مدرسة الأبنية

[]مقدمة[/]:العربية بحر متلاطم أمواجه ، عميقة أغواره ،خاض فيه جهابذة أجلاء ’ من صفوة العقول ،الذين يدفعهم الحدس بأن معاول سترفع للهدم ودسائس سترصد للسقم ،فعكفوا على جمع الوحدات اللغوية أنى وجدت ونصبوا أقلامهم نصالا للذود عن لغة القرآن فألفوا المعاجم التي إن اختلفت مناهجها إلا أنها قدمت ينابيع تطفئ الظمأ وتشبع النهم وترشد الباحث إلى ظالته ،أما نحن كطويلبي علم فإننا بقينا على ضفاف هذا البحر ورصدنا ما علق بشباك صيدنا عن إحدى المدارس المعجمية وهي مدرسة الأبنية=
تعريف المدرسة[/color]: هي المدرسة التي تهتم بجمع الوحدات اللغوية في إطار الظواهر الصرفية وتهدف إلى حصر الألفاظ العربية موزعة على أبنيتها (الأوزان الصرفية ) فالأبنية أساس العمل المعجمي ثم تأتي المفردات تابعة لهذا البناء وهي المدرسة الوحيدة التي راعت في ترتيب الكلمات ،الحركة إلى جانب الصوت الساكن(1)وقسمت إلى مجاميع ثلاث اعتمدت حصر الألفاظ تحت كل بناء : - المختصة ببناء الأفعال المختصة بالمقصور والممدود : المختصة بالمذكر والمؤنث أسماء وأفعالا
نشأة المدرسة لقد شكلت المحاولات الكثيرة منذ بداية التفكير اللغوي لبنات هامة لظهور فكرة المعجم الكامل والتي يصنفها الباحثون إلى مرحلتين هامتين
المرحلة التمهيدية:بدأ التأليف في الأبنية على أيدي النحاة وكان سيبويه أول من أفرد لها أبوابا جمع فيها ما عرفه من أبنية اللغة العربية (2)، وفصل أبنية الأسماء على الأفعال فذكر للأسماء 308بناء بين ثلاثي ورباعي وخماسي
وذكر للأفعال 34 بناء بين ثلاثي ورباعي مجرد ومزيد وتحدث عن حروف
الزوائد وأحصى مواضعها وكان غرضه لا يعدو أن يكون حصرا للأبنية والتمثيل لها فقط .واستدرك بعض النحاة ممن جاء بعده بإضافة بعض الأبنية كابن السراج وابن خالوية والزبيدي الذين أضافوا بعض الأمثلة ،إلا أن بعضهم سلك منحى العمليات التدريبية والافتراضات العقلية ولكنهم كانوا يصولون ويجولون دون تحقيق شيء يمكن الوقوف عنده، أما اللغويون فقد انحصرت جهودهم في –تأليف أبنية المصادر وأول من ألف في ذلك الكسائي ت/182-183هجري ثم النضر بن شميل ت203 هجري والفراء 207 هجري وأبو عبيدة ت/209 والأصمعي ت213 وأبو زيد ت/215 ونفطويه 323 هجري
أما أبنية الأفعال فتناولها بعض اللغويين أمثال قطرب الذي يعد أول من ألف فيها ت/206 والفراء وأبو عبيد ة والزجاج وابن دريد إلاأن أبنية الأفعال انحصرت في صيغتي فعلت وأفعلت وأقدم كتاب فيها هو لأبي حاتم السجستاني 255 أما الأسماء فلم يفردوا لها كتبا خاصة بل كتبوا جزء منها هو الممدود والمقصور وألف في ذلك الفراء والأصمعي وأبوعبيد والزجاجي وأبو علي القالي 356 هدا الأخير الذي له مخطوط في الممدود والمقصور
التذكير والتأنيث لأبي حاتم السجستاني وكذا المذكر والمؤنث للمبرد والفراء(1) وخلاصة القول أن التأليف في الأبنية لم يأخذ صورة المعجم الكامل في مرحلته الاولى فلم يصل إلا إلى :-حصر الأبنية والتمثيل لها –العناية ببعض الأبنية إلا أنه فقد أهم عنصرين هما الترتيب والشمول.أما المرحلة الثانية فهي مرحلة تأليف المعجم الكامل والمتمثل في ديوان الأدب للفارابي .


التعريف برائد المدرسة:الفارابي أبو إبراهيم350- ه 961-م- ابو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الفارابي نسبة لفاراب في شرقي تركستان اقليم خراسان لا يعرف مكان ولادته ولا تاريخه والراجح أنه ولد في أواخر القرن 3 الهجري كان مولعا بالأسفار منذ صغره ، ترامى به الإغتراب إلى أرض اليمن التي صنف بها كتابه ديوان الادب ،وهو خال الجوهري صاحب الصحاح الذي نسخ الديوان من بعده تتلمذ الفارابي على مجموعة من العلماء منهم النصراني الذي أخذ عنه الفلسفة وابن السراج الذي أخذ عنه النحو ،كما تعلم المنطق على يد أبي بشر له ثلاث مؤلفات ديوان الأدب –بيان الإعراب-شرح أدب الكاتب توفي سنة 350 للهجرة 961 للميلاد(1)
التعريف بالمعجم:هو كتاب اتسم بوضوح المنهج والترتيب ، يعد أول معجم للأبنية استهله بمقدمة يفخر فيها بمعجمه والتي يفهم منها بأته تأليف لم يسبق إليه وتصنيف لم يزاحم عليه،رتب كل كلمة فجعلها أولى بموضعها مما يتقدمها أو يعقبها أوضح الفارابي هدفه من تأليف المعجم -1استكمال ما بدأه من سبقه من العلماء في محاولة جمع ألفاظ اللغة -2 حبه للغة العربية 3 استجابة لطلب أبي الحسن أحمد بن المنصور
كانت معظم استفادته من الرسائل اللغوية وكتب النوادر والمجاميع اللغوية ومن أهم ما اعتمد عليه الغريب المصنف لأبي عبيد وإصلاح المنطق لابن السكيت وأدب الكاتب لابن قتيبة ويقول فيه أحد الشعراء
كتاب ديوان العرب أحلى جنا من الضرب
أودعه منشــــــــئه أكثر ألفاظ العــــــــرب
ما ضر من يحسنه خمول ذّكر في النســـب


منهج المعجم : من حسن حظنا أنه توفر لدينا الديوان الذي حققه الدكتور أحمد خليل عمر والذي استطعنا أن نلخص المنهج إلى يلي:
-قام بتقسيم كتابه إلى ستة أقسام سماها كتبا وأجراها على الترتيب التالي :1-كتاب السالم ما سلم من حروف المد واللين والتضعيف 2-كتاب المضاعف وهو ما كانت العين منه واللام من جنس واحد 3-كتاب المثال وهو ما كانت في أوله واو أو ياء 4-كتاب ذوات الثلاثة وهو ماكانت العين منه حرف مد أولين - 5-كتاب ذوات الأربع ما كانت اللام حرفا من حروف المد أو اللين 6-كتاب المهموز ما كانت أحد أصوله همزة - قسم كل كتاب من هذه الكتب إلى قسمين الأسماء أولا ثم الأفعال -قسم كلا من القسمين إلى أبواب بحسب التجرد والزيادة فكان تقسيم الأسماء كما يلي: أ-الثلاثي المجــــــــــــــــــــرد فعل –فعلة،فعل –فعلة،فعل-فعلة الفتح أولا ثم الضم ثم الكسر ويقدم فيها ساكن الحشو على المتحرك
ب-مالحقته الزيادة في أوله وهي الهمزة والميم أفعل –مفعل ج-المثقل الحشو وهو عين الفعل د-مالحقته الزيادة بين الفاء والعين فاعل ه-مالحقته الزيادة بين العين منه واللام فعال بجميع حركات الفاء و-مالحقته الزيادة بعد اللام سواء كان تضعيفاأو زيادة مثل فعالى فعلى،فعلاء، فعالا ،فعوعل ح-الرباعي وما ألحق به ز-الخماسي وما ألحق به
وفي الأفعال بدأ بالثلاثي المجرد ثم مالحقته الزيادة في أوله من غير ألف وصل أفعل ثم فعل المضعف العين ثم ما لحقته الزيادة بين الفاء والعين فاعل ( المفاعلة) افتعل (الافتعال) انفعل(الانفعال) استفعل(الإستفعال) تفعل بضم العين(التفعل) تفاعل (التفاعل) افعل بضم اللام (الافعلال) افعوعل (الافعيعال)1))
• أعقب كثيرا من أبواب الأفعال بفصول تذييلية ذكر فيها أنواع المشتقات وبعض الأحكام التصريفية بهدف الجمع بين المادة اللغوية والمسموعة والمقيسة لذلك ضم معجمه أكبر قدر من ألفاظ اللغة
• في أبواب المعتل كان يفصل الواوي على اليائي ويقدم الأول عن الثاني2))

مميزات المعجم –
1-ميله الواضح إلى الإيجاز حيث اقتصد في الشواهد
2-عدم تصريحه بأسماء العلماء الذين نقل عنهم إلا في النادر
3 –ختم الفارابي كثيرا من الابواب بفصول تناول فيها أنواع المشتقات
4-اول معجم سار في ترتيبه حسب الأبنية
5-كان لنظام الأبنية منهجا في حصر الألفاظ وترتيبها سبيلا لاطلاعنا على الأوزان

المعاجم التي اقتفت أثر الفارابي:
من بين المعاجم التي اقتفت أثر معجم الفارابي شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان الحميري اللغوي الفقيه من علماء القرن السادس الهجري
كان هذا الكتاب أسعد حظا من ديوان الأدب ، رغم أن بعض الباحثين يعد ه شرحا لديوان الأدب إلا أنه حضي بالطبع والتحقيق قسم المؤلف كتابه إلى كتب بعدد حروف الهجاء وهو يشبه إلى حد كبير ديوان الأدب من حيث فكرة التقسيم تبعا لنظام الأبنية
وأيضا التقسيم إلى أسماء وأفعال وكذا التقسيم بحسب ابتجرد والزيادة ثم بحسب نوع الحركة وباعتبار أحرف الزيادة إلا أنه يختلف عنه في 1 قدم الفارابي التقسيم بحسب الأبنية على التقسيم بحسب الحروف في حين كان التقسيم في شمس العلوم عكس ذلك تماما 2- اعتمد الفارابي الحرف الأخير والأول أما نشوان فرتب بحسب الحرف الأول ثم الثاني ثم الأخير3-أما من حيث المادة اللغوية فديوان الأدب معجم اقتصر على القرائن اللغوية وأهمل جل الشواهد واكتفى بالإشارة إليها فقط أما شمس العلوم ففيه حشد من ألوان العلوم والمعارف فالكتاب مليء بأخبار الملوك ومعرفة منافع الأشجار وطبائع الأحجار والحديث في علوم القرآن والقراءات والتفسير والأنساب .



مقدمة الأدب للزمخشري:ومن الكتب التي سارت على نظام الأبنية أيضا مقدمة الزمخشري ومؤلفها من علماء القرن السادس كذلك وقد قسمها إلى خمسة أقسام :الأسماء والأفعال والحروف وتصرف الأسماء وتصرف الأفعال لم يتبع المؤلف نظام الأبنية في الأسماء لكنه اتبعها في الأفعال وأضاف على تقسيم الفارابي قسما آخر جمع فيه من غير نظام الأفعال غير المنصرفة كما أنه أضاف لكل باب من الأفعال المنصرفة بابا للمبني للمجهول أما قسم الحروف فعالجها الزمخشري معالجة النحوي الذي يبحث عن الأثر الإعرابي .


المراجع المعتمدة :- أحمد مختار عمر البحث اللغوي عند العرب.ط1 دار المعارف مصر

- أبو إبراهيم إسحاق الفارابي تحقيق أحمد مختار عمرالجزء الرابع ديوان الأدب ط1
-عبد السميع محمد أحمد المعاجم العربية دار الفكر العربي ط1
-عيسى برهومة دراسة في المعاجم العربية المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت ط1-
-عبد القادر عبد الجليل المدارس المعجمية دار الصفاء
- محاضرات الأستاذ موسى بن سعيد

تمنياتي لك بالتوفيق و النجاح الدائم

شكرا لك أستاذ إسماعيل على الموضوع لكن هل الفارابي هو نفسه فارابي الفلسفة؟

رائع
مصنوعك

وشيق

موضوعك

ومبارك

مجهودك

الأستاذان
الفاضلان
عنتر
، عبد الله حسن الذنيبات
شكرا على الإطراء
سعدت بمروركما