الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
دخول
تسجيل الدخول 
عبدالرحمن السعوديمشرف سابق- البلد :
عدد المساهمات : 249
نقاط تميز العضو : 114353
تاريخ التسجيل : 13/07/2009
لماذا يطعنون في البخاري ومسلم؟
04/08/09, 10:43 pm
رغم كون صحيح الإمام البخاري هو أصح كتب الحديث على الإطلاق حسب ما أكده قدامى المحدثين والمعاصرون منهم فإنه لم ينجُ من الطعن والتشكيك؛ فمن القول بنهي النبي أساسا عن تدوين الحديث، إلى التشكيك في إجراءات التدوين ذاتها من حيث تباعد الفترة بينها وبين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وصولا إلى القول باحتواء صحيحي البخاري ومسلم على أحاديث موضوعة تخالف كتاب الله عز وجل، ومبدأ إعمال العقل... شبهات عديدة يثيرها البعض من غير المتخصصين في هذا العلم، عرضناها على بعض علماء الحديث لنعرف الرد من أهله.
حديث النهي
بداية يحدثنا دكتور عزت عطية (أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر) عن مسألة النهي عن تدوين السنة قائلا: حديث النهي عن تدوين الحديث كان لمن يدونون القرآن ليتفرغوا له. أما كتابة الحديث وتدوينه فلم ينه عنه النبي عليه الصلاة والسلام مطلقا؛ لأن النهي هو في حد ذاته تعطيل لوسيلة من وسائل حفظ السنة وتبليغها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية" والنهي يعيق تنفيذ هذا الأمر بلا شك.
كما أن الإسلام اعتبر الكتابة وأمر بها في تسيير العقود، كما وضح في آية الدين في كتاب الله عز وجل، ولكتابة أصول الأحكام الشرعية أولى بالعناية من كتابة وثيقة بين متعاملين أو بين طرفين.
وفي ذات الاتجاه يؤكد الشيخ عبد الخالق الشريف (من العلماء المتخصصين في الحديث)، مضيفا أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "لا تكتبوا عني غير القرآن. ومن كتب شيئا غير القرآن فليمحه" في حديث صحيح لا خلاف عليه فإن هناك أحاديث أخرى أباح النبي فيها الكتابة بل وأمر بها؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: "اكتب يا عبد الله؛ فو الله لا يخرج مني إلا حقا. إني أوتيت القرآن ومثله معه"، وهذا الحديث لا تعارض بينه على الإطلاق وبين الحديث الأول إذا فهم أن الأول كان نهيا خاصا لكتاب الوحي حتى لا يختلط الحديث بما يكتب من القرآن.
قصة التدوين
من جهة أخرى حدثنا الدكتور رفعت فوزي (أستاذ الحديث ورئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم) عن مسألة تدوين السنة وكونها بدأت بتدوين الإمام البخاري -على حد زعم البعض- قائلا: بدأ التدوين منذ عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص كانت تحتوي على حوالي مائتي حديث، وكذا صحيفة همام بن المنبه التي تحتوي على مائة وتسعة وثلاثين حديثا تقريبا دونوا في عهد الصحابي أبي هريرة، بالإضافة إلى العديد والعديد من الصحف كصحيفة أنس بن مالك وصحيفتي أبي بكر وعلي بن أبي طالب، بالإضافة إلى أذونات النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بكتابة رسائله إلى الملوك والعمال.
وبشيء من التفصيل يوضح لنا الدكتور عزت عطية أن القول بأن الحديث لم يدون إلا بعد مائتي عام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو قول بعيد عن الصحة؛ لأن الصحابة والتابعين حفظوا وكتبوا وطبقوا الحديث في معاملات الأمة، واعتمد الحكام عليه طوال هذه الفترة، واستعمل في الوعظ والمناقشات العلمية وتبليغ دعوة الإسلام لغير المسلمين؛ فإذا وجد ذلك فالحديث مكتوب عند حفاظه مصدق عند من يطبقه.
ويستطرد: ثم جاءت مرحلة تدوين العلوم وتأصيلها، وحصر النصوص في كتب مخصوصة على قواعد مخصوصة منذ أيام "الموطأ" للإمام مالك، وكذا الثوري و"جامعه" وطبقته ثم من تلاه من الأئمة طوال قرن كامل إلى أن ظهرت كتب البخاري ومسلم؛ حيث انتقى البخاري أعلى الأحاديث مرتبة في الصحة، فلما ألف من بعده جمعوا ما تركه من الصحيح إلى أن استوعبوا الصحيح كله، ثم الحسن ثم الضعيف، ثم تجميع الأحاديث الموضوعة؛ فصارت السنة بجميع مكوناتها المقبولة وغير المقبولة موجودة أمام المسلمين يتابعون الدراسة والبحث فيها ويخدمونها إلى الآن جيلا بعد جيل وإن كانت الحكومات الإسلامية ما زالت لا تعطي السنة النبوية حقها من العناية كذخيرة للعالم أجمع.
للتدوين قواعد وأصول
وحول التشكيك في نزاهة عملية تدوين السنة وما استند إليه بعض المشككين من قول للإمام الألباني بأن "عدد الأحاديث الضعيفة والموضوعة قد بلغ عنده 5 آلاف حديث في الكتب الصحاح ومنها البخاري ومسلم" يوضح الدكتور رفعت فوزي أن عملية تدوين الحديث والنقل عن الرواة لم تكن يوما ما أمرا سهلا أو هينا يمكن التلاعب فيه؛ فالبخاري على سبيل المثال كان يأخذ أحاديث من قبله مكتوبة ولم تكن الرواية عنده شفهية دوما، بل إن هناك العديد من القواعد الصارمة والحامية لعملية التدوين وضعت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم تثبت صدق الرواة وعدالتهم من عدمه، أيضا هناك عملية تتبع الروايات ومقارنتها ببعضها لمعرفة من زاد ومن أنقص، وكذا النظر في متون الأحاديث ذاتها للتأكد من دقتها.
نفس الأمر يؤكد عليه الشيخ عبد الخالق الشريف الذي يستنكر قول البعض بأن البخاري على سبيل المثال جمع 600 ألف حديث ولكنه استبعد معظمها للشك في صحتها ولم يثبت عنده سوى أربعة آلاف فقط، موضحا أن هذا الكلام يفتقر للدقة وللفهم في قواعد الحديث ولا يمكن أن يصدر إلا عن غير عالم بأصول هذا العلم الواسع فالـ 600 ألف حديث ليست 600 ألف حديث مستقل؛ ففي علم الحديث اختلاف أسماء الرواة المنقول عنهم الحديث يعتبره العلماء أحاديث جديدة، وحتى اختيار البخاري لأربعة آلاف حديث فقط ليس معناه أبدا عدم ثبوت الباقي بل إنما قام بتخير لأعالي الصحيح.
ويتوقف الدكتور عزت عطية عند قول الألباني -رحمه الله- ويرى أنه مع كامل التقدير لجهود الشيخ الباني إلا أنه قصر في مجال الحكم على الحديث فكان يحكم على السند من غير نظر للمتابعات والشواهد، ومنهج أئمة الحديث الكبار أن الراوي يضعف في بعض الجوانب فإذا وافقه غيره من الرواة في الحديث المروي زال الضعف واعتمد الحديث.
وما أضعفه الألباني من بعض الأحاديث الصحيحة لا قيمة له أمام اعتماد جمهور المحدثين له.
ويكمل متعجبا: إذا استخلصنا أحاديث البخاري ومسلم لوجدناها لا تكاد تصل لهذا العدد، ومعنى ذلك أنها كلها غير صحيحة، وعليه فالأمة في حاجة لأحاديث من مصادر أخرى، ولما كان البخاري أوثق المصادر فمعناه أنه لا توجد أحاديث على الإطلاق يعتمد عليها، وهذا لا يقوله عاقل لأنه يتهم الأمة بالجهل وإقامة دينها على أساس غير سليم.
أحاديث تعارض القرآن
وبالرغم من كون المشككين ومثيري الشبهات السابقة هم من غير المتخصصين فإن بعض الأحاديث الصحيحة لم تسلم من الطعن فيها وفي رواتها، بل والحكم عليها بأنها تعارض أحكاما واضحة في القرآن الكريم من هذه الأحاديث حديث رضاع الكبير وعنه يرد كل من الشيخ عبد الخالق والدكتور رفعت فوزي موضحين أن حديث رضاع الكبير كحديث محل جدل ونقاش لا يعدو كونه "واقعة حال" بمعنى أنها كانت حلا لمشكلة معينة عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا الحل لها خصيصا ولم تعمم على الجميع بدليل أن السيدة عائشة عندما أرادت أن تعمم هذا الحكم عارضها الصحابة رضوان الله عليهم وباقي أمهات المؤمنين ولم يقروها على ما أرادت.
حديث آخر يعارضه البعض هو حديث الذبابة ونصه "إذا سقط الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه ويشرب. فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء". وفيه يقول الدكتور عزت عطية: الأمر في هذا الحديث للإرشاد وليس للوجوب؛ فمن أحب أن يستعمل الشراب الذي وقعت فيه الذبابة فليعمل به ومن كره ذلك لم يحتم عليه الشرع الأمر.
كما ذهب الدكتور عطية في شرح الأحاديث التي تحوي أشكالا من الطب النبوي -والتي لم تسلم من النقد أيضا- إلى القول بأن النبي لم يبعث طبيبا لاغيا لمهنة الطب، وإنما كان ما يقوم به هو أن أعطى بعض التوجيهات الطبية وطبقها على بعض الناس فكانت شافية كافية، ويلزم لتطبيقها الآن معرفة مقدار وخصائص الدواء والمقادير المستعملة وطبيعة المرض وأحوال المريض، وهذا لم يرد تفصيلا في السنة النبوية وإنما ترك الاجتهاد فيه للأطباء.
وأشار إلى أن الذي أثار هذه الزوبعة هو دخول غير الأطباء في مجال تطبيق العلاج النبوي بحجة تطبيق السنة من غير معرفة بخصائص المرض ومقادير الدواء والمتطلبات الطبية للمتابعة، وللأسف انصرف المهاجمون للسنة ذاتها بدلا من مهاجمة من أخطأ في تطبيقها.
ونبه على أنه لو أحب إنسان أن يقبل حديثا فعليه بإقامة الدليل على ذلك لينظر العلماء فإن اعتمدوه فقد أفاد السنة وإن لم يعتمدوه فرأي الجمهور المتخصص مقدم على رأيه بالأدلة والبراهين، أما القول بالجملة فهذا كله تهويل ومبالغة.
ذوو عقلية منظمة
وفي النهاية ورغم تفنيد مزاعم الكثيرين من المشككين في الأحاديث كان من الضروري الحصول على إجابة لسؤال وضعت أمامه الكثير من علامات الاستفهام وهو لماذا الهجوم بهذه الكيفية على السنة المطهرة؟ ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟.
رأى الدكتور رفعت فوزي أن من يتحدثون مثل هذه الأحاديث رغم أنهم من غير المتخصصين فإنهم ذوو عقلية منظمة جدا وهذا يبدو في اختياراتهم وإلا فلِمَ صحيح البخاري؟ والإجابة الواضحة جدا هي أن البخاري أصح كتب الحديث وإذا هدمت أركانه فستتهدم باقي كتب الحديث.
أمر آخر تجدر الإشارة إليه؛ ما كتبه الدكتور الفنجري* من أحاديث في موضوعه المشكك في صحيح البخاري -على سبيل المثال- وما يذكرها في موضوعات أخرى ويشير إلى صحتها. كيف علم بصحتها؟ هل تحرى بنفسه؟ أم اعتمد على ما ذكره العلماء الثقات في هذا العلم؟.
وإذا كان الجواب باعتماده على إخبار الثقات بصحة الأحاديث، فكيف التشكيك الآن ولِم؟ وهؤلاء أنفسهم هم من حكموا بكون صحيح البخاري أصح كتب الحديث!!.
في حين كان رأي الدكتور عزت عطية أن الظن بدكتور الفنجري -صاحب الوقف الإسلامي لخدمة الوعي الإسلامي- كان أن يلجأ للمتخصصين في السنة وأن يبحث معهم هذه الأمور قبل أن يكتب عنها بدلا من الهجوم الذي لا أساس له من العلم، ولكن للأسف قد ينساق وراءه كل من ليس لديه دراية بعلم أصول الحديث ولا قواعده.
وفي النهاية قدم الشيخ عبد الخالق الشريف تحليلا لهذا الهجوم، مشيرا في البداية إلى أن مسألة الطعن في الحديث الشريف ليست جديدة بل جذورها ممتدة ومثل هذه الهجمات تتوالى من الستينيات، وللأسف الشديد من يقومون بهذه الموجات من الهجوم ليست لديهم أية دراية بقواعد علم الحديث.
وختم حديثه بأن هذه العناصر تنشط بشدة -عن جهل أو عن قصد أو بتحريك دقيق من غيرها أدركوا ذلك أو لم يدركوا- كلما ضيق على العلماء ومنعت المنابر عن أهل الحق، وللأسف الشديد فإن جهود الأفراد للتصدي لمثل هذه الموجات وحدها لن تجدي، بل على المؤسسات والهيئات أن تتكاتف للرد والتعقيب وإظهار كنوز السلف وإنتاج الأجيال الحالية فيما ثبت ضعفه من أحاديث لعل ذلك يقطع الطريق على أمثال هؤلاء.
منقول لعموم الفائدة
حديث النهي
بداية يحدثنا دكتور عزت عطية (أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر) عن مسألة النهي عن تدوين السنة قائلا: حديث النهي عن تدوين الحديث كان لمن يدونون القرآن ليتفرغوا له. أما كتابة الحديث وتدوينه فلم ينه عنه النبي عليه الصلاة والسلام مطلقا؛ لأن النهي هو في حد ذاته تعطيل لوسيلة من وسائل حفظ السنة وتبليغها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية" والنهي يعيق تنفيذ هذا الأمر بلا شك.
كما أن الإسلام اعتبر الكتابة وأمر بها في تسيير العقود، كما وضح في آية الدين في كتاب الله عز وجل، ولكتابة أصول الأحكام الشرعية أولى بالعناية من كتابة وثيقة بين متعاملين أو بين طرفين.
وفي ذات الاتجاه يؤكد الشيخ عبد الخالق الشريف (من العلماء المتخصصين في الحديث)، مضيفا أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: "لا تكتبوا عني غير القرآن. ومن كتب شيئا غير القرآن فليمحه" في حديث صحيح لا خلاف عليه فإن هناك أحاديث أخرى أباح النبي فيها الكتابة بل وأمر بها؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: "اكتب يا عبد الله؛ فو الله لا يخرج مني إلا حقا. إني أوتيت القرآن ومثله معه"، وهذا الحديث لا تعارض بينه على الإطلاق وبين الحديث الأول إذا فهم أن الأول كان نهيا خاصا لكتاب الوحي حتى لا يختلط الحديث بما يكتب من القرآن.
قصة التدوين
من جهة أخرى حدثنا الدكتور رفعت فوزي (أستاذ الحديث ورئيس قسم الشريعة الأسبق بكلية دار العلوم) عن مسألة تدوين السنة وكونها بدأت بتدوين الإمام البخاري -على حد زعم البعض- قائلا: بدأ التدوين منذ عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص كانت تحتوي على حوالي مائتي حديث، وكذا صحيفة همام بن المنبه التي تحتوي على مائة وتسعة وثلاثين حديثا تقريبا دونوا في عهد الصحابي أبي هريرة، بالإضافة إلى العديد والعديد من الصحف كصحيفة أنس بن مالك وصحيفتي أبي بكر وعلي بن أبي طالب، بالإضافة إلى أذونات النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة بكتابة رسائله إلى الملوك والعمال.
وبشيء من التفصيل يوضح لنا الدكتور عزت عطية أن القول بأن الحديث لم يدون إلا بعد مائتي عام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم هو قول بعيد عن الصحة؛ لأن الصحابة والتابعين حفظوا وكتبوا وطبقوا الحديث في معاملات الأمة، واعتمد الحكام عليه طوال هذه الفترة، واستعمل في الوعظ والمناقشات العلمية وتبليغ دعوة الإسلام لغير المسلمين؛ فإذا وجد ذلك فالحديث مكتوب عند حفاظه مصدق عند من يطبقه.
ويستطرد: ثم جاءت مرحلة تدوين العلوم وتأصيلها، وحصر النصوص في كتب مخصوصة على قواعد مخصوصة منذ أيام "الموطأ" للإمام مالك، وكذا الثوري و"جامعه" وطبقته ثم من تلاه من الأئمة طوال قرن كامل إلى أن ظهرت كتب البخاري ومسلم؛ حيث انتقى البخاري أعلى الأحاديث مرتبة في الصحة، فلما ألف من بعده جمعوا ما تركه من الصحيح إلى أن استوعبوا الصحيح كله، ثم الحسن ثم الضعيف، ثم تجميع الأحاديث الموضوعة؛ فصارت السنة بجميع مكوناتها المقبولة وغير المقبولة موجودة أمام المسلمين يتابعون الدراسة والبحث فيها ويخدمونها إلى الآن جيلا بعد جيل وإن كانت الحكومات الإسلامية ما زالت لا تعطي السنة النبوية حقها من العناية كذخيرة للعالم أجمع.
للتدوين قواعد وأصول
وحول التشكيك في نزاهة عملية تدوين السنة وما استند إليه بعض المشككين من قول للإمام الألباني بأن "عدد الأحاديث الضعيفة والموضوعة قد بلغ عنده 5 آلاف حديث في الكتب الصحاح ومنها البخاري ومسلم" يوضح الدكتور رفعت فوزي أن عملية تدوين الحديث والنقل عن الرواة لم تكن يوما ما أمرا سهلا أو هينا يمكن التلاعب فيه؛ فالبخاري على سبيل المثال كان يأخذ أحاديث من قبله مكتوبة ولم تكن الرواية عنده شفهية دوما، بل إن هناك العديد من القواعد الصارمة والحامية لعملية التدوين وضعت منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم تثبت صدق الرواة وعدالتهم من عدمه، أيضا هناك عملية تتبع الروايات ومقارنتها ببعضها لمعرفة من زاد ومن أنقص، وكذا النظر في متون الأحاديث ذاتها للتأكد من دقتها.
نفس الأمر يؤكد عليه الشيخ عبد الخالق الشريف الذي يستنكر قول البعض بأن البخاري على سبيل المثال جمع 600 ألف حديث ولكنه استبعد معظمها للشك في صحتها ولم يثبت عنده سوى أربعة آلاف فقط، موضحا أن هذا الكلام يفتقر للدقة وللفهم في قواعد الحديث ولا يمكن أن يصدر إلا عن غير عالم بأصول هذا العلم الواسع فالـ 600 ألف حديث ليست 600 ألف حديث مستقل؛ ففي علم الحديث اختلاف أسماء الرواة المنقول عنهم الحديث يعتبره العلماء أحاديث جديدة، وحتى اختيار البخاري لأربعة آلاف حديث فقط ليس معناه أبدا عدم ثبوت الباقي بل إنما قام بتخير لأعالي الصحيح.
ويتوقف الدكتور عزت عطية عند قول الألباني -رحمه الله- ويرى أنه مع كامل التقدير لجهود الشيخ الباني إلا أنه قصر في مجال الحكم على الحديث فكان يحكم على السند من غير نظر للمتابعات والشواهد، ومنهج أئمة الحديث الكبار أن الراوي يضعف في بعض الجوانب فإذا وافقه غيره من الرواة في الحديث المروي زال الضعف واعتمد الحديث.
وما أضعفه الألباني من بعض الأحاديث الصحيحة لا قيمة له أمام اعتماد جمهور المحدثين له.
ويكمل متعجبا: إذا استخلصنا أحاديث البخاري ومسلم لوجدناها لا تكاد تصل لهذا العدد، ومعنى ذلك أنها كلها غير صحيحة، وعليه فالأمة في حاجة لأحاديث من مصادر أخرى، ولما كان البخاري أوثق المصادر فمعناه أنه لا توجد أحاديث على الإطلاق يعتمد عليها، وهذا لا يقوله عاقل لأنه يتهم الأمة بالجهل وإقامة دينها على أساس غير سليم.
أحاديث تعارض القرآن
وبالرغم من كون المشككين ومثيري الشبهات السابقة هم من غير المتخصصين فإن بعض الأحاديث الصحيحة لم تسلم من الطعن فيها وفي رواتها، بل والحكم عليها بأنها تعارض أحكاما واضحة في القرآن الكريم من هذه الأحاديث حديث رضاع الكبير وعنه يرد كل من الشيخ عبد الخالق والدكتور رفعت فوزي موضحين أن حديث رضاع الكبير كحديث محل جدل ونقاش لا يعدو كونه "واقعة حال" بمعنى أنها كانت حلا لمشكلة معينة عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا الحل لها خصيصا ولم تعمم على الجميع بدليل أن السيدة عائشة عندما أرادت أن تعمم هذا الحكم عارضها الصحابة رضوان الله عليهم وباقي أمهات المؤمنين ولم يقروها على ما أرادت.
حديث آخر يعارضه البعض هو حديث الذبابة ونصه "إذا سقط الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم لينزعه ويشرب. فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء". وفيه يقول الدكتور عزت عطية: الأمر في هذا الحديث للإرشاد وليس للوجوب؛ فمن أحب أن يستعمل الشراب الذي وقعت فيه الذبابة فليعمل به ومن كره ذلك لم يحتم عليه الشرع الأمر.
كما ذهب الدكتور عطية في شرح الأحاديث التي تحوي أشكالا من الطب النبوي -والتي لم تسلم من النقد أيضا- إلى القول بأن النبي لم يبعث طبيبا لاغيا لمهنة الطب، وإنما كان ما يقوم به هو أن أعطى بعض التوجيهات الطبية وطبقها على بعض الناس فكانت شافية كافية، ويلزم لتطبيقها الآن معرفة مقدار وخصائص الدواء والمقادير المستعملة وطبيعة المرض وأحوال المريض، وهذا لم يرد تفصيلا في السنة النبوية وإنما ترك الاجتهاد فيه للأطباء.
وأشار إلى أن الذي أثار هذه الزوبعة هو دخول غير الأطباء في مجال تطبيق العلاج النبوي بحجة تطبيق السنة من غير معرفة بخصائص المرض ومقادير الدواء والمتطلبات الطبية للمتابعة، وللأسف انصرف المهاجمون للسنة ذاتها بدلا من مهاجمة من أخطأ في تطبيقها.
ونبه على أنه لو أحب إنسان أن يقبل حديثا فعليه بإقامة الدليل على ذلك لينظر العلماء فإن اعتمدوه فقد أفاد السنة وإن لم يعتمدوه فرأي الجمهور المتخصص مقدم على رأيه بالأدلة والبراهين، أما القول بالجملة فهذا كله تهويل ومبالغة.
ذوو عقلية منظمة
وفي النهاية ورغم تفنيد مزاعم الكثيرين من المشككين في الأحاديث كان من الضروري الحصول على إجابة لسؤال وضعت أمامه الكثير من علامات الاستفهام وهو لماذا الهجوم بهذه الكيفية على السنة المطهرة؟ ولماذا في هذا الوقت تحديدا؟.
رأى الدكتور رفعت فوزي أن من يتحدثون مثل هذه الأحاديث رغم أنهم من غير المتخصصين فإنهم ذوو عقلية منظمة جدا وهذا يبدو في اختياراتهم وإلا فلِمَ صحيح البخاري؟ والإجابة الواضحة جدا هي أن البخاري أصح كتب الحديث وإذا هدمت أركانه فستتهدم باقي كتب الحديث.
أمر آخر تجدر الإشارة إليه؛ ما كتبه الدكتور الفنجري* من أحاديث في موضوعه المشكك في صحيح البخاري -على سبيل المثال- وما يذكرها في موضوعات أخرى ويشير إلى صحتها. كيف علم بصحتها؟ هل تحرى بنفسه؟ أم اعتمد على ما ذكره العلماء الثقات في هذا العلم؟.
وإذا كان الجواب باعتماده على إخبار الثقات بصحة الأحاديث، فكيف التشكيك الآن ولِم؟ وهؤلاء أنفسهم هم من حكموا بكون صحيح البخاري أصح كتب الحديث!!.
في حين كان رأي الدكتور عزت عطية أن الظن بدكتور الفنجري -صاحب الوقف الإسلامي لخدمة الوعي الإسلامي- كان أن يلجأ للمتخصصين في السنة وأن يبحث معهم هذه الأمور قبل أن يكتب عنها بدلا من الهجوم الذي لا أساس له من العلم، ولكن للأسف قد ينساق وراءه كل من ليس لديه دراية بعلم أصول الحديث ولا قواعده.
وفي النهاية قدم الشيخ عبد الخالق الشريف تحليلا لهذا الهجوم، مشيرا في البداية إلى أن مسألة الطعن في الحديث الشريف ليست جديدة بل جذورها ممتدة ومثل هذه الهجمات تتوالى من الستينيات، وللأسف الشديد من يقومون بهذه الموجات من الهجوم ليست لديهم أية دراية بقواعد علم الحديث.
وختم حديثه بأن هذه العناصر تنشط بشدة -عن جهل أو عن قصد أو بتحريك دقيق من غيرها أدركوا ذلك أو لم يدركوا- كلما ضيق على العلماء ومنعت المنابر عن أهل الحق، وللأسف الشديد فإن جهود الأفراد للتصدي لمثل هذه الموجات وحدها لن تجدي، بل على المؤسسات والهيئات أن تتكاتف للرد والتعقيب وإظهار كنوز السلف وإنتاج الأجيال الحالية فيما ثبت ضعفه من أحاديث لعل ذلك يقطع الطريق على أمثال هؤلاء.
منقول لعموم الفائدة
إبراهيم جلالمشرف المرسى العام
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 535
نقاط تميز العضو : 116687
تاريخ التسجيل : 28/06/2009
العمر : 46
رد: لماذا يطعنون في البخاري ومسلم؟
05/08/09, 07:13 am
لايشكك ولايطعن فى صحيح البخارى إلا منافق عليم النفاق أو دخيل على الإسلام من أمثال اليهود الملعونين المغضوب عليهم أو النصارى الضالين وأشكر على سردك لرأى العلماء فى مسألة تدوين السنة جزاك الله خيرًا.
- عبدالرحمن السعوديمشرف سابق
- البلد :
عدد المساهمات : 249
نقاط تميز العضو : 114353
تاريخ التسجيل : 13/07/2009
رد: لماذا يطعنون في البخاري ومسلم؟
07/08/09, 02:07 am
جزاك الله خيرا أستاذي الكريم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى