقد فضله على عيد مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم من جهة : " إن هذا العيد الذي هو عيد كبير بالنسب للمسلمين يعتبر أكبر من عيد ميلاد النبي عليه السلام من جهة واحدة ، ويقول : " إن عيده هو عيد جميع أبناء البشرية ، لأنه سيهدي جميع أبناء البشر " . وختم كلامه مفضلاً إياه على غيره : " إني لا أتمكن من تسميته بالزعيم لأنه أكبر وأعظم وأرفع من ذلك ، ولا أتمكن من تسميته بالرجل الأول لأنه لا يوجد أحد بعده ، وليس له ثان ولذلك لا أتمكن من التعبير عنه بأي كلام سوى المهدي المنتظر الموعود " إننا لا نستغرب هذا الكلام بعد ما قرأناه في كتاب الحكومة الإسلامية . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
(9) هذه النقول أخذناها بمصادرها من كتاب الإمامة للدكتور علي أحمد السالوس : ص19 .
(10) راجع في هذه المسألة : لوامع الأنوار البهية : 2/300 ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام : 2/222 ، 11/221 ، 363 .
(11) أخرجه البخاري : (2652) من حديث عبد الله بن مسعود . وانظر ((مسند أحمد)) :
6/76/(3549) والتعليق عليه .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:19 pm
تفاضُل الأنبياء والرّسُل
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أخبرنا الحقُّ – تبارك وتعالى –
أنّه فضّل بعض النبيين على بعض ، كما قال جلّ وعلا :
( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا )
[ الإسراء : 55 ] .
وقد أجمعت الأمّة على أنّ الرسل أفضل من الأنبياء
والرسل بعد ذلك متفاضلون فيما بينهم كما قال تعالى :
( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم
مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ
وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ )
[ البقرة : 253 ] .
........
المطلب الأول
أولو العزم من الرسل أفضل الرسل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وأفضل الرسل والأنبياء خمسة :
محمد صلى الله عليه وسلم
ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى
وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل
( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )
[الأحقاف : 35]
وقد ذكرهم الله في كتابه في أكثر
من موضع
( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )
[ الشورى : 13 ] .
وفي قوله :
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ
وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )
[ الأحزاب : 7 ] .
بم يتفاضلون الأنبياء والرسل ؟
(1) :
الذي يـتأمل في الآيتين اللتين أخبرتا
بتفاضل الأنبياء والرسل يجد أن الله فضّل مَن فضّل منهم
بإعطائه خيراً لم يعطه غيره ، أو برفع درجته فوق درجة غيره
أو باجتهاده في عبادة الله والدعوة إليه
وقيامه بالأمر الذي وكل إليه .
فداود عليه السلام فضله الله بإعطائه الزبور
( وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) [الإسراء :55]
وأعطى الله موسى التوراة
( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
[البقرة: 53]
والكتاب هو التوراة
( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ )
[ المائدة : 44 ]
وأعطى عيسى الإنجيل
( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ )
[ المائدة : 46 ] .
وقد اختص الله آدم بأنّه
" أبو البشر ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه
وأمر الملائكة فسجدوا له " .
وفضل نوحاً بأنّه
" أوّل الرسل إلى أهل الأرض ، وسمّاه الله عبداً شكوراً " .
وفضل إبراهيم باتخاذه خليلاً
( وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً )
[ النساء : 125 ]
وجعله للناس إماماً
( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )
[ البقرة : 124 ] .
وفضل الله موسى برسالاته وبكلامه
( إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي )
[الأعراف : 144]
واصطنعه لنفسه
( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي )
[ طه : 41 ] .
وفضل عيسى بأنّه رسول الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
وكان يكلّم الناس في المهد
( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ )
[ النساء : 171 ] .
ويتفاضل الأنبياء من جهة أخرى
فالنبي قد يكون نبياً لا غير ، وقد يكون نبياً ملكاً
وقد يكون عبداً رسولاً
" فالنبي الذي كُذِّب ، ولم يتبع ، ولم يطع ، هذا نبيٌّ
وليس بملك ، أمّا الذي صدق ، واتبع ، وأطيع
فإن كان لا يأمر إلاّ بما أمره الله به فهو عبد نبي ليس بملك
وإن كان يأمر بما يريده مباحاً له فهو نبي ملك
كما قال الله لسليمان :
( هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
[ ص : 39 ] .
فالنبي الملك هنا قسيم العبد الرسول
كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم :
" اختر إمّا عبداً رسولاً ، وإمّا نبياً ملكاً "
(2)
وحال العبد الرسول أكمل من حال النبي الملك
كما هو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
فإنّه كان عبداً رسولاً ، مؤيداً مطاعاً متبوعاً
وبذلك يكون له مثل أجر من اتبعه
وينتفع به الخلق ، ويرحموا به ، ويرحم بهم
ولم يختر أن يكون ملكاً، لئلا ينقص
لما في ذلك من الاستمتاع بالرياسة والمال
عن نصيبه في الآخرة .
فالعبد الرسول أفضل عند الله من النبي الملك
ولهذا كان أمر
نوح وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ابن مريم
أفضل عند الله من داود وسليمان ويوسف "
(3) .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
أخبرنا الحقُّ – تبارك وتعالى –
أنّه فضّل بعض النبيين على بعض ، كما قال جلّ وعلا :
( وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا )
[ الإسراء : 55 ] .
وقد أجمعت الأمّة على أنّ الرسل أفضل من الأنبياء
والرسل بعد ذلك متفاضلون فيما بينهم كما قال تعالى :
( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم
مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ
وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ )
[ البقرة : 253 ] .
........
المطلب الأول
أولو العزم من الرسل أفضل الرسل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وأفضل الرسل والأنبياء خمسة :
محمد صلى الله عليه وسلم
ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى
وهؤلاء هم أولو العزم من الرسل
( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )
[الأحقاف : 35]
وقد ذكرهم الله في كتابه في أكثر
من موضع
( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ
إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )
[ الشورى : 13 ] .
وفي قوله :
( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ
وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ )
[ الأحزاب : 7 ] .
بم يتفاضلون الأنبياء والرسل ؟
(1) :
الذي يـتأمل في الآيتين اللتين أخبرتا
بتفاضل الأنبياء والرسل يجد أن الله فضّل مَن فضّل منهم
بإعطائه خيراً لم يعطه غيره ، أو برفع درجته فوق درجة غيره
أو باجتهاده في عبادة الله والدعوة إليه
وقيامه بالأمر الذي وكل إليه .
فداود عليه السلام فضله الله بإعطائه الزبور
( وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) [الإسراء :55]
وأعطى الله موسى التوراة
( وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
[البقرة: 53]
والكتاب هو التوراة
( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ )
[ المائدة : 44 ]
وأعطى عيسى الإنجيل
( وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ )
[ المائدة : 46 ] .
وقد اختص الله آدم بأنّه
" أبو البشر ، خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه
وأمر الملائكة فسجدوا له " .
وفضل نوحاً بأنّه
" أوّل الرسل إلى أهل الأرض ، وسمّاه الله عبداً شكوراً " .
وفضل إبراهيم باتخاذه خليلاً
( وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً )
[ النساء : 125 ]
وجعله للناس إماماً
( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )
[ البقرة : 124 ] .
وفضل الله موسى برسالاته وبكلامه
( إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي )
[الأعراف : 144]
واصطنعه لنفسه
( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي )
[ طه : 41 ] .
وفضل عيسى بأنّه رسول الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
وكان يكلّم الناس في المهد
( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ )
[ النساء : 171 ] .
ويتفاضل الأنبياء من جهة أخرى
فالنبي قد يكون نبياً لا غير ، وقد يكون نبياً ملكاً
وقد يكون عبداً رسولاً
" فالنبي الذي كُذِّب ، ولم يتبع ، ولم يطع ، هذا نبيٌّ
وليس بملك ، أمّا الذي صدق ، واتبع ، وأطيع
فإن كان لا يأمر إلاّ بما أمره الله به فهو عبد نبي ليس بملك
وإن كان يأمر بما يريده مباحاً له فهو نبي ملك
كما قال الله لسليمان :
( هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
[ ص : 39 ] .
فالنبي الملك هنا قسيم العبد الرسول
كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم :
" اختر إمّا عبداً رسولاً ، وإمّا نبياً ملكاً "
(2)
وحال العبد الرسول أكمل من حال النبي الملك
كما هو حال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
فإنّه كان عبداً رسولاً ، مؤيداً مطاعاً متبوعاً
وبذلك يكون له مثل أجر من اتبعه
وينتفع به الخلق ، ويرحموا به ، ويرحم بهم
ولم يختر أن يكون ملكاً، لئلا ينقص
لما في ذلك من الاستمتاع بالرياسة والمال
عن نصيبه في الآخرة .
فالعبد الرسول أفضل عند الله من النبي الملك
ولهذا كان أمر
نوح وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ابن مريم
أفضل عند الله من داود وسليمان ويوسف "
(3) .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:24 pm
المطلب الثاني
فضل الرسول الخاتم
نبى ورسول امة الاسلام
نبى ورسول الكون كله
محمد صلى الله عليه وسلم
عندما يبعث الله الأولين والآخرين
في يوم الدين يكون رسولنا المصطفى
صلوات الله وسلامه عليه سيّد ولد آدم
بيد لواء الحمد
والأنبياء والمرسلون في ذلك اليوم تحت لوائه
فعن أُبيٍّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر
وما من نبيٍ يومئذٍ آدم فمن سواه إلاّ تحت لوائي
وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض ولا فخر "
رواه الترمذي (4)
ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ :
" أنا سيد ولد آدم ، وأول من تنشق عنه الأرض
وأول شافع وأول مشفع "
(5) .
وعندما يشتدُّ الكرب بالناس في ذلك اليوم
يستشفع الناس بالرسل العظام ليشفعوا إلى الله
ليقضي بين عباده فيتدافعها الرسل
كلُّ واحد يقول : اذهبوا إلى غيري
حتى إذا أتوا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام
قال :
" اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر " .
هذا فضله في ذلك اليوم العظيم
وما ذلك إلاّ لما حباه الله من عظيم الصفات
وكريم الأخلاق ، والمجاهدة في الله ، والقيام بأمره
وقد فضله الله في نفسه ودعوته وأمته بفضائل
فمن ذلك أنّه اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً
ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه وأبو عوانة
" إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً "
(6)
وآتاه القرآن العظيم الذي لم يُعط أحدٌ من الأنبياء والرسل مثلَه :
( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ )
[ الحجر : 87 ] .
وخصّه الله دون غيره بستٍّ لم يعطها أحد من الأنبياء قبله
ففي الحديث : عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" فضلت على الأنبياء بست :
أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب
وأحلّت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً
وأرسلت إلى الخلق كافّة ، وختم بي النبيون "
رواه مسلم والترمذي (7) .
يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
بأنّ الله فضله على غيره بست
أوتي جوامع الكلم
وذلك بأن يجمع في القول الوجيز المعاني الكثيرة .
ونصر بالرعب
وذلك بما يلقيه الله في قلوب أعدائه من الخوف
من رسوله وأتباع رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأحلّت له الغنائم
وكانت غنائم من قبلنا من الرسل وأتباعهم
تجمع ثمّ تنزل نار من السماء تحرقها .
وجعلت له ولأمته الأرض مسجداً وطهوراً
فحيثما أدركت رجلاً من هذه الأمة الصلاة
فبإمكانه أن يتوضأ فإن لم يجد يتيمم
ثمّ يصلي في مسجد مقام
أو في منزل أو في الصحراء .
وأرسل إلى النّاس كافة عربهم وعجمهم
أبيضهم وأصفرهم وأحمرهم
(
من كان في وقت بعثته ومن يأتي من بعده
حتى تقوم الساعة :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )
[ الأعراف : 158 ] .
وأرسله إلى الجنّ كما أرسله إلى الإنس
وقد رجع وفد الجنّ بعد استماع القرآن
والإيمان بما نزل من الحق .
داعين قومهم إلى الإيمان :
( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ
يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
- وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ
وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )
[ الأحقاف : 31-32 ] .
والفضيلة السادسة أنّه خاتم الأنبياء فلا نبيّ بعده
( وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )
[ الأحزاب : 40 ]
. وإذا كان رسولنا خاتم الأنبياء فهو خاتم المرسلين
من باب أولى
ذلك أنّ كل رسولنا خاتم الأنبياء
فهو خاتم المرسلين من باب أولى
ذلك أنّ كل رسول فهو نبي لا شك في ذلك
فإذا كانت النبوة بعد نبينا ممنوعة مقطوعة
فالرسالة ممنوعة أيضاً
لأن الرسول لا بدَّ أن يكون نبيّاً .
ومعنى كونه خاتم الأنبياء والمرسلين
أنّه لا يبعث رسول من بعده يغير شرعه (9)
ويبطل شيئاً من دينه
أمّا نزول عيسى آخر الزمان فهو حقٌّ وصدق
– كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم –
ولكنه لا ينزل ليحكم بشريعة التوراة والإنجيل
بل يحكم بالقرآن ، ويكسر الصليب
ويقتـل الخنزير ، ويؤذن بالصـلاة .
فضل الرسول الخاتم
نبى ورسول امة الاسلام
نبى ورسول الكون كله
محمد صلى الله عليه وسلم
عندما يبعث الله الأولين والآخرين
في يوم الدين يكون رسولنا المصطفى
صلوات الله وسلامه عليه سيّد ولد آدم
بيد لواء الحمد
والأنبياء والمرسلون في ذلك اليوم تحت لوائه
فعن أُبيٍّ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أنا سيد ولد آدم يوم القيامة
ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر
وما من نبيٍ يومئذٍ آدم فمن سواه إلاّ تحت لوائي
وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض ولا فخر "
رواه الترمذي (4)
ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة بلفظ :
" أنا سيد ولد آدم ، وأول من تنشق عنه الأرض
وأول شافع وأول مشفع "
(5) .
وعندما يشتدُّ الكرب بالناس في ذلك اليوم
يستشفع الناس بالرسل العظام ليشفعوا إلى الله
ليقضي بين عباده فيتدافعها الرسل
كلُّ واحد يقول : اذهبوا إلى غيري
حتى إذا أتوا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام
قال :
" اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر " .
هذا فضله في ذلك اليوم العظيم
وما ذلك إلاّ لما حباه الله من عظيم الصفات
وكريم الأخلاق ، والمجاهدة في الله ، والقيام بأمره
وقد فضله الله في نفسه ودعوته وأمته بفضائل
فمن ذلك أنّه اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً
ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه وأبو عوانة
" إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً "
(6)
وآتاه القرآن العظيم الذي لم يُعط أحدٌ من الأنبياء والرسل مثلَه :
( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ )
[ الحجر : 87 ] .
وخصّه الله دون غيره بستٍّ لم يعطها أحد من الأنبياء قبله
ففي الحديث : عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" فضلت على الأنبياء بست :
أعطيت جوامع الكلم ، ونصرت بالرعب
وأحلّت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً
وأرسلت إلى الخلق كافّة ، وختم بي النبيون "
رواه مسلم والترمذي (7) .
يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
بأنّ الله فضله على غيره بست
أوتي جوامع الكلم
وذلك بأن يجمع في القول الوجيز المعاني الكثيرة .
ونصر بالرعب
وذلك بما يلقيه الله في قلوب أعدائه من الخوف
من رسوله وأتباع رسوله صلى الله عليه وسلم .
وأحلّت له الغنائم
وكانت غنائم من قبلنا من الرسل وأتباعهم
تجمع ثمّ تنزل نار من السماء تحرقها .
وجعلت له ولأمته الأرض مسجداً وطهوراً
فحيثما أدركت رجلاً من هذه الأمة الصلاة
فبإمكانه أن يتوضأ فإن لم يجد يتيمم
ثمّ يصلي في مسجد مقام
أو في منزل أو في الصحراء .
وأرسل إلى النّاس كافة عربهم وعجمهم
أبيضهم وأصفرهم وأحمرهم
(
من كان في وقت بعثته ومن يأتي من بعده
حتى تقوم الساعة :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )
[ الأعراف : 158 ] .
وأرسله إلى الجنّ كما أرسله إلى الإنس
وقد رجع وفد الجنّ بعد استماع القرآن
والإيمان بما نزل من الحق .
داعين قومهم إلى الإيمان :
( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ
يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ
- وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ
وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )
[ الأحقاف : 31-32 ] .
والفضيلة السادسة أنّه خاتم الأنبياء فلا نبيّ بعده
( وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ )
[ الأحزاب : 40 ]
. وإذا كان رسولنا خاتم الأنبياء فهو خاتم المرسلين
من باب أولى
ذلك أنّ كل رسولنا خاتم الأنبياء
فهو خاتم المرسلين من باب أولى
ذلك أنّ كل رسول فهو نبي لا شك في ذلك
فإذا كانت النبوة بعد نبينا ممنوعة مقطوعة
فالرسالة ممنوعة أيضاً
لأن الرسول لا بدَّ أن يكون نبيّاً .
ومعنى كونه خاتم الأنبياء والمرسلين
أنّه لا يبعث رسول من بعده يغير شرعه (9)
ويبطل شيئاً من دينه
أمّا نزول عيسى آخر الزمان فهو حقٌّ وصدق
– كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم –
ولكنه لا ينزل ليحكم بشريعة التوراة والإنجيل
بل يحكم بالقرآن ، ويكسر الصليب
ويقتـل الخنزير ، ويؤذن بالصـلاة .
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:28 pm
المطلب الثالث
النصوص التي تنهى عن التفضيل بين الأنبياء
وردت أحاديث تنهى المسلمين
عن تفضيل بعض النبيين على بعض
فمن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم
قال : " لا تخيروا بين الأنبياء "
(10)
وعن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا تفضلوا بين أنبياء الله "
(11)
أي : لا تقولوا : فلان خير من فلان
ولا فلان أفضل من فلان ، يقال : خيَّر فلان بين فلان وفلان
وفضل بينهما ، إذا قال ذلك .
فهذه الأحاديث لا تعارض النصوص القرآنية
التي تدلُّ على أنّ الله فضّل بعض الأنبياء على بعض
وبعض المرسلين على بعض
وينبغي أن يحمل النهي الذي ورد في الأحاديث
على النهي عن التفضيل
إذا كان على وجه الحميّة والعصبية والانتقاص
أو كان هذا التفضيل يؤدي إلى خصومة أو فتنة
(12)
يدلنا على هذا سبب الحديث
ففي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة
– رضي الله عنه – قال :
" استبَّ رجل من المسلمين ورجل من اليهود
فقال المسلم : والذي اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم
على العالمين
فقال اليهودي : والذي اصطفى موسى على العالمين
فرفع المسلم عند ذلك يده ، فلطم وجه اليهودي
فذهب اليهودي عن ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فأخبره
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون ، يوم القيامة
فأصعق معهم ، فأكون أوَّل من يفيق
، فإذا بموسى باطش جانب العرش
فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاق قبلي
أو كان مِمَّن استثنى الله "
(13) .
وفي رواية عند البخاري :
" لا تخيروا بين الأنبياء "
(14) .
قال ابن حجر في هذه المسألة :
" قال العلماء في نهيه عن التفضيل بين الأنبياء :
إنَّما نهى عن ذلك من يقول برأيه ، لا من يقوله بدليل
أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول
أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع
أو المراد لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل
بحيث لا يترك للمفضول فضيلة "
(15) .
ونقل عن بعض أهل العلم أنه قال :
" الأخبار الواردة في النهي عن التخيير
إنّما هي في مجادلة أهل الكتاب
وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة
لأنّ المخايرة إذا وقعت بين أهل دينين
لا يؤمن أن يخرج أحدهما إلى الازدراء
بالآخر فيفضي إلى الكفر
فأمّا إذا كان التخيير مستنداً
إلى مقابلة الفضائل لتحصيل الرجحان فلا يدخل في النهي "
(16) .
--------------------------------
(1) الأنبياء والرسل يتفاوتون في الفضل كما بينا هنا بتفضيل الله لهم
وبما أعطاهم إياه من خير
وبعض الناس ينسبون إلى الأنبياء والرسل أموراً يظنون
أنهم يعظمونهم بها فيخرجون عن دائرة الصدق والعدل
فمن ذلك دعاء كثير من المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم قائلين :
" يا أول خلق الله ، يا نور عرشه الله "
وهذا القول جمع أنواعاً من الضلال
منها دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونداءه
وهذا لا ينبغي إلا لله فهو المدعو دون سواه
ومنها الإدعاء بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خلق من نور
وأنه أول خلق الله
وهذا لا برهان عليه إلا أحاديث باطلة لم يصح إسنادها
فأول ما خلق الله القلم الذي كتب مقادير كل شيء
والرسول صلى الله عليه وسلم مخلوق مما خلق منه البشر
وكونه مخلوقاً مما خلق منه البشر وأنه في آخر الخلق لا يضيره
فالمخلوقات لا تتفاضل باعتبار ما خلقت منه فقط
فقد يخلق المؤمن من كافر ، والكافر من مؤمن
كابن نوح منه ، وإبراهيم من آزر
وأدم خلقه الله من طين ، فلما سوّاه ، ونفخ فيه من روحه
– أسجد له ملائكته وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء
وبخلقه إياه بيده .
(2) أخرجه بنحوه في ((المسند)) : 12/76-77(7160) من حديث أبي هريرة ،
وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، وانظر تمام تخريجه في ((المسند)) .
(3) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 35/34 .
(4) رواه الترمذي : 3148 . وقال فيه : هذا حديث حسن صحيح .
(5) ابن ماجه (4308) ، وهو في صحيح سنن ابن ماجه .
(6) صحيح مسلم : 532 .
(7) صحيح مسلم : 523 ، والترمذي : 1553 .
( يزعم ( نهرو ) في كتابه لمحات من تاريخ العالم أن محمداً مرسل إلى العرب خاصة
وهذا الزعم قال به طوائف من النصارى في القديم والحديث ، وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه الجواب الصحيح
في الرد على شبهات رجل نصراني ، وإحدى تلك الشبهات التي أطال شيخ الإسلام في الرد عليها زعم ذلك النصراني أن محمداً مرسل إلى العرب دون سائر الأمم
، ويكفي في الرد على هذه الفرية أن نبين لهؤلاء تناقضهم ، فإن إقرارهم بكونه نبياً مرسلاً يقتضي تصديقه فيما أخبر
وقد أخبر ببعثه إلى الناس كافة ، فإذا آمنوا بأنه نبي مرسل ، ثم كذبوه ، وقالوا : أنت مرسل إلى العرب وحدهم
، فقد تناقضوا تناقضاً بيناً ، ووضح أن مرادهم تبرير كفرهم به .
(9) ظهر بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مجموعة من أدعياء النبوة ، كمسيلمة والأسود العنسي وسجاح ،
ولا يزال يظهر بين الفينة والفينة من أمثال هؤلاء ، وقد ظهر في القرن الماضي علي محمد الشيرازي ( ولد سنة 1819م )
ولقب بالباب ، وأتباعه يدعون البابية ، وادعى النبوة حيناً والألوهية حيناً ، وسار على نهجه تلميذه الذي لقب ( ببهاء الدين )
وأتباعه يدعون البهائية ، ومن هؤلاء الأدعياء ميرزا غلام أحمد القادياني ، وله أتباع منتشرون في الهند وألمانيا وإنكلترا وأمريكا
، ولهم فيها مساجد يضلون بها المسلمين ، وكانوا يسمون بالقاديانية ، وهم يسمون اليوم –
أنفسهم بالأحمدية إمعاناً في تضليل عباد الله - .
وآخر هؤلاء الأدعياء رجل ظهر في السودان يدعى أنه نبي وقد تكفل الله بفضح كل من ادعى هذه الدعوى وهتك ستره .
( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ )
[يونس: 69] .
(10) متفق عليه مشكاة المصابيح : (3/114) ، وهو عند البخاري : 2412 ، 6916 ، ومسلم : 2374 (163) .
(11) أخرجه البخاري : 3414 . وصحيح مسلم : 2373 .
(12) راجع شرح الطحاوية : ص170 .
(13) صحيح البخاري : 2411 ، ومسلم : 2373 .
(14) صحيح البخاري : 2412 .
(15) فتح الباري : 6/446 ، ولمزيد من البحث راجع تفسير ابن كثير ،
وتفسير القرطبي عند تفسيرهما الآية : 253 من سورة البقرة .
(16) المصدر السابق ،
ولمزيد من البحث راجع تفسير ابن كثير ، وتفسير القرطبي عند تفسيرهما الآية : 253 من سورة البقرة .
انتهت الموسوعة والبحث
وتم بحمد الله وتوفيقه
فما كان توفيق فمن الله وحده وليس لى ولا لاحد منه شىء
فما توفيقى الا بالله
وما كان من سهو او نسيان او خطأ فمنى ومن الشيطان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النصوص التي تنهى عن التفضيل بين الأنبياء
وردت أحاديث تنهى المسلمين
عن تفضيل بعض النبيين على بعض
فمن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلـم
قال : " لا تخيروا بين الأنبياء "
(10)
وعن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لا تفضلوا بين أنبياء الله "
(11)
أي : لا تقولوا : فلان خير من فلان
ولا فلان أفضل من فلان ، يقال : خيَّر فلان بين فلان وفلان
وفضل بينهما ، إذا قال ذلك .
فهذه الأحاديث لا تعارض النصوص القرآنية
التي تدلُّ على أنّ الله فضّل بعض الأنبياء على بعض
وبعض المرسلين على بعض
وينبغي أن يحمل النهي الذي ورد في الأحاديث
على النهي عن التفضيل
إذا كان على وجه الحميّة والعصبية والانتقاص
أو كان هذا التفضيل يؤدي إلى خصومة أو فتنة
(12)
يدلنا على هذا سبب الحديث
ففي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة
– رضي الله عنه – قال :
" استبَّ رجل من المسلمين ورجل من اليهود
فقال المسلم : والذي اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم
على العالمين
فقال اليهودي : والذي اصطفى موسى على العالمين
فرفع المسلم عند ذلك يده ، فلطم وجه اليهودي
فذهب اليهودي عن ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فأخبره بما كان من أمره وأمر المسلم
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فأخبره
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
لا تخيروني على موسى ، فإن الناس يصعقون ، يوم القيامة
فأصعق معهم ، فأكون أوَّل من يفيق
، فإذا بموسى باطش جانب العرش
فلا أدري أكان فيمن صَعِقَ فأفاق قبلي
أو كان مِمَّن استثنى الله "
(13) .
وفي رواية عند البخاري :
" لا تخيروا بين الأنبياء "
(14) .
قال ابن حجر في هذه المسألة :
" قال العلماء في نهيه عن التفضيل بين الأنبياء :
إنَّما نهى عن ذلك من يقول برأيه ، لا من يقوله بدليل
أو من يقوله بحيث يؤدي إلى تنقيص المفضول
أو يؤدي إلى الخصومة والتنازع
أو المراد لا تفضلوا بجميع أنواع الفضائل
بحيث لا يترك للمفضول فضيلة "
(15) .
ونقل عن بعض أهل العلم أنه قال :
" الأخبار الواردة في النهي عن التخيير
إنّما هي في مجادلة أهل الكتاب
وتفضيل بعض الأنبياء على بعض بالمخايرة
لأنّ المخايرة إذا وقعت بين أهل دينين
لا يؤمن أن يخرج أحدهما إلى الازدراء
بالآخر فيفضي إلى الكفر
فأمّا إذا كان التخيير مستنداً
إلى مقابلة الفضائل لتحصيل الرجحان فلا يدخل في النهي "
(16) .
--------------------------------
(1) الأنبياء والرسل يتفاوتون في الفضل كما بينا هنا بتفضيل الله لهم
وبما أعطاهم إياه من خير
وبعض الناس ينسبون إلى الأنبياء والرسل أموراً يظنون
أنهم يعظمونهم بها فيخرجون عن دائرة الصدق والعدل
فمن ذلك دعاء كثير من المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم قائلين :
" يا أول خلق الله ، يا نور عرشه الله "
وهذا القول جمع أنواعاً من الضلال
منها دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ونداءه
وهذا لا ينبغي إلا لله فهو المدعو دون سواه
ومنها الإدعاء بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خلق من نور
وأنه أول خلق الله
وهذا لا برهان عليه إلا أحاديث باطلة لم يصح إسنادها
فأول ما خلق الله القلم الذي كتب مقادير كل شيء
والرسول صلى الله عليه وسلم مخلوق مما خلق منه البشر
وكونه مخلوقاً مما خلق منه البشر وأنه في آخر الخلق لا يضيره
فالمخلوقات لا تتفاضل باعتبار ما خلقت منه فقط
فقد يخلق المؤمن من كافر ، والكافر من مؤمن
كابن نوح منه ، وإبراهيم من آزر
وأدم خلقه الله من طين ، فلما سوّاه ، ونفخ فيه من روحه
– أسجد له ملائكته وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شيء
وبخلقه إياه بيده .
(2) أخرجه بنحوه في ((المسند)) : 12/76-77(7160) من حديث أبي هريرة ،
وإسناده صحيح على شرط الشيخين ، وانظر تمام تخريجه في ((المسند)) .
(3) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 35/34 .
(4) رواه الترمذي : 3148 . وقال فيه : هذا حديث حسن صحيح .
(5) ابن ماجه (4308) ، وهو في صحيح سنن ابن ماجه .
(6) صحيح مسلم : 532 .
(7) صحيح مسلم : 523 ، والترمذي : 1553 .
( يزعم ( نهرو ) في كتابه لمحات من تاريخ العالم أن محمداً مرسل إلى العرب خاصة
وهذا الزعم قال به طوائف من النصارى في القديم والحديث ، وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه الجواب الصحيح
في الرد على شبهات رجل نصراني ، وإحدى تلك الشبهات التي أطال شيخ الإسلام في الرد عليها زعم ذلك النصراني أن محمداً مرسل إلى العرب دون سائر الأمم
، ويكفي في الرد على هذه الفرية أن نبين لهؤلاء تناقضهم ، فإن إقرارهم بكونه نبياً مرسلاً يقتضي تصديقه فيما أخبر
وقد أخبر ببعثه إلى الناس كافة ، فإذا آمنوا بأنه نبي مرسل ، ثم كذبوه ، وقالوا : أنت مرسل إلى العرب وحدهم
، فقد تناقضوا تناقضاً بيناً ، ووضح أن مرادهم تبرير كفرهم به .
(9) ظهر بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مجموعة من أدعياء النبوة ، كمسيلمة والأسود العنسي وسجاح ،
ولا يزال يظهر بين الفينة والفينة من أمثال هؤلاء ، وقد ظهر في القرن الماضي علي محمد الشيرازي ( ولد سنة 1819م )
ولقب بالباب ، وأتباعه يدعون البابية ، وادعى النبوة حيناً والألوهية حيناً ، وسار على نهجه تلميذه الذي لقب ( ببهاء الدين )
وأتباعه يدعون البهائية ، ومن هؤلاء الأدعياء ميرزا غلام أحمد القادياني ، وله أتباع منتشرون في الهند وألمانيا وإنكلترا وأمريكا
، ولهم فيها مساجد يضلون بها المسلمين ، وكانوا يسمون بالقاديانية ، وهم يسمون اليوم –
أنفسهم بالأحمدية إمعاناً في تضليل عباد الله - .
وآخر هؤلاء الأدعياء رجل ظهر في السودان يدعى أنه نبي وقد تكفل الله بفضح كل من ادعى هذه الدعوى وهتك ستره .
( إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ )
[يونس: 69] .
(10) متفق عليه مشكاة المصابيح : (3/114) ، وهو عند البخاري : 2412 ، 6916 ، ومسلم : 2374 (163) .
(11) أخرجه البخاري : 3414 . وصحيح مسلم : 2373 .
(12) راجع شرح الطحاوية : ص170 .
(13) صحيح البخاري : 2411 ، ومسلم : 2373 .
(14) صحيح البخاري : 2412 .
(15) فتح الباري : 6/446 ، ولمزيد من البحث راجع تفسير ابن كثير ،
وتفسير القرطبي عند تفسيرهما الآية : 253 من سورة البقرة .
(16) المصدر السابق ،
ولمزيد من البحث راجع تفسير ابن كثير ، وتفسير القرطبي عند تفسيرهما الآية : 253 من سورة البقرة .
انتهت الموسوعة والبحث
وتم بحمد الله وتوفيقه
فما كان توفيق فمن الله وحده وليس لى ولا لاحد منه شىء
فما توفيقى الا بالله
وما كان من سهو او نسيان او خطأ فمنى ومن الشيطان
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- محمدمشرف مرسى الرياضة
- البلد :
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205043
تاريخ التسجيل : 10/12/2009
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 06:39 pm
جهد مبارك وموضوع قيم
رزقك الله الجنة
رزقك الله الجنة
- foufou90مشرفة المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34
رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية
01/11/10, 09:05 pm
رزقنا الله الجنة واياك اخي محمدمحمد كتب:جهد مبارك وموضوع قيم
رزقك الله الجنة
تشرفت بمرورك
لك مني اجمل تحية
اختك فوفو
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى