- الملتزمةمشرفة مرسى الإسلاميات
- البلد :
عدد المساهمات : 1037
نقاط تميز العضو : 113777
تاريخ التسجيل : 10/12/2010
شعراء الواحدة
17/12/10, 07:16 pm
شعــراء الواحــدة
(الإقتباس الرئيسي من محاضرة الناقد طراد الكبيسي في بلدية إربد- الأردن)
يقول الناقد العراقي طراد الكبيسي في محاضرة له في بلدية إربد- الأردن- بعنوان
«الأربعة في الشعر والشعراء الأربعة» وهي مقاربات نقدية في مسائل هيولانية، لكتاب الشاعر والراوية والمؤلف أبي هفان «عبدالله بن أحمد المهزمي الذي توفي سنة 275 هجري ودفن في سر من رأى» الموسوم بـ «الأربعة في أخبار الشعراء» والكتاب هذا ممنهج حسب نظرية «الأربعات» السائدة آنذاك في رصد النظام الكوني، أي نظام الأربعة، فعناصر الكون أربعة «الماء والنار والتراب والهواء» والطبائع أربعة «الصفراء والسوداء والبلغم والدم» والرياح أربعة «الشمال والجنوب والدبور والقبول» وهكذا الفصول أربعة، وللرجل في الإسلام الزواج من أربع، وكتب الله أربعة، ثم في النقد «الأربعات» فأشعر أبيات قيلت في السؤدد أربعة، وأشعر أبيات في المراثي المقطعات أربعة، وفي الوصف أربعة، والشعر يقوم بعد النية من أربعة أشياء هي اللفظ والوزن والمعنى والقافية، وحوافز الشعر أربعة وقواعد الشعر أربعة، وأغراض الشعر أربعة، والشعراء أربعة، وأفضل الشعر ما توافرت فيه شروط أربعة، وطبقات الشعراء أربعة.
والشعراء الأربعة الذين نحن بصددهم
«توبة بن الحمير، مالك بن الريب، سحيم عبد بني الحسحاس، وإبن زريق البغدادي» مشيرا إلى أن الذي يجمع بينهم أربعة،
•أولا:- .......... أنهم شعراء وهم كلهم يعدون من «شعراء الواحدة» أي الشاعر الذي تميز وعرف بقصيدة واحدة، حتى لو كانت له مقطعات أخرى، لكن هذه الواحدة هي التي اشتهر بها وجعلته مشهورا في الشعراء المتقدمين .
•ثانيا:-........... الإحساس العميق بالغربة، فكل واحد منهم قضى مغتربا غريبا، بعد أن عاش حياته في غربة حتى لو كان وسط قومه .
•ثالثا:- .......... الموت، حيث جمع الموت بين الشعراء الأربعة، موتا لا يخلو من الدرامية، أي على غير ما يموت كثير من الناس على فراش وثير أو غير وثير،
•ورابعا:-......... المال والنساء، منفردا أو مشتركا، فبدلا من أن يكون المال والناس «الحب» سبيلا إلى الحياة، انقلب طريقا إلى ذاك الموت غير المنتظر، أي الذي صيغ بصيغة درامية.
ومن أجل أن نوضح الأربعة في الأربعة التي تجمع بينهم، ومنزلة هذا الشعر، أي «واحدة» كل شاعر في منازل الشعر العربي آنذاك، نقدم وبإيجاز توصيفا لكل واحد على أن تتضح لدى القارىء في الآخر صورة «بانوراما» الأربعة في الأربعة.
الشاعر الأول :- توبـة بن الحِمْيَـرْ
روي عنه أنه كان شريرا كثير الإغارة على بني الحارث بن كعب وجعثم وهمدان وكان شائعا عنه سرقة الإبل ويعد من الشعراء اللصوص،لكن صورته عند صاحبته ليلى الأخيلية شيء آخر فهي تراه فتى سخيا كريما، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، لكنه كان فتى فيه جاهلية، قتل توبة في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة «55 هجري»، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه حتى قتلوه، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء، أما «واحدة» توبة فهي قصيدته التي مطلعها:
نأَتْـكَ بلــيلى دارُهـا لا تزورها .........وشطَّتْ نواها، واستمر مريرها
الشاعر الثاني :- مالـك بـن الريـب
نشأ في بادية بني تميم بالبصرة، تزعم طائفة من اللصوص، وكان فاتكا فارسا لصا وقاطع طريق وتجمع المصادر أنه كان من أجمل العرب وجها، وأبينهم بيانا، وبعد أن سئم مالك حياة اللصوص ووعده سعد بن عثمان بأن يغنيه وأجرى له خمسمائة درهم كل شهر انطلق معه إلى خراسان، وقيل لما كان ببعض الطريق أراد أن يلبس خفه، فإذا حية في داخلها فلسعته، فلما أحس الموت استلقى على قفاه ثم أنشأ قصيدته يرثي بها نفسه، وأن مالك يوم أو ساعة أحس الموت، أحس إحساسا مأساويا عميقا بالغربة، وندم ندما شديدا يوم أصبح في جيش ابن عثمان غازيا وفي بلاد غريبة، ودفن في مكان غريب في قفرة بعيدا عمن هو عزيز عليهن أما واحدة مالك فهي قصيدته التي مطلعها:-
ألا ليت شعـري هل أبيتن ليلـة .........بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
الشاعر الثالث:- سحيـم عبـد بنـي الحسحـاس
كان عبدا أسود اشتراه بنو الحسحاس، فأكثر التشبيب بنسائهم، وفي نسوة من بني صبير بن يربوع، فتآمر قومه على قتله فقتلوه خشية العار، فضلا عما يعد من قبيل تطاول العبد على سيده، ويلفت النظر أن سحيم يوم شدوا وثاقه وقدم ليقتل تلقى الموقف في ضرب من السخرية واللامبالاة وكأنه ينظر الحياة والممات وجهين لورقة واحدة، أما واحدة سحيم فهي قصيدته التي مطلعها:
عميرة ودع إن تجهزت غازيـا .........كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
الشاعر الرابع :- ابن زريـق البغـدادي
هو شاعر بغدادي ارتحل إلى الأندلس مثل كثير من الشعراء الذين ارتحلوا إلى أمصار عدة طلبا للرزق عن طريق الاتصال ومدح ملوكها، أخباره شحيحة وكل الذي بلغنا أنه وجد ميتا صباح أحد الأيام في إحدى الحانات وقصيدته «واحدته» العينية تحت وسادته ومطلعها:
لا تعذليـه فان العـذل يولعـه......... قد قلت حقـا ولكن ليس يسمعه
وختم الناقد الكبيسي محاضرته بعد أن استعرض مراحل حياة الشعراء الأربعة، وغربتهم وطريقة موتهم، عبر استقراء قصائدهم الأربع، وتحليلها، قائلا هكذا مثلما توافق الشعراء الأربعة في أربعة، أنهم من شعراء الواحدة، والميتة الدرامية ، والغربة ، ومطلب المال والنساء في الحياة ثم ينقلب سبيلا إلى الممات، توافقوا أو وفقوا في أربعة تجمعها صناعة الشعر التي لا تجود وتستحكم إلا بأربعة هي جودة الآلة، وإصابة الغرض المقصود، وصحة التأليف، والانتهاء إلى إتمام الصنعة من غير نقص فيها ولا زيادة عليها، مشيرا إلى أن الأوائل ذكرت أن كل محدث مصنوع يحتاج إلى أربعة أشياء: الأولى ، علة هيولانية وهي الأصل ويعنون بها الطينة التي خلق منها الخالق الخلق وفي الشعر الألفاظ التي يصنع منها الشاعر الشعر، والثانية ، علة فاعلة وهي صحة التأليف بلا خلل ولا اضطراب، والثالثة، علة صورية وهي إصابة الغرض المقصود أي تصوير الإنسان عند الخالق وتجسيد الغرض عند الشاعر ، وأخيرا ، علة تمامية وهي تمام الصنعة والفراغ من تصويرها دون نقص ولا زيادة .
إلى هنا ينتهي الإقتباس من محاضرة القبيسي( موقع البديل العراقي) ، وبرغم محاولته ترتيب الأمور على رقم (أربعة ) إلا أن تجاهله لقصيدة اليتيمة وشاعرها الذي تنطبق عليه كل المعايير السابقة من حيث كونه شاعر واحدة ومات غريبا وكان سبب موته امرأة لذلك فإني أعتبره الخامس إن لم يكن الأول من حيث درامية قصته
الشاعر الخامس :- دوقلـة المنبجـي
وحسب موقع ( موسوعة الشعر العربي )
هو الحسين بن محمد المنبجي، المعروف بدوقلة.
شاعر مغمور، تنسب إليه القصيدة المشهورة باليتيمة، ووقعت نسبتها إليه في فهرست ابن خير الأندلسي وهي القصيدة التي حلف أربعون من الشعراء على انتحالها ثم غلب عليها اثنان هما أبو الشيص والعكوك العباسيان، وتنسب في بعض المصادر إلى ذي الرمة وشذ الآلوسي في بلوغ الأرب فجعلها من الشعر الجاهلي، وتابعه جرجي زيدان في مجلة الهلال (14-174)، وخلاصة القول أن القصيدة كانت معروفة منذ القرن الثالث الهجري عند علماء الشعر، وأول من ذهب أنها لدوقلة هو ثعلب المتوفى سنة 291هـ
أما موقع المجلة الثقافية فيقول :-
دوقلة المنبجي واسمه يحيى بن نزار بن سعيد المنبجي ابو الفضل شاعر من أهل منبج.. ولد بها سنة 486هـ وانتقل الى دمشق فاتصل بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ومدحه بقصائد أجاد فيها ثم رحل الى بغداد فتوطنها (توفي بها سنة 554هـ )
منبج …….: أول من بناها كسرى لما غلب على الشام وسماها (من به) فعربت فقيل: منبج.. وهي مدينة صغيرة بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ (عن معجم البلدان لياقوت الحموى) .
هي: حالياً تابعة لمحافظة ادلب وكان قبل استقلال سوريا 1946م تابعة لمحافظة حلب ومن أشهر ما كتب من القصائد هي اليتيمة التي مطلعها:
هـل بالطلـول لسائـل رد......... أم هـل لهـا بتكلـم عهـد
الجديد في هذا الأمر ان البحث يجري للعثور على دارة دوقلة في منبج لتحويلها الى (متحف ثقافي) لهذا الشاعر العربي الأصيل الذي غدر به الزمان، وتوفي في وقت مبكر من عمره كما حصل لطرفة بن العبد في العصور الماضية وأبو القاسم الشابي في بدايات هذا القرن.
أما قصة القصيدة التي قتلت صاحبها فهي كما تقول إحدى الروايات ( موقع شبكة الإعلام العربية ) إن هذه القصة ترجع إلى زمان بعيد حيث كانت هناك ملكة تدعى دعد كانت ملكة لليمن قد أخذت على نفسها عهدا بألا تتزوج إلا بمن يمتلك من الفصاحة والبلاغة ما يكفي لأن يغلبها به، وعرفت هذه الملكة بجمالها الأخاذ الساحر مما جعل الشعراء يتبارون في نظم وعرض مالديهم من قصائد عليها، ولكن لم تنال أي من قصائدهم إعجابها.
كان دوقلة هو أحد الشعراء الذين سمعوا بخبر الملكة وما تريده من مواصفات الشخص الذي سوف يصبح زوجاً لها، وكما سمع عن هذا سمع أيضاً عن جمال الملكة الباهر فانطلق ينظم الشعر فأبدع واحدة من أروع القصائد والتي مازالت تحتل مكاناً متميزاً بين قصائد الشعراء، وبينما هو في طريقه إلى الملكة ليعرض عليها قصيدته مر بأحد الأحياء فقام واحداً من أهل الحي باستضافته وبينما دوقلة عنده أخذ يسرد عليه قصيدته هذه القصيدة التي أعجبت الرجل كثيراً ولاقت في نفسه قبولاً واسعاً، وشعر دوقلة بمدى الإعجاب الذي جرى في نفس الرجل كما شعر بالغدر الذي قد يقع به فقام بإلحاق قصيدته ببيتين في أخرها أملاً في ذكاء دعد، أن تكتشف الغدر الذي سيلحق به.
وبالفعل كما توقع دوقلة قام الرجل بقتله وحفظ القصيدة لكي يلقيها هو على مسامع دعد، وعندما ذهب الرجل لدعد لكي يلقي عليها قصيدة دوقلة سألته عن الديار الذي أقبل منها قال إنه من العراق فلما سمعت القصيدة وجدت بها بيتاً يدل أن صاحبها من "تهامة" وهو البيت الذي يقول فيه دوقلة :
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني.......... أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ
وما أن ختم القصيدة بالبيتين الذين كتبهما دوقلة هبت دعد من مقعدها صارخة بقومها : أقتلوا قاتل زوجي.
وهكذا فمن قتل يقتل فعلى الرغم من أن هذه القصيدة كانت سبباً في قتل صاحبها إلا أن الذي غدر به قتل هو الأخر، وبقيت هذه القصيدة بعد ذلك باقية، ويرجع البعض سبب تسميتها بالقصيدة اليتيمة لعدد من الأسباب منها أنها تسببت بقتل صاحبها ولم يعرف له من الشعر سواها، كما يقال أنها سميت بذلك لجمالها وبلاغتها وتضمنها للكثير من المعاني الرائعة في وصف المرأة، ويقال أنها سميت بهذا الاسم لكونها قصيدة لا شبيه لها لقوة معانيها وروعة تشبيهاتها.
ومهما يكن من أمر فإن هذه القصائد من أرق وأبلغ ما قيل في الشعر العربي وحكاياتها ممتعة برغم ما فيها من عذاب وقسوة وتضحيات .
(الإقتباس الرئيسي من محاضرة الناقد طراد الكبيسي في بلدية إربد- الأردن)
يقول الناقد العراقي طراد الكبيسي في محاضرة له في بلدية إربد- الأردن- بعنوان
«الأربعة في الشعر والشعراء الأربعة» وهي مقاربات نقدية في مسائل هيولانية، لكتاب الشاعر والراوية والمؤلف أبي هفان «عبدالله بن أحمد المهزمي الذي توفي سنة 275 هجري ودفن في سر من رأى» الموسوم بـ «الأربعة في أخبار الشعراء» والكتاب هذا ممنهج حسب نظرية «الأربعات» السائدة آنذاك في رصد النظام الكوني، أي نظام الأربعة، فعناصر الكون أربعة «الماء والنار والتراب والهواء» والطبائع أربعة «الصفراء والسوداء والبلغم والدم» والرياح أربعة «الشمال والجنوب والدبور والقبول» وهكذا الفصول أربعة، وللرجل في الإسلام الزواج من أربع، وكتب الله أربعة، ثم في النقد «الأربعات» فأشعر أبيات قيلت في السؤدد أربعة، وأشعر أبيات في المراثي المقطعات أربعة، وفي الوصف أربعة، والشعر يقوم بعد النية من أربعة أشياء هي اللفظ والوزن والمعنى والقافية، وحوافز الشعر أربعة وقواعد الشعر أربعة، وأغراض الشعر أربعة، والشعراء أربعة، وأفضل الشعر ما توافرت فيه شروط أربعة، وطبقات الشعراء أربعة.
والشعراء الأربعة الذين نحن بصددهم
«توبة بن الحمير، مالك بن الريب، سحيم عبد بني الحسحاس، وإبن زريق البغدادي» مشيرا إلى أن الذي يجمع بينهم أربعة،
•أولا:- .......... أنهم شعراء وهم كلهم يعدون من «شعراء الواحدة» أي الشاعر الذي تميز وعرف بقصيدة واحدة، حتى لو كانت له مقطعات أخرى، لكن هذه الواحدة هي التي اشتهر بها وجعلته مشهورا في الشعراء المتقدمين .
•ثانيا:-........... الإحساس العميق بالغربة، فكل واحد منهم قضى مغتربا غريبا، بعد أن عاش حياته في غربة حتى لو كان وسط قومه .
•ثالثا:- .......... الموت، حيث جمع الموت بين الشعراء الأربعة، موتا لا يخلو من الدرامية، أي على غير ما يموت كثير من الناس على فراش وثير أو غير وثير،
•ورابعا:-......... المال والنساء، منفردا أو مشتركا، فبدلا من أن يكون المال والناس «الحب» سبيلا إلى الحياة، انقلب طريقا إلى ذاك الموت غير المنتظر، أي الذي صيغ بصيغة درامية.
ومن أجل أن نوضح الأربعة في الأربعة التي تجمع بينهم، ومنزلة هذا الشعر، أي «واحدة» كل شاعر في منازل الشعر العربي آنذاك، نقدم وبإيجاز توصيفا لكل واحد على أن تتضح لدى القارىء في الآخر صورة «بانوراما» الأربعة في الأربعة.
الشاعر الأول :- توبـة بن الحِمْيَـرْ
روي عنه أنه كان شريرا كثير الإغارة على بني الحارث بن كعب وجعثم وهمدان وكان شائعا عنه سرقة الإبل ويعد من الشعراء اللصوص،لكن صورته عند صاحبته ليلى الأخيلية شيء آخر فهي تراه فتى سخيا كريما، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، لكنه كان فتى فيه جاهلية، قتل توبة في عهد الخليفة الأموي معاوية سنة «55 هجري»، حيث غشيه القوم في إحدى غاراته من ورائه فضربوه حتى قتلوه، ثم جاء بعض من قومه فدفنوه في الصحراء، أما «واحدة» توبة فهي قصيدته التي مطلعها:
نأَتْـكَ بلــيلى دارُهـا لا تزورها .........وشطَّتْ نواها، واستمر مريرها
الشاعر الثاني :- مالـك بـن الريـب
نشأ في بادية بني تميم بالبصرة، تزعم طائفة من اللصوص، وكان فاتكا فارسا لصا وقاطع طريق وتجمع المصادر أنه كان من أجمل العرب وجها، وأبينهم بيانا، وبعد أن سئم مالك حياة اللصوص ووعده سعد بن عثمان بأن يغنيه وأجرى له خمسمائة درهم كل شهر انطلق معه إلى خراسان، وقيل لما كان ببعض الطريق أراد أن يلبس خفه، فإذا حية في داخلها فلسعته، فلما أحس الموت استلقى على قفاه ثم أنشأ قصيدته يرثي بها نفسه، وأن مالك يوم أو ساعة أحس الموت، أحس إحساسا مأساويا عميقا بالغربة، وندم ندما شديدا يوم أصبح في جيش ابن عثمان غازيا وفي بلاد غريبة، ودفن في مكان غريب في قفرة بعيدا عمن هو عزيز عليهن أما واحدة مالك فهي قصيدته التي مطلعها:-
ألا ليت شعـري هل أبيتن ليلـة .........بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
الشاعر الثالث:- سحيـم عبـد بنـي الحسحـاس
كان عبدا أسود اشتراه بنو الحسحاس، فأكثر التشبيب بنسائهم، وفي نسوة من بني صبير بن يربوع، فتآمر قومه على قتله فقتلوه خشية العار، فضلا عما يعد من قبيل تطاول العبد على سيده، ويلفت النظر أن سحيم يوم شدوا وثاقه وقدم ليقتل تلقى الموقف في ضرب من السخرية واللامبالاة وكأنه ينظر الحياة والممات وجهين لورقة واحدة، أما واحدة سحيم فهي قصيدته التي مطلعها:
عميرة ودع إن تجهزت غازيـا .........كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
الشاعر الرابع :- ابن زريـق البغـدادي
هو شاعر بغدادي ارتحل إلى الأندلس مثل كثير من الشعراء الذين ارتحلوا إلى أمصار عدة طلبا للرزق عن طريق الاتصال ومدح ملوكها، أخباره شحيحة وكل الذي بلغنا أنه وجد ميتا صباح أحد الأيام في إحدى الحانات وقصيدته «واحدته» العينية تحت وسادته ومطلعها:
لا تعذليـه فان العـذل يولعـه......... قد قلت حقـا ولكن ليس يسمعه
وختم الناقد الكبيسي محاضرته بعد أن استعرض مراحل حياة الشعراء الأربعة، وغربتهم وطريقة موتهم، عبر استقراء قصائدهم الأربع، وتحليلها، قائلا هكذا مثلما توافق الشعراء الأربعة في أربعة، أنهم من شعراء الواحدة، والميتة الدرامية ، والغربة ، ومطلب المال والنساء في الحياة ثم ينقلب سبيلا إلى الممات، توافقوا أو وفقوا في أربعة تجمعها صناعة الشعر التي لا تجود وتستحكم إلا بأربعة هي جودة الآلة، وإصابة الغرض المقصود، وصحة التأليف، والانتهاء إلى إتمام الصنعة من غير نقص فيها ولا زيادة عليها، مشيرا إلى أن الأوائل ذكرت أن كل محدث مصنوع يحتاج إلى أربعة أشياء: الأولى ، علة هيولانية وهي الأصل ويعنون بها الطينة التي خلق منها الخالق الخلق وفي الشعر الألفاظ التي يصنع منها الشاعر الشعر، والثانية ، علة فاعلة وهي صحة التأليف بلا خلل ولا اضطراب، والثالثة، علة صورية وهي إصابة الغرض المقصود أي تصوير الإنسان عند الخالق وتجسيد الغرض عند الشاعر ، وأخيرا ، علة تمامية وهي تمام الصنعة والفراغ من تصويرها دون نقص ولا زيادة .
إلى هنا ينتهي الإقتباس من محاضرة القبيسي( موقع البديل العراقي) ، وبرغم محاولته ترتيب الأمور على رقم (أربعة ) إلا أن تجاهله لقصيدة اليتيمة وشاعرها الذي تنطبق عليه كل المعايير السابقة من حيث كونه شاعر واحدة ومات غريبا وكان سبب موته امرأة لذلك فإني أعتبره الخامس إن لم يكن الأول من حيث درامية قصته
الشاعر الخامس :- دوقلـة المنبجـي
وحسب موقع ( موسوعة الشعر العربي )
هو الحسين بن محمد المنبجي، المعروف بدوقلة.
شاعر مغمور، تنسب إليه القصيدة المشهورة باليتيمة، ووقعت نسبتها إليه في فهرست ابن خير الأندلسي وهي القصيدة التي حلف أربعون من الشعراء على انتحالها ثم غلب عليها اثنان هما أبو الشيص والعكوك العباسيان، وتنسب في بعض المصادر إلى ذي الرمة وشذ الآلوسي في بلوغ الأرب فجعلها من الشعر الجاهلي، وتابعه جرجي زيدان في مجلة الهلال (14-174)، وخلاصة القول أن القصيدة كانت معروفة منذ القرن الثالث الهجري عند علماء الشعر، وأول من ذهب أنها لدوقلة هو ثعلب المتوفى سنة 291هـ
أما موقع المجلة الثقافية فيقول :-
دوقلة المنبجي واسمه يحيى بن نزار بن سعيد المنبجي ابو الفضل شاعر من أهل منبج.. ولد بها سنة 486هـ وانتقل الى دمشق فاتصل بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ومدحه بقصائد أجاد فيها ثم رحل الى بغداد فتوطنها (توفي بها سنة 554هـ )
منبج …….: أول من بناها كسرى لما غلب على الشام وسماها (من به) فعربت فقيل: منبج.. وهي مدينة صغيرة بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ (عن معجم البلدان لياقوت الحموى) .
هي: حالياً تابعة لمحافظة ادلب وكان قبل استقلال سوريا 1946م تابعة لمحافظة حلب ومن أشهر ما كتب من القصائد هي اليتيمة التي مطلعها:
هـل بالطلـول لسائـل رد......... أم هـل لهـا بتكلـم عهـد
الجديد في هذا الأمر ان البحث يجري للعثور على دارة دوقلة في منبج لتحويلها الى (متحف ثقافي) لهذا الشاعر العربي الأصيل الذي غدر به الزمان، وتوفي في وقت مبكر من عمره كما حصل لطرفة بن العبد في العصور الماضية وأبو القاسم الشابي في بدايات هذا القرن.
أما قصة القصيدة التي قتلت صاحبها فهي كما تقول إحدى الروايات ( موقع شبكة الإعلام العربية ) إن هذه القصة ترجع إلى زمان بعيد حيث كانت هناك ملكة تدعى دعد كانت ملكة لليمن قد أخذت على نفسها عهدا بألا تتزوج إلا بمن يمتلك من الفصاحة والبلاغة ما يكفي لأن يغلبها به، وعرفت هذه الملكة بجمالها الأخاذ الساحر مما جعل الشعراء يتبارون في نظم وعرض مالديهم من قصائد عليها، ولكن لم تنال أي من قصائدهم إعجابها.
كان دوقلة هو أحد الشعراء الذين سمعوا بخبر الملكة وما تريده من مواصفات الشخص الذي سوف يصبح زوجاً لها، وكما سمع عن هذا سمع أيضاً عن جمال الملكة الباهر فانطلق ينظم الشعر فأبدع واحدة من أروع القصائد والتي مازالت تحتل مكاناً متميزاً بين قصائد الشعراء، وبينما هو في طريقه إلى الملكة ليعرض عليها قصيدته مر بأحد الأحياء فقام واحداً من أهل الحي باستضافته وبينما دوقلة عنده أخذ يسرد عليه قصيدته هذه القصيدة التي أعجبت الرجل كثيراً ولاقت في نفسه قبولاً واسعاً، وشعر دوقلة بمدى الإعجاب الذي جرى في نفس الرجل كما شعر بالغدر الذي قد يقع به فقام بإلحاق قصيدته ببيتين في أخرها أملاً في ذكاء دعد، أن تكتشف الغدر الذي سيلحق به.
وبالفعل كما توقع دوقلة قام الرجل بقتله وحفظ القصيدة لكي يلقيها هو على مسامع دعد، وعندما ذهب الرجل لدعد لكي يلقي عليها قصيدة دوقلة سألته عن الديار الذي أقبل منها قال إنه من العراق فلما سمعت القصيدة وجدت بها بيتاً يدل أن صاحبها من "تهامة" وهو البيت الذي يقول فيه دوقلة :
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني.......... أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ
وما أن ختم القصيدة بالبيتين الذين كتبهما دوقلة هبت دعد من مقعدها صارخة بقومها : أقتلوا قاتل زوجي.
وهكذا فمن قتل يقتل فعلى الرغم من أن هذه القصيدة كانت سبباً في قتل صاحبها إلا أن الذي غدر به قتل هو الأخر، وبقيت هذه القصيدة بعد ذلك باقية، ويرجع البعض سبب تسميتها بالقصيدة اليتيمة لعدد من الأسباب منها أنها تسببت بقتل صاحبها ولم يعرف له من الشعر سواها، كما يقال أنها سميت بذلك لجمالها وبلاغتها وتضمنها للكثير من المعاني الرائعة في وصف المرأة، ويقال أنها سميت بهذا الاسم لكونها قصيدة لا شبيه لها لقوة معانيها وروعة تشبيهاتها.
ومهما يكن من أمر فإن هذه القصائد من أرق وأبلغ ما قيل في الشعر العربي وحكاياتها ممتعة برغم ما فيها من عذاب وقسوة وتضحيات .
- محمدمشرف مرسى الرياضة
- البلد :
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009
رد: شعراء الواحدة
17/12/10, 08:19 pm
وجدت فائدة ومتعة فيما قرأت
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
- مراد صيدعضو مميز
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 262
نقاط تميز العضو : 112215
تاريخ التسجيل : 12/11/2009
رد: شعراء الواحدة
17/12/10, 09:49 pm
لسانك حصانك ان صنته صانك وان خنته خانك
بارك الله فيك
بارك الله فيك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى