مرسى الباحثين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Support
دخول

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 17 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 17 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد - 7229
7229 المساهمات
بتول - 4324
4324 المساهمات
3758 المساهمات
foufou90 - 3749
3749 المساهمات
1932 المساهمات
1408 المساهمات
1368 المساهمات
1037 المساهمات
973 المساهمات
535 المساهمات

اذهب الى الأسفل
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:18 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
صلوات ربى وسلامه عليه وعلى اصحابه الكرام
******************

""يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ """

( آل عمران )

***************

"""يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء

وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا""""ً

( النساء)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

التعريف بالنبي والرسول والفرق بينهما
المطلب الأول
تعريف النبي

(1)
النبي – في لغة العرب – مشتق من النبأ وهو الخبر

قال تعالى : ( عمَّ يتساءلون – عن النبإِ العظيم )

[ النبأ : 1-2 ] .
وإنّما سمّي النبيُّ نبيّاً لأنه مُخْبرٌ مُخْبَر
فهو مُخْبَر ، أي : أنَّ الله أخبره ، وأوحى إليه
( قالت من أنبأك هذا قال نَبَّأَنِيَ العليم الخبير )
[ التحريم : 3 ]

وهو مُخْبرٌ عن الله تعالى أمره ووحيه
( نَبِّئْ عبادي أنّي أنا الغفور الرَّحيم )

[ الحجر : 49 ]
( وَنَبِّئْهُمْ عن ضيف إبراهيم )
[ الحجر : 51 ] .


وقيل :

النبوة مشتقة من النَّبْوَة

وهي ما ارتفع من الأرض

وتطلق العرب لفظ النبيّ

على علم من أعلام الأرض التي يهتدى بها

والمناسبة بين لفظ النبي والمعنى اللغوي

أنَّ النبيَّ ذو رفعة وقدر عظيم في الدنيا والآخرة

فالأنبياء هم أشرف الخلق

وهم الأعلام التي يهتدي بها الناس فتصلح دنياهم وأخراهم .


...........

المطلب الثاني
تعريف الرسول (2)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الإرسال في اللغة التوجيه
فإذا بعثت شخصاً في مهمة فهو رسولك

قال تعالى حاكياً قول ملكة سبأ :

( وإني مرسلة إليهم بهديَّةٍ فناظرة بم يرجع المرسلون )

[ النمل : 35 ]

وقد يريدون بالرسول ذلك الشخص الذي يتابع أخبار الذي بعثه
أخذاً من قول العرب :

" جاءت الإبلُ رَسَلاً "
أي : متتابعة .
وعلى ذلك فالرُّسل إنّما سمّوا بذلك لأنَّهم

وُجّهوا من قبل الله تعالى :
( ثُمَّ أرسلنا رسلنا تتراً )

[ المؤمنون : 44 ]

وهم مبعوثون برسالة معينة مُكلَّفون بحملها وتبليغها ومتابعتها .
..............

المطلب الثالث
الفرق بين الرسول والنبيّ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لا يصحُّ قول من ذهب إلى أنه لا فرق بين الرسول والنبيّ

ويدلُّ على بطلان هذا القول ما ورد في عدة الأنبياء والرسل

فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم
أنَّ عدة الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي

وعدَّة الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر رسولاً (3)

ويدلّ على الفرق أيضاً ما ورد في كتاب الله

من عطف النبيِّ على الرسول

( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي

إلاَّ إذا تمنَّى ألقى الشَّيطان في أُمنيَّته )

[ الحج : 52 ]

ووصف بعض رسله بالنبوة والرسالة

مما يدُل على أن الرسالة أمر زائد على النبوة
كقوله في حقِّ موسى عليه السلام :

( واذكر في الكتاب موسى إنَّه كان مخلصاً وكان رسولاً نبيَّاً )
[ مريم : 51 ] .
والشائع عند العلماء أنَّ النبي أعم من الرسول

فالرسول هو من أُوحي إليه بشرع وأُمر بتبليغه

والنبيُّ من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ

وعلى ذلك فكلُّ رسول نبي

وليس كل نبي رسولاً (4) .
وهذا الذي ذكروه هنا بعيد لأمور :
الأول :
أن الله نصَّ على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قوله :
( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي ... )

[ الحج: 52 ]

فإذا كان الفارق بينهما هو الأمر بالبلاغ

فالإرسال يقتضي من النبيّ البلاغ .


الثاني : أنَّ ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى

والله لا ينزل وحيه ليكتم ويدفن في صدر واحد من الناس

ثمَّ يموت هذا العلم بموته .


الثالث :

قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ابن عباس :
" عرضت عليَّ الأمم ، فجعل يمرُّ النبي معه الرجل

والنبي معه الرجلان ، والنبي معه الرهط

والنبي ليس معه أحد "

(5) .
فدلّ هذا على أنَّ الأنبياء مأمورون بالبلاغ

وأنَّهـم يتفاوتون في مدى الاستجابة لهم .
والتعريف المختار أنَّ " الرسولَ مَنْ أُوحي إليه بشرع جديد

والنبيَّ هو المبعوث لتقرير شرع من قبله " (6) .
وقد " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء

كلما هلك نبيٌّ خلفه نبيٌّ " .
كما ثبت في الحديث

(7)

وأنبياء بني إسرائيل كلّهم مبعوثون بشريعة موسى :
التوراة وكانوا مأمورين بإبلاغ قومهم وحي الله إليهم

( ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى
إذ قالوا لنبي لَّهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله

قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألاَّ تقاتلوا ... )
[ البقرة : 246 ]
فالنبي كما يظهر من الآية يُوحَى إليه شيء يوجب على قومه أمراً

وهذا لا يكون إلا مع وجوب التبليغ .
واعتبر في هذا بحال داود وسليمان وزكريا ويحي فهؤلاء جميعاً أنبياء

وقد كانوا يقومون بسياسة بني إسرائيل

والحكم بينهم وإبلاغهم الحق

والله أعلم بالصواب .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


(1) راجع في هذه المسألة : لسان العرب : 3/561 ، 573 ، بصائر ذوي التمييز : 5/14 ، لوامع الأنوار البهية : 1/49 ، 2/265 .
(2) راجع في هذه المسألة : لسان العرب : (2/1166-1167 ) ، المصباح المنير : ص266 .
(3) حديث صحيح رواه أحمد في مسنده حديث رقـم : (21546 ، 21552) طبعة الرسالة .
(4) شرح العقيدة الطحاوية 167)، لوامع الأنوار البهية : (1/49)، وانظر كلام الشيخ ناصر الدين الألباني على أسانيده في سلسلة الصحيحة : 2668 .
(5) رواه البخاري : 5752 ، ومسلم : 220 ، واللفظ للبخاري .
(6) تفسير الآلوسي : (7/157) .
(7) رواه البخاري عن أبي هريرة : 3455 .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


تابعونا بهذه السلسلة المباركة
التى أسأل ان ينتفع بها جميع خلق الله
ان شاء الله الكل يستفيد
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:20 pm
أهمية الإيمان بالرّسل

المطلب الأول

الإيمان بالأنبياء والرسل من أصول الإيمان
الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان

قال تعالى :
( قل آمنَّا بالله وما أنزل علينا

وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط

وما أوتي موسى وعيسى وَالنَّبِيُّونَ من رَّبهم

لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون )

[ آل عمران : 84 ] .

ومن لم يؤمن بالرسل ضل ضلالاً بعيداً

وخسر خسراناً مبيناً

( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله

واليوم الآخر فقد ضلَّ ضلالاً بعيداً )

[ النساء : 136 ] .
.........



المطلب الثاني

الصلة بين الإيمان بالله والإيمان بالرسل والرسالات[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الذين يزعمون أنَّهم مؤمنون بالله
ولكنّهم يكفرون بالرسل والكتب هؤلاء لا يقدرون الله حقَّ قدره

( وما قدروا الله حقَّ قدره

إذ قالوا ما أنزل الله على بشرٍ من شيءٍ )
[ الأنعام : 91 ]

فالذين يقدرون الله حقَّ قدره

ويعلمون صفاته التي اتصف بها من العلم والحكمة والرحمة
لا بدَّ أن يوقنوا بأنَّه أرسل الرسل وأنزل الكتب
لأن هذا مقتضى صفاته ، فهو لم يخلق الخلق عبثاً

( أيحسب الإنسان أن يترك سُدًى )
[ القيامة : 36 ] .

ومن كفر بالرسل وهو يزعم أنَّه يؤمن بالله
فهو عند الله كافر لا ينفعه إيمانه

قال تعالى :
( إنَّ الَّذين يكفرون بالله ورسله

ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله

ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ
ويريدون أن يتَّخذوا بين ذلك سبيلاً –
أولئك هم الكافرون حقّاً )
[النساء : 150-151] .

فقد نصَّت الآية على كفر من زعم الإيمان بالله وكفر بالرسل

( ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله )
يقول القرطبي في هذه الآية :

" نصّ سبحانه على أنَّ التفريق بين الله ورسله كفر

وإنَّما كان كفراً لأنَّ الله فرض على الناس

أن يعبدوه بما شرعه على ألسنة الرسل

فإذا جحدوا الرسل ردّوا عليهم شرائعهم

ولم يقبلوها منهم

فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أُمروا بالتزامها

فكان كجحد الصانع سبحانه

وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية

وكذلك التفريق بين الله ورسله "
(1) .
........


المطلب الثالث

وجوب الإيمان بجميع الرسل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل

قال تعالى :

( كذَّبت قوم نوحٍ المرسلين )
[ الشعراء : 105 ]

وقال :

( كذَّبت عاد المرسلين )
[ الشعراء : 123 ]

وقال :
( كذَّبت ثمود المرسلين )

[ الشعراء : 141 ]
وقال :
( كذَّبت قوم لوطٍ المرسلين )
[الشعراء : 160]
ومن المعروف أنَّ كلَّ أمةٍ كذَّبت رسولها

إلا أن التكذيب برسول واحد يعدّ تكذيباً بالرسل كلِّهم

ذلك أنَّ الرسل حملة رسالة واحدة

ودعاة دين واحد، ومرس
لهم واحد فهم وحدة ، يبشر المتقدم منهم بالمتأخر

ويصدق المتأخر المتقدم .

ومن هنا كان الإيمان ببعض الرسل والكفر ببعض كفراً بهم جميعاً

وقد وسم الله من هذا حاله بالكفر

( إنَّ الَّذين يكفرون بالله ورسله

ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله

ويقولون نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعضٍ

ويريدون أن يتَّخذوا بين ذلك سبيلاً –
أولئك هم الكافرون حقّاً )
[ النساء : 150-151 ]
وقد أمرنا الله بعدم التفريق بين الرسل والإيمان بهم جميعاً

( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا

وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط

وما أوتي النبيُّون من رَّبهم لا نفرق بين أحدٍ منهم
ونحن له مسلمون )

[ البقرة : 136 ]
ومن سار على هذا النهج فقد اهتدى

( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا )

[ البقرة : 137 ]

والذي يخالفه فقد ضلَّ وغوى

( وَّإن تولَّوا فإنَّما هم في شقاقٍ
فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله وهو السَّميع العليم )

[ البقرة : 137 ] .

وقد مدح الله رسول هذه الأمة والمؤمنين
الذين تابعوه لإيمانهم بالرسل كلهم

ولعدم تفريقهم بينهم
قال تعالى :

( آمن الرسول بما أنزل إليه من رَّبه والمؤمنون

كلٌّ آمن بالله وملائكته

وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رُّسله )

[ البقرة : 285 ] .

ووعد الله الذين لم يفرقوا بين الرسل بالمثوبة والأجر الكريم

( والَّذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحدٍ منهم
أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفوراً رَّحيماً )
[ النساء : 152 ] .

وقد ذم الله أهل الكتاب لإيمانهم ببعض الرسل وكفرهم ببعض
( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله

قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وَرَاءهُ

وهو الحقُّ مصدقاً لما معهم )

[البقرة : 91] .

فاليهود لا يؤمنون بعيسى ولا بمحمد



والنصارى لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم .


--------------------------------
(1)تفسير القرطبي: (6/5) .

فى هذا الموضوع سنتعلم فيه من هم انبياء الله ورسله
تابع معنا بالتأكيد ستستفيد
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:22 pm
عدد الأنبياء والطريق إلى معرفتهم
المطلب الأول
الأنبياء والرسل جمّ غفير
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

اقتضت حكمة الله – تعالى –

في الأمم قبل هذه الأمّة أن يرسل في كلّ منها نذيراً

ولم يرسل رسولاً للبشرية كلّها إلاّ محمداً صلى الله عليه وسلم

واقتضى عدله ألاّ يعذب أحداً من الخلق

إلاّ بعد أن تقوم عليه الحجة :
( وما كنَّا معذبين حتَّى نبعث رسولاً )
[الإسراء : 15]
من هنا كثر الأنبياء والرسل في تاريخ البشرية كثرة هائلة

قال تعالى :
( وإن من أمَّةٍ إلاَّ خلا فيها نذيرٌ )
[ فاطر : 24 ] .

وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعدّة الأنبياء والمرسلين

فعن أبي ذرّ قال: قلت : يا رسول الله

كم المرسلون ؟ قال :
" ثلاثمائة وبضعة عشر جمّاً غفيراً "
وقال مرة :
" خمسة عشر "

وفي رواية أبي أمامة ، قال أبو ذر :
قلت : يا رسول الله

كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال :
مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً

الرُّسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمّاً غفيراً "

(1) .

من الأنبياء والرسل من لم يقصصهم الله علينا :

وهذا العدد الكبير للأنبياء والرسل

يدلنا على أنَّ الذين نعرف أسماءهم من الرسل والأنبياء قليل

وأنَّ هناك أعداداً كثيرة لا نعرفها
وقد صرّح القرآن بذلك في أكثر من موضع

قال تعالى :
( ورسلاً قد قصصناهم عليك

من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك )
[ النساء : 164 ]
وقال :

( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم

مَّن قصصنا عليك ومنهم من لَّم نقصص عليك )

[ غافر : 78 ] .

فالذين أخبرنا الله بأسمائهم في كتابه أو أخبرنا بهم رسوله
– صلى الله عليه وسلم –
لا يجوز أنّ نكذّبَ بهم

ومع ذلك فنؤمن أنَّ لله رسلاً وأنبياء لا نعلمهم .
...........
المطلب الثاني
الأنبياء والرسل المذكورون في القرآن
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ذكر الله في كتابه خمسة وعشرين نبياً ورسولاً

فذكر في مواضع متفرقة

آدم وهوداً وصالحاً وشعيباً

وإسماعيل وإدريس وذا الكفل ومحمداً

عليهم السلام .

قال تعالى :
( إنَّ الله اصطفى آدم ... )

[ آل عمران : 33 ]
وقال :
( وإلى عادٍ أخاهم هوداً )
[ هود : 50 ]

( وإلى ثمود أخاهم صالحاً )
[ هود : 61 ]

( وإلى مدين أخاهم شعيباً )
[ هود : 84 ]

( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كلٌّ من الصَّابرين )
[ الأنبياء : 85 ]
( مُّحمَّدٌ رَّسول الله ... )
[ الفتح : 29 ] .

وذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد في سورة الأنعام

( وتلك حجَّتنا آتيناها إبراهيم على قومه

نرفع درجاتٍ مَّن نشاء إنَّ ربَّك حكيم عليمٌ

– ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا

ونوحاً هدينا من قبل ومن ذُريَّته داود وسليمان
وأيُّوب ويوسف وموسى وهارون

وكذلك نجزي المحسنين –

وزكريَّا ويحى وعيسى وإلياس كلٌّ من الصَّالحين

– وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً

وكلاًّ فضَّلنا على العالمين )

[ الأنعام : 83-86 ] .



أربعة من العرب :




من هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب

فقد جاء في حديث أبي ذر في ذكر الأنبياء والمرسلين :
" منهم أربعة من العرب :
هود

وصالح ، وشعيب

ونبيك يا أبا ذر"

(2) .

ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل :
العرب العاربة

وأمّا العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل

(3)

وهود وصالح كانا من العرب العاربة .

الأسباط :

الأنبياء الذين سبق ذكرهم مذكورون في القرآن بأسمائهم
وهنا بعض الأنبياء أشار القرآن إلى نبوتهم

ولكننا لا نعرف أسماءهم ، وهم الأسباط
والأسباط هم أولاد يعقوب

وقد كانوا اثني عشر رجلاً عرّفنا القرآن

باسم واحد منهم وهو يوسف

والباقي وعددهم أحد عشر رجلاً لم يعرفنا الله بأسمائهم

ولكنه أخبرنا بأنّه أوحى إليهم

قال تعالى :

( قولوا آمنَّا بالله وما أنزل إلينا

وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق

ويعقوب والأسباط )

[ البقرة : 136 ] .

وقال :

( أم تقولون إنَّ إبراهيم وإسماعيل

وإسحاق ويعقوب والأسباط

كانوا هوداً أو نصارى .. )

[ البقرة : 140 ] .
............
المطلب الثالث
أنبياء عرفناهم من السنّة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

هناك أنبياء عرفناهم من السنة

ولم ينصّ القرآن على أسمائهم
وهم :

1- شيث :

يقول ابن كثير :
" وكان نبيّاً بنصّ الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه

عن أبي ذر مرفوعاً أنّه أنزل عليه خمسون صحيفة "

(4) .
2- يوشع بن نون :

روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" غزا نبيٌّ من الأنبياء ، فقال لقومه :
لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة ، وهو يريد أن يبني بها

ولمّا يبنِ ، ولا آخر قد بنى بنياناً ولما يرفع سقفها

ولا آخر قد اشترى غنماً أو خلفات وهو منتظر ولادها

قال : فغزا ، فأدنى للقرية حين صلاةِ العصر

أو قريباً من ذلك ، فقال للشمس:

أنت مأمورة ، وأنا مأمور

اللهمَّ احبسها عليَّ شيئاً ، فحسبت عليه حتى فتح الله عليه "
(5) .

والدليل على أنَّ هذا النبيّ هو يوشع قوله
صلى الله عليه وسلم :

" إنَّ الشمس لم تحبس إلاّ ليوشع
ليالي سار إلى بيت المقدس "

(6) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:24 pm
المطلب الرابع

صالحون مشكوكٌ في نبوتهم

1- ذو القرنين :

ذكر الله خبر ذي القرنين في آخر سورة الكهف

ومما أخبر الله به عنه أنه خاطبه

( قلنا يا ذا القرنين إمَّا أن تعذب وإمَّا أن تتَّخذ فيهم حسناً )
[ الكهف : 86 ] .

فهل كان هذا الخطاب بواسطة نبيّ كان معه
أو كان هو نبيّاً ؟ جزم الفخر الرازي بنبوته

(7)
وقال ابن حجر :
" وهذا مرويٌّ عن عبد الله بن عمرو ، وعليه ظاهر القرآن "

(Cool
ومن الذين نفوا نبوته عليُّ بن أبي طالب

(9) .

2- تبع :

ورد ذكر تبع في القرآن الكريم ، قال تعالى :

( أهم خير أم قوم تُبَّعٍ والَّذين من قبلهم

أهلكناهم إنَّهم كانوا مجرمين )

[ الدخان : 37 ]
وقال :

( كذَّبت قبلهم قوم نوحٍ وأصحاب الرَّس وثمود
– وعادٌ وفرعون وإخوان لوطٍ –
وأصحاب الأيكة وقوم تُبَّعٍ كلٌّ كذَّب الرُّسل فحقَّ وعيد )
[ ق : 12-14 ]

فهل كان نبيّاً مرسلاً إلى قومه فكذبوه فأهلكهم الله ؟
الله أعلم بذلك .



الأفضل التوقف في أمر ذي القرنين وتُبّع :


والأفضل أن يتوقف في إثبات النبوة لهذين
لأنه صحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" ما أدري أتُبّع نبيّاً أم لا

وما أدري ذا القرين نبياً أم لا "

(10)

فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري

فنحن أحرى بأن لا ندري .

3- الخضر :

الخضر هو العبد الصالح الذي رحل إليه موسى ليطلب منه علماً

وقد حدثنا الله عن خبرهما في سورة الكهف .

وسياق القصة يدلّ على نبوته من وجوه

(11) :

أحدها : قوله تعالى :
( فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا

وعلَّمناه من لَّدُنَّا علماً )
[ الكهف : 65 ]

والأظهر أنّ هذه الرحمة هي رحمة النبوة

وهذا العلم هو ما يوحى إليه به من قبل الله .

الثاني : قول موسى له :
( هل أتَّبعك على أن تعلمن ممَّا عُلمت رُشداً –

قال إنَّك لن تستطيع معي صبراً –
وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً –
قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصى لك أمراً
– قال فإن اتَّبعتني فلا تسألني عن شيءٍ
حتَّى أُحدث لك منه ذكراً )
[ الكهف : 66-70 ]
فلو كان غير نبيّ لم يكون معصوماً

ولم يكن لموسى – وهو نبيٌّ عظيم ، ورسول كريم
واجب العصمة – كبيرُ رغبةٍ

ولا عظيم طلبة في علم وَليَّ غير واجب العصمة
ولما عزم على الذهاب إليه ، والتفتيش عنه

ولو أنَّه يمضي حقباً من الزمان

قيل : ثمانين سنة ، ثمَّ لما اجتمع به ، تواضع له

وعظّمه ، واتبعه في صورة مستفيد منه
دلّ على أنه نبيٌّ مثله ، يوحى إليه كما يوحى إليه

وقد خصّ من العلوم اللدنيَّة والأسرار النبويَّة

بما لم يطلع الله عليه موس
ى الكليم نبيّ بني إسرائيل الكريم .



الثالث :

أنّ الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام

وما ذاك إلا للوحي إليه من الملك العلام

وهذا دليل مستقلٌّ على نبوتَّه

وبرهان ظاهر على عصمته

(12)

لأنَّ الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس
بمجرد ما يلقى في خلده

لأنَّ خاطره ليس بواجب العصمة

إذ يجوز الخطأ عليه بالاتفاق
ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام

الذي لم يبلغ الحلم علماً منه بأنّه إذا بلغ يكفر

ويحمل أبويه على الكفر لشّدة محبتهما له

فيتابعانه عليه

ففي قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته

صيانة لأبويه عن الوقوع في الكفر

وعقوبته دلّ ذلك على نبوته وأنّه مؤيد من الله بعصمته .



الرابع :

أنّه لمـَّا فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى

ووضح له عن حقيقة أمره وجلاَّه

قال بعد ذلك كلّه :

( رحمةً من رَّبك وما فعلته عن أمري )

[ الكهف : 82 ]

يعني ما فعلته من تلقاء نفسي

بل أمرت به ، وأوحي إليّ فيه

(13) .
........


المطلب الخامس

لا نثبت النبوة لأحد إلاّ بدليل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يذكر علماء التفسير والسير أسماء كثير من الأنبياء

نقلاً عن بني إسرائيل

أو اعتماداً على أقوال لم تثبت صحتها

فإن خالفت هذه النقول شيئاً مما ثبت عندنا من كتاب
ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم رفضناها

كقول الذين قالوا :
" إنَّ الرسل ثلاثة الذين أرسلوا إلى أصحاب القرية المذكورة
قصتهم في سورة يس كانوا من أتباع عيسى

وأن جرجيس وخالد بن سنان كانا نبيين بعد عيسى "
(14) .

نردّ هذّا كله ، لأنَّه ثبت في الحديث الصحيح

أنّه ليس بين عيسى ابن مريم وبين رسولنا

صلوات الله وسلامه عليهما نبيٌّ (15)

فالرسل المذكورون في آية سورة يس

إما رسل بعثوا قبل عيسى

وهذا هو الراجح
أو هم – كما يقول بعض المفسرين –

مبعوثون من قبل عيسى وهذا بعيد

لأ
الله أخبر أنّه مرسلهم

والرسول عند الإطلاق ينصرف إلى الاصطلاح المعروف
وما ورد من أنَّ خالد بن سنان نبي عربي ضيعه قومه

فهو حديث لا يصحُّ

وهو مخالف لحديث صحيح أخبر الرسول

صلى الله عليه وسلم
فيه أنَّ عدد الأنبياء الذين من العرب أربعة

(16) .

أما ما ورد عن بني إسرائيل من أخبار بتسمية بعض الأنبياء

مما لا دليل عليه من الكتاب والسنة

فلا نكذَّبه ، ولا نصدّق به

لأنَّ خبرهم يحتمل الصدق والكذب .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

(1)عزاه التبريزي في مشكاة المصابيح : (3/122) إلى أحمد في مسنده

وقد حكم الألباني عليه بالصحة

وقد أطال الشيخ الألباني الكلام في تخريجه من كتب السنة

وبيان أسانيده في كتب السنن وأقوال العلماء فيه في
(سلسلة الصحيحة : ورقمها فيها (2668)
وقال مجملاً القول فيه :

" وجملة القول : إن عدد الرسل المذكورين في حديث الترجمة صحيح لذاته

وأن عدد الأنبياء المذكورين في أحد طرقه
وفي حديث أبي ذر من ثلاث طرق ، فهو صحيح لغيره "
وانظر الحديث في مسند أحمد برقم :
(21546 ، 21552 ، 22288) طبعة مؤسسة الرسالة

فقد حكم الشيخ شعيب الأرنؤوط على طرقه وأسانيده بالضعف .
(2) رواه ابن حبان في صحيحه : 2/76 (361) ، وقال الشيخ شعيب : إسناده ضعيف جداً

" صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان " طبعة مؤسسة الرسالة ، البداية والنهاية : (1/120) .
(3) البداية والنهاية : (1/119-120) .
(4) البداية والنهاية : (1/99) .
(5) رواه البخاري : 3124 ، ومسلم : 1747 ، واللفظ لمسلم .
(6) قال ابن كثير في البداية والنهاية : (1/323) انفرد به أحمد من هذا الوجه وهو على شرط البخاري .

وهو في " مسند أحمد" 14/65(8315) طبعة مؤسسة الرسالة .
(7) فتح الباري : (6/382) .
(Cool المصدر السابق .
(9) هذا الأثر أخرجه الحاكم عن علي ، وقال : سنده صحيح ، انظر فتح الباري : (6/382) .
(10) رواه الحاكم والبيهقي : ( انظر صحيح الجامع الصغير : (5/121) .
(11) ذكر هذه الوجوه ابن كثير في البداية والنهاية : (1/326) .
(12) ضلَّ أقوام من هذه الأمة إذ ينتكهون الحرمات ، ويرتكبون المنهيات ، فإذا أنكر عليهم منكر ، قالوا : حقيقة الأمر الخافية غير المظهرة البائنة

ويحتجون على ذلك بقصة الخضر ، وإفساده للسفينة ، وقتله للغلام ، وهذا ضلال كبير ، يفتح باب الشر ولا يستطاع إغلاقه بعد ذلك
والقول بنبوة الخضر يغلق هذا الباب ، ثمَّ ليس لأحد من هذه الأمة أن يخالف الشريعة الإسلامية ، فالحلال ما أحله الله

والحرام ما حرّمه الله ، فمن رام خلاف الشريعة عوقب معاقبة المخالف ، وإن زعم ما زعم . ومما ينبغي التنبيه إليه أن موسى صاحب شريعة لم يكن له أن يخالفها
ولذلك أنكر على الخضر قتله الغلام ، لأنّه محرم في شريعته ، ومن هنا اختار فراقه ، والعودة إلى قومه .
(13) ذهب جمع كثير من العلماء إلى أن الخضر حي لم يمت ، وقد وردت في ذلك أخبار كثيرة

وقد فتح القول بحياته باباً للخرافة والدجل ، فأخذ كثير من الناس يزعم أنّهم قابلوا الخضر ، وأنّه وصّاهم بوصايا ، وأمرهم بأوامر

ويروون في ذلك حكايات غريبة ، وأخباراً يأباها العقل السليم. وقد ذهب إلى تضعيف هذه الأخبار جمع من كبار المحدثين منهم البخاري

وابن دحية ، وابن كثير ، وابن حجر العسقلاني ، وأقوى ما يردُّ به على هؤلاء القائلين بحياته أنه لم يصح في ذلك حديث

وأنو لو كان حياً لكان فرض عليه أن يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويتابعه وينصره ، فقد أخذ الله العهد على الأنبياء
من قبل بالإيمان بمحمد ونصرته إذا أدركه زمانه ( وإذ أخذ الله ميثاق النَّبيين لما آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثُمَّ جاءكم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشَّاهدين ) [ آل عمران : 81 ]
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعه . وقد سأل إبراهيم الحربي أحمد بن حنبل عن تعمير الخضر وإلياس

وأنهما باقيان يريان ويروى عنهما، فقال أحمد : من أحال على غائب لم ينصف منه ، وما ألقى هذا إلا الشيطان . ( مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 4/337 ) . وسُئل البخاري عن الخضر وإلياس : هل هما في الأحياء ؟ فقال : كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
" لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو على وجه الأرض أحد"( مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 4/337) .
وقد أطال جماعة من محققي العلماء في إيراد الأدلة المبطلة لهذه الخرافة ، منهم ابن كثير في البداية والنهاية

(1/326) والشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (4/184) ، وقد ألف ابن حجر العسقلاني رسالة في ذلك سمّاها
: الزهر النضر في نبأ الخضر ، وهي مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية : 2/195 .
(14) فتح الباري : (6/489) .
(15) حديث صحيح رواه البخاري : (3442) ومسلم : (2365) ونصه : " ليس بيني وبينه نبي " .
(16) رواه ابن حبان في صحيحه : 2/76(361) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:26 pm
حَاجة البشريّة إلى الرّسُل والرّسَالات
تمهيد :

إذا كان الناس في القديم يجادلون الرسل
ويرفضون علومهم

ويعرضون عنهم فإن البشر اليوم في القرن العشرين

– حيث بلغت البشرية ذروة التقدم المادي

فغاصت في أعماق البحار ، وانطلقت بعيداً في أجواز الفضاء

وفجرت الذرة

وكشفت كثيراً من القوى الكونية الكامنة في هذا الوجود

– أشدُّ جدالاً للرسل ، وأكثر رفضاً لعلومهم

وأعظم إعراضاً عنهم

وحال البشر اليوم من الرسل وتعاليمهم

كحال الحمر المستنفرة حين ترى الأسد فتفرّ لا تلوي على شيء

قال تعالى :
( فما لهم عن التَّذكرة معرضين

– كأنَّهم حمرٌ مُّستنفرةٌ

– فرَّت من قسورة )
[ المدثر : 49-51 ] .

والبشر – اليوم –

يأبون أكثر من قبل التسليم للرسل وتعاليمهم اغتراراً بعلومهم ، واستكباراً عن متابعة رجال عاشوا في عصور متقدمة

على عصورهم

( ذلك بأنَّه كانت تَّأتيهم رسلهم بالبينات
فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا

وتولَّوا واستغنى الله والله غنيٌّ حميدٌ )
[ التغابن : 6 ] .

واليوم ينفخ شياطين الإنس في عقول البشر

يدعونهم إلى التمرد على الله وعلى شريعة الله

ورفض تعاليم الرسل ، بحجة أنَّ في شريعة الله حجراً على عقولهم

وتوقيفاً لركب الحياة ، وتجميداً للحضارة والرقي ّ

وقد أقامت الدول اليوم نظمها وقوانينها وتشريعاتها

على رفض تعاليم الرسل

بل إنَّ بعض الدول تضع الإلحاد مبدأ دستورياً

وهو الذي يسمى بالعلمانية

وكثير من الدول التي تتحكم في رقاب المسلمين
تسير على هذا النهج

وقد ترضى عوامّ الناس بأن تضع مادة في دستورها تقول :
دين الدولة الإسلام

ثمَّ تهدم هذه المادة بالموادّ السابقة واللاحقة

والتشريعات التي تحكم العباد .

فهل صحيح أنَّ البشرية بلغت – اليوم –

مبلغاً يجعلها تستغني عن الرسل وتعاليم الرسل ؟
وهل أصبحت البشرية اليوم قادرة

على أن تقود نفسها بعيداً عن منهج الرسل ؟

يكفي في الإجابة أن ننظر في حال تلك الدول

التي نسميها متقدمة متحضرة

كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين –
لنعلم مدى الشقاء الذي يغشاهم
نحن لا ننكر أنَّهم بلغوا في التقدّم المادي شأواً بعيداً

ولكنّهم في الجانب الآخر الذي جاء الرسل

وجاءت تعاليمهم لإصلاحه انحدروا انحداراً بعيداً .

لا ينكر أحد أنَّ الهموم والأوجاع النفسية والعقد النفسية

– اليوم – سمة العالم المتحضر

الإنسان في العالم المتحضر اليوم فقد إنسانيته

خسر نفسه ، ولذلك فإن الشباب هناك يتمردون
يتمردون على القيم والأخلاق والأوضاع والقوانين
أخذوا يرفضون حياتهم التي يعيشونها

وأخذوا يتبعون كل ناعق من الشرق أو الغرب

يلوِّح لهم بفلسفة أو دروشة أو سفسطة يظنون فيه هناءهم

لقد تحوّل عالم الغرب إلى عالم تنخر الجريمة عظامه

وتقوده الانحرافات والضياع

لقد زلزلت الفضائح أركان الدول الكبرى
والخافي أعظم وأكثر من البادي

إن الذين يسمّون
– اليوم – بالعالم المتحضر يخربون بيوتهم بأيديهم

حضارتهم تقتلهم ، حضارتهم تفرز سموماً تسري فيهم فتقتل الأفراد ، وتفرق المجتمعات
الذين نسميهم اليوم بالعالم المتحضر

كالطائر الجبّار الذي يريد أن يحلق في أجواز الفضاء بجناح واحد .

إننا بحاجة إلى الرسل وتعاليمهم لصلاح قلوبنا

وإنارة نفوسنا ، وهداية عقولنا ...
ونحن بحاجة إلى الرسل كي نعرف وجهتنا في الحياة

وعلاقتنا بالحياة وخالق الحياة .

نحن بحاجة إلى الرسل كيلا ننحرف أو نزيغ فنقع في المسنقع الآسن .
...........


ابن القيم يبين مدى الحاجة إلى الرسل :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يقول ابن القيم مبيناً حاجة العباد إلى الرسل وتعاليمهم :

" ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة

إلى معرفة الرسول ، وما جاء به ، وتصديقه فيما
أخبر به وطاعته فيما أمر ، فإنه لا سبيل إلى السعادة

والفلاح لا في الدنيا، ولا في الآخرة إلاّ على أيدي الرسل

ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث

على التفصيل إلاّ من جهتهم

ولا يُنال رضا الله ألبتة إلاّ على أيديهم

فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق
ليس إلاّ هديهم وما جاؤوا به

فهم الميزان الراجح

الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأخلاق والأعمال ، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال

فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه
والعين إلى نورها ، والروح إلى حياتها

فأيّ ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد

وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير .

وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه

وما جاء به طرفة عين فسد قلبك

وصار كالحوت إذا فارق الماء ، ووضع في المقلاة

فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل كهذه الحال

بل أعظم ، ولكن لا يحسُّ بهذا إلاّ قلبٌّ حيٌّ .

ما لجرح بميت إيلام
(1)

وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة
بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه

وأحبَّ نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته
وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين

ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه

والناس في هذا بين مستقلٍّ ، ومستكثر

ومحروم ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء
والله ذو فضل عظيم "

(2) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:29 pm
ابن تيمية يبين الحاجة إلى الرسل والرسالات :

وممن جلى هذه المسألة وبينها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قال : " الرسالة ضرورية للعباد ، لا بدَّ لهم منها
وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء
والرسالة روح العالم ونوره وحياته

فأيُّ صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور ؟
والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة

وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة

ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة ، وهو من
الأموات قال الله تعالى :
( أو من كان ميتاً فأحييناه
وجعلنا له نوراً يمشي به في النَّاس
كمن مَّثله في الظُّلمات ليس بخارجٍ منها )

[ الأنعام : 122 ]
فهذا وصف المؤمن كان ميتاً في ظلمة الجهل

فأحياه الله بروح الرسالة ونور الإيمان

وجعل له نوراً يمشي به في الناس

وأمّا الكافر فميت القلب في الظلمات " .

وبين رحمه الله تعالى :

" أن الله سمّى رسالته روحاً ، والروح إذا عدم فقدت الحياة

قال الله تعالى :

( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا
ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان

ولكن جعلناه نوراً نَّهدي به من نَّشاء من عبادنا )
[ الشورى : 52 ]

فذكر هنا الأصلين

وهما : الروح ، والنور ، فالروح الحياة

والنور النور " وبين رحمه الله تعالى :
" أن الله يضرب الأمثال للوحي الذي أنزله حياة للقلوب

ونوراً لها بالماء الذي ينزله من السماء حياة للأرض

وبالنَّار التي يحصل بها النور

وهذا كما في قوله تعالى :

( أنزل من السَّماء ماءً فسالت أودية
بقدرها فاحتمل السَّيل زبداً رَّابياً وممَّا يوقدون عليه في النَّار

ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مثله

كذلك يضرب الله الحقَّ والباطل

فأمَّا الزَّبد فيذهب جفاءً وأمَّا ما ينفع النَّاس
فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال )
[ الرعد : 17 ] .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله معقباً على الآية :
" فشبه العلم بالماء المنزل من السماء لأن به حياة القلوب

كما أنَّ بالماء حياة الأبدان

وشبّه القلوب بالأودية ، لأنّها محلّ العلم

كما أنَّ الأودية محل الماء ، فقلب يسع علماً كثيراً
وواد يسع ماءً كثيراً ، وقلب يسع علماً قليلاً
وواد يسع ماءً قليلاً

وأخبر تعالى أنَّه يعلو على السيل من الزبد بسبب مخالطة الماء
، وأنّه يذهب جفاءً ، أي : يرمى به
ويخفى ، والذي ينفع الناس يمكث في الأرض ويستقر
وكذلك القلوب تخالطها الشهوات والشبهات
ثم تذهب جفاءً

ويستقر فيها الإيمان والقرآن الذي ينفع صاحبه والناس

وقال :

( وممَّا يوقدون عليه في النَّار ابتغاء حليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مثله
كذلك يضرب الله الحقَّ والباطل )
[ الرعد : 17 ]

فهذا المثل الآخر وهو الناري

فالأول للحياة ، والثاني للضياء .

وبين رحمه الله أن لهذين المثالين نظيراً "
وهما المثالان المذكوران في سورة البقرة في قوله تعالى :
( مثلهم كمثل الَّذي استوقد ناراً فلمَّا أضاءت ما حوله

ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلماتٍ لا يبصرون

– صمُّ بكم عميٌ فهم لا يرجعون –

أو كصيبٍ من السَّماء فيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرقٌ

يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصَّواعق

حذر الموت والله محيط بالكافرين )

[ البقرة : 17-19 ] .

وبعد أن بيَّن الشيخ رحمه الله وصف المؤمن

بين وصف الكافر ، فقال :
" وأمّا الكافر ففي ظلمات الكفر والشرك غير حيّ

وإن كانت حياته حياة بهيمية

فهو عادم الحياة الروحانية العلوية التي سببها الإيمان

وبها حصل للعبد السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة

فإنّ الله – سبحانه – جعل الرسل وسائط بينه
وبين عباده في تعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم

وتكميل ما يصلحهم في معاشهم ومعادهم

وبعثوا جميعاً بالدعوة إلى الله وتعريف الطريق الموصل إليه

وبيان حالهم بعد الوصول إليه " .

ثم بيّن رحمه الله هذه الأصول التي أشار إليها هنا فقال :
" فالأصل الأول يتضمن إثبات الصفات والتوحيد والقدر

وذكر أيام الله في أوليائه وأعدائه

وهي القصص التي قصّها الله على عباده والأمثال التي ضربها لهم .

والأصل الثاني يتضمن تفصيل الشرائع والأمر والنهي والإباحة
وبيان ما يحبه الله وما يكرهه
والأصل الثالث يتضمن الإيمان باليوم الآخـر
والجنّة والنار والثواب والعقاب " .

ثم بيّن أنَّ " على هذه الأصول الثلاثة مدار الخلق والأمر

والسعادة والفلاح موقوفة عليها

ولا سبيل إلى معرفتها إلاّ من جهة الرسل

فإنَّ العقل لا يهتدي إلى تفاصيلها ومعرفة حقائقها

وإن كان قد يدرك وجه الضرورة إليها من حيث الجملة

كالمريض الذي يدرك وجه الحاجة إلى الطب ومن يداويه

ولا يهتدي إلى تفاصيل المرض ، وتنزيل الدواء عليه "
(3) .

مقارنة بين حاجة العباد إلى علم الرسل وعلم الطب :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


عقد ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم

(( مفتاح دار السعادة ))
مقارنة بيّن فيها أنّ حاجة الناس إلى الشريعة

أعظم من حاجتهم إلى علم الطب

مع شدّة حاجة الناس إليه لصلاح أبدانهم

فحاجتهم إلى الرسالة أعظم من حاجتهم إلى غيرها من العلوم

قال : " حاجة الناس إلى الشريعة ضرورية
فوق حاجتهم إلى كل شيء

ولا نسبة لحاجتهم إلى علم الطب إليها

ألا ترى أنَّ أكثر العالم يعيشون بغير طبيب

ولا يكون الطبيب إلا في بعض المدن الجامعة

وأمَّا أهل البدو كلهم ، وأهل الكفور كلّهم

وعامة بني آدم – لا يحتاجون إلى طبيب

وهم أصحُّ أبدانا ، وأقوى طبيعة ممن هو متقيد بالطبيب

ولعّل أعمارهم متقاربة

وقد فطر الله بني آدم على تناول ما ينفعهم

واجتناب ما يضرهم

وجعل لكلّ قوم عادة وعرفاً في استخراج ما يهجم عليهم من الأدواء ، حتى إنَّ كثيراً من أصول الطب
إنما أخذت من عوائد الناس ، وعرفهم وتجاربهم .

وأمّا الشريعة فمبناها

على تعريف مواقع رضا الله وسخطه في حركات العباد الاختيارية

فمبناها على الوحي المحض

والحاجة إلى التنفس فضلاً عن الطعام والشراب
لأنّ غاية ما يقدر في عدم التنفس والطعام والشراب موت البدن
وتعطل الروح عنه

وأما ما يقدر عند عدم الشريعة ففساد الروح والقلب جملة

وهلاك الأبد

وشتان بني هذا وهلاك البدن بالموت
فليس النّاس قطّ إلى شيء أحوج منهم
إلى معرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم والقيام به

والدعوة إليه ، وال
صبر عليه وجهاد من خرج عنه حتى يرجع إليه

وليس للعالم صلاح بدون ذلك ألبتة

ولا سبيل إلى الوصول إلى السعادة

والفوز الأكبر إلاّ بالعبور على هذا الجسم "

(4) .

هل يمكن أن يستغني العقل عن الوحي :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يزعم الناس في عالم اليوم
أنّه يمكنهم الاستغناء عن الرسل والرسالات بالعقول
التي وهبهم الله إياها ، ولذلك نراهم يسنُّون القوانين

ويحلُّون ويحرمون ، ويخططون ويوجهون

ومستندهم في ذلك كلّه أن عقولهم تستحسن ذلك أو تقبحه

وترضى به أو ترفضه

وهؤلاء لهم سلف قالوا مثل مقالتهم هذه

" فالبراهمة – وهم طائفة من المجوس –
زعموا أن إرسال الرسل عبث

لا يليق بالحكيم ، لإغناء العقل عن الرسل

لأنّ ما جاءت به الرسل إن كان موافقاً للعقل حسناً عنده فهو يفعله

وإن لم يأت به ، وإن كان مخالفاً قبيحاً

– فإن احتاج إليه فعله وإلاّ تركه "

(5) .

ولا يجوز في مجال الحجاج والنزاع أن يبادر المسلم

إلى إنكار قدرة العقل على إدراك الحسن والقبح

" فإنّ الله قد فطر عباده على الفرق بين الحسن والقبيح

وركب في عقولهم إدراك ذلك ، والتمييز بين النوعين

كما فطرهم على الفرق بين النافع والضار والملائم لهم والمنافر

وركب في حواسهم إدراك ذلك ، والتمييز بين أنواعه .



والفطرة الأولى :
( وهي فطرته العباد على الفرق بين الحسن والقبيح )
هي خاصة الإنسان التي تميز بها عن غيره من الحيوانات

وأما الفطرة الثانية

( وهي فطرته للعباد على الفرق بين النافع والضار .. )
فمشتركة بين أصناف الحيوان "
(6)
والذي ينبغي أن ينازع فيه أمور :

الأول :
أنّ هناك أموراً هي مصلحة الإنسان

لا يستطيع الإنسان إدراكها بمجرد عقله

لأنها غير داخلة في مجال العقل ودائرته

" فمن أين للعقل معرفة الله – تعالى – بأسمائه وصفاته ..؟
ومن أين له معرفة تفاصيل شرعه ودينه الذي شرعه لعباده ؟
ومن أين له معرفة تفاصيل ثوابه وعقابه

وما أعدّ لأوليائه ، وما أعدّ لأعدائه

ومقادير الثواب والعقاب ، وكيفيتهما ، ودرجاتهما ؟
ومن أين له معرفة الغيب

الذي لم يُظهِر اللهُ عليه أحداً من خلقه
إلاّ من ارتضاه من رسله إلى غير ذلك مما جاءت به الرسل

وبلغته عن الله، وليس في العقل طريق إلى معرفته "
(7) .

الثاني :

أن الذي يدرك العقل حسنه أو قبحه يدركه على سبيل الإجمال

ولا يستطيع أن يدرك تفاصيل ما جاء به الشرع

وإن أدركت التفاصيل فهو إدراك لبعض الجزئيات

وليس إدراكاً كلياً شاملاً :
" فالعقل يدرك حسن العدل
وأما كون هذا الفعل المعين عدلاً أو ظلماً

فهذا مما يعجز العقل عن إدراكه في كلّ فعل وعقد "

(Cool .

الثالث :
أن العقول قد تحار في الفعل الواحد

فقد يكون الفعل مشتملاً على مصلحة ومفسدة

ولا تعلم العقول مفسدته أرجح أو مصلحته

فيتوقف العقل في ذلك، فتأتي الشرائع بيان ذلك
وتأمر براجح المصلحة ، وتنهى عن راجح المفسدة

وكذلك الفعل يكون مصلحة لشخص مفسدة لغيره

والعقل لا يدرك ذلك

وتأتي الشرائع ببيانه، فتأمر به من هو مصلحة له

وتنهى عنه من حيث هو مفسدة في حقّه

وكذلك الفعل يكون مفسدة في الظاهر

وفي ضمنه مصلحة عظيمة لا يهتدي إليها العقل

فتجيء الشرائع ببيان ما في ضمنه من المصلحة

والمفسدة الراجحة "
(9) .

وفي هذا يقول ابن تيمية :
" الأنبياء جاؤوا بما تعجز العقول عن معرفته

ولم يجيئوا بما تعلم العقول بطلانه

فهم يخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول "

(10) .

الرابع :

ما يتوصل إليه العقل وإن كان صحيحاً
فإنه ليس إلا فرضيات ، قد تجرفها الآراء المتناقضة

والمذاهب الملحدة .

ولو استطاعت البقاء فإنها – في غيبة الوحي –

ستكون تخمينات شتى ، يلتبس فيها الحق بالباطل .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:31 pm
بطلان قول البراهمة :

والبراهمة الذين يزعمون أنّ العقل يغني عن الوحي

لا نحتاج إلى إيراد الحجج لإبطال قولهم

وكل ما نفعله أن نوجه الأنظار إلى ما قادتهم إليه

عقولهم التي زعموا أنهم يستغنون بها عن الوحي

هذا زعيم من زعمائهم في القرن العشرين يقول مفاخراً
(11)

:" عندما أرى البقرة لا أجدني أرى حيواناً

لأني أعبد البقرة ، وسأدافع عن عبادتها أمام العالم أجمع "

. ولقد قاده عقله إلى تفضيل أمّه البقرة على أمّه التي ولدته :
" وأمي البقرة تفضل أمّي الحقيقية من عدة وجوه

فالأمّ الحقيقية ترضعنا مدة عام أو عامين

وتتطلب منّا خدمات طول العمر نظير هذا

ولكنّ أمنا البقرة تمنحنا اللبن دائماً

ولا تطلب منّا شيئاً مقابل ذلك سوى الطعام العادي .. "
ومضى عابد البقر يقارن بين أمّه البقرة وأمّه الحقيقية

مورداً الحجج والبراهين على أفضلية أمّه البقرة

على أمّه الحقيقية إلى أن قال :
" إنّ ملايين الهنود يتجهون للبقرة بالعبـادة والإجلال
وأنا أعدّ نفسي واحداً من هؤلاء الملايين " .

وقد قرأت منذ مدة في مجلة العربي التي تصدر في الكويت

عن معبد فخم مكسو بالرخام الأبيض

ترسل إليه الهدايا والألطاف – من شتى أنحاء الهند

بقي أن تعلم أنّ الآلهة التي تقدم لها القرابين
وترسل لها النذور في ذلك المعبد الفخم إنّما هي الفئران .

هذه بعض الترهات التي هدتهم إليها عقولهم

التي زعموا أنّ فيها غنية عن الوحي الإلهي .



مجالات العقل :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

إن الذين يريدون أن يستغنوا عن الوحي

بالعقل يظلمون العقل ظلماً كبيراً

ويبددون طاقة العقل في غير مجالها

" إن للعقل اختصاصه وميدانه وطاقته

فإذا اشتغل خارج اختصاصه جانبه الصواب
وحالفه الشطط والتخبط ،
وإذا أجري في غير ميدانه كبا وتعثر

وإذا كلف فوق طاقته كان نصيبه العجز والكلال .

إن العالم المادي المحسوس

أو عالم الطبيعة هو ميدان العقل الفسيح
الذي يصول فيه ويجول ، فيستخرج مكنوناته

ويربط بين أسبابه وعلله ، ومقدماته ونتائجه

فيكشف ويخترع

ويتبحّر في العلوم النافعة في مختلف ميادين الحياة

وتسير عجلة التقدم البشري إلى أمام .

أما إذا كلف النظر خارج اختصاصه أعني ما وراء الطبيعة

فإنه يرجع بعد طول البحث والعناء
بما لا يروي غليلاً ولا يشفي عليلاً

بل يرجع بسخافات وشطحات "

(12) .

موقع العقل من الوحي :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

يزعم كثير من الناس أن الوحي يلغي العقل ويطمس نوره

ويورثه البلادة والخمول، وهذا زعم كاذب

ليس له من الصحة نصيب

فالوحي الإلهي وجّه العقول إلى النظر في الكون والتدبر فيه

وحث الإنسان على استعمار هذه الأرض
واستثمارها

وفي مجال العلوم المنزلة من الله وظيفة العقل أن ينظر فيها
ليستوثق من صحة نسبتها إلى الله تعالى

فإن تبين له صحة ذلك فعليه أن يستوعب وحي الله إليه

ويستخدم العقل الذي وهبه الله إياه في فهم وتدبر الوحي

ثم يجتهد في التطبيق والتنفيذ .

والوحي مع العقل كنور الشمس أو الضوء مع العين

فإذا حجب الوحي عن العقل لم ينتفع الإنسان بعقله

كما أنّ المبصر لا ينتفع بعينه إذا عاش في ظلمة

فإذا أشرقت الشمس ، وانتشر ضوؤها انتفع بناظريه

وكذلك أصحاب العقول إذا أشرق الوحي

على عقولهم وقلوبهم أبصرت واهتدت

( فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصُّدور )
[ الحج : 46 ] .

--------------------------------
(1) عجز بيت للمتنبي وصدره :
من يهن يسهل الهوان عليه

وهو في ديوانه : 4/277 من قصيدة يمدح بها أبا الحسن علي بن أحمد المري الخراساني .

(2) زاد المعاد : (1/15) .
(3) النصوص السابقة من هذا الحديث منقولة من مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 19/93-96 .
(4) مفتاح دار السعادة : (2/2) .
(5) لوامع الأنوار البهية : (2/256) .
(6) مفتاح دار السعادة : 2/116 .
(7) مفتاح دار السعادة : 2/117 .
(Cool مفتاح دار السعادة : 2/117 .
(9) مفتاح دار السعادة : 2/117 .
(10) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 2/312 .
(11) هو زعيم الهند غاندي ، انظر أقواله في كتاب مقارنة الأديان : 4/32 ( نظرات في النبوة ص 27 ) .
(12) نظرات في النبوة : ص17 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:34 pm
وظائف الرّسّل ومهمّاتهم

لقد بين لنا القرآن الكريم والسنة النبوية مهمّة الرسل ووظائفهم

وسنحاول أن نبين ذلك فيما يأتي .



البلاغ المبين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الرسل سفراء الله إلى عباده ، وحملة وحيه ،
ومهمتهم الأولى هي إبلاغ هذه الأمانة التي تحملوها إلى عباد الله :
( يا أيَّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك
من رَّبك وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته )
[ المائدة : 67 ]

والبلاغ يحتاج إلى الشجاعة وعدم خشية الناس
وهو يبلغهم ما يخالف معتقداتهم ، ويأمرهم بما يستنكرونه

وينهاهم عمّا ألفوه

( الَّذين يبلغون رسالات الله ويخشونه
ولا يخشون أحداً إلاَّ الله )
[ الأحزاب : 39 ] .

والبلاغ يكون بتلاوة النصوص

التي أوحاها الله من غير نقصان ولا زيادة
( اتل ما أوحي إليك من الكتاب )
[ العنكبوت : 45 ]

( كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلوا عليكم آياتنا )

[ البقرة : 151 ]
فإذا كان الموحى به ليس نصاً يتلى

فيكون البلاغ ببيان الأوامر والنواهي والمعاني

والعلوم التي أوحاها الله من غير تبديل ولا تغيير .

ومن البلاغ أن يوضح الرسول الوحي الذي أنزله الله لعباده

لأنّه أقدر من غيره على التعرف على معانيه ومراميه

وأعرف من غيره بمراد الله من وحيه

وفي ذلك يقول الله لرسوله صلى الله عليه وسلم :
( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للنَّاس

ما نزل إليهم ولعلَّهم يتفكَّرون )
[ النحل : 44 ] .

والبيان من الرسول للوحي الإلهي قد يكون بالقول

فقد بين الرسول – صلى الله عليه وسلم –
أموراً كثيرة استشكلها أصحابه

كما بين المراد من الظلم في قوله تعالى :
( الَّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ
أولئك لهم الأمن وهم مُّهتدون )

[ الأنعام : 82 ]

فقد بين الرسول – صلى الله عليه وسلم –

أن المراد به الشرك

لا ظلم النفس بالذنوب .

وكما بيّن الرسول – صلى الله عليه وسلم –
الآيات المجملة في الصلاة والزكاة والحج وغير ذلك بقوله .

وكما يكون البيان بالقول يكون بالفعل

فقد كانت أفعال الرسول – صلى الله عليه وسلم –
في الصلاة والصدقة والحج

وغير ذلك بياناً لكثير من النصوص القرآنية.

وعندما يتولى الناس
ويعرضون عن دعوة الرسل

فإن الرسل لا يملكون غير البلاغ

( وَّإن تولَّوا فإنَّما عليك البلاغ )
[ آل عمران : 20 ][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الدّعوة إلى الله
لا تقف مهمّة الرسل عند حدّ بيان الحقِّ وإبلاغه

بل عليهم دعوة الناس إلى الأخذ بدعوتهم ، والاستجابة لها

وتحقيقها في أنفسهم اعتقاداً وقولاً وعملاً

وهم في ذلك ينطلقون من منطلق واحد

فهم يقولون للناس : أنتم عباد الله ، والله ربكم وإلهكم

والله أرسلنا لنعرفكم كيف تعبدونه

ولأننا رسل الله مبعوثون من عنده
فيجب عليكم أن تطيعونا وتتبعونا

( ولقد بعثنا في كل أمَّةٍ رَّسولاً

أن اعبدوا الله واجتنبوا الطَّاغوت )
[ النحل : 36 ]

( وما أرسلنا من قبلك من رَّسولٍ إلاَّ نوحي إليه

أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاعبدون )

[ الأنبياء : 25 ]

وكل رسول قال لقومه :

( فاتَّقوا الله وأطيعون )
[ الشعراء : 108 ، 126 ، 144 ، 150 ، 163 ، 179 ] .

وقد بذل الرسل في سبيل دعوة الناس إلى الله جهوداً عظيمة

وحسبك في هذا أن تقرأ سورة نوح لترى الجهد

الذي بذله على مدار تسعمائة وخمسين عاماً

فقد دعاهم ليلاً ونهاراً ، سراً وعلانية

واستعمل أساليب الترغيب والترهيب ، والوعد والوعيد

وحاول أن يفتح عقولهم

وأن يوجهها إلى ما في الكون من آيات

ولكنهم أعرضوا

( قال نوحٌ رَّب إنَّهم عصوني واتَّبعوا

من لَّم يزده ماله وولده إلاَّ خساراً )

[ نوح : 21 ] .

مثال يوضح دور الرسل :[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


وقد ضربت الملائكة للرسول صلى الله عليه وسلم

مثلاً يوضح دوره ، ويبين وظيفته
فعن جابر بن عبد الله قال :

" جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

وهو نائم فقال بعضهم : إنه نائم

وقال بعضهم : إن العين نائمةٌ والقلبَ يقظانُ

فقالوا : إن لصاحبكم هذا مثلاً

قال : فاضربوا له مثلاً . فقال بعضهم : إنه نائمٌ

وقال بعضهم : إن العينَ نائمةٌ والقلب يقظان
فقالوا :

مَثَلُهُ كمثل رجل بنى داراً وجَعَلَ فيها مأدُبة وبعث داعياً

فمن أجاب الداعيَ دخلَ الدارَ وأكلَ من المأدبة

ومن لم يجبِ الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة

فقالوا : أولوها له يفقهها ، فقال بعضهم : إنه نائمٌ

وقال بعضهم : إن العينَ نائمةٌ والقلبَ يقظانُ

فقالوا : فالدارُ الجنة والداعي محمدٌ صلى الله عليه وسلم

فمن أطاعَ محمداً صلى الله عليه وسلم فقد أطاعَ الله

ومن عصى محمداً صلى الله عليه وسلم فقد عصى الله

ومحمدٌ فرق بين الناس "

(1) .

--------------------------------
(1)صحيح البخاري : 7281 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:35 pm
التبشير والإنذار
ودعوة الرسل إلى الله تقترن دائماً بالتبشير والإنذار

ولأنَّ ارتباط الدعوة إلى الله بالتبشير والإنذار وثيق جداً

فقد قصر القرآن مهمة الرسل عليهما في بعض آياته

( وما نرسل المرسلين إلاَّ مبشرين ومنذرين )

[ الكهف : 56 ]

وقد ضرب الرسول – صلى الله عليه وسلم –

لنفسه مثلاً في هذا ، فقال :
" إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به

كمثل رجل أتى قوماً ، فقال : يا قوم

إني رأيت الجيش بعينيَّ ، وإني أنا النذير العُريان

فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه ، فأدلجوا

فانطلقوا على مهلهم ، فنجوا ، وكذَّبته طائفة منهم

فأصبحوا مكانهم ، فصبحهم الجيش ، فأهلكهم واجتاحهم

فذلك مثل من أطاعني ، فاتبع ما جئت به

ومثل من عصاني وكذّب بما جئت به من الحق "

(1) .

وتبشير الرسل وإنذارهم دنيوي وأخروي

فهم في الدنيا يبشرون الطائعين بالحياة الطيبة

( من عمل صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّهُ حياةً طيبةً )
[ النحل : 97 ]

( فمن اتَّبع هداي فلا يضلُّ ولا يشقى )
[ طه : 123 ]

ويعدونهم بالعزّ والتمكين والأمن

( وعد الله الَّذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات

ليستخلفنَّهم في الأرض كما استخلف الَّذين من قبلهم

وليمكننَّ لهم دينهم الَّذي ارتضى لهم
وليبدلنَّهم من بعد خوفهم أمناً
يعبدونني لا يشركون بي شيئاً )
[ النور : 55 ] .

ويخوِّفون العصاة بالشقاء الدنيوي
( ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكاً )

[ طه : 124 ]
ويحذرونهم العذاب والهلاك الدنيوي

( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود )
[ فصلت : 13 ]
وفي الآخرة يبشرون الطائعين بالجنة ونعيمها
( ومن يطع الله ورسوله يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار
خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )
[ النساء : 13 ] .

ويخوفون المجرمين والعصاة عذاب الله في الآخرة

( ومن يعص الله ورسوله ويتعدَّ حدوده

يدخله ناراً خالداً فيها

وله عذابٌ مُّهينٌ )
[ النساء : 14 ] .[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ومن يطالع دعوات الرسل يجد أنّ دعوتهم

قد اصطبغت بالتبشير والإنذار

ويبدو أنّ التبشير والإنذار على النحو

الذي جاءت به الرسل هو مفتاح النفس الإنسانية

فالنفس الإنسانية مطبوعة على طلب الخير لذاتها

ودفع الشر عنها

فإذا بصّر الرسل النفوس بالخير العظيم

الذي يحصِّلونه من وراء الإيمان والأعمال الصالحة

فإن النفوس تشتاق إلى تحصيل ذلك الخير
وعندما تُبيَّن لها الأضرار العظيمة التي تصيب الإنسان

من وراء الكفر والضلال فإنّ النفوس تهرب من هذه الأعمال

ونعيم الله المبشر به نعيم يستعذبه القلب

وتلذُّه النفس ، ويهيم به الخيال

اسمع إلى قوله تعالى يصف نعيم المؤمنين في جنات النعيم:
( على سررٍ مَّوضونةٍ – مُّتَّكئين عليها متقابلين

– يطوف عليهم ولدانٌ مُّخلدون –

بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من مَّعينٍ –

لا يصدَّعون عنها ولا ينزفون – وفاكهةٍ ممَّا يتخيَّرون

– ولحم طيرٍ ممَّا يشتهون – وحور عينٌ –

كأمثال اللؤلؤ المكنون – جزاء بما كانوا يعملون

– لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً –

إلاَّ قيلاً سلاماً سلاماً –

وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين – في سدرٍ مَّخضودٍ

– وطلحٍ منضودٍ – وظلٍ مَّمدودٍ – وماءٍ مَّسكوبٍ
– وفاكهةٍ كثيرةٍ – لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ

– وفرشٍ مَّرفوعةٍ – إنَّا أنشأناهن إنشاءً

– فجعلناهنَّ أبكاراً – عرباً أتراباً

– لأصحاب اليمين )
[ الواقعة : 15-38 ] .

وانظر إلى عذاب الكفرة في دار الشقاء

( وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال

– في سمومٍ وحميمٍ – وظلٍ من يحمومٍ –

لا باردٍ ولا كريمٍ – إنَّهم كانوا قبل ذلك مترفين )
[ الواقعة : 41-45 ]

( ثمَّ إنَّكم أيُّها الضَّالُّون المكذبون

– لآكلون من شجرٍ من زقُّومٍ – فمالؤون منها البطون

– فشاربون عليه من الحميم – فشاربون شرب الهيم
– هذا نزلهم يوم الدين )
[ الواقعة : 51-56 ] .

وحسبك أن تطالع كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري
وتقرأ منه على إخوانك ومن تدعوهم إلى الله

ثم انظر أثر هذا في نفسك وفي نفوس السامعين .

إن بعض الذين لم يفقهوا دعوة الإسلام
يعيبون على دعاة الإسلام أخذهم بالإنذار والتبشير

ويقولون : فلان واعظ

ويعيبون عليهم عدم فلسفتهم للأمور التي يدعون إليها
ويطالبون الدعاة بالكف عن طريقة الوعظ
وتخويف النّاس وترغيبهم

وهؤلاء بحاجة إلى أن يراجعوا أنفسهم

وينظروا في موقفهم هذا

في ضوء نصوص القرآن وأحاديث الرسول

التي تبين أسلوب الدعوة

وتوضيح مهمة الرسل الكرام .


(1) صحيح البخاري : 7283 ، وصحيح مسلم : 2283 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:37 pm
إصلاح النفوس وتزكيتها

الله رحيم بعباده
ومن رحمته أن يحي نفوسهم بوحيه

وينيرها بنوره

( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا

ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان

ولكن جعلناه نوراً نَّهدي به من نَّشاء من عبادنا )

[ الشورى : 52 ] .

والله يخرج الناس بهذا الوحي الإلهي من الظلمات إلى النور
ظلمات الكفر والشرك والجهل إلى نور الإسلام والحق :
( الله وليُّ الَّذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النُّور )

[ البقرة : 257 ]

وقد أرسل اللهُ رسله بهديه ليخرجوا الناس

من الظلمات إلى النور

( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك

من الظلمات إلى النُّور )
[ إبراهيم : 5]
وبدون هذا النور تعمى القلوب
( فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الَّتي في الصُّدور )

[ الحج : 46 ]

وعماها ضلالها عن الحق

وتركها لما ينفعها وإقبالها على ما يضرها

( ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرُّهم )
[ الفرقان : 55 ] .

وإخراج الرسل الناس من الظلمات إلى النور لا يتحقق إلاّ بتعليمهم تعاليم ربهم وتزكية نفوسهم بتعريفهم بربهم وأسمائه وصفاته ، وتعريفهم بملائكته وكتبه ورسله ، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم ، ودلالتهم على السبيل التي توصلهم إلى محبته ، وتعريفهم بعبادته ( هو الَّذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مُّبينٍ ) [ الجمعة : 2 ] ( رَّبنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلوا عليهم آياتك ) [ البقرة : 129 ] .


تقويم الفكر المنحرف والعقائد الزائفة

كان الناس في أول الخلق على الفطرة السليمة ، يعبدون الله وحده ، ولا يشركون به أحداً ، فلمّا تفرقوا واختلفوا أرسل الله الرسل ليعيدوا الناس إلى جادة الصواب ، وينتشلوهم من الضلال ، ( كان النَّاس أمَّةً واحدةً فبعث الله النَّبِيِّينَ مبشرين ومنذرين ) [البقرة : 213] .

أي : كان الناس أمّة واحدة على التوحيد والإيمان وعبادة الله فاختلفوا فأرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين .

وقد كان كلُّ رسول يدعو قومه إلى الصراط المستقيم ، ويبينه لهم ويهديهم إليه ، وهذا أمر متفق عليه بين الرسل جميعاً ، ثم كُلُّ رسول يقوِّم الانحراف الحادث في عصره ومصره ، فالانحراف عن الصراط المستقيم لا يحصره ضابط وهو يتمثل في أشكال مختلفة ، وكلُّ رسول يُعنى بتقويم الانحراف الموجود في عصره ، فنوح أنكر على قومه عبادة الأصنام ، وكذلك إبراهيم ، وهود أنكر على قومه الاستعلاء في الأرض والتجبّر فيها ، وصالح أنكر عليهم الإفساد في الأرض واتباع المفسدين ، ولوط حارب جريمة اللواط التي استشرت في قومه ، وشعيب قاوم في قومه جريمة التطفيف في الميكال والميزان ، وهكذا ، فكل هذه الجرائم وغيرها التي ارتكبتها الأمم خروج عن الصراط المستقيم وانحراف عنه ، والرّسل يبينون هذا الصراط ويحاربون الخروج عليه بأيّ شكل من الأشكال كان .


إقامة الحجّة

لا أحد أحبّ إليه العذر من الله تعالى ، فالله جلّ وعلا أرسل الرسل وأنزل الكتب كي لا يبقى للناس حجّة في يوم القيامة ، ( رُّسلاً مُّبشرين ومنذرين لئلاَّ يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسل ) [ النساء : 165 ] ، ولو لم يرسل الله إلى الناس لجاؤوا يوم القيامة يخاصمون الله – جل وعلا – ويقولون : كيف تعذبنا وتدخلنا النار ، وأنت لم ترسل إلينا من يبلغنا مرادك منّا ، كما قال تعالى : ( ولو أنَّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربَّنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبَّع آياتك من قبل أن نَّذلَّ ونخزى ) [ طه : 134 ] ، أي : لو أهلكهم الله بعذاب جزاء كفرهم قبل أن يرسل إليهم رسولاً لقالوا : هلا أرسلت إلينا رسولا كي نعرف مرادك ، ونتبع آياتك ، ونسير على النهج الذي تريد ؟

وفي يوم القيامة عندما يجمع الله الأولين والآخرين يأتي الله لكل أمة برسولها ليشهد عليها بأنّه بلغها رسالة ربه ، وأقام عليها الحجّة ( فكيف إذا جئنا من كل أمَّة بشهيدٍ وجئنا بك على هؤلاء شهيداً – يومئذٍ يودُّ الَّذين كفروا وعصوا الرَّسول لو تُسوَّى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثاً ) [ النساء : 41-42 ] .

وقال في آية أخرى : ( ويوم نبعث في كل أمَّةٍ شهيداً عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيداً على هؤلاء ) [ النحل : 89 ] .

ولذلك فإن الذين يرفضون اتبّاع الرسل ، ويعرضون عن هديهم – لا يملكون إلاّ الاعتراف بظلمهم إذا وقع بهم العذاب في الدنيا ( وكم قصمنا من قريةٍ كانت ظالمةً وأنشأنا بعدها قوماً آخرين – فلمَّا أحسُّوا بأسنا إذا هم منها يركضون – لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلَّكم تسألون – قالوا يا ويلنا إنَّا كنَّا ظالمين – فما زالت تلك دعواهم حتَّى جعلناهم حصيداً خامدين ) [ الأنبياء : 11-15 ] .

وفي يوم القيامة عندما يساقون إلى المصير الرهيب ، وقبل أن يلقوا في الجحيم يسألون عن ذنبهم فيعترفون ( تكاد تميَّز من الغيظ كلَّما ألقى فيها فوجٌ سألهم خزنتها ألم يأتكم نذيرٌ – قالوا بلى قد جاءنا نذيرٌ فكذَّبنا وقلنا ما نزَّل الله من شيءٍ إن أنتم إلاَّ في ضلالٍ كبيرٍ – وقالوا لو كنَّا نسمع أو نعقل ما كنَّا في أصحاب السَّعير – فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السَّعير ) [ الملك : 8-11 ] .

وعندما يضجّون في النَّار بعد أن يُحيط بهم العذاب من كل جانب ، وينادون ويصرخون تقول لهم خزنة النار : ( أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلاَّ في ضلالٍ ) [ غافر : 50 ] .

foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:38 pm
سياسة الأمة

الذين يستجيبون للرسل يُكونّون جماعة وأمة

وهؤلاء يحتاجون إلى من يسوسهم ويقودهم ويدب
ر أمورهم والرُّسل يقومون بهذه المهمة في حال حياتهم

فهم يحكمون بين الناس بحكم الله

( فاحكم بينهم بما أنزل الله )

[ المائدة : 48 ] .

ونادى ربُّ العزة داود قائلاً :

( يا داوود إنَّا جعلناك خليفةً في الأرض

فاحكم بين النَّاس بالحق )

[ ص : 26 ]

وأنبياء بني إسرائيل كانوا يسوسون أمتهم بالتوراة

وفي الحديث
" كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء

كلّما هلك نبيٌّ خلفه نبيٌّ "
(1)

وقال الله عن التوراة :

( يحكم بها النَّبيُّون الَّذين أسلموا للَّذين هادوا )
[ المائدة : 44 ] .

فالرسل وأتباعهم من بعدهم يحكمون بين الناس ، ويقودون الأمة في السلم والحرب، ويلون شؤون القضاء ، ويقومون على رعاية مصالح الناس ، وهم في كلّ ذلك عاملون بطاعة الله ، وطاعتهم في ذلك كلّه طاعة لله ( مَّن يطع الرَّسول فقد أطاع الله ) [ النساء : 80 ] .

ولن يصل العبد إلى نيل رضوان الله ومحبته إلا بهذه الطاعة ( قل إن كنتم تحبُّون الله فاتَّبعوني يحببكم الله ) [ آل عمران : 31 ] .

ولذا فإنّ شعار المسلم الذي يعلنه دائماً هو السمع والطاعة ( إنَّما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) [ النور : 51 ] .

--------------------------------
(1)صحيح البخاري : 3455 ، وصحيح مسلم : 1842 .


...............
الوحي

المبحث الأول

النبّوة منحة إلهيّة (1)

النبوة منحة إلهية ، لا تنال بمجرد التشهي والرغبة ، ولا تنال بالمجاهدة والمعاناة ، وقد كذّب الفلاسفة الذين زعموا أن النبوة تنال بمجرد الكسب بالجدّ والاجتهاد ، وتكلّف أنواع العبادات ، واقتحام أشقّ الطاعات ، والدأب في تهذيب النفوس ، وتنقية الخواطر ، وتطهير الأخلاق ، ورياضة النفس والبدن (2) .

وقد بيّن الله في أكثر من آية أنّ النبوة نعمة ربانية إلهية ، قال تعالى : ( أولئك الَّذين أنعم الله عليهم من النَّبيين من ذريَّة آدم وممَّن حملنا مع نوحٍ ومن ذريَّة إبراهيم وإسرائيل وممَّن هدينا واجتبينا ) [ مريم : 58 ] ، وحكى الله قول يعقوب لابنه يوسف : ( وكذلك يجتبيك ربُّك ) [ يوسف : 6 ] ، وقال الله لموسى : ( إني اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي ) [ الأعراف : 144 ] .

وقد طمع أمية بن أبي الصَّلت في أن يكون نبي هذه الأمة ، وقال الكثير من الشعر متوجهاً به إلى الله ، وداعياً إليه ، ولكنه لم يحصل على مراده ، وصدق الله إذ يقول : ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) [ الأنعام : 124 ] .

وعندما اقترح المشركون أن يختار الله لأمر النبوة والرسالة أحد الرجلين العظيمين في مكة والطائف عروة بن مسعود الثقفي أو الوليد بن المغيرة ، أنكر الله ذلك القول ، وبين أنّ هذا مستنكر ، فهو الإله العظيم الذي قسم بينهم أرزاقهم في الدنيا ، أفيجوز لهم أن يتدخلوا في تحديد المستحقِّ لرحمة النبوة والرسالة ؟ ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيمٍ – أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم مَّعيشتهم في الحياة الدُّنيا .. ) [ الزخرف : 31-32 ] وسنبين في هذا الفصل الطريق الذي يصبح به الذين اختارهم الله أنبياء .

المبحث الثاني

طريق إعلام الله أنبياءه ورسله

تعريف الوحي :

سمي الله الطريق الذي يعلم الله به أنبياءَه ورسله وحياً ، قال تعالى : ( إنَّ أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوحٍ والنَّبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبوراً ) [ النساء : 163 ] .

والوحي في اللغة : الإعلام الخفّي السريع مهما اختلفت أسبابه (3) ، فقد يكون بالإلهام كوحي الله إلى الحواريين : ( وإذ أوحيت إلى الْحَوَارِيِّينَ أن آمنوا بي وبرسولي ) [ المائدة : 111 ] وكوحي الله لأم موسى : ( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ) [ القصص : 7 ] ، ويأتي بمعنى الإيماء والإشارة ، فقد سمّى القرآن إشارة زكريا إلى قومه وحياً ( فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرةً وعشيّاً ) [ مريم : 11 ] .

وأكثر ما وردت كلمة (( وحي )) في القرآن الكريم بمعنى إخبار وإعلام الله من اصطفاه من عباده كل ما أراد إطلاعه عليه من ألوان الهداية والعلم ، بطريقة سرّية خفيّة ، غير معتادة للبشر .

مقامات وحي الله إلى رسله :

للوحي الذي يعلم الله به رسله وأنبياءَه مقامات ، قال الله تعالى مبيِّناً هذه المقامات : ( وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلاَّ وحيّاً أومن وراء حجابٍ أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنَّه عليٌّ حكيم ٌ ) [ الشورى : 51 ] .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:38 pm
فالمقامات ثلاثة :

الأولى :

الإلقاء في روع النبي الموحى إليه

بحيث لا يمتري النبي في أنّ هذا الذي ألقي في قلبه من الله تعالى

كما جاء في صحيح ابن حبان عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنّه قال :
" إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت

حتى تستكمل رزقها وأجلها ، فاتقوا الله

وأجملوا في الطلب "

(4)

وذهب ابن الجوزي إلى أن المراد بالوحي في قوله :
( إلاًّ وحياً )
الوحي في المنام

(5) .

رؤية الأنبياء :

وهذا الذي فسّر به ابن الجوزي المقام الأول داخل في الوحي بلا شّك ، فإنّ رؤيا الأنبياء حقٌ ، ولذلك فإنَّ خليل الرحمن إبراهيم بادر إلى ذبح ولده عندما رأى في المنام أنّه يذبحه ، وعدّ هذه الرؤيا أمراً إلهياً ، قال تعالى في إبراهيم وابنه إسماعيل : ( فلمَّا بلغ معه السَّعي قال يا بنيَّ إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبتِ افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصَّابرين – فلمَّا أسلما وتلَّهُ للجبين – وناديناه أن يا إبراهيم – قد صدَّقت الرؤيا إنَّا كذلك نجزي المحسنين ) [ الصافات : 102- 105 ] .

وفي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت : " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في المنام ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح " (6) .

المقام الثاني : تكليم الله لرسله من وراء حجاب :

وذلك كما كلَّم الله تعالى موسى عليه السلام ، وذكر الله ذلك في أكثر من موضع في كتابه : ( ولمَّا جاء موسى لميقاتنا وكلَّمه ربُّه ) [ الأعراف : 143 ] ، ( فلمَّا أتاها نودي يا موسى – إنّي أنا ربُّك فاخلع نعليك إنَّك بالواد المقدَّس طوى – وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى – إنَّني أنا الله لا إله إلاَّ أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) [ طه : 11-14 ] ، وممن كلّمه الله آدم عليه السلام ( قال يا آدم أَنبِئْهُم بأسمائهم فلمَّا أَنبَأَهُمْ بأسمائهم .. ) [ البقرة : 33 ] ، وكلّم الله عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عندما عرج به إلى السماء .

المقام الثالث : الوحي إلى الرسول بواسطة الملك :

وهذا هو الذي يفقه من قوله تعالى : ( أو يرسل رسولاً فَيُوحِيَ بإذنه ما يشاء ) [ الشورى : 51 ] وهذا الرسول هو جبريل ، وقد يكون غيره وذلك في أحوال قليلة (7) .

صفة مجيء الملك إلى الرسول :

بالتأمل في النصوص في هذا الموضوع نجد أنّ للملك ثلاثة أحوال (Cool :

الأول :أن يراه الرسول صلى الله عليه وسلم على صورته التي خلقه الله عليها ، ولم يحدث هذا لرسولنا صلى الله عليه وسلم إلا مرتين .

الثاني :أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس ، فيذهب عنه وقد وعى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال .

الثالث : أن يتمثل له الملك رجلاً فيكلّمه ويخاطبه ويعي عنه قوله ، وهذه أخف الأحوال على الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حدث هذا من جبريل في اللقاء الأول عندما فجأه في غار حراء .

بشائر الوحي :

كان الرسول صلى الله عليه وسلم قبل معاينته للملك ، يرى ضوءاً ، ويسمع صوتاً ، ولكنه لا يرى الملك الذي يحدث الضوء ، ولا يرى مخاطبه والهاتف به ، روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال : " مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة ، يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئاً ، وثمان سنين يوحى إليه ، وأقام بالمدينة عشراً " (9) .

قال النووي : " يسمع الصوت ويرى الضوء " قال القاضي : " أي : صوت الهاتف من الملائكة ، ويرى الضوء ، أي : نور الملائكة ، ونور آيات الله ، حتى رأى الملك بعينيه، وشافهه بوحي الله " (10) .

أثر الملك في الرسول :

من المزاعم التي يدعيها المكذبون بالرسل أن ما كان يصيب الرسول صلى الله عليه وسلم إنّما هو نوع من الصرع ، أو اتصال من الشياطين به ، وكذبوا في دعواهم ، فالأمران مختلفان ، فالذي يصيبه الصرع يصفرُّ لونه ، ويخفُّ وزنه ، ويفقد اتزانه ، وكذلك الذي يصيبه الشيطان ، وقد يتكلم الشيطان على لسانه ، ويخاطب الحاضرين ، وعندما يفيق من غيبوبته لا يدري ولا يذكر شيئاً ممّا خاطب به الشيطان الحاضرين على لسانه ، أمّا الرسول صلى الله عليه وسلم فإن اتصال الملك به نماء في جسده ، وإشراق في وجهه ، ثمّ إن الجالسين لا يسمعون كلاماً ، إنما يسمعون دوياً كدويّ النحل عند وجهه (11) ، ويقوم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وقد وعى كلّ ما أخبر به الملك ، فيكون هو الذي يخبر أصحابه بما أوحي إليه .

فقد أخبرتنا عائشة – رضي الله عنها وعن أبيها – أنها رأت الرسول صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد ، فيفصم عنه ، وإن جبينه ليتفصد عرقاً (12) .

وفي رواية عنها : " إن كان لينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغداة الباردة ، ثم تفيض جبهته عرقاً " (13) .

وأخبرتنا أنّ ناقته عندما كان يوحى إليه وهو فوقها يضرب حزامها وتكاد تبرك به من ثقله فوقها (14) ويذكر أحد الصحابة أنّ فخذه كانت تحت فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل إليه ، فكادت فخذ النبي صلى الله عليه وسلم حين الإنزال إليه ترض فخذ الصحابي (15) .

وهذا يعلى بن أمّية يحدثنا عن مشاهدة تنزُّل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان يتمنى قبل ذلك أن يراه في تلك الحال ، قال : " فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمّر الوجه ، وهو يغطُّ ، ثمّ سُرِّي عنه " (16) .

--------------------------------
(1) ذهبت المعتزلة إلى أن إرسال الرسل وإنزال الكتب واجب على الله تعالى ، والحقُّ أن ذالك تفضل من الله تعالى على عباده ، ورحمة بهم ، والقول بالوجوب يتجه إذا قلنا : أوجبه هو تعالى على نفسه ( انظر لوامع الأنوار البهية : 2/256 ، 258) .
(2) لوامع الأنوار البهية : (2/267) .
(3) راجع فتح الباري : 1/9 ، المصباح المنير : 651 ، 652 .
(4) حديث صحيح بشواهده أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) 10/26 ، 27 ، من حديث أبي أمامة ، وأورده البغوي في ((شرح السنة)) 14/303-304 (4111-4113) من عدة طرق عن ابن مسعود مرفوعاً ، وانظر ((المستدرك)) 2/5 (2136) ، و ((كشف الخفاء)) 1/286 (707) ط. مؤسسة الرسالة .
(5) زاد المسير : (7/297) .
(6) صحيح البخاري ، وصحيح مسلم : (160) ، واللفظ للبخاري .
(7) راجع في هذا كتاب أ.د. عمر الأشقر : عالم الملائكة ص : 40 .
(Cool راجع : المصدر السابق .
(9) انظر النووي على مسلم : (15/104) . وهذا الذي ذكره ابن عباس خلاف المحفوظ في مقدار المدة التي كان يوحى إليه فيها بمكة ، فالمحفوظ أنه أوحي إليه في سنّ الأربعين وهاجر وعمره ثلاث وخمسـون سنة ، فتكون المدة ثلاث عشرة سنة .
(10) النووي على مسلم : (15/104) .
(11) رواه أحمد في ((المسند)) 1/350 (223) ، والترمذي (3173) ، والنسائي في ((السنن الكبرى)) 2/169-170 (1443) من حديث عمر بن الخطاب .
(12) صحيح البخاري .
(13) صحيح مسلم : 2333 .
(14) أشار إلى هذا البيهقي في الدلائل عن عائشة (انظر فتح الباري: 1/21) .
(15) أخرجه أحمد في ((المسند)) 35/480 (21601) ، والبخاري (2832) من حديث زيد بن ثابت .
(16) حديث يعلى في البخاري رقم : 1536 ، ومسلم : 1180 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:39 pm
صفات الرّسُل

المبحث الأول

البشرية

جاءت حكمة العليم الخبير أن يكون الرسل الذين يرسلهم إلى البشر من البشر أنفسهم ( قل إنَّما أنا بشرٌ مثلكم ) [ الكهف : 110 ] .

وسنجلي هذا الموضوع في أربعة مطالب .

المطلب الأول

أهلية البشر لتحمّل الرسالة

الذين يستعظمون ويستبعدون اختيار الله بعض البشر لتحمّل الرسالة لا يقدرون الإنسان قدره ، فالإنسان مؤهل لتحمّل الأمانة العظمى ، أمانة الله التي أشفقت السماوات والأرض والجبال من حملها ، ( إنَّا عرضنا الأمانة على السَّماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنَّه كان ظلوماً جهولاً ) [ الأحزاب : 72 ] .

والذين استعظموا اختيار الله البشر رسلاً نظروا إلى المظهر الخارجي للإنسان ، نظروا إليه على أنه جسد يأكل ويشرب وينام ، ويمشي في الأرض لتلبية حاجاته ( وقالوا مال هذا الرَّسول يأكل الطَّعام ويمشي في الأسواق ) [ الفرقان : 7 ] ، ولم ينظروا إلى جوهر الإنسان ، وهو تلك الروح التي هي نفخة من روح الله ( فإذا سوَّيته ونفخت فيه من رُّوحي فقعوا له ساجدين ) [ الحجر : 29 ] . وبهذه الروح تميز الإنسان ، وصار إنساناً ، واستخلف في الأرض ، وقد أودعه الله الاستعداد للاتصال به عن طريق تلك النفخة العلوية التي ميزته ، فلا عجب أن يختار الله واحداً من هذا الجنس ، صاحب استعداد للتلقي ، فيوحي إليه ما يهدي به إخوانه إلى الطريق كلّما غام عليهم الطريق ، وما يقدم به إليهم العون كلّما كانوا بحاجة إلى العون (1) ( قالت لهم رسلهم إن نَّحن إلاَّ بشرٌ مثلكم ولكنَّ الله يمنُّ على من يشاء من عباده ) [إبراهيم : 11].

ثمَّ إنّ الرسل يُعدّون إعداداً خاصّاً لتحمُّل النبوة والرسالة ، ويصنعون صنعاً فريداً ( واصطنعتك لنفسي ) [ طه : 41 ] ، واعتبر هذا بحال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كيف رعاه الله وحاطه بعنايته على الرغم من يتمه وفقره ( ألم يجدك يتيماً فآوى – ووجدك ضالاً فهدى – ووجدك عائلاً فأغنى ) [ الضحى : 6-8 ] ، وقد زكّاه وطهّره، وأذهب عنه رجس الشيطان ، وأخرج منه حظّ الشيطان منذ كان صغيراً ، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه ، فصرعه ، فشقّ عن قلبه ، فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظُّ الشيطان منك ، ثمّ غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه ، ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمّه (2) ، يعني ظئره ، فقالوا : إن محمداً قد قتل ، فاستقبلوه وهو منتقع اللّون ، قال أنس : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره " (3) .

وحدث قريب من هذا عندما جاءه جبريل يهيئه للرحلة الكبرى للعروج به إلى السماوات العلى ، ففي حديث الإسراء : (( فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم ، ففرج صدري ، ثمّ غسله من ماء زمزم ، ثمّ جاء بطست من مذهب ممتلئ حكمة وإيماناً ، فأفرغها في صدري ، ثم أطبقه " متفق عليه (4) .

--------------------------------
(1) في ضلال القرآن : 19/2552 .
(2) أمه من الرضاع ، وهي حليمة السعدية .
(3) صحيح مسلم : 162 .
(4) صحيح البخاري : 349
وصحيح مسلم : 263 ، واللفظ لمسلم .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:40 pm
المطلب الثاني

لِمَ لَمْ يكن الرسل ملائكة ؟

لقد كثر اعتراض أعداء الرسل على بعثة الرسل من البشر ، وكان هذا الأمر من أعظم ما صدّ الناس عن الإيمان، ( وما منع النَّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلاَّ أن قالوا أبعث الله بشراً رَّسولاً ) [ الإسراء : 94 ] وعدّوا اتباع الرسل بسبب كونهم بشراً فيما جاؤوا به من عقائد وشرائع أمراً قبيحاًً ، وعدُّوه خسراناً مبيناً ( ولئِن أطعتم بشراً مثلكم إنَّكم إذاً لخاسرون ) [ المؤمنون : 34 ] ، ( فقالوا أبشراً منَّا واحداً نَّتَّبعه إنَّا إذاً لفي ضلالٍ وسعرٍ ) [ القمر : 24 ] ، وقد اقترح أعداء الرسل أن يكون الرسل الذين يبعثون إليهم من الملائكة يعاينونهم ويشاهدونهم ، أو على الأقل يبعث مع الرسول البشري رسولاً من الملائكة ، ( وقال الَّذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربَّنا ) [ الفرقان : 21 ] ، ( وقالوا مال هذا الرَّسول يأكل الطَّعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملكٌ فيكون معه نذيراً ) [ الفرقان : 7 ] .

وعندما نتأمل النصوص القرآنية يمكننا أن نرّد على هذه الشبهة من وجوه :

الأول : أن الله اختارهم بشراً لا ملائكة لأنّه أعظم في الابتلاء والاختبار ، ففي الحديث القدسي الذي يرويه مسلم في صحيحه : (( إنّما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك )) (1) .

الثاني : أن في هذا إكراماً لمن سبقت لهم منه الحسنى ، فإن اختيار الله لبعض عباده ليكونوا رسلاً تكريم وتفضيل لهم ، ( أولئك الَّذين أنعم الله عليهم من النَّبيين من ذريَّة آدم وممَّن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممَّن هدينا واجتبينا .. ) [مريم : 58] .

الثالث : أنّ البشر أقدر على القيادة والتوجيه ، وهم الذين يصلحون قدوة وأسوة ، يقول سيد قطب رحمه الله في هذا : " وإنها لحكمة تبدو في رسالة واحد من البشر إلى البشر ، واحد من البشر يحسّ بإحساسهم ، ويتذوق مواجدهم ، ويعاني تجاربهم ، ويدرك آلامهم وآمالهم ، ويعرف نوازعهم وأشواقهم ، ويعلم ضروراتهم وأثقالهم ..، ومن ثمّ يعطف على ضعفهم ونقصهم ، ويرجو في قوتهم واستعلائهم ، ويسير بهم خطوة خطوة ، وهو يفهم بواعثهم وتأثراتهم واستجاباتهم ، لأنّه في النهاية واحد منهم ، يرتاد بهم الطريق إلى الله ، بوحي من الله وعون منه على وعثاء الطريق .

وهم من جانبهم يجدون فيه القدرة الممكنة ، لأنّه بشر مثلهم ، يتسامى بهم رويداً رويداً ، ويعيش فيهم بالأخلاق والأعمال والتكاليف التي يبلغهم أنّ الله قد فرضها عليهم ، وأرادها منهم ، فيكون بشخصه ترجمة حية للعقيدة التي يحملها إليهم ، وتكون حياته وحركاته وأعماله صفحة معروضة لهم ، ينقلونها سطراً سطراً ، ويحققونها معنى معنى ، وهم يرونها بينهم ، فتهفوا نفوسهم إلى تقليدها ، لأنها ممثلة في إنسان " (2) .

الرابع : صعوبة رؤية الملائكة ، فالكفار عندما يقترحون رؤية الملائكة ، وأن يكون الرسل إليهم ملائكة لا يدركون طبيعة الملائكة ، ولا يعلمون مدى المشقة والعناء الذي سيلحق بهم من جراء ذلك .

فالاتصال بالملائكة ورؤيتهم أمر ليس بسهل ، فالرسول صلى الله عليه وسلم مع كونه أفضل الخلق ، وهو على جانب عظيم من القوة الجسمية والنفسية عندما رأى جبريل على صورته أصابه هول عظيم ورجع إلى منزله يرجف فؤاده ، وقد كان صلى الله عليه وسلم يعاني من اتصال الوحي به شدّة ، ولذلك قال في الردّ عليهم : ( يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذٍ للمجرمين ) [ الفرقان : 22 ] ، ذلك أنّ الكفار لا يرون الملائكة إلا حين الموت أو حين نزول العذاب ، فلو قُدِّر أنهم رأوا الملائكة لكان ذلك اليوم يوم هلاكهم .

فكان إرسال الرسل من البشر ضرورياً كي يتمكنوا من مخاطبتهم والفقه عنهم ، والفهم منهم ، ولو بعث الله رسله إليهم من الملائكة لما أمكنهم ذلك . ( وما منع النَّاس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلاَّ أن قالوا أبعث الله بشراً رَّسولاً – قل لَّو كان في الأرض ملائكةٌ يمشون مطمئِنين لنزَّلنا عليهم من السَّماء ملكاً رَّسولاً ) [ الإسراء : 94-95 ] فلو كان سكان الأرض ملائكة لأرسل الله إليهم رسولاً من جنسهم ، أما وأن الذين يسكنون الأرض بشر فرحمة الله وحكمته تقتضي أن يكون رسولهم من جنسهم ( لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ) [ آل عمران : 164 ] .

وإذا كان البشر لا يستطيعون رؤية الملائكة والتلقي عنهم بيسر وسهولة فيقتضي هذا – لو شاء الله أن يرسل ملكاً رسولاً إلى البشر – أن يجعله رجلاً ( ولو جعلناه ملكاً لَّجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم مَّا يلبسون ) [ الأنعام : 9 ] فالله يخبر أنه " لو بعث رسولاً ملكياً ، لكان على هيئة رجل ، ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه ، ولو كان كذلك لالتبس الأمر عليهم " (3) .

والتباس الأمر عليهم بسبب كونه في صورة رجل ، فلا يستطيعون أن يتحققوا من كونه ملكاً ، وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة من إرسال الرسل من الملائكة على هذا النحو ، بل إرسالهم من الملائكة على هذا النحو لا يحقق الغرض المطلوب ، لكون الرسول الملك لا يستطيع أن يحس بإحساس البشر وعواطفهم وانفعالاتهم وإن تشكل بأشكالهم .

--------------------------------
(1) صحيح مسلم : 2865 .
(2) في ضلال القرآن: 19/2553 .
(3) تفسير ابن كثير : 3/9 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:42 pm
المطلب الثالث

مقتضى بشرية الأنبياء والرسل

مقتضى كون الرسل بشراً أن يتصفوا بالصفات

التي لا تنفك البشرية عنها ، وهي :

أولاً : يأكلون ويشربون وينامون ويتزوجون ويولد لهم :


الرسل والأنبياء يحتاجون لما يحتاج إليه البشر من الطعام والشراب

ويحدِثونَ كما يحدث البشر

لأنّ ذلك من لوازم الطعام والشراب

( وما أرسلنا من قبلك إلاَّ رجالاً نُّوحي إليهم

فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
– وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطَّعام وما كانوا خالدين )

[ الأنبياء : 7-8 ] .

ومن ذلك أنهم ولدوا كما ولد البشر ، لهم آباء وأمهات
وأعمام وعمات ، وأخوال وخالات
يتزوجون ويولد لهم

( ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذريَّةً )
[ الرعد : 38 ] .

ويصيبهم ما يصيب البشر من أعراض ، فهم ينامون ويقومون ، ويصحون ويمرضون، ويأتي عليهم ما يأتي على البشر وهو الموت ، فقد جاء في ذكر إبراهيم خليل الرحمن لربه : ( والَّذي هو يطعمني ويسقين – وإذا مرضت فهو يشفين – والَّذي يميتني ثمَّ يحيين ) [الشعراء : 79-81] . وقال الله لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم : ( إنَّك ميتٌ وإنَّهم مَّيتون ) [ الزمر : 30 ] ، وقال مبيناً أنّ هذه سنته في الرسل كلهم : ( وما محمَّدٌ إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبله الرُّسل أفإن مَّات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) [ آل عمران : 144 ] وقد جاء في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم : " كان بشراً من البشر : يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه " (1) .

وقد صح أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأمّ سُلَيم : " يا أم سُلَيم ، أما تعلمين أني شرطي على ربي ، أني اشترطت على ربي ، فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيّما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل ، أن يجعلها طَهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة " (2) .

ثانياً : تعرض الأنبياء للبلاء :

ومن مقتضى بشرية الرسل أنّهم يتعرضون للابتلاء كما يتعرض البشر ، فقد يسجنون كما سجن يوسف ( قال رب السجن أحبُّ إليَّ ممَّا يدعونني إليه ) [ يوسف : 33 ] ، وذكر الله أنه ( فلبث في السجن بضع سنين ) [ يوسف : 42 ] ، وقد يصيبهم قومهم بالأذى وقد يدمونهم ، كما أصابوا الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة أحد فأدموه ، وكسروا رباعيته ، وقد يخرجونهم من ديارهم كما هاجر إبراهيم من العراق إلى الشام ، وكما هاجر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، وقد يقتلونهم ( أفكلَّما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذَّبتم وفريقاً تقتلون ) [ البقرة : 87 ] وقد يصابون بالأمراض ، كما ابتلى الله نبيّه أيوب فصبر ، وقد صحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم : " أن نبيّ الله أيوب لبث به بلاؤه ثمان عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه .. " (3) .

وكان من ابتلائه أن ذهب أهله وماله ، وكان ذا مال وولد كثير ، ( وأيُّوب إذ نادى ربَّهُ أني مسني الضرُّ وأنت أرحم الرَّاحمين – فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضرٍ وآتيناه أهله ومثلهم مَّعهم رحمةً من عندنا وذكرى للعابدين ) [ الأنبياء : 83-84 ] .

والأنبياء لا يصابون بالبلاء فحسب ، بل هم أشدُّ الناس بلاءً ، فعن مصعب بن سعد عن أبيه قال : قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ الناس أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياء ، ثمّ الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتدّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقَّة ابتلي على حسب دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة " (4) .

ودخل أبو سعيد الخدري على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يوعك ، فوضع يده على الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد حرّه بين يديه فوق اللحاف ، فقال : يا رسول الله ، ما أشدها عليك! ‍‍قال : " إنا كذلك ، يُضّعَّف علينا البلاء ، ويُضَعَّف لنا الأجر " ، قلت : يا رسول الله ، أيُّ الناس أشدُّ بلاءً ؟ قال : " الأنبياء ، ثم الصالحون ، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر ، حتى ما يجد إلا العباءة التي يُحَوِّيها ، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء " (5) . (6) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:43 pm

ثالثاً : اشتغال الأنبياء بأعمال البشر :

ومن مقتضى بشريتهم أنهم قد يقومون بالأعمال والأشغال التي يمارسها البشر ، فمن ذلك اشتغال الرسول صلى الله عليه وسلم بالتجارة ، قبل البعثة ، ومن ذلك رعي الأنبياء للغنم ، فقد روى جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال : (( كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجني الكَبَاث (7) ، وإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم بالأسود منه ، فإنّه أطيبه " ، قالوا : أكنت ترعى الغنم ؟ قال : " وهل من نبي إلا وقد رعاها " رواه البخاري في صحيحه (Cool .

ومن الأنبياء الذين نصّ القرآن على أنهم رعوا الغنم نبيّ الله موسى عليه السلام ، فقد عمل في ذلك عدةّ سنوات ، فقد قال له العبد الصالح : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حججٍ فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشقَّ عليك ستجدني إن شاء الله من الصَّالحين – قال ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليَّ والله على ما نقول وكيلٌ ) [ القصص : 27-28 ] قال ابن حجر : والذي قاله الأئمة أن الحكمة في رعاية الأنبياء للغنم ليأخذوا أنفسهم بالتواضع ، وتعتاد قلوبهم بالخلوة ، ويترقوا من سياستها إلى سياسة الأمم (9) .

ومن الأنبياء الذي عملوا بأعمال البشر داود عليه السلام ، فقد كان حدّاداً يصنع الدروع ، قال تعالى : ( وعلَّمناه صنعة لبوسٍ لَّكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ) [ الأنبياء : 80 ] ، كان حداداً ، وفي نفس الوقت كان ملكاً ، وكان يأكل مما تصنعه يداه .

ونبي الله زكريا كان يعمل نجاراً ، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان زكريا يعمل نجاراً " (10) .

رابعاً : ليس فيهم شيء من خصائص الألوهية والملائكية :

ومقتضى كونهم بشراً أنهم ليسوا بآلهة ، وليس فيهم من صفات الألوهية شيء ، ولذلك فإنّ الرسل يتبرَّؤون من الحول والطول ويعتصمون بالله الواحد الأحد ، ولا يَدَّعون شيئاً من صفات الله تعالى ، قال تعالى مبيناً براءة عيسى مما نسب إليه : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للنَّاس اتَّخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقٍ إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنَّك أنت علَّام الغيوب – ما قلت لهم إلاَّ ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربَّكم وكنت عليهم شهيداً مَّا دمت فيهم فلما توفَّيتني كنت أنت الرَّقيب عليهم وأنت على كل شيءٍ شهيد ) [ المائدة : 116-117 ] .

هذه مقالة عيسى في الموقف الجامع في يوم الحشر الأكبر ، وهي مقولة صدق تنفي تلك الأكاذيب والترهات التي وصف بها النصارى عبد الله ورسوله عيسى فطائفة قالت : الله هو المسيح ابن مريم حلّ في بطن مريم ( لقد كفر الَّذين قالوا إنَّ الله هو المسيح ابن مريم ) [ المائدة : 72 ] ، وأخرى قالت : هو ثالث ثلاثة ( لَّقد كفر الَّذين قالوا إنَّ الله ثالث ثلاثةٍ ) [ المائدة : 73 ] وطائفة ثالثة قالوا : هو ابن الله ، تعالى الله عما يقولون علوّاً كبيراً : ( وقالوا اتَّخذ الرَّحمن ولداً – لَّقد جئتم شيئاً إدّاً ) [ مريم : 88-89 ] .

لقد غلا النصارى في عيسى غلواً عظيماً ، وهم بمقالتهم الغالية هذه يسبُّون الله أعظم سبّ وأقبحه ، فهم يزعمون : " أنّ ربَّ العالمين نزل عن كرسي عظمته ، فالتحم ببطن أنثى ، وأقام هناك مدةً من الزمان ، بين دم الطمث في ظلمات الأحشاء ، تحت ملتقى الأعكان ، ثمّ خرج صبياً رضيعاً يشبُّ شيئاً فشيئاً ، ويبكي ، ويأكل ، ويشرب ، ويبول، ويتقلب مع الصبيان ، ثمّ أودع المكتب بين صبيان اليهود ، يتعلم ما ينبغي للإنسان ، هذا وقد قطعت منه القلفة حين الختان ، ثمّ جعل اليهود يطردونه من مكان إلى مكان ، ثمّ قبضوا عليه وأحلوه أصناف الذلّ والهوان ، فعقدوا على رأسه من الشوك تاجاً من أقبح التيجان ، وأركبوه قصبة ليس لها لجام ولا عنان ، ثمّ ساقوه إلى خشبة الصلب مصفوعاً مبصوقاً في وجهه ، وهم خلفه وأمامه وعن شمائله والأيمان ، ثمّ أركبوه ذلك المركب الذي تقشعرُّ منه القلوب مع الأبدان ، ثمّ شدّت بالحبال يده مع الرجلان ، ثمّ خالطهما تلك المسامير ، التي تكسر العظام ، وتمزق اللحمان ، وهو يستغيث ، ويقول : ارحموني ، فلا يرحمه منهم إنسان ، هذا وهو مدبر العالم العلوي والسفلي ، الذي يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ، ثمّ مات ودفن في التراب تحت صم الجنادل والصوّان ، ثمّ قام من القبر وصعد إلى عرشه وملكه بعد أن كان ما كان " (11) .

فأيّ سبّ أعظم من هذا السبّ الذي نسبوه إلى الباري جل وعلا ! وأي ضلال أعظم من هذا الضلال !.

--------------------------------
(1) أخرجه أحمد في مسنده : 43/263 (26194) ، والبخاري في الأدب المفرد : (541) من حديث عائشة رضي الله عنها ، وإسناد أحمد صحيح على شرط مسلم ( انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ، حديث رقم (671) .
(2) صحيح مسلم : 2603 .
(3) رواه أبو يعلى في مسنده ، وأبو نعيم في الحلية ، والضياء في المختارة ، وابن حبان في صحيحه ( انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة: حديث رقم 17 ) .
(4) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح ، وأحمد ، وابن ماجة وغيرهم ( سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم : 143 ) .
(5) أخرجه ابن ماجة ، وابن سعد والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، وقال الشيخ ناصر : وهو كما قالا ( انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم : 144 ) .
(6) إذا كان هذا حال الأنبياء فينبغي للصالحين أن يعتبروا بذلك ، ولا يظنون بالله غير الحق إذا أصابهم البلاء ، وعلى الذين يرمون الصالحين بالتهم الباطلة لأنهم أصيبوا بالبلاء أن يقصروا عن غيهم .
(7) الكباث : ثمر الأراك ، ويقال ذلك للنضيج منه .
(Cool صحيح البخاري : 3406 . ومسلم : 2050 .
(9) فتح الباري : (6/439) .
(10) صحيح مسلم : 2379 .
(11) هداية الحيارى ( انظر الجامع الفريد : ص479 )
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:43 pm
المطلب الرابع

الكمال البشري

لا شكّ أن البشر يتفاوتون

فيما بينهم تفاوتاً كبيراً في الخَلْق والخُلُق

والمواهب ، فمن البشر القبيح والجميل وبين ذلك

ومنهم الأعمى والأعور والمبصر بعينه

والمبصرون يتفاوتون في جمال عيونهم وفي قوة أبصارهم

ومنهم الأصم والسميع وبين ذلك

ومنهم ساقط المروءة ، ومنهم ذو المروءة والهمة العالية .

ولا شكّ أن الأنبياء والرسل يمثلون الكمال
الإنساني في أرقى صوره

ذلك أنّ الله اختارهم واصطفاهم لنفسه

فلا بدّ أن يختار أطهر البشر قلوباً ، وأزكاهم أخلاقاً
وأجودهم قريحة ، ( الله أعلم حيث يجعل رسالته )

[ الأنعام : 124 ] .

والكمال البشري يتحقق فيما يأتي :

1- الكمال في الخلقة الظاهرة :

لقد حذرنا الله تعلى من إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم كما آذى بنو إسرائيل موسى ، ( يا أيَّها الَّذين آمنوا لا تكونوا كالَّذين آذوا موسى فبرَّأه الله ممَّا قالوا وكان عند الله وجيهاً ) [ الأحزاب : 69 ] .

وقد بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن إيذاء بني إسرائيل لموسى كان باتهامهم إياه بعيب خلقي في جسده ، ففي صحيح البخاري (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنّ موسى كان رجلاً حيياً ستَّيراً لا يرى من جلده شيء استحياءً منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلاّ من عيب بجلده (2) : إما برص ، وإمّا أُدْرة (3) ، وإمّا آفة ، وإنّ الله أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوماً وحده ، فوضع ثيابه على الحجر ، ثمّ اغتسل ، فلمّا فرغ ، أقبل إلى ثيابه ليأخذها ، وإنّ الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر ، فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملا من بني إسرائيل فرأوه عرياناً ، أحسن ما خلق الله ، وأبرأه مما يقولون ، وقام الحجر ، فأخذ بثوبه فلبسه ، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه ، فوالله إنّ بالحجر لندباً من أثر ضربه ، ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً ، فذلك قوله : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا لا تكونوا كالَّذين آذوا موسى فبرَّأه الله ممَّا قالوا وكان عند الله وجيهاً ) [ الأحزاب : 69 ] .

قال ابن حجر العسقلاني معقباً على الحديث : " وفيه أن الأنبياء في خَلقهم وخُلُقهم، على غاية الكمال ، وأن من نسب نبيّاً إلى نقص في خلقته فقد آذاه ، ويخشى على فاعله الكفر " (4) .

الصور الظاهرة مختلفة :

ليس معنى كون الرسل أكمل الناس أجساماً أنهم على صفة واحدة صورة واحدة ، فالكمال الذي يدهش ويعجـب متنوع وذلك من بديع صنع الواحد الأحد وكمال قدرته .

وقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأنبياء والرسل ، يقول صلى الله عليه وسلم : (( ليلة أسري بي رأيت موسى ، وإذا هو رجل ضَرْبٌ من الرجال ، كأنه من رجال شَنوءة )) (5) .

وقال في عيسى : " ورأيت عيسى ، فإذا هو رجل ربعة أحمر ، كأنما خرج من ديماس " (6) .

وقال فيه أيضاً : " ليس بيني وبينه نبيٌّ ، وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، رجل مربوع ، إلى الحمرة والبياض ، ينزل بين ممصرتين ، كأن رأسه يقطر ، وإن لم يصبه بلل " (7) .

وقد وصف لنا الصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قولهم : " كان ربعة من القوم ، ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير ، أزهر اللون ، ليس بالأبيض الأمهق ، ولا بالآدم ، ليس بجعد قَطِطٍ ، ولا سَبْطٍ رَجِلٍ " (Cool ، وقالوا فيه : " كان أحسن الناس .. ربعة ، إلى الطول ما هو ، بعيد ما بين المنكبين ، أسيل الخدين ، شديد سواد الشعر ، أكحل العينين ، أهدب الأشفار ، إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ، ليس له أخمص ، إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة " (9) .

وكان الرسول أشبه الناس بنبي الله إبراهيم كما أخبرنا عليه السلام بذلك (10) .

2- الكمال في الأخلاق :

لقد بلغ الأنبياء في هذا مبلغاً عظيماً ، وقد استحقوا أن يثني عليهم ربّ الكائنات فقد أثنى الله على خليله إبراهيم عليه السلام فقال : ( إنَّ إبراهيم لحليم أوَّاه مُّنيبٌ ) [هود : 75] .

وقالت ابنة العبد الصالح تصف موسى : ( يا أبت استأجره إنَّ خير من استأجرت القويُّ الأمين ) [ القصص : 26 ] .

وأثنى الله على إسماعيل عليه السلام بصدق الوعد ، ( واذكر في الكتاب إسماعيل إنَّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نَّبيَّاً ) [ مريم : 54 ] .

وأثنى الله – جلّ جلاله ، وتقدست أسماؤه – على خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ثناءً عطراً ، فقال : ( وإنَّك لعلى خلقٍ عظيمٍ ) [ القلم : 4 ] .

فقد وصف الله – سبحانه – خلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأنّه عظيم ، وأكّد ذلك بثلاثة مؤكدات : أكّد ذلك بالإقسام عليه بنون والقلم وما يسطرون ، وتصديره بإنّ، وادخال اللام على الخبر .

ومن خلقه الكريم صلى الله عليه وسلم الذي نوَّه الله به ما جبله عليه من الرحمة والرأفة ( لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوفٌ رَّحيمٌ ) [ التوبة : 128 ] .

وقد كان لهذه الأخلاق أثر كبير في هداية الناس وتربيتهم ، هذا صفوان ابن أميّة يقول : " والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض خلق الله إليّ ، فما زال يعطيني حتى إنّه من أحبِّ الناس إليّ " (11) .

وفي صحيح مسلم عن أنس أنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين فأعطاه إياه ، فأتى قومه فقال : أي قوم ، أسلموا ، فوالله إن محمداً ليعطي عطاءً ، ما يخاف الفقر " (12) .

ولو لم يتصف الرسل بهذا الكمال الذي حباهم الله به لما انقاد الناس إليهم ، ذلك أن الناس لا ينقادون عن رضاً وطواعية لمن كثرت نقائصه ، وقلت فضائله .

3- خير الناس نسباً :

الرسل ذوو أنساب كريمة ، فجميع الرسل بعد نوح من ذريته ، وجميع الرسل بعد إبراهيم من ذرية إبراهيم ، قال تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريَّتهما النُّبوَّة والكتاب .. ) [ الحديد : 26 ] .

ولذلك فإنّ الله – سبحانه – يصطفي لرسالته من كان خيار قومه في النسب ، وفي الحديث الذي يرويه البخاري ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً ، حتى كنت من القرن الذي كنت منه " (13) .

وفي مسند أحمد وسنن الترمذي عن الرسول ، صلى الله عليه وسلم قال : (( أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، إنّ الله – تعالى – خلق الخلق فجعلني في خيرهم ، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ، ثمّ جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ، ثمّ جعلهم بيوتاً فجعلني في خيرهم بيتاً ، فأنا خيركم بيتاً ، وخيركم نفساً )) (14) .

وفي صحيح مسلم عن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم )) (15) .

4- أحرار بعيدون عن الرق :

ومن صفات الكمال أنّ الأنبياء لا يكونون أرقاء . يقول السفاريني في هذا : " الرق وصف نقص لا يليق بمقام النبوة ، والني يكون داعياً للناس آناء الليل وأطراف النهار ، والرقيق لا يتيسر له ذلك ، وأيضاً الرقّيَّة وصف نقص يأنف الناس ويستنكفون من اتباع من اتصف بها ، وأن يكون إماماً لهم وقدوة ، وهي أثر الكفـر ، والأنبياء منزهون عن ذلك " (16) (17) .

5- التفرد في المواهب والقدرات :

الأنبياء أُعطوا العقول الراجحة ، والذكاء الفذ ، واللسان المبين ، والبديهة الحاضرة ، وغير ذلك من المواهب والقدرات التي لا بدّ منها لتحمل الرسالة ثم إبلاغها ومتابعة الذين تقبلوها بالتوجيه والتربية .

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحفظ ما يُلقى إليه ولا ينسى منه كلمة ( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى ) [ الأعلى : 6 ] .

وقد كانوا يعرضون دين الله للمعارضين ويفحمونهم في معرض الحجاج ، وفي هذا المجال أسكت إبراهيم خصمه ( فبهت الَّذي كفر والله لا يهدي القوم الظَّالمين ) [ البقرة : 258 ] ، وقال الله معقباً على محاججة إبراهيم لقومه : ( وتلك حجَّتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجاتٍ مَّن نَّشاء ) [ الأنعام : 83 ] .

وموسى كان يجيب فرعون على البديهة حتى انقطع ، فانتقل إلى التهديد بالقوة ( قال فرعون وما ربُّ العالمين – قال ربُّ السَّماوات والأرض وما بينهما إن كنتم مُّوقنين – قال لمن حوله ألا تستمعون – قال ربُّكم وربُّ آبائكم الأوَّلين – قال إنَّ رسولكم الَّذي أرسل إليكم لمجنون – قال ربُّ المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون – قال لئن اتَّخذت إلهاً غيري لأجعلنَّك من المسجونين ) [ الشعراء : 23-29 ] .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:47 pm
نبوّة النساء

ذهب بعض العلماء (1)

إلى أنّ الله أنعم على بعض النساء بالنبوة

فمن هؤلاء أبو الحسن الأشعري والقرطبي وابن حزم

(2) .

والذين يقولون بنبوة النساء متفقون على نبوة مريم

ومنهم من ينسب النبوة إلى غيرها
ويعدّون من النساء النبيات :
حواء وسارة وأمّ موسى وهاجر وآسية .

وهؤلاء عندما اعترض عليهم بالآية

التي تحصر الرسالة في الرجال دون النساء

قالوا: نحن لا نخالف في ذلك
فالرسالة للرجال

أمّا النبوة فلا يشملها النصُّ القرآني

وليس في نبوة النساء تلك المحذورات
التي عددتموها فيما لو كان من النساء رسول

لأنَّ النبوة قد تكون قاصرة على صاحبها

يعمل بها ، ولا يحتاج إلى أن يبلغها إلى الآخرين .

أدلتهم :

وحجّة هؤلاء أن القرآن أخبر بأن الله تعالى
أوحى إلى بعض النساء

فمن ذلك أنه أوحى إلى أمّ موسى :
( وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه
فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني

إنّا رادُّوه إليك وجاعلوه من المرسلين )
[ القصص : 7 ]

وأرسل جبريل إلى مريم فخاطبها

( فأرسلنا إليها روحنا فتمثَّل لها بشراً سويّاً

– قالت إني أعوذ بالرَّحمن منك إن كنت تقيّاً

– قال إنَّما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً .. )
[ مريم : 17-19 ]
وخاطبتها الملائكة قائلة :

( يا مريم إنَّ الله اصطفاك وطهَّرك

واصطفاك على نساء العالمين –

يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الرَّاكعين .. )
[ آل عمران: 42-43 ] .

فأبو الحسن الأشعري يرى أنّ كلَّ من جاءه الملك عن الله

– تعالى –
بحكم من أمر أو نهي أو بإعلام فهو نبي (3)

وقد تحقق في أمّ موسى ومريم شيء من هذا

وفي غيرهما أيضاً

فقد تحقق في حواء وسارة وهاجر وآسية بنصّ القرآن .

واستدلوا أيضاً باصطفاء الله لمريم على العالمين

( واصطفاك على نساء العالمين )
[ آل عمران : 42 ]

وبقوله صلى الله عليه وسلم :

(( كمل من الرجال كثير

ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران

وآسية امرأة فرعون ))
(4) .

قالوا : الذي يبلغ مرتبة الكمال هم الأنبياء .

الردّ عليهم :

وهذا الذي ذكروه لا ينهض لإثبات نبوة النساء

والرد عليهم من وجوه :

الأول :

أنّا لا نسلم لهم أن النبيَّ غير مأمور بالتبليغ والتوجيه ومخالطة الناس ، والذي اخترناه أن لا فرق بين النبيّ والرسول في هذا

وأنَّ الفرق واقع في كون النبي مرسل بتشريع رسول سابق .

وإذا كان الأمر كذلك فالمحذورات التي قيلت في إرسال
رسول من النساء قائمة في بعث نبي من النساء

وهي محذورات كثيرة تجعل المرأة لا تستطيع القيام بحقّ النبوة.

الثاني : قد يكون وحي الله إلى هؤلاء النسوة أم موسى وآسية .. إنّما وقع مناماً ، فقد علمنا أنّ من الوحي ما يكون مناماً ، وهذا يقع لغير الأنبياء .

الثالث : لا نسلم لهم قولهم : إن كل من خاطبته الملائكة فهو نبي ، ففي الحديث أن الله أرسل ملكاً لرجل يزور أخاً له في الله في قرية أخرى ، فسأله عن سبب زيارته له ، فلمّا أخبره أنه يحبّه في الله ، أعلمه أنَّ الله قد بعثه إليه ليخبره أنه يحبّه ، وقصة الأقرع والأبرص والأعمى معروفة ، وقد جاء جبريل يعلم الصحابة أمر دينهم بسؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة يشاهدونه ويسمعونه (5) .

الرابع : أنّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – توقف في نبوة ذي القرنين مع إخبار القرآن بأنّ الله أوحى إليه ( قلنا يا ذا القرنين إمَّا أن تعذب وإمَّا أن تتَّخذ فيهم حسناً ) [الكهف : 86] .

الخامس : لا حجّة لهم في النصوص الدالة على اصطفاء الله لمريم ، فالله قد صرح بأنّه اصطفى غير الأنبياء : ( ثمَّ أورثنا الكتاب الَّذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالمٌ لنفسه ومنهم مُّقتصدٌ ومنهم سابق بالخيرات ) [ فاطر : 32 ] ، واصطفى آل إبراهيم وآل عمران على العالمين ، ومن آلهما من ليس بنبيّ جزماً ( إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) [ آل عمران : 33 ] .

السادس : لا يلزم من لفظ الكمال الوارد في الحديث الذي احتجوا به النبوة ، لأنّه يطلق لتمام الشيء ، وتناهيه في بابه ، فالمراد بلوغ النساء الكاملات النهاية في جميع الفضائل التي للنساء ، وعلى ذلك فالكمال هنا غير كمال الأنبياء .

السابع : ورد في بعض الأحاديث النصّ على أن خديجة من الكاملات (6) وهذا يبين أن الكمال هنا ليس كمال النبوة .

الثامن :ورد في بعض الأحاديث أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ ما كان من مريم ابنة عمران (7) ، وهذا يبطل القول بنبوة من عدا مريم كأم موسى وآسية ، لأنّ فاطمة ليست بنبيّة جزماً وقد نصَّ الحديث على أنها أفضل من غيرها ، فلو كانت أم موسى وآسية نبيتان لكانتا أفضل من فاطمة .

التاسع :وصف مريم بأنها صديقة في مقام الثناء عليها والإخبار بفضلها ، قال تعالى: ( مَّا المسيح ابن مريم إلاَّ رسولٌ قد خلت من قبله الرُّسل وأمُّه صديقةٌ كانا يأكلان الطَّعام ) [ المائدة : 75 ] فلو كان هناك وصفاً أعلى من ذلك لوصفها به ، ولم يأت في نصّ قرآني ولا في حديث نبويّ صحيح إخبار بنبوة واحدة من النساء .

وقد نقل القاضي عياض عن جمهور الفقهاء أنّ مريم ليست بنبيّة ، وذكر النووي في الأذكار عن إمام الحرمين أنّه نقل الإجماع على أنّ مريم ليست نبيّة (Cool ، ونسبه في (( شرح المهذب )) لجماعة ، وجاء عن الحسن البصري : ليس في النساء نبيّة ولا في الجنّ (9) .

--------------------------------
(1) يزعم اليهود أن مريم أخت موسى وهارون كانت نبيّة ( لوامع الأنوار البهية : 6/266 ) .
(2) انظر فتح الباري : 6/447 – 448 ، 6/473 ، وانظر لوامع الأنوار البهية : 2/266 .
(3) فتح الباري : 6/447 .
(4) صحيح البخاري : 3769 . وصحيح مسلم : 2431 .
(5) ارجع في هذه النصوص ، والنصوص المشابهة لها إلى الجزء الثاني من سلسلة مجموعة عقيدة المسلم للأستاذ .د . عمر الأشقر : ( عالم الملائكة الأبرار ) .
(6) الحديث أخرجه ابن مردويه ، انظر البداية والنهاية : (2/61) .
(7) رواه أحمد وإسناده جيد ، ( فتح الباري : 6/477 ) .
(Cool الإجماع لا يتم بعد معرفة من خالف في ذلك من العلماء إلا أن يكون إجماعاً سابقاً على هذا الخلاف .
(9) فتح الباري : 6/471 ، 473 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:54 pm
أمور تفرّد بها الأنبياء

تفرد الأنبياء والرسل على غيرهم من البشر بالأمور التالية :

1- الوحي :

خصّ الله الأنبياء دون سائر البشر بوحيه إليهم

قال تعالى :
( قل إنَّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليَّ أنَّما إلهكم إله واحد )
[ الكهف : 110 ] .

وهذا الوحي يقتضي عدة أمور يفارقون بها الناس
فمن ذلك تكليم الله بعضهم ، واتصالهم ببعض الملائكة

وتعريف الله لهم شيئاً من الغيوب الماضية أو الآتية
وإطلاع الله لهم على شيء من عالم الغيب .

فمن ذلك الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، والعروج به إلى السماوات العُلى

ورؤيته للملائكة والأنبياء ، وإطلاعه على الجنّة والنار

ومن ذلك سماعه للمعذبين في قبورهم

وفي الحديث عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر ))

(1) .

وعن أيوب قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم

بعدما غربت الشمس فسمع صوتاً ، فقال :
" يهود تعذب في قبورها "
(2) .

2- العصمة :

وقد خصصنا لهذا الأمر فصلاً مستقلاً .

3- الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم :

ومما اختصهم الله تعالى به أنّ أعينهم تنام وقلوبهم لا تنام

فعن أنس في حديث الإسراء :
" والنبيُّ نائمة عيناه ، ولا ينام قلبه

وكذلك الأنبيـاء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم "

رواه البخاري في صحيحه (3)

وهذا وإن كان من قول أنس إلا أن مثله

لا يقال من قبل الرأي كما يقول ابن حجر (4)

وقد ورد هذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم

فقد صحّ عنه أنّه قال :
" إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا "

وقال صلى الله عليه وسلم عن نفسه :

" إنّ عيني تنامان ولا ينام قلبي "

(5) .

4- تخيير الأنبياء عند الموت :

مما تفرد به الأنبياء أنّهم يخيَّرون بين الدنيا والآخرة

فعن عائشة – رضي الله عنها – قالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" ما من نبي يمرض إلاّ خيّر بين الدنيا والآخرة "

وكان في شكواه الذي قبض فيه أخذته بحّة شديدة

فسمعته يقول :

( مع الَّذين أنعم الله عليهم من النَّبيين
والصديقين والشُّهداء والصَّالحين )
[ النساء : 69 ]
فعلمت أنه خيَّر (6) .

وقد سبق أن أوردنا حديث تخيير ملك الموت

لموسى وضرب موسى لملك الموت وقلع عينه

(7) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:55 pm
5- لا يقبر نبي إلا حيث يموت :

ممّا خص به الأنبياء بعد موتهم أمور تتعلق بهم في القبر

منها :

الأول : أنّه لا يقبر نبيٌّ إلاّ في الموضع الذي مات فيه

ففي الحديث :
" لم يقبرني نبيٌّ إلا حيث يموت "
(Cool ولهذا فإنّ الصحابة – رضوان الله عليهم –

دفنوا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة

حيث قبض .

6- لا تأكل الأرض أجسادهم :

ومن إكرام الله لأنبيائه ورسله أنّ الأرض لا تأكل أجسادهم
فمهما طال الزمان وتقادم العهد تبقى أجسادهم محفوظة من البلى

ففي الحديث

" إنّ الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء "
(9) .

ويذكر أهل التاريخ قصة فيها عجب وغرابة

روى ابن كثير في البداية والنهاية (10)

عن يونس بن بكير قال : لما فتحنا تستر

[ مدينة في فارس ]
وجدنا في مال بيت الهرمزان سريراً عليه

رجل ميت عند رأسه مصحف

فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر

فدعا له كعباً فنسخه بالعربية
فأنا أوّل رجل من العرب قرأه

قرأته مثل ما اقرأ القرآن هذا .

فقلت لأبي العالية :
ما كان فيه ؟ قال :
سيركم وأموركم ولحون كلامكم

وما هو كائن بعد .

قلت : فما صنعتم بالرجل ؟
قال حفرنا له بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة

فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلّها
لنعميه على الناس فلا ينبشونه (11) .

قلت : فما يرجون منه ؟
قال :

كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون .

قلت :

من كنتم تظنون بالرجل ؟
قال : رجل يقال له دانيال .

قلت :
مذ كم وجدتموه ؟ قال : قد مات منذ ثلاثمائة سنة .

قلت : ما تغير منه شيء ؟
قال : لا إلاّ شعرات من قفاه

إن لحوم الأنبياء لا يبليها الأرض ، ولا تأكلها السباع .

قال ابن كثير : وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية .

ويبدو أن هذا من أنبياء بني إسرائيل

وقد ظنَّ الصحابة أنّه دانيال ، لأنّ دانيال أخذه ملك الفرس

فأقام عنده مسجوناً

ويبدو أنَّ تقدير الذين وجدوه لم يكن صواباً

فإنّ دانيال كان قبل الإسلام بثمانمائة سنة

فإن كان تقديرهم صواباً فليس بنبي

لأنّه لا نبي بين عيسى ورسولنا محمد عليهما الصلاة والسلام

فيكون عبداً صالحاً ليس بنبي

وكونه نبياً أرجح

لأنّ الذين تحفظ أجسادهم هم الأنبياء دون غيرهم

ويرجح هذا أيضاً ذلك الكتاب الذي وجد عند رأسه ، لا شكّ أنه كتاب نبيّ ، فالأمور الغيبيّة التي تضمنها لا تكون إلا وحياً سماوياً ، وترجيحنا لكونه من بني إسرائيل لأمرين :

الأول :ظن الصحابة أنّه دانيال ، ويكونون قد علموا ذلك من قرائن لم تذكر .

والثاني : الكتاب الذي وجد عند رأسه ، ويبدو أنه كان مكتوباً بالعبرانية ، لأنّ الذي ترجمه هو أبيّ بن كعب ، وقد كان قبل إسلامه يهودياً .

7- أحياء في قبورهم :

صحَّ عن النبيَّ أنّ " الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون " (12) ، وروي أيضاً أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " مررت على موسى ليلة أسري به عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره " (13) .

وروى مسلم عن أبي هريرة في قصة الإسراء : " وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى قائم يصلي .. ، وإذا عيسى ابن مريم قائم يصلي ، وإذا إبراهيم قائم يصلي " (14) .

--------------------------------
(1) صحيح مسلم : 2868 .
(2) صحيح البخاري : 1375 ، وصحيح مسلم: 2689 ، واللفظ لمسلم .
(3) صحيح البخاري : 3570 .
(4) فتح الباري : 6/579 .
(5) رواه ابن سعد وابن حبان : ( انظر صحيح الجامع الصغير : 3/55) .
(6) رواه البخاري : 4586 .
(7) انظر كتاب أ.د. عمر الأشقر : عالم الملائكة من هذه السلسلة .
(Cool رواه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح : ( انظر صحيح الجامع الصغير : 5/46 ) .
(9) رواه أبو داود : (1531) وعزاه ابن حجر أيضاً إلى النسائي وصححه ابن خزيمة وغيره ( انظر فتح الباري : 6/488 ) .
(10) البداية والنهاية : (2/40) .
(11) وهذا يدل على فقه المسلمين في ذلك الوقت ، فإنّ إكرام الميت دفنه ، سواء أكان نبياً أم غير نبي ، وحفرهم القبور الكثيرة لتعمية أمره على الناس حتى لا ينبشوا قبره ، وفي ذلك إيذاء لهذا النبي الكريم، وقد يتخذون قبره عيداً ، ويقيمون عليه مسجداً ، ويقصدونه بالدعاء والتبرك كما يفعل كثير من الذين ضلوا عن سواء الصراط في كثير من ديار الإسلام .
(12) رواه الجماعة عن أنس ( انظر صحيح الجامع 2/414 ) .
(13) صحيح مسلم : 2375 .
(14) صحيح مسلم : 172
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:56 pm
عِصمَة الرّسُل


.......


هل الرسل معصومون عن الخطأ والمعصية

وهل هي عصمة عامّة شاملة ؟
هذا ما سنحاول بيانه في هذا الفصل .

المبحث الأول

العِصمة في التحمّل وفي التبليغ
.............


اتفقت الأمة على أنَّ الرسل معصومون في تحمّل الرسالة

(1)

فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلاّ شيئاً قد نُسخ

وقد تكفل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم

بأن يقرئه فلا ينسى شيئاً مما أوحاه إليه

إلا شيئاً أراد الله أن ينسيه إياه :

( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى – إلاَّ ما شاء الله )

[ الأعلى : 6-7 ]

وتكفل له بأن يجمعه في صدره :
( لا تحرك به لسانك لتعجل به – إنَّ علينا جمعه وَقُرْآنَهُ
– فإذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبع قُرْآنَهُ )
[ القيامة : 16-18 ] .

وهم معصومون في التبليغ

فالرسل لا يكتمون شيئاً ممّا أوحاه الله إليهم

ذلك أن الكتمان خيانة ، والرسل يستحيل أن يكونوا كذلك

قال تعالى :
( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك
وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته )
[ المائدة : 67 ]
ولو حدث شيء من الكتمان أو التغيير لما أوحاه الله

فإن عقاب الله يحلّ بذلك الكاتم المغيّر

( ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل

– لأخذنا منه باليمين – ثمَّ لقطعنا منه الوتين )
[ الحاقة : 44-46 ] .

ومن العصمة ألاّ ينسوا شيئاً مما أوحاه الله إليهم

وبذلك لا يضيع شيء من الوحي
وعدم النسيان في التبليغ داخل في قوله تعالى :
( سَنُقْرِؤُكَ فلا تنسى ) [ الأعلى : 6 ]
وما يدل على عصمته في التبليغ قوله تعالى :
( وما ينطق عن الهوى – إن هو إلاَّ وحي يوحى )
[ النجم : 3-4 ] .

عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من القتل :

عصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم

من القتل حتى يبلغ رسالة ربه ، قال تعالى :
( يا أيُّها الرَّسول بلغ ما أنزل إليك من ربك
وإن لَّم تفعل فما بلَّغت رسالته
والله يعصمك من الناس )

[ المائدة : 67 ]

قال سفيان الثوري فيما نقله عنه ابن كثير في تفسير هذه الآية :
" بلغ أنت رسالتي ، وأنا حافظك

وناصرك ومؤيدك على أعدائك ، ومظفرك بهم

فلا تخف ولا تحزن ، فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك "

(2)
وقد أورد ابن كثير في تفسيره هذه الآية الأحاديث
التي تفيد أنّ الصحابة كانوا يحرسون
الرسول صلى الله عليه وسلم
قبل نزول هذه الآية

فلما نزلت ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحرس

(3) .

وقد جعل اليهود في شاة مصلية أهدتها يهودية

لرسول الله صلى الله عليه وسلم سمّاً لتقتله
فلما سألهم عما حملهم على ذلك قالوا :

" أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك

وإن كنت صادقاً لم يضرك " رواه البخاري

(4) .

ولما سأل المرأة قالت :
" أردت قتلك " فقال :
ما كان الله ليسلطك على ذلك "
رواه البخاري ومسلم وأبو داود (5) .

فقد عصم الله رسوله أن يقتله السم

وأكل معه بعض أصحابه فماتوا كما أفادته
بعض الأحاديث التي روت الواقعة .

عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الشيطان :

وعصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الشيطان

وقد أعان الله رسوله على قرينه الشيطان فأسلم

فلا يأمره إلا بخير ، ففي صحيح مسلم
عن عبد الله بن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن

قالوا : وإياك ؟ قال : وإياي

إلا أن الله أعانني عليه فأسلم

فلا يأمرني إلا بخير "
(6)

وفي حديث عائشة أنه سمى القرين شيطاناً

(7) .

--------------------------------
(1)نقل الإجماع على العصمة في هذا أكثر من واحد انظر : مجموع الفتاوى 10/291 ، ولوامع الأنوار البهية : (2/304) .
(2) تفسير ابن كثير : 3/1205 .
(3) المصدر السابق : 3/1206 .
(4) جامع الأصول : 11/326 . ورقمه فيه : 1886 .
(5) جامع الأصول : 11/327 ، ورقمه فيه : 327 .
(6) صحيح مسلم : (2814) .
(7) صحيح مسلم: (2815) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:56 pm
نسيان آدم :
ومن ذلك نسيان آدم عليه السلام

فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لما خلق الله آدم مسح ظهره

فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة

وجعل بين عيني كلٍّ منهم وبيصاً من نور
ثمّ عرضهم على آدم ، فقال : أي ربِّ مَن هؤلاء ؟
قال : هؤلاء ذريتك

فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه

فقال : أي ربّ من هذا ؟
فقال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك

يقال له داود ، فقال : ربِّ كم جعلت عمره ؟
قال : ستين سنة ، قال : أي ربِّ زده من عمري أربعين سنة

فلما انقضى عمر آدم ، جاءه ملك الموت

فقال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ،
قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟

قال : فجحد آدم ، فجحدت ذريته

ونسي آدم ، فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته "
(3) .

5- نبي يحرق قرية النمل :

ومن ذلك ما وقع من نبي من الأنبياء غضب إذ قرصته نملة

فأمر بقرية النمل فأحرقت ، فعاتبه الله على ذلك

ففي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرة ، فلدغته نملة

فأمر بجهازه فأخرج من تحتها

ثمّ أمر ببيتها فأحرق بالنار ، فأوحى الله إليه

: فهلاّ نملة واحدة "

(4) .



6- نسيان نبينا صلى الله عليه وسلم وصلاته الظهر ركعتين :

ومن ذلك نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في غير البلاغ

وفي غير أمور التشريع ، فمن ذلك ما رواه
ابن سيرين عن أبي هريرة قال :
" صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إحدى صلاتي العشيّ



(5)

فصلى ركعتين ، ثمّ سلّم ، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد

فاتكأ عليها كأنّه غضبان

ووضع يده اليمنى على اليسرى ، وشبّك بين أصابعه

ووضع خدّه الأيمن على ظهر كفه اليسرى
وخرجت السرعان من أبواب المسجد

فقالوا : قصرت الصلاة ، وفي القوم أبو بكر وعمر
، فهابا أن يكلماه .

وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين ، فقال : يا رسول الله

أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ فقال : لم أنس ، ولم تقصر

فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟
فقالوا : نعم . فتقدم فصلّى ما ترك ، ثمّ سلّم ، ثمّ كبّر

وسجد مثل سجود أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر

وسجد مثل سجوده أو أطول ، ثمّ رفع رأسه وكبّر
، فربما سألوه ، ثمّ سلّم ، فيقول : أنبئت أنّ عمران بن حصين ، قال : ثمّ سلّم " متفق عليه ، وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك .

وفي رواية ، قال :
" بينما أنا أصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم

صلاة الظهر سلّم من ركعتين ، فقام رجل من بني سليم

فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ "
وساق الحديث ، رواه أحمد ومسلم .

وهذا يدل على أنّ القصة كانت بحضرته وبعد إسلامه .

وفي رواية متفق عليها لما قال :
" لم أنس ولم تقصر ، قال : بلى ، قد نسيت "
وهذا يدل على أن ذا اليدين تكّلم بعدما علم عدم النسخ كلاماً ليس بجواب سؤال (6) .

وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم بطروء النسيان عليه كعادة البشر ، ففي حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" ولكنّي إنّما أنا بشر

أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني "
(7)
قال هذا بعد نسيانه في إحدى الصلوات .

أمّا الحديث الذي يروى بلفظ :
" إني لا أنسى ، ولكن أُنسَّى لأسنّ "
فلا يجوز أن يعارض به الحديث السابق ، لأنّ هذا الحديث –

كما يقول ابن حجر – لا أصل له

فإنّه من بلاغات مالك التي لم توجد موصولة

بعد البحث الشديد

(Cool .

--------------------------------
(1) كانت المرة الأولى من موسى نسياناً ، أمّا الثانية والثالثة فكان متعمداً .
(2) رواه أحمد في مسنده ، والطبراني في الأوسط ، بإسناد صحيح : ( انظر صحيح الجامع الصغير : 5/87 ) .
(3) رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح ، ورواه الحاكم في مستدركه ، وقال : صحيح على شرط مسلم : ( البداية والنهاية 1/87 ) .
(4) صحيح البخاري : 3319 . وصحيح مسلم : 2241 .
(5) قال الأزهري : العشى عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها ، فيكون المراد بهما الظهر أو العصر ، ( نيل الأوطار : 3/115 ) ، وقد حصل الجزم بأنها الظهر في إحدى الروايات .
(6) نص الحديث برواياته كما نقلها من منتقي الأخبار للمجد ابن تيمية انظر شرحه نيل الأوطار : 3/114 .
(7) رواه الجماعة إلاّ الترمذي ( نيل الأوطار : 3/125 ) .
(Cool نيل الأوطار : 3/117 .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:57 pm
العصمة من الشرك والمعاصي والذّنوب

المطلب الأول

العصمة من الكبائر
.................


الأمة الإسلامية مجمعة على عصمة الأنبياء والرسل

من الكبائر من الذنوب وقبائح العيوب

كالزنى والسرقة والمخادعة ، وصناعة الأصنام وعبادتها
والسحر ، ونحو ذلك

وقد برأ كتاب الله وسنة رسوله أنبياء الله ورسله

مما افتراه عليهم اليهود والنصارى في المحرف من كتبهم
وإليك بعض ما نسبوه إليهم :

أولاً : ما نسب اليهود إلى الأنبياء والمرسلين من القبائح :

1- زعموا أن نبيّ الله هارون صنع عجلاً

وعبده مع بني إسرائيل ،

[ إصحاح (32) عدد (1) من سفر الخروج ] .

وقد بيّن ضلالهم هذا القرآن عندما حدثنا
أنّ الذي صنع لهم عجلاً جسداً له خوار هو السامري

وأن هارون قد أنكر عليهم إنكاراً شديداً .

2- أن إبراهيم خليل الرحمن عليه وعلى نبينا
أفضل الصلاة والسلام
قدّم امرأته سارة إلى فرعون حتى ينال الخير بسببها

[ إصحاح (12) عدد (14) من سفر التكوين ] .

وقد كذبوا على خليل الرحمن

وقد قص علينا الرسول صلى الله عليه وسلم قصة إبراهيم

هذه عند دخوله لمصر ، وفيها أن ملك مصر كان طاغية

وكان إذا وجد امرأة جميلة

ذات زوج قتل زوجها وحازها لنفسه

فلما سئل إبراهيم عنها قال هي أخته

يعني أخته في الإسلام

وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم
أن الله حفظ سارة عندما ذهبت إلى الطاغية

فلم يمسها بأذى .

3- ومن ذلك أن لوطاً عليه السلام شرب خمراً حتى سكر

ثمّ قام على ابنتيه فزنى بهما الواحدة بعد الأخرى ..
[ سفر التكوين ، إصحاح (19) عدد (30) ]
ومعاذ الله أن يفعل لوط ذلك

وهو الذي دعا إلى الفضيلة طيلة عمره

وحارب الرذيلة ، ولكنّه الحقد اليهودي يمتد إلى الكملة من البشر
فلعنة الله على الظالمين .

4- وأن يعقوب عليه السلام سرق مواشٍ من حميّه

وخرج بأهله خلسة دون أن يُعلمه ..

[ سفر التكوين ، إصحاح (31) عدد (17) ] .

5- وأن روابين زنى بزوجة أبيه يعقوب

وأن يعقوب عليه السلام

علم بهذا الفعل القبيح وسكت ..

[ سفر التكوين ، إصحاح (35) عدد (32) ] .

6- وأن داود عليه السلام زنى بزوجة رجل من قواد جيشه

ثم دبر حيلة لقتل الرجل ، فقتل

وبعدئذ أخذ داود الزوجة وضمها إلى نسائه ، فولدت له سليمان .

[ سفر صموئيل الثاني إصحاح (11) عدد (1) ] .

7- وأن سليمان ارتد في آخر عمره ، وعبد الأصنام

وبنى لها المعابد ..

[ سفر الملوك الأول ، إصحاح (11) عدد (5) ] .

هذه بعض المخازي والقبائح والكبائر

التي نسبتها هذه الأمة المغضوب عليها إلى أنبياء الله الأطهار

وحاشاهم مما وصفوهم به

ولكنها النفوس المريضة تنسب إلى خيرة الله من خلقه القبائح
ليسهل عليهم تدبير ذنوبهم ومعايبهم

عندما ينكر عليهم منكر

ويعترض عليهم معترض .

ثانياً : ما نسبه النصارى من القبائح إلى الأنبياء :

والنصارى ليسوا بأفضل من اليهود في هذا

فقد نسبوا إلى الأنبياء والرسل القبائح

وذلك بتصديقهم بالتوراة المحرفة المغيرة الموجودة اليوم

والتي فيها ما ذكرنا

بالإضافة إلى ما في الإنجيل المحرف ومما فيه :

1- ورد في إنجيل (متى) أن عيسى من نسل سليمان بن داود

وأن جدهم فارض الذي هو من نسل الزنى من يهوذا بن يعقوب ..
[ إصحاح متى الأول ، عدد (10) ] .

2- وفي إنجيل [ يوحنا إصحاح (2) عدد (4) ]
أن يسوع أهان أمَّه في وسط جمع من الناس

فأين هذا مما وصفه به القرآن
( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي )
[ مريم : 32 ] .

3- وأن يسوع شهد بأن جميع الأنبياء

الذين قاموا في بني إسرائيل هم سراق ولصوص ..

[ إنجيل يوحنا ، إصحاح (10) عدد (Cool ] .

هذا غيض من فيض مما تطفح به تلك الأناجيل المحرفة
من وصف الأنبياء والرسل بما هم بريئون منه

(1)

إن الأنبياء والرسل أزكى الناس وأطهرهم وأفضلهم

ووالله إن هؤلاء لضالون فيما وصفوا به أنبياء الله الأبرار الأطهار .

ولذا فإن الأمة الإسلامية هي المدافعة عن الأنبياء والرسل

المشيدة بمآثرهم ، فهي وراثة الأنبياء ، المقيمة لدينهم

بخلاف ما عليه اليهود والنصارى تجاه أنبيائهم .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:58 pm
المطلب الثاني

العصمة من الصغائر
..................


ذهب أكثر علماء الإسلام إلى أن الأنبياء

ليسوا معصومين من الصغائر

وقال ابن تيمية :
" القول بأن الأنبياء معصومون من الكبائر دون الصغائر

هو قول أكثر علماء الإسلام

وجميع الطوائف ، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام

كما ذكر أبو الحسن الآمدي أنّ هذا قول أكثر الأشعرية

وهو أيضاً قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء
بل لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم

إلاّ ما يوافق هذا القول .."

(2) .

الأدلة :

وقد استدل جماهير العلماء على دعواهم بأدلة :

1- معصية آدم بأكله من الشجرة

التي نهاه الله تعالى عن الأكل منها

( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى

- فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ

فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى -

إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى -
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى -
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ

هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى -
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا

وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ

وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى )

[ طه : 116-121 ] .

والآية في غاية الوضوح والدلالة على المراد

فقد صرحت بعصيان آدم ربه .

2- ونوح دعا ربه في ابنه الكافر

( وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي

وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ )

[ هود : 45 ]

فلامه ربه على مقالته هذه

وأعلمه أنّه ليس من أهله

وأن هذا منه عمل غير صالح

( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ

فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )
[هود : 46]
فاستغفر ربّه من ذنبه وتاب وأناب

( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ

وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ )
[ هود : 47 ] .

والآية صريحة في كون ما وقع منه كان ذنباً يحتاج إلى مغفرة

( وإلاَّ تغفر لي وترحمني .. ) .

3- وموسى أراد نصرة الذي من شيعته

فوكز خصمه فقضى عليه

( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ -
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي

فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )

[ القصص : 15-16 ]

فقد اعترف موسى بظلمه لنفسه
وطلب من الله أن يغفر له ، وأخبر الله بأنه غفر له .

4- وداود عليه السلام تسّرع في الحكم قبل سماع قول الخصم الثاني ، فأسرع إلى التوبة فغفر الله له ذنبه

( فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعاً وأناب – فغفرنا له ذلك )
[ ص : 24-25 ] .

5- ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم عاتبه ربه في أمور
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ
تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

[ التحريم : 1 ]

نزلت بسبب تحريم الرسول صلى الله عليه وسلم

العسل على نفسه ، أو تحريم مارية القبطية .

وعاتبه ربه بسبب عبوسه في وجه الأعمى ابن أم مكتوم

وانشغاله عنه بطواغيت الكفر يدعوهم إلى الله

والإقبال على الأعمى الراغب فيما عند الله

هو الذي كان ينبغي أن يكون من الرسول

صلى الله عليه وسلم :
(عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَن جَاءهُ الْأَعْمَى -

وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى - أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى .. )
[ عبس : 1-4 ] .

وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم

من أسرى بدر الفدية فأنزل الله تعالى :

( لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ

لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

[ الأنفال : 68 ] .

هذه أمثلة اكتفينا بذكرها عن غيرها

وإلاّ فقد ورد في القرآن مغاضبة يونس لقومه
وخروجه من قومه من غير إذن من ربه

وما صنعه أولاد يعقوب بأخيهم يوسف في إلقائه في غيابة الجبِّ

ثم أوحى الله إليهم وجعلهم أنبياء .

القائلون بعصمة الأنبياء من الصغائر :

يستعظم بعض الباحثين أن ينسب إلى الأنبياء صغائر الذنوب
(3)

التي أخبرت نصوص الكتاب والسنة بوقوعها منهم

ويذهب هؤلاء إلى تهو
يل الأمر ويزعمون أنّ القول بوقوع
مثل هذا منهم فيه طعن بالرسل والأنبياء

ثم يتحملون في تأويل النصوص

وهو تأويل يصل إلى درجة تحريف آيات الكتاب

كما يقول ابن تيمية (4)

وكان الأحرى بهم تفهم الأمر على حقيقته
وتقديس نصوص الكتاب والسنة

واستمداد العقيدة في هذا الأمر
وفي كل أمر من القرآن وأحاديث الرسول

وبذلك نحكمها في كل أمر ، وهذا هو الذي أمرنا به

أمّا هذا التأويل

والتحريف بعد تصريح الكتاب بوقوع مثل ذلك منهم
فإنّه تحكيم للهوى ، ونعوذ بالله من ذلك .

وقد انتشرت هذه التأويلات عند الكتاب المحدثين

وهي تأويلات فاسدة من جنس تأويلات الباطنية والجهمية

كما يقول ابن تيمية

(5) .
foufou90
foufou90
مشرفة المرسى العام
مشرفة المرسى العام
البلد : موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية Btf96610
الجنس : انثى
عدد المساهمات : 3749
نقاط تميز العضو : 148175
تاريخ التسجيل : 24/10/2009
العمر : 34

GMT + 7 Hours رد: موسوعة.. الايمان بالرسل والانبياء..والرسالات السماوية

01/11/10, 05:59 pm
شبهتان (6) :
.....................
...........


الذين منعوا من وقوع الصغائر من الأنبياء أوردوا شبهتين :

الأولى :

أن الله أمر باتباع الرسل والتأسي بهم

( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )
[ الأحزاب : 21 ]

وهذا شأن كل رسول ، والأمر باتباع الرسول
يستلزم أن تكون اعتقاداته وأفعاله وأقواله جميعها طاعات لا محالة

لأنه لو جاز أن يقع من الرسول معصية لله تعالى

لحصل تناقض في واقع الحال

إذ يقتضي أن يجتمع في هذه المعصية

التي وقعت من الرسول الأمر باتباعها وفعلها
من حيث كوننا مأمورين بالتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم

والنهي عن موافقتها من حيث كونها معصية منهي عنها

وهذا تناقض ، فلا يمكن أن يأمر الله عبداً

بشيء في حال أنه ينهاه عنه .

وقولهم هذا يكون صحيحاً

لو بقيت معصية الرسول خافية غير ظاهرة

بحيث تختلط علينا الطاعة بالمعصية

أمّا وأنّ الله ينبه رسله وأنبياؤه

إلى ما وقع منهم من مخالفات ويوفقهم إلى التوبة منها

من غير تأخير فإنّ ما أوردوه لا يصلح دليلاً

بل يكون التأسي بهم في هذا منصباً على الإسراع في التوبة

عند وقوع المعصية ، وعدم التسويف في هذا

تأسياً بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير .

الثانية :
أنّ هؤلاء توهموا أن الذنوب تنافي الكمال

وأنها تكون نقصاً وإن تاب التائب منها

وهذا غير صحيح ، فإنّ التوبة تغفر الحوبة

ولا تنافي الكمال ، ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم
بل إنّ العبد في كثير من الأحيان

يكون بعد توبته من معصيته خيراً منه قبل وقوع المعصية

وذلك لما يكون في قلبه من الندم والخوف والخشية من الله تعالى

ولما يجهد به نفسه من الاستغفار والدعاء

ولما يقوم به من صالح الأعمال
يرجو بذلك أن تمحو الصالحات السيئات
وقد قال بعض السلف :
" كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة "
وقال آخر :
" لو لم تكن التوبة أحبّ الأشياء إليه

لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه " .

وقد ثبت في الصحاح

" أن الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلته ناقته بأرض فلاة

وعليها طعامه وشرابه
فنام نومة فقام فوجد راحلته فوق رأسه
فقال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح "
(7) .

وفي الكتاب الكريم :

( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ )
[البقرة : 222]

وقال تعالى مبيناً مثوبة التائبين :

( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا

فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ... )
[ الفرقان : 70 ] .

وفي يوم القيامة

" يدني الله المؤمن ، فيضع عليه كنفه ويستره

فيقول : أتعرف ذنب كذا ، أتعرف ذنب كذا

فيقول : نعم ، أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه

ورأى في نفسه أنه هلك ، قال : سترتها عليك في الدنيا

وأنا أغفرها لك اليوم "

(Cool .

ومعلوم أنه لم يقع ذنب من نبي
إلا وقد سارع إلى التوبة والاستغفار منه

يدلنا على هذا أن القرآن لم يذكر ذنوب الأنبياء
إلا مقرونة بالتوبة والاستغفار

فأدم وزوجه عصيا فبادرا إلى التوبة قائلين :
( ربَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا
وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
[ الأعراف : 23 ]
وما كادت ضربة موسى تسقط القبطي قتيلاً

حتى سارع طالباً الغفران والرحمة قائلاً :
( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي )
[ القصص : 16 ]

وداود ما كاد يشعر بخطيئته حتى خرّ راكعاً مستغفراً

( فاستغفر ربَّه وخرَّ راكعاً وأناب )

[ص : 24] .

فالأنبياء لا يقرون على الذنب

ولا يؤخرون التوبة ، فالله عصمهم من ذلك

وهم بعد التوبة أكمل منهم قبلها .

وبذلك انهارت هاتان الشبهتان ، ولم يثبتا في مجال الحجاج والنقاش ، وحسبنا بالأدلة الواضحة البينة التي تهدي للتي هي أقوم .

السبب في عصمة الأنبياء مما عصموا منه

وعدم عصمتهم مما لم يعصموا منه :

الرسل والأنبياء بشر من البشر

عصمهم الله في تحمل الرسالة وتبليغها ، فلا ينسون شيئاً

ولا ينقصون شيئاً

وبذلك يصل الوحي الذي أنزله الله

إلى الذين أرسلوا إليهم كاملاً وافياً

كما أراده الله جلّ وعلا

وهذه العصمة لا تلازمهم في كلّ أمورهم فقد تقع منهم المخالفة الصغيرة ، بحكم كونهم بشراً ، ولكنّ رحمة الله تتداركهم ، فينبههم الله إلى خطئهم ، ويوفقهم للتوبة والأوبة إليه .

يقول الشيخ مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر :

" إنّ الوحي لا يلازم الأنبياء في كلّ عمل يصدر عنهم

وفي كلِّ قول يبدر منهم ، فهم عرضة للخطأ

يمتازون عن سائر البشر بأنّ الله

لا يقرّهم على الخطأ بعد صدوره

ويعاتبهم عليه أحياناً "
(9) .

تكريم الأنبياء وتوقيرهم :

هذه الصغائر التي تقع من الأنبياء لا يجوز أن تتخذ سبيلاً للطعن فيهم ، والإزراء عليهم ، فهي أمور صغيرة ومعدودة غفرها الله لهم ، وتجاوز عنها ، وطهرهم منها ، وعلى المسلم أن يأخذ العبرة والعظة لنفسه من هذه ، فإذا كان الرسل الكرام الذين اختارهم الله واصطفاهم

عاتبهم الله ولامهم على أمور كهذه

فإنّه يجب أن نكون على حذر وتخوف من ذنوبنا وآثامنا

وعلينا أن نتأسى بالرسل والأنبياء في المسارعة
إلى التوبة والأوبة إلى الله
وكثرة التوجه إليه واستغفاره .

--------------------------------
(1) راجع لمزيد من الأمثلة كتاب : ( محمد نبي الإسلام ) ص146 .
(2) مجموع فتاوى شيخ الإسلام : 4/319 .
(3) الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مجمعون على عدم وقوع صغائر الذنوب من الأنبياء والأئمة ، راجع عقائد الإمامية لمحمد رضا ص 80 ، 95 وعقائد الإمامية الاثني عشرية لإبراهيم الموسوي الزنجاني ص157 .
(4) مجموع الفتاوى : (10/313) .
(5) المصدق السابق .
(6) ممن أشبع الكلام على هاتين الشبهتين والإجابة عليهما شيخ الإسلام ابن تيمية ، انظر مجموع الفتاوى : 10/293 – 313 ، 15/150 .
(7) انظر روايات الحديث في صحيح البخاري : 6308 ، 6309 ، وفي صحيح مسلم كتاب التوبة ، باب في الحض على التوبة والفرح بها الأحاديث : 2744 – 2747 .
(Cool صحيح البخاري : 2441 ، وصحيح مسلم : 2768 .
(9) حياة محمد لهيكل ، انظر مقدمة الكتاب بقلم الشيخ المراغي ص 11 .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى