- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
محاضرات في الدلالة
25/10/11, 08:25 pm
المدرسة العليا للأساتذة
في الآداب و العلوم الإنسانية
بوزريعة
قسم اللغة العربية وآدابها
محاضرات وتطبيقات علم الدلالة
السنة الثانية
إعداد : الدكتور أحمد شامية
الأستاذة نبيلة عباس
أبنائي الطلبة الأساتذة
السلام عليكم ورحمة الله
هذه محاضرات في علم الدلالة حسب المقرر لهذا المقياس ،للسنة الثانية بالمدرسة العليا للأساتذة .حاولنا جاهدين الاقتصار على ما هو ضروري ومفيد وبأسلوب مبسط نظرا لطبيعة التكوين عن بعد.
وقد بذلنا أقصى جهد لتصحيح الأخطاء المطبعية أو التي كانت نتيجة السهو،ومع ذلك فربما فاتنا تصحيح بعض الأخطاء رغم التدقيق ، نعتذر لكم لذلك .
ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا اعتمدنا عددا من المراجع والمصادر، وكان لبعضها النصيب الأوفر مثل كتاب علم الدلالة للدكتور أحمد مختار عمر ،نظرا لكون البرنامج قد وضع اعتمادا على فهرس هذا الكتاب أصلا ، وإذا كنا لا نشير دائما إلى المرجع حتى لا نثقل المحاضرة ( لأن طبيعة المحاضرة تختلف عن طبيعة تأليف الكتاب ) ، وكذلك كتاب (دلالة الألفاظ) للدكتور إبراهيم أنيس .وكان ذلك أيضا بالنسبة لكتابي الدكتور حلمي خليل حول المولد والمعاجم .
وننصحكم بالرجوع إلى هذه الكتب بالإضافة إلى المراجع الأخرى المذكورة في قائمة المصادر والمراجع.
نتمنى لكم التوفيق.
أوليات
المحاضرة الأولى: تقديم البرنامج و قائمة المصادر و المراجع
1- تمهيد عام للمادة و يشمل:
- تقديم حول اللغة و حياة الإنسان
- كيف بدأت اللغة - حاجة الإنسان إلى اللغة - و العلاقة بين اللغة و التفكير و الحضارة و العمران (العلم، الأدب، الازدهار و التقدم).
المحاضرة الثانية: إشارة سريعة إلى (فرضيات) نشأة اللغة الإنسانية.
2- علم الدلالة - تعريف عام - من المعاجم اللغوية و المختصة - وآراء الباحثين - الدلالة
و المعنى.
الدال و المدلول و العلاقة بينهما - أنواع الدلالة.
3- البنية اللغوية - مستويات هذه البنية و علاقة ذلك بالدلالة.
أنواع الدلالات: الصوتية، الصرفية، النحوية، البلاغية و الأسلوبية، الدلالة الاجتماعية.
تفصيل:
تعريف علم الدلالة ( لغة): اسم مصدر من دلّ، يدل، دلالة (بالفتح و الكسر) = الجمع دلائل
و دلالات يراجع في ذلك معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا – مج/2
و الدلالة في الاصطلاح : كيفية دلالة اللفظ على المعنى ( يراجع كتاب التعريفات للشريف الجرجاني).
مفردات مقياس علم الدلالة.
أولا : علم الدلالة
- مدخل إلى دراسة الدلالة: [ مفهومه، موضوعه، غاياته، أنواعه]
- علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة : [ الدلالة و الأصوات، الدلالة و الصرف، الدلالة و النحو، الدلالة و المعجم].
- علاقة علم الدلالة بالعلوم الأخرى :[ الدلالة و التعبيرات الاصطلاحية، الدلالة و الفلسفة، الدلالة و علم النفس، الدلالة و علوم الاتصال، الدلالة و علم العلامات].
ثانيا : نشأة علم الدلالة وتطوره
- عند القدماء : [الدرس الدلالي عند اليونان، الهنود، العرب]
- عند المحدثين : [الدرس الدلالي عند الغربيين، الأمريكيين، العرب]
ثالثا : أنواع المعنى :
- [ المعنى الأساسي، المعنى الإضافي، المعنى الأسلوبي، المعنى النفسي، المعنى الإيحائي]
رابعا : مناهج دراسة المعنى
- نظرية السياق : [ السياق اللغوي، السياق العاطفي، سياق الموقف، السياق الثقافي]
- نظرية الحقول الدلالية
- النظرية التحليلية.
خامسا : التغييرات الدلالية :
[ أسبابها، أشكالها، مجالاتها، العلاقات الدلالية { الترادف، الاشتراك، التضاد}]
الوحدة الدلالية.
2. قائمة بعدد من المراجع
إبراهيم أنيس
- دلالة الألفاظ
- اللهجات
- الأصوات اللغوية
إبراهيم بن مراد : دراسات في المعجم العربي
ابن سيدة : المخصص
ابن جني : الخصائص
أبوهلال العسكري : الفروق في اللغة
ابن قتيبة : تأويل مشكل القران
أمين فاخر : دراسات في المعجم العربي
أحمد مختار عمر: علم الدلالة
توفيق شاهين: علم اللغة العام
تمام حسن: اللغة العربية معناها و مبناها
حسين نصار: المعجم العربي نشأته و تطوره
حلمي خليل: دراسات لغوية معجمية
الرازي أحمد بن حمدان: كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية
ستيفان أولمان : دور الكلمة في اللغة
شاكر سالم: مدخل إلى علم الدلالة
صلاح رواي: المدارس المعجمية العربية
عبد الله درويش: المعاجم العربية
فايز الداية: - علم الدلالة العربي
- الجوانب الدلالية في نقد الشعر
محمد حسن عبد العزيز: مدخل إلى علم اللغة
محمود فهمي حجازي: علم المصطلح
المعاجم
ابن منظور: لسان العرب
الجرجاني السيد الشريف: التعريفات
الجوهري: الصحاح
الشيباني أبو عمرو: كتاب الجيم
الفراهيدي الخليل بن أحمد: كتاب العين
الفيروز أبادي: القاموس المحيط
مجمع اللغة العربية بالقاهرة: - المعجم الكبير
- المعجم الوسيط
- المعجم الوجيز
هانس دير: معجم العربية المعاصرة : عربي / انجليزي
كتب مترجمة
تشو مسكي : البنى التركيبية
مظاهر النظرية التركيبية
دوسوسير: دروس في اللسانيات العامة
مارتينيه: مبادئ اللسانيات العامة
مقالات
عدنان الخطيب: المعجم العربي بين الماضي و الحاضر. مجلة مجمع دمشق ج/2، مج/4 ص 194
أحمد شامية: مستويات الدلالة و المعنى مجلة المبرز العدد8 المدرسة العليا للأساتذة.
من المراجع الأجنبية:
- Bloomfield – language
- J.R Searle : meaning and speech acts
- S. Ullmonn: meaning and style
- R. Bartles: Elements of semiology
- Ogden and Richards: the meaning of meaning
مقدمة عامة
لابد قبل الحديث عن الدلالة من الحديث عن اللغة، لاسيما أن الدلالة اللغوية هي الأهم و الأوسع و الأكثر تعقيدا و أنها هي الموضوع الأساسي في علم الدلالة بالإضافة إلى الإشارة إلى أنواع الدلالات الأخرى.
و يمكن القول بإيجاز أن اللغة هي الإنسان أو أن اللغة أهم خصائص الإنسان التي تميزه عن غيره من المخلوقات الحية ،و تجعل له هذه المكانة و المهمة التي خلق لها (الخلافة في الأرض) حتى أننا يمكن أن نعرّف الإنسان بأنه حيوان ذو لغة، و إن كان الإنسان قد تميز بعقله و تفكيره و قابليته للتطور و الرقي
و التقدم في الحضارة و العمران، فان ذلك كان بفضل هذه المزية المعجزة ( مزية اللغة) فالله تعالىـ كما جاء في كتابه الكريم ـ " خلق الإنسان، علمه البيان "، " و علم آدم الأسماء كلها"
و بغض النظر الآن عن كيفية نشأة اللغة الإنسانية حسب الفرضيات المشهورة فإننا يمكن أن نؤكد أن هذه اللغة للإنسان هي من الضرورات الحيوية التي ما كان للإنسان أن يستطيع الاستمرار و التطور بدونها، و تأتي ترتيبا بعد الهواء و الماء و الغذاء و ذلك نظرا لإمكانيات الإنسان الجسدية الضعيفة التي ما كان قادرا بها لولا اللغة و التفكير و هما مرتبطان، ما كان قادرا على مواجهة قوى الطبيعة الطبيعية
و الحيوانية و بالتالي ما كان قادرا على الاستمرار و لكنها حكمة الله و إرادته بأن تستمر الحياة إلى حيث قدّر سبحانه و تعالى لها.
و ليست اللغة في الواقع ـ و أهم غاياتها تأمين التواصل و الاتصال ـ ليست الا علاقة بين صورة صوتية
( ألفاظ ) وصورة مفهومية ( معان ) يتم الربط بينهما ذهنيا، فسواء نشأت اللغة ابتداء في صورتها المكتملة أو كانت قفزة نوعية في طرائق الاستدلال و التواصل فهي تعتمد على ربط العلاقة بين الدال
و المدلول.
و من هنا كان الاهتمام بالدلالة، و علم الدلالة غاية عند الأصوليين و المناطقة و اللغويين (طبعا) و علماء النفس.........
و كان لهذا العلم علاقة بكل هذه العلوم (الإنسانية) بل إن للدلالة علاقة بكل أنواع المعرفة و في شتى مجالات الحياة.
حصة تطبيقية حول تعريف علم الدلالة la sémantique
يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح : " اللسان في حد ذاته نظام من الأدلة المتواضع عليها ، فاللسان على هذا الاعتبار ليس مجموعة من الألفاظ يعثر عليها المتكلم في القواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها في حافظته ، كما أنه ليس أيضا مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ ، بل هو نظام من الوحدات يتواصل بعضها ببعض على شكل عجيب وتتقابل فيها بناها في المستوى الواحد التقابل الذي لولاه لما كانت هناك دلالة ".
المطلوب : حلل النص محددا منه تعريف علم الدلالة ووحدته .
التحليل :
ـ نظام :أي مجموعة من العناصر اللغوية التي ترتبط بعضها مع بعض وفق علاقات معينة
ـ يتواصل : أي وجود تلك العلاقات المبنية على أساس الاتفاق والاختلاف ،
تهتم اللسانيات بنظام دلالي خاص ، هو النظام اللغوي ووحداته هي الأدلة اللغوية ، جمع الدليل اللغوي ، ويدرسها علم الدلالة (la sémantique ) الذي هو فرع من اللسانيات .لكن تتنوع الأدلة في المجتمع إذ نجد الأدلة اللغوية وغير اللغوية حيث تنتظم كلها في نظم دلالية خاصة . والعلم الذي يهتم بها جميعا هو علم الدلالات أو ما يعرف بالسميولوجيا ( la sémiologie ) واللسانيات فرع منه .
ان كلمة دليل تعني عموما أن العنصر ( أ ) يدل على العنصر ( ب ) لكن نميز هنا بين الدليل والمؤشر والرمز ونميز بينها بوجود النية في التبليغ وعدم وجودها .
فنمثل للمؤشر ب : ـ أعراض المرض كضعف الجسم الذي يمكن أن يدل على نقص في التغذية
ـ الدخان الذي يدل على اشتعال النار
فهي مؤشرات طبيعية تدل على معان معينة دون أن تكون هناك نية للتبليغ
الدليل :نمثل له ب : ـ الراية الحمراء التي تدل على منع السباحة
ـ أرقام الهاتف
ـ قوانين المرور
الرمز : نمثل له ب : ـ الميزان الذي يدل على مفهوم العدل. يشترك الدليل والرمز في كونهما يحملان نية للتبليغ ، لكنهما يختلفان في نوعية العلاقة التي تربط بين العنصرين (أ ) و ( ب ) فالرمز مرتبط كثيرا بشكله ، واختياره ليس عشوائيا ولا اعتباطيا بل وفق ما يحمله ذلك الشكل من معنى .
أما الأدلة فتمت بالاتفاق والتواضع والاصطلاح بين الناس لتحقيق غرض التبليغ ، والعلاقة التي تربط العنصرين ( أ) و( ب) ، كمكونات الدليل في هذه الحالة ، علاقة غير حتمية ، عشوائية ،اعتباطية ناتجة عن الاتفاق و التواضع والاصطلاح فلا توجد بين كلمة (جهاز) ومعناه أية علاقة طبيعية كما لا توجد أية علاقة طبيعية بين اللون الأحمر والأمر بالوقوف في إشارات المرور .
فنقول إذن إن علم الدلالة يدرس المعاني اللغوية وعلاقة الألفاظ بمعانيها .
ووحدته هي الدليل اللغوي وهو أصوات يستعملها الإنسان للإبانة عن المفاهيم والأشياء.
ملاحظة : لتوضيح أكثر ارجع إلى كتاب خولة طالب الابراهيمي ، مبادئ في اللسانيات ،دار القصبة للنشر
المحاضرة رقم 2
علم الدلالة
تعريف علم الدلالة: العلم هو دراسة ظاهرة معينة و الوقوف على ماهيتها و جزئياتها و ما يتعلق بها دراسة موضوعية، و الدلالة (بالتعريف) قد يختلف تعريفها بين الباحثين و لنأخذ مثالا لتعريفها من كتاب التعريفات للجرجاني السيد الشريف حيث قال: الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و الأول هو الدال و الثاني هو المدلول . و هي إما دلالة مطابقة أو دلالة تضمن أو دلالة التزام وكل ذلك يدخل في الدلالة الوضعية لأن اللفظ الدال بالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة و على جزئه بالتضمن و على ما يلزمه في الذهن بالالتزام، كالإنسان فانه يدل على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة،
و على جزئه بالتضمن و على قابل العلم بالالتزام (انظر كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد- الدار التونسية للنشر 1971 ص 55-56)
و في القاموس المحيط دلّه عليه دلالة ( و يثلث) و دلولة فاندل: سدده إليه...........(الفيروز أبادي- القاموس المحيط- دار العلم للجميع- بيروت ج/3 ص 377)
إن الحديث عن الدلالة الوضعية هنا يدفعنا إلى الحديث عن نوعي الدلالة أو الدال و هما الدال اللغوي
و الدال غير اللغوي.
و في الدراسات اللسانية الحديثة تقسيم لأنواع (الدليل) الذي ينتج عن ارتباط الدال بالمدلول ارتباطا ذهنيا . دليل
دال مدلول
فالدال اللغوي (اللفظ/ الكلمة/ الوحدة الدالة) في رأي الباحثين بغض النظر عن بعض الاستثناءات هو دال وضعي اعتباطي أي أن علاقته بالمدلول علاقة عرفية تواضعية (و ستأتي على تفصيل ذلك على حينه)
أما التقسيم فيبينه الشكل البياني التالي:
الدليل
موضوع غير موضوع
لغوي غير لغوي طبيعي عقلي
(اعتباطي دائما) (الغيم يدل على المطر) (الأب اكبر من الابن)
اعتباطي غير اعتباطي
(أرقام الهاتف) (الميزان يدل على العدالة)
هذا و قد أشار الزمخشري في كتابه (المفصل) إلى هذه الاعتباطية (الوضع) عندما عرف الكلمة بقوله: (الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع).
و بالعودة إلى (الدلالة) في اللسانيات الحديثة (البنوية) فعند سوسور هناك دال (لفظ) و هناك مدلول (معنى) أو مفهوم و الدال و المدلول وجهان لورقة واحدة و لا يمكن الفصل بينهما/ و إن تحليل الدال يؤدي إلى تحليل المدلول (ينظر: سوسور، دروس في الألسنية العامة- ترجمة صالح القرمادي و محمد الشاوش و محمد عجينة، ص 174).
و للتأكيد على أن الدلالة تتم من الارتباط الذهني بين الدال و المدلول فقد أوضح تلاميذ سوسور هذه العلاقة من خلال ما يعرف بمربع سوسور للدلالة حسب الشكل التالي :
مربع سوسور للدلالة
صورة حسية للدال صورة حسية للمدلول
(لفظ) (الشيء في الواقع)
صورة ذهنية صورة ذهنية للمدلول
للدال
الدلالة
لأن سوسور يبدو أنه حصر عناصر الدلالة في الدال و المدلول ،و أهمل الموضوع وهو الشيء
أو المرجع الذي تحيل اليه العلاقة الدلالية ،و هو في ذلك يلتقي – في هذه الثنائية – مع ابن سينا الذي حصرها بين اسم (مسموع) و معنى، في حين يرى (بيرس) أن العلاقة ثلاثية: الصورة (الدال) و المفسرة (المدلول) و الموضوع، و هو ما تحيل إليه العلامة، أي الشيء.
أما الغزالي فيرى أن الأشياء لها أربعة مراتب عندما قال " ان للشيء وجودا في الأعيان ثم في الأذهان ثم في اللفظ ثم في الكتابة، فالكتابة دالة على اللفظ ، و اللفظ دال على المعنى الذي هو في النفس ،و الذي في النفس هو مثال الموجود في الأعيان.
(عن مجلة تجليات الحداثة، معهد اللغة العربية العدد/2، 1993 ص 34).
صورة لهذا لفظ كلمة [ شجرة (كتابة)]
الشكل في الذهن (شجرة باللسان)
شجرة في الحقل
مفهوم علم الدلالة و موضوعه:
للحديث عن علم الدلالة (sémantique) و موضوعه أو لتوضيح ذلك ، لابد من تحديد علاقة علم الدلالة بعلم اللغة وذلك باعتبارين الأول: أن يكون علم الدلالة فرعا من فروع علم اللغة (اللسانيات) ، و الثاني أن يكون علم اللغة (الدلالة اللغوية على الخصوص) فرعا من علم الدلالة أو علم العلامات الذي يطلق عليه مصطلح (العلامية) أيضا. فموضوع العلامية (العلامات و الإشارات و الأدلة بمفهومها الواسع لغوية كانت أم غير لغوية و هذا ما ذهب اليه اللساني السويسري (سوسور).
و اذا بدأنا بالاعتبار الأول (كون علم الدلالة فرعا من اللسانيات( لابد من العودة إلى مستويات البنية اللغوية و هي على الشكل التالي: ( للملاحظة ) هناك من لا يدخل المستوى البلاغي والمستوى الدلالي في هذه المستويات ).
المستوى البلاغي / علام البلاغة و الأسلوب
المستوى الدلالي
المستوى النحوي / علم النحو و التراكيب
المستوى الصرفي / علم الصرف
المستوى الصوتي / علم الأصوات علم الدلالة
و هنا نلاحظ أن المستوى الدلالي في هذا البناء هو مستوى يتقاطع مع جميع المستويات الأخرى ،لأن الدلالة حاضرة و ناتجة عن تفاعل كل هذه المستويات، حتى المستوى الصوتي الذي يقال أنه مستوى الوحدات غير الدالة . وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذا التقسيم هو تقسيم نظري افتراضي، فاللغة تعمل لأداء مهمتها وفق نظام اللغة الذي يندمج فيه كل هذه الأنظمة. فعلى مستوى العمل و الأداء ليس هناك مستويات منفصلة ،و إنما التقسيم إلى هذه المستويات لضرورة البحث و التحليل و الدراسة اللغوية. فالمتكلم الذي يتكلم وفق نظام اللغة (اللسان) لا علاقة له بهذه المستويات التي لها أنظمة خاصة بها.
- على أية حال يبدو لنا في هذا التحليل أن علم الدلالة الذي يبحث في أحد تلك المستويات هو فرع من علم اللغة أو اللسان.
- أما بالاعتبار الثاني فيظهر لنا في المستوى الأدائي أن علم اللغة (الدلالة اللغوية) هو أهم عناصر علم العلامات ، إلى جانب عناصر دلالية أخرى غير لغوية، و أن العناصر اللغوية هي المعوّل عليها في الاتصال الذي يقوم أساسا على فهم العلاقة بين الدال و المدلول . بل أن اللغة حاضرة دائما في كل فروع الدلالة لغوية كانت أم غير لغوية.
و إذا كنا سنولي اهتمامنا للدلالة اللغوية (الدليل اللغوي) دون التفصيل في الأدلة غير اللغوية (عدا إشارات فقط، و بما أننا نستعمل مصطلحات مثل ( لغة، لسان، كلام) فلابد من محاولة تحديد مفهوم هذه المصطلحات ، و إن كانت متداخلة أحيانا في أذهان الناس بل و في أذهان الطلبة و الباحثين في علوم اللغة.
و قد لا نحتاج هنا إلى التفاصيل التي تدرس في علم اللغة أو اللسانيات و لكن يمكن أن نوضح هذه المفاهيم بما يلي:
- من الشائع بين اللسانيين أن مادة علمهم ليست الكلام و لا اللسان و إنما هي اللغة (ينظر عبد السلام المسدي: مباحث تأسيسيه في اللسانيات ص 168) .
و يلاحظ هنا أن هناك ثلاثة مصطلحات لثلاثة مفاهيم ، و كلها تمثل ما يسمى بالظاهرة اللغوية التي ترتقي من (الكلام) و هو كلام الأفراد كما نسمعه أو نحادثهم فيه و هذه هي المرتبة الفردية و هذا الذي يمكن أن نسجله على آلة التسجيل، ثم تأتي مرتبة (اللسان) و تتطابق مع منزلة الوجود النوعي و هو الاشتراك في معرفة ما يتم التحاور به ضمن كل مجموعة لغوية (اللسان العربي أو الانجليزي أو الصيني)
أما مرتبة اللغة فهي تتطابق مع جملة من القوانين التي إن أطلقت صدقت على كل لسان من الألسنة البشرية (المرجع السابق ص170).
و هنا تبدو اللغة أعم من اللسان، و تدرس من خلال ما يسمى باللسانيات العامة مقابل اللسانيات الخاصة التي تدرس نظام كل لسان بشري على حدة.
و في سياق أخر يذكر أن اللسان أعم من اللغة مع إمكان استعمال كل مصطلح لمفهوم الآخر.
و الحقيقة أن الظاهرة اللغوية تستوعب المفاهيم الثلاثة السابقة (الكلام، اللسان، اللغة) فاللغة (لغة الناس/ البشر) و اللسان (لسان الجماعة اللغوية) و الكلام (كلام الأفراد).
اللغة مفهوم كلي و اللسان مفهوم نمطي و الكلام مفهوم انجازي (السابق ص 172)، اللغة جنس، اللسان نوع، الكلام شخص.
اللغة (صورة القانون) ، اللسان ( نموذج العرف)، الكلام (نموذج السلوك).
إن اللساني يدرس البنية اللغوية في جوانبها الصوتية و الصرفية و التركيبية و الدلالية ثم يعمل على كشف ارتباط هذه البنية بوظائفها الاجتماعية.
بعد هذا يظهر لنا أن موضوع علم الدلالة هو الأدلة بشكل عام و الدليل اللغوي بشكل خاص ، و علاقة الدوال بمدلولاتها و.يتفق عدد كبير من الباحثين على أن السيمياء كنوع من اللسانيات كان من أثر اللغوي الفرنسي بريال (1883)، باعتبار أن هذا العلم يدرس الدلالات و القوانين التي تتحكم في تغير المعاني
أو أن الموضوع هو المعنى. ( ينظر سالم شاكر : مدخل إلى علم الدلالة ، ترجمة محمد يحياتن ، ديوان المطبوعات الجامعية . الجزائر 1992ـ ص4 )
أما غاية هذا العلم فهي خاصة و عامة، فالغاية الخاصة هي أن علم الدلالة – مثل أي علم آخر- يسعى إلى الاستقلالية و امتلاك الأدوات و المناهج الرياضية ، و هنا ينبغي الإشارة إلى الاهتمام بهذا العلم حيث ظهر في عام 1923 كتاب عنوانه (the meaning of meaning) لمؤلفيه Richards و Ogden.
و أما الغاية العامة فهدف علم الدلالة كغيره من العلوم الإنسانية – و بالاستعانة بها و بالتعاون معها – هو الإسهام في ترقية الحياة الإنسانية في جميع المجالات، و تسهيل عملية الاتصال و التعاون و التفاهم المشترك و ضبط المصطلحات و المفاهيم في جميع العلوم لاسيما في العلوم الحديثة و وسائل الاتصال
و خاصة في محيط العولمة و التقارب ، إن لم نقل الاندماج الفكري على الأقل بين الأمم و الشعوب.
و كان أحد الباحثين قد حدد هدف علم الدلالة الإجرائي بأنه حصر صور الأوضاع الدلالية كأنظمة قابلة للتحليل ( ينظر بوجراند: النص و التطبيق و الإجراء).
حصة تطبيقية حول الدليل اللغوي le signe linguistique
يقول دو سوسير :" يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع الألفاظ أي قائمة من الأسماء تطلق على عدد من المسميات . وفي تصوره هذا نظر، من عدة وجوه: انه يفترض وجود معان جاهزة قبل وجود ألفاظها ثم إننا لا نتبين به هل الاسم هو جوهر صوتي أم نفساني......ويشعرنا أيضا أن ارتباط الاسم بالمسمى هو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع...... إن الدليل اللغوي لا يربط مسمى ما باسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورة لفظه الذهنية فهذه الصورة الصوتية ليست هي الصوت المادي لأنه شيء فيزيائي محض بل انطباع هذا الصوت في النفس والصورة الصادرة عما تشاهده حواسنا . فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى دليلا لغويا المركب المتكون من المفهوم والصورة الصوتية ( صورة اللفظ في الذهن )...ولكن نقترح لفظة الدليل للدلالة على الكل واستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتية بلفظتي الدال والمدلول ".
دروس في اللسانيات العامة لدوسوسير ص97
ترجمة د عبد الرحمان الحاج صالح ص45 من مجلة اللسانيات
المطلوب : استخرج من النص المفاهيم الدلالية واشرحها.
الإجابة :أهم المفاهيم الدلالية الواردة في النص هي :
أ ـ الدليل اللغوي: وهو وحدة علم الدلالة، نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيء أو معنى معين و ركيزته المادية هي الصوت .
ب ـ الصورة الصوتية (le signifiant) هي انطباع الصوت في الذهن .
ج ـ الصورة الذهنية : ( Le signifié)هي انطباع الشيء في الذهن .
دوسوسير في هذا النص ينفي فكرة سادت ،وهي أن الألفاظ ألقاب للمسميات ويبين لنا الدليل اللغوي لا يربط بين لفظ ومسماه ( الشيء والمعنى ) إنما يربط بين المفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل اللغوي .........لفظه الذهنية ".
يعني هذا أننا لا ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة مادية لأننا لا نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ولا عن الألفاظ كمجموعة من الأصوات نسمعها في قوله " يفترض وجود معان جاهزة ................نفساني ".
لكن دوسوسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتية ومدلول هو المفهوم الذي يتصوره الإنسان لذلك الشيء الخارجي، أي الموجود خارج ذهن الإنسان والذي ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية التي تحيط بنا و نسميه المرجع أو المدلول عليه.
فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد الإنسان الحديث عن المرجع ( الشيء ) فيبحث في نظامه التقديري
عن المفهوم الذي ينطبق على ذلك المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفراد مجتمعه ، والمسمى المدلول أو ( الصورة الذهنية ) . ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي ( التصور الذهني للأصوات الذي يتم في ذهن الإنسان ) وهنا تتم عملية تكوين الدليل اللغوي ، ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي :
دال ( صورة صوتية)
المرجع دليل لغوي
مدلول (صورة ذهنية )
أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي :
أ ـ الاعتباطية :(arbitraire ) أي لا يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ، ونعطي لذلك مثلا توضيحيا كلمة شجرة.
فلو كانت الشين مثلا تدل على الأوراق والجيم على الساق والراء على الأغصان لقلنا بطبيعية العلاقة وحتميتها ، لكن ، بما أن الأمر عكسي فنقول بأنها علاقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والاتفاق بين بني البشر .والدليل على ذلك اختلاف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثلا ـ كلمة ( كرسي ) للدلالة على شيء معين ،في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة (chaise) للدلالة على الشيء ذاته ، فأي الأصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر من الأخرى ؟
ب ـ الخطية :(liniaire) بما أن الركيزة المادية للدليل اللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه تسلسل الزمن في خط واحد أفقي يسمى مدرج الكلام ، مثلا كلمة ( صدق ) التي تنطق حروفها متسلسلة ص+د+ق وإذا تغير التسلسل ق+ ص+ د تغير المعنى.
في الآداب و العلوم الإنسانية
بوزريعة
قسم اللغة العربية وآدابها
محاضرات وتطبيقات علم الدلالة
السنة الثانية
إعداد : الدكتور أحمد شامية
الأستاذة نبيلة عباس
أبنائي الطلبة الأساتذة
السلام عليكم ورحمة الله
هذه محاضرات في علم الدلالة حسب المقرر لهذا المقياس ،للسنة الثانية بالمدرسة العليا للأساتذة .حاولنا جاهدين الاقتصار على ما هو ضروري ومفيد وبأسلوب مبسط نظرا لطبيعة التكوين عن بعد.
وقد بذلنا أقصى جهد لتصحيح الأخطاء المطبعية أو التي كانت نتيجة السهو،ومع ذلك فربما فاتنا تصحيح بعض الأخطاء رغم التدقيق ، نعتذر لكم لذلك .
ولا بد من الإشارة هنا إلى أننا اعتمدنا عددا من المراجع والمصادر، وكان لبعضها النصيب الأوفر مثل كتاب علم الدلالة للدكتور أحمد مختار عمر ،نظرا لكون البرنامج قد وضع اعتمادا على فهرس هذا الكتاب أصلا ، وإذا كنا لا نشير دائما إلى المرجع حتى لا نثقل المحاضرة ( لأن طبيعة المحاضرة تختلف عن طبيعة تأليف الكتاب ) ، وكذلك كتاب (دلالة الألفاظ) للدكتور إبراهيم أنيس .وكان ذلك أيضا بالنسبة لكتابي الدكتور حلمي خليل حول المولد والمعاجم .
وننصحكم بالرجوع إلى هذه الكتب بالإضافة إلى المراجع الأخرى المذكورة في قائمة المصادر والمراجع.
نتمنى لكم التوفيق.
أوليات
المحاضرة الأولى: تقديم البرنامج و قائمة المصادر و المراجع
1- تمهيد عام للمادة و يشمل:
- تقديم حول اللغة و حياة الإنسان
- كيف بدأت اللغة - حاجة الإنسان إلى اللغة - و العلاقة بين اللغة و التفكير و الحضارة و العمران (العلم، الأدب، الازدهار و التقدم).
المحاضرة الثانية: إشارة سريعة إلى (فرضيات) نشأة اللغة الإنسانية.
2- علم الدلالة - تعريف عام - من المعاجم اللغوية و المختصة - وآراء الباحثين - الدلالة
و المعنى.
الدال و المدلول و العلاقة بينهما - أنواع الدلالة.
3- البنية اللغوية - مستويات هذه البنية و علاقة ذلك بالدلالة.
أنواع الدلالات: الصوتية، الصرفية، النحوية، البلاغية و الأسلوبية، الدلالة الاجتماعية.
تفصيل:
تعريف علم الدلالة ( لغة): اسم مصدر من دلّ، يدل، دلالة (بالفتح و الكسر) = الجمع دلائل
و دلالات يراجع في ذلك معجم متن اللغة للشيخ أحمد رضا – مج/2
و الدلالة في الاصطلاح : كيفية دلالة اللفظ على المعنى ( يراجع كتاب التعريفات للشريف الجرجاني).
مفردات مقياس علم الدلالة.
أولا : علم الدلالة
- مدخل إلى دراسة الدلالة: [ مفهومه، موضوعه، غاياته، أنواعه]
- علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة : [ الدلالة و الأصوات، الدلالة و الصرف، الدلالة و النحو، الدلالة و المعجم].
- علاقة علم الدلالة بالعلوم الأخرى :[ الدلالة و التعبيرات الاصطلاحية، الدلالة و الفلسفة، الدلالة و علم النفس، الدلالة و علوم الاتصال، الدلالة و علم العلامات].
ثانيا : نشأة علم الدلالة وتطوره
- عند القدماء : [الدرس الدلالي عند اليونان، الهنود، العرب]
- عند المحدثين : [الدرس الدلالي عند الغربيين، الأمريكيين، العرب]
ثالثا : أنواع المعنى :
- [ المعنى الأساسي، المعنى الإضافي، المعنى الأسلوبي، المعنى النفسي، المعنى الإيحائي]
رابعا : مناهج دراسة المعنى
- نظرية السياق : [ السياق اللغوي، السياق العاطفي، سياق الموقف، السياق الثقافي]
- نظرية الحقول الدلالية
- النظرية التحليلية.
خامسا : التغييرات الدلالية :
[ أسبابها، أشكالها، مجالاتها، العلاقات الدلالية { الترادف، الاشتراك، التضاد}]
الوحدة الدلالية.
2. قائمة بعدد من المراجع
إبراهيم أنيس
- دلالة الألفاظ
- اللهجات
- الأصوات اللغوية
إبراهيم بن مراد : دراسات في المعجم العربي
ابن سيدة : المخصص
ابن جني : الخصائص
أبوهلال العسكري : الفروق في اللغة
ابن قتيبة : تأويل مشكل القران
أمين فاخر : دراسات في المعجم العربي
أحمد مختار عمر: علم الدلالة
توفيق شاهين: علم اللغة العام
تمام حسن: اللغة العربية معناها و مبناها
حسين نصار: المعجم العربي نشأته و تطوره
حلمي خليل: دراسات لغوية معجمية
الرازي أحمد بن حمدان: كتاب الزينة في الكلمات الإسلامية
ستيفان أولمان : دور الكلمة في اللغة
شاكر سالم: مدخل إلى علم الدلالة
صلاح رواي: المدارس المعجمية العربية
عبد الله درويش: المعاجم العربية
فايز الداية: - علم الدلالة العربي
- الجوانب الدلالية في نقد الشعر
محمد حسن عبد العزيز: مدخل إلى علم اللغة
محمود فهمي حجازي: علم المصطلح
المعاجم
ابن منظور: لسان العرب
الجرجاني السيد الشريف: التعريفات
الجوهري: الصحاح
الشيباني أبو عمرو: كتاب الجيم
الفراهيدي الخليل بن أحمد: كتاب العين
الفيروز أبادي: القاموس المحيط
مجمع اللغة العربية بالقاهرة: - المعجم الكبير
- المعجم الوسيط
- المعجم الوجيز
هانس دير: معجم العربية المعاصرة : عربي / انجليزي
كتب مترجمة
تشو مسكي : البنى التركيبية
مظاهر النظرية التركيبية
دوسوسير: دروس في اللسانيات العامة
مارتينيه: مبادئ اللسانيات العامة
مقالات
عدنان الخطيب: المعجم العربي بين الماضي و الحاضر. مجلة مجمع دمشق ج/2، مج/4 ص 194
أحمد شامية: مستويات الدلالة و المعنى مجلة المبرز العدد8 المدرسة العليا للأساتذة.
من المراجع الأجنبية:
- Bloomfield – language
- J.R Searle : meaning and speech acts
- S. Ullmonn: meaning and style
- R. Bartles: Elements of semiology
- Ogden and Richards: the meaning of meaning
مقدمة عامة
لابد قبل الحديث عن الدلالة من الحديث عن اللغة، لاسيما أن الدلالة اللغوية هي الأهم و الأوسع و الأكثر تعقيدا و أنها هي الموضوع الأساسي في علم الدلالة بالإضافة إلى الإشارة إلى أنواع الدلالات الأخرى.
و يمكن القول بإيجاز أن اللغة هي الإنسان أو أن اللغة أهم خصائص الإنسان التي تميزه عن غيره من المخلوقات الحية ،و تجعل له هذه المكانة و المهمة التي خلق لها (الخلافة في الأرض) حتى أننا يمكن أن نعرّف الإنسان بأنه حيوان ذو لغة، و إن كان الإنسان قد تميز بعقله و تفكيره و قابليته للتطور و الرقي
و التقدم في الحضارة و العمران، فان ذلك كان بفضل هذه المزية المعجزة ( مزية اللغة) فالله تعالىـ كما جاء في كتابه الكريم ـ " خلق الإنسان، علمه البيان "، " و علم آدم الأسماء كلها"
و بغض النظر الآن عن كيفية نشأة اللغة الإنسانية حسب الفرضيات المشهورة فإننا يمكن أن نؤكد أن هذه اللغة للإنسان هي من الضرورات الحيوية التي ما كان للإنسان أن يستطيع الاستمرار و التطور بدونها، و تأتي ترتيبا بعد الهواء و الماء و الغذاء و ذلك نظرا لإمكانيات الإنسان الجسدية الضعيفة التي ما كان قادرا بها لولا اللغة و التفكير و هما مرتبطان، ما كان قادرا على مواجهة قوى الطبيعة الطبيعية
و الحيوانية و بالتالي ما كان قادرا على الاستمرار و لكنها حكمة الله و إرادته بأن تستمر الحياة إلى حيث قدّر سبحانه و تعالى لها.
و ليست اللغة في الواقع ـ و أهم غاياتها تأمين التواصل و الاتصال ـ ليست الا علاقة بين صورة صوتية
( ألفاظ ) وصورة مفهومية ( معان ) يتم الربط بينهما ذهنيا، فسواء نشأت اللغة ابتداء في صورتها المكتملة أو كانت قفزة نوعية في طرائق الاستدلال و التواصل فهي تعتمد على ربط العلاقة بين الدال
و المدلول.
و من هنا كان الاهتمام بالدلالة، و علم الدلالة غاية عند الأصوليين و المناطقة و اللغويين (طبعا) و علماء النفس.........
و كان لهذا العلم علاقة بكل هذه العلوم (الإنسانية) بل إن للدلالة علاقة بكل أنواع المعرفة و في شتى مجالات الحياة.
حصة تطبيقية حول تعريف علم الدلالة la sémantique
يقول الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح : " اللسان في حد ذاته نظام من الأدلة المتواضع عليها ، فاللسان على هذا الاعتبار ليس مجموعة من الألفاظ يعثر عليها المتكلم في القواميس أو يلتقطها بسمعه من الخطابات ثم يسجلها في حافظته ، كما أنه ليس أيضا مجموعة من التحديدات الفلسفية للاسم والفعل والحرف أو القواعد المسهبة الكثيرة الشواذ ، بل هو نظام من الوحدات يتواصل بعضها ببعض على شكل عجيب وتتقابل فيها بناها في المستوى الواحد التقابل الذي لولاه لما كانت هناك دلالة ".
المطلوب : حلل النص محددا منه تعريف علم الدلالة ووحدته .
التحليل :
ـ نظام :أي مجموعة من العناصر اللغوية التي ترتبط بعضها مع بعض وفق علاقات معينة
ـ يتواصل : أي وجود تلك العلاقات المبنية على أساس الاتفاق والاختلاف ،
تهتم اللسانيات بنظام دلالي خاص ، هو النظام اللغوي ووحداته هي الأدلة اللغوية ، جمع الدليل اللغوي ، ويدرسها علم الدلالة (la sémantique ) الذي هو فرع من اللسانيات .لكن تتنوع الأدلة في المجتمع إذ نجد الأدلة اللغوية وغير اللغوية حيث تنتظم كلها في نظم دلالية خاصة . والعلم الذي يهتم بها جميعا هو علم الدلالات أو ما يعرف بالسميولوجيا ( la sémiologie ) واللسانيات فرع منه .
ان كلمة دليل تعني عموما أن العنصر ( أ ) يدل على العنصر ( ب ) لكن نميز هنا بين الدليل والمؤشر والرمز ونميز بينها بوجود النية في التبليغ وعدم وجودها .
فنمثل للمؤشر ب : ـ أعراض المرض كضعف الجسم الذي يمكن أن يدل على نقص في التغذية
ـ الدخان الذي يدل على اشتعال النار
فهي مؤشرات طبيعية تدل على معان معينة دون أن تكون هناك نية للتبليغ
الدليل :نمثل له ب : ـ الراية الحمراء التي تدل على منع السباحة
ـ أرقام الهاتف
ـ قوانين المرور
الرمز : نمثل له ب : ـ الميزان الذي يدل على مفهوم العدل. يشترك الدليل والرمز في كونهما يحملان نية للتبليغ ، لكنهما يختلفان في نوعية العلاقة التي تربط بين العنصرين (أ ) و ( ب ) فالرمز مرتبط كثيرا بشكله ، واختياره ليس عشوائيا ولا اعتباطيا بل وفق ما يحمله ذلك الشكل من معنى .
أما الأدلة فتمت بالاتفاق والتواضع والاصطلاح بين الناس لتحقيق غرض التبليغ ، والعلاقة التي تربط العنصرين ( أ) و( ب) ، كمكونات الدليل في هذه الحالة ، علاقة غير حتمية ، عشوائية ،اعتباطية ناتجة عن الاتفاق و التواضع والاصطلاح فلا توجد بين كلمة (جهاز) ومعناه أية علاقة طبيعية كما لا توجد أية علاقة طبيعية بين اللون الأحمر والأمر بالوقوف في إشارات المرور .
فنقول إذن إن علم الدلالة يدرس المعاني اللغوية وعلاقة الألفاظ بمعانيها .
ووحدته هي الدليل اللغوي وهو أصوات يستعملها الإنسان للإبانة عن المفاهيم والأشياء.
ملاحظة : لتوضيح أكثر ارجع إلى كتاب خولة طالب الابراهيمي ، مبادئ في اللسانيات ،دار القصبة للنشر
المحاضرة رقم 2
علم الدلالة
تعريف علم الدلالة: العلم هو دراسة ظاهرة معينة و الوقوف على ماهيتها و جزئياتها و ما يتعلق بها دراسة موضوعية، و الدلالة (بالتعريف) قد يختلف تعريفها بين الباحثين و لنأخذ مثالا لتعريفها من كتاب التعريفات للجرجاني السيد الشريف حيث قال: الدلالة هي كون الشيء بحالة يلزم من العلم به العلم بشيء آخر و الأول هو الدال و الثاني هو المدلول . و هي إما دلالة مطابقة أو دلالة تضمن أو دلالة التزام وكل ذلك يدخل في الدلالة الوضعية لأن اللفظ الدال بالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة و على جزئه بالتضمن و على ما يلزمه في الذهن بالالتزام، كالإنسان فانه يدل على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة،
و على جزئه بالتضمن و على قابل العلم بالالتزام (انظر كتاب التعريفات للجرجاني علي بن محمد- الدار التونسية للنشر 1971 ص 55-56)
و في القاموس المحيط دلّه عليه دلالة ( و يثلث) و دلولة فاندل: سدده إليه...........(الفيروز أبادي- القاموس المحيط- دار العلم للجميع- بيروت ج/3 ص 377)
إن الحديث عن الدلالة الوضعية هنا يدفعنا إلى الحديث عن نوعي الدلالة أو الدال و هما الدال اللغوي
و الدال غير اللغوي.
و في الدراسات اللسانية الحديثة تقسيم لأنواع (الدليل) الذي ينتج عن ارتباط الدال بالمدلول ارتباطا ذهنيا . دليل
دال مدلول
فالدال اللغوي (اللفظ/ الكلمة/ الوحدة الدالة) في رأي الباحثين بغض النظر عن بعض الاستثناءات هو دال وضعي اعتباطي أي أن علاقته بالمدلول علاقة عرفية تواضعية (و ستأتي على تفصيل ذلك على حينه)
أما التقسيم فيبينه الشكل البياني التالي:
الدليل
موضوع غير موضوع
لغوي غير لغوي طبيعي عقلي
(اعتباطي دائما) (الغيم يدل على المطر) (الأب اكبر من الابن)
اعتباطي غير اعتباطي
(أرقام الهاتف) (الميزان يدل على العدالة)
هذا و قد أشار الزمخشري في كتابه (المفصل) إلى هذه الاعتباطية (الوضع) عندما عرف الكلمة بقوله: (الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع).
و بالعودة إلى (الدلالة) في اللسانيات الحديثة (البنوية) فعند سوسور هناك دال (لفظ) و هناك مدلول (معنى) أو مفهوم و الدال و المدلول وجهان لورقة واحدة و لا يمكن الفصل بينهما/ و إن تحليل الدال يؤدي إلى تحليل المدلول (ينظر: سوسور، دروس في الألسنية العامة- ترجمة صالح القرمادي و محمد الشاوش و محمد عجينة، ص 174).
و للتأكيد على أن الدلالة تتم من الارتباط الذهني بين الدال و المدلول فقد أوضح تلاميذ سوسور هذه العلاقة من خلال ما يعرف بمربع سوسور للدلالة حسب الشكل التالي :
مربع سوسور للدلالة
صورة حسية للدال صورة حسية للمدلول
(لفظ) (الشيء في الواقع)
صورة ذهنية صورة ذهنية للمدلول
للدال
الدلالة
لأن سوسور يبدو أنه حصر عناصر الدلالة في الدال و المدلول ،و أهمل الموضوع وهو الشيء
أو المرجع الذي تحيل اليه العلاقة الدلالية ،و هو في ذلك يلتقي – في هذه الثنائية – مع ابن سينا الذي حصرها بين اسم (مسموع) و معنى، في حين يرى (بيرس) أن العلاقة ثلاثية: الصورة (الدال) و المفسرة (المدلول) و الموضوع، و هو ما تحيل إليه العلامة، أي الشيء.
أما الغزالي فيرى أن الأشياء لها أربعة مراتب عندما قال " ان للشيء وجودا في الأعيان ثم في الأذهان ثم في اللفظ ثم في الكتابة، فالكتابة دالة على اللفظ ، و اللفظ دال على المعنى الذي هو في النفس ،و الذي في النفس هو مثال الموجود في الأعيان.
(عن مجلة تجليات الحداثة، معهد اللغة العربية العدد/2، 1993 ص 34).
صورة لهذا لفظ كلمة [ شجرة (كتابة)]
الشكل في الذهن (شجرة باللسان)
شجرة في الحقل
مفهوم علم الدلالة و موضوعه:
للحديث عن علم الدلالة (sémantique) و موضوعه أو لتوضيح ذلك ، لابد من تحديد علاقة علم الدلالة بعلم اللغة وذلك باعتبارين الأول: أن يكون علم الدلالة فرعا من فروع علم اللغة (اللسانيات) ، و الثاني أن يكون علم اللغة (الدلالة اللغوية على الخصوص) فرعا من علم الدلالة أو علم العلامات الذي يطلق عليه مصطلح (العلامية) أيضا. فموضوع العلامية (العلامات و الإشارات و الأدلة بمفهومها الواسع لغوية كانت أم غير لغوية و هذا ما ذهب اليه اللساني السويسري (سوسور).
و اذا بدأنا بالاعتبار الأول (كون علم الدلالة فرعا من اللسانيات( لابد من العودة إلى مستويات البنية اللغوية و هي على الشكل التالي: ( للملاحظة ) هناك من لا يدخل المستوى البلاغي والمستوى الدلالي في هذه المستويات ).
المستوى البلاغي / علام البلاغة و الأسلوب
المستوى الدلالي
المستوى النحوي / علم النحو و التراكيب
المستوى الصرفي / علم الصرف
المستوى الصوتي / علم الأصوات علم الدلالة
و هنا نلاحظ أن المستوى الدلالي في هذا البناء هو مستوى يتقاطع مع جميع المستويات الأخرى ،لأن الدلالة حاضرة و ناتجة عن تفاعل كل هذه المستويات، حتى المستوى الصوتي الذي يقال أنه مستوى الوحدات غير الدالة . وينبغي الإشارة هنا إلى أن هذا التقسيم هو تقسيم نظري افتراضي، فاللغة تعمل لأداء مهمتها وفق نظام اللغة الذي يندمج فيه كل هذه الأنظمة. فعلى مستوى العمل و الأداء ليس هناك مستويات منفصلة ،و إنما التقسيم إلى هذه المستويات لضرورة البحث و التحليل و الدراسة اللغوية. فالمتكلم الذي يتكلم وفق نظام اللغة (اللسان) لا علاقة له بهذه المستويات التي لها أنظمة خاصة بها.
- على أية حال يبدو لنا في هذا التحليل أن علم الدلالة الذي يبحث في أحد تلك المستويات هو فرع من علم اللغة أو اللسان.
- أما بالاعتبار الثاني فيظهر لنا في المستوى الأدائي أن علم اللغة (الدلالة اللغوية) هو أهم عناصر علم العلامات ، إلى جانب عناصر دلالية أخرى غير لغوية، و أن العناصر اللغوية هي المعوّل عليها في الاتصال الذي يقوم أساسا على فهم العلاقة بين الدال و المدلول . بل أن اللغة حاضرة دائما في كل فروع الدلالة لغوية كانت أم غير لغوية.
و إذا كنا سنولي اهتمامنا للدلالة اللغوية (الدليل اللغوي) دون التفصيل في الأدلة غير اللغوية (عدا إشارات فقط، و بما أننا نستعمل مصطلحات مثل ( لغة، لسان، كلام) فلابد من محاولة تحديد مفهوم هذه المصطلحات ، و إن كانت متداخلة أحيانا في أذهان الناس بل و في أذهان الطلبة و الباحثين في علوم اللغة.
و قد لا نحتاج هنا إلى التفاصيل التي تدرس في علم اللغة أو اللسانيات و لكن يمكن أن نوضح هذه المفاهيم بما يلي:
- من الشائع بين اللسانيين أن مادة علمهم ليست الكلام و لا اللسان و إنما هي اللغة (ينظر عبد السلام المسدي: مباحث تأسيسيه في اللسانيات ص 168) .
و يلاحظ هنا أن هناك ثلاثة مصطلحات لثلاثة مفاهيم ، و كلها تمثل ما يسمى بالظاهرة اللغوية التي ترتقي من (الكلام) و هو كلام الأفراد كما نسمعه أو نحادثهم فيه و هذه هي المرتبة الفردية و هذا الذي يمكن أن نسجله على آلة التسجيل، ثم تأتي مرتبة (اللسان) و تتطابق مع منزلة الوجود النوعي و هو الاشتراك في معرفة ما يتم التحاور به ضمن كل مجموعة لغوية (اللسان العربي أو الانجليزي أو الصيني)
أما مرتبة اللغة فهي تتطابق مع جملة من القوانين التي إن أطلقت صدقت على كل لسان من الألسنة البشرية (المرجع السابق ص170).
و هنا تبدو اللغة أعم من اللسان، و تدرس من خلال ما يسمى باللسانيات العامة مقابل اللسانيات الخاصة التي تدرس نظام كل لسان بشري على حدة.
و في سياق أخر يذكر أن اللسان أعم من اللغة مع إمكان استعمال كل مصطلح لمفهوم الآخر.
و الحقيقة أن الظاهرة اللغوية تستوعب المفاهيم الثلاثة السابقة (الكلام، اللسان، اللغة) فاللغة (لغة الناس/ البشر) و اللسان (لسان الجماعة اللغوية) و الكلام (كلام الأفراد).
اللغة مفهوم كلي و اللسان مفهوم نمطي و الكلام مفهوم انجازي (السابق ص 172)، اللغة جنس، اللسان نوع، الكلام شخص.
اللغة (صورة القانون) ، اللسان ( نموذج العرف)، الكلام (نموذج السلوك).
إن اللساني يدرس البنية اللغوية في جوانبها الصوتية و الصرفية و التركيبية و الدلالية ثم يعمل على كشف ارتباط هذه البنية بوظائفها الاجتماعية.
بعد هذا يظهر لنا أن موضوع علم الدلالة هو الأدلة بشكل عام و الدليل اللغوي بشكل خاص ، و علاقة الدوال بمدلولاتها و.يتفق عدد كبير من الباحثين على أن السيمياء كنوع من اللسانيات كان من أثر اللغوي الفرنسي بريال (1883)، باعتبار أن هذا العلم يدرس الدلالات و القوانين التي تتحكم في تغير المعاني
أو أن الموضوع هو المعنى. ( ينظر سالم شاكر : مدخل إلى علم الدلالة ، ترجمة محمد يحياتن ، ديوان المطبوعات الجامعية . الجزائر 1992ـ ص4 )
أما غاية هذا العلم فهي خاصة و عامة، فالغاية الخاصة هي أن علم الدلالة – مثل أي علم آخر- يسعى إلى الاستقلالية و امتلاك الأدوات و المناهج الرياضية ، و هنا ينبغي الإشارة إلى الاهتمام بهذا العلم حيث ظهر في عام 1923 كتاب عنوانه (the meaning of meaning) لمؤلفيه Richards و Ogden.
و أما الغاية العامة فهدف علم الدلالة كغيره من العلوم الإنسانية – و بالاستعانة بها و بالتعاون معها – هو الإسهام في ترقية الحياة الإنسانية في جميع المجالات، و تسهيل عملية الاتصال و التعاون و التفاهم المشترك و ضبط المصطلحات و المفاهيم في جميع العلوم لاسيما في العلوم الحديثة و وسائل الاتصال
و خاصة في محيط العولمة و التقارب ، إن لم نقل الاندماج الفكري على الأقل بين الأمم و الشعوب.
و كان أحد الباحثين قد حدد هدف علم الدلالة الإجرائي بأنه حصر صور الأوضاع الدلالية كأنظمة قابلة للتحليل ( ينظر بوجراند: النص و التطبيق و الإجراء).
حصة تطبيقية حول الدليل اللغوي le signe linguistique
يقول دو سوسير :" يظن بعض الناس أن اللسان إنما هو في أصله مجموع الألفاظ أي قائمة من الأسماء تطلق على عدد من المسميات . وفي تصوره هذا نظر، من عدة وجوه: انه يفترض وجود معان جاهزة قبل وجود ألفاظها ثم إننا لا نتبين به هل الاسم هو جوهر صوتي أم نفساني......ويشعرنا أيضا أن ارتباط الاسم بالمسمى هو عملية في غاية البساطة وهذا بعيد جدا عن الواقع...... إن الدليل اللغوي لا يربط مسمى ما باسمه الملفوظ بل مفهوم ذلك الشيء أو تصوره الذهني بصورة لفظه الذهنية فهذه الصورة الصوتية ليست هي الصوت المادي لأنه شيء فيزيائي محض بل انطباع هذا الصوت في النفس والصورة الصادرة عما تشاهده حواسنا . فالدليل اللغوي إذن كيان نفساني ذو وجهين ويسمى دليلا لغويا المركب المتكون من المفهوم والصورة الصوتية ( صورة اللفظ في الذهن )...ولكن نقترح لفظة الدليل للدلالة على الكل واستبدال لفظتي المفهوم والصورة الصوتية بلفظتي الدال والمدلول ".
دروس في اللسانيات العامة لدوسوسير ص97
ترجمة د عبد الرحمان الحاج صالح ص45 من مجلة اللسانيات
المطلوب : استخرج من النص المفاهيم الدلالية واشرحها.
الإجابة :أهم المفاهيم الدلالية الواردة في النص هي :
أ ـ الدليل اللغوي: وهو وحدة علم الدلالة، نعرفه بأنه اللفظ الدال على شيء أو معنى معين و ركيزته المادية هي الصوت .
ب ـ الصورة الصوتية (le signifiant) هي انطباع الصوت في الذهن .
ج ـ الصورة الذهنية : ( Le signifié)هي انطباع الشيء في الذهن .
دوسوسير في هذا النص ينفي فكرة سادت ،وهي أن الألفاظ ألقاب للمسميات ويبين لنا الدليل اللغوي لا يربط بين لفظ ومسماه ( الشيء والمعنى ) إنما يربط بين المفهوم والصورة الصوتية في قوله " إن الدليل اللغوي .........لفظه الذهنية ".
يعني هذا أننا لا ننظر إلى الدليل اللغوي كحقيقة مادية لأننا لا نتحدث عن المعنى كشيء جاهز ولا عن الألفاظ كمجموعة من الأصوات نسمعها في قوله " يفترض وجود معان جاهزة ................نفساني ".
لكن دوسوسير يتصور الدليل اللغوي كيانا ذهنيا مكونا من دال هو الصورة الصوتية ومدلول هو المفهوم الذي يتصوره الإنسان لذلك الشيء الخارجي، أي الموجود خارج ذهن الإنسان والذي ندرج فيه كل الأشياء المادية والمعنوية التي تحيط بنا و نسميه المرجع أو المدلول عليه.
فالدليل اللغوي إذن يتكون عندما يريد الإنسان الحديث عن المرجع ( الشيء ) فيبحث في نظامه التقديري
عن المفهوم الذي ينطبق على ذلك المرجع وقد تعلمه وورثه عن أفراد مجتمعه ، والمسمى المدلول أو ( الصورة الذهنية ) . ثم يعبر عنه بصورة صوتية وهي ( التصور الذهني للأصوات الذي يتم في ذهن الإنسان ) وهنا تتم عملية تكوين الدليل اللغوي ، ويمكننا التمثيل له بالشكل التالي :
دال ( صورة صوتية)
المرجع دليل لغوي
مدلول (صورة ذهنية )
أما عن ميزات الدليل اللغوي فهي :
أ ـ الاعتباطية :(arbitraire ) أي لا يوجد في اللفظ ما يدل حتما على معناه ، ونعطي لذلك مثلا توضيحيا كلمة شجرة.
فلو كانت الشين مثلا تدل على الأوراق والجيم على الساق والراء على الأغصان لقلنا بطبيعية العلاقة وحتميتها ، لكن ، بما أن الأمر عكسي فنقول بأنها علاقة اعتباطية وضعية ناتجة عن التواضع والاتفاق بين بني البشر .والدليل على ذلك اختلاف اللغات ففي اللغة العربية نستعمل ـ مثلا ـ كلمة ( كرسي ) للدلالة على شيء معين ،في حين يستعمل الناطق باللغة الفرنسة كلمة (chaise) للدلالة على الشيء ذاته ، فأي الأصوات من الكلمتين تدل على المعنى أكثر من الأخرى ؟
ب ـ الخطية :(liniaire) بما أن الركيزة المادية للدليل اللغوي هي الصوت فانه يتسلسل عند إحداثه تسلسل الزمن في خط واحد أفقي يسمى مدرج الكلام ، مثلا كلمة ( صدق ) التي تنطق حروفها متسلسلة ص+د+ق وإذا تغير التسلسل ق+ ص+ د تغير المعنى.
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: محاضرات في الدلالة
25/10/11, 09:44 pm
المحاضرة رقم3
علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة
كنا في المحاضرة السابقة قد بينا العلاقة المتبادلة بين علم الدلالة (العلامية) و علم اللغة (اللسانيات) حيث أنها علاقة عموم و خصوص أو كلّ و جزء.
و قد ذكرنا أن علم الدلالة – كغيره من العلوم – ، يعتمد أساسا على اللغة كأداة في كل ما يتعلق بهذا العلم ، و نبين بعد ذلك بشيء من التفصيل علاقة (الدلالة) بعناصر (مستويات) البنية اللغوية بافتراض استقلالية هذه العناصر نظريا فقط.
و بشكل عام ينصرف مفهوم علم الدلالة إلى الدلالة اللغوية.
أولا: علاقة علم الدلالة بالأصوات (المستوى الصوتي).
مازلنا نذكر حين حديثنا عن المستوى الصوتي أن الأصوات [ الحروف / (حروف البناء)] وحدات غير دالة ، و هي القطع الصوتية الصغرى التي تتشكل منها بجمع بعضها إلى بعض الوحدات الدالة (الكلمات). هذه القطع الصوتية الصغيرة التي تظهر في التقطيع الثاني عند البنويين الوظيفيين (مارتينيه). و هنا يجب أن نشيرإلى أن هناك ما يسمى بالوحدات الدلالية التي هي أقل من الكلمة و تتمثل في (المورفيم المتصل) مثل السوابق و اللواحق و الضمائر المتصلة بل أن هناك وحدة دلالية أقل من المورفيم ، مثلا دلالة الحركات على تاء الفاعل ( كتبتم ، كتبت ،كتبتما ..) أنظر أحمد مختار عمر ص34.
هذه الأصوات في الواقع تدرس من جانبين. الجانب الأول : هو من حيث طبيعتها الفيزيائية
– الفيزيولوجية، و الجانب الثاني: من حيث وظيفتها (الدلالية) في بنية الكلمة أو الوحدة الدالة و لذلك صار للأصوات علمان أحدهما: علم التصويت و الثاني : علم وظائف الأصوات، حيث تدرس وظائف هذه الأصوات من خلال التقابلات الثنائية التي تظهر القيمة الدلالية أو المعنوية للصوت بالاشتراك مع أصوات أخرى.
فالفرق الدلالي بين قال و مال جاء من التقابل بين (ق) و (م).
و تبدو علاقة الدلالة بالأصوات جلية هنا. و هناك كلمات يتغير أحد أصواتها و لا تتغير دلالتها مثل: الصراط مقابل السراط. و السقر، و الزقر، و الصقر، و هذا ما يسمى كيفيات أو وجهات أداء. و لابد من الإشارة أيضا إلى أن هناك من يرى أن الصوت (الحرف) الواحد منفردا له قيمة تعبيرية (دلالية) خاصة به.
و قد ذهب عدد من الباحثين إلى هذا الرأي و من هؤلاء ابن جني ت 392ه. الذي أورد في كتابه الخصائص عددا من العناوين و الأمثلة التي تؤكد قناعته بهذا الرأي، من ذلك تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني. و باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني. فالصوت (الحرف) مفردا أو مركبا يحمل قيمة دلالية في ذاته ،و ليس ذلك بغريب على ابن جني الذي لم يخف ميله إلى النظرية التي ترى أن أصل اللغات إنما هو من الأصوات المسموعة، فهذا المذهب عنده وجه صالح و متقبل.
و هناك أمثلة كثيرة غايتها تأكيد القيمة التعبيرية (الدلالية) للحرف الواحد، مركبا في الكلمة من ذلك: نضح و نضخ، قال تعالى " فيها عينان نضاختان "و بما أن النضخ أقوى من النضح فقد جعلوا الحاء لرقتها للماء الضعيف، و الخاء لغلظها لما هو أقوى منه، و كذلك : قضم و خضم ، فالقضم للصلب اليابس و الخضم للرطب. و كان أحمد بن فارس (توفي 395ه) قد وضع معجما سماه: (مقاييس اللغة) وجه فيه كل جهده لاستنباط الصلات بين الألفاظ و دلالاتها، و لكنه غالى و تكلف، كما فعل ابن جني.
و لم يكن علماء العرب و حدهم الذين يعتقدون بهذه القيمة التعبيرية للأصوات (الحروف)، فمن المحدثين الغربيين (جسبرسن) الذي يلخص آراء المحدثين في الصلة بين الألفاظ و الدلالات فتعرض لمقال
(همبلت) الذي يزعم أن اللغات بشكل عام تؤثر التعبير عن الأشياء بواسطة ألفاظ أثرها في الأذن يشبه أثر تلك الأشياء في الأذهان، و هذا ما يسمى بالمناسبة الطبيعية بين الألفاظ و معانيها ،و إن كان يرى أن هذه الصلة كانت في البداية، و لكنها تطورت حتى أصبحت العلامة غامضة.
و كان جسبرسن يضرب بعض الأمثلة عن المناسبة الطبيعية، من ذلك أن طائرا في أوربا يسمى(كوكو) فهو يصيح فيصدر صوتا هو – كوكو -.
ويمكن أن نمثل لهذا كذلك بكلمة الصفق و هو الصفع على الوجه، و هو ما يشبه الصوت الصادر عن ذلك.
و من مظاهر الدلالة الصوتية (النبر) فالنبر و الاعتماد بقوة أو الضغط على مقطع ما أو كلمة ما يجعل لها معنى خاصا . وفي لغات أخرى يحدد موضع النبر نوع الكلمة ، اسما أو فعلا .
و من مظاهر الدلالة الصوتية كذلك، النغمة الكلامية ففي اللغة الصينية قد يكون للكلمة الواحدة عدة معان يفرق بينهما النغمة.
و مثال ذلك في العربية قولنا هكذا) فقد تكون بمعنى الاستفهام إذا كان المتكلم يريد الاستفسار عن كيفية عمل شيء ، و قد تكون للشجب و الاستنكار، و قد تكون للإقرار و الإخبار.
و مما يتعلق بهذه الدلالة الصوتية ما ذكر من أن بعض اللغات تعبر عن الأصول المختلفة للفعل ،أي لحدوث الفعل من الفاعل بكلمات إضافية تدل من حيث الإيقاع الصوتي على تلك الحالة أو الكيفية، من ذلك ما ذكره الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (دلالة الألفاظ) من أن من لغات وسط إفريقيا أن الفعل الذي يدل على مطلق المشي هو (zo) :
و يمشي منتصبا : ZO KA KA
يمشي بنشاط و حماس : ZO DES DES
يمشي بسرعة: ZO TYA TYA
يمشي متثاقل : ZO BOHO BOHO
( ارجع إلى ص69/70 من هذا الكتاب / مكتبة الأنجلو مصرية ط/5 1984)
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بمستويات التحليل اللساني
أ ـ علاقته بالمستوى الصوتي :
النص الأول :
يقول ابن جني في باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني : " اعلم أن هذا موضع شريف لطيف وقد نبه عليه الخليل وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته .قال الخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا صر ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر،
وقال سيبويه في المصادرالتي جاءت على الفعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة ، نحو الغليان والغثيان فقابلوا توالي حركات المثال بتوالي حركات الأفعال ".
الخصائص ج2 ص152
النص الثاني :
و يقول أيضا : " فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث ، فباب عظيم وواسع ونهج متلئب عند عارفيه ، ذلك لأنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها ، فيعدلونها بها ويحتذونها عليها بذلك أكثر مما نقدره وأضعاف ما نستشعره من ذلك كقولهم خضم وقضم ، فالخضم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب ، والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك " .
الخصائص ج2 ص 157
النص الثالث :
أما في باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني فيقول :" من ذلك قول الله سبحانه :" ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " أي تزعجهم وتقلقهم . فهذا في معنى تهزهم هزا ، والهمزة أخت الهاء ، فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين . وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز لأنك قد تهز ما لا بال له ، كالجذع وساق الشجرة ونحو ذلك ".
الخصائص ج2 ص146 ـ147
المطلوب : حلل هذه النصوص مبرزا أهم الظواهر الدلالية .
التحليل : نلاحظ في النص الأول أن ابن جني قد التفت إلى وجود صلة بين صوت الجندب والفعل الذي يدل عليه " صر " . وبسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب مع وجود اختلاف في الكيفية ، جاء الفعل الذي يصف صوت البازي مضعفا " صرصر " .
فنجد ابن جني يركز على تقارب المعاني نتيجة لتقارب جرس الأصوات ، ويفرق بين المعاني نتيجة لاختلاف الجرس .ويضيف ابن جني ما قاله سيبويه في هذا الباب " أن المصادر التي جاءت على الفعلان ، أنها تأتي للاضطراب........... حركات الأفعال ".فالمصادر التي على وزن " فعلان " ـ بفتح الفاء والعين ـ تدل على الحركة المصاحبة للحدث .
ثم يوضح في النص الثاني أثر الأصوات في المعاني ، فالصوت الرخو يدل على المعنى الرخو وبالمقابل يدل الصوت الغليظ على المعنى الغليظ ويعطينا مثالا لذلك كلمتي :الخضم التي تدل على أكل الرطب
و القضم لأكل الصلب اليابس.
أما في النص الثالث فيوضح لنا أن تقارب الحروف أو الأصوات ناتج عن تقارب المعاني ويقدم مثالا لذلك كلمتي الهز و الأز المتقاربتين في المعنى ومعناهما : تزعجهم وتقلقهم . أما إذا نظرنا إلى الكلمتين من الناحية اللفظية فنجد أنهما لا تختلفان إلا في حرف الهاء والهمزة وهما حرفان متقاربان أيضا من الناحية الصوتية فالهاء مخرجه الحلق وهو المخرج ذاته للهمزة .
فتتصور من مجموع هذه النصوص أن ابن جني يريد القول بوجود العلاقة الطبيعية بين الحرف ومعناه أو ما يسمى بالقيمة التعبيرية للحرف الواحد ، إذ تتقارب المعاني أحيانا نتيجة تقارب مخارج الحروف، وترتبط قوة المعاني بقوة الحروف .
ملاحظة : هذه فكرة توضيحية وعلى الطالب أن يتعمق في الشرح والتعليل كنموذج تدريبي .
علاقة علم الدلالة بعلوم اللغة
كنا في المحاضرة السابقة قد بينا العلاقة المتبادلة بين علم الدلالة (العلامية) و علم اللغة (اللسانيات) حيث أنها علاقة عموم و خصوص أو كلّ و جزء.
و قد ذكرنا أن علم الدلالة – كغيره من العلوم – ، يعتمد أساسا على اللغة كأداة في كل ما يتعلق بهذا العلم ، و نبين بعد ذلك بشيء من التفصيل علاقة (الدلالة) بعناصر (مستويات) البنية اللغوية بافتراض استقلالية هذه العناصر نظريا فقط.
و بشكل عام ينصرف مفهوم علم الدلالة إلى الدلالة اللغوية.
أولا: علاقة علم الدلالة بالأصوات (المستوى الصوتي).
مازلنا نذكر حين حديثنا عن المستوى الصوتي أن الأصوات [ الحروف / (حروف البناء)] وحدات غير دالة ، و هي القطع الصوتية الصغرى التي تتشكل منها بجمع بعضها إلى بعض الوحدات الدالة (الكلمات). هذه القطع الصوتية الصغيرة التي تظهر في التقطيع الثاني عند البنويين الوظيفيين (مارتينيه). و هنا يجب أن نشيرإلى أن هناك ما يسمى بالوحدات الدلالية التي هي أقل من الكلمة و تتمثل في (المورفيم المتصل) مثل السوابق و اللواحق و الضمائر المتصلة بل أن هناك وحدة دلالية أقل من المورفيم ، مثلا دلالة الحركات على تاء الفاعل ( كتبتم ، كتبت ،كتبتما ..) أنظر أحمد مختار عمر ص34.
هذه الأصوات في الواقع تدرس من جانبين. الجانب الأول : هو من حيث طبيعتها الفيزيائية
– الفيزيولوجية، و الجانب الثاني: من حيث وظيفتها (الدلالية) في بنية الكلمة أو الوحدة الدالة و لذلك صار للأصوات علمان أحدهما: علم التصويت و الثاني : علم وظائف الأصوات، حيث تدرس وظائف هذه الأصوات من خلال التقابلات الثنائية التي تظهر القيمة الدلالية أو المعنوية للصوت بالاشتراك مع أصوات أخرى.
فالفرق الدلالي بين قال و مال جاء من التقابل بين (ق) و (م).
و تبدو علاقة الدلالة بالأصوات جلية هنا. و هناك كلمات يتغير أحد أصواتها و لا تتغير دلالتها مثل: الصراط مقابل السراط. و السقر، و الزقر، و الصقر، و هذا ما يسمى كيفيات أو وجهات أداء. و لابد من الإشارة أيضا إلى أن هناك من يرى أن الصوت (الحرف) الواحد منفردا له قيمة تعبيرية (دلالية) خاصة به.
و قد ذهب عدد من الباحثين إلى هذا الرأي و من هؤلاء ابن جني ت 392ه. الذي أورد في كتابه الخصائص عددا من العناوين و الأمثلة التي تؤكد قناعته بهذا الرأي، من ذلك تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني. و باب في إمساس الألفاظ أشباه المعاني. فالصوت (الحرف) مفردا أو مركبا يحمل قيمة دلالية في ذاته ،و ليس ذلك بغريب على ابن جني الذي لم يخف ميله إلى النظرية التي ترى أن أصل اللغات إنما هو من الأصوات المسموعة، فهذا المذهب عنده وجه صالح و متقبل.
و هناك أمثلة كثيرة غايتها تأكيد القيمة التعبيرية (الدلالية) للحرف الواحد، مركبا في الكلمة من ذلك: نضح و نضخ، قال تعالى " فيها عينان نضاختان "و بما أن النضخ أقوى من النضح فقد جعلوا الحاء لرقتها للماء الضعيف، و الخاء لغلظها لما هو أقوى منه، و كذلك : قضم و خضم ، فالقضم للصلب اليابس و الخضم للرطب. و كان أحمد بن فارس (توفي 395ه) قد وضع معجما سماه: (مقاييس اللغة) وجه فيه كل جهده لاستنباط الصلات بين الألفاظ و دلالاتها، و لكنه غالى و تكلف، كما فعل ابن جني.
و لم يكن علماء العرب و حدهم الذين يعتقدون بهذه القيمة التعبيرية للأصوات (الحروف)، فمن المحدثين الغربيين (جسبرسن) الذي يلخص آراء المحدثين في الصلة بين الألفاظ و الدلالات فتعرض لمقال
(همبلت) الذي يزعم أن اللغات بشكل عام تؤثر التعبير عن الأشياء بواسطة ألفاظ أثرها في الأذن يشبه أثر تلك الأشياء في الأذهان، و هذا ما يسمى بالمناسبة الطبيعية بين الألفاظ و معانيها ،و إن كان يرى أن هذه الصلة كانت في البداية، و لكنها تطورت حتى أصبحت العلامة غامضة.
و كان جسبرسن يضرب بعض الأمثلة عن المناسبة الطبيعية، من ذلك أن طائرا في أوربا يسمى(كوكو) فهو يصيح فيصدر صوتا هو – كوكو -.
ويمكن أن نمثل لهذا كذلك بكلمة الصفق و هو الصفع على الوجه، و هو ما يشبه الصوت الصادر عن ذلك.
و من مظاهر الدلالة الصوتية (النبر) فالنبر و الاعتماد بقوة أو الضغط على مقطع ما أو كلمة ما يجعل لها معنى خاصا . وفي لغات أخرى يحدد موضع النبر نوع الكلمة ، اسما أو فعلا .
و من مظاهر الدلالة الصوتية كذلك، النغمة الكلامية ففي اللغة الصينية قد يكون للكلمة الواحدة عدة معان يفرق بينهما النغمة.
و مثال ذلك في العربية قولنا هكذا) فقد تكون بمعنى الاستفهام إذا كان المتكلم يريد الاستفسار عن كيفية عمل شيء ، و قد تكون للشجب و الاستنكار، و قد تكون للإقرار و الإخبار.
و مما يتعلق بهذه الدلالة الصوتية ما ذكر من أن بعض اللغات تعبر عن الأصول المختلفة للفعل ،أي لحدوث الفعل من الفاعل بكلمات إضافية تدل من حيث الإيقاع الصوتي على تلك الحالة أو الكيفية، من ذلك ما ذكره الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه (دلالة الألفاظ) من أن من لغات وسط إفريقيا أن الفعل الذي يدل على مطلق المشي هو (zo) :
و يمشي منتصبا : ZO KA KA
يمشي بنشاط و حماس : ZO DES DES
يمشي بسرعة: ZO TYA TYA
يمشي متثاقل : ZO BOHO BOHO
( ارجع إلى ص69/70 من هذا الكتاب / مكتبة الأنجلو مصرية ط/5 1984)
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بمستويات التحليل اللساني
أ ـ علاقته بالمستوى الصوتي :
النص الأول :
يقول ابن جني في باب إمساس الألفاظ أشباه المعاني : " اعلم أن هذا موضع شريف لطيف وقد نبه عليه الخليل وتلقته الجماعة بالقبول له والاعتراف بصحته .قال الخليل كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومدا فقالوا صر ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر،
وقال سيبويه في المصادرالتي جاءت على الفعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة ، نحو الغليان والغثيان فقابلوا توالي حركات المثال بتوالي حركات الأفعال ".
الخصائص ج2 ص152
النص الثاني :
و يقول أيضا : " فأما مقابلة الألفاظ بما يشاكل أصواتها من الأحداث ، فباب عظيم وواسع ونهج متلئب عند عارفيه ، ذلك لأنهم كثيرا ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها ، فيعدلونها بها ويحتذونها عليها بذلك أكثر مما نقدره وأضعاف ما نستشعره من ذلك كقولهم خضم وقضم ، فالخضم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب ، والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك " .
الخصائص ج2 ص 157
النص الثالث :
أما في باب تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني فيقول :" من ذلك قول الله سبحانه :" ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا " أي تزعجهم وتقلقهم . فهذا في معنى تهزهم هزا ، والهمزة أخت الهاء ، فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين . وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز لأنك قد تهز ما لا بال له ، كالجذع وساق الشجرة ونحو ذلك ".
الخصائص ج2 ص146 ـ147
المطلوب : حلل هذه النصوص مبرزا أهم الظواهر الدلالية .
التحليل : نلاحظ في النص الأول أن ابن جني قد التفت إلى وجود صلة بين صوت الجندب والفعل الذي يدل عليه " صر " . وبسبب تشابه صوت البازي وصوت الجندب مع وجود اختلاف في الكيفية ، جاء الفعل الذي يصف صوت البازي مضعفا " صرصر " .
فنجد ابن جني يركز على تقارب المعاني نتيجة لتقارب جرس الأصوات ، ويفرق بين المعاني نتيجة لاختلاف الجرس .ويضيف ابن جني ما قاله سيبويه في هذا الباب " أن المصادر التي جاءت على الفعلان ، أنها تأتي للاضطراب........... حركات الأفعال ".فالمصادر التي على وزن " فعلان " ـ بفتح الفاء والعين ـ تدل على الحركة المصاحبة للحدث .
ثم يوضح في النص الثاني أثر الأصوات في المعاني ، فالصوت الرخو يدل على المعنى الرخو وبالمقابل يدل الصوت الغليظ على المعنى الغليظ ويعطينا مثالا لذلك كلمتي :الخضم التي تدل على أكل الرطب
و القضم لأكل الصلب اليابس.
أما في النص الثالث فيوضح لنا أن تقارب الحروف أو الأصوات ناتج عن تقارب المعاني ويقدم مثالا لذلك كلمتي الهز و الأز المتقاربتين في المعنى ومعناهما : تزعجهم وتقلقهم . أما إذا نظرنا إلى الكلمتين من الناحية اللفظية فنجد أنهما لا تختلفان إلا في حرف الهاء والهمزة وهما حرفان متقاربان أيضا من الناحية الصوتية فالهاء مخرجه الحلق وهو المخرج ذاته للهمزة .
فتتصور من مجموع هذه النصوص أن ابن جني يريد القول بوجود العلاقة الطبيعية بين الحرف ومعناه أو ما يسمى بالقيمة التعبيرية للحرف الواحد ، إذ تتقارب المعاني أحيانا نتيجة تقارب مخارج الحروف، وترتبط قوة المعاني بقوة الحروف .
ملاحظة : هذه فكرة توضيحية وعلى الطالب أن يتعمق في الشرح والتعليل كنموذج تدريبي .
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: محاضرات في الدلالة
25/10/11, 09:45 pm
تابع للمحاضرة رقم 3
علاقة الدلالة بعلم الصرف (الدلالة الصرفية).
بالرجوع إلى المستوى الصرفي من مستويات البنية اللغوية نذكر أن عناصر هذا المستوى هي (المفردات أو الكلمات أو الوحدات الدالة) التي تنشأ من جمع الأصوات (الوحدات غير الدالة) بصورة اعتباطية (مع التحفظ هنا على هذه الاعتباطية) ليكون لدينا وحدات لها دلالة مفردة (بالوضع) كما ذكر الزمخشري في كتابه (المفصل). هذه الوحدات ذات الدلالة المفردة تأخذ أشكالا صرفية مختلفة و هي التي تسمى الصيغ الصرفية ، و لكل صيغة دلالة معينة بالإضافة التي دلالة المادة الصوتية التي تتشكل منها. فللأأسماء
و الأفعال و الأوصاف (المشتقات المختلفة) دلالة إضافية تحددها الصيغة. فلكل فعل من الأفعال (الماضي، المضارع و الأمر) و بصورها المختلفة (المجردة و المزيدة ) هيئة صرفية تدل على المعنى أو على جزء من المعنى . مثل: فعل، يفعل، افعل، استفعل، تفاعل............و كذلك فاعل، مفعول، مفعل، مفعل، فعال، مفعال.
و قد تدل صيغة واحدة على عدة معان يحددها السياق، مثل صيغة اسم الفاعل و المفعول.
(مختار) ، بضم الميم ، المتحولة من البنيتين العميقتين: مختير و مختير، بفتح الياء في الأولى وكسرها في الثانية ،و من ذلك الصيغة التي تدل على اسم الزمان و المكان و اسم المفعول و المصدر الميمي (مسعى) على وزن مفعل ، ومن ذلك أيضا : الفعل ضاع يضوع ،التي تدل على الظهور
و الاختفاء و ندرك ذلك بالرجوع إلى المضارع: ضاع يضيع و ضاع يضوع ،و كذلك رام يروم و يريم (حلمي خليل مقدمة لدراسة فقه اللغة ص 182).
إن علم الصرف الذي يدرس هذه الصيغ (هذه الوحدات) التي تعد من المفردات على الرغم من أنها قد تتألف من أكثر من وحدة دالة حسب مبدأ تحديد الوحدات الدالة بناء على المعنى، أقول إن علم الصرف هنا يتقاطع مع علم الدلالة لأن الأصل في تصريف الصيغة الأولى إلى صيغ مختلفة الحاجة إلى الدلالات المختلفة التي نحتاج إليها ضمن النظام اللغوي لتؤدي اللغة وظيفتها بشكل كامل و دقيق.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى الصرفي
النص
يقول ابن جني في " باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية " : اعلم أن كل واحد من هذه الدلائل معتد مراعى مؤثر إلا أنها في القوة والضعف على ثلاث مراتب ، فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنوية ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الأفعال ، ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة ، ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره ودلالة بنائه على زمانه ودلالة معناه على فاعله ، فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه ، وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أنها وان لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها و يستقر على المثال المعتزم بها ، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به ، فدخلا بذلك في باب المعلوم والمشاهدة و أما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال وليست في حيز الضروريات ".
الخصائص ج3 ص98
المطلوب : حلل النص ، واستخرج أهم المفاهيم الدلالية المتضمنة مع التمثيل .
التحليل :
أبرز ابن جني في هذا النص أنواع الدلالات في الكلمة الواحدة، بحيث فصل بينها وجعلها مستقلة عن بعضها البعض وصنفها حسب قوتها مبتدئا بالأقوى دلالة وهي الدلالة اللفظية ثم الدلالة الصناعية وأخيرا الدلالة المعنوية . ثم بين أن الأفعال تشتمل على هذه الأنواع من الدلالات مجتمعة.
أ ـ الدلالة اللفظية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة لفظه على مصدره " .، وهو يقصد دلالة الجذر .
ويوضح لنا الأمر بمثال هو الفعل قام ودلالة لفظه هي دلالة جذره أي الجذر (ق، و، م ) الذي يدل على حدث يختلف عن معنى الجذر ( س ، م ، ع ) مثلا ، فلكل جذر إذن دلالة خاصة به تميزه عن جذر آخر.
ب ـ الدلالة الصناعية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة بناء الفعل على الزمن " ، ويقصد بها دلالة الوزن أو الصيغة الصرفية . فالكلمة في اللغة العربية تتكون من الجذر + الوزن ،و لكل وزن دلالة خاصة به ،إذ نجد مثلا أن كلمتي (قام ومقام ) تشتركان في نفس الدلالة اللفظية وهي دلالة الجذر (ق ، و ، م) لكن معناهما مختلف نتيجة تباين وزنيهما مما ينتج عنه تباين في معنى كل وزن :
ـ فوزن قام هو ( فعل ) الذي يدل على حدث القيام في الزمن الماضي،
ـ و وزن مقام هو( مفعل) الذي يدل على معنى اسم المكان
يتبين لنا أن الصيغ الصرفية تلعب دورا كبيرا في الدلالة على معنى الكلمة .
فصيغ الأفعال بأنواعها : الماضي والمضارع و الأمر تدل على الحدث وزمانه ،وما يتصل بهذه الأفعال من حروف وما يدخلها من التضعيف ، فتضعيف العين مثلا يدل على قوة الحدث وكثرته مثل : اخضر واخضوضر .
وتحمل صيغ الأسماء العديد من المعاني التي تتنوع بتنوعها ، كأسماء الفاعلين وأسماء المفعولين وصيغ المبالغة والتصغير والنسب والجموع ، فلكل منها معنى تؤديه .
ويمكننا التعرف على معاني تلك الأوزان بالرجوع إلى كتب الصرف .
ج ـ الدلالة المعنوية :عرفها ابن جني بقوله "دلالة معناه على فاعله " أي دلالة فاعل الفعل.
فالدلالة المعنوية للفعل ( قام ) هي الفاعل الذي قام بالفعل ( هو ).
والدلالة المعنوية في الاسم (قافلة ) هي : قافلة ، سيارة ، كواكب ... أي مختلف المعاني الأصلية
و المجازية .
يمكن أن نمثل لمختلف تلك الدلالات بالشكل التالي :
دلالة الفعل قام
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
( دلالة الجذر ق ،و ، م ) ( دلالة الوزن ( فعل) ( دلالة الفاعل هو )
الذي يدل على وقوع الحدث
في الزمن الماضي.
و يختلف بالتالي في دلالته
عن وزن المضارع
( يفعل) و باقي الأوزان
الأخرى ).
دلالة الاسم سيارة
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
(دلالة الجذر س ، ي ، ر ) ( الوزن فعالة يدل ( آلة تنقل ميكانيكية
مثلا على السرعة قافلة، كواكب ......
والكثرة....) وهي معاني تتحدد
هنا حسب السياق الذي
وردت فيه )
ملاحظة : لانجد كل هذه الأنواع من الدلالات إلا في الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة .
تمرين :
1 ـ بين أنواع الدلالة التي تتضمنها الكلمات التالية حسب تقسيم ابن جني لها :
1ـ هاتف ، 2 ـ صه ، 3 ـ من ، 4 ـ نعم ( بكسر النون وتسكين العين ) ، 5 ـ يسلم .
2 ـ ما المعنى المستفاد من الصيغ المتقابلة التالية ( استعن بالمعاجم العربية ) :
أ ـ القوام ( بكسر القاف ) والقوام (بفتحها)
ب ـ الذل ( بكسر الذال ) والذل ( بضمه )
ج ـ حاسوب ، حاسب
تابع للمحاضرة رقم 3
الدلالة و علم التراكيب (الدلالة النحوية).
يقول الجرجاني عبد القاهر في كتابه المشهور (دلائل الإعجاز في علم المعاني) : (إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد .....) (دلائل الإعجاز ص353).
إن ما يقال من أن الوحدات الدالة في المستوى الصرفي تتشكل من تجمع لعناصر من الوحدات غير الدالة (الأصوات) دون صدور ذلك عن نظام عقلي (إن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط....) (انظر دلائل الإعجاز ص353).( مع التحفظ على ذلك). فان ذلك لا ينطبق على تشكيل الجمل من الوحدات الدالة و إنما يتم ذلك بالتآلف بين هذه الوحدات فيأتلف بعضها و لا يأتلف بعضها الآخر، كما يذكر الجرجاني نفسه في كتابه الجمل (اعلم أن الواحد من الاسم و الفعل و الحرف يسمى كلمة، فإذا ائتلف منها اثنان فأفادا ( .....) يسمى كلاما ويسمى جملة ( الجمل ص107) .
و على هذا تكون الإفادة ليس معنى المفردات في حد ذاتها . و هو ما يوضحه في قوله السابق في الدلائل.
و إنما الإفادة هنا في هذا المستوى (مستوى التراكيب) أو المستوى النحوي هو تعريف المخاطب (بفتح الطاء ) و إبلاغه بالعلاقات النحوية أو ما يسمى بمعاني النحو، و هو المعنى الاسنادي الذي يربط بين الوحدات داخل التركيب فيفهم من الذي قام بالفعل أو اتصف بالوصف و على من وقع هذا الفعل، و مع ترابط عناصر التركيب بما في ذلك الملحقات مثل الحال و التمييز و غيرها، حيث يوضع كل عنصر في موضعه المناسب لصحة المعنى، وإلا لن يفهم المخاطب ، بفتح الطاء ، (السامع) أي معنى مع أنه من المفترض أنه يعرف المعاني المفردة للألفاظ و إنما المعنى المقصود هنا هو معنى النحو، أو الوظائف النحوية. و يرى الجرجاني أن ذلك النظام يقوم على ربط الكلمات ببعضها يقول " ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناسقت دلالاتها وتلاقت معانيها ، على الوجه الذي اقتضاه العقل (ص35) .
وكان الجرجاني قد ضرب مثلا ببيت امرئ القيس ـقفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ـ فقال
ما معناه أننا لو غيرنا ترتيب الكلمات فهل يعني قول امرئ القيس مبينا بعد ذلك .
وقد عدّ بعضهم الجملة (التركيب) هي الوحدة الدلالية الأساسية.
وهذا لا يعني –طبعا- أن المعاني المعجمية (الاجتماعية) بمعزل عن فهم المعنى لأن اللغة تعمل بنظام متفاعل تتداخل فيه المستويات ، و يظهر ذلك عند تشو مسكي فيما يسمى مبدأ السلامة النحوية ،
و يضرب لذلك الأمثلة ، فقد يكون التركيب سليما نحويا من حيث الإسناد، و لكنه لا يؤدي للمخاطب (بفتح الطاء ) معنى صحيحا مثال ذلك : (شرب الجدار النجمة المؤمنة) . و إنما قد يكون ذلك فيما يسمى باختراقات الشعراء مثل. ( شربتني قهوتي ) .
و إذا كنا قد ركزنا هنا على الجرجاني فلأنه ركز على العلاقة بين النحو و البلاغة أو الإبلاغ و ليس الإبلاغ إلا نقل المعاني و تبادلها بين المخاطب ( بفتح الطاء ) و المخاطب (بكسر الطاء ) .و من هنا كان لعلم الدلالة علاقة متينة بعلم النحو فليست اللغة إلا مجموعة من العلاقات بين الألفاظ و دلالاتها ،و هذا ما تؤكده كثير من المذاهب اللسانية الغربية الحديثة.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى التركيبي :
النص الأول :
يقول عبد القاهر الجرجاني :" اعلم أن ههنا أصلا أنت ترى الناس فيه في صورة من يعرف من جانب وينكر من آخر ، وهو أن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد ، وهذا علم شريف وأصل عظيم ، والدليل على ذلك أنا إن زعمنا أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة ، إنما وضعت ليعرف بها معانيها في أنفسها ، لأدى ذلك إلى ما لا يشك عاقل في استحالته ....."
دلائل الإعجاز ص469
النص الثاني :
و يقول أيضا :" ليت شعري كيف يتصور وقوع قصد منك إلى معنى كلمة من دون أن تريد تعليقها بمعنى كلمة أخرى ، ومعنى القصد إلى معاني الكلم أن تعلم السامع بها شيئا لا يعلمه ؟
و معلوم أنك أيها المتكلم لست تقصد أن تعلم السامع معاني الكلم المفردة التي تكلمه بها فلا تقول : خرج زيد لتعلمه معنى خرج في اللغة ومعنى زيد ، كيف ومحال أن تكلمه بألفاظ لا يعرف هو معانيها كما تعرف ، ولهذا لم يكن الفعل وحده دون الاسم ، ولا الاسم وحده دون اسم آخر أو فعل كلاما ، أو كنت لو قلت :زيد ولم تأت بفعل ولا باسم ولا قدرت فيه ضمير الشأن ، أو قلت زيد ولم تأت بفعل ولا اسم آخر ولم تضمره في نفسك ،كان ذلك وصوتا تصوته سواء فاعرفه "
المرجع نفسه ص372
النص الثالث :
ويقول : " و اعلم أن مثل واضع الكلام مثل من يأخذ قطعا من الذهب أوالفضة فيذيبها بعضها في بعض حتى تصير قطعة واحدة ، وذلك أنك إذا قلت : ضرب زيد عمرا يوم الجمعة ضربا شديدا تأديبا له ، فانك تحصل من مجموع هذه الكلم كلها على مفهوم هو معنى واحد لا عدة معان كما يتوهمه الناس ، وذلك لأنك لم تأت بهذه الكلم لتفيده أنفس معانيها إنما جئت بها لتفيده وجوه التعلق التي بين الفعل الذي هو ضرب وبين ما عمل فيه ، أو الأحكام التي هي محصول التعلق ........ وإذا كان ذلك كذلك بان منه وثبت أن المفهوم من مجموع الكلم معنى واحد لا عدة معان وهو إثباتك زيدا فاعلا ضربا لعمرو في وقت كذا ولغرض كذا.
المرجع نفسه ص372
التحليل
1 ـ التعريف بصاحب النص
هو عبد القاهر الجرجاني أبو بكر بن عبد الرحمان ولد بجرجان قرب خراسان ، وبها تلقى علومه وثقافته ، وتوفي بها سنة 471ه ـ 1093م . اهتم بالدراسات النحوية والأدبية وتفسير القرآن ، له عدة مؤلفات : أشهرها : دلائل الإعجاز ، أسرار البلاغة .
2 ـ أهمية كتاب دلائل الإعجاز
تناول فيه إعجاز القرآن من زاوية تخصصه اللغوي اللساني والأسلوبي، مؤسسا بذلك نظرية النظم و التي جمع فيها بين علوم ثلاث: النحو، البلاغة، النقد، وهي نظرة مكتملة تمكننا من فهم النص الأدبي من خلال صياغته.
والنظم في جوهره يتصل بالمعنى من حيث هو تصور للعلاقات النحوية كتصور علاقة التعدية بين الفعل والمفعول به ، وتصور علاقة السببية بين الفعل والمفعول لأجله ، ثم تأتي المزية من وراء ذلك بحسب موقع الكلمات بعضها من بعض .
ارتبطت نظرية النظم بقضية فكرية دينية شغلت المسلمين حقبة طويلة، احتدم الجدال حولها: القرآن أمخلوق هو أم قديم؟.
وقد تزعم المعتزلة القول بخلق القرآن ، واتصل البحث فيها بماهية الكلام ، حيث قال المعتزلة إن كلام الناس حروف ، وكذلك كلام الله وقد مر ذلك إلى تناول الصلة بين الألفاظ ومدلولاتها ، فمن العلماء من رأى أنها طبيعية ذاتية ومنهم من قال بأنها علاقة اعتباطية اتفاقية .
كل ذلك وصل إلى عبد القاهر الجرجاني الذي أدرك سوء الفهم لدى أهل زمانه إذ منهم من مال إلى اللفظية الجامدة ، وأعطى الألفاظ بعض القداسة .
كما تجاوز آراء العلماء خاصة في المسائل النحوية التي ارتبطت بقضايا الصواب والخطأ في الأداء إلى الاهتمام بالعلاقات المتنوعة بين الكلمات ثم بين الجمل .
التحليل :
ـ يبين الجرجاني في النص الأول أن الدلالة لا تقتصر على الجانب الافرادي فقط إنما تتعداه إلى المستوى التركيبي النحوي ، ثم نجده يفاضل بين الدلالتين عندما يبين لنا أن الغرض من اللغة الذي هو التعبير والتواصل لا يتحقق بالنظر في معاني الألفاظ المفردة ، لأن هذه المعاني ناتجة عن التواضع والاصطلاح ، ولا نحقق أية فائدة عند الاكتفاء بمعرفتها ، لأنها معروفة أصلا عند كل المتخاطبين ،بل الفائدة تتحقق بمعرفة المعاني الناتجة عن ضم تلك الكلمات بعضها مع بعض ، ويصفه بأنه "علم شريف وأ صل عظيم ".
ـ وفي النص الثاني، يبين أيضا أن الفائدة المرجوة من اللغة ـ أي تبليغ معاني جديدة للمستمع لا يعرفها ـ لا تتحقق إلا بتعليق أي ضم الكلمات بعضها ببعض وفق قواعد نحوية معينة ، و هنا نتحدث عن معنى الجملة.
يقدم لنا الجرجاني مثالا توضيحيا لذلك بجملة " خرج زيد " ، فالقصد هنا ليس إعلام أو إفادة السامع بمعنى " خرج " أو بمعنى " زيد " لأن معناهما ناتج عن التواضع ـ مثلما ذكر في النص الأول ـ إنما إعلامه بمعنى التركيب : (خرج + زيد) أو( زيد + خرج ) و هنا تتحقق الفائدة .
ـ نلاحظ أن الجرجاني في النص الثالث يوضح أكثر معنى " دلالة الجملة " ، باستعماله : "ضرب زيد عمرا يوم الجمعة ضربا شديدا تأديبا له " ، وهي عبارة تحمل بكلماتها المجتمعة معنى واحدا هو معنى الإثبات أي إثبات زيد فاعلا ضربا لعمرو في وقت كذا وعلى صفة كذا ولغرض كذا .
فمعنى الإثبات هو المعنى النحوي ،ويقول عنه الجرجاني أنه " معنى واحد لا عدة معان كما يتوهمه الناس ".
لأن المعاني المنفصلة الخاصة بكل كلمة ، ناتجة كما ذكر عن التواضع والاصطلاح .
نستنتج أن المعنى النحوي عند الجرجاني يخضع لقواعد معينة ، وأي تغيير في ترتيب الكلمات وتركيبها يخضع لتلك القواعد . ومن أنواع المعاني النحوية التي يمكن ذكرها هي: معنى الاستفهام في جملة الاستفهام ، معنى الإثبات في جملة الإثبات ، معنى النفي في جملة النفي ...........
الدلالة و علم البلاغة
قد لا يذكر الباحثون في الغالب ـ أن هناك مستوى في البنية اللغوية يسمى المستوى البلاغي ،لأنه متداخل مع المستوى الابلاغي الذي يعتمد التراكيب أو الإسناد أساسا ، و إنما هناك أنواع من التصرف في الكلام قد تجعله بليغا ، و يتفاوت في ذلك المتكلمون ، و مما يشير إلى أن الدلالة البلاغية في سياقاتها تختلف عن الدلالات الأخرى مع ارتباطها بها أننا لو أخذنا المثال المشهور من التراث اللغوي العربي (كثير الرماد). فالدلالة النحوية هنا لو وققنا عندها كانت أن شخصا ما عنده الكثير من الرماد (بقايا النار) و قد يكون ذلك للاتجار به أو أن يكون للقذارة و عدم التخلص منه، و لكن في السياق البلاغي تكون دلالة (كثير الرماد) الكرم ......... وهذا الذي سمي عند الجرجاني بمعنى المعنى. و كنا قد ذكرنا أن (أوجدن
و ريتشارد) قد ألفا كتابا في عام 1923 بعنوان "معنى المعنى" the meaning of meaning
و كان عبد القاهر الجرجاني قد سبق إلى ذلك و إن كان بمجرد إشارة.
هذا بالإضافة إلى علاقة الدلالة بالنص (الدلالة النصية)، إذ أن هناك من يرى أن الوحدة الدلالية هي (atext) . و أن أي امتداد للكلام ابتداء من المورفيم ـ و ربما دون ذلك ـ هو وحدة دلالية (انظر: أحمد مختار عمر. علم الدلالة ،عالم الكتب ص 32) علما بأن أبرز وحدة دلالية هي الكلمة لأنها المستوى الأساسي في البنية اللغوية (مستوى الوحدات الدالة) كما كنا قد أشرنا سابقا عند حديثنا عن مستويات البنية اللغوية.
الدلالة و المعجم: (الدلالة الاجتماعية)
كل كلمة من كلمات اللغة العربية لها دلالة معجمية مستقلة عما توحيه أصواتها أو صيغتها من دلالات زائدة على تلك الأصلية أو المركزية أو القاعدية ، و يطلق عليها الدلالة الاجتماعية. و لكن عندما تنتظم الكلمة ضمن الجملة تضاف إلى الكلمة كل الدلالات الأخرى و لا يتم الفهم إلا بالوقوف عليها جميعها.
و أصل المعنى المعجمي هو ما تدل عليه الكلمة من المعنى الوضعي ،و هذا ما أشار إليه الزمخشري عندما قال في كتابه المفصل: " الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع ". هذا المعنى المرتبط
–مبدئيا- بالأصول الصوتية (العربية ثلاثية الأصوات) هو الذي تنطلق منه المعاني الأخرى ،و قد ارتبطت المعاجم العربية القديمة و الحديثة (غالبا) بمبدأ الأصول الثلاثية ،حتى رأى بعضهم (ابن جني)
و ربما من قبله (الخليل بن أحمد) : أن المعنى الأصلي يظل مرتبطا بهذه الأصول و لا يكاد يفارقها حتى و إن تغير ترتيبها في الكلمة الواحدة (الاشتقاق الكبير) ـ أو حتى لو أبدلنا بها ما يقاربها من الأصوات (الاشتقاق الأكبر) و إن كان الذين اعتمدوا هذا الرأي قد تأولوا كثيرا.
هذا بالإضافة إلى أن هناك من عدّ المادة الصوتية الأولى في الكلمات اللغة كانت صوتين فقط
أو ما يعرف بالمقطع الصوتي القصير المغلق (قط، شد، شك) هذا تاريخيا ثم انتقلت هذه الثنائية إلى المعجم بتضعيف الصوت الثاني (قطّ، شدّ، عضّ) الثلاثي المضاعف و نظرا للحاجة إلى تنويع المعنى أضيف فيما بعد صوت ثالث تتويجا أو حشوا أو كسعا من ذلك قط + ع = قطع – و + ر = قطر، و+ م = قطم.......وفج بإدخال صوت في وسطها تصبح فلج أو فرج ..........
و لعل ما يشير إلى علاقة الدلالة بالمعجم أن هناك معاجم بنيت على أساس المعاني، و سميت معاجم المعاني ،و قد كان هذا في التراث اللغوي العربي عندما وضع جامعو اللغة الأول ما يسمى بالرسائل اللغوية المتعلقة بأحد الموضوعات أو المعاني مثل: كتاب الإبل، و كتاب الخيل، و الأنواء و غير ذلك
و كما أن هناك الآن معاجم نبحث فيها اعتمادا على اللفظ، فان هناك معاجم أخرى يبحث فيها اعتمادا على المعنى.
علاقة الدلالة بعلم الصرف (الدلالة الصرفية).
بالرجوع إلى المستوى الصرفي من مستويات البنية اللغوية نذكر أن عناصر هذا المستوى هي (المفردات أو الكلمات أو الوحدات الدالة) التي تنشأ من جمع الأصوات (الوحدات غير الدالة) بصورة اعتباطية (مع التحفظ هنا على هذه الاعتباطية) ليكون لدينا وحدات لها دلالة مفردة (بالوضع) كما ذكر الزمخشري في كتابه (المفصل). هذه الوحدات ذات الدلالة المفردة تأخذ أشكالا صرفية مختلفة و هي التي تسمى الصيغ الصرفية ، و لكل صيغة دلالة معينة بالإضافة التي دلالة المادة الصوتية التي تتشكل منها. فللأأسماء
و الأفعال و الأوصاف (المشتقات المختلفة) دلالة إضافية تحددها الصيغة. فلكل فعل من الأفعال (الماضي، المضارع و الأمر) و بصورها المختلفة (المجردة و المزيدة ) هيئة صرفية تدل على المعنى أو على جزء من المعنى . مثل: فعل، يفعل، افعل، استفعل، تفاعل............و كذلك فاعل، مفعول، مفعل، مفعل، فعال، مفعال.
و قد تدل صيغة واحدة على عدة معان يحددها السياق، مثل صيغة اسم الفاعل و المفعول.
(مختار) ، بضم الميم ، المتحولة من البنيتين العميقتين: مختير و مختير، بفتح الياء في الأولى وكسرها في الثانية ،و من ذلك الصيغة التي تدل على اسم الزمان و المكان و اسم المفعول و المصدر الميمي (مسعى) على وزن مفعل ، ومن ذلك أيضا : الفعل ضاع يضوع ،التي تدل على الظهور
و الاختفاء و ندرك ذلك بالرجوع إلى المضارع: ضاع يضيع و ضاع يضوع ،و كذلك رام يروم و يريم (حلمي خليل مقدمة لدراسة فقه اللغة ص 182).
إن علم الصرف الذي يدرس هذه الصيغ (هذه الوحدات) التي تعد من المفردات على الرغم من أنها قد تتألف من أكثر من وحدة دالة حسب مبدأ تحديد الوحدات الدالة بناء على المعنى، أقول إن علم الصرف هنا يتقاطع مع علم الدلالة لأن الأصل في تصريف الصيغة الأولى إلى صيغ مختلفة الحاجة إلى الدلالات المختلفة التي نحتاج إليها ضمن النظام اللغوي لتؤدي اللغة وظيفتها بشكل كامل و دقيق.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى الصرفي
النص
يقول ابن جني في " باب في الدلالة اللفظية والصناعية والمعنوية " : اعلم أن كل واحد من هذه الدلائل معتد مراعى مؤثر إلا أنها في القوة والضعف على ثلاث مراتب ، فأقواهن الدلالة اللفظية ثم تليها الصناعية ثم تليها المعنوية ولنذكر من ذلك ما يصح به الغرض فمنه جميع الأفعال ، ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة ، ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره ودلالة بنائه على زمانه ودلالة معناه على فاعله ، فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه ، وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل أنها وان لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ ويخرج عليها و يستقر على المثال المعتزم بها ، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به ، فدخلا بذلك في باب المعلوم والمشاهدة و أما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال وليست في حيز الضروريات ".
الخصائص ج3 ص98
المطلوب : حلل النص ، واستخرج أهم المفاهيم الدلالية المتضمنة مع التمثيل .
التحليل :
أبرز ابن جني في هذا النص أنواع الدلالات في الكلمة الواحدة، بحيث فصل بينها وجعلها مستقلة عن بعضها البعض وصنفها حسب قوتها مبتدئا بالأقوى دلالة وهي الدلالة اللفظية ثم الدلالة الصناعية وأخيرا الدلالة المعنوية . ثم بين أن الأفعال تشتمل على هذه الأنواع من الدلالات مجتمعة.
أ ـ الدلالة اللفظية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة لفظه على مصدره " .، وهو يقصد دلالة الجذر .
ويوضح لنا الأمر بمثال هو الفعل قام ودلالة لفظه هي دلالة جذره أي الجذر (ق، و، م ) الذي يدل على حدث يختلف عن معنى الجذر ( س ، م ، ع ) مثلا ، فلكل جذر إذن دلالة خاصة به تميزه عن جذر آخر.
ب ـ الدلالة الصناعية : عرفها ابن جني بقوله أنها " دلالة بناء الفعل على الزمن " ، ويقصد بها دلالة الوزن أو الصيغة الصرفية . فالكلمة في اللغة العربية تتكون من الجذر + الوزن ،و لكل وزن دلالة خاصة به ،إذ نجد مثلا أن كلمتي (قام ومقام ) تشتركان في نفس الدلالة اللفظية وهي دلالة الجذر (ق ، و ، م) لكن معناهما مختلف نتيجة تباين وزنيهما مما ينتج عنه تباين في معنى كل وزن :
ـ فوزن قام هو ( فعل ) الذي يدل على حدث القيام في الزمن الماضي،
ـ و وزن مقام هو( مفعل) الذي يدل على معنى اسم المكان
يتبين لنا أن الصيغ الصرفية تلعب دورا كبيرا في الدلالة على معنى الكلمة .
فصيغ الأفعال بأنواعها : الماضي والمضارع و الأمر تدل على الحدث وزمانه ،وما يتصل بهذه الأفعال من حروف وما يدخلها من التضعيف ، فتضعيف العين مثلا يدل على قوة الحدث وكثرته مثل : اخضر واخضوضر .
وتحمل صيغ الأسماء العديد من المعاني التي تتنوع بتنوعها ، كأسماء الفاعلين وأسماء المفعولين وصيغ المبالغة والتصغير والنسب والجموع ، فلكل منها معنى تؤديه .
ويمكننا التعرف على معاني تلك الأوزان بالرجوع إلى كتب الصرف .
ج ـ الدلالة المعنوية :عرفها ابن جني بقوله "دلالة معناه على فاعله " أي دلالة فاعل الفعل.
فالدلالة المعنوية للفعل ( قام ) هي الفاعل الذي قام بالفعل ( هو ).
والدلالة المعنوية في الاسم (قافلة ) هي : قافلة ، سيارة ، كواكب ... أي مختلف المعاني الأصلية
و المجازية .
يمكن أن نمثل لمختلف تلك الدلالات بالشكل التالي :
دلالة الفعل قام
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
( دلالة الجذر ق ،و ، م ) ( دلالة الوزن ( فعل) ( دلالة الفاعل هو )
الذي يدل على وقوع الحدث
في الزمن الماضي.
و يختلف بالتالي في دلالته
عن وزن المضارع
( يفعل) و باقي الأوزان
الأخرى ).
دلالة الاسم سيارة
دلالة لفظية دلالة صناعية دلالة معنوية
(دلالة الجذر س ، ي ، ر ) ( الوزن فعالة يدل ( آلة تنقل ميكانيكية
مثلا على السرعة قافلة، كواكب ......
والكثرة....) وهي معاني تتحدد
هنا حسب السياق الذي
وردت فيه )
ملاحظة : لانجد كل هذه الأنواع من الدلالات إلا في الأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة .
تمرين :
1 ـ بين أنواع الدلالة التي تتضمنها الكلمات التالية حسب تقسيم ابن جني لها :
1ـ هاتف ، 2 ـ صه ، 3 ـ من ، 4 ـ نعم ( بكسر النون وتسكين العين ) ، 5 ـ يسلم .
2 ـ ما المعنى المستفاد من الصيغ المتقابلة التالية ( استعن بالمعاجم العربية ) :
أ ـ القوام ( بكسر القاف ) والقوام (بفتحها)
ب ـ الذل ( بكسر الذال ) والذل ( بضمه )
ج ـ حاسوب ، حاسب
تابع للمحاضرة رقم 3
الدلالة و علم التراكيب (الدلالة النحوية).
يقول الجرجاني عبد القاهر في كتابه المشهور (دلائل الإعجاز في علم المعاني) : (إن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد .....) (دلائل الإعجاز ص353).
إن ما يقال من أن الوحدات الدالة في المستوى الصرفي تتشكل من تجمع لعناصر من الوحدات غير الدالة (الأصوات) دون صدور ذلك عن نظام عقلي (إن نظم الحروف هو تواليها في النطق فقط....) (انظر دلائل الإعجاز ص353).( مع التحفظ على ذلك). فان ذلك لا ينطبق على تشكيل الجمل من الوحدات الدالة و إنما يتم ذلك بالتآلف بين هذه الوحدات فيأتلف بعضها و لا يأتلف بعضها الآخر، كما يذكر الجرجاني نفسه في كتابه الجمل (اعلم أن الواحد من الاسم و الفعل و الحرف يسمى كلمة، فإذا ائتلف منها اثنان فأفادا ( .....) يسمى كلاما ويسمى جملة ( الجمل ص107) .
و على هذا تكون الإفادة ليس معنى المفردات في حد ذاتها . و هو ما يوضحه في قوله السابق في الدلائل.
و إنما الإفادة هنا في هذا المستوى (مستوى التراكيب) أو المستوى النحوي هو تعريف المخاطب (بفتح الطاء ) و إبلاغه بالعلاقات النحوية أو ما يسمى بمعاني النحو، و هو المعنى الاسنادي الذي يربط بين الوحدات داخل التركيب فيفهم من الذي قام بالفعل أو اتصف بالوصف و على من وقع هذا الفعل، و مع ترابط عناصر التركيب بما في ذلك الملحقات مثل الحال و التمييز و غيرها، حيث يوضع كل عنصر في موضعه المناسب لصحة المعنى، وإلا لن يفهم المخاطب ، بفتح الطاء ، (السامع) أي معنى مع أنه من المفترض أنه يعرف المعاني المفردة للألفاظ و إنما المعنى المقصود هنا هو معنى النحو، أو الوظائف النحوية. و يرى الجرجاني أن ذلك النظام يقوم على ربط الكلمات ببعضها يقول " ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناسقت دلالاتها وتلاقت معانيها ، على الوجه الذي اقتضاه العقل (ص35) .
وكان الجرجاني قد ضرب مثلا ببيت امرئ القيس ـقفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ـ فقال
ما معناه أننا لو غيرنا ترتيب الكلمات فهل يعني قول امرئ القيس مبينا بعد ذلك .
وقد عدّ بعضهم الجملة (التركيب) هي الوحدة الدلالية الأساسية.
وهذا لا يعني –طبعا- أن المعاني المعجمية (الاجتماعية) بمعزل عن فهم المعنى لأن اللغة تعمل بنظام متفاعل تتداخل فيه المستويات ، و يظهر ذلك عند تشو مسكي فيما يسمى مبدأ السلامة النحوية ،
و يضرب لذلك الأمثلة ، فقد يكون التركيب سليما نحويا من حيث الإسناد، و لكنه لا يؤدي للمخاطب (بفتح الطاء ) معنى صحيحا مثال ذلك : (شرب الجدار النجمة المؤمنة) . و إنما قد يكون ذلك فيما يسمى باختراقات الشعراء مثل. ( شربتني قهوتي ) .
و إذا كنا قد ركزنا هنا على الجرجاني فلأنه ركز على العلاقة بين النحو و البلاغة أو الإبلاغ و ليس الإبلاغ إلا نقل المعاني و تبادلها بين المخاطب ( بفتح الطاء ) و المخاطب (بكسر الطاء ) .و من هنا كان لعلم الدلالة علاقة متينة بعلم النحو فليست اللغة إلا مجموعة من العلاقات بين الألفاظ و دلالاتها ،و هذا ما تؤكده كثير من المذاهب اللسانية الغربية الحديثة.
حصة تطبيقية حول علاقة علم الدلالة بالمستوى التركيبي :
النص الأول :
يقول عبد القاهر الجرجاني :" اعلم أن ههنا أصلا أنت ترى الناس فيه في صورة من يعرف من جانب وينكر من آخر ، وهو أن الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتعرف معانيها في أنفسها و لكن لأن يضم بعضها إلى بعض فيعرف فيما بينها فوائد ، وهذا علم شريف وأصل عظيم ، والدليل على ذلك أنا إن زعمنا أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة ، إنما وضعت ليعرف بها معانيها في أنفسها ، لأدى ذلك إلى ما لا يشك عاقل في استحالته ....."
دلائل الإعجاز ص469
النص الثاني :
و يقول أيضا :" ليت شعري كيف يتصور وقوع قصد منك إلى معنى كلمة من دون أن تريد تعليقها بمعنى كلمة أخرى ، ومعنى القصد إلى معاني الكلم أن تعلم السامع بها شيئا لا يعلمه ؟
و معلوم أنك أيها المتكلم لست تقصد أن تعلم السامع معاني الكلم المفردة التي تكلمه بها فلا تقول : خرج زيد لتعلمه معنى خرج في اللغة ومعنى زيد ، كيف ومحال أن تكلمه بألفاظ لا يعرف هو معانيها كما تعرف ، ولهذا لم يكن الفعل وحده دون الاسم ، ولا الاسم وحده دون اسم آخر أو فعل كلاما ، أو كنت لو قلت :زيد ولم تأت بفعل ولا باسم ولا قدرت فيه ضمير الشأن ، أو قلت زيد ولم تأت بفعل ولا اسم آخر ولم تضمره في نفسك ،كان ذلك وصوتا تصوته سواء فاعرفه "
المرجع نفسه ص372
النص الثالث :
ويقول : " و اعلم أن مثل واضع الكلام مثل من يأخذ قطعا من الذهب أوالفضة فيذيبها بعضها في بعض حتى تصير قطعة واحدة ، وذلك أنك إذا قلت : ضرب زيد عمرا يوم الجمعة ضربا شديدا تأديبا له ، فانك تحصل من مجموع هذه الكلم كلها على مفهوم هو معنى واحد لا عدة معان كما يتوهمه الناس ، وذلك لأنك لم تأت بهذه الكلم لتفيده أنفس معانيها إنما جئت بها لتفيده وجوه التعلق التي بين الفعل الذي هو ضرب وبين ما عمل فيه ، أو الأحكام التي هي محصول التعلق ........ وإذا كان ذلك كذلك بان منه وثبت أن المفهوم من مجموع الكلم معنى واحد لا عدة معان وهو إثباتك زيدا فاعلا ضربا لعمرو في وقت كذا ولغرض كذا.
المرجع نفسه ص372
التحليل
1 ـ التعريف بصاحب النص
هو عبد القاهر الجرجاني أبو بكر بن عبد الرحمان ولد بجرجان قرب خراسان ، وبها تلقى علومه وثقافته ، وتوفي بها سنة 471ه ـ 1093م . اهتم بالدراسات النحوية والأدبية وتفسير القرآن ، له عدة مؤلفات : أشهرها : دلائل الإعجاز ، أسرار البلاغة .
2 ـ أهمية كتاب دلائل الإعجاز
تناول فيه إعجاز القرآن من زاوية تخصصه اللغوي اللساني والأسلوبي، مؤسسا بذلك نظرية النظم و التي جمع فيها بين علوم ثلاث: النحو، البلاغة، النقد، وهي نظرة مكتملة تمكننا من فهم النص الأدبي من خلال صياغته.
والنظم في جوهره يتصل بالمعنى من حيث هو تصور للعلاقات النحوية كتصور علاقة التعدية بين الفعل والمفعول به ، وتصور علاقة السببية بين الفعل والمفعول لأجله ، ثم تأتي المزية من وراء ذلك بحسب موقع الكلمات بعضها من بعض .
ارتبطت نظرية النظم بقضية فكرية دينية شغلت المسلمين حقبة طويلة، احتدم الجدال حولها: القرآن أمخلوق هو أم قديم؟.
وقد تزعم المعتزلة القول بخلق القرآن ، واتصل البحث فيها بماهية الكلام ، حيث قال المعتزلة إن كلام الناس حروف ، وكذلك كلام الله وقد مر ذلك إلى تناول الصلة بين الألفاظ ومدلولاتها ، فمن العلماء من رأى أنها طبيعية ذاتية ومنهم من قال بأنها علاقة اعتباطية اتفاقية .
كل ذلك وصل إلى عبد القاهر الجرجاني الذي أدرك سوء الفهم لدى أهل زمانه إذ منهم من مال إلى اللفظية الجامدة ، وأعطى الألفاظ بعض القداسة .
كما تجاوز آراء العلماء خاصة في المسائل النحوية التي ارتبطت بقضايا الصواب والخطأ في الأداء إلى الاهتمام بالعلاقات المتنوعة بين الكلمات ثم بين الجمل .
التحليل :
ـ يبين الجرجاني في النص الأول أن الدلالة لا تقتصر على الجانب الافرادي فقط إنما تتعداه إلى المستوى التركيبي النحوي ، ثم نجده يفاضل بين الدلالتين عندما يبين لنا أن الغرض من اللغة الذي هو التعبير والتواصل لا يتحقق بالنظر في معاني الألفاظ المفردة ، لأن هذه المعاني ناتجة عن التواضع والاصطلاح ، ولا نحقق أية فائدة عند الاكتفاء بمعرفتها ، لأنها معروفة أصلا عند كل المتخاطبين ،بل الفائدة تتحقق بمعرفة المعاني الناتجة عن ضم تلك الكلمات بعضها مع بعض ، ويصفه بأنه "علم شريف وأ صل عظيم ".
ـ وفي النص الثاني، يبين أيضا أن الفائدة المرجوة من اللغة ـ أي تبليغ معاني جديدة للمستمع لا يعرفها ـ لا تتحقق إلا بتعليق أي ضم الكلمات بعضها ببعض وفق قواعد نحوية معينة ، و هنا نتحدث عن معنى الجملة.
يقدم لنا الجرجاني مثالا توضيحيا لذلك بجملة " خرج زيد " ، فالقصد هنا ليس إعلام أو إفادة السامع بمعنى " خرج " أو بمعنى " زيد " لأن معناهما ناتج عن التواضع ـ مثلما ذكر في النص الأول ـ إنما إعلامه بمعنى التركيب : (خرج + زيد) أو( زيد + خرج ) و هنا تتحقق الفائدة .
ـ نلاحظ أن الجرجاني في النص الثالث يوضح أكثر معنى " دلالة الجملة " ، باستعماله : "ضرب زيد عمرا يوم الجمعة ضربا شديدا تأديبا له " ، وهي عبارة تحمل بكلماتها المجتمعة معنى واحدا هو معنى الإثبات أي إثبات زيد فاعلا ضربا لعمرو في وقت كذا وعلى صفة كذا ولغرض كذا .
فمعنى الإثبات هو المعنى النحوي ،ويقول عنه الجرجاني أنه " معنى واحد لا عدة معان كما يتوهمه الناس ".
لأن المعاني المنفصلة الخاصة بكل كلمة ، ناتجة كما ذكر عن التواضع والاصطلاح .
نستنتج أن المعنى النحوي عند الجرجاني يخضع لقواعد معينة ، وأي تغيير في ترتيب الكلمات وتركيبها يخضع لتلك القواعد . ومن أنواع المعاني النحوية التي يمكن ذكرها هي: معنى الاستفهام في جملة الاستفهام ، معنى الإثبات في جملة الإثبات ، معنى النفي في جملة النفي ...........
الدلالة و علم البلاغة
قد لا يذكر الباحثون في الغالب ـ أن هناك مستوى في البنية اللغوية يسمى المستوى البلاغي ،لأنه متداخل مع المستوى الابلاغي الذي يعتمد التراكيب أو الإسناد أساسا ، و إنما هناك أنواع من التصرف في الكلام قد تجعله بليغا ، و يتفاوت في ذلك المتكلمون ، و مما يشير إلى أن الدلالة البلاغية في سياقاتها تختلف عن الدلالات الأخرى مع ارتباطها بها أننا لو أخذنا المثال المشهور من التراث اللغوي العربي (كثير الرماد). فالدلالة النحوية هنا لو وققنا عندها كانت أن شخصا ما عنده الكثير من الرماد (بقايا النار) و قد يكون ذلك للاتجار به أو أن يكون للقذارة و عدم التخلص منه، و لكن في السياق البلاغي تكون دلالة (كثير الرماد) الكرم ......... وهذا الذي سمي عند الجرجاني بمعنى المعنى. و كنا قد ذكرنا أن (أوجدن
و ريتشارد) قد ألفا كتابا في عام 1923 بعنوان "معنى المعنى" the meaning of meaning
و كان عبد القاهر الجرجاني قد سبق إلى ذلك و إن كان بمجرد إشارة.
هذا بالإضافة إلى علاقة الدلالة بالنص (الدلالة النصية)، إذ أن هناك من يرى أن الوحدة الدلالية هي (atext) . و أن أي امتداد للكلام ابتداء من المورفيم ـ و ربما دون ذلك ـ هو وحدة دلالية (انظر: أحمد مختار عمر. علم الدلالة ،عالم الكتب ص 32) علما بأن أبرز وحدة دلالية هي الكلمة لأنها المستوى الأساسي في البنية اللغوية (مستوى الوحدات الدالة) كما كنا قد أشرنا سابقا عند حديثنا عن مستويات البنية اللغوية.
الدلالة و المعجم: (الدلالة الاجتماعية)
كل كلمة من كلمات اللغة العربية لها دلالة معجمية مستقلة عما توحيه أصواتها أو صيغتها من دلالات زائدة على تلك الأصلية أو المركزية أو القاعدية ، و يطلق عليها الدلالة الاجتماعية. و لكن عندما تنتظم الكلمة ضمن الجملة تضاف إلى الكلمة كل الدلالات الأخرى و لا يتم الفهم إلا بالوقوف عليها جميعها.
و أصل المعنى المعجمي هو ما تدل عليه الكلمة من المعنى الوضعي ،و هذا ما أشار إليه الزمخشري عندما قال في كتابه المفصل: " الكلمة هي اللفظ الدال على معنى مفرد بالوضع ". هذا المعنى المرتبط
–مبدئيا- بالأصول الصوتية (العربية ثلاثية الأصوات) هو الذي تنطلق منه المعاني الأخرى ،و قد ارتبطت المعاجم العربية القديمة و الحديثة (غالبا) بمبدأ الأصول الثلاثية ،حتى رأى بعضهم (ابن جني)
و ربما من قبله (الخليل بن أحمد) : أن المعنى الأصلي يظل مرتبطا بهذه الأصول و لا يكاد يفارقها حتى و إن تغير ترتيبها في الكلمة الواحدة (الاشتقاق الكبير) ـ أو حتى لو أبدلنا بها ما يقاربها من الأصوات (الاشتقاق الأكبر) و إن كان الذين اعتمدوا هذا الرأي قد تأولوا كثيرا.
هذا بالإضافة إلى أن هناك من عدّ المادة الصوتية الأولى في الكلمات اللغة كانت صوتين فقط
أو ما يعرف بالمقطع الصوتي القصير المغلق (قط، شد، شك) هذا تاريخيا ثم انتقلت هذه الثنائية إلى المعجم بتضعيف الصوت الثاني (قطّ، شدّ، عضّ) الثلاثي المضاعف و نظرا للحاجة إلى تنويع المعنى أضيف فيما بعد صوت ثالث تتويجا أو حشوا أو كسعا من ذلك قط + ع = قطع – و + ر = قطر، و+ م = قطم.......وفج بإدخال صوت في وسطها تصبح فلج أو فرج ..........
و لعل ما يشير إلى علاقة الدلالة بالمعجم أن هناك معاجم بنيت على أساس المعاني، و سميت معاجم المعاني ،و قد كان هذا في التراث اللغوي العربي عندما وضع جامعو اللغة الأول ما يسمى بالرسائل اللغوية المتعلقة بأحد الموضوعات أو المعاني مثل: كتاب الإبل، و كتاب الخيل، و الأنواء و غير ذلك
و كما أن هناك الآن معاجم نبحث فيها اعتمادا على اللفظ، فان هناك معاجم أخرى يبحث فيها اعتمادا على المعنى.
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: محاضرات في الدلالة
25/10/11, 10:28 pm
حصة تطبيقية حول نظرية سياق الحال
النص الأول
يقول ابن جني في باب ذكر علل العربية أكلامية هي أم فقهية : " نعم ، وقد يمكن أن تكون أسباب التسمية تخفى علينا لبعدها في الزمان عنا . ألا ترى إلى قول سيبويه : أو لعل الأول وصل إليه علم لم يصل إلى الآخر ، يعني أن يكون الأول الحاضر شاهد الحال ، فعرف السبب الذي له ومن أجله ما وقعت عليه التسمية ، والآخر لبعده عن الحال لم يعرف السبب للتسمية ، ألا ترى إلى قولهم للإنسان إذا رفع صوته : قد رفع عقيرته ، فلو ذهبت تشتق هذا ، بأن تجمع بين معنى الصوت ، وبين معنى ( ع ق ر ) لبعد عنك وتعسفت . و أصله أن رجلا قطعت إحدى رجليه، فرفعها على الأخرى، ثم صرخ بأعلى صوته فقال الناس، رفع عقيرته ".
الخصائص ج1 ص66
النص الثاني :
يقول ابن جني معقبا على قول العرب "سير عليه ليل " وهم يريدون ليل طويل..........وكأن هذا إنما حذفت فيه الصفة لما دل من الحال على موضعها ، وذلك أنك تحس في كلام القائل لذلك من التطويح والتطريح ( التطويل والتفخيم والتعظيم ) ما يقوم مقام قوله طويل أو نحو ذلك . وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته و ذلك أن تكون في مدح إنسان أو الثناء عليه فتقول : كان والله رجلا . فتزيد في قوة اللفظ
" بالله " وتتمكن في تمطيط اللام وإطالة الصوت بها وعليها أي رجلا فاضلا أو شجاعا أو كريما أو نحو ذلك .
و كذلك تقول سألناه فوجدناه إنسانا، وتمكن الصوت بإنسان وتفخمه فتستغني بذلك عن وصفه بقولك إنسانا سمحا أو جوادا أو نحو ذلك. وكذا إذا ذممته أو وصفته بالضيق قلت سألناه، وكان إنسانا ؟ تزوي وجهك
و تقطبه فيغني ذلك عن قولك ، إنسانا لئيما أو إنسانا لحزا ـ ضيق الخلق ـ أو مبخلا أو نحو ذلك " .
الخصائص ج2 ص370ـ 371
التحليل
1 ـ يشير ابن جني في النص الأول إلى دور سياق الحال في تحديد المعنى. ونقصد بسياق الحال هنا ، كل الظروف الاجتماعيةو النفسية....التي تحيط بالمتكلم.
فالمعنى الاجتماعي أعم من المعنى المعجمي، وهذا الأخير موجود في المعاجم محدد، تعارف عليه الناس، أما المعنى الاجتماعي فهو متعلق بمجموعة الظروف والمواقف المحيطة بالإنسان.
يوضح ابن جني هذه الظاهرة اللغوية بكلمة ( ع ق ر)، مميزا بين معناها المعجمي وهو الرجل المقطوعة ومعناها الاجتماعي وهو الصوت.
ويرجع السبب في هذا الاختلاف إلى عدم علم الأشخاص الذين لم يشاهدوا الواقعة بالظروف التي وقعت فيها هذه الحادثة، فربطوا بين سماعهم للفظ (عقيرة) وارتفاع صوت الشخص، فتصوروا أن معنى رفع عقيرته هي رفع صوته، وهو المعنى الاجتماعي .
2 ـ أما النص الثاني فيبين لنا فيه ابن جني بعض العناصر التي تلعب دورا هاما في تحديد المعنى والتي تؤثر في فهم الحدث اللغوي على المستوى الاجتماعي ، ونحددها ب:
أ ـ التنغيم : الذي يعرفه العلماء بأنه : " الارتفاع والانخفاض في درجة الجهر بالكلام " . فكل تغير في درجة الجهر بالكلام يدل على معنى معين .
وللتوضيح يضرب لنا ابن جني عدة أمثلة في النص ، فيقول أنه يمكننا حذف الصفة " طويل "في عبارة
" سير عليه ليل طويل " و الاكتفاء بقولنا " سير عليه ليل "، ويمكننا فهم معنى طويل في طريقة نطق كلمة " ليل " بالتطويل والتفخيم والتعظيم .
ويمكننا أيضا إدراك معنى الثناء على شخص في عبارة " كان والله رجلا " ، وذلك إذا زدنا في قوة لفظ اسم الجلالة " الله " فنمطط اللام ونطيل الصوت بها فنفهم من هذه التغيرات الصوتية معنى : الشجاعة والكرم ........
ب ـ تصرفات الناس أثناء كلامهم:
يبرز ابن جني في آخر النص عاملا آخر من عوامل تحديد المعنى ،وهو مرتبط بتصرفات الناس وتعابير وجههم أثناء الكلام . فيقول عن عبارة سألناه وكان إنسانا ! ، أننا نفهم في ذلك الإنسان معنى اللؤم و البخل وضيق الخلق إذا كان الكلام مرتبطا بتغييرات محددة ، تظهر على وجه المتكلم عند تلفظه بتلك العبارة ، إذ نجده يزوي وجهه ويقطبه وكل ذلك يغنيه ـ حسب قول ابن جني ـ على أن يقول أنه إنسان لئيم .....يتبين لنا من هذين النصين أهمية العنصر الاجتماعي في تحديد المعنى، رغم ما تطرحه من صعوبات عند وضعها لقواعد تحدد تلك الدلالة الاجتماعية، نتيجة تنوع العناصر الاجتماعية والثقافية المحيطة بالقول، وصعوبة حصرها.
وقد حاول "فيرث " ضبط تلك العناصر التي تصور أنها تساهم في تحديد المعنى على المستوى الاجتماعي وهي :
أ ـ تصرفات المتكلم والسامع أثناء الحدث الكلامي
ب ـ الظروف المحيطة بالموقف .
المحاضرة رقم 7
نظرية الحقول الدلالية
لم تتبلور فكرة الحقول الدلالية إلا في العشرينات و الثلاثينات من القرن العشرين على يد علماء سويسريين و ألمان ثم تطور السيمانتيك في فرنسا باتجاه خاص حيث ركزmotoreو أتباعه (1953) على حقول تتعرض ألفاظها للتغيير و الامتداد و تعكس تطورا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا هاما.
تبني هذه النظرية على المفهوم الحقلي، و هو المفهوم الذي يندرج تحته مجموعة من العناصر التي تربطها علاقة ما ، لأن المفهوم قاعدة تصنيفية، تصنف من خلالها أشياء الكون و عناصره وفق قواعد معينة .(ينظر أحمد مختار عمر ص38)
و يعرف الدكتور عبد السلام المسدي الحقول الدلالية بما يلي: " أما الحقل الدلالي لكلمة ما فتمثله كل الكلمات التي لها علاقة بتلك الكلمة، سواء كانت علاقة ترادف أو تضاد أو تقابل جزئي أو كلي.....فكل مجموعة نسميها الحقل ، و الحقل هو المعنى العام الذي يشمل كل الوحدات (الحيوان هو الحقل الذي تندرج فيه كل الحيوانات (المخلوقات التي فيها الحياة و الحركة)".
و تعتبر منهجية تحليل الحقول الدلالية هي الأكثر حداثة في علم المعاني (علم الدلالة) فهي لا تسعى إلى تحديد البيئة الداخلية لمدلول الكلمات فحسب، و إنما إلى الكشف عن بيئة أخرى تسمح بالتأكد من أن هناك قرابة دلالية بين مدلولات عدد من الكلمات ، و لا تصنف هذه الطريقة مدلول الكلمات في حقول دلالية مبنية على الترادف و التماثل فقط مثل: طالب، تلميذ. و إنما تكون كذلك مبنية على التضاد مثل الطويل - القصير، الأبيض – الأسود، الصغير- الكبير
أو على علاقة التدرج ، أو على علاقة السبب بالمسبب.
بالإضافة إلى ذلك فقد تكون العلاقة في الحقل الدلالي مبنية على الأوزان الاشتقاقية و التصنيفات النحوية
أو الحقول السنتجماتية ( وسوف نفصل ذلك فيما بعد) .
إن هذا التحليل الأولي للحقول الدلالية تتبعه امتدادات فمن جهة:
- التقابل الكلي: ليل / نهار
- التقابل الجزئي: يوم / نهار
- التدرج: هزيل / ضامر / أعجف، والمرأة : ربحلة ـ سبحلة ـ ضناك ـ عفضاج
- السبب و المسبب: سحاب / مطر.
إن أصحاب هذه النظرية (نظرية الحقول الدلالية) يذهبون إلى أن فهم معنى كلمة ما يقتضي فهم مجموعة الكلمات التي ترتبط بها دلاليا ، و لذا يعرف أحد العلماء معنى الكلمة بأنه محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل الدلالي و المعجم. (ينظر: ليون، الحقول الدلالية ص22 عن أحمد مختار عمر. علم الدلالة ص79). و هدف التحليل في هذه النظرية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقلا معينا و الكشف عن صلاتها الواحدة بالأخرى ، و صلاتها بالمصطلح العام (ينظر السابق ليون ص1).
و هناك جملة من المبادئ تتعلق بهذه النظرية (ذكرها أحمد مختار عمر ص80) هي:
1. ليست هناك وحدة (لغوية معجمية) تنتمي إلى أكثر من حقل
2. ليست هناك وحدة معجمية لا تنتمي إلى حقل معين
3. لا يصح إغفال السياق الذي ترد فيه الكلمة.
4. يستحيل أن تدرس المفردات مستقلة عن تركيبها النحوي.
و هذا لا يعني سهولة تصنيف الكلمات في حقول دلالية، فقد يستعصي أحيانا إدراج بعض الكلمات في حقل دلالي معين و لهذا تبدو مشكلة تصنيف المعجمات وفقا للحقول الدلالية مستعصية الحل، و يظهر ذلك فيما يلي:
1. صعوبة حصر الحقول الدلالية ، أو المفاهيم الموجودة في اللغة و تصنيفها .
2. صعوبة التمييز بين الكلمات الأساسية ، و الكلمات الهامشية داخل الحقل ن فالكلمة الأساسية هي الوحدة المعجمية المفردة، و لا يمكن التنبؤ بمعناها من خلال معنى أجزائها فقد يعتمد التمييز على الاستقراء و الإحصاء للكلمات الأكثر استعمالا.
3. صعوبة تحديد العلاقات بين الكلمات داخل الحقل و العلاقات هي: الترادف – الاشتمال – التضاد – التنافر...) . و التضاد منه الحاد مثل: ميت/حي . و المتدرج مثل: ساخن/بارد و المتعاكس مثل: باع/اشترى.
كما أنه من الصعب وضع الحقول الدلالية لعدد كبير من الكلمات ، فلا نستطيع أن نقول إن هذا الأمر ينتمي إلى حقل دلالي معين (النسر) الذي ينتمي إلى حقل (الطيور) أو حقل الجوارح أو حقل الطيور غير الأليفة فهناك تداخل في الحقول الدلالية.
كما أن الحقول الدلالية ليست مغلقة بل هي مفتوحة، و يضاف إليها دائما.
لأن التطور الاجتماعي يؤثر على المعاجم، و يمكن التمثيل لذلك بحقل وسائل النقل و المواصلات مثل (حمار، جمل، عربة، سيارة، طائرة، سفينة فضاء..........).
و قد تنقرض أو تنزوي بعض الوحدات المعجمية لتفسح المجال لوحدات أخرى في الاستيراد إذ عندما تظهر لفظة جديدة بواسطة التوليد أو الاقتراض أو غير ذلك فان مدلول هذه الوحدة الجديدة يبنى على حساب مدلول الوحدات السابقة التي تفقد جزءا من دلالتها عندئذ.
و هكذا تقع هذه الوحدة الجديدة في السياقات و الحقول التي كانت تقع فيها الوحدات السابقة مثل: المحراث اليدوي / التراكتور.......و إن كانت قد تتعايش معها لفترات طويلة......
و إن كانت الصعوبة تتعلق بتصنيف المفاهيم ، فقد وضع الباحثون أسسا يمكن بها تصنيف المفاهيم في حقول بعد أن حددوا المفهوم بأنه قاعدة معرفية، يمكّن الفرد من تحديد صفة تصنيفية معينة و قد أشار بعضهم (تشو مسكي) إلى مجموعة من الأمثلة.
إن مجموعة الملامح المشتركة بين كرسيين بالرغم من طابعيهما المختلفين تكون التفريق الصحيح للمداول (كرسي) .....في الفرنسية مثلا، وهذه الملامح هي:
بظهر – على قدم، لشخص واحد، للجلوس، بمساند، من مادة صلبة (خشب)، هذه هي الملامح الخاصة للكرسي،و بالمقارنة مع الأريكة نجد أنها: للنوم و ليست للجلوس فهناك خاصية تميزها عن الكرسي.
و هكذا فان الخصائص التي اكتشفت بشكل مستمر تعطي للكرسي مميزاته الدلالية المركبة.
إن هذا التحليل الأولي تتبعه امتدادات فمن جهة إذا قارنا هذا التمييز الدلالي واضعين في الاعتبار مدلولا معينا مع مميزات دلالية مركبة مجاورة جامعة تقريبا فإننا نتوصل إلى تعيين تلك الميزات الدلالية المركبة التي يعين غيابها كل واحد من العناصر التي تنتمي إلى حقل دلالي واحد.
النص الأول
يقول ابن جني في باب ذكر علل العربية أكلامية هي أم فقهية : " نعم ، وقد يمكن أن تكون أسباب التسمية تخفى علينا لبعدها في الزمان عنا . ألا ترى إلى قول سيبويه : أو لعل الأول وصل إليه علم لم يصل إلى الآخر ، يعني أن يكون الأول الحاضر شاهد الحال ، فعرف السبب الذي له ومن أجله ما وقعت عليه التسمية ، والآخر لبعده عن الحال لم يعرف السبب للتسمية ، ألا ترى إلى قولهم للإنسان إذا رفع صوته : قد رفع عقيرته ، فلو ذهبت تشتق هذا ، بأن تجمع بين معنى الصوت ، وبين معنى ( ع ق ر ) لبعد عنك وتعسفت . و أصله أن رجلا قطعت إحدى رجليه، فرفعها على الأخرى، ثم صرخ بأعلى صوته فقال الناس، رفع عقيرته ".
الخصائص ج1 ص66
النص الثاني :
يقول ابن جني معقبا على قول العرب "سير عليه ليل " وهم يريدون ليل طويل..........وكأن هذا إنما حذفت فيه الصفة لما دل من الحال على موضعها ، وذلك أنك تحس في كلام القائل لذلك من التطويح والتطريح ( التطويل والتفخيم والتعظيم ) ما يقوم مقام قوله طويل أو نحو ذلك . وأنت تحس هذا من نفسك إذا تأملته و ذلك أن تكون في مدح إنسان أو الثناء عليه فتقول : كان والله رجلا . فتزيد في قوة اللفظ
" بالله " وتتمكن في تمطيط اللام وإطالة الصوت بها وعليها أي رجلا فاضلا أو شجاعا أو كريما أو نحو ذلك .
و كذلك تقول سألناه فوجدناه إنسانا، وتمكن الصوت بإنسان وتفخمه فتستغني بذلك عن وصفه بقولك إنسانا سمحا أو جوادا أو نحو ذلك. وكذا إذا ذممته أو وصفته بالضيق قلت سألناه، وكان إنسانا ؟ تزوي وجهك
و تقطبه فيغني ذلك عن قولك ، إنسانا لئيما أو إنسانا لحزا ـ ضيق الخلق ـ أو مبخلا أو نحو ذلك " .
الخصائص ج2 ص370ـ 371
التحليل
1 ـ يشير ابن جني في النص الأول إلى دور سياق الحال في تحديد المعنى. ونقصد بسياق الحال هنا ، كل الظروف الاجتماعيةو النفسية....التي تحيط بالمتكلم.
فالمعنى الاجتماعي أعم من المعنى المعجمي، وهذا الأخير موجود في المعاجم محدد، تعارف عليه الناس، أما المعنى الاجتماعي فهو متعلق بمجموعة الظروف والمواقف المحيطة بالإنسان.
يوضح ابن جني هذه الظاهرة اللغوية بكلمة ( ع ق ر)، مميزا بين معناها المعجمي وهو الرجل المقطوعة ومعناها الاجتماعي وهو الصوت.
ويرجع السبب في هذا الاختلاف إلى عدم علم الأشخاص الذين لم يشاهدوا الواقعة بالظروف التي وقعت فيها هذه الحادثة، فربطوا بين سماعهم للفظ (عقيرة) وارتفاع صوت الشخص، فتصوروا أن معنى رفع عقيرته هي رفع صوته، وهو المعنى الاجتماعي .
2 ـ أما النص الثاني فيبين لنا فيه ابن جني بعض العناصر التي تلعب دورا هاما في تحديد المعنى والتي تؤثر في فهم الحدث اللغوي على المستوى الاجتماعي ، ونحددها ب:
أ ـ التنغيم : الذي يعرفه العلماء بأنه : " الارتفاع والانخفاض في درجة الجهر بالكلام " . فكل تغير في درجة الجهر بالكلام يدل على معنى معين .
وللتوضيح يضرب لنا ابن جني عدة أمثلة في النص ، فيقول أنه يمكننا حذف الصفة " طويل "في عبارة
" سير عليه ليل طويل " و الاكتفاء بقولنا " سير عليه ليل "، ويمكننا فهم معنى طويل في طريقة نطق كلمة " ليل " بالتطويل والتفخيم والتعظيم .
ويمكننا أيضا إدراك معنى الثناء على شخص في عبارة " كان والله رجلا " ، وذلك إذا زدنا في قوة لفظ اسم الجلالة " الله " فنمطط اللام ونطيل الصوت بها فنفهم من هذه التغيرات الصوتية معنى : الشجاعة والكرم ........
ب ـ تصرفات الناس أثناء كلامهم:
يبرز ابن جني في آخر النص عاملا آخر من عوامل تحديد المعنى ،وهو مرتبط بتصرفات الناس وتعابير وجههم أثناء الكلام . فيقول عن عبارة سألناه وكان إنسانا ! ، أننا نفهم في ذلك الإنسان معنى اللؤم و البخل وضيق الخلق إذا كان الكلام مرتبطا بتغييرات محددة ، تظهر على وجه المتكلم عند تلفظه بتلك العبارة ، إذ نجده يزوي وجهه ويقطبه وكل ذلك يغنيه ـ حسب قول ابن جني ـ على أن يقول أنه إنسان لئيم .....يتبين لنا من هذين النصين أهمية العنصر الاجتماعي في تحديد المعنى، رغم ما تطرحه من صعوبات عند وضعها لقواعد تحدد تلك الدلالة الاجتماعية، نتيجة تنوع العناصر الاجتماعية والثقافية المحيطة بالقول، وصعوبة حصرها.
وقد حاول "فيرث " ضبط تلك العناصر التي تصور أنها تساهم في تحديد المعنى على المستوى الاجتماعي وهي :
أ ـ تصرفات المتكلم والسامع أثناء الحدث الكلامي
ب ـ الظروف المحيطة بالموقف .
المحاضرة رقم 7
نظرية الحقول الدلالية
لم تتبلور فكرة الحقول الدلالية إلا في العشرينات و الثلاثينات من القرن العشرين على يد علماء سويسريين و ألمان ثم تطور السيمانتيك في فرنسا باتجاه خاص حيث ركزmotoreو أتباعه (1953) على حقول تتعرض ألفاظها للتغيير و الامتداد و تعكس تطورا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا هاما.
تبني هذه النظرية على المفهوم الحقلي، و هو المفهوم الذي يندرج تحته مجموعة من العناصر التي تربطها علاقة ما ، لأن المفهوم قاعدة تصنيفية، تصنف من خلالها أشياء الكون و عناصره وفق قواعد معينة .(ينظر أحمد مختار عمر ص38)
و يعرف الدكتور عبد السلام المسدي الحقول الدلالية بما يلي: " أما الحقل الدلالي لكلمة ما فتمثله كل الكلمات التي لها علاقة بتلك الكلمة، سواء كانت علاقة ترادف أو تضاد أو تقابل جزئي أو كلي.....فكل مجموعة نسميها الحقل ، و الحقل هو المعنى العام الذي يشمل كل الوحدات (الحيوان هو الحقل الذي تندرج فيه كل الحيوانات (المخلوقات التي فيها الحياة و الحركة)".
و تعتبر منهجية تحليل الحقول الدلالية هي الأكثر حداثة في علم المعاني (علم الدلالة) فهي لا تسعى إلى تحديد البيئة الداخلية لمدلول الكلمات فحسب، و إنما إلى الكشف عن بيئة أخرى تسمح بالتأكد من أن هناك قرابة دلالية بين مدلولات عدد من الكلمات ، و لا تصنف هذه الطريقة مدلول الكلمات في حقول دلالية مبنية على الترادف و التماثل فقط مثل: طالب، تلميذ. و إنما تكون كذلك مبنية على التضاد مثل الطويل - القصير، الأبيض – الأسود، الصغير- الكبير
أو على علاقة التدرج ، أو على علاقة السبب بالمسبب.
بالإضافة إلى ذلك فقد تكون العلاقة في الحقل الدلالي مبنية على الأوزان الاشتقاقية و التصنيفات النحوية
أو الحقول السنتجماتية ( وسوف نفصل ذلك فيما بعد) .
إن هذا التحليل الأولي للحقول الدلالية تتبعه امتدادات فمن جهة:
- التقابل الكلي: ليل / نهار
- التقابل الجزئي: يوم / نهار
- التدرج: هزيل / ضامر / أعجف، والمرأة : ربحلة ـ سبحلة ـ ضناك ـ عفضاج
- السبب و المسبب: سحاب / مطر.
إن أصحاب هذه النظرية (نظرية الحقول الدلالية) يذهبون إلى أن فهم معنى كلمة ما يقتضي فهم مجموعة الكلمات التي ترتبط بها دلاليا ، و لذا يعرف أحد العلماء معنى الكلمة بأنه محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل الدلالي و المعجم. (ينظر: ليون، الحقول الدلالية ص22 عن أحمد مختار عمر. علم الدلالة ص79). و هدف التحليل في هذه النظرية هو جمع كل الكلمات التي تخص حقلا معينا و الكشف عن صلاتها الواحدة بالأخرى ، و صلاتها بالمصطلح العام (ينظر السابق ليون ص1).
و هناك جملة من المبادئ تتعلق بهذه النظرية (ذكرها أحمد مختار عمر ص80) هي:
1. ليست هناك وحدة (لغوية معجمية) تنتمي إلى أكثر من حقل
2. ليست هناك وحدة معجمية لا تنتمي إلى حقل معين
3. لا يصح إغفال السياق الذي ترد فيه الكلمة.
4. يستحيل أن تدرس المفردات مستقلة عن تركيبها النحوي.
و هذا لا يعني سهولة تصنيف الكلمات في حقول دلالية، فقد يستعصي أحيانا إدراج بعض الكلمات في حقل دلالي معين و لهذا تبدو مشكلة تصنيف المعجمات وفقا للحقول الدلالية مستعصية الحل، و يظهر ذلك فيما يلي:
1. صعوبة حصر الحقول الدلالية ، أو المفاهيم الموجودة في اللغة و تصنيفها .
2. صعوبة التمييز بين الكلمات الأساسية ، و الكلمات الهامشية داخل الحقل ن فالكلمة الأساسية هي الوحدة المعجمية المفردة، و لا يمكن التنبؤ بمعناها من خلال معنى أجزائها فقد يعتمد التمييز على الاستقراء و الإحصاء للكلمات الأكثر استعمالا.
3. صعوبة تحديد العلاقات بين الكلمات داخل الحقل و العلاقات هي: الترادف – الاشتمال – التضاد – التنافر...) . و التضاد منه الحاد مثل: ميت/حي . و المتدرج مثل: ساخن/بارد و المتعاكس مثل: باع/اشترى.
كما أنه من الصعب وضع الحقول الدلالية لعدد كبير من الكلمات ، فلا نستطيع أن نقول إن هذا الأمر ينتمي إلى حقل دلالي معين (النسر) الذي ينتمي إلى حقل (الطيور) أو حقل الجوارح أو حقل الطيور غير الأليفة فهناك تداخل في الحقول الدلالية.
كما أن الحقول الدلالية ليست مغلقة بل هي مفتوحة، و يضاف إليها دائما.
لأن التطور الاجتماعي يؤثر على المعاجم، و يمكن التمثيل لذلك بحقل وسائل النقل و المواصلات مثل (حمار، جمل، عربة، سيارة، طائرة، سفينة فضاء..........).
و قد تنقرض أو تنزوي بعض الوحدات المعجمية لتفسح المجال لوحدات أخرى في الاستيراد إذ عندما تظهر لفظة جديدة بواسطة التوليد أو الاقتراض أو غير ذلك فان مدلول هذه الوحدة الجديدة يبنى على حساب مدلول الوحدات السابقة التي تفقد جزءا من دلالتها عندئذ.
و هكذا تقع هذه الوحدة الجديدة في السياقات و الحقول التي كانت تقع فيها الوحدات السابقة مثل: المحراث اليدوي / التراكتور.......و إن كانت قد تتعايش معها لفترات طويلة......
و إن كانت الصعوبة تتعلق بتصنيف المفاهيم ، فقد وضع الباحثون أسسا يمكن بها تصنيف المفاهيم في حقول بعد أن حددوا المفهوم بأنه قاعدة معرفية، يمكّن الفرد من تحديد صفة تصنيفية معينة و قد أشار بعضهم (تشو مسكي) إلى مجموعة من الأمثلة.
إن مجموعة الملامح المشتركة بين كرسيين بالرغم من طابعيهما المختلفين تكون التفريق الصحيح للمداول (كرسي) .....في الفرنسية مثلا، وهذه الملامح هي:
بظهر – على قدم، لشخص واحد، للجلوس، بمساند، من مادة صلبة (خشب)، هذه هي الملامح الخاصة للكرسي،و بالمقارنة مع الأريكة نجد أنها: للنوم و ليست للجلوس فهناك خاصية تميزها عن الكرسي.
و هكذا فان الخصائص التي اكتشفت بشكل مستمر تعطي للكرسي مميزاته الدلالية المركبة.
إن هذا التحليل الأولي تتبعه امتدادات فمن جهة إذا قارنا هذا التمييز الدلالي واضعين في الاعتبار مدلولا معينا مع مميزات دلالية مركبة مجاورة جامعة تقريبا فإننا نتوصل إلى تعيين تلك الميزات الدلالية المركبة التي يعين غيابها كل واحد من العناصر التي تنتمي إلى حقل دلالي واحد.
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150694
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: محاضرات في الدلالة
25/10/11, 10:31 pm
حصة تطبيقية حول
نظرية الحقول الدلالية
نظرية الحقول الدلالية
الحقل الدلالي أو
المعجمي هو مجموعة من الكلمات التي ترتبط دلالتها ، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها
، مثل الكلمات الدالة على الألوان في اللغة العربية . .فهي تقع تحت مصطلح عام هو
" اللون "
وتضم ألفاظا مثل: الأحمر ، الأزرق ، الأصفر ، الأخضر ، الأبيض .
المعجمي هو مجموعة من الكلمات التي ترتبط دلالتها ، وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها
، مثل الكلمات الدالة على الألوان في اللغة العربية . .فهي تقع تحت مصطلح عام هو
" اللون "
وتضم ألفاظا مثل: الأحمر ، الأزرق ، الأصفر ، الأخضر ، الأبيض .
من هنا يعرف "
لاينز " معنى الكلمة بأنه " محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل
المعجمي " . والهدف من التحليل للحقول الدلالية هو جمع كل الكلمات التي تخص
حقلا معينا، والكشف عن صلاتها الواحد منها بالآخر، وصلاتها باللفظ العام و لا تخرج
هذه العلاقات في أي حقل معجمي عن:
لاينز " معنى الكلمة بأنه " محصلة علاقاتها بالكلمات الأخرى داخل الحقل
المعجمي " . والهدف من التحليل للحقول الدلالية هو جمع كل الكلمات التي تخص
حقلا معينا، والكشف عن صلاتها الواحد منها بالآخر، وصلاتها باللفظ العام و لا تخرج
هذه العلاقات في أي حقل معجمي عن:
1 ـ الترادف: يكون ( أ) و ( ب )
مترادفين إذا كان ( أ) يتضمن ( ب ) و (ب ) يتضمن ( أ )
مترادفين إذا كان ( أ) يتضمن ( ب ) و (ب ) يتضمن ( أ )
2 ـ الاشتمال: وهي أهم العلاقات ، و
يختلف عن الترادف في أن التضمن يكون من طرف واحد.
يختلف عن الترادف في أن التضمن يكون من طرف واحد.
يكون( أ) مشتملا على( ب) حين
يكون( ب) أعلى في التقسيم التصنيفي أو التفريعي .
يكون( ب) أعلى في التقسيم التصنيفي أو التفريعي .
3 ـ علاقة الجزء
بالكل : مثل علاقة اليد بالجسم ، والفرق واضح بينها وبين علاقة الاشتمال ،
فاليد جزء من الجسم وليس نوعا منه .
بالكل : مثل علاقة اليد بالجسم ، والفرق واضح بينها وبين علاقة الاشتمال ،
فاليد جزء من الجسم وليس نوعا منه .
4 ـ التضاد:
أ ـ في النقيض: حي / ميت.
أ ـ في النقيض: حي / ميت.
ب ـ التضاد المتدرج : مثل : غال /
حار / دافئ / معتدل / مائل للبرودة / بارد
/ قارس / متجمد .
حار / دافئ / معتدل / مائل للبرودة / بارد
/ قارس / متجمد .
ج ـ العكس: باع / اشترى .
د ـ التضاد الاتجاهي : أعلى /
أسفل ، يصل / يغادر
أسفل ، يصل / يغادر
تمرين تطبيقي: صنف هذه الكلمات
في حقل دلالي مبينا نوع العلاقات:
في حقل دلالي مبينا نوع العلاقات:
الجمبري ، قرش ، هدهد ، رجل ، كلب
، سوسن ، بعوض ، حمام ، امرأة ،
عصفور ، كاميليا ، بلبل ، ذباب ، لوتس ، ياسمين ،
ولد ، تبن ، حصان ، نمل ، بقرة، بنت ، الصنوبر ، حنكليس ، زعتر ، الزيتون
، سوسن ، بعوض ، حمام ، امرأة ،
عصفور ، كاميليا ، بلبل ، ذباب ، لوتس ، ياسمين ،
ولد ، تبن ، حصان ، نمل ، بقرة، بنت ، الصنوبر ، حنكليس ، زعتر ، الزيتون
كركدن، السلق ،
صقر.
صقر.
الإجابة:
المخلوقات الحية
نبات
حيوان
إنسان
حيوان
إنسان
زهر شجر
عشب حشرة سمك
طائر ثديي طفل بالغ
عشب حشرة سمك
طائر ثديي طفل بالغ
سوسن صنوبر
تبن بعوض
جمبري حمام كلب ولد رجل
تبن بعوض
جمبري حمام كلب ولد رجل
لوتس الزيتون
زعتر ذباب قرش
عصفور حصان بنت امرأة
زعتر ذباب قرش
عصفور حصان بنت امرأة
ياسمين سلق نمل حنكليس
هدهد كركدن
هدهد كركدن
زرزور بقرة
بلبل
صقر
فالعلاقات في هذا التشجير هي علاقة
اشتمال ، حيث تشتمل المخلوقات الحية على مجموعة من المفاهيم ، هذه الأخيرة تشتمل
على مفاهيم فرعية خاصة بها ، وهكذا دواليك . كما نجد علاقة التضاد بين ولد/بنت
اشتمال ، حيث تشتمل المخلوقات الحية على مجموعة من المفاهيم ، هذه الأخيرة تشتمل
على مفاهيم فرعية خاصة بها ، وهكذا دواليك . كما نجد علاقة التضاد بين ولد/بنت
المحاضرة رقم 08
النظرية التحليلية.
تعتمد
النظرية التحليلية دراسة المعنى من خلال تحليل الكلمات ضمن كل حقل دلالي و بيان
العلاقات بين معانيها و كذلك تحليل كلمات المشترك اللفظي و تحليل المعنى الواحد
إلى عناصره التكوينية المميزة.
النظرية التحليلية دراسة المعنى من خلال تحليل الكلمات ضمن كل حقل دلالي و بيان
العلاقات بين معانيها و كذلك تحليل كلمات المشترك اللفظي و تحليل المعنى الواحد
إلى عناصره التكوينية المميزة.
أولا: تحليل كلمات المشترك اللفظي:
كل
معنى للكلمة يمكن تحديده عن طريق المتابعة من المحدد النحوي إلى المحدد الدلالي إلى
المميز مثال ذلك (كما جاء في كتاب علم الدلالة لأحمد مختار عمر ص115 عن مقال لكتز
و فودر)
معنى للكلمة يمكن تحديده عن طريق المتابعة من المحدد النحوي إلى المحدد الدلالي إلى
المميز مثال ذلك (كما جاء في كتاب علم الدلالة لأحمد مختار عمر ص115 عن مقال لكتز
و فودر)
Bachelor
اسم
اسم
(حيوان)
(إنسان)
(إنسان)
(ذكر) [من يحمل الشهادة ( ذكر)
الجامعية الأولى]
[حيوان بحري بدون [فارس صغير يخدم [أعزب]
أنثاه وقت الإخصاب]
تحت فارس اكبر]
تحت فارس اكبر]
حيث
أن المعاجم تعطي لكلمة (bachelor) المعاني التالية:
أن المعاجم تعطي لكلمة (bachelor) المعاني التالية:
1. فارس
صغير يخدم تحت فارس آخر.
صغير يخدم تحت فارس آخر.
2. حامل
الشهادة الجامعية الأولى.
الشهادة الجامعية الأولى.
3. الرجل
الأعزب
الأعزب
4. حيوان
بحري بدون أنثاه خلال فترة الإخصاب.
بحري بدون أنثاه خلال فترة الإخصاب.
فالمحور النحوي / اسم / كان خارج
الأقواس و المحدد الدلالي و هو الموضوع بين هلالين ، و المميز
الأقواس و المحدد الدلالي و هو الموضوع بين هلالين ، و المميز
و هو الذي وضع بين معقوفتين.
و قد يحدد المحدد الدلالي بين عنصرين
مختلفين في الجنس مثل: بنت / ولد - بقرة /
ثور.
مختلفين في الجنس مثل: بنت / ولد - بقرة /
ثور.
فكلمة ولد لها المحددات الدلالية: اسم –
حي – إنسان – ذكر – صغير السن.
حي – إنسان – ذكر – صغير السن.
و تمتلك كلمة (بنت) العناصر نفسها عدا
(أنثى) بدل (ذكر).
(أنثى) بدل (ذكر).
تحليل المعنى إلى عناصر
تكوينية
تكوينية
و يعتبر هذا النوع من التحليل امتدادا
لنظرية الحقول الدلالية حيث يلجأ الباحث إلى استخلاص أهم الملامح التي تجمع كلمات
الحقل من ناحية و التمييز بين أفراده من جهة أخرى.
لنظرية الحقول الدلالية حيث يلجأ الباحث إلى استخلاص أهم الملامح التي تجمع كلمات
الحقل من ناحية و التمييز بين أفراده من جهة أخرى.
أما الخطوات الإجرائية لهذا التحليل
فهي:
فهي:
1. استخلاص
مجموعة من المعاني تشكل مجالا دلاليا خاصا نتيجة تقاسمها عناصر تكوينية مشتركة
(أب، أم، ابن، بنت، أخت، عم..........) (كائن بشري يتصل بالآخر عن طريق الدم أو
المصاهرة).
مجموعة من المعاني تشكل مجالا دلاليا خاصا نتيجة تقاسمها عناصر تكوينية مشتركة
(أب، أم، ابن، بنت، أخت، عم..........) (كائن بشري يتصل بالآخر عن طريق الدم أو
المصاهرة).
2. تقرير
الملامح التي تستخدم لتحديد المحتويات التي تستعمل للتمييز (الجنس – الجيل –
الانحدار و المباشرة و قرابة الدم و المصاهرة).
الملامح التي تستخدم لتحديد المحتويات التي تستعمل للتمييز (الجنس – الجيل –
الانحدار و المباشرة و قرابة الدم و المصاهرة).
3. تحديد
المكونات التشخيصية لكل معنى على حدة – فمعنى (أب) يتميز بملامح أو مكونات – كذا و
كذا -.
المكونات التشخيصية لكل معنى على حدة – فمعنى (أب) يتميز بملامح أو مكونات – كذا و
كذا -.
4. وضع
الملامح إما في شكل مشجر أو شكل جدول.
الملامح إما في شكل مشجر أو شكل جدول.
المكونات الشخصية | أب | أم | عم | عمة | أخ | أخت | ابن | ابنة | ابن العم | زوجة |
ذكر الجنس أنثى | ذ | ث | ذ | ث | ذ | ث | ذ | ث | ذ | ث |
+1 الجيل -1 نفسه | +1 | +1 | +1 | +1 | نفسه | نفسه | -1 | -1 | نفسه | نفسه |
مباشر الاتصال +1 -1 | م | م | +1 | +1 | +1 | +1 | م | م | +2 | م |
دم : م القرابة مصاهرة : ص | د | د | د | د | د | د | د | د | د | ص |
(ينظر أحمد مختار عمر.
علم الدلالة ص123)
علم الدلالة ص123)
كان ذلك مختصرا لهذه النظرية و يستحسن
الرجوع إلى كتاب علم الدلالة لأحمد مختار عمر للوقوف على التفاصيل و العديد من
الأمثلة و التطبيقات.
الرجوع إلى كتاب علم الدلالة لأحمد مختار عمر للوقوف على التفاصيل و العديد من
الأمثلة و التطبيقات.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى