- محمدمشرف مرسى الرياضة
- البلد :
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205003
تاريخ التسجيل : 10/12/2009
صھيب بن سنان
11/02/14, 07:58 pm
ولد في أحضان النعيم. فقد كان أبوه حاكم الأبلّة ووليا عليھا لكسرى. وكان من العرب الذين نزحوا إلى العراق قبل الإسلام بعھد طويل، وفي قصره القائم على شاطئ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل، عاش الطفل ناعما سعيدا.
وذات يوم تعرضت البلاد لھجوم الروم. وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام " صھيب بن سنان"
ويقتنصه تجار الرقيق، وينتھي طوافه إلى مكة، حيث بيع لعبد االله بن جدعان، بعد أن قضى طفولته وشبابه في بلاد الروم، حتى أخذ لسانھم ولھجتھم.
ويعجب سيده بذكائه ونشاطه وإخلاصه، فيعتقه ويحرره، ويھيء له فرصة الاتجار معه. وذات يوم. ولندع صديقه عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم: "لقيت صھيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول االله صلى الله عليه وسلم فيھا. فقلت له: ماذا تريد..؟
فأجابني وما تريد أنت..؟
قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول.
قال: وأنا اريد ذلك.
فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا. ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا. ثم خرجنا ونحن مستخفيان".!! عرف صھيب طريقه إذاً إلى دار الأرقم. عرف طريقه إلى الھدى والنور، وأيضا إلى التضحية الشاقة والفداء العظيم. فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجھا لم يكن يعني مجرّد تخطي عتبة. بل كان يعني تخطي حدود عالم بأسره. عالم قديم بكل ما يمثله من دين وخلق، ونظام وحياة. وتخطي عتبة دار الأرقم، التي لم يكن عرضھا ليزيد عن قدم واحدة كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضمّ من الأھوال، واسع، وعريض. واقتحام تلك العتبة، كان ايذانا بعھد زاخر بالمسؤليات الجسام. وبالنسبة للفقراء، والغرباء، والرقيق، كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر. وأن صاحبنا صھيبا لرجل غريب. وصديقه الذي لقيه على باب الدار، عمّار بن ياسر رجل فقير. فما بالھما يستقبلان الھول ويشمّران سواعدھما لملاقاته..؟؟
إنه نداء الإيمان الذي لا يقاوم. وإنھا شمائل محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يملؤ عبيرھا أفئدة الأبرار ھدى وحبا. وانھا روعة الجديد المشرق. تبھر عقولا سئمت عفونة القديم، وضلاله وافلاسه. وإنھا قبل ھذا كله رحمة الله يصيب بھا من يشاء. وھداه يھدي إليه من ينيب.
أخذ صھيب مكانه في قافلة المؤمنين. وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطھدين والمعذبين. ومكانا عاليا كذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين. وإنه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤولياته كمسلم بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسار تحت راية الإسلام فيقول: " لم يشھد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشھدا قط إلا كنت حاضره. ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرھا. ولا سير سرية قط. إلا كنت حاضرھا. ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، الا كنت فيھا عن يمينه أو شماله. وما خاف المسلمون أمامھم قط، إلا كنت أمامھم. ولا خافوا وراءھم إلا كنت وراءھم. وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه"..!!
ھذه صورة باھرة، لإيمان فذ وولاء عظيم. ولقد كان صھيببا رضي الله عنه وعن إخوانه أجمعين، أھلا لھذا الإيمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله، ووضع يمينه في يمين الرسول. يومئذ أخذت علاقاته بالناس، وبالدنيا، بل وبنفسه، طابعا جديدا. يومئذ. امتشق نفسا صلبة، زاھدة متفانية. وراح يستقبل بھا الأحداث فيطوّعھا. والأھوال فيروّعھا. ولقد مضى يواجه تبعاته في اقدام وجسور. فلا يتخلف عن مشھد ولا عن خطر. منصرفا ولعه وشغفه
عن الغنائم إلى المغارم. وعن شھوة الحياة، إلى عشق الخطر وحب الموت. ولقد افتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم ھجرته، ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذھبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاھا في مكة. تخلى عن كل ھذه الثروة وھي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالھا تردد ولا نكوص.
فعندما ھمّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالھجرة، علم صھيب بھا، وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة، ھم الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وصھيب. بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرھم لمنع ھجرة الرسول.
ووقع صھيب في بعض فخاخھم، فعوّق عن الھجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد اتخذا سبيلھما على بركة الله. وحاور صھيب وداور، حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظھر ناقته، وانطلق بھا الصحراء
وثبا. بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتھا فأدركوه. ولم يكد صھيب يراھم ويواجھھم من قريب حتى صاح
فيھم قائلا: يا معشر قريش. لقد علمتم أني من أرماكم رجلا. وأيم والله لا تصلون إليّ حتى أرمي كبل سھم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم. وان شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشاني".. ولقد استاموا لأنفسھم، وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له: "أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك..؟؟" فدلھم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وتركوه وشأنه، وقفلوا إلى مكة راجعين.
والعجب أنھم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيّنة. بل ولم يستحلفوه على صدقه !! وھذا موقف يضفي على صھيب كثيرا من العظمة يستحقھا كونه صادق وأمين. واستأنف صھيب ھجرته وحيدا سعيدا، حتى أردك الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء. كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحوله بعض أصحابه حين أھل عليھم صھيب ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متھلالا:" ربح البيع أبا يحيى..!! ربح البيع أبا يحيى..!!
وآنئذ نزلت الآية الكريمة: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، والله رؤوف بالعباد"
أجل لقد اشترى صھيب نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكل ثروته التي أنفق شبابه في جمعھا، ولم يحس قط أنه المغبون. فما المال، وما الذھب وما الدنيا كلھا، إذا بقي له إيمانه، وإذا بقيت لضميره سيادته. ولمصيره ارادته..؟؟
كان الرسول يحبه كثيرا. وكان صھيب إلى جانب ورعه وتقواه، خفيف الروح، حاضر النكتة. رآه الرسول يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ضاحكا:" أتأكل الرطب وفي عينيك رمد"..؟
فأجاب قائلا:" وأي بأس..؟ اني آكله بعيني الآخرى"..!!
وكان جوّادا معطاء.. ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، يعين محتاجا. يغيث مكروبا.." ويطعم
الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا". حتى لقد أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر فقال له: أراك تطعم كثيرا حتى انك لتسرف..؟ فأجابه صھيب لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"خياركم من أطعم الطعام".
ولئن كانت حياة صھيب مترعة بالمزايا والعظائم، فان اختيار عمر بن الخطاب إياه ليؤم المسلمين في
الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة. فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وھو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر.
وعندما أحس نھاية الأجل، فراح يلقي على أصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال:" وليصلّ بالناس صھيب"..
لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل اليھم أمر الخليفة الجديد. وخليفة المسلمين ھو الذي يؤمھم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، من يؤم المسلمين في الصلاة..؟
ان عمر وخاصة في تلك الللحظات التي تأخذ فيھا روحه الطاھرة طريقھا إلى الله ليستأني ألف مرة قبل
أن يختار. فإذا اختار، فلا أحد ھناك أوفر حظا ممن يقع عليه الاختيار. ولقد اختار عمر صھيبا. اختاره ليكون امام المسلمين في الصلاة حتى ينھض الخليفة الجديد. بأعباء مھمته. اختاره وھو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان ھذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صھيب بن سنان..
وذات يوم تعرضت البلاد لھجوم الروم. وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام " صھيب بن سنان"
ويقتنصه تجار الرقيق، وينتھي طوافه إلى مكة، حيث بيع لعبد االله بن جدعان، بعد أن قضى طفولته وشبابه في بلاد الروم، حتى أخذ لسانھم ولھجتھم.
ويعجب سيده بذكائه ونشاطه وإخلاصه، فيعتقه ويحرره، ويھيء له فرصة الاتجار معه. وذات يوم. ولندع صديقه عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم: "لقيت صھيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول االله صلى الله عليه وسلم فيھا. فقلت له: ماذا تريد..؟
فأجابني وما تريد أنت..؟
قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول.
قال: وأنا اريد ذلك.
فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الإسلام فأسلمنا. ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا. ثم خرجنا ونحن مستخفيان".!! عرف صھيب طريقه إذاً إلى دار الأرقم. عرف طريقه إلى الھدى والنور، وأيضا إلى التضحية الشاقة والفداء العظيم. فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجھا لم يكن يعني مجرّد تخطي عتبة. بل كان يعني تخطي حدود عالم بأسره. عالم قديم بكل ما يمثله من دين وخلق، ونظام وحياة. وتخطي عتبة دار الأرقم، التي لم يكن عرضھا ليزيد عن قدم واحدة كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضمّ من الأھوال، واسع، وعريض. واقتحام تلك العتبة، كان ايذانا بعھد زاخر بالمسؤليات الجسام. وبالنسبة للفقراء، والغرباء، والرقيق، كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر. وأن صاحبنا صھيبا لرجل غريب. وصديقه الذي لقيه على باب الدار، عمّار بن ياسر رجل فقير. فما بالھما يستقبلان الھول ويشمّران سواعدھما لملاقاته..؟؟
إنه نداء الإيمان الذي لا يقاوم. وإنھا شمائل محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يملؤ عبيرھا أفئدة الأبرار ھدى وحبا. وانھا روعة الجديد المشرق. تبھر عقولا سئمت عفونة القديم، وضلاله وافلاسه. وإنھا قبل ھذا كله رحمة الله يصيب بھا من يشاء. وھداه يھدي إليه من ينيب.
أخذ صھيب مكانه في قافلة المؤمنين. وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطھدين والمعذبين. ومكانا عاليا كذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين. وإنه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤولياته كمسلم بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسار تحت راية الإسلام فيقول: " لم يشھد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشھدا قط إلا كنت حاضره. ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرھا. ولا سير سرية قط. إلا كنت حاضرھا. ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، الا كنت فيھا عن يمينه أو شماله. وما خاف المسلمون أمامھم قط، إلا كنت أمامھم. ولا خافوا وراءھم إلا كنت وراءھم. وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه"..!!
ھذه صورة باھرة، لإيمان فذ وولاء عظيم. ولقد كان صھيببا رضي الله عنه وعن إخوانه أجمعين، أھلا لھذا الإيمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله، ووضع يمينه في يمين الرسول. يومئذ أخذت علاقاته بالناس، وبالدنيا، بل وبنفسه، طابعا جديدا. يومئذ. امتشق نفسا صلبة، زاھدة متفانية. وراح يستقبل بھا الأحداث فيطوّعھا. والأھوال فيروّعھا. ولقد مضى يواجه تبعاته في اقدام وجسور. فلا يتخلف عن مشھد ولا عن خطر. منصرفا ولعه وشغفه
عن الغنائم إلى المغارم. وعن شھوة الحياة، إلى عشق الخطر وحب الموت. ولقد افتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم ھجرته، ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذھبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاھا في مكة. تخلى عن كل ھذه الثروة وھي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالھا تردد ولا نكوص.
فعندما ھمّ الرسول صلى الله عليه وسلم بالھجرة، علم صھيب بھا، وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة، ھم الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وصھيب. بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرھم لمنع ھجرة الرسول.
ووقع صھيب في بعض فخاخھم، فعوّق عن الھجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد اتخذا سبيلھما على بركة الله. وحاور صھيب وداور، حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظھر ناقته، وانطلق بھا الصحراء
وثبا. بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتھا فأدركوه. ولم يكد صھيب يراھم ويواجھھم من قريب حتى صاح
فيھم قائلا: يا معشر قريش. لقد علمتم أني من أرماكم رجلا. وأيم والله لا تصلون إليّ حتى أرمي كبل سھم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا إن شئتم. وان شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشاني".. ولقد استاموا لأنفسھم، وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له: "أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك..؟؟" فدلھم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وتركوه وشأنه، وقفلوا إلى مكة راجعين.
والعجب أنھم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيّنة. بل ولم يستحلفوه على صدقه !! وھذا موقف يضفي على صھيب كثيرا من العظمة يستحقھا كونه صادق وأمين. واستأنف صھيب ھجرته وحيدا سعيدا، حتى أردك الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء. كان الرسول صلى الله عليه وسلم جالسا وحوله بعض أصحابه حين أھل عليھم صھيب ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متھلالا:" ربح البيع أبا يحيى..!! ربح البيع أبا يحيى..!!
وآنئذ نزلت الآية الكريمة: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله ، والله رؤوف بالعباد"
أجل لقد اشترى صھيب نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكل ثروته التي أنفق شبابه في جمعھا، ولم يحس قط أنه المغبون. فما المال، وما الذھب وما الدنيا كلھا، إذا بقي له إيمانه، وإذا بقيت لضميره سيادته. ولمصيره ارادته..؟؟
كان الرسول يحبه كثيرا. وكان صھيب إلى جانب ورعه وتقواه، خفيف الروح، حاضر النكتة. رآه الرسول يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم ضاحكا:" أتأكل الرطب وفي عينيك رمد"..؟
فأجاب قائلا:" وأي بأس..؟ اني آكله بعيني الآخرى"..!!
وكان جوّادا معطاء.. ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، يعين محتاجا. يغيث مكروبا.." ويطعم
الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا". حتى لقد أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر فقال له: أراك تطعم كثيرا حتى انك لتسرف..؟ فأجابه صھيب لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :"خياركم من أطعم الطعام".
ولئن كانت حياة صھيب مترعة بالمزايا والعظائم، فان اختيار عمر بن الخطاب إياه ليؤم المسلمين في
الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة. فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وھو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر.
وعندما أحس نھاية الأجل، فراح يلقي على أصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال:" وليصلّ بالناس صھيب"..
لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل اليھم أمر الخليفة الجديد. وخليفة المسلمين ھو الذي يؤمھم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، من يؤم المسلمين في الصلاة..؟
ان عمر وخاصة في تلك الللحظات التي تأخذ فيھا روحه الطاھرة طريقھا إلى الله ليستأني ألف مرة قبل
أن يختار. فإذا اختار، فلا أحد ھناك أوفر حظا ممن يقع عليه الاختيار. ولقد اختار عمر صھيبا. اختاره ليكون امام المسلمين في الصلاة حتى ينھض الخليفة الجديد. بأعباء مھمته. اختاره وھو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان ھذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صھيب بن سنان..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى