- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
الرومامنطيقية كنموذج من تصنيف المراحل الأدبية
02/01/10, 04:39 pm
الدكتور شاكر مطلق
الرومنتيكية أنموذجاً - ( الرّومنطيقية - الرومانسية ) Romantik -
( 1798 - 1830 ) )
د. شاكر مطلق
إن تصنيف المراحل الأدبية المختلفة وحصرها في فترات زمنية محددة ، هو أمر نسبي لا يمكن تطبيقه بدقة علمية ، ولا حتى أدبية ، ولاسيما فيما يتعلق بالتواريخ المعطاة للمراحل ، وما يتعلق بما كتبه أديب أو أديبة خلال حياته ، بحيث يمكن لإبداعه أن ينضمَ تحت غطاء أكثر من مرحلة وأكثر من تصنيف .
بكلمات أخرى : أن تصنيف المراحل وترتيبها ليس بالشيء المقدس ، وهو بالتأكيد ليس " تابوهاً "، - كلمة " التّابو " هنا بولونيزيّة الأصل ، تعني أكثر من مجرّد محَرّم - .
في هذا السياق أريد أن أشير إلى كتاب هام للباحث والناقد " هانس مايَر " وهو كتاب حول الأدب الألماني المعاصر ( باللغة الألمانية ) - انظر المرجع 29 - يناقش فيه العديد من الجوانب الهامة المتعلقة بهذا الموضوع .
يُعتبَر هذا الباحث إلى جانب " إيرنست بلوخ - إيرنست فيشر - وجورج لوكاش " ، من أهم الممثلين للنقد الأدبي والإيديولوجي الماركسي .
تخلى هذا الباحث عن مقعده الأكاديمي في جامعة " لايبزغ " العريقة عام 1963 لأنه لاقى -كزملائه أعلاه - عدم قبول في الأوساط الرسمية التي كانت تسيطر على الحكم في جمهورية ألمانيا الديموقراطية - DDR. - سابقاً .
هذه النقطة الهامة تدفعني أيضاً إلى أن أقدم للقارئ بعض ما كتبه في هذا الشأن " هنري هـ . هـ . ريمارك " في البحث الحادي عشر من المرجع 27 (الأدب المقارن، المنهج والمنظور ) - الذي أهداني إياه مشكوراً الصديق الدكتور فؤاد عبد المطلب - والذي يتحدث فيه المؤلف عن" الرومانتيكية الأوروبية الغربية : التعريف والمجال " - ص 315 -358 .
من هذا الفصل أقدم بعض العبارات المختارة التي تدعم ما ذكرناه أعلاه :
يقول ريمارك : " ... فمصطلحات مثل الباروك ، والتنوير ، والواقعية ، والانطباعية ، وغيرها ، تفضي إلى تقويمات غاية في التنوع ، إنْ لم نقل متناقضة " .
كما يشير في موقع أخر ، إلى ضرورة مراجعة بعض التعريفات وبخاصة عن الرومانتيكية بوصفها ظاهرة أوروبية ، ليصل إلى نتيجة تقول بأن الأمر تقريبيٍّ :
" لأنها تنطوي على عناصر بالغة الأهمية وخلافية أيضاً أكثر من أي مصطلح آخر معقد التركيب ، وأن هذا ينطبق على مصطلحات أخرى مثل : عصر النهضة ، والباروك ، والكلاسيكية ، والواقعية ، والرمزية ، والتعبيرية وغيرها " .
ويشير الباحث إلى صعوبة تحديد المصطلح من دون تحليل الآداب العالمية في كل مكان ، ولهذا يقيد الباحث بحثه في الآداب الأوروبية الخمسة المهمة : الإنكليزية - الفرنسية - الألمانية - الإيطالية والإسبانية ، متغاضياً عن تناول الفنون الأخرى ، بالرغم من أنه يرى فيها - أي الفنون الأخرى - مثل الفنون الجميلة والموسيقى ، في الفترة المدروسة ، إضافة إلى الفلسفة ، والسياسة ، وعلم الاجتماع ، وعلم الاقتصاد ، تبصّراتٍ مفيدةً تخدم الفكرة والموضوع .
كما يشير إلى الاختلافات الموجودة بين الرومانتيكية ، كحركة تاريخية يسميها بالمزعومة ، وبين الرومانتيكية من حيث كونها ظرفاً عاطفياً متكرراً دوماً ، وهو الأمر الذي يرى فيه " سيسيليانو " ظاهرةً روحية فريدة موجودةً في الرومانتيكية ، منذ القرن السابع عشر وحتى يومنا هذا .
أما " ميتس " فيربط " الرومانتيكية الألمانية بوصفها حركة تاريخية ، بالرومانتيكية الألمانية بوصفها اتجاهاً أبدياً للروح الألمانية " .
هكذا نرى بأن هناك أشكالاً عديدة للرومانتيكية ، يدفع الباحث إلى " التخلي عن مصطلح المدرسة الرومانتيكية ، لصالح مصطلحات أقل تحديداً مثل : الحركة ، التيار ، المِزاج ، أو حتى جماعة صداقة " .
جماعة ما يُطلَق عليها اسم " الإسمانيين - Nominalism - أي الإسمانية " - وهي اتجاه فلسفي يقول : بأن المفاهيم المجردة ، أو الكليّات ، ليس لها وجود حقيقي أو أنها مجرد أسماء لا غير - ترى إمكانيةً هناك للوصول إلى تعريف للرومانتيكية .
" آرثر لفجوي " طالبَ منذ العام 1924 بضرورة " أن نفكر برومانتيكيات لا برومانتكية واحدة " .
أما " هنري بيير " فتولى " مهمة إضعاف الوحدة التاريخية للرومانتيكية الأوروبية الغربية ، وذلك بسحب فرنسا من بينها ، لأنه :
" إذا كان لدينا إصرار على تحديد مواقع رومانتيكيين فرنسيين أصليين في العقود الأولى من القرن التاسع عشر ، فإن علينا أن نلجأ إما إلى أسماء شهيرة لشعراء من أمثال : بودلير - رامبو - لوترمون ، الذين ظهروا بعد عقود من الجيل السابق لهم ،والذي كان يُعتَبر ممثلاً للرومانسية من أمثال:- هوغو - لامارتين - فيني - موسّيه ... الخ ، أو أن نلجأ إلى أسماء أقلّ شهرة من أمثال :
" جيرار دونيرفال " ، أو إلى شخصيات مثل " بلزاك " - الذي يصنف عادة كاتباً واقعياً - و " ميتشيله " - مؤرخ - " ديلاكروا " - رسام - و " بيرلو " - مؤلف موسيقي - .
كما يطالب " بيير " بأن يحل مفهوم الأجيال الأدبية محل الحركات والمدارس الأدبية .
أما " بينيديتو كروتشه " الذي قسّم الرومانتيكية إلى ثلاث مقولات مميّزة وهي : " الأخلاقية ، والفنية ، والفلسفية " ، فقد هاجم " فكرة التاريخ الأدبي وممارسته ، مدعياً أن التاريخ قد يكون تاريخاً فحسب ، وأنه لا ينسجم مع الأدب إلا في جانب صغير جداً " ، وطالب بأنه " ينبغي أن ينظَر إلى كل عمل بوصفه كياناً منفصلاً " ، أي أن تحلّ فكرة الروائع الأدبية مكان المفهومات معقدة التركيب مثل الرومانتيكية ، الأمر الذي يخشى البعضُ ، مثل البروفيسور " أورسيني " ، من أن يؤدّي إلى " فوضى أدبية " ، ودعا إلى " منهج متكامل لتعريف الشخصية الجمالية للفنان ... " .
هناك من يرى مساحة انتقالية بين نمطين أساسيين من التعاريف : الأول يأخذ بعض الصفات ليعممها على الرومانتيكية برمّتها .
السيدة " دو ستيل " ترى بأن الرومانتيكية تشير إلى الفروسية ، بينما تعني بالنسبة لـ " فكتور هوغو " النزعة التحررية في الأدب ، وهناك من يرى فيها امتداداً فردياً للغنائية " لانسون " ، أو غموضاً وتطلعاً
" هيدج "، أو حلماً مسكراً " لوكاش" أو عملية أدبية تخيليةً " إمرواهر " ، أو اهتماماً بالتركيب " دو تشبين " ، أو مبدأ نزوع قومي " ميلتش " ، بينما يؤكد " جيفري " و " سكوت " على إعجابها ( الرومانتيكية ) بالماضي .
هناك من يبحث عن تعاريف أوضح للرومانتيكية من خلال مقارنتها بحركات أدبية أخرى ، وبخاصة الكلاسيكية منها ، فحسب
" جاسنسكي " فـ " الرومانتيكية هي من حيث الأساس ردة فعل ضد الإفراط في العقلانية " ، بينما يرى " بارزون " فيها " حركة تغير يتبع حالة ثَبات " ، أما " غورار " فيرى فيها حافزاً أكثر منه قيداً ، بينما يرى " باتر " ، " أنها غَرابة مضافة إلى الجمال ، أو إلغاء للتوازن الكلاسيكي عن طريق عملية تكثيف لاعقلانية "
أما " جندولف " فينفي عن الرومانتيكية أن تكون فيها " نظرة عالمية موحّدة " .
" سنتز بري " يرى بأن" الكلاسيكية تقدم فكرة مباشرة " ، بينما
" الرومانتيكية تتركها لمخيلة القارئ " .
شاعر ألمانيا العظيم " يوهان وولفغانغ فون غوته " يقول : " الكلاسيكي هو العاقل ، والرومانتيكي هو المجنون " .
بينما نجد عند " أ . دبليو شليغل " أن " الرومانتيكي عضوي ومثير للصور والكلاسيكيّ آليّ وتشكيليّ " ، أما " برتولد بريشت " فإنه يصف التفاوت بينهما قائلاً : " التباين بين الشعرين الكلاسيكي والرومانتيكي يصل إلى مستوى الفرق بين شعر الأموات وشعر الأحياء " ، كما يصفها " فريدريش شليغل " بكونها " شعراً شمولياً متقدماً " .
هناك من بحثَ في الرومانتيكية من حيث سِماتها القومية أو العالمية ، ومنهم من رأى فيها ظاهرة متخطية للقومية بسبب وجود ظرف أدبي متخطي للقومية ، وبغض النظر عن الأسباب المتضمَّنة فيه .
هناك صيغٌ خاصة جاهزة للتعامل مع الرومانتيكية ، بحيث يصفها البعض بالغموض واللاواقعية " بيكْهام " وبأنها معارضة للكلاسيكية وللقرن الثامن عشر في احتوائه على نظام محدد من الغيبيات ، والذي تحدّث أيضاً عن وجود رومنطيقية سلبية رافضة للنزعة الآلية الثابتة ، وأخرى إيجابية تقبل بوجود كونٍ عضوي حركي فيها ، ص324 ، فبينما نجد من يصفها بالتحرر السياسي ، نجد هناك أيضاً من يصفها بالرجعية .
في الوقت الذي رأى فيه البعض أن تأثير الكتّاب الأقدمين ، وبخاصة في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا مثل" روسو " ، كان كبيراً على الحركات الرومانتيكية في بلدان عديدة ، رأى البعض الآخر أن الكتاب الرومانتيكيين المعاصرين لم يكن لهم إلا التأثير القليل النسبي في خارج بلادهم إبان الفترة الرومانتيكية .
" ... تأثير " روسو " في ألمانيا كان ذا طبيعة أدبية وتعليمية ، بصورة أولية ، أما تأثيره في إيطاليا وإسبانيا فقد كان سياسياً واجتماعياً على الأغلب " ، ص 330 .
الباحث " بيير " يشير إلى وجود فجوة بين والرومانتيكية الفرنسية من جهة ، والرومانتيكية الألمانية والإنكليزية من جهة أخرى ، ويتحدث عن وجود موجات في الظاهرة الفرنسية تبدأ بموجة ما قبل الرومانتيكية 1760 - 1775 ، لتنتهي بالرمزية ، ص352 .
بينما نجد الآنسة " نيتشي " تصف الطريق المفضي من العقلانية والعاطفية عبر الرومنطيقية إلى الواقعية والطبيعية والرمزية بالطريق المتعرّج ، وإلى تنوع المشهد كثيراً في نهاية رحلة الاستكشاف الأدبية واختلافه عن بدايات تلك الرحلة ، ص331 .
أخيراً نشير إلى نقطة هامة تطرق إليها الباحث
" ويلك " في موضوعة المخيلة الإبداعية ( النظرة إلى الشعر بوصفـه معرفة للواقع العميق ) ، وإلى الطبيعة العضوية ( النظرة إلى العالم ) ، وكذلك إلى نقطة هامة - حسب رأيي الشخصي وكتاباتي حول الموضوع -مطلق - وهي تأكيده على الرمز والأسطورة
( بوصفهما عاملين محددين أولين للأسلوب الشعري ) ، ص324 ، وإلى وصفهما بالملمَحين الرئيسين في مجمل ملامح والرومانتيكية الأوروبية ، ص355 .
كما رأينا أعلاه فإن الرومنتيكية حمّالة أوجه عديدة وتشعبات وإشكالات في المصطلح وفي المضمون والزمان ، وهذا قد ينطبق أيضاً على غيرها ، مما يسمى بالمدارس أو المراحل الأدبية العديدة .
أتابع الآن بحثي في دراستي لهذه المرحلة :
الرّومانتيكية كلمة ذات أصل هولندي ، استُعملت منذ القرن الثامن عشر لتعبر عن تيار أدبي فكري ، يؤكد على الإعجاب بالمشاعر وروح المغامرة ( العاطفية ) .
في الشعر تعني الجميل ، وفي الرسم تعني الباهر الذي يرضي المشاعر ويثيرها ، وهناك مفهوم يتحدث عن " الرّومانتيكية الكلاسيكية " في الفن أيضاً .
هذه المرحلة ، التي تعتبر امتداداً لشعر " هيردَر " وزمن " العصف والدفع " وتقف في تضادٍّ حاد مع مرحلة " التنوير " ، يمكن النظر إليها كامتدادٍ للمرحلة الكلاسيكية ، وإن كانت قد تخلّت نهائياً عن عناصر الشعر القديم التقليدية ألـ" أنتيك " .
الرّومانتيكية تبحث عن وحدة جديدة بين القوى العقلانية واللاعقلانية ، وتطمح إلى توليفة أو تركيبة جديدة لمرحلة " العصف والدفع " و المرحلة " الكلاسيكية " .
من أهم متطلباتها العودة إلى قيَم " هيردَر " الشعرية :
الشعر الشعبي ، التّعمق في الكنوز الفكرية لماضي الشعب الألماني ، البحث في لغة وآداب الشعوب ذات الثقافة ... الخ .
بينما كانت المرحلة " الكلاسيكية " ثابتة في قيمها ، كانت " الرّومانتيكية " حيوية ديناميكية .
الرومانتيكيون المبكرون كانوا أول من أشار إلى أهمية نتاج الشاعر " غوته " الأدبي المتألق الوسيع ،، وحاولوا العمل عليه بجدية و التعمق فيه ، ولكن من خلال التخلي عن الموروث القديم والشّكلانية في أدبه ، وبعامة عن كل ما وصل من المرحلة الكلاسيكية ، وأتى إليهم بذلك شعور ذاتيٌّ وروح جديدةٌ في الحركة الصاعدة هذه .
في هذه المرحلة من النتاج الأدبي ، وبخلاف ما سبقها من مراحل نجد انطلاقاً للقوى الغامضة اللاعقلانية ، والتأكيد على المشاعر والمزاجية وطغيان الخيال الجامح " فانتازيا – Phantasie " الذي لا يعرف الهدوء والاستقرار وإطلاق العنان له بعفوية وحرية ، ولمشاعر النفس والقلب ، والاتجاه نحو التَّجوال في الطبيعة والعودة إليها ، بعد أن تم التخلص من طرائق العيش القديمة بأشكالها الثابتة المُملّة ، ولكن مع الحفاظ على منظومة القِيم الموروثة حول بنية العالم الفكرية .
هذا ما فهمته ونقلته عن أفكار الباحث " فيلهلم لِندِن – W.Linden " ، حول هذا الموضوع .
أما الفيلسوف " فريدريش شليغل – F. Schlegel " ( 1772 – 1829 ) فهو الذي أسّـس مفهوم " الرومنطيقية الشعرية " . كتب الرواية كما كتب عام 1808 عملاً هاماً " اللغة والحكمة الهندية " . أهم أعماله الفلسفية : الكتاب الصادر عام 1828 " فلسفة الحياة " وعام 1829 " فلسفة التاريخ " عام 1830 " فلسفة اللغة " وكتب كتباً عديدة أخرى ،منها ما أصدره مع أخيه " أوغوست فيلهيلم شليغل" .
درسَ عنده في جامعة بون الشاعر هاينريش هاينه ، الذي كان قد درس أيضاً عند هيغل – Hegel في برلين قبل ذلك .
أما أخوه" أوغوست فيلهيلم غريم " - الناقد والمترجم - فقد اشتُهر بترجمته لأعمال " شكسبير " بخاصة .
وكانا على اتفاق مع الشاعر " نوفالِس – Novalis " من حيث التأكيد على أن الرومنطيقية المبكّرة قد استندت في معطياتها النظرية على أبحاث الفيلسوف " فيشْتِه – Fichte ".
لم تكن هذه المدرسة على خلاف جذريٍّ ، من حيث الجوهر ، مع مدرسة الرومنطيقية المبكرة ، وإن اختلفت معها في أمور أخرى ، لن أفصّل فيها .
أما ما يسمى بالرومنطيقية المتأخرة ، التي يطلق عليها أيضاً اسم جماعة " هايدلبيرغ – Heidelberg " – نسبة إلى المدينة هذه ذات الجامعة العريقة - ، فإن أفضل من يمثلها ، الشاعران " آخيم فون آرنيم – A.v.Arnim " ( 1781 - 1831 ) و " كْليمِنْس برينتانو – K.Brentano " ( 1778 – 1842 ) .
التقى هذان الشاعران الصديقان في مدينة " هايدلبيرغ " وكان همُّهما الشعري يتجلى في إحياء الروح الألمانية ، ومن خلال فهم عميق للدين وللتراث الألماني القديم والاهتمام باللغة، وإحياء حبّ الوطن .
أصدر الشاعران معاً ، ما بين 1806 – 1808 مجموعة من الأناشيد الشعرية حمَلت عنوان : " الصبي والبوق العجيب " المهداة إلى الشاعر الكبير " غوتِه " الذي أثنى كثيراً على هذا العمل .
وأصدرا مجلة أدبية عام ، 1806 سُميت لاحقاً بـ " كتب هايدلبيرغ السنوية "، وكانا على صلة حميمة وصداقة مع الإخوة
" غريم " .
لم يكن " آرنيم " هو الأكثر شاعرية ، وإنما صديقه الشاعر
" برينتانو " الذي يعتبر من أهم شعراء الرومنطيقية المتأخرة ، بل والرومنطيقية بشكل عام ، ومن أكثرهم موهبة وأهمية ، وكان والده تاجراً إيطالياً .
كتب " آرنيم " الروايات العديدة مثل الرواية الضخمة الموسومة بـ " حراس التيجان " ، الجزء الأول عام 1817 ، والجزء الثاني عام 1854 وهي محشودة بالأحداث التي أثقَلت المادة الأصل في الرواية .
كتب أيضاً أعمالاً درامية للمسرح ، فقدَت أهميتها وصارت منسية اليوم . أقام في أعوامه الأخيرة في مزرعته الضخمة في منطقة
" المارك " وقام " وليم غريم " بعد وفاته مع أرملته " بتِّينا " بإصدار أعماله .
الرومنتيكية أنموذجاً - ( الرّومنطيقية - الرومانسية ) Romantik -
( 1798 - 1830 ) )
د. شاكر مطلق
إن تصنيف المراحل الأدبية المختلفة وحصرها في فترات زمنية محددة ، هو أمر نسبي لا يمكن تطبيقه بدقة علمية ، ولا حتى أدبية ، ولاسيما فيما يتعلق بالتواريخ المعطاة للمراحل ، وما يتعلق بما كتبه أديب أو أديبة خلال حياته ، بحيث يمكن لإبداعه أن ينضمَ تحت غطاء أكثر من مرحلة وأكثر من تصنيف .
بكلمات أخرى : أن تصنيف المراحل وترتيبها ليس بالشيء المقدس ، وهو بالتأكيد ليس " تابوهاً "، - كلمة " التّابو " هنا بولونيزيّة الأصل ، تعني أكثر من مجرّد محَرّم - .
في هذا السياق أريد أن أشير إلى كتاب هام للباحث والناقد " هانس مايَر " وهو كتاب حول الأدب الألماني المعاصر ( باللغة الألمانية ) - انظر المرجع 29 - يناقش فيه العديد من الجوانب الهامة المتعلقة بهذا الموضوع .
يُعتبَر هذا الباحث إلى جانب " إيرنست بلوخ - إيرنست فيشر - وجورج لوكاش " ، من أهم الممثلين للنقد الأدبي والإيديولوجي الماركسي .
تخلى هذا الباحث عن مقعده الأكاديمي في جامعة " لايبزغ " العريقة عام 1963 لأنه لاقى -كزملائه أعلاه - عدم قبول في الأوساط الرسمية التي كانت تسيطر على الحكم في جمهورية ألمانيا الديموقراطية - DDR. - سابقاً .
هذه النقطة الهامة تدفعني أيضاً إلى أن أقدم للقارئ بعض ما كتبه في هذا الشأن " هنري هـ . هـ . ريمارك " في البحث الحادي عشر من المرجع 27 (الأدب المقارن، المنهج والمنظور ) - الذي أهداني إياه مشكوراً الصديق الدكتور فؤاد عبد المطلب - والذي يتحدث فيه المؤلف عن" الرومانتيكية الأوروبية الغربية : التعريف والمجال " - ص 315 -358 .
من هذا الفصل أقدم بعض العبارات المختارة التي تدعم ما ذكرناه أعلاه :
يقول ريمارك : " ... فمصطلحات مثل الباروك ، والتنوير ، والواقعية ، والانطباعية ، وغيرها ، تفضي إلى تقويمات غاية في التنوع ، إنْ لم نقل متناقضة " .
كما يشير في موقع أخر ، إلى ضرورة مراجعة بعض التعريفات وبخاصة عن الرومانتيكية بوصفها ظاهرة أوروبية ، ليصل إلى نتيجة تقول بأن الأمر تقريبيٍّ :
" لأنها تنطوي على عناصر بالغة الأهمية وخلافية أيضاً أكثر من أي مصطلح آخر معقد التركيب ، وأن هذا ينطبق على مصطلحات أخرى مثل : عصر النهضة ، والباروك ، والكلاسيكية ، والواقعية ، والرمزية ، والتعبيرية وغيرها " .
ويشير الباحث إلى صعوبة تحديد المصطلح من دون تحليل الآداب العالمية في كل مكان ، ولهذا يقيد الباحث بحثه في الآداب الأوروبية الخمسة المهمة : الإنكليزية - الفرنسية - الألمانية - الإيطالية والإسبانية ، متغاضياً عن تناول الفنون الأخرى ، بالرغم من أنه يرى فيها - أي الفنون الأخرى - مثل الفنون الجميلة والموسيقى ، في الفترة المدروسة ، إضافة إلى الفلسفة ، والسياسة ، وعلم الاجتماع ، وعلم الاقتصاد ، تبصّراتٍ مفيدةً تخدم الفكرة والموضوع .
كما يشير إلى الاختلافات الموجودة بين الرومانتيكية ، كحركة تاريخية يسميها بالمزعومة ، وبين الرومانتيكية من حيث كونها ظرفاً عاطفياً متكرراً دوماً ، وهو الأمر الذي يرى فيه " سيسيليانو " ظاهرةً روحية فريدة موجودةً في الرومانتيكية ، منذ القرن السابع عشر وحتى يومنا هذا .
أما " ميتس " فيربط " الرومانتيكية الألمانية بوصفها حركة تاريخية ، بالرومانتيكية الألمانية بوصفها اتجاهاً أبدياً للروح الألمانية " .
هكذا نرى بأن هناك أشكالاً عديدة للرومانتيكية ، يدفع الباحث إلى " التخلي عن مصطلح المدرسة الرومانتيكية ، لصالح مصطلحات أقل تحديداً مثل : الحركة ، التيار ، المِزاج ، أو حتى جماعة صداقة " .
جماعة ما يُطلَق عليها اسم " الإسمانيين - Nominalism - أي الإسمانية " - وهي اتجاه فلسفي يقول : بأن المفاهيم المجردة ، أو الكليّات ، ليس لها وجود حقيقي أو أنها مجرد أسماء لا غير - ترى إمكانيةً هناك للوصول إلى تعريف للرومانتيكية .
" آرثر لفجوي " طالبَ منذ العام 1924 بضرورة " أن نفكر برومانتيكيات لا برومانتكية واحدة " .
أما " هنري بيير " فتولى " مهمة إضعاف الوحدة التاريخية للرومانتيكية الأوروبية الغربية ، وذلك بسحب فرنسا من بينها ، لأنه :
" إذا كان لدينا إصرار على تحديد مواقع رومانتيكيين فرنسيين أصليين في العقود الأولى من القرن التاسع عشر ، فإن علينا أن نلجأ إما إلى أسماء شهيرة لشعراء من أمثال : بودلير - رامبو - لوترمون ، الذين ظهروا بعد عقود من الجيل السابق لهم ،والذي كان يُعتَبر ممثلاً للرومانسية من أمثال:- هوغو - لامارتين - فيني - موسّيه ... الخ ، أو أن نلجأ إلى أسماء أقلّ شهرة من أمثال :
" جيرار دونيرفال " ، أو إلى شخصيات مثل " بلزاك " - الذي يصنف عادة كاتباً واقعياً - و " ميتشيله " - مؤرخ - " ديلاكروا " - رسام - و " بيرلو " - مؤلف موسيقي - .
كما يطالب " بيير " بأن يحل مفهوم الأجيال الأدبية محل الحركات والمدارس الأدبية .
أما " بينيديتو كروتشه " الذي قسّم الرومانتيكية إلى ثلاث مقولات مميّزة وهي : " الأخلاقية ، والفنية ، والفلسفية " ، فقد هاجم " فكرة التاريخ الأدبي وممارسته ، مدعياً أن التاريخ قد يكون تاريخاً فحسب ، وأنه لا ينسجم مع الأدب إلا في جانب صغير جداً " ، وطالب بأنه " ينبغي أن ينظَر إلى كل عمل بوصفه كياناً منفصلاً " ، أي أن تحلّ فكرة الروائع الأدبية مكان المفهومات معقدة التركيب مثل الرومانتيكية ، الأمر الذي يخشى البعضُ ، مثل البروفيسور " أورسيني " ، من أن يؤدّي إلى " فوضى أدبية " ، ودعا إلى " منهج متكامل لتعريف الشخصية الجمالية للفنان ... " .
هناك من يرى مساحة انتقالية بين نمطين أساسيين من التعاريف : الأول يأخذ بعض الصفات ليعممها على الرومانتيكية برمّتها .
السيدة " دو ستيل " ترى بأن الرومانتيكية تشير إلى الفروسية ، بينما تعني بالنسبة لـ " فكتور هوغو " النزعة التحررية في الأدب ، وهناك من يرى فيها امتداداً فردياً للغنائية " لانسون " ، أو غموضاً وتطلعاً
" هيدج "، أو حلماً مسكراً " لوكاش" أو عملية أدبية تخيليةً " إمرواهر " ، أو اهتماماً بالتركيب " دو تشبين " ، أو مبدأ نزوع قومي " ميلتش " ، بينما يؤكد " جيفري " و " سكوت " على إعجابها ( الرومانتيكية ) بالماضي .
هناك من يبحث عن تعاريف أوضح للرومانتيكية من خلال مقارنتها بحركات أدبية أخرى ، وبخاصة الكلاسيكية منها ، فحسب
" جاسنسكي " فـ " الرومانتيكية هي من حيث الأساس ردة فعل ضد الإفراط في العقلانية " ، بينما يرى " بارزون " فيها " حركة تغير يتبع حالة ثَبات " ، أما " غورار " فيرى فيها حافزاً أكثر منه قيداً ، بينما يرى " باتر " ، " أنها غَرابة مضافة إلى الجمال ، أو إلغاء للتوازن الكلاسيكي عن طريق عملية تكثيف لاعقلانية "
أما " جندولف " فينفي عن الرومانتيكية أن تكون فيها " نظرة عالمية موحّدة " .
" سنتز بري " يرى بأن" الكلاسيكية تقدم فكرة مباشرة " ، بينما
" الرومانتيكية تتركها لمخيلة القارئ " .
شاعر ألمانيا العظيم " يوهان وولفغانغ فون غوته " يقول : " الكلاسيكي هو العاقل ، والرومانتيكي هو المجنون " .
بينما نجد عند " أ . دبليو شليغل " أن " الرومانتيكي عضوي ومثير للصور والكلاسيكيّ آليّ وتشكيليّ " ، أما " برتولد بريشت " فإنه يصف التفاوت بينهما قائلاً : " التباين بين الشعرين الكلاسيكي والرومانتيكي يصل إلى مستوى الفرق بين شعر الأموات وشعر الأحياء " ، كما يصفها " فريدريش شليغل " بكونها " شعراً شمولياً متقدماً " .
هناك من بحثَ في الرومانتيكية من حيث سِماتها القومية أو العالمية ، ومنهم من رأى فيها ظاهرة متخطية للقومية بسبب وجود ظرف أدبي متخطي للقومية ، وبغض النظر عن الأسباب المتضمَّنة فيه .
هناك صيغٌ خاصة جاهزة للتعامل مع الرومانتيكية ، بحيث يصفها البعض بالغموض واللاواقعية " بيكْهام " وبأنها معارضة للكلاسيكية وللقرن الثامن عشر في احتوائه على نظام محدد من الغيبيات ، والذي تحدّث أيضاً عن وجود رومنطيقية سلبية رافضة للنزعة الآلية الثابتة ، وأخرى إيجابية تقبل بوجود كونٍ عضوي حركي فيها ، ص324 ، فبينما نجد من يصفها بالتحرر السياسي ، نجد هناك أيضاً من يصفها بالرجعية .
في الوقت الذي رأى فيه البعض أن تأثير الكتّاب الأقدمين ، وبخاصة في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا مثل" روسو " ، كان كبيراً على الحركات الرومانتيكية في بلدان عديدة ، رأى البعض الآخر أن الكتاب الرومانتيكيين المعاصرين لم يكن لهم إلا التأثير القليل النسبي في خارج بلادهم إبان الفترة الرومانتيكية .
" ... تأثير " روسو " في ألمانيا كان ذا طبيعة أدبية وتعليمية ، بصورة أولية ، أما تأثيره في إيطاليا وإسبانيا فقد كان سياسياً واجتماعياً على الأغلب " ، ص 330 .
الباحث " بيير " يشير إلى وجود فجوة بين والرومانتيكية الفرنسية من جهة ، والرومانتيكية الألمانية والإنكليزية من جهة أخرى ، ويتحدث عن وجود موجات في الظاهرة الفرنسية تبدأ بموجة ما قبل الرومانتيكية 1760 - 1775 ، لتنتهي بالرمزية ، ص352 .
بينما نجد الآنسة " نيتشي " تصف الطريق المفضي من العقلانية والعاطفية عبر الرومنطيقية إلى الواقعية والطبيعية والرمزية بالطريق المتعرّج ، وإلى تنوع المشهد كثيراً في نهاية رحلة الاستكشاف الأدبية واختلافه عن بدايات تلك الرحلة ، ص331 .
أخيراً نشير إلى نقطة هامة تطرق إليها الباحث
" ويلك " في موضوعة المخيلة الإبداعية ( النظرة إلى الشعر بوصفـه معرفة للواقع العميق ) ، وإلى الطبيعة العضوية ( النظرة إلى العالم ) ، وكذلك إلى نقطة هامة - حسب رأيي الشخصي وكتاباتي حول الموضوع -مطلق - وهي تأكيده على الرمز والأسطورة
( بوصفهما عاملين محددين أولين للأسلوب الشعري ) ، ص324 ، وإلى وصفهما بالملمَحين الرئيسين في مجمل ملامح والرومانتيكية الأوروبية ، ص355 .
كما رأينا أعلاه فإن الرومنتيكية حمّالة أوجه عديدة وتشعبات وإشكالات في المصطلح وفي المضمون والزمان ، وهذا قد ينطبق أيضاً على غيرها ، مما يسمى بالمدارس أو المراحل الأدبية العديدة .
أتابع الآن بحثي في دراستي لهذه المرحلة :
الرّومانتيكية كلمة ذات أصل هولندي ، استُعملت منذ القرن الثامن عشر لتعبر عن تيار أدبي فكري ، يؤكد على الإعجاب بالمشاعر وروح المغامرة ( العاطفية ) .
في الشعر تعني الجميل ، وفي الرسم تعني الباهر الذي يرضي المشاعر ويثيرها ، وهناك مفهوم يتحدث عن " الرّومانتيكية الكلاسيكية " في الفن أيضاً .
هذه المرحلة ، التي تعتبر امتداداً لشعر " هيردَر " وزمن " العصف والدفع " وتقف في تضادٍّ حاد مع مرحلة " التنوير " ، يمكن النظر إليها كامتدادٍ للمرحلة الكلاسيكية ، وإن كانت قد تخلّت نهائياً عن عناصر الشعر القديم التقليدية ألـ" أنتيك " .
الرّومانتيكية تبحث عن وحدة جديدة بين القوى العقلانية واللاعقلانية ، وتطمح إلى توليفة أو تركيبة جديدة لمرحلة " العصف والدفع " و المرحلة " الكلاسيكية " .
من أهم متطلباتها العودة إلى قيَم " هيردَر " الشعرية :
الشعر الشعبي ، التّعمق في الكنوز الفكرية لماضي الشعب الألماني ، البحث في لغة وآداب الشعوب ذات الثقافة ... الخ .
بينما كانت المرحلة " الكلاسيكية " ثابتة في قيمها ، كانت " الرّومانتيكية " حيوية ديناميكية .
الرومانتيكيون المبكرون كانوا أول من أشار إلى أهمية نتاج الشاعر " غوته " الأدبي المتألق الوسيع ،، وحاولوا العمل عليه بجدية و التعمق فيه ، ولكن من خلال التخلي عن الموروث القديم والشّكلانية في أدبه ، وبعامة عن كل ما وصل من المرحلة الكلاسيكية ، وأتى إليهم بذلك شعور ذاتيٌّ وروح جديدةٌ في الحركة الصاعدة هذه .
في هذه المرحلة من النتاج الأدبي ، وبخلاف ما سبقها من مراحل نجد انطلاقاً للقوى الغامضة اللاعقلانية ، والتأكيد على المشاعر والمزاجية وطغيان الخيال الجامح " فانتازيا – Phantasie " الذي لا يعرف الهدوء والاستقرار وإطلاق العنان له بعفوية وحرية ، ولمشاعر النفس والقلب ، والاتجاه نحو التَّجوال في الطبيعة والعودة إليها ، بعد أن تم التخلص من طرائق العيش القديمة بأشكالها الثابتة المُملّة ، ولكن مع الحفاظ على منظومة القِيم الموروثة حول بنية العالم الفكرية .
هذا ما فهمته ونقلته عن أفكار الباحث " فيلهلم لِندِن – W.Linden " ، حول هذا الموضوع .
أما الفيلسوف " فريدريش شليغل – F. Schlegel " ( 1772 – 1829 ) فهو الذي أسّـس مفهوم " الرومنطيقية الشعرية " . كتب الرواية كما كتب عام 1808 عملاً هاماً " اللغة والحكمة الهندية " . أهم أعماله الفلسفية : الكتاب الصادر عام 1828 " فلسفة الحياة " وعام 1829 " فلسفة التاريخ " عام 1830 " فلسفة اللغة " وكتب كتباً عديدة أخرى ،منها ما أصدره مع أخيه " أوغوست فيلهيلم شليغل" .
درسَ عنده في جامعة بون الشاعر هاينريش هاينه ، الذي كان قد درس أيضاً عند هيغل – Hegel في برلين قبل ذلك .
أما أخوه" أوغوست فيلهيلم غريم " - الناقد والمترجم - فقد اشتُهر بترجمته لأعمال " شكسبير " بخاصة .
وكانا على اتفاق مع الشاعر " نوفالِس – Novalis " من حيث التأكيد على أن الرومنطيقية المبكّرة قد استندت في معطياتها النظرية على أبحاث الفيلسوف " فيشْتِه – Fichte ".
لم تكن هذه المدرسة على خلاف جذريٍّ ، من حيث الجوهر ، مع مدرسة الرومنطيقية المبكرة ، وإن اختلفت معها في أمور أخرى ، لن أفصّل فيها .
أما ما يسمى بالرومنطيقية المتأخرة ، التي يطلق عليها أيضاً اسم جماعة " هايدلبيرغ – Heidelberg " – نسبة إلى المدينة هذه ذات الجامعة العريقة - ، فإن أفضل من يمثلها ، الشاعران " آخيم فون آرنيم – A.v.Arnim " ( 1781 - 1831 ) و " كْليمِنْس برينتانو – K.Brentano " ( 1778 – 1842 ) .
التقى هذان الشاعران الصديقان في مدينة " هايدلبيرغ " وكان همُّهما الشعري يتجلى في إحياء الروح الألمانية ، ومن خلال فهم عميق للدين وللتراث الألماني القديم والاهتمام باللغة، وإحياء حبّ الوطن .
أصدر الشاعران معاً ، ما بين 1806 – 1808 مجموعة من الأناشيد الشعرية حمَلت عنوان : " الصبي والبوق العجيب " المهداة إلى الشاعر الكبير " غوتِه " الذي أثنى كثيراً على هذا العمل .
وأصدرا مجلة أدبية عام ، 1806 سُميت لاحقاً بـ " كتب هايدلبيرغ السنوية "، وكانا على صلة حميمة وصداقة مع الإخوة
" غريم " .
لم يكن " آرنيم " هو الأكثر شاعرية ، وإنما صديقه الشاعر
" برينتانو " الذي يعتبر من أهم شعراء الرومنطيقية المتأخرة ، بل والرومنطيقية بشكل عام ، ومن أكثرهم موهبة وأهمية ، وكان والده تاجراً إيطالياً .
كتب " آرنيم " الروايات العديدة مثل الرواية الضخمة الموسومة بـ " حراس التيجان " ، الجزء الأول عام 1817 ، والجزء الثاني عام 1854 وهي محشودة بالأحداث التي أثقَلت المادة الأصل في الرواية .
كتب أيضاً أعمالاً درامية للمسرح ، فقدَت أهميتها وصارت منسية اليوم . أقام في أعوامه الأخيرة في مزرعته الضخمة في منطقة
" المارك " وقام " وليم غريم " بعد وفاته مع أرملته " بتِّينا " بإصدار أعماله .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى