الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
24/06/10, 09:19 am
كتب المفكر والأديب المسيحي الشهير جورج جرداق عن شخصية الإمام على بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو معروف ذات شخصية محبة للحق والخير تخلـى عن رداء عظمته أمام جبل القيم ونبراس الحضارة ليطأطأ رأسه وينحني إجلالا وإكبارا لشخصـية الإمام علي (ع) ذلك الحب الذي دفعه لمثل هذا الإنجاز الكبير حيث تعرف مبدئيا على هذه الشخصية منذ طفولته حينما أهدى له شقيقه الأكبر كتاب ((نهج البلاغة)) وحثه على قراءته بكل جدية.
وقد رسخت في مخيلته تلك الشخصية العظيمة منذ صغره من خلال هذا الكتاب، ورافقته هذه المخيلة حتى دخوله وتخرجه من الكلية البطريركية في بيروت مما حدا به الرجوع إلى قراءة نهج البلاغة من جديد والاعتماد عليه في بحوثه ودراسته حيث كان يدرس الأدب العربي والفلسفة العربية في بعض معاهد بيروت، وقد كان نتاج الإمام علي (ع) الأدبي والفكري مطلوب في المادتين ـ الأدب العربي و الفلسفة العربية ـ كبرنامج مقرر ومقدّم هناك. وعلق على أهمية هذا الكتاب وموقعيته في الفكر الإنساني واعتبره في (القمة) وان جميع القيم والمبادئ السامية التي سعى المفكرون وعلماء الاجتماع إلى إدراكها وإشعاع مفهومها لدى الآدميين عبر عشرات القرون تراها كلها في نهج البلاغة. فقد عمد إلى الارتواء من هذا المنهل العظيم الذي تفيض منه إنسانية الإمام بكل عناصرها ودعائمها فهي عطاء وفير من فكر صاف وشعور عميق بمعنى الوجود الحقيقي ومنطلقا لبث الفضيلة بين الناس والدعوة إلى الأيمان والوحدانية.
وهنا وجد جرادق عمق التقاء القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية، واستكمالا منه في البحث في أعماق المعارف والخوض في منهجية متعلقة بمبادئه وسيرته والإحاطة بها وبكل أنصاف، واستدراكا لما أهمله المؤلفون بحق هذه الشخصية العظيمة، فقد ألف عدة مجلدات منها المجلد الأول بعنوان (علي وحقوق الإنسان) اثبت فيه بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة أن الإمام علي (ع) قد سبق مفكري العالم وأوربا في هذا المجال، والمجلد الثاني بعنوان (بين علي والثورة الفرنسية) أكد فيه سبق الإمام عليه السلام فلاسفة الثورة الكبرى العظام مبينا إن التقاء الإمام (ع) مع فلاسفة الإنسانيين الكبار في خط ومنهج مقارب بالرغم من سبق الإمام (ع) لهم مؤكدا على ذلك في مجلده الثالث بعنوان (علي وسقراط) إلى آخر سلسلته المؤلفة من ستة مجلدات وآخرها يحمل عنوان (روائع النهج).كما ونرى إن استلهام الحقيقة من دوافع الحب والرغبة العميقة التي تأثرت بها نفس هذا المفكر الأديب ما هي إلا نزعة مشوقة في التعرف على شخصية الإمام الجليلة وعبقريته النادرة رغم اختلاف العقيدة والثقافة والفكر الذي يحمله إلا إن انجذابه لها تحقق بجزء بسيط في إيصال الفكرة التي كانت لدى الكثير من الناس عن الإمام
علي (ع) انه قديس مسيحي مشابها للقول والمنهج الذي سار عليه نبي الله عيسى (ع) وهذا ما نجده في تاريخ الأوربي في العصور الوسطى وما كتبوه في الآداب عن الأفكار والمعتقدات في العالم المسيحي أمثال المؤرخ والباحث الفرنسي البارون كاراديفو.
وأما الأدباء والمفكرون المسيحيون العرب فكان لهم النصيب الأوفر في كتابة وفهم هذه الشخصية العظيمة وإبعادها في سيرته ونهجه وما قدمه للإنسانية جمعاء، ومنهم جرجي زيدان وميخائيل نعيمة وعبد المسيح محفوظ وغيرهم في آثارهم النثرية والشعرية.أذن، هكذا عرفوا الإمام (ع) وهكذا كتبوا عنه، وبذلك عرفوا معنى الإسلام وعظمته رغم كل الإساءات والتضليل.
منقول
حيدر الساعدي
وقد رسخت في مخيلته تلك الشخصية العظيمة منذ صغره من خلال هذا الكتاب، ورافقته هذه المخيلة حتى دخوله وتخرجه من الكلية البطريركية في بيروت مما حدا به الرجوع إلى قراءة نهج البلاغة من جديد والاعتماد عليه في بحوثه ودراسته حيث كان يدرس الأدب العربي والفلسفة العربية في بعض معاهد بيروت، وقد كان نتاج الإمام علي (ع) الأدبي والفكري مطلوب في المادتين ـ الأدب العربي و الفلسفة العربية ـ كبرنامج مقرر ومقدّم هناك. وعلق على أهمية هذا الكتاب وموقعيته في الفكر الإنساني واعتبره في (القمة) وان جميع القيم والمبادئ السامية التي سعى المفكرون وعلماء الاجتماع إلى إدراكها وإشعاع مفهومها لدى الآدميين عبر عشرات القرون تراها كلها في نهج البلاغة. فقد عمد إلى الارتواء من هذا المنهل العظيم الذي تفيض منه إنسانية الإمام بكل عناصرها ودعائمها فهي عطاء وفير من فكر صاف وشعور عميق بمعنى الوجود الحقيقي ومنطلقا لبث الفضيلة بين الناس والدعوة إلى الأيمان والوحدانية.
وهنا وجد جرادق عمق التقاء القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية، واستكمالا منه في البحث في أعماق المعارف والخوض في منهجية متعلقة بمبادئه وسيرته والإحاطة بها وبكل أنصاف، واستدراكا لما أهمله المؤلفون بحق هذه الشخصية العظيمة، فقد ألف عدة مجلدات منها المجلد الأول بعنوان (علي وحقوق الإنسان) اثبت فيه بالدلائل القاطعة والبراهين الساطعة أن الإمام علي (ع) قد سبق مفكري العالم وأوربا في هذا المجال، والمجلد الثاني بعنوان (بين علي والثورة الفرنسية) أكد فيه سبق الإمام عليه السلام فلاسفة الثورة الكبرى العظام مبينا إن التقاء الإمام (ع) مع فلاسفة الإنسانيين الكبار في خط ومنهج مقارب بالرغم من سبق الإمام (ع) لهم مؤكدا على ذلك في مجلده الثالث بعنوان (علي وسقراط) إلى آخر سلسلته المؤلفة من ستة مجلدات وآخرها يحمل عنوان (روائع النهج).كما ونرى إن استلهام الحقيقة من دوافع الحب والرغبة العميقة التي تأثرت بها نفس هذا المفكر الأديب ما هي إلا نزعة مشوقة في التعرف على شخصية الإمام الجليلة وعبقريته النادرة رغم اختلاف العقيدة والثقافة والفكر الذي يحمله إلا إن انجذابه لها تحقق بجزء بسيط في إيصال الفكرة التي كانت لدى الكثير من الناس عن الإمام
علي (ع) انه قديس مسيحي مشابها للقول والمنهج الذي سار عليه نبي الله عيسى (ع) وهذا ما نجده في تاريخ الأوربي في العصور الوسطى وما كتبوه في الآداب عن الأفكار والمعتقدات في العالم المسيحي أمثال المؤرخ والباحث الفرنسي البارون كاراديفو.
وأما الأدباء والمفكرون المسيحيون العرب فكان لهم النصيب الأوفر في كتابة وفهم هذه الشخصية العظيمة وإبعادها في سيرته ونهجه وما قدمه للإنسانية جمعاء، ومنهم جرجي زيدان وميخائيل نعيمة وعبد المسيح محفوظ وغيرهم في آثارهم النثرية والشعرية.أذن، هكذا عرفوا الإمام (ع) وهكذا كتبوا عنه، وبذلك عرفوا معنى الإسلام وعظمته رغم كل الإساءات والتضليل.
منقول
حيدر الساعدي
- عبدالرحمن السعوديمشرف سابق
- البلد :
عدد المساهمات : 249
نقاط تميز العضو : 114413
تاريخ التسجيل : 13/07/2009
رد: الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
02/07/10, 06:41 am
على الرغم من جمال الموضوع ووضوحه
يعز عليّ ان أرى( لفظ علي (ع) ثم بعد ذلك لفظ عيسى (ع) )
علي رضي الله عنه ليس مرسلا ولا نبيا على عكس نبي الله عيسى عليه السلام كما انه قد صرح بلفظ علي عليه السلام أعلى المتصفح؟
وحتى لاتختلط المفاهيم على رضي الله عنه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لايحق لنا قول /علي عليه السلام فيتساوى صحابي بني والله أعلم.
يعز عليّ ان أرى( لفظ علي (ع) ثم بعد ذلك لفظ عيسى (ع) )
علي رضي الله عنه ليس مرسلا ولا نبيا على عكس نبي الله عيسى عليه السلام كما انه قد صرح بلفظ علي عليه السلام أعلى المتصفح؟
وحتى لاتختلط المفاهيم على رضي الله عنه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لايحق لنا قول /علي عليه السلام فيتساوى صحابي بني والله أعلم.
- إسماعيل سعديمدير الموقع
- البلد :
الجنس :
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 150754
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
رد: الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
02/07/10, 07:13 pm
شكرا أخي عبد الرحمن السعودي على ملاحظتك القيّمة جدا، فعليّ كرّم الله وجهه لأنّه لم يسجد لصنم أو رضي الله عنهوعلى جميع صحابة النبيّ الكريم .
سرّتنا عودتك أستاذ عبد الرحمن السعودي .
سرّتنا عودتك أستاذ عبد الرحمن السعودي .
رد: الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
03/07/10, 05:37 pm
عبدالرحمن السعودي كتب:على الرغم من جمال الموضوع ووضوحه
يعز عليّ ان أرى( لفظ علي (ع) ثم بعد ذلك لفظ عيسى (ع) )
علي رضي الله عنه ليس مرسلا ولا نبيا على عكس نبي الله عيسى عليه السلام كما انه قد صرح بلفظ علي عليه السلام أعلى المتصفح؟
وحتى لاتختلط المفاهيم على رضي الله عنه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لايحق لنا قول /علي عليه السلام فيتساوى صحابي بني والله أعلم.
ما أجمل هذه الإضافة العظيمة منك سيدي
المقال عن الإمام علي عليه السلام
وليس عن نبي الله عيسى عليه السلام
أما سطورك الأخيرة فلا تعليق
بتولا
- عبدالرحمن السعوديمشرف سابق
- البلد :
عدد المساهمات : 249
نقاط تميز العضو : 114413
تاريخ التسجيل : 13/07/2009
رد: الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
03/07/10, 07:19 pm
بتولا
الكلام واضح جدا وأعلم ان الموضوع عن الإمام علي (رضي الله عنه)ولكن وجه التعليق أتى /على انه لايجوز قول (علي عليه السلام)ثم بعد كلمات قلائل نقول عيسى عليه السلام ,فيتوهم احدنا أن علي رضي الله عنه قد أوحي إليه .
أما السطور الأخير التي لاتعليق عليها من قبلك فأيضا لاتعليق ,وعند ارادة التعلم من الممكن أن نسأل لاأن نقول (لاتعليق).
الكلام واضح جدا وأعلم ان الموضوع عن الإمام علي (رضي الله عنه)ولكن وجه التعليق أتى /على انه لايجوز قول (علي عليه السلام)ثم بعد كلمات قلائل نقول عيسى عليه السلام ,فيتوهم احدنا أن علي رضي الله عنه قد أوحي إليه .
أما السطور الأخير التي لاتعليق عليها من قبلك فأيضا لاتعليق ,وعند ارادة التعلم من الممكن أن نسأل لاأن نقول (لاتعليق).
- عبدالرحمن السعوديمشرف سابق
- البلد :
عدد المساهمات : 249
نقاط تميز العضو : 114413
تاريخ التسجيل : 13/07/2009
رد: الإمام علي في فكر الأديب (جورج جرداق)
03/07/10, 07:23 pm
ما حكم القول عليه السلام للصحابي ؟
استعمال لفظ " عليه السلام " لغير الأنبياء ، فيه خلاف بين أهل العلم ، ملحق بخلافهم في الصلاة عليه انفرادا ، والراجح جوازه إذا فعل أحيانا ، ولم يتخذ شعارا ، يخص به صحابي عمن هو أفضل منه .
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة في كتابه : "جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، ونسب القول بالكراهة إلى ابن عباس وطاووس وعمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة ومالك وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وأصحاب الشافعي .
ونسب القول بالجواز – نقلا عن القاضي أبي يعلى – إلى : الحسن البصري وخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير . قال وهو قول الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأبي ثور ومحمد بن جرير الطبري.
وساق للمانعين عشرة أدلة ، وللمجيزين أربعة عشر دليلا ، وانتهى إلى قوله : " وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي إما أن يكون آله وأزواجه وذريته أو غيرهم ، فإن كان الأول ، فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجائزة مفردة .
وأما الثاني : فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا ، فيقال اللهم صل على ملائكتك المقربين وأهل طاعتك أجمعين .
وإن كان شخصا معينا أو طائفة معينة كُره أن يتخذ الصلاة عليه شعاراً لا يخل به ، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ، ولا سيما إذا جعلها شعارا له ومنع منها نظيره أو من هو خير منه ، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه ، فإنهم حيث ذكروه قالوا عليه الصلاة والسلام ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه ، فهذا ممنوع ، لا سيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به ، فتركه حينئذ متعين .
وأما إن صلى عليه أحيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلي على دافع الزكاة ، وكما قال ابن عمر : للميت صلى الله عليه ، وكما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها ، وكما روي عن علي مِن صلاته على عمر ، فهذا لا بأس به ، وبهذا التفصيل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب ، والله الموفق " انتهى من "جلاء الأفهام" ص (465- 482).
وقال ابن كثير رحمه الله بعد ذكر الخلاف ملخصا هذا الخلاف : " وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث: ( اللهم، صل على محمد وآله وأزواجه وذريته ) ، فهذا جائز بالإجماع ، وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم .
فقال قائلون : يجوز ذلك ، واحتجوا بقوله: ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) ، وبقوله : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) ، وبقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) ، وبحديث عبد الله بن أبي أوْفَى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ( اللهم صل عليهم ) وأتاه أبي بصدقته فقال: ( اللهم صل على آل أبي أوفى ). أخرجاه في الصحيحين. وبحديث جابر: أن امرأته قالت: يا رسول الله، صل عَلَيَّ وعلى زوجي. فقال: ( صلى الله عليكِ وعلى زوجك ) .
وقال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة ؛ لأن هذا قد صار شعارا للأنبياء إذا ذكروا ، فلا يلحق بهم غيرهم ، فلا يقال: قال أبو بكر صلى الله عليه. أوقال : علي صلى الله عليه ، وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: قال محمد عز وجل ، وإن كان عزيزا جليلا ؛ لأن هذا من شعار ذكر الله، عز وجل . وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم ؛ ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبي أوفى ، ولا لجابر وامرأته ، وهذا مسلك حسن.
وقال آخرون: لا يجوز ذلك ؛ لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت من شعار أهل الأهواء ، يصلون على من يعتقدون فيهم ، فلا يقتدى بهم في ذلك ، والله أعلم .
ثم اختلف المانعون من ذلك : هل هو من باب التحريم ، أو الكراهة التنزيهية ، أو خلاف الأولى ؟ على ثلاثة أقوال ، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار ، ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه ؛ لأنه شعار أهل البدع ، وقد نهينا عن شعارهم ، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود . قال أصحابنا : والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في اللسان بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، كما أن قولنا: "عز وجل" ، مخصوص بالله سبحانه وتعالى ، فكما لا يقال: "محمد عز وجل" ، وإن كان عزيزا جليلا لا يقال: "أبو بكر -أو: علي -صلى الله عليه". هذا لفظه بحروفه.
قال [أي النووي]: وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجُوَيني من أصحابنا : هو في معنى الصلاة ، فلا يستعمل في الغائب ، ولا يفرد به غير الأنبياء ، فلا يقال : "علي عليه السلام"، وسواء في هذا الأحياء والأموات ، وأما الحاضر فيخاطب به ، فيقال : سلام عليكم ، أو سلام عليك ، أو السلام عليك أو عليكم . وهذا مجمع عليه. انتهى ما ذكره .
قلت : وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب ، أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: "عليه السلام"، من دون سائر الصحابة، أو: "كرم الله وجهه" وهذا وإن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك ؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه ، رضي الله عنهم أجمعين " انتهى من "تفسير ابن كثير" لقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب/56 .
وقال السفاريني : " هل السلام كالصلاة خلافا ومذهبا أو ليس إلا الإباحة فيجوز أن يقول السلام على فلان وفلان عليه السلام ؟
أما مذهبنا [أي الحنبلي] فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم استقلالا بالأولى . وأما الشافعية فكرهه منهم أبو محمد الجويني فمنع أن يقال فلان عليه السلام . وفرق آخرون بينه وبين الصلاة ، فقالوا : السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب , فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام , وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولهذا يقول المصلي : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " انتهى من "غذاء الألباب" (1/33).
وينظر : الأذكار للنووي ص 274 ، مطالب أولي النهى (1/461) ، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/173) ، الموسوعة الفقهية (27/239).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصلاة على غير الأنبياء تبعاً جائزة بالنص والإجماع لكن الصلاة على غير الأنبياء استقلالاً لا تبعاً هذه موضع خلاف بين أهل العلم هل تجوز أو لا ؟ فالصحيح جوازها ، أن يقال لشخص مؤمن صلى الله عليه وقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عليهم) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على من أتى إليه بزكاته وقال : (اللهم صلى على آل أبي أوفى ) حينما جاؤوا إليه بصدقاتهم ، إلا إذا اتخذت شعاراً لشخص معين كلما ذكر قيل : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز لغير الأنبياء ، مثل لو كنا كلما ذكرنا أبا بكر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عمر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عثمان قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا علياً قلنا : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز أن نتخذ شعاراً لشخص معين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والحاصل أنه لا حرج في الصلاة أو السلام على الصحابي منفردا أحيانا ، بأن يقال : أبو بكر عليه السلام ، أو علي عليه السلام ، بشرط ألا يتخذ ذلك شعارا يخص به صحابي دون من هو أفضل منه .
والله أعلم .
استعمال لفظ " عليه السلام " لغير الأنبياء ، فيه خلاف بين أهل العلم ، ملحق بخلافهم في الصلاة عليه انفرادا ، والراجح جوازه إذا فعل أحيانا ، ولم يتخذ شعارا ، يخص به صحابي عمن هو أفضل منه .
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على هذه المسألة في كتابه : "جلاء الأفهام في فضل الصلاة على محمد خير الأنام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" ، ونسب القول بالكراهة إلى ابن عباس وطاووس وعمر بن عبد العزيز وأبي حنيفة ومالك وسفيان بن عيينة وسفيان الثوري وأصحاب الشافعي .
ونسب القول بالجواز – نقلا عن القاضي أبي يعلى – إلى : الحسن البصري وخصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير . قال وهو قول الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وأبي ثور ومحمد بن جرير الطبري.
وساق للمانعين عشرة أدلة ، وللمجيزين أربعة عشر دليلا ، وانتهى إلى قوله : " وفصل الخطاب في هذه المسألة أن الصلاة على غير النبي إما أن يكون آله وأزواجه وذريته أو غيرهم ، فإن كان الأول ، فالصلاة عليهم مشروعة مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وجائزة مفردة .
وأما الثاني : فإن كان الملائكة وأهل الطاعة عموما الذين يدخل فيهم الأنبياء وغيرهم جاز ذلك أيضا ، فيقال اللهم صل على ملائكتك المقربين وأهل طاعتك أجمعين .
وإن كان شخصا معينا أو طائفة معينة كُره أن يتخذ الصلاة عليه شعاراً لا يخل به ، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ، ولا سيما إذا جعلها شعارا له ومنع منها نظيره أو من هو خير منه ، وهذا كما تفعل الرافضة بعلي رضي الله عنه ، فإنهم حيث ذكروه قالوا عليه الصلاة والسلام ولا يقولون ذلك فيمن هو خير منه ، فهذا ممنوع ، لا سيما إذا اتخذ شعارا لا يخل به ، فتركه حينئذ متعين .
وأما إن صلى عليه أحيانا بحيث لا يجعل ذلك شعارا كما صلي على دافع الزكاة ، وكما قال ابن عمر : للميت صلى الله عليه ، وكما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على المرأة وزوجها ، وكما روي عن علي مِن صلاته على عمر ، فهذا لا بأس به ، وبهذا التفصيل تتفق الأدلة وينكشف وجه الصواب ، والله الموفق " انتهى من "جلاء الأفهام" ص (465- 482).
وقال ابن كثير رحمه الله بعد ذكر الخلاف ملخصا هذا الخلاف : " وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كانت على سبيل التبعية كما تقدم في الحديث: ( اللهم، صل على محمد وآله وأزواجه وذريته ) ، فهذا جائز بالإجماع ، وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم .
فقال قائلون : يجوز ذلك ، واحتجوا بقوله: ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) ، وبقوله : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) ، وبقوله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ) ، وبحديث عبد الله بن أبي أوْفَى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ( اللهم صل عليهم ) وأتاه أبي بصدقته فقال: ( اللهم صل على آل أبي أوفى ). أخرجاه في الصحيحين. وبحديث جابر: أن امرأته قالت: يا رسول الله، صل عَلَيَّ وعلى زوجي. فقال: ( صلى الله عليكِ وعلى زوجك ) .
وقال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة ؛ لأن هذا قد صار شعارا للأنبياء إذا ذكروا ، فلا يلحق بهم غيرهم ، فلا يقال: قال أبو بكر صلى الله عليه. أوقال : علي صلى الله عليه ، وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: قال محمد عز وجل ، وإن كان عزيزا جليلا ؛ لأن هذا من شعار ذكر الله، عز وجل . وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم ؛ ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبي أوفى ، ولا لجابر وامرأته ، وهذا مسلك حسن.
وقال آخرون: لا يجوز ذلك ؛ لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت من شعار أهل الأهواء ، يصلون على من يعتقدون فيهم ، فلا يقتدى بهم في ذلك ، والله أعلم .
ثم اختلف المانعون من ذلك : هل هو من باب التحريم ، أو الكراهة التنزيهية ، أو خلاف الأولى ؟ على ثلاثة أقوال ، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار ، ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه ؛ لأنه شعار أهل البدع ، وقد نهينا عن شعارهم ، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود . قال أصحابنا : والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في اللسان بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، كما أن قولنا: "عز وجل" ، مخصوص بالله سبحانه وتعالى ، فكما لا يقال: "محمد عز وجل" ، وإن كان عزيزا جليلا لا يقال: "أبو بكر -أو: علي -صلى الله عليه". هذا لفظه بحروفه.
قال [أي النووي]: وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجُوَيني من أصحابنا : هو في معنى الصلاة ، فلا يستعمل في الغائب ، ولا يفرد به غير الأنبياء ، فلا يقال : "علي عليه السلام"، وسواء في هذا الأحياء والأموات ، وأما الحاضر فيخاطب به ، فيقال : سلام عليكم ، أو سلام عليك ، أو السلام عليك أو عليكم . وهذا مجمع عليه. انتهى ما ذكره .
قلت : وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب ، أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: "عليه السلام"، من دون سائر الصحابة، أو: "كرم الله وجهه" وهذا وإن كان معناه صحيحا ، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك ؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه ، رضي الله عنهم أجمعين " انتهى من "تفسير ابن كثير" لقوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) الأحزاب/56 .
وقال السفاريني : " هل السلام كالصلاة خلافا ومذهبا أو ليس إلا الإباحة فيجوز أن يقول السلام على فلان وفلان عليه السلام ؟
أما مذهبنا [أي الحنبلي] فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم استقلالا بالأولى . وأما الشافعية فكرهه منهم أبو محمد الجويني فمنع أن يقال فلان عليه السلام . وفرق آخرون بينه وبين الصلاة ، فقالوا : السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب , فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام , وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولهذا يقول المصلي : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " انتهى من "غذاء الألباب" (1/33).
وينظر : الأذكار للنووي ص 274 ، مطالب أولي النهى (1/461) ، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (2/173) ، الموسوعة الفقهية (27/239).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والصلاة على غير الأنبياء تبعاً جائزة بالنص والإجماع لكن الصلاة على غير الأنبياء استقلالاً لا تبعاً هذه موضع خلاف بين أهل العلم هل تجوز أو لا ؟ فالصحيح جوازها ، أن يقال لشخص مؤمن صلى الله عليه وقد قال الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عليهم) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على من أتى إليه بزكاته وقال : (اللهم صلى على آل أبي أوفى ) حينما جاؤوا إليه بصدقاتهم ، إلا إذا اتخذت شعاراً لشخص معين كلما ذكر قيل : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز لغير الأنبياء ، مثل لو كنا كلما ذكرنا أبا بكر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عمر قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا عثمان قلنا : صلى الله عليه ، أو كلما ذكرنا علياً قلنا : صلى الله عليه ، فهذا لا يجوز أن نتخذ شعاراً لشخص معين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والحاصل أنه لا حرج في الصلاة أو السلام على الصحابي منفردا أحيانا ، بأن يقال : أبو بكر عليه السلام ، أو علي عليه السلام ، بشرط ألا يتخذ ذلك شعارا يخص به صحابي دون من هو أفضل منه .
والله أعلم .
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى