- فريد البيدقعضو جديد
- البلد :
عدد المساهمات : 48
نقاط تميز العضو : 102490
تاريخ التسجيل : 10/12/2010
الدكتور علي حلمي موسى .. من "مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة"
10/12/10, 05:45 pm
للأستاذ الدكتور عبد الحافظ حلمي محمد في كلمته الترحيبية به عند انضمامه إلى مجمع اللغة العربية بمصر
***
... والواقع أنني والدكتور علي حلمي موسى رفيقا دربٍ واحدٍ، بل رفيقا دربيْن اثنين: درب العلوم ودرب العربيّة، وإنْ كنتُ بحكم السنِّ ـ ولا فخرَ ـ قد وطِئَتْ قدمايَ الدربيْن قبله بسنوات. وقد أسعدني أن نلتَقِي فى جامعة الكويت، وأن تجمعنا الأعوام والأيام، والمسار والغايات، ثم أن أستقبله مرحبًا في حفل مجمعنا هذا الصباح .
... وأوّلُ ما يشدُّ الانتباه في تاريخ الدكتور علي حلمي بن أحمد بن موسى الفكريِّ والعلميّ هو ولعه بارتيادِ الآفاقِ البينيَّة، أي مجالاتِ تَقابُلِ العلوم المختلِفة وتَداخُلِها، حيث يُرجى تولُّدُ أفكارٍ وتطبيقاتٍ مَسُتحدثة، بل ربما إلى نشأة علوم جديدة. فالشابُّ السكندريُّ المولد (يوليو 1933) حَصَل عامَ ثلاثةٍ وخمسين (1953)، وهو في العشرين من عمره، على بكالوريوس العلوم في الرياضيات تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة عين شمس، ولكنه نال درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام ثمانية وخمسين (1958) في الفيزياء ـ أو الفيزيقا ـ الرياضية، ومع ذلك عُيّن عندما عاد من بَعثته مدرسا في قسم الرياضيات التطبيقية بجامعة عين شمس ثم حُسم هذا التذبذب ـ الطبيعيُّ ـ بين الرياضيات والفيزيقا، بانتقال الدكتور علي حلمي موسى عامَ أربعة وستين (1964) أستاذًا مساعدًا للفيزياء النظرية بقسم الفيزياء، وأنشأ أوّل وَحدة في الجامعات المصرية في بحوث الفيزياء الذرية النظرية.
... ولكنَّ الوجهَ الآخرَ المهمَّ لهذه الثنائية العلميّة أنها أَهَّلَتْ الدكتور علي حلمي، عندما أعير لجامعة الكويت عام تسعة وستين (1969) لأن يدلِفَ إلى الباب الثالث في حياته الفكرية. وذلك أنه شرع عندئذ في الإفادة من خبراته السابقة في تسخير الحاسوب في القيام بدراسات إحصائية تحليلية لقضايا لغويّة وقرآنيّة متعدِّدة. فقد قام أوّلاً بدراسةٍ إحصائية للجذور الثلاثية لمفردات اللغة العربية، ثم لجذورها غير الثلاثية، ثم لجذور معجم لسان العرب، ثم لمعجم تاج العروس (بالاشتراك مع الدكتور عبد الصبور شاهين)، ثم لجذور معجم الصِّحاح. ونُشرت النتائجُ المفصّلة لهذه الدراسات بين عامَيْ إحدى وسبعين (1971) وثلاثة وسبعين (1973) في خمسة أعدادٍ مستقلة من مطبوعات جامعة الكويت، يتراوح عددُ صفحاتها بين مئةٍ وستَّ عشْرةَ صفحة وثلاثمئةٍ وإحدى وعشرين صفحة. ثمّ عرض الدكتور علي حلمي دراسة مقارنةً لنتائجه عن تحليل معاجم العربية الثلاثة أمام ندوة المعجم العربيّ التاريخيّ التي عُقدتْ في تونس عام تسعة وثمانين (1989).
... كذلك قدَّم الدكتور علي حلمي موسى ـ باللغتيْن العربيَّة والإنجليزية ـ جوانِبَ مختلِفةً من دراساته الإحصائية اللغوية في عدد من المؤتمرات الإقليمية والدولية عُقدتْ بين عامَيْ ثلاثة وثمانين (1983) واثنين وتسعين (1992) في مصرَ وسورية والمملكة الأردنية والمملكة المغربيّة والكويت وبروناي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ومن عناوين تلك الإسهامات التي تشدّ الانتباه : " إنتروبيا اللغة العربية " و "ضغطُ النصوص العربية باستخدام التشفير الرياضي" و"مكنزٌ للعربية القياسية الحديثة" و" نموذجٌ رياضي للتنبُّؤِ الآلي لحركات التشكيل فى اللغة العربية"، و" الحوسبةُ والإحصاءُ اللغويّ". ولهذا كله كان من الطبيعيّ أن يُختار الدكتور علي حلمي موسى رئيسًا للاتحاد الدّولي لحوسبة اللغة العربية، الذي أُنشئَ في هولندا عام ثلاثةِ وتسعين (1993) .
... وكان الدكتور علي حلمي قد عاد من الكويت عام ثلاثة وسبعين (1973) أستاذًا للفيزياء النظرية بكلية العلوم بجامعة عين شمس، ثم رئيسًا لقسم الفيزياء ثلاث دورات، ثم أستاذًا متفرغًا بها منذ عامِ ثلاثة وتسعين (1993). وفي عام خمسة وسبعين (1975) حوَّل الدكتور علي حلمي دراساته الحاسوبية نحو ألفاظ القرآن الكريم، فنشر فى مجلة الدَّوحة مقالاً بعنوان" ماذا قال العقل الإلكتروني عن القرآن؟"، أردفه ببحثٍ باللغة الإنجليزية في دورية نمساوية عامَ تسعة وسبعين (197، وبآخرَ في عددٍ خَاصّ أصدرته مجلة "عالم الفكر" الكويتية عام اثنين وثمانين (1982) عن القرآن والسيرة النبوية، بعنوان: "استخدام الآلات الحاسبة الإلكترونية في دراسة ألفاظ القرآن الكريم". (وقد التقيتُ مع الدكتور علي في هذا العدد نفسِه، إذ نشرتُ فيه مقالاً في نحو مئة صفحة، بعنوان: " العلوم البيولوجية في خدمة تفسير القرآن الكريم").
... وقد أحسن الدكتور علي حلمي موسى صُنعًا إذْ جمع دراساتِه الحاسوبيَّةَ عن القرآن الكريم في كتاب أصدره في مطلع القرن الحادي والعشرين (2001م) بعنوان "ألفاظ القرآن الكريم: دراسة علميَّة تكنولوجيّة، في ما يَقرب من مئتيْ صفحة، راجيًا" أنْ يكون علمًا نافعًا لكل قارئ حريص على الاستزادة من كنوز القرآن الكريم (ص. والكتاب مفعم بالأرقام والجداول والإحصاءات، منها: إحصاءٌ لألفاظ القرآن وَفقًا للحرف الأول منها، ولعدد حروفها، وإحصاءاتٌ مختلِفة لأسماء الأعلام والأقوام والأماكن، وإحصاءاتٌ للألفاظ المشتقة من جذور ثلاثية وأخرى للألفاظ المشتقة من جذور غير ثلاثية ويلاحِظ الدكتور علي حلمي أن القرآن الكريم يحوي ثُلُثَ الجذور الثلاثية في معجم الصِّحاح، وهذه ـ في رأيه ـ " نسبة كبيرة جدًّا لا يوجد وجهٌ للمقارنة بينها وبين ألفاظ أيّ كتاب على وجه الأرض" (ص، وأن هذا في حدِّ ذاته " إعجاز كبير ينفرد به كتاب الله" (ص5).
ويلاحظ الدكتور علي أيضًا أنّ ما يقرب من ربع الجذور الثلاثية في لغة القرآن قد ورد مرة واحدة فقط في القرآن الكريم، وهو يرى أن ذلك أيضًا" إعجاز بلاغيّ فذّ" (ص.ص9 و82 ). وثمَّةَ إحصاءاتٌ للفظ الجلالة وأسماء الله الحسنى، وغيرُها كثير، ولكن الدكتور على حلمي يُفرد الفصل الثامن من كتابه لدراسة العلاقة بين الحروف والحركات في لغة القرآن الكريم، ومعتمدًا طبعًا على التمثيل الصوتي للألفاظ وَفقًا لقراءة حفص، ومُجْريًا دراسته على عيِّنة مكية، تتألف من سورة الأعراف وبعض قصار السور، وأخرى مدنية تتألف من سورة البقرة.
... وينبغي ألاَّ يفوتَني أن أنوِّه بأن هذه الاهتماماتِ الواسعة لم تصرفْ الدكتور علي حلمي عن واجبات تخصُّصه الأكاديمي الأصلي، من بحوث ورعاية لطلاب مدرسته العلمية. ولكنَّ المقام لا يتسع لتفاصيل ذلك، وقد تكفينا بعض الإشارات. قاد الدكتور علي حلمي، عام سبعة وسبعين (1977) فريقًا بحثيًّا لاستخدام التقانة المتقدمة للكشف عن الآثار وُفِّق إلى اكتشاف فجوات في تمثال أبي الهول، كما أنه أنشأ في جامعة عين شمس أوَّل وَحدةِ بحوثٍ في مجال الفيزياء الذريَّة النظرية، و" وَحدةً للوسائط المتعدِّدة لإنتاج برمجيات الفيزياء ". وهو الباحث الرئيس لمشروع اليونسكو لبرمجيات تعليم الفيزياء في الجامعات العربية، منذ عام سبعة وتسعين (1997).
... وكان من الطبيعي أن يشارك الدكتور علي حلمي موسى في عضوية كثير من اللجان والهيئات، وأن ينشر عددًا من المقالات واسعة التنوّع، وأن يشارك في مؤتمرات محلية وإقليمية ودولية في مشارق الأرض ومغاربها ( تقدم ذكرُ بعضها)، وأن يكون موضع التكريم والتقدير المرَّة تِلْو المرَّة. فهو قد فاز عام أربعة وستين (1964) بجائزة أمين لطفي في الفيزياء، التي مكَّنَتْه من زيارة جامعة لندن عامًا كاملاً، ثم حَصَل على منحةٍ للبحث العلمي من مؤسسة فولبرايْت هيّأتْ له أن يُمِضَى في الولايات المتحدة الأمريكية أصياف أعوام سبعة وثمانين، وثمانية وثمانين، وتسعة وثمانين. هذا فضلاً على أنه أحرز جائزة الدولة التشجيعية في الفيزياء عام أربعة وسبعين (1974)، ثم جائزة البنك الأهلي للإبداع العلمي عامَ ألفيْن. وهو حائز أيضًا على وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى.
... ولي بالدكتور علي حلمي موسى صلات خاصة، ألْمَمْتُ بطرفٍ منها، ولكنني أودّ أن أنوِّة الآن ببعضها. فذاتَ يومٍ من عام ثمانية وتسعين (199 كنت أعرض على زملائي أعضاءِ اللجنة القومية لتاريخ وفلسفة العلم محتويات عدد مارس من تلك السنة من مجلة " العلوم والفلسفة الإسلامية " (Arabic Scienees and Philosoplay)، التي تصدر من كيمبردج، وأشرت إلى مقال بعنوان" بطليموسُ وابنُ الهيثم وكِيْلر ومسألة الصور الضوئية"، لكاتب أمريكي، وقلت إنني ألاحظ حيْف الكاتب في الحكم على أعمال ابن الهيثم المشهودِ لها، وتمنيت أن يدرس أحد الفيزيائيين المقال ويردَّ عليه. وقد نهض الدكتور علي حلمي بهذه الدراسة وأمتعنا، في الموسم الثقافي للجمعية المصرية لتاريخ العلوم، بمحاضرة عن " ابن الهيثم المفترى عليه". وفي الصيف قبل الماضي، أشفقت على نفسي من الرحلة الطويلة إلى المكسيك التي كان عليّ أن أقوم بها لأمثل اللجنة القومية في الجمعية العامة للاتحاد الدولي لتاريخ العلوم والمؤتمر الدولي الحادي والعشرين المصاحِبِ لها، فخفَّ إلى نجدتي أخي الدكتور علي حلمي، فكان خير سفير لمصر واللجنة. كذلك يسعدني أيضًا أن أراه وجهًا مشرقًا دائمًا في المؤتمرات السنوية للجمعية المصرية لتعريب العلوم، وكان له فيها إسهامات قيمة.
... وصلة الدكتور علي حلمي بالمجمع قديمة، فهو يقول إنَّ تَوَجُّهَهُ نحو استخدام الحاسوب في دراسة معاجم اللغة العربية الكبرى كان بإيحاء من عضويْن جليليْن من أعضاء المجمع: الدكتور محمد كامل حسين والدكتور إبراهيم أنيس. ثم إنه مَثَّل المجمع، بتكليف رسميٍّ من رئيسه، في الحلقة التي أقامتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في الرِّباط عام ثلاثة وثمانين (1983)، حول استعمال الحرف العربي في الحاسوب"، ثم إنه ألقى بحثيْن في ندوة" قضايا اللغة العربية في عصر الحوسبة والعولمة" التي أقامها اتحاد المجامع العلمية العربية في عمَّان العامَ الماضي. فهكذا كان الدكتور " موسى" يُصنع، علميًّا ولغويًّا، على عين المجمع، وهاهو الآن يحتلٌ مكانه في قلبه، وسوف يُسهم من داخله ـ وبعون الله ومشيئته في كثير من أعماله: أوَلاً في الإفادة من تخصصه العلمي بضم جهوده إلى جهود الأساتذة الأعضاء والخبراء الحاليين في مجالات الفيزيقا والحاسبات، وفي حوسبة أعمال المجمع العلمية والإدارية وتمام الإفادة من عُدته الحاسوبية. أما دراساته الحاسوبية فى ألفاظ القرآن الكريم واللغة العربية ومعاجمها فهي قاعدة ثريّة، تؤتِى ثمارها وتتفتح وأسرارها بمعايشة الكوكبة الزاهرة من أعضائه أعلام علماء اللغة. وقد سبق للدكتور علي حلمي أن كتب عام 1982يقول: "وإن المشتغلين بالبحوث اللغوية وتأصيل الكلمات العربية، وكذلك علماءَ الأصوات وأساتذة البلاغة والنقد، سيجِدون في هذه النتائج ما يعينهم على تقويم آرائهم ونظراتهم الخاصة، كما تسعفهم في تقويم آراء القدماء ونظراتهم".
***
... والواقع أنني والدكتور علي حلمي موسى رفيقا دربٍ واحدٍ، بل رفيقا دربيْن اثنين: درب العلوم ودرب العربيّة، وإنْ كنتُ بحكم السنِّ ـ ولا فخرَ ـ قد وطِئَتْ قدمايَ الدربيْن قبله بسنوات. وقد أسعدني أن نلتَقِي فى جامعة الكويت، وأن تجمعنا الأعوام والأيام، والمسار والغايات، ثم أن أستقبله مرحبًا في حفل مجمعنا هذا الصباح .
... وأوّلُ ما يشدُّ الانتباه في تاريخ الدكتور علي حلمي بن أحمد بن موسى الفكريِّ والعلميّ هو ولعه بارتيادِ الآفاقِ البينيَّة، أي مجالاتِ تَقابُلِ العلوم المختلِفة وتَداخُلِها، حيث يُرجى تولُّدُ أفكارٍ وتطبيقاتٍ مَسُتحدثة، بل ربما إلى نشأة علوم جديدة. فالشابُّ السكندريُّ المولد (يوليو 1933) حَصَل عامَ ثلاثةٍ وخمسين (1953)، وهو في العشرين من عمره، على بكالوريوس العلوم في الرياضيات تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من جامعة عين شمس، ولكنه نال درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام ثمانية وخمسين (1958) في الفيزياء ـ أو الفيزيقا ـ الرياضية، ومع ذلك عُيّن عندما عاد من بَعثته مدرسا في قسم الرياضيات التطبيقية بجامعة عين شمس ثم حُسم هذا التذبذب ـ الطبيعيُّ ـ بين الرياضيات والفيزيقا، بانتقال الدكتور علي حلمي موسى عامَ أربعة وستين (1964) أستاذًا مساعدًا للفيزياء النظرية بقسم الفيزياء، وأنشأ أوّل وَحدة في الجامعات المصرية في بحوث الفيزياء الذرية النظرية.
... ولكنَّ الوجهَ الآخرَ المهمَّ لهذه الثنائية العلميّة أنها أَهَّلَتْ الدكتور علي حلمي، عندما أعير لجامعة الكويت عام تسعة وستين (1969) لأن يدلِفَ إلى الباب الثالث في حياته الفكرية. وذلك أنه شرع عندئذ في الإفادة من خبراته السابقة في تسخير الحاسوب في القيام بدراسات إحصائية تحليلية لقضايا لغويّة وقرآنيّة متعدِّدة. فقد قام أوّلاً بدراسةٍ إحصائية للجذور الثلاثية لمفردات اللغة العربية، ثم لجذورها غير الثلاثية، ثم لجذور معجم لسان العرب، ثم لمعجم تاج العروس (بالاشتراك مع الدكتور عبد الصبور شاهين)، ثم لجذور معجم الصِّحاح. ونُشرت النتائجُ المفصّلة لهذه الدراسات بين عامَيْ إحدى وسبعين (1971) وثلاثة وسبعين (1973) في خمسة أعدادٍ مستقلة من مطبوعات جامعة الكويت، يتراوح عددُ صفحاتها بين مئةٍ وستَّ عشْرةَ صفحة وثلاثمئةٍ وإحدى وعشرين صفحة. ثمّ عرض الدكتور علي حلمي دراسة مقارنةً لنتائجه عن تحليل معاجم العربية الثلاثة أمام ندوة المعجم العربيّ التاريخيّ التي عُقدتْ في تونس عام تسعة وثمانين (1989).
... كذلك قدَّم الدكتور علي حلمي موسى ـ باللغتيْن العربيَّة والإنجليزية ـ جوانِبَ مختلِفةً من دراساته الإحصائية اللغوية في عدد من المؤتمرات الإقليمية والدولية عُقدتْ بين عامَيْ ثلاثة وثمانين (1983) واثنين وتسعين (1992) في مصرَ وسورية والمملكة الأردنية والمملكة المغربيّة والكويت وبروناي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ومن عناوين تلك الإسهامات التي تشدّ الانتباه : " إنتروبيا اللغة العربية " و "ضغطُ النصوص العربية باستخدام التشفير الرياضي" و"مكنزٌ للعربية القياسية الحديثة" و" نموذجٌ رياضي للتنبُّؤِ الآلي لحركات التشكيل فى اللغة العربية"، و" الحوسبةُ والإحصاءُ اللغويّ". ولهذا كله كان من الطبيعيّ أن يُختار الدكتور علي حلمي موسى رئيسًا للاتحاد الدّولي لحوسبة اللغة العربية، الذي أُنشئَ في هولندا عام ثلاثةِ وتسعين (1993) .
... وكان الدكتور علي حلمي قد عاد من الكويت عام ثلاثة وسبعين (1973) أستاذًا للفيزياء النظرية بكلية العلوم بجامعة عين شمس، ثم رئيسًا لقسم الفيزياء ثلاث دورات، ثم أستاذًا متفرغًا بها منذ عامِ ثلاثة وتسعين (1993). وفي عام خمسة وسبعين (1975) حوَّل الدكتور علي حلمي دراساته الحاسوبية نحو ألفاظ القرآن الكريم، فنشر فى مجلة الدَّوحة مقالاً بعنوان" ماذا قال العقل الإلكتروني عن القرآن؟"، أردفه ببحثٍ باللغة الإنجليزية في دورية نمساوية عامَ تسعة وسبعين (197، وبآخرَ في عددٍ خَاصّ أصدرته مجلة "عالم الفكر" الكويتية عام اثنين وثمانين (1982) عن القرآن والسيرة النبوية، بعنوان: "استخدام الآلات الحاسبة الإلكترونية في دراسة ألفاظ القرآن الكريم". (وقد التقيتُ مع الدكتور علي في هذا العدد نفسِه، إذ نشرتُ فيه مقالاً في نحو مئة صفحة، بعنوان: " العلوم البيولوجية في خدمة تفسير القرآن الكريم").
... وقد أحسن الدكتور علي حلمي موسى صُنعًا إذْ جمع دراساتِه الحاسوبيَّةَ عن القرآن الكريم في كتاب أصدره في مطلع القرن الحادي والعشرين (2001م) بعنوان "ألفاظ القرآن الكريم: دراسة علميَّة تكنولوجيّة، في ما يَقرب من مئتيْ صفحة، راجيًا" أنْ يكون علمًا نافعًا لكل قارئ حريص على الاستزادة من كنوز القرآن الكريم (ص. والكتاب مفعم بالأرقام والجداول والإحصاءات، منها: إحصاءٌ لألفاظ القرآن وَفقًا للحرف الأول منها، ولعدد حروفها، وإحصاءاتٌ مختلِفة لأسماء الأعلام والأقوام والأماكن، وإحصاءاتٌ للألفاظ المشتقة من جذور ثلاثية وأخرى للألفاظ المشتقة من جذور غير ثلاثية ويلاحِظ الدكتور علي حلمي أن القرآن الكريم يحوي ثُلُثَ الجذور الثلاثية في معجم الصِّحاح، وهذه ـ في رأيه ـ " نسبة كبيرة جدًّا لا يوجد وجهٌ للمقارنة بينها وبين ألفاظ أيّ كتاب على وجه الأرض" (ص، وأن هذا في حدِّ ذاته " إعجاز كبير ينفرد به كتاب الله" (ص5).
ويلاحظ الدكتور علي أيضًا أنّ ما يقرب من ربع الجذور الثلاثية في لغة القرآن قد ورد مرة واحدة فقط في القرآن الكريم، وهو يرى أن ذلك أيضًا" إعجاز بلاغيّ فذّ" (ص.ص9 و82 ). وثمَّةَ إحصاءاتٌ للفظ الجلالة وأسماء الله الحسنى، وغيرُها كثير، ولكن الدكتور على حلمي يُفرد الفصل الثامن من كتابه لدراسة العلاقة بين الحروف والحركات في لغة القرآن الكريم، ومعتمدًا طبعًا على التمثيل الصوتي للألفاظ وَفقًا لقراءة حفص، ومُجْريًا دراسته على عيِّنة مكية، تتألف من سورة الأعراف وبعض قصار السور، وأخرى مدنية تتألف من سورة البقرة.
... وينبغي ألاَّ يفوتَني أن أنوِّه بأن هذه الاهتماماتِ الواسعة لم تصرفْ الدكتور علي حلمي عن واجبات تخصُّصه الأكاديمي الأصلي، من بحوث ورعاية لطلاب مدرسته العلمية. ولكنَّ المقام لا يتسع لتفاصيل ذلك، وقد تكفينا بعض الإشارات. قاد الدكتور علي حلمي، عام سبعة وسبعين (1977) فريقًا بحثيًّا لاستخدام التقانة المتقدمة للكشف عن الآثار وُفِّق إلى اكتشاف فجوات في تمثال أبي الهول، كما أنه أنشأ في جامعة عين شمس أوَّل وَحدةِ بحوثٍ في مجال الفيزياء الذريَّة النظرية، و" وَحدةً للوسائط المتعدِّدة لإنتاج برمجيات الفيزياء ". وهو الباحث الرئيس لمشروع اليونسكو لبرمجيات تعليم الفيزياء في الجامعات العربية، منذ عام سبعة وتسعين (1997).
... وكان من الطبيعي أن يشارك الدكتور علي حلمي موسى في عضوية كثير من اللجان والهيئات، وأن ينشر عددًا من المقالات واسعة التنوّع، وأن يشارك في مؤتمرات محلية وإقليمية ودولية في مشارق الأرض ومغاربها ( تقدم ذكرُ بعضها)، وأن يكون موضع التكريم والتقدير المرَّة تِلْو المرَّة. فهو قد فاز عام أربعة وستين (1964) بجائزة أمين لطفي في الفيزياء، التي مكَّنَتْه من زيارة جامعة لندن عامًا كاملاً، ثم حَصَل على منحةٍ للبحث العلمي من مؤسسة فولبرايْت هيّأتْ له أن يُمِضَى في الولايات المتحدة الأمريكية أصياف أعوام سبعة وثمانين، وثمانية وثمانين، وتسعة وثمانين. هذا فضلاً على أنه أحرز جائزة الدولة التشجيعية في الفيزياء عام أربعة وسبعين (1974)، ثم جائزة البنك الأهلي للإبداع العلمي عامَ ألفيْن. وهو حائز أيضًا على وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى.
... ولي بالدكتور علي حلمي موسى صلات خاصة، ألْمَمْتُ بطرفٍ منها، ولكنني أودّ أن أنوِّة الآن ببعضها. فذاتَ يومٍ من عام ثمانية وتسعين (199 كنت أعرض على زملائي أعضاءِ اللجنة القومية لتاريخ وفلسفة العلم محتويات عدد مارس من تلك السنة من مجلة " العلوم والفلسفة الإسلامية " (Arabic Scienees and Philosoplay)، التي تصدر من كيمبردج، وأشرت إلى مقال بعنوان" بطليموسُ وابنُ الهيثم وكِيْلر ومسألة الصور الضوئية"، لكاتب أمريكي، وقلت إنني ألاحظ حيْف الكاتب في الحكم على أعمال ابن الهيثم المشهودِ لها، وتمنيت أن يدرس أحد الفيزيائيين المقال ويردَّ عليه. وقد نهض الدكتور علي حلمي بهذه الدراسة وأمتعنا، في الموسم الثقافي للجمعية المصرية لتاريخ العلوم، بمحاضرة عن " ابن الهيثم المفترى عليه". وفي الصيف قبل الماضي، أشفقت على نفسي من الرحلة الطويلة إلى المكسيك التي كان عليّ أن أقوم بها لأمثل اللجنة القومية في الجمعية العامة للاتحاد الدولي لتاريخ العلوم والمؤتمر الدولي الحادي والعشرين المصاحِبِ لها، فخفَّ إلى نجدتي أخي الدكتور علي حلمي، فكان خير سفير لمصر واللجنة. كذلك يسعدني أيضًا أن أراه وجهًا مشرقًا دائمًا في المؤتمرات السنوية للجمعية المصرية لتعريب العلوم، وكان له فيها إسهامات قيمة.
... وصلة الدكتور علي حلمي بالمجمع قديمة، فهو يقول إنَّ تَوَجُّهَهُ نحو استخدام الحاسوب في دراسة معاجم اللغة العربية الكبرى كان بإيحاء من عضويْن جليليْن من أعضاء المجمع: الدكتور محمد كامل حسين والدكتور إبراهيم أنيس. ثم إنه مَثَّل المجمع، بتكليف رسميٍّ من رئيسه، في الحلقة التي أقامتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في الرِّباط عام ثلاثة وثمانين (1983)، حول استعمال الحرف العربي في الحاسوب"، ثم إنه ألقى بحثيْن في ندوة" قضايا اللغة العربية في عصر الحوسبة والعولمة" التي أقامها اتحاد المجامع العلمية العربية في عمَّان العامَ الماضي. فهكذا كان الدكتور " موسى" يُصنع، علميًّا ولغويًّا، على عين المجمع، وهاهو الآن يحتلٌ مكانه في قلبه، وسوف يُسهم من داخله ـ وبعون الله ومشيئته في كثير من أعماله: أوَلاً في الإفادة من تخصصه العلمي بضم جهوده إلى جهود الأساتذة الأعضاء والخبراء الحاليين في مجالات الفيزيقا والحاسبات، وفي حوسبة أعمال المجمع العلمية والإدارية وتمام الإفادة من عُدته الحاسوبية. أما دراساته الحاسوبية فى ألفاظ القرآن الكريم واللغة العربية ومعاجمها فهي قاعدة ثريّة، تؤتِى ثمارها وتتفتح وأسرارها بمعايشة الكوكبة الزاهرة من أعضائه أعلام علماء اللغة. وقد سبق للدكتور علي حلمي أن كتب عام 1982يقول: "وإن المشتغلين بالبحوث اللغوية وتأصيل الكلمات العربية، وكذلك علماءَ الأصوات وأساتذة البلاغة والنقد، سيجِدون في هذه النتائج ما يعينهم على تقويم آرائهم ونظراتهم الخاصة، كما تسعفهم في تقويم آراء القدماء ونظراتهم".
- محمدمشرف مرسى الرياضة
- البلد :
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 205023
تاريخ التسجيل : 10/12/2009
رد: الدكتور علي حلمي موسى .. من "مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة"
10/12/10, 07:01 pm
شخصية لها بصمتها في العالم العربي
شكرا
شكرا
- فريد البيدقعضو جديد
- البلد :
عدد المساهمات : 48
نقاط تميز العضو : 102490
تاريخ التسجيل : 10/12/2010
رد: الدكتور علي حلمي موسى .. من "مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة"
11/12/10, 04:44 pm
نعم،مشرفنا الحبيب،نعم!
صدقت!
صدقت!
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى