- بوعلام ممشرف المرسى الجامعي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 374
نقاط تميز العضو : 102461
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 42
سعادة للبيع تأليف : البرتو مورافيا- ترجمة : وفاء شوكت
23/09/11, 01:21 am
سعادة للبيع تأليف : البرتو مورافيا- ترجمة : وفاء شوآت
نحو منتصف بعد ظهر آل يوم، آان الموظف العجوز، المتقاعد، المدعو
ميلون، يخرج من منزله، بصحبة زوجته أرمينيا، وابنته جيوفانا. آانت زوجته
بدينة ومتقدِّمة في السن، وابنته هزيلة البنية وقد أصبحت الآن مسنَّة
ومثل المخبولة. آان آل ميلون الثلاثة، الذين يسكنون ساحة "ديللا ليبيرتا"،
يصعدون ببطء، على خطا أرمينيا السمينة، يمسحون شارع" آولادي
ريانزو"، متأمِّلين واجهات المخازن الواحدة تلو الأخرى. وآانوا يغيِّرون
الرصيف في ساحة ريزور جيمنتو" ويعودون، وهم يتابعون تأمَّل المحلات
بالعناية ذاتها، نحو ساحة "ديللا ليبيرتا".
آان هذا الذهاب والإياب يستغرق قرابة ساعتين، الوقت الكافي للتجلُّد
حتى تحين ساعة العشاء. ولم يعد أفراد عائلة ميلون الثلاثة، الفقراء جداً،
يدخلون إلى قاعة سينما أو مقهىً منذ زمنٍ طويل. آان التنزُّه هو تسلية
حياتهم الوحيدة .
وفي يومٍ من الأيام، وبعد أن خرجوا في الساعة المعتادة وصعدوا شارع
"آولادي ريانزو "تقريباً حتى ساحة "ريزور جيمنتو"، لفت انتباه أفراد عائلة
ميلون الثلاثة مخزن جديد، وآأنه فُتِح بطريقةٍ سحرية، في المكان الذي لم
يكن حتى مساء أمس سوى حِباك( 1) مغبرّ. وآان صقيل الزجاج يمنعهم عن
تمييز البضاعة. فاقتربوا، ثلاثتهم، من المخزن، ودون أن ينبسوا ببنت شفة،
شكلوا نصف دائرةٍ على الرصيف وهم يصطفون أمام واجهاته .
آانوا يرون الآن البضاعة بوضوح: السعادة. آان أفراد عائلة ميلون الثلاثة،
مثل جميع الناس هنا، قد سمعوا دائماً، الحديث عن هذه السلعة، ولم
يروها قط. آانوا يتناقشون حولها هنا وهناك، آأنها شيء نادر جداً، فيصفها
البعض بالخيالية، مشككين بوجودها الحقيقي تقريباً. وصحيح أن المجلات
آانت تنشر من حينٍ لآخر مقالاتٍ طويلة مصوَّرة، يقولون فيها إن السعادة
في الولايات المتحدة إن لم تكن عامة، فهي على الأقل سهلة المنال؛ لكن،
آما نعلم، أمريكا بلاد بعيدة، والصحفيون يتخيَّلون أشياء آثيرة. وعلى ما
يبدو، آانت توجد وفرة من السعادة في الأزمنة الغابرة، لكن ميلون، مثل آل
الذين آانوا طاعنين في السن الآن، لا يتذآَّر أبداً أنه رآها .
وها هو متجر الآن، وآأن الأمر لم يحصل، وأن الموضوع يتعلَّق بالأحذية أو
أدوات المائدة، يقدِّم صراحةً هذه البضاعة، لأي شخص يريد شراءها. وهذا
ما يفسِّر دهشة أفراد عائلة ميلون الثلاثة المسمَّرين إلى الأرض، الجامدين
أمام هذا المتجر الغريب .
ويجب القول إن هذا المتجر آان يُحسِن عرض بضاعته جيداً في واجهاته
الكبيرة المؤطَّرة بحجر الترافرتين( 2) اللامع، وآانت لافتته من طراز عام
. ( ١٩٠٠ ، وجميع إآمالاته وزيناته مصنوعة من المعدن المطلي بالنيكل( 3
وفي الداخل أيضاً، آانت طاولاته على الطراز الحديث، وآان بائعان أو ثلاثة
من الشبان الحيويين، أنيقي الملبس، يجذبون، بظهورهم فقط، الزبون
الأآثر تردداً. وتظهر في الواجهات "السعادات" مثل بيض "عيد الفصح"،
وهي معروضة حسب آبرها، وتوافق جميع الميزانيات. فيوجد منها الصغير
والوسط والضخم، قد تكون مزيَّفة، وضعت للدعاية. وآان لكل سعادةٍ
بطاقتها الصغيرة، مع السعر المدوَّن عليها بالأحرف الطباعية المائلة.
وانتهى الأمر بالعجوز ميلون إلى القول بسطوةٍ، معبِّراً عن أفكارهم- :هذا
إذاً، لم أآن لأتوقع ذلك أبداً...
فسألته الفتاة ببراءة:
-ولماذا يا أبي ؟
رد عليها العجوز بانزعاج قائلاً:
-لأنه، ومنذ سنواتٍ عديدة، يُقال لنا بأنه لا توجد سعادة في إيطاليا، وأنها
تنقصنا، وأن استيرادها يكلِّف آثيراً... وها هم فجأةً، يفتحون مخزناً لا يبيعون
فيه سواها.
قالت الفتاة:
-قد يكونون اآتشفوا منجماً.
فانبرى ميلون يقول مغتاظاً:
-ولكن أين، ولكن آيف؟ ألم يقولوا لنا دائماً إن باطن الأرض في إيطاليا لا
يحتوي عليها؟ ...لا نفط، ولا حديد، ولا فحم، ولا سعادة... ثم، هناك أشياء
ينتهي بنا الأمر إلى أن نكتشفها... هل تتخيَّلين... عندي شعور بأنني سأرى
عناوين آبيرة تقول: بالأمس، آان" فلان" يتنزَّه في جبال "آادور"، واآتشف
منجم سعادة من نوعيةٍ ممتازة... هيه، آلا، آلا... إنها بضاعة أجنبية.
وتدخَّلت الأم بهدوءٍ قائلة:
-حسناً، أين المشكلة؟ هناك، لديهم الكثير من السعادة وهنا، ليس لدينا
شيء منها: إنهم يستوردونها... أين الغرابة؟"
رفع العجوز آتفيه حانقاً، وقال:
"حججٌ غير معقولة... هل تفهمين فقط ما هو معنى استيراد؟
هذا معناه صرف نقودٍ ثمينة... نقود بإمكاننا استخدامها لشراء القمح... إن
البلد يتضوَّر جوعاً... نحن بحاجة إلى القمح... ومهما قلتِ، فإن الدولارات
اليسيرة التي نجمعها بالحرَام، نقوم بإنفاقها على شراء هذه البضاعة، هذه
السعادة!
ولفتت ابنته انتباهه قائلة:
-ولكننا بحاجةٍ أيضاً إلى السعادة.
أجابها العجوز:
-هذا شيء غير ضروري. قبل آل شيء، يجب التفكير في الغذاء.. أولاً
الخبز، وبعد ذلك السعادة... ولكن على أي حال هذا بلد اللا منطق: أولاً
السعادة، وبعد ذلك الخبز.
فلاحظت زوجته الحليمة:
-آم تغضب سريعاً! حسناً، أنت لا تحتاج إلى السعادة.. لكن الجميع ليسوا
مثلك.
وخاطرت ابنته بالقول:
-أنا، مثلاً...
فردَّد الأب بنبرة مهدِّدة:
-أنتِ، مثلاً...
وتابعت الفتاة بيأس:
-أنا، مثلاً، سأشتري حقاً، واحدة، واحدة صغيرةً منها، لأعرف فقط آيف هي
مصنوعة هذه السعادة.
فقال الأب مقاطعاً ومغتمَّاً:
-هيا بنا.
وترآت المرأتان نفسيهما تُقْتادان بطاعة. لكن العجوز آان الآن منزعجاً.
فقال:
-لم أآن أتوقَّع ذلك منكِ حقاً، يا جيوفانا.
-ولماذا، يا أبي ؟
-لأنها بضاعة من السوق السوداء، من محدثي النعمة، من أصحاب
الملايين... إن موظفاً في "الدولة" لا يستطيع أن يطمح إلى السعادة ويجب
ألا يفعل ...وعندما تقولين بأنك تودين شراءها، تثبتين على الأقل عدم
إدراآك...
آيف... نحن نؤجِّر غرفاً في منزلنا، ويصلني راتبي التقاعدي تقريباً في أول
الشهر، وأنتِ... آهٍ، إنك تخيِّبين أملي، إنك تخيِّبين أملي.
غشت الدموع عينيّ ابنته. فقالت الأم:
-هل ترى آيف أنتَ، إنك تمضي وقتك في تأنيبها. ثم إنها لا تملك شيئاً في
الحياة، وهي شابة، فأين الغرابة في أن ترغب في تذوُّق السعادة؟
-لا شيء... لقد استغنى والدها عنها، فهي أيضاً باستطاعتها الاستغناء
عنها.
آانوا الآن قد وصلوا إلى ساحة "ريزور جيمنتو".
لكن، خلافاً لعادتهم، أراد العجوز، هذه المرَّة، العودة على الرصيف ذاته.
وعندما وصلوا أمام المخزن، توقَّف، ونظر طويلاً إلى الواجهة، وقال:
-هل تعرفان ماذا أعتقد؟ إنها مزيَّفة.
-ماذا تريد أن تقول.؟
-حسناً؛ أمس فقط، آنت أقرأ في الجريدة أن سعادة صغيرةً مثل هذه، في
أمريكا، أقول جيداً في أمريكا، تكلِّف عدة مئاتٍ من الدولارات... فكيف من
الممكن أن يقدِّموها لنا بهذا الثمن؟ إن سعرها مع تكلفة النقل يكلِّف أآثر
بكثير... إنها مزيَّفة، إنها منتجات محليَّة... لا يوجد في ذلك أدنى شك.
وجازفت الأم بالقول:
-لكن الناس يشترونها.
-وما الذي لن يشتريه الناس... سوف يكتشفون ذلك بعد أن يعودوا إلى
منازلهم، خلال عدة أيام... غشاشون!
وتابعوا نزهتهم. لكن جيوفانا آانت تبتلع دموعها، وتفكِّر بأن السعادة، حتى
المزيَّفة، ستعجبها.
1)حِباك: حظيرة من قصب شدَّ بعضه إلى بعض). )
2)ترافرتين حجر جيري من مدينة تيبور بإيطاليا). )
3)نيكل معدن أبيض). )
نحو منتصف بعد ظهر آل يوم، آان الموظف العجوز، المتقاعد، المدعو
ميلون، يخرج من منزله، بصحبة زوجته أرمينيا، وابنته جيوفانا. آانت زوجته
بدينة ومتقدِّمة في السن، وابنته هزيلة البنية وقد أصبحت الآن مسنَّة
ومثل المخبولة. آان آل ميلون الثلاثة، الذين يسكنون ساحة "ديللا ليبيرتا"،
يصعدون ببطء، على خطا أرمينيا السمينة، يمسحون شارع" آولادي
ريانزو"، متأمِّلين واجهات المخازن الواحدة تلو الأخرى. وآانوا يغيِّرون
الرصيف في ساحة ريزور جيمنتو" ويعودون، وهم يتابعون تأمَّل المحلات
بالعناية ذاتها، نحو ساحة "ديللا ليبيرتا".
آان هذا الذهاب والإياب يستغرق قرابة ساعتين، الوقت الكافي للتجلُّد
حتى تحين ساعة العشاء. ولم يعد أفراد عائلة ميلون الثلاثة، الفقراء جداً،
يدخلون إلى قاعة سينما أو مقهىً منذ زمنٍ طويل. آان التنزُّه هو تسلية
حياتهم الوحيدة .
وفي يومٍ من الأيام، وبعد أن خرجوا في الساعة المعتادة وصعدوا شارع
"آولادي ريانزو "تقريباً حتى ساحة "ريزور جيمنتو"، لفت انتباه أفراد عائلة
ميلون الثلاثة مخزن جديد، وآأنه فُتِح بطريقةٍ سحرية، في المكان الذي لم
يكن حتى مساء أمس سوى حِباك( 1) مغبرّ. وآان صقيل الزجاج يمنعهم عن
تمييز البضاعة. فاقتربوا، ثلاثتهم، من المخزن، ودون أن ينبسوا ببنت شفة،
شكلوا نصف دائرةٍ على الرصيف وهم يصطفون أمام واجهاته .
آانوا يرون الآن البضاعة بوضوح: السعادة. آان أفراد عائلة ميلون الثلاثة،
مثل جميع الناس هنا، قد سمعوا دائماً، الحديث عن هذه السلعة، ولم
يروها قط. آانوا يتناقشون حولها هنا وهناك، آأنها شيء نادر جداً، فيصفها
البعض بالخيالية، مشككين بوجودها الحقيقي تقريباً. وصحيح أن المجلات
آانت تنشر من حينٍ لآخر مقالاتٍ طويلة مصوَّرة، يقولون فيها إن السعادة
في الولايات المتحدة إن لم تكن عامة، فهي على الأقل سهلة المنال؛ لكن،
آما نعلم، أمريكا بلاد بعيدة، والصحفيون يتخيَّلون أشياء آثيرة. وعلى ما
يبدو، آانت توجد وفرة من السعادة في الأزمنة الغابرة، لكن ميلون، مثل آل
الذين آانوا طاعنين في السن الآن، لا يتذآَّر أبداً أنه رآها .
وها هو متجر الآن، وآأن الأمر لم يحصل، وأن الموضوع يتعلَّق بالأحذية أو
أدوات المائدة، يقدِّم صراحةً هذه البضاعة، لأي شخص يريد شراءها. وهذا
ما يفسِّر دهشة أفراد عائلة ميلون الثلاثة المسمَّرين إلى الأرض، الجامدين
أمام هذا المتجر الغريب .
ويجب القول إن هذا المتجر آان يُحسِن عرض بضاعته جيداً في واجهاته
الكبيرة المؤطَّرة بحجر الترافرتين( 2) اللامع، وآانت لافتته من طراز عام
. ( ١٩٠٠ ، وجميع إآمالاته وزيناته مصنوعة من المعدن المطلي بالنيكل( 3
وفي الداخل أيضاً، آانت طاولاته على الطراز الحديث، وآان بائعان أو ثلاثة
من الشبان الحيويين، أنيقي الملبس، يجذبون، بظهورهم فقط، الزبون
الأآثر تردداً. وتظهر في الواجهات "السعادات" مثل بيض "عيد الفصح"،
وهي معروضة حسب آبرها، وتوافق جميع الميزانيات. فيوجد منها الصغير
والوسط والضخم، قد تكون مزيَّفة، وضعت للدعاية. وآان لكل سعادةٍ
بطاقتها الصغيرة، مع السعر المدوَّن عليها بالأحرف الطباعية المائلة.
وانتهى الأمر بالعجوز ميلون إلى القول بسطوةٍ، معبِّراً عن أفكارهم- :هذا
إذاً، لم أآن لأتوقع ذلك أبداً...
فسألته الفتاة ببراءة:
-ولماذا يا أبي ؟
رد عليها العجوز بانزعاج قائلاً:
-لأنه، ومنذ سنواتٍ عديدة، يُقال لنا بأنه لا توجد سعادة في إيطاليا، وأنها
تنقصنا، وأن استيرادها يكلِّف آثيراً... وها هم فجأةً، يفتحون مخزناً لا يبيعون
فيه سواها.
قالت الفتاة:
-قد يكونون اآتشفوا منجماً.
فانبرى ميلون يقول مغتاظاً:
-ولكن أين، ولكن آيف؟ ألم يقولوا لنا دائماً إن باطن الأرض في إيطاليا لا
يحتوي عليها؟ ...لا نفط، ولا حديد، ولا فحم، ولا سعادة... ثم، هناك أشياء
ينتهي بنا الأمر إلى أن نكتشفها... هل تتخيَّلين... عندي شعور بأنني سأرى
عناوين آبيرة تقول: بالأمس، آان" فلان" يتنزَّه في جبال "آادور"، واآتشف
منجم سعادة من نوعيةٍ ممتازة... هيه، آلا، آلا... إنها بضاعة أجنبية.
وتدخَّلت الأم بهدوءٍ قائلة:
-حسناً، أين المشكلة؟ هناك، لديهم الكثير من السعادة وهنا، ليس لدينا
شيء منها: إنهم يستوردونها... أين الغرابة؟"
رفع العجوز آتفيه حانقاً، وقال:
"حججٌ غير معقولة... هل تفهمين فقط ما هو معنى استيراد؟
هذا معناه صرف نقودٍ ثمينة... نقود بإمكاننا استخدامها لشراء القمح... إن
البلد يتضوَّر جوعاً... نحن بحاجة إلى القمح... ومهما قلتِ، فإن الدولارات
اليسيرة التي نجمعها بالحرَام، نقوم بإنفاقها على شراء هذه البضاعة، هذه
السعادة!
ولفتت ابنته انتباهه قائلة:
-ولكننا بحاجةٍ أيضاً إلى السعادة.
أجابها العجوز:
-هذا شيء غير ضروري. قبل آل شيء، يجب التفكير في الغذاء.. أولاً
الخبز، وبعد ذلك السعادة... ولكن على أي حال هذا بلد اللا منطق: أولاً
السعادة، وبعد ذلك الخبز.
فلاحظت زوجته الحليمة:
-آم تغضب سريعاً! حسناً، أنت لا تحتاج إلى السعادة.. لكن الجميع ليسوا
مثلك.
وخاطرت ابنته بالقول:
-أنا، مثلاً...
فردَّد الأب بنبرة مهدِّدة:
-أنتِ، مثلاً...
وتابعت الفتاة بيأس:
-أنا، مثلاً، سأشتري حقاً، واحدة، واحدة صغيرةً منها، لأعرف فقط آيف هي
مصنوعة هذه السعادة.
فقال الأب مقاطعاً ومغتمَّاً:
-هيا بنا.
وترآت المرأتان نفسيهما تُقْتادان بطاعة. لكن العجوز آان الآن منزعجاً.
فقال:
-لم أآن أتوقَّع ذلك منكِ حقاً، يا جيوفانا.
-ولماذا، يا أبي ؟
-لأنها بضاعة من السوق السوداء، من محدثي النعمة، من أصحاب
الملايين... إن موظفاً في "الدولة" لا يستطيع أن يطمح إلى السعادة ويجب
ألا يفعل ...وعندما تقولين بأنك تودين شراءها، تثبتين على الأقل عدم
إدراآك...
آيف... نحن نؤجِّر غرفاً في منزلنا، ويصلني راتبي التقاعدي تقريباً في أول
الشهر، وأنتِ... آهٍ، إنك تخيِّبين أملي، إنك تخيِّبين أملي.
غشت الدموع عينيّ ابنته. فقالت الأم:
-هل ترى آيف أنتَ، إنك تمضي وقتك في تأنيبها. ثم إنها لا تملك شيئاً في
الحياة، وهي شابة، فأين الغرابة في أن ترغب في تذوُّق السعادة؟
-لا شيء... لقد استغنى والدها عنها، فهي أيضاً باستطاعتها الاستغناء
عنها.
آانوا الآن قد وصلوا إلى ساحة "ريزور جيمنتو".
لكن، خلافاً لعادتهم، أراد العجوز، هذه المرَّة، العودة على الرصيف ذاته.
وعندما وصلوا أمام المخزن، توقَّف، ونظر طويلاً إلى الواجهة، وقال:
-هل تعرفان ماذا أعتقد؟ إنها مزيَّفة.
-ماذا تريد أن تقول.؟
-حسناً؛ أمس فقط، آنت أقرأ في الجريدة أن سعادة صغيرةً مثل هذه، في
أمريكا، أقول جيداً في أمريكا، تكلِّف عدة مئاتٍ من الدولارات... فكيف من
الممكن أن يقدِّموها لنا بهذا الثمن؟ إن سعرها مع تكلفة النقل يكلِّف أآثر
بكثير... إنها مزيَّفة، إنها منتجات محليَّة... لا يوجد في ذلك أدنى شك.
وجازفت الأم بالقول:
-لكن الناس يشترونها.
-وما الذي لن يشتريه الناس... سوف يكتشفون ذلك بعد أن يعودوا إلى
منازلهم، خلال عدة أيام... غشاشون!
وتابعوا نزهتهم. لكن جيوفانا آانت تبتلع دموعها، وتفكِّر بأن السعادة، حتى
المزيَّفة، ستعجبها.
1)حِباك: حظيرة من قصب شدَّ بعضه إلى بعض). )
2)ترافرتين حجر جيري من مدينة تيبور بإيطاليا). )
3)نيكل معدن أبيض). )
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى