- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
جرائم النساء
20/07/11, 06:54 am
جـــــــرائم الـنســـــــــاء
من خلال باب " أخبار الجريمة " في أهم الصحف اليومية في تونس
أ. هادية العود البهلول
باحثة في علم الاجتماع- تونس
من خلال باب " أخبار الجريمة " في أهم الصحف اليومية في تونس
أ. هادية العود البهلول
باحثة في علم الاجتماع- تونس
- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
رد: جرائم النساء
20/07/11, 06:56 am
مقـدمـــــة:
تتطور الجريمة في المجتمعات البشرية زيادة ونقصانا حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. والمجتمع التونسي ليس مستثنى من ذلك، إذ أنه يمرّ بتحولات اجتماعية كبيرة منذ ستينات القرن الماضي تعزى للبرامج التنموية المتتالية، والتحضر، والتعليم، والانفتاح الثقافي التقني والمعلوماتي. لقد ساهمت هذه التحولات والتغيرات في إفراز العديد من الظواهر الاجتماعية المنحرفة منها ظاهرة الجريمة لدى الرجل والمرأة على حد سواء وإن كان بنسب متفاوتة.
كانت المرأة في المجتمع التقليدي التونسي ( قبل استقلال البلاد في 1956) تتميز بغيابها الكلي عن الأنشطة الاجتماعية خارج البيت مما جعلها أقل عرضة من الرجال للإجرام وبالتالي كانت نسبة إجرام المرأة حسب الأرقام الرسمية ضئيلة.إلاّ أن وضعية الانعزال هذه قد تغيرت بعد الاستقلال وخاصة مع صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13أوت1956 حيث بدأت المرأة تتحرر من القيود التي كانت مسلطة عليها وتتحصل على العديد من الحقوق التي من بينها وأهمها حق التعلّم والعمل. فأصبحت تزاحم الرجل في كل مجالات الحياة مما جعلها عرضة مثله إلى العديد من الصعوبات والانحرافات. وبالتالي لم يعد السجن للرجال فقط حسب المقولة التونسية الشعبية " الحبس للرجال " بل للنساء أيضا.
لنتساءل هل أن "جرائم النساء " في تونس هي في علاقة مباشرة مع مسألة تحرر المرأة وتقنين حقوقها؟ أم أنها مجرد ظاهرة أفرزتها الظروف الاجتماعية الصعبة والمشكلات التي يعاني منها المجتمع التونسي – كغيره من المجتمعات ذات الظروف المماثلة– كالبطالة، والفقر، وارتفاع كلفة الحياة ؟ أم أنه يتوجب علينا أن ندرس الظاهرة على أنها " ظاهرة اجتماعية كلية " -على حد تعبيرج.قورفيتش George Gurvitch - يتقاطع فيها الطرحان السوسيولوجي والبسيكولوجي ؟ أو كما يقول أيضا الباحث دونس زابو Denis Szabo " أن الطرحين البسيكولوجي والسوسيولوجي – عند دراسة ظاهرة الجريمة - أمر لا مناص منه، ويمكن اعتبارهما طرحين متكاملين.
إلا أن دراستنا هذه حول " جرائم النساء " من خلال " أخبار الجريمة " باستعمال تقنية دراسة المضمون لم تمكننا من كشف أغوار البعد الذاتي أو البسيكولوجي إلا بقدر محدود، على خلاف ما توفره التقنيات الكيفية الأخرى ( المقابلة المباشرة المعمقة، والسيرة الذاتية ) في هذا الصدد.
تتطور الجريمة في المجتمعات البشرية زيادة ونقصانا حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. والمجتمع التونسي ليس مستثنى من ذلك، إذ أنه يمرّ بتحولات اجتماعية كبيرة منذ ستينات القرن الماضي تعزى للبرامج التنموية المتتالية، والتحضر، والتعليم، والانفتاح الثقافي التقني والمعلوماتي. لقد ساهمت هذه التحولات والتغيرات في إفراز العديد من الظواهر الاجتماعية المنحرفة منها ظاهرة الجريمة لدى الرجل والمرأة على حد سواء وإن كان بنسب متفاوتة.
كانت المرأة في المجتمع التقليدي التونسي ( قبل استقلال البلاد في 1956) تتميز بغيابها الكلي عن الأنشطة الاجتماعية خارج البيت مما جعلها أقل عرضة من الرجال للإجرام وبالتالي كانت نسبة إجرام المرأة حسب الأرقام الرسمية ضئيلة.إلاّ أن وضعية الانعزال هذه قد تغيرت بعد الاستقلال وخاصة مع صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13أوت1956 حيث بدأت المرأة تتحرر من القيود التي كانت مسلطة عليها وتتحصل على العديد من الحقوق التي من بينها وأهمها حق التعلّم والعمل. فأصبحت تزاحم الرجل في كل مجالات الحياة مما جعلها عرضة مثله إلى العديد من الصعوبات والانحرافات. وبالتالي لم يعد السجن للرجال فقط حسب المقولة التونسية الشعبية " الحبس للرجال " بل للنساء أيضا.
لنتساءل هل أن "جرائم النساء " في تونس هي في علاقة مباشرة مع مسألة تحرر المرأة وتقنين حقوقها؟ أم أنها مجرد ظاهرة أفرزتها الظروف الاجتماعية الصعبة والمشكلات التي يعاني منها المجتمع التونسي – كغيره من المجتمعات ذات الظروف المماثلة– كالبطالة، والفقر، وارتفاع كلفة الحياة ؟ أم أنه يتوجب علينا أن ندرس الظاهرة على أنها " ظاهرة اجتماعية كلية " -على حد تعبيرج.قورفيتش George Gurvitch - يتقاطع فيها الطرحان السوسيولوجي والبسيكولوجي ؟ أو كما يقول أيضا الباحث دونس زابو Denis Szabo " أن الطرحين البسيكولوجي والسوسيولوجي – عند دراسة ظاهرة الجريمة - أمر لا مناص منه، ويمكن اعتبارهما طرحين متكاملين.
إلا أن دراستنا هذه حول " جرائم النساء " من خلال " أخبار الجريمة " باستعمال تقنية دراسة المضمون لم تمكننا من كشف أغوار البعد الذاتي أو البسيكولوجي إلا بقدر محدود، على خلاف ما توفره التقنيات الكيفية الأخرى ( المقابلة المباشرة المعمقة، والسيرة الذاتية ) في هذا الصدد.
- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
رد: جرائم النساء
20/07/11, 06:58 am
أولا: - فكــرة الدراسة والتنــاول المنهجي:
1- فكــرة الدراسة وهدفهـــا:
" الجريمة " ظاهرة اجتماعية فردية في ظاهرها لكنها مجتمعية في باطنها، فهي قديمة بقدم البشرية، وقد ورد ذكرها في مختلف الأعراف والأديان والقوانين، وقد أقر العلماء وجودها في مختلف العصور وأنها ظاهرة طبيعية وضرورية لكل مجتمع. يقول عالم الاجتماع الفرنسي أ.دوركايم " أن الجريمة ظاهرة طبيعية لأنه لا يمكن استثناء أي مجتمع منها... وهي من بين عوامل الصحة العامة، وجزء مدمج في كل مجتمع صحي، وأن الجريمة ضرورية فهي مرتبطة بالظروف الأساسية لكل حياة اجتماعية، وهي ظاهرة هامة لأن هذه الظروف المرتبطة بها لابد منها للتطور الطبيعي"للمجتمعات.
فالسلوك الإجرامي لا يعرف إلا بالنسبة إلى السلوك السوي والفضيلة لا تتميز إلا بالرذيلة. أما الحديث عن مدن فاضلة ومجتمعات مثالية من طرف بعض الفلاسفة والمذاهب الروحانية ما هو إلا من باب الخيال يفوق تحقيقه طاقة البشر.
دُرست الجريمة قديما وحديثا، وتناولتها العديد من الدراسات من طب وفلسفة وعلم نفس وعلم اجتماع وقانون. غير أن موضوع " جريمة المرأة " لا يشكل حجما كبيرا في تراث علم الجريمة. فمعظم الكتابات تهتم بجرائم الرجال أكثر من جرائم النساء رغم أن جريمة المرأة قد تطورت في العقود الأخيرة في كل المجتمعات بدون استثناء – ولو بدرجات متفاوتة- وذلك يعود ربما إلى التغيرات التي لحقت بوضعية المرأة والمتمثلة في تحررها وحصولها على العديد من الحقوق منها حق التعلّم والعمل خارج البيت حيث أصبحت تنافس الرجل في كل المجالات وعرضة مثله إلى العديد من التداعيات الايجابية والسلبية التي نذكر منها في هذا البحث " ظاهرة الجريمة ".
قد يعود هذا التقصير في البحث في جريمة المرأة -خاصة في مجتمعاتنا العربية- إلى أن تصوراتنا الثقافية المجتمعية عن المجرم أنّه ذكر خارج عن القانون، مما جعل الباحثين في علم الاجتماع وعلم الإجرام يقعوا تحت تأثير تلك القوالب الثقافية، أو قد يُعزى هذا إلى أن النساء اللاّتي يقعن تحت طائلة القانون أقل بكثير مقارنة بعدد الرجال، أو ربما يعود هذا أيضا إلى شحّ البيانات الإحصائية ونقص المعطيات اللازمة لدراسة هذه الظاهرة التي مازالت تُعد من المواضيع المحظورة tabou في العديد من مجتمعاتنا منها المجتمع التونسي مما جعل الباحثين لايتحمسوا لتناولها بالدرس.
لكن عند تصفحنا اليومي لبعض الجرائد وتوقفنا في كل مرة عند " أخبار الجريمة " بدافع الفضول المعرفي أو العلمي – كباحثة في علم الاجتماع – لفت انتباهنا تواجد المرأة كفاعل ناشط في عدد لابأس به من هذه الجرائم المنشورة، كما لاحظنا أيضا أن جريمة المرأة في تطور نوعي مما دعّم لنا ما نلاحظه ونعايشه على أرض الواقع من تنامي لهذا السلوك المنحرف عند المرأة. هذه المعطيات والملاحظات كوّنت لدينا حافزا كبيرا لاستكشاف "جريمة المرأة " والتعرف على مدى تطورها نوعيا بالأساس، ومحاولة فهمها على ضوء التحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع التونسي، وذلك بدراسة هذه الظاهرة اعتمادا على " أخبار الجريمة " التي تنشر يوميا في أهم الصحف التونسية.
1- فكــرة الدراسة وهدفهـــا:
" الجريمة " ظاهرة اجتماعية فردية في ظاهرها لكنها مجتمعية في باطنها، فهي قديمة بقدم البشرية، وقد ورد ذكرها في مختلف الأعراف والأديان والقوانين، وقد أقر العلماء وجودها في مختلف العصور وأنها ظاهرة طبيعية وضرورية لكل مجتمع. يقول عالم الاجتماع الفرنسي أ.دوركايم " أن الجريمة ظاهرة طبيعية لأنه لا يمكن استثناء أي مجتمع منها... وهي من بين عوامل الصحة العامة، وجزء مدمج في كل مجتمع صحي، وأن الجريمة ضرورية فهي مرتبطة بالظروف الأساسية لكل حياة اجتماعية، وهي ظاهرة هامة لأن هذه الظروف المرتبطة بها لابد منها للتطور الطبيعي"للمجتمعات.
فالسلوك الإجرامي لا يعرف إلا بالنسبة إلى السلوك السوي والفضيلة لا تتميز إلا بالرذيلة. أما الحديث عن مدن فاضلة ومجتمعات مثالية من طرف بعض الفلاسفة والمذاهب الروحانية ما هو إلا من باب الخيال يفوق تحقيقه طاقة البشر.
دُرست الجريمة قديما وحديثا، وتناولتها العديد من الدراسات من طب وفلسفة وعلم نفس وعلم اجتماع وقانون. غير أن موضوع " جريمة المرأة " لا يشكل حجما كبيرا في تراث علم الجريمة. فمعظم الكتابات تهتم بجرائم الرجال أكثر من جرائم النساء رغم أن جريمة المرأة قد تطورت في العقود الأخيرة في كل المجتمعات بدون استثناء – ولو بدرجات متفاوتة- وذلك يعود ربما إلى التغيرات التي لحقت بوضعية المرأة والمتمثلة في تحررها وحصولها على العديد من الحقوق منها حق التعلّم والعمل خارج البيت حيث أصبحت تنافس الرجل في كل المجالات وعرضة مثله إلى العديد من التداعيات الايجابية والسلبية التي نذكر منها في هذا البحث " ظاهرة الجريمة ".
قد يعود هذا التقصير في البحث في جريمة المرأة -خاصة في مجتمعاتنا العربية- إلى أن تصوراتنا الثقافية المجتمعية عن المجرم أنّه ذكر خارج عن القانون، مما جعل الباحثين في علم الاجتماع وعلم الإجرام يقعوا تحت تأثير تلك القوالب الثقافية، أو قد يُعزى هذا إلى أن النساء اللاّتي يقعن تحت طائلة القانون أقل بكثير مقارنة بعدد الرجال، أو ربما يعود هذا أيضا إلى شحّ البيانات الإحصائية ونقص المعطيات اللازمة لدراسة هذه الظاهرة التي مازالت تُعد من المواضيع المحظورة tabou في العديد من مجتمعاتنا منها المجتمع التونسي مما جعل الباحثين لايتحمسوا لتناولها بالدرس.
لكن عند تصفحنا اليومي لبعض الجرائد وتوقفنا في كل مرة عند " أخبار الجريمة " بدافع الفضول المعرفي أو العلمي – كباحثة في علم الاجتماع – لفت انتباهنا تواجد المرأة كفاعل ناشط في عدد لابأس به من هذه الجرائم المنشورة، كما لاحظنا أيضا أن جريمة المرأة في تطور نوعي مما دعّم لنا ما نلاحظه ونعايشه على أرض الواقع من تنامي لهذا السلوك المنحرف عند المرأة. هذه المعطيات والملاحظات كوّنت لدينا حافزا كبيرا لاستكشاف "جريمة المرأة " والتعرف على مدى تطورها نوعيا بالأساس، ومحاولة فهمها على ضوء التحولات الاجتماعية التي عرفها المجتمع التونسي، وذلك بدراسة هذه الظاهرة اعتمادا على " أخبار الجريمة " التي تنشر يوميا في أهم الصحف التونسية.
- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
رد: جرائم النساء
20/07/11, 07:00 am
- موجهـــات البحـــث
* الجــريمة ظــاهرة اجتماعيــة:
من وجهة نظر علم الاجتماع، الجريمة هي كل سلوك يخالف ما ترتضيه الجماعة والمجتمع من قيم وأعراف و معتقدات ويشمل هذا المفهوم الجرائم القانونية وغير القانونية. في تعريفه للجريمة يقول دوركايم أن " الجريمة هي فعل يسيء لبعض المشاعر الجماعية المتميزة بطاقة وبوضوح متميّز."أما موريس كيسان فهو يرى " أن الانحراف ( حيث الجريمة شكل من أشكاله) هو النشاط الذي ينتهك قواعد المجتمع أو ينفى قيمه. فمفهوم الانحراف يفترض وجود عالم من الضوابط..."
إن عبارتي " المشاعر الجماعية " و " عالم من الضوابط " في التفسيرين السابقين يمكن أن نفهم منهما معنى القيم والمعايير الجماعية المتفق عليهما أي اللتين خطهما المجتمع وارتضاهما لضمان تماسك النظم والعلاقات الاجتماعية داخله. ولفهم أعمق ل"مفهوم الجريمة" وقع الرجوع إلى الأستاذ في علم الاجتماع عبدالوهاب بوحديبة حيث يعرف الجريمة بأنها " سلوك غير مألوف مغاير للمعايير، اللاّقيم مقابل القيم... الجريمة فعل سلبي يخلّ بالنظام ويشوّش البنية. فهي تنتهك التنظيم الذي من بين مؤسساته الأساسية مؤسسة ردع من يخترقه ويتحدّاه... الجريمة تؤدي للاّمعقول حيث تهين القيم، وتُقوّم اللاّقيم. فالجريمة تلعب دورا سلبيا وتعيش منه ". وبذلك " فرفض القيم ينتهي بأن يكون دائما رفض للجماعة بما أن هذه القيم هي الركيزة والدعامة لهذه الجماعة....فليس النظام وحده الذي يقع خرقه من طرف المجرم بل المجتمع كلّّه ".
وبالتالي، فكل هذه التعاريف تتفق في ما بينها على قاسم مشترك وهو أن الفعل الإجرامي هو فعل فردي متمثل في التعدّي على الجماعة والإخلال بالنظام القائم، وعلى أن لا يُفهم هذا الفعل الإجرامي إلا في علاقته بالمجتمع كهيكل متكون من العديد من الأنظمة(أو الأنساق) وتحكمه معايير وقيم معينة و قوانين مكتوبة يعاقب كلّ من يخترقها.
* المفهوم الاجرائى للجريمة:
الجريمة هي كلّ فعل أو سلوك فردي أو جماعي فيه انتهاك وخروج عن قواعد الضبط القانوني التي أقرّها المجتمع وتكون العقوبة بمثابة ثأر تقتطعه الجماعة من الفرد الذي يتعدى عليها وينحرف عن الاتفاق الذي يقام عليه النظام الاجتماعي.
3) فروض الدراسة:
- ظاهرة "الجريمة النسائية" في تنامي كما وكيفا في المجتمع التونسي.
- جريمة المرأة تكثر في المدن الكبرى حيث تكثر دوافع الانحراف وفرص الجريمة.
- جريمة المرأة تعود إلى عوامل نفسية-اجتماعية واقتصادية بالأساس.
* الجــريمة ظــاهرة اجتماعيــة:
من وجهة نظر علم الاجتماع، الجريمة هي كل سلوك يخالف ما ترتضيه الجماعة والمجتمع من قيم وأعراف و معتقدات ويشمل هذا المفهوم الجرائم القانونية وغير القانونية. في تعريفه للجريمة يقول دوركايم أن " الجريمة هي فعل يسيء لبعض المشاعر الجماعية المتميزة بطاقة وبوضوح متميّز."أما موريس كيسان فهو يرى " أن الانحراف ( حيث الجريمة شكل من أشكاله) هو النشاط الذي ينتهك قواعد المجتمع أو ينفى قيمه. فمفهوم الانحراف يفترض وجود عالم من الضوابط..."
إن عبارتي " المشاعر الجماعية " و " عالم من الضوابط " في التفسيرين السابقين يمكن أن نفهم منهما معنى القيم والمعايير الجماعية المتفق عليهما أي اللتين خطهما المجتمع وارتضاهما لضمان تماسك النظم والعلاقات الاجتماعية داخله. ولفهم أعمق ل"مفهوم الجريمة" وقع الرجوع إلى الأستاذ في علم الاجتماع عبدالوهاب بوحديبة حيث يعرف الجريمة بأنها " سلوك غير مألوف مغاير للمعايير، اللاّقيم مقابل القيم... الجريمة فعل سلبي يخلّ بالنظام ويشوّش البنية. فهي تنتهك التنظيم الذي من بين مؤسساته الأساسية مؤسسة ردع من يخترقه ويتحدّاه... الجريمة تؤدي للاّمعقول حيث تهين القيم، وتُقوّم اللاّقيم. فالجريمة تلعب دورا سلبيا وتعيش منه ". وبذلك " فرفض القيم ينتهي بأن يكون دائما رفض للجماعة بما أن هذه القيم هي الركيزة والدعامة لهذه الجماعة....فليس النظام وحده الذي يقع خرقه من طرف المجرم بل المجتمع كلّّه ".
وبالتالي، فكل هذه التعاريف تتفق في ما بينها على قاسم مشترك وهو أن الفعل الإجرامي هو فعل فردي متمثل في التعدّي على الجماعة والإخلال بالنظام القائم، وعلى أن لا يُفهم هذا الفعل الإجرامي إلا في علاقته بالمجتمع كهيكل متكون من العديد من الأنظمة(أو الأنساق) وتحكمه معايير وقيم معينة و قوانين مكتوبة يعاقب كلّ من يخترقها.
* المفهوم الاجرائى للجريمة:
الجريمة هي كلّ فعل أو سلوك فردي أو جماعي فيه انتهاك وخروج عن قواعد الضبط القانوني التي أقرّها المجتمع وتكون العقوبة بمثابة ثأر تقتطعه الجماعة من الفرد الذي يتعدى عليها وينحرف عن الاتفاق الذي يقام عليه النظام الاجتماعي.
3) فروض الدراسة:
- ظاهرة "الجريمة النسائية" في تنامي كما وكيفا في المجتمع التونسي.
- جريمة المرأة تكثر في المدن الكبرى حيث تكثر دوافع الانحراف وفرص الجريمة.
- جريمة المرأة تعود إلى عوامل نفسية-اجتماعية واقتصادية بالأساس.
- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
رد: جرائم النساء
20/07/11, 07:17 am
4) منهج الدراسة:
* تقنيــة البحـــث:
بما أن مادة هذا البحث هي " أخبار الجريمة " في الصحافة، رأينا أن الوسيلة الملائمة لذلك هي تقنية " تحليل المضمون". يُعرّف ساري حلمي خضر " تحليل المضمون" على أنه "إمكانية قيام الباحث بمعالجة السمات الكامنة في مضمون وسائل الاتصال ". كما "يعرف موشيالي تحليل مضمون وثيقة أو إتصال بأنه " البحث عن المعلومات الموجودة فيهما واستخراج المعاني منهما والتعبير عنهما وترتيب كل ما يحتويانه".
* تصــميم البحــــث:
أ-العينة: تتكون من صحيفتين يوميتين تونسيتين وهما جريدة "الصباح" وجريدة "الشروق"
وقع الاختيار على هذين الصحيفتين للاعتبارات التالية:
-هما الصحيفتان الأكثر انتشارا.
- تخصص كلاهما أبوابا ثابتة ويومية لأخبار الجرائم وبشكل مكثف، غير أن أخبار جرائم النساء أقل من أخبار جرائم الرجال.
ب-المجال الزمني: لقد اعتمدنا معالجة كل أخبار الجريمة المتعلقة بالمرأة الواردة في أعداد الجريدتين الصادرة في الفترة الزمنية المتراوحة بين بداية شهر نوفمبر2004 و بداية شهر افريل 2005 وبانتظام وذلك للحصول على عينة واسعة على الرغم من خلو بعض الأعداد من أخبار حول جرائم المرأة.
ج- فئات التحليل: وقع وضع فئات للتحليل وهي الآتية:
*أنواع الجرائم: -الاعتداء على النفس البشرية(القتل ومحاولة القتل، العنف بأشكاله) -الجرائم الجنسية والأخلاقية -السرقات -المخدرات/* سن الجناة: (أحداث، راشدات)/ *الوضعية السوسيو- مهنية/ *توزيع الجرائم على الجهات .
د-التحليل : استخدمنا في هذا البحث تقنية "تحليل المضمون" بالربط بين التحليل الكمي - بانتقاء بعض المعطيات المتعلقة بالبحث وتصنيفها وإحصاء حجمها- وبين التحليل الكيفي الذي يعتمد على استغلال المعطيات الكمية لاستخراج المعاني الكامنة في خبر الجريمة مع الأخذ في الحسبان المسكوت عنه.
* مصـــاعب البحـــث:
إن دراسة مضمون الوحدات الخبرية – بعد انكباب لمدة طويلة لقراءة ما نشرته الصحيفتان يوميا لتجميع هذه الأعداد من الوحدات – أمر ليس بالسهل خاصة عند القيام بتحويل محتويات هذه الوحدات إلى بيانات إحصائية مما يطرح صعوبة أخرى لا تقل أهمية وهي أن هذا العمل يتطلب قدرا كبيرا من اليقضة والتركيز لتسجيل كل ما يتعلق بفئات التحليل دون غفلة ولا خطأ.
ثانيا: كيف فســــرت أهم الاتجــاهات النظريـــة جريمـــة المـــرأة ؟
فسر أنصار الاتجاه البيولوجي وعلى رأسهم سيزار لمبروزو -صاحب كتاب "الإنسان المجرم "(1876) و نظرية "المجرم بالفطرة"- ضعف مساهمة المرأة في الأفعال الإجرامية بسبب ضعفها الجسدي مقارنة بالرجل فالمرأة لاتستطيع أن تقوم إلاّ بالجرائم التي تتطلب جهدا جسديا وفكريا ضعيفا.
لكن، من جهة أخرى، يرى لمبروزو أن المرأة تتميز بالقدرة على إخفاء الجرائم التي ترتكبها بحكم أنّها أكثر مخادعة (trompeuse) من الرجل، كما لها أيضا القدرة على التغرير بالرجل وحثّه على خرق القوانين بدون أن تشاركه بنفسها هذا الفعل الإجرامى. كما يفسرأيضا انخفاض معدل الإجرام عند الإناث بثلاثة عوامل بيوفسيولوجية: التكوين البيولوجي للأنثى يجعلها هدفا للذكر حيث تتخذ هي موقف الترقب ويتخذ هو موقف السعي والتحرّك نحوها. كما يفرض عليها هذا التكوين البيولوجى أيضا حسب لمبروزو كثرة الجلوس وملازمة البيت والاهتمام بالأولاد. فالجريمة عند الإناث بالنسبة لهذا الاتجاه البيولوجي هو نتيجة عوامل ذاتية أي تغيرات واضطرابات فسيولوجية- نفسية لا نتيجة تقلبّات وتغيّرات اجتماعية كما يراها علماء الاجتماع.
أما بالنسبة للاتجاه الاجتماعي، فأهم ما يميز أتباعه هو وعيهم الكافي بدور البناء الاجتماعي في حدوث الجريمة والاهتمام بالتأثير الاجتماعي وليس البيولوجي على سلوك المنحرف. والنساء في نظر هؤلاء هن مخلوقات من واقعهم الاجتماعي. فإن الجريمة سواء كان فاعلها رجلا أم امرأة، رشيدا أم طفلا ليست إلا جانبا كاشفا -من بين عدّة جوانب – عن عدم التنظيم الاجتماعي. وفي هذا المعنى تقول الأديبة الفرنسية سيمون دوبوفوار S.DeBouvoir" إذا كانت هناك نقيصة في النساء فالمجتمع هو المسؤول عنها وليس تكوينهن البيولوجي".
كذلك، أوضحت دراسة "مارجريت ميد" M.Mead عن الشخصية في ثقافات مختلفة أجريت على طائفة من الغجر أن جرائم الإناث تفوق جرائم الذكور من حيث العدد بل إن النساء هنّ اللاّتي يرتكبن جرائم السرقة والنشل في الأسواق و الأماكن المزدحمة وذلك يعود إلى أن النساء في هذه القبيلة هنّ اللاّتي يسيطرن ويعملن بالصيد وتبادل التجارة بينما الرجال يبقون في البيت يرعون الأبناء الصغار و يقومون بشؤون الأسرة إلى حين عودة الزوجات.
ومما يدعم أهمية العوامل الاجتماعية في تحديد معدل الجريمة وأنماطها هو أنّه في المناطق التي حصلت فيها المرأة على قدر كبير من الحرية و المساواة بالرجل، اتجه معدل الجرائم التي ترتكبها الإناث إلى الاقتراب من المعدل الخاص بالذكور، مثلما هو الحال في دول غرب أوروبا و أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية بينما يقل هذا المعدل كثيرا عن المعدل الخاص بالذكور في المناطق التي تقل فيها حرية المرأة و مساواتها بالرجل، فحسب نشرية مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية إن معدل الجريمة بين النساء ارتفع ارتفاعا شديدا مع نمو حركات التحرر النسائية. فقد زادت الاعتقالات بين النساء بنسبة 95 بالمائة منذ1965 ، بينما زادت الجرائم بينهن بنسبة %52. لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار تحرر المرأة و عملها سببا رئيسيا في إجرامها و قد بيّن م.كيسان M.CUSSON في دراسة حول ظاهرة الجريمة في المجتمع الياباني أن حجم الإجرام عند المرأة اليابانية ضعيف جدّا رغم أنّ نسبة النساء اللاتي يعملن مرتفعا ؟ هنا تكون الإجابة ربما من اتجاه علم النفس الاجتماعي الذي يرى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن العامل البيولوجي وحده أو عامل إجتماعى واحد هو المسؤول عن مصير الرجل أو المرأة نفسيا واجتماعيا، بل يجب فهم هذه العوامل في ضوء سياق وجودي، اقتصادي، نفسي، اجتماعي، وهو ما أدّى بكولىCh H.Cooley الى القول في كتابه "التنظيم الإجتماعي" أن " الذات والمجتمع توأمان" وأن أي خلل يحدث في هذه العلاقة يؤدي إلى التفكك الإجتماعي الذي من بين مظاهره السلوك المنحرف.
من جانب آخر، يرى عالم الاجتماع الأمريكي بولاك Pollak أنه مهما تطورت جريمة المرأة يبقى الحجم الحقيقي ليس بالصورة التي تعكسها الإحصائيات الرسمية حيث أن النساء أكثر إجراما ممّا هو على الجداول بحكم أن للمرأة من القدرة والبراعة ما يجعلها تخفي جرائمها أو تتملص منها بطريقة أو بأخرى، لان الأدوار التي يقمن بها النساء تسمح لهن بأن يرتكبن الجرائم وأن يُخفينها عن السلطات العامة: كالتسمم البطيء للزوج والمعاملة السيئة للطفل، قتل المولود، السرقة من المحلات العامة أومن منازل مخدميهن، إخفاء المسروق، الجرائم الجنسية...كما يفسر بولاك لتفسير ضعف مشاركة المرأة فى الجريمة بمسألة المعالجة التمييزية للمرأة لدى القضاء الجزائي. (Le traitement différentiel des femmes au niveau de la justice pénale) حيث أن أغلب ضبّاط الشرطة و كذلك رجال القضاء و المحلفين يكونون أكثر مرونة ورقّة نحو النساء منه نحو الرجال، و قد قادت كل هذه الاعتبارات بولاك وغيره من المتخصصين إلى ملاحظة أن إجرام النساء إنمّا هو "إجرام خفي" ( invisible déviance ) أو "مقنّع" masqué )) إلى درجة كبيرة. يضيف بولاك بأن الإجرام الخفي يتعلق خاصة بالجرائم البسيطة و بما أن المرأة ترتكب عادة هذا النوع من الجرائم فإننسبة تمثيلها في ظاهرة الإجرام تكون ضعيفة.
من هذا المنطلق، نتسائل: إلى أي مدى يمكننا فهم ظاهرة الإجرام النسائية في المجتمع التونسي-اعتمادا على أخبار الصحافة- على ضوء ماطرحناه من اتجاهات نظرية حول جريمة المرأة ؟
ثالثـــا: تحليـــل مضمون أخبــــار الجريمة في صحيفتي "الصباح والشروق" اليوميتين في المجتمع التونسي:
تقديـــــــم:
يمثل باب أخبار الجريمة حقلا مشحونا بالمعلومات تعكس الواقع الاجتماعي وخصائصه في فترة زمنية معينة. ورغم أن خبر الجريمة عموما وعند المرأة خصوصا قد يساهم في إشباع فضول بعض القراء وقد يلقي عند البعض الآخر وخاصة بعض المثقفين نوعا من الازدراء، إلا أنه بحكم ما يلقيه من ضوء حول جانب من جوانب المجتمع المتمثل في ظاهرة " الجريمة " يُعد بابا هاما قد يساهم في تشكيل آراء وتصورات جديدة عن الفرد وعن المجتمع ككل، كما قد يبعث الوعي في الأفراد ويحثهم ربما على مراجعة أفعالهم وعقلنتها، كما قد يحث القائمين على المجتمع على العمل على دراسة الظاهرة بكل جدية، وتفعيل الآليات الناجعة للحدّ منها والقضاء على عوامل انتشارها، وذلك عندما تضعهم هذه الأخبار الصحافية أمام أفعال مشينة قد تنتهك كل القواعد والقوانين الاجتماعية.
لكن قبل القيام بتنظيم المعطيات المنشورة في هذه المنتجات الصحفية، وبتحويلها إلى بيانات إحصائية تسهل معالجتها معالجة علمية تتسم بقدر ما من الحياد والموضوعية، ارتأينا أن نلخص أهم الخصائص الديمغرافية والاجتماعية للمجتمع التونسي حتى نمكن القارئ لهذه الدراسة من فهم البيانات التي توصلنا إليها ومدى تفسيرنا لها.
1-أهم خصــائص المجتمع التونسي :
تُعد تونس من بين البلدان السائرة في طريق النمو، ويبلغ عدد سكانها حوالي9.931.200 (التعداد الأخير للسكان2004)، يوزع سكان البلاد على 24 ولاية، موزعين على7جهات، تحتل جهة إقليم تونس (تونس العاصمة، منوبة، أريانة، بن عروس) وجهة الوسط الشرقي(سوسة، المنستير، المهدية وصفاقس) أهم وأكبر الجهات حجما من حيث عدد السكان، 64.5% من السكان يعيشون في الحضر. ذلك يعود إلى أن حجم الهجرة إلى هذه المدن الكبرى والساحلية قد تضاعف في السنوات الأخيرة. ويعتبر العمل والبحث عن شغل من أهم الأسباب المباشرة للهجرة الداخلية وهي تمثل نسبة 26.4% منها 41 % إناث(احصائيات1999-2004)
يعتبر المجتمع التونسي كغيره من المجتمعات العربية من المجتمعات الشابة رغم أن نسبة من هم دون15سنة في تراجع، حيث أصبحت هذه النسبة تمثل 26.7% من السكان (احصائيات2004) بعد أن كانت 34.8% (احصائيات1994). كما أن أكثر من نصف سكان البلاد شباب: حوالي 65% من مجموع السكان دون 25 سنة.
شهد المجتمع التونسي منذ العقود الماضية حراك اجتماعي واسع أدى إلى بلورة وظهور طبقات وفئات اجتماعية جديدة مثل الطبقة الوسطى التي انبثقت عن انتشار التعليم، وفئة المقاولين وأصحاب المشاريع التي استفادت من حركة التنمية - فقد قامت الدولة الوطنية بعد الاستقلال(1956) بالعديد من المحاولات التنموية للنهوض بالاقتصاد المحلي واحتوت هذه المحاولات مخططات وبرامج متنوعة في الستينات والسبعينات شجعت من خلالها القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية - فاستفادت هذه الفئات الاجتماعية من "التجربة التنموية وخاصة من أنشطة قطاع الخدمات الذي كان بمثابة معبر أتاح لها ارتقاء سلم الهرم الاجتماعي عبر شبك مصالحها بأوليات الارتباط التبعي مع الغرب التي اقتضت خلق وكلاء محليين يتابعون مصالح الاستثمارات الأجنبية".
غير أن هذه المحاولات التنموية أدت إلى العديد من السلبيات أهمها تعميق اللاتوازن بين القطاعات والجهات في آن واحد، وخلق خلل بين المدينة والريف: حدث لا توازن عميق بين الجهات الساحلية والجهات الداخلية من حيث الكثافة السكانية ونسبة التحضر والحضرية. وهو ما جعل العديد من المراقبين ينقدون هذه السياسات التنموية التي تقف وراء كل مظاهر التغير الاجتماعي السلبية، وقد أكدت العديد من الدراسات العلمية أن ثمرات التنمية في تونس غير موزعة بعدالة بين الجهات وأن النمو الاجتماعي والاقتصادي ميّز كثيرا مناطق عن أخرى وأن هذه اللامساواة هي في الحقيقة نتاج تمركز الخدمات وأداة الإنتاج مما أفضى إلى العديد من الظواهر الاجتماعية الغير سوية.
من جانب آخر، عرف المجتمع التونسي تغيرات اجتماعية تعدّ ايجابية خاصة في ميدان التعليم وذلك بتعميم التمدرس ومجانيته: فقد تراجعت نسبة الأمية عموما من85 %(سنة1956)إلى23% (سنة2004)، أما عند الإناث تقلصت نسبة الأمية من96% (سنة1956) إلى 31% (سنة 2004)، ما جعل تونس اليوم تحتل المرتبة الأولى في نسبة تعليم الفتيات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط . على سبيل المثال أصبحت نسبة الطالبات في التعليم العالي تفوق59% من مجموع الطلبة(احصائيات2004).
أما من حيث تقلص وتيرة النمو السكاني فقد انخفض معدل النمو من 2.35% (1984-1994)إلى 1.21% (1994-2004) وهذا يعود بالأساس إلى السياسة السكانية التي توختها البلاد بعد الاستقلال بوضع برامج "التنظيم العائلي"، وأيضا إلى درجة وعي الفرد التونسي اليوم بضرورة تحديد نسله خاصة بعد خروج المرأة للعمل والمساهمة في الحياة العامة، وكذلك بسبب صعوبات ظروف الحياة المادية و صعوبة التربية والإحاطة بالطفل خاصة في عصر تنافس فيه وسائل الإعلام والاتصال دور الآباء والعائلة.Kellerhals1982]
كما عرف المجتمع التونسي تطورا هائلا في وضعية المرأة، حيث حققت المرأة التونسية تقدما كبيرا في التعليم والشغل والحقوق السياسية وقانون الأحوال الشخصية(في الزواج، والطلاق، وعلاقتها بالزوج والأبناء...) وذلك عبر سن العديد من القوانين تمس كل جوانب المؤسسة العائلية تقريبا. إن كل هذه الحقوق التي منحت للمرأة هي من أجل إقامة المساواة بين الجنسين والنهوض بالمجتمع وتحديثه.
في الجانب المقابل هناك تغيرات اجتماعية سلبية وعميقة ومتسرعة مّست منظومة القيم التقليدية، فالقيم التي ورثها المجتمع قد تخلخلت وتزاوجت مع مفاهيم وقيم جديدة للحياة، وعملية التزاوج هذه ملحوظة لدى كل الفئات الاجتماعية وفي كل المناطق الحضرية وحتى الريفية منها، غير أن غلبة الجديد على القديم أو العكس قد تختلف باختلاف الأصناف الاجتماعية المهنية والمناطق، كما تصاحب أيضا الحراك الاجتماعي للفرد وانتقاله من طبقة اجتماعية أو شريحة اجتماعية إلى أخرى.
كذلك يعاني المجتمع التونسي كأغلب المجتمعات العربية من ظاهرتين اجتماعيتين لهما علاقة بالإنحراف والجريمة وهما: - ظاهرة الفقر( فرغم أن نسبة العائلات الفقيرة تبدو غير مرتفعة وهي 6.2% حسب الإحصائيات الرسمية إلا أن المصاريف بالنسبة إلى الشخص الواحد وفي السنة الواحدة قد تضاعفت أكثر من مرتين خلال العشر سنوات الأخيرة)،أمّا-ظاهرة البطالة فتفوق نسبتها 15%*(إحصائيات سنة2004 ) وأعلى نسبة توجد في الفئة العمرية مابين 18و92 سنة عند الذكور والإناث سواء. أكثر من ثلثي العاطلين لهم مستوي تعليم إما ابتدائي أوثانوي، كما أن نسبة العاطلين عن العمل ذوي المستوى العالي فقد ارتفعت من1.4% (سنة 1994) الى13.6% سنة 2004 بضارب يفوق 9 مرات في ظرف 10 سنوات ويعود ذلك بالأساس إلى السياسة التعليمية : عدم تلاؤم العديد من التخصصات العلمية مع احتياجات البنية المحلية ومتطلبات سوق الشغل.
لمحـــــة حول وضعيــة المــرأة في المجتمع التونسي:
كانت تستند مكانة المرأة في المجتمع التونسي التقليدي لمرجعين أساسيين: للشرع وأحكامه -التي كانت كثيرا ما تحرّف- ولجملة من العادات والتقاليد. فقد كان للمرأة دوران محددان: دور المرأة الخادمة لزوجها ودور الأم المربية لأبنائها. لكن بعد صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية في 13 أوت 1956(غداة الاستقلال) منحت المرأة العديد من الحقوق القانونية والاجتماعية والسياسية التي ما زالت النساء العربيات لم تنلها إلى اليوم. وتعتبر هذه المجلة أول مجلة قانونية عربية وافريقية تعلن موقفا صريحا من قضية المرأة وترفع من شانها وتعتبرها ذات حق...". مما مكّنها من مشاركة الرجل جنبا إلى جنب في مسار التنمية.حيث أصبحت المرأة عنصرا منتجا ولم تعد تستمد مكانتها وسلطتها من الأمومة فقط بل من دخلها المادي الذي تدعّم به حياة الأسرة من الناحية الاقتصادية، ومن مستواها العلمي أيضا، وبذلك خلقت للمرأة أدوارا جديدة وهوية أخرى مختلفة عما كانت عليه، داخل الأسرة وخارجها. لكن هذه الوضعية الوردية نسبيا للمرأة لايمكن تعميمها على كل المجتمع التونسي، فالمناطق الريفية خاصة داخل البلاد وجنوبه مازال وضع المرأة أقرب إلى الثبات منه إلي التغيير وربما هذا ما أدى بالجيل الثاني للهجرة إلى الجهات الأكثر تحضرا علّهم يستفيدون من ثمرة التغيير.
تمثل نسبة نشاط المرأة 24% من مجموع السكان النشيطين،. وقد تمكنت المرأة التونسية من اقتحام كل القطاعات بنسق يبرز تطور كفاءاتها، فهي ممثلة في قطاع الفلاحة بنسبة تفوق 24%، في قطاع الصناعات التحويلية بأكثر من 46%، أما في الإدارة والتعليم والصحة تشارك المرأة بنسبة تقارب 33% و في القطاع التجاري 6.5 % (احصائيات2004).
لكن، ما يمكن التأكيد عليه بحكم موضوع هذه الدراسة –الجريمة النسائية في تونس- هي الجوانب السلبية في وضعية المرأة داخل المجتمع التونسي ونخص بالذكر الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها والتي نلخصها في الآتي:
- ما نلاحظه من خلال توزيع العاملات حسب المرتبة في المهنة، أن أكثر النساء العاملات أجيرات أي يتقاضين الأجر الأدنى*smig وهن بنسبة 67%، أغلبهن يُقمن في الوسط الحضري(قرابة 53% من الإناث النشيطين موزعين بين المدن الكبرى:اقليم تونس والوسط الشرقي) حيث كثرة الحاجيات و انتشار المغريات وتزايد التطلعات -خاصة في ظل عولمة الثقافة والاقتصاد وتدفق البضائع المستوردة من أزياء ومواد تجميل وغيرها بحيث تغيرت سلوكيات أغلب النساء اللاتي انسقن نحو الشهوات والعيش أكثر من الإمكانيات، فأصبحت المرأة عموما "امرأة استهلاك" - لكن دون توفّرالامكانيات والوسائل المشروعة للوصول إليها((R ;Merton.
تقدر نسبة البطالة في صفوف الإناث ب17.2% أي بمعدل امرأة عاطلة من ستة، حيث نمى حجم العاطلات عن العمل من 118.2ألف إلى 151.4ألف بين سنة 1994-2004، وأن أعلى نسبة بطالة توجد في الفئة العمرية20 29_ سنة(بحوالي53% من مجمل العاطلين، نصفهن متواجد في المدن الكبرى،وأغلبهن نازحات)، وفي فئة غير المتزوجات(عازباوات) بنسبة 26.5%.
تُرى ما مصير هؤلاء المهاجرات بدون رفيق ولا خبز ولا سند تحت سماء المدن الذي ليس دائما أزرق ؟
- تحررت المرأة في مجتمع مازال في مجمله ذكوري إلى اليوم: مازالت نظرة الرجل ،عموما، تقليدية للمرأة، العلاقات داخل العائلة لم تتغير بالشكل المطلوب فهناك تناقض بين المبادئ، والمواقف ، والممارسات. فانتشار العديد من الأنماط السلوكية لا يزال يحول دون تحقيق النقلة النوعية التي نصبو إليها، بينت دراسة حول "الأسرة التونسية" أعدتها وزارة المرأة والأسرة مع اليونسف -وإن كان قد مضى على هذه الدراسة أكثر من ثلاثة عشر سنة إلاّ أن مضمونها ما زال حياّ رغم التغير النسبي في القيم- أنه لا يزال هناك تضارب في تقبل بعض المفاهيم والتعامل معها فعلى سبيل المثال يعتبر 75% من المستجوبين أن الكلمة الأخيرة داخل الأسرة يجب أن تكون للزوج، أما على مستوى عمل المرأة وتقسيم الأدوار فحوالي 58 % يعتقدون أن المرأة أخذت مكان الرجل في العمل، كما أن 35% فقط يقرّون بضرورة مساعدة الزوج لزوجته في شؤون المنزل. كما بينت دراسة ثانية حول العائلة والتحولات الاجتماعية في تونس أن هناك رفض صريح من التونسيين -مهما كان انتماءهم الاجتماعي أو مستواهم الثقافي- لمفهوم المساواة باعتباره مفهوما منافيا للتعاليم الدينية. والكثير منهم يعتبر أن السبب الرئيسي في مشاكل العائلة التونسية –والمشاكل الاجتماعية التي تشارك فيها المرأة- يعود إلى إعطاء الحرية للمرأة على حساب الرجل وهي حرية أخطأت المرأة فهمها ولم تحسن استغلالها. وربما يعود هذا حسب كاميليريCamelleri إلى أن المجتمع التونسي يعيش مسارات من التثاقف حيث تتأرجح المواقف والسلوكات بين ثوابت تقليدية ومشارب تحديثية، وهو ما يعبر عنه بالتعايش بين القيم الأساسية valeurs primordiales (التقليدية) والقيم الهامةvaleurs importantes [34](الحديثة)، ويتبدى ذلك مثلا في رفض مبدأ اللاّمساواة بين الجنسين والنظرة الجنسانية للمرأة على مستوى الرأي أو المواقف، في حين يقع تبنيهما في الممارسة وفي نوعية بناء العلاقات.
فكل هذه المعطيات حول وضعية المرأة من شأنها أن تبين أن " دخول المرأة لسمو المجتمع ليس شرطا كافيا لمناقشة العلاقات الزوجية التقليدية"والعلاقة بين الرجل والمرأة عموما، مما أفرز خللا في الحياة الأسرية ومشاكل زوجية وانحرافات اجتماعية.
-إن تحديث المجتمع وتحرير المرأة والغزو التكنولوجي والثقافي الغربي إلى مجتمعاتنا بأكثر حدّة اليوم، قد خلخلوا منظومة القيم التقليدية بل الأساسية، غيّروا المعايير الاجتماعية مما أثّر في مواقف وعلاقات وسلوكيات الإفراد، فظهرت الاتجاهات الفردية والشعور بالأنانية بين البشر وتغيرت العلاقات داخل الأسرة(والمجتمع ككل) فانتشر الميل نحو الاستقلال في الذمم المالية والإنجازات العلمية والعملية والمادية مما خفف وأضعف الروابط الاجتماعية و الأسرية سوى بين الآباء والأبناء أو بين الزوجين، اللّذين كثيرا ما ينفرد كل منهم في اتخاذ القرار وفي تسطير مسار حياته وحتى طريقة عيشه بمعزل عن الآخر.
- كما نشير أيضا أن نسبة العزوبية والعنوسة أصبحت مرتفعة: % 38 من الإناث عزباوات، وأن نسبة الفتيات في سن الزواج تفوق نسبة الفتيان: 20% مقابل 16 %تقريبا (إحصائيات 2004).
وبالتالي، فإن كل هذه السلبيات المحيطة بالمرأة من شأنها أن تكون لها تداعيات سلبية نخص بالذكر منها في هذه الدراسة الانحراف والجريمة.
2) تقــــديم بيانـــات إحصائية حول إجرام المرأة في تونس من خلال مضمون أخبار الجريمة في صحيفتي "الصباح" و"الشروق
* تقنيــة البحـــث:
بما أن مادة هذا البحث هي " أخبار الجريمة " في الصحافة، رأينا أن الوسيلة الملائمة لذلك هي تقنية " تحليل المضمون". يُعرّف ساري حلمي خضر " تحليل المضمون" على أنه "إمكانية قيام الباحث بمعالجة السمات الكامنة في مضمون وسائل الاتصال ". كما "يعرف موشيالي تحليل مضمون وثيقة أو إتصال بأنه " البحث عن المعلومات الموجودة فيهما واستخراج المعاني منهما والتعبير عنهما وترتيب كل ما يحتويانه".
* تصــميم البحــــث:
أ-العينة: تتكون من صحيفتين يوميتين تونسيتين وهما جريدة "الصباح" وجريدة "الشروق"
وقع الاختيار على هذين الصحيفتين للاعتبارات التالية:
-هما الصحيفتان الأكثر انتشارا.
- تخصص كلاهما أبوابا ثابتة ويومية لأخبار الجرائم وبشكل مكثف، غير أن أخبار جرائم النساء أقل من أخبار جرائم الرجال.
ب-المجال الزمني: لقد اعتمدنا معالجة كل أخبار الجريمة المتعلقة بالمرأة الواردة في أعداد الجريدتين الصادرة في الفترة الزمنية المتراوحة بين بداية شهر نوفمبر2004 و بداية شهر افريل 2005 وبانتظام وذلك للحصول على عينة واسعة على الرغم من خلو بعض الأعداد من أخبار حول جرائم المرأة.
ج- فئات التحليل: وقع وضع فئات للتحليل وهي الآتية:
*أنواع الجرائم: -الاعتداء على النفس البشرية(القتل ومحاولة القتل، العنف بأشكاله) -الجرائم الجنسية والأخلاقية -السرقات -المخدرات/* سن الجناة: (أحداث، راشدات)/ *الوضعية السوسيو- مهنية/ *توزيع الجرائم على الجهات .
د-التحليل : استخدمنا في هذا البحث تقنية "تحليل المضمون" بالربط بين التحليل الكمي - بانتقاء بعض المعطيات المتعلقة بالبحث وتصنيفها وإحصاء حجمها- وبين التحليل الكيفي الذي يعتمد على استغلال المعطيات الكمية لاستخراج المعاني الكامنة في خبر الجريمة مع الأخذ في الحسبان المسكوت عنه.
* مصـــاعب البحـــث:
إن دراسة مضمون الوحدات الخبرية – بعد انكباب لمدة طويلة لقراءة ما نشرته الصحيفتان يوميا لتجميع هذه الأعداد من الوحدات – أمر ليس بالسهل خاصة عند القيام بتحويل محتويات هذه الوحدات إلى بيانات إحصائية مما يطرح صعوبة أخرى لا تقل أهمية وهي أن هذا العمل يتطلب قدرا كبيرا من اليقضة والتركيز لتسجيل كل ما يتعلق بفئات التحليل دون غفلة ولا خطأ.
ثانيا: كيف فســــرت أهم الاتجــاهات النظريـــة جريمـــة المـــرأة ؟
فسر أنصار الاتجاه البيولوجي وعلى رأسهم سيزار لمبروزو -صاحب كتاب "الإنسان المجرم "(1876) و نظرية "المجرم بالفطرة"- ضعف مساهمة المرأة في الأفعال الإجرامية بسبب ضعفها الجسدي مقارنة بالرجل فالمرأة لاتستطيع أن تقوم إلاّ بالجرائم التي تتطلب جهدا جسديا وفكريا ضعيفا.
لكن، من جهة أخرى، يرى لمبروزو أن المرأة تتميز بالقدرة على إخفاء الجرائم التي ترتكبها بحكم أنّها أكثر مخادعة (trompeuse) من الرجل، كما لها أيضا القدرة على التغرير بالرجل وحثّه على خرق القوانين بدون أن تشاركه بنفسها هذا الفعل الإجرامى. كما يفسرأيضا انخفاض معدل الإجرام عند الإناث بثلاثة عوامل بيوفسيولوجية: التكوين البيولوجي للأنثى يجعلها هدفا للذكر حيث تتخذ هي موقف الترقب ويتخذ هو موقف السعي والتحرّك نحوها. كما يفرض عليها هذا التكوين البيولوجى أيضا حسب لمبروزو كثرة الجلوس وملازمة البيت والاهتمام بالأولاد. فالجريمة عند الإناث بالنسبة لهذا الاتجاه البيولوجي هو نتيجة عوامل ذاتية أي تغيرات واضطرابات فسيولوجية- نفسية لا نتيجة تقلبّات وتغيّرات اجتماعية كما يراها علماء الاجتماع.
أما بالنسبة للاتجاه الاجتماعي، فأهم ما يميز أتباعه هو وعيهم الكافي بدور البناء الاجتماعي في حدوث الجريمة والاهتمام بالتأثير الاجتماعي وليس البيولوجي على سلوك المنحرف. والنساء في نظر هؤلاء هن مخلوقات من واقعهم الاجتماعي. فإن الجريمة سواء كان فاعلها رجلا أم امرأة، رشيدا أم طفلا ليست إلا جانبا كاشفا -من بين عدّة جوانب – عن عدم التنظيم الاجتماعي. وفي هذا المعنى تقول الأديبة الفرنسية سيمون دوبوفوار S.DeBouvoir" إذا كانت هناك نقيصة في النساء فالمجتمع هو المسؤول عنها وليس تكوينهن البيولوجي".
كذلك، أوضحت دراسة "مارجريت ميد" M.Mead عن الشخصية في ثقافات مختلفة أجريت على طائفة من الغجر أن جرائم الإناث تفوق جرائم الذكور من حيث العدد بل إن النساء هنّ اللاّتي يرتكبن جرائم السرقة والنشل في الأسواق و الأماكن المزدحمة وذلك يعود إلى أن النساء في هذه القبيلة هنّ اللاّتي يسيطرن ويعملن بالصيد وتبادل التجارة بينما الرجال يبقون في البيت يرعون الأبناء الصغار و يقومون بشؤون الأسرة إلى حين عودة الزوجات.
ومما يدعم أهمية العوامل الاجتماعية في تحديد معدل الجريمة وأنماطها هو أنّه في المناطق التي حصلت فيها المرأة على قدر كبير من الحرية و المساواة بالرجل، اتجه معدل الجرائم التي ترتكبها الإناث إلى الاقتراب من المعدل الخاص بالذكور، مثلما هو الحال في دول غرب أوروبا و أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية بينما يقل هذا المعدل كثيرا عن المعدل الخاص بالذكور في المناطق التي تقل فيها حرية المرأة و مساواتها بالرجل، فحسب نشرية مكتب التحقيقات الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية إن معدل الجريمة بين النساء ارتفع ارتفاعا شديدا مع نمو حركات التحرر النسائية. فقد زادت الاعتقالات بين النساء بنسبة 95 بالمائة منذ1965 ، بينما زادت الجرائم بينهن بنسبة %52. لكن إلى أي مدى يمكن اعتبار تحرر المرأة و عملها سببا رئيسيا في إجرامها و قد بيّن م.كيسان M.CUSSON في دراسة حول ظاهرة الجريمة في المجتمع الياباني أن حجم الإجرام عند المرأة اليابانية ضعيف جدّا رغم أنّ نسبة النساء اللاتي يعملن مرتفعا ؟ هنا تكون الإجابة ربما من اتجاه علم النفس الاجتماعي الذي يرى أنه من الخطأ الاعتقاد بأن العامل البيولوجي وحده أو عامل إجتماعى واحد هو المسؤول عن مصير الرجل أو المرأة نفسيا واجتماعيا، بل يجب فهم هذه العوامل في ضوء سياق وجودي، اقتصادي، نفسي، اجتماعي، وهو ما أدّى بكولىCh H.Cooley الى القول في كتابه "التنظيم الإجتماعي" أن " الذات والمجتمع توأمان" وأن أي خلل يحدث في هذه العلاقة يؤدي إلى التفكك الإجتماعي الذي من بين مظاهره السلوك المنحرف.
من جانب آخر، يرى عالم الاجتماع الأمريكي بولاك Pollak أنه مهما تطورت جريمة المرأة يبقى الحجم الحقيقي ليس بالصورة التي تعكسها الإحصائيات الرسمية حيث أن النساء أكثر إجراما ممّا هو على الجداول بحكم أن للمرأة من القدرة والبراعة ما يجعلها تخفي جرائمها أو تتملص منها بطريقة أو بأخرى، لان الأدوار التي يقمن بها النساء تسمح لهن بأن يرتكبن الجرائم وأن يُخفينها عن السلطات العامة: كالتسمم البطيء للزوج والمعاملة السيئة للطفل، قتل المولود، السرقة من المحلات العامة أومن منازل مخدميهن، إخفاء المسروق، الجرائم الجنسية...كما يفسر بولاك لتفسير ضعف مشاركة المرأة فى الجريمة بمسألة المعالجة التمييزية للمرأة لدى القضاء الجزائي. (Le traitement différentiel des femmes au niveau de la justice pénale) حيث أن أغلب ضبّاط الشرطة و كذلك رجال القضاء و المحلفين يكونون أكثر مرونة ورقّة نحو النساء منه نحو الرجال، و قد قادت كل هذه الاعتبارات بولاك وغيره من المتخصصين إلى ملاحظة أن إجرام النساء إنمّا هو "إجرام خفي" ( invisible déviance ) أو "مقنّع" masqué )) إلى درجة كبيرة. يضيف بولاك بأن الإجرام الخفي يتعلق خاصة بالجرائم البسيطة و بما أن المرأة ترتكب عادة هذا النوع من الجرائم فإننسبة تمثيلها في ظاهرة الإجرام تكون ضعيفة.
من هذا المنطلق، نتسائل: إلى أي مدى يمكننا فهم ظاهرة الإجرام النسائية في المجتمع التونسي-اعتمادا على أخبار الصحافة- على ضوء ماطرحناه من اتجاهات نظرية حول جريمة المرأة ؟
ثالثـــا: تحليـــل مضمون أخبــــار الجريمة في صحيفتي "الصباح والشروق" اليوميتين في المجتمع التونسي:
تقديـــــــم:
يمثل باب أخبار الجريمة حقلا مشحونا بالمعلومات تعكس الواقع الاجتماعي وخصائصه في فترة زمنية معينة. ورغم أن خبر الجريمة عموما وعند المرأة خصوصا قد يساهم في إشباع فضول بعض القراء وقد يلقي عند البعض الآخر وخاصة بعض المثقفين نوعا من الازدراء، إلا أنه بحكم ما يلقيه من ضوء حول جانب من جوانب المجتمع المتمثل في ظاهرة " الجريمة " يُعد بابا هاما قد يساهم في تشكيل آراء وتصورات جديدة عن الفرد وعن المجتمع ككل، كما قد يبعث الوعي في الأفراد ويحثهم ربما على مراجعة أفعالهم وعقلنتها، كما قد يحث القائمين على المجتمع على العمل على دراسة الظاهرة بكل جدية، وتفعيل الآليات الناجعة للحدّ منها والقضاء على عوامل انتشارها، وذلك عندما تضعهم هذه الأخبار الصحافية أمام أفعال مشينة قد تنتهك كل القواعد والقوانين الاجتماعية.
لكن قبل القيام بتنظيم المعطيات المنشورة في هذه المنتجات الصحفية، وبتحويلها إلى بيانات إحصائية تسهل معالجتها معالجة علمية تتسم بقدر ما من الحياد والموضوعية، ارتأينا أن نلخص أهم الخصائص الديمغرافية والاجتماعية للمجتمع التونسي حتى نمكن القارئ لهذه الدراسة من فهم البيانات التي توصلنا إليها ومدى تفسيرنا لها.
1-أهم خصــائص المجتمع التونسي :
تُعد تونس من بين البلدان السائرة في طريق النمو، ويبلغ عدد سكانها حوالي9.931.200 (التعداد الأخير للسكان2004)، يوزع سكان البلاد على 24 ولاية، موزعين على7جهات، تحتل جهة إقليم تونس (تونس العاصمة، منوبة، أريانة، بن عروس) وجهة الوسط الشرقي(سوسة، المنستير، المهدية وصفاقس) أهم وأكبر الجهات حجما من حيث عدد السكان، 64.5% من السكان يعيشون في الحضر. ذلك يعود إلى أن حجم الهجرة إلى هذه المدن الكبرى والساحلية قد تضاعف في السنوات الأخيرة. ويعتبر العمل والبحث عن شغل من أهم الأسباب المباشرة للهجرة الداخلية وهي تمثل نسبة 26.4% منها 41 % إناث(احصائيات1999-2004)
يعتبر المجتمع التونسي كغيره من المجتمعات العربية من المجتمعات الشابة رغم أن نسبة من هم دون15سنة في تراجع، حيث أصبحت هذه النسبة تمثل 26.7% من السكان (احصائيات2004) بعد أن كانت 34.8% (احصائيات1994). كما أن أكثر من نصف سكان البلاد شباب: حوالي 65% من مجموع السكان دون 25 سنة.
شهد المجتمع التونسي منذ العقود الماضية حراك اجتماعي واسع أدى إلى بلورة وظهور طبقات وفئات اجتماعية جديدة مثل الطبقة الوسطى التي انبثقت عن انتشار التعليم، وفئة المقاولين وأصحاب المشاريع التي استفادت من حركة التنمية - فقد قامت الدولة الوطنية بعد الاستقلال(1956) بالعديد من المحاولات التنموية للنهوض بالاقتصاد المحلي واحتوت هذه المحاولات مخططات وبرامج متنوعة في الستينات والسبعينات شجعت من خلالها القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية - فاستفادت هذه الفئات الاجتماعية من "التجربة التنموية وخاصة من أنشطة قطاع الخدمات الذي كان بمثابة معبر أتاح لها ارتقاء سلم الهرم الاجتماعي عبر شبك مصالحها بأوليات الارتباط التبعي مع الغرب التي اقتضت خلق وكلاء محليين يتابعون مصالح الاستثمارات الأجنبية".
غير أن هذه المحاولات التنموية أدت إلى العديد من السلبيات أهمها تعميق اللاتوازن بين القطاعات والجهات في آن واحد، وخلق خلل بين المدينة والريف: حدث لا توازن عميق بين الجهات الساحلية والجهات الداخلية من حيث الكثافة السكانية ونسبة التحضر والحضرية. وهو ما جعل العديد من المراقبين ينقدون هذه السياسات التنموية التي تقف وراء كل مظاهر التغير الاجتماعي السلبية، وقد أكدت العديد من الدراسات العلمية أن ثمرات التنمية في تونس غير موزعة بعدالة بين الجهات وأن النمو الاجتماعي والاقتصادي ميّز كثيرا مناطق عن أخرى وأن هذه اللامساواة هي في الحقيقة نتاج تمركز الخدمات وأداة الإنتاج مما أفضى إلى العديد من الظواهر الاجتماعية الغير سوية.
من جانب آخر، عرف المجتمع التونسي تغيرات اجتماعية تعدّ ايجابية خاصة في ميدان التعليم وذلك بتعميم التمدرس ومجانيته: فقد تراجعت نسبة الأمية عموما من85 %(سنة1956)إلى23% (سنة2004)، أما عند الإناث تقلصت نسبة الأمية من96% (سنة1956) إلى 31% (سنة 2004)، ما جعل تونس اليوم تحتل المرتبة الأولى في نسبة تعليم الفتيات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط . على سبيل المثال أصبحت نسبة الطالبات في التعليم العالي تفوق59% من مجموع الطلبة(احصائيات2004).
أما من حيث تقلص وتيرة النمو السكاني فقد انخفض معدل النمو من 2.35% (1984-1994)إلى 1.21% (1994-2004) وهذا يعود بالأساس إلى السياسة السكانية التي توختها البلاد بعد الاستقلال بوضع برامج "التنظيم العائلي"، وأيضا إلى درجة وعي الفرد التونسي اليوم بضرورة تحديد نسله خاصة بعد خروج المرأة للعمل والمساهمة في الحياة العامة، وكذلك بسبب صعوبات ظروف الحياة المادية و صعوبة التربية والإحاطة بالطفل خاصة في عصر تنافس فيه وسائل الإعلام والاتصال دور الآباء والعائلة.Kellerhals1982]
كما عرف المجتمع التونسي تطورا هائلا في وضعية المرأة، حيث حققت المرأة التونسية تقدما كبيرا في التعليم والشغل والحقوق السياسية وقانون الأحوال الشخصية(في الزواج، والطلاق، وعلاقتها بالزوج والأبناء...) وذلك عبر سن العديد من القوانين تمس كل جوانب المؤسسة العائلية تقريبا. إن كل هذه الحقوق التي منحت للمرأة هي من أجل إقامة المساواة بين الجنسين والنهوض بالمجتمع وتحديثه.
في الجانب المقابل هناك تغيرات اجتماعية سلبية وعميقة ومتسرعة مّست منظومة القيم التقليدية، فالقيم التي ورثها المجتمع قد تخلخلت وتزاوجت مع مفاهيم وقيم جديدة للحياة، وعملية التزاوج هذه ملحوظة لدى كل الفئات الاجتماعية وفي كل المناطق الحضرية وحتى الريفية منها، غير أن غلبة الجديد على القديم أو العكس قد تختلف باختلاف الأصناف الاجتماعية المهنية والمناطق، كما تصاحب أيضا الحراك الاجتماعي للفرد وانتقاله من طبقة اجتماعية أو شريحة اجتماعية إلى أخرى.
كذلك يعاني المجتمع التونسي كأغلب المجتمعات العربية من ظاهرتين اجتماعيتين لهما علاقة بالإنحراف والجريمة وهما: - ظاهرة الفقر( فرغم أن نسبة العائلات الفقيرة تبدو غير مرتفعة وهي 6.2% حسب الإحصائيات الرسمية إلا أن المصاريف بالنسبة إلى الشخص الواحد وفي السنة الواحدة قد تضاعفت أكثر من مرتين خلال العشر سنوات الأخيرة)،أمّا-ظاهرة البطالة فتفوق نسبتها 15%*(إحصائيات سنة2004 ) وأعلى نسبة توجد في الفئة العمرية مابين 18و92 سنة عند الذكور والإناث سواء. أكثر من ثلثي العاطلين لهم مستوي تعليم إما ابتدائي أوثانوي، كما أن نسبة العاطلين عن العمل ذوي المستوى العالي فقد ارتفعت من1.4% (سنة 1994) الى13.6% سنة 2004 بضارب يفوق 9 مرات في ظرف 10 سنوات ويعود ذلك بالأساس إلى السياسة التعليمية : عدم تلاؤم العديد من التخصصات العلمية مع احتياجات البنية المحلية ومتطلبات سوق الشغل.
لمحـــــة حول وضعيــة المــرأة في المجتمع التونسي:
كانت تستند مكانة المرأة في المجتمع التونسي التقليدي لمرجعين أساسيين: للشرع وأحكامه -التي كانت كثيرا ما تحرّف- ولجملة من العادات والتقاليد. فقد كان للمرأة دوران محددان: دور المرأة الخادمة لزوجها ودور الأم المربية لأبنائها. لكن بعد صدور مجلة الأحوال الشخصية التونسية في 13 أوت 1956(غداة الاستقلال) منحت المرأة العديد من الحقوق القانونية والاجتماعية والسياسية التي ما زالت النساء العربيات لم تنلها إلى اليوم. وتعتبر هذه المجلة أول مجلة قانونية عربية وافريقية تعلن موقفا صريحا من قضية المرأة وترفع من شانها وتعتبرها ذات حق...". مما مكّنها من مشاركة الرجل جنبا إلى جنب في مسار التنمية.حيث أصبحت المرأة عنصرا منتجا ولم تعد تستمد مكانتها وسلطتها من الأمومة فقط بل من دخلها المادي الذي تدعّم به حياة الأسرة من الناحية الاقتصادية، ومن مستواها العلمي أيضا، وبذلك خلقت للمرأة أدوارا جديدة وهوية أخرى مختلفة عما كانت عليه، داخل الأسرة وخارجها. لكن هذه الوضعية الوردية نسبيا للمرأة لايمكن تعميمها على كل المجتمع التونسي، فالمناطق الريفية خاصة داخل البلاد وجنوبه مازال وضع المرأة أقرب إلى الثبات منه إلي التغيير وربما هذا ما أدى بالجيل الثاني للهجرة إلى الجهات الأكثر تحضرا علّهم يستفيدون من ثمرة التغيير.
تمثل نسبة نشاط المرأة 24% من مجموع السكان النشيطين،. وقد تمكنت المرأة التونسية من اقتحام كل القطاعات بنسق يبرز تطور كفاءاتها، فهي ممثلة في قطاع الفلاحة بنسبة تفوق 24%، في قطاع الصناعات التحويلية بأكثر من 46%، أما في الإدارة والتعليم والصحة تشارك المرأة بنسبة تقارب 33% و في القطاع التجاري 6.5 % (احصائيات2004).
لكن، ما يمكن التأكيد عليه بحكم موضوع هذه الدراسة –الجريمة النسائية في تونس- هي الجوانب السلبية في وضعية المرأة داخل المجتمع التونسي ونخص بالذكر الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها والتي نلخصها في الآتي:
- ما نلاحظه من خلال توزيع العاملات حسب المرتبة في المهنة، أن أكثر النساء العاملات أجيرات أي يتقاضين الأجر الأدنى*smig وهن بنسبة 67%، أغلبهن يُقمن في الوسط الحضري(قرابة 53% من الإناث النشيطين موزعين بين المدن الكبرى:اقليم تونس والوسط الشرقي) حيث كثرة الحاجيات و انتشار المغريات وتزايد التطلعات -خاصة في ظل عولمة الثقافة والاقتصاد وتدفق البضائع المستوردة من أزياء ومواد تجميل وغيرها بحيث تغيرت سلوكيات أغلب النساء اللاتي انسقن نحو الشهوات والعيش أكثر من الإمكانيات، فأصبحت المرأة عموما "امرأة استهلاك" - لكن دون توفّرالامكانيات والوسائل المشروعة للوصول إليها((R ;Merton.
تقدر نسبة البطالة في صفوف الإناث ب17.2% أي بمعدل امرأة عاطلة من ستة، حيث نمى حجم العاطلات عن العمل من 118.2ألف إلى 151.4ألف بين سنة 1994-2004، وأن أعلى نسبة بطالة توجد في الفئة العمرية20 29_ سنة(بحوالي53% من مجمل العاطلين، نصفهن متواجد في المدن الكبرى،وأغلبهن نازحات)، وفي فئة غير المتزوجات(عازباوات) بنسبة 26.5%.
تُرى ما مصير هؤلاء المهاجرات بدون رفيق ولا خبز ولا سند تحت سماء المدن الذي ليس دائما أزرق ؟
- تحررت المرأة في مجتمع مازال في مجمله ذكوري إلى اليوم: مازالت نظرة الرجل ،عموما، تقليدية للمرأة، العلاقات داخل العائلة لم تتغير بالشكل المطلوب فهناك تناقض بين المبادئ، والمواقف ، والممارسات. فانتشار العديد من الأنماط السلوكية لا يزال يحول دون تحقيق النقلة النوعية التي نصبو إليها، بينت دراسة حول "الأسرة التونسية" أعدتها وزارة المرأة والأسرة مع اليونسف -وإن كان قد مضى على هذه الدراسة أكثر من ثلاثة عشر سنة إلاّ أن مضمونها ما زال حياّ رغم التغير النسبي في القيم- أنه لا يزال هناك تضارب في تقبل بعض المفاهيم والتعامل معها فعلى سبيل المثال يعتبر 75% من المستجوبين أن الكلمة الأخيرة داخل الأسرة يجب أن تكون للزوج، أما على مستوى عمل المرأة وتقسيم الأدوار فحوالي 58 % يعتقدون أن المرأة أخذت مكان الرجل في العمل، كما أن 35% فقط يقرّون بضرورة مساعدة الزوج لزوجته في شؤون المنزل. كما بينت دراسة ثانية حول العائلة والتحولات الاجتماعية في تونس أن هناك رفض صريح من التونسيين -مهما كان انتماءهم الاجتماعي أو مستواهم الثقافي- لمفهوم المساواة باعتباره مفهوما منافيا للتعاليم الدينية. والكثير منهم يعتبر أن السبب الرئيسي في مشاكل العائلة التونسية –والمشاكل الاجتماعية التي تشارك فيها المرأة- يعود إلى إعطاء الحرية للمرأة على حساب الرجل وهي حرية أخطأت المرأة فهمها ولم تحسن استغلالها. وربما يعود هذا حسب كاميليريCamelleri إلى أن المجتمع التونسي يعيش مسارات من التثاقف حيث تتأرجح المواقف والسلوكات بين ثوابت تقليدية ومشارب تحديثية، وهو ما يعبر عنه بالتعايش بين القيم الأساسية valeurs primordiales (التقليدية) والقيم الهامةvaleurs importantes [34](الحديثة)، ويتبدى ذلك مثلا في رفض مبدأ اللاّمساواة بين الجنسين والنظرة الجنسانية للمرأة على مستوى الرأي أو المواقف، في حين يقع تبنيهما في الممارسة وفي نوعية بناء العلاقات.
فكل هذه المعطيات حول وضعية المرأة من شأنها أن تبين أن " دخول المرأة لسمو المجتمع ليس شرطا كافيا لمناقشة العلاقات الزوجية التقليدية"والعلاقة بين الرجل والمرأة عموما، مما أفرز خللا في الحياة الأسرية ومشاكل زوجية وانحرافات اجتماعية.
-إن تحديث المجتمع وتحرير المرأة والغزو التكنولوجي والثقافي الغربي إلى مجتمعاتنا بأكثر حدّة اليوم، قد خلخلوا منظومة القيم التقليدية بل الأساسية، غيّروا المعايير الاجتماعية مما أثّر في مواقف وعلاقات وسلوكيات الإفراد، فظهرت الاتجاهات الفردية والشعور بالأنانية بين البشر وتغيرت العلاقات داخل الأسرة(والمجتمع ككل) فانتشر الميل نحو الاستقلال في الذمم المالية والإنجازات العلمية والعملية والمادية مما خفف وأضعف الروابط الاجتماعية و الأسرية سوى بين الآباء والأبناء أو بين الزوجين، اللّذين كثيرا ما ينفرد كل منهم في اتخاذ القرار وفي تسطير مسار حياته وحتى طريقة عيشه بمعزل عن الآخر.
- كما نشير أيضا أن نسبة العزوبية والعنوسة أصبحت مرتفعة: % 38 من الإناث عزباوات، وأن نسبة الفتيات في سن الزواج تفوق نسبة الفتيان: 20% مقابل 16 %تقريبا (إحصائيات 2004).
وبالتالي، فإن كل هذه السلبيات المحيطة بالمرأة من شأنها أن تكون لها تداعيات سلبية نخص بالذكر منها في هذه الدراسة الانحراف والجريمة.
2) تقــــديم بيانـــات إحصائية حول إجرام المرأة في تونس من خلال مضمون أخبار الجريمة في صحيفتي "الصباح" و"الشروق
- أبو منالمشرف المرسى التربوي
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 1368
نقاط تميز العضو : 115518
تاريخ التسجيل : 18/11/2010
رد: جرائم النساء
20/07/11, 07:23 am
تمهيد:
بعد أن رصدنا عددا من الوحدات الإخبارية حول " الجريمة عند المرأة" في الصحيفتين المذكورتين لفترة زمنية دامت حوالي خمسة أشهر بداية من شهر نوفمبر 2004 إلى بداية شهر أفريل 2005، وبعد أن درسنا مضمونها بكامل الدقة، قمنا بتحويل محتواها إلى بيانات كمية وضعناها في جداول إحصائية ليسهل استغلالها والاستفادة منها.
الجدول1
عدد الوحدات الإخبارية حول جريمة المرأة في تونس
الصباح 74 الشروق 55 الجملة 129
يشير الجدول إلى جملة الوحدات الإخبارية حول جريمة المرأة التي حصلنا عليها من الصحيفتين طوال الفترة الزمنية المذكورة أعلاه والتي يمكن أن تحتوي على أكثر من جريمة وعلى العديد من الجناة.
الملفت للنظر في هذا الجدول أن صحيفة " الصباح " نشرت بشكل مكثف أخبار الجريمة عند المرأة رغم أن" الصباح " كانت تعرف بتوجهها التحفظي مقارنة بجريدة " الشروق".
الجدول 2
مجمل جرائم المرأة في الوحدات الإخبارية
في الصباح 91 في الشروق 60 الجملة 151
يرسم هذا الجدول عدد الجرائم التي قامت بها المرأة في مجمل الوحدات الإخبارية وقد بلغت151 جريمة. وهنا يجب الإشارة إلى أن الأعداد المذكورة في الجدول هي أعداد الأفعال الإجرامية المرتكبة وليس بالضرورة عدد الجناة، كأن تذكر الصحيفة مثلا أن شخصا ارتكب ثلاث أو أربع جرائم في وحدة إخبارية واحدة.
بعد أن رصدنا عددا من الوحدات الإخبارية حول " الجريمة عند المرأة" في الصحيفتين المذكورتين لفترة زمنية دامت حوالي خمسة أشهر بداية من شهر نوفمبر 2004 إلى بداية شهر أفريل 2005، وبعد أن درسنا مضمونها بكامل الدقة، قمنا بتحويل محتواها إلى بيانات كمية وضعناها في جداول إحصائية ليسهل استغلالها والاستفادة منها.
الجدول1
عدد الوحدات الإخبارية حول جريمة المرأة في تونس
الصباح 74 الشروق 55 الجملة 129
يشير الجدول إلى جملة الوحدات الإخبارية حول جريمة المرأة التي حصلنا عليها من الصحيفتين طوال الفترة الزمنية المذكورة أعلاه والتي يمكن أن تحتوي على أكثر من جريمة وعلى العديد من الجناة.
الملفت للنظر في هذا الجدول أن صحيفة " الصباح " نشرت بشكل مكثف أخبار الجريمة عند المرأة رغم أن" الصباح " كانت تعرف بتوجهها التحفظي مقارنة بجريدة " الشروق".
الجدول 2
مجمل جرائم المرأة في الوحدات الإخبارية
في الصباح 91 في الشروق 60 الجملة 151
يرسم هذا الجدول عدد الجرائم التي قامت بها المرأة في مجمل الوحدات الإخبارية وقد بلغت151 جريمة. وهنا يجب الإشارة إلى أن الأعداد المذكورة في الجدول هي أعداد الأفعال الإجرامية المرتكبة وليس بالضرورة عدد الجناة، كأن تذكر الصحيفة مثلا أن شخصا ارتكب ثلاث أو أربع جرائم في وحدة إخبارية واحدة.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى