مرسى الباحثين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شخصيات سياسية Support
دخول

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 17 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 17 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد - 7229
7229 المساهمات
بتول - 4324
4324 المساهمات
3758 المساهمات
foufou90 - 3749
3749 المساهمات
1932 المساهمات
1408 المساهمات
1368 المساهمات
1037 المساهمات
973 المساهمات
535 المساهمات

اذهب الى الأسفل
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty شخصيات سياسية

10/06/10, 01:41 pm
تعريف وفكر وسيّر ومنجزات وإسهامات أهم الشخصيات السياسية العربية والاسلامية والدولية البارزه..

ابن خلدون


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المؤرخ الشهير ورائد علم الاجتماع الحديث الذي ترك تراثا مازال تأثيره ممتدا حتى اليوم. ولد في تونس عام 1332 وعاش في اقطار ( شمال افريقيا) أسرة ابن خلدون أسرة ذات نفوذ في إشبيلية في الأندلس تنحدر من أصل يمني حيث كانت تعيش في حضرموت في الهجرين، عقب بداية سقوط الأندلس بيد الإسبان، هاجر بنو خلدون إلى تونس التي كانت تحت حكم الحفصيين.

يعد من كبار العلماء الذين انجتبهم شمال افريقيا، اذ قدم نظريات كثيرة جديدة في علمي الاجتماع والتاريخ ، بشكل خاص في كتابيه : العبر والمقدمة. وقد عمل في التدريس في بلاد المغرب ، بجامعة القرويين في فاس ،ثم في الجامع الازهر في القاهرة ، والمدرسة الظاهرية، وغيرها من محافل المعرفة التي كثرت في ارجاء العالم الاسلامي المختلفة خلال القرن الثالث عشر نظراً لحض الدين الإسلامي الحنيف للناس على طلب العلم. وقد عمل ابن خلدون في مجال القضاء اكثر من مرة ، وحاول تحقيق العدالة الاجتماعية في الاحكام التي اصدرها. ونحن نقتطف وصفه لمعاناته في هذا المجال في كتاب مذكراته التعريف بابن خلدون.

حكمة ابن خلدون

امتاز ابن خلدون بسعة اطلاعه على ما كتبه الأقدمون وعلى أحوال البشر وقدرته على استعراض الآراء ونقدها، ودقة الملاحظة مع حرية في التفكير وإنصاف أصحاب الآراء المخالفة لرأيه. وقد كان لخبرته في الحياة السياسية والإدارية وفي القضاء، إلى جانب أسفاره الكثيرة في شمالي إفريقية وغربيها إلى مصر والحجاز والشام، أثر بالغ في موضوعية وعلمية كتاباته عن التاريخ وملاحظاته.

الغرب وابن خلدون

كثير من الكتاب الغربيين وصفو سرد أبن خلدون للتاريخ بانة أول سرد لا ديني للتاريخ ، وهو لة تقدير كبير عندهم.

حياته

ربما تكون ترجمة حياة ابن خلدون من أكثر ترجمات شخصيات التاريخ الإسلامي توثيقا بسبب المؤلف الذي وضعه ابن خلدون ليؤرخ لحياته و تجاربه و دعاه التعريف بابن خلدون ورحلته شرقا و غربا ، تحدث ابن خلدون في هذا الكتاب عن الكثير من تفاصيل حياته المهنية في مجال السياسة و التأليف و الرحلات لكنه لم يضمنها كثيرا تفاصيل حياته الشخصية و العائلية .

كان المغرب العربي أيام ابن خلدون بعد سقوط دولة الموحدين تحكمه ثلاثة أسر : المغرب كان تحت سيطرة المرينيين (1196 - 1464 ), غرب الجزائر كان تحت سيطرة آل عبد الودود (1236 - 1556 ), تونس و شرقي الجزائر و برقة تحت سيطرة الحفصيين (1228 - 1574 ). التصارع بين هذه الدول الثلاث كان على أشده للسيطرة ما أمكن على أراضي الشمال الإفريقي .

ابن خلدون يقابل تيمورلنك

وحينما جاءت الأنباء بانقضاض جيوش تيمور لنك على الشام واستيلائه على "حلب"، ذهب ابن خلدون لمقابلة "تيمور لنك" يحمل إليه الهدايا، ويطلب منه الأمان للقضاة والفقهاء على بيوتهم وحرمهم. فمات متاترا بجروح اتناء مزاولته لاحدى الانشطة الموسيقية في احدى سهراته

وظائف تولاها

كان ابن خلدون دبلوماسياً حكيماً ايضاً . وقد أُرسل في اكثر من وظيفة دبلوماسية لحل النزاعات بين زعماء الدول مثلاً: عينه السلطان محمد بن الاحمر سفيراً له إلى امير قشتالة للتوصل لعقد صلح بينهما ..
وبعد ذلك بأعوام استعان به اهل دمشق لطلب الامان من الحاكم المغولي القاسي تيمورلنك ، وتم اللقاء بينهما . ونحن في الصفحات التالية نقتطف ايضاً وصف ابن خلدون لذلك اللقاء في مذكراته. اذ يصف ما رآه من طباع الطاغية ، ووحشيته في التعامل مع المدن التي يفتحها ، ويقدم تقييماً متميزاً لكل ما شاهد في رسالة خطها لملك المغرب.
الخصال الاسلامية لشخصية ابن خلدون ، اسلوبه الحكيم في التعامل مع تيمور لنك مثلاً، وذكائه وكرمه ، وغيرها من الصفات التي ادت في نهاية المطاف لنجاته من هذه المحنة، تجعل من التعريف عملاً متميزاً عن غيره من نصوص ادب المذكرات العربية والعالمية. فنحن نرى هنا الملامح الاسلامية لعالم كبير واجه المحن بصبر وشجاعة وذكاء ولباقة.

وفاته

وتوفي في مصر عام 1406، و دفن في مقابر الصوفية عند باب النصر شمال القاهرة
أحمد الحسيني عرابي

قائد عسكري وزعيم مصري، ولد في 1 ابريل 1841. قاد الثورة العرابية ضد الخديوي توفيق، شغل منصب وزير دفاع (وزيرالجهادية في حينها) ثم رئيس وزراء مصر. وتوفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911.

المولد والنشأة

ولد عرابي في 1 ابريل 1841 في قرية هـرية رزنة بمحافظة الشرقية. عندما شب عن الطوق، أرسله والده الذي كان عمدة القرية إلى التعليم الديني ثم التحق بالمدرسة الحربية.

ارتقى أحمد عرابي سلم الرتب العسكرية بسرعة حيث أصبح نقيبا في سن العشرين.

ازداد التدخل الأجنبي في شؤون مصر، وحنق رجال الجيش لاضطهاد الأحرار الوطنيين، إضافة إلى عدم السماح لضباط الجيش المصريين، بأن يتجاوزوا في الترقية رتبًا معينة.

تولى عرابي في هذا الجو، زعامة الوطنيين في الجيش، وتوثَّقت العلاقة بينه وبين الزعماء السياسيين وضباط الجيش، فأوكلوا إليه رفع مطالبهم التي تتلخص في: إقامة الحياة النيابية في البلاد، ووقف التدخل الأجنبي.

أدخل الخديوي إسماعيل الجيش المصري سلسلة من المغامرات العسكرية الفاشلة في الحبشة وحرب القرم والمكسيك لأسباب سياسية خائبة و تحت إمرة مرتزقة غربيين يفتقدون الخبرة العسكرية. تلك المغامرات العسكرية أنهكت و حطمت الجيش المصري وأفقدته التأييد الشعبي وأثقلت كاهل الخـزانة المصرية بالديون (مما أدى إلى إشهار إفلاس مصر وهي الحالة الوحيدة في تاريخ الاقتصاد العالمي) و أكسـبت مصـر من الأعداء ما كانت في غنى عنه. :

والحملات هي :

- الحملة الفاشلة على الحبشة في 1875 - 1876 (حملة الحبشة) تحت قيادة جنرالات الجنوب الأمريكي (الكونفدرالي) المدحورين في الحرب الأهلية الأمريكية.
- حرب القرم
- حرب المكسيك

الثورة العرابية سميت آنذاك هوجة عرابي.

واثر قرار طرد الضباط المصريين من الجيش المصري
قاد عرابي مظاهرة سلمية إلى ميدان عابدين (1881م) مع فرق الجيش، يحيط بهم آلاف من أفراد الشعب، وقدم للخديوي ومستشاريه ورئيس الوزراء والمندوب الإنجليزي، مطالب الشعب والجيش، وتتلخص في: عزل رئيس الوزراء، وتأليف مجلس نواب، وزيادة عدد الجيش وتقويته، ليصبح قادرًا على الدفاع عن البلاد.

فكان رد الخديوي:

كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.

فأجابه عرابي:

لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.

استجاب الخديوي لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا من رئاسة الوزارة، وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، وكان رجلا كريمًا مشهودًا له بالوطنية والاستقامة، فألف وزارته في (19 شوال 1298 هـ = 14 سبتمبر 1881م)، وسعى لوضع دستور للبلاد، ونجح في الانتهاء منه وعرضه على مجلس النواب الذي أقر معظم مواده، ثم عصف بهذا الجهد تدخل إنجلترا وفرنسا في شئون البلاد، وتأزمت الأمور، وتقدم "شريف باشا" باستقالته في (2 من ربيع الآخر 1299 هـ = 2 فبراير 1882 م).

وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، وشغل عرابي فيها منصب "وزير الجهادية" (الدفاع)، وقوبلت وزارة "البارودي" بالارتياح والقبول من مختلف الدوائر العسكرية والمدنية؛ لأنها كانت تحقيقًا لرغبة الأمة، ومعقد الآمال، وكانت عند حسن الظن، فأعلنت الدستور، وصدر المرسوم الخديوي به في (18 ربيع الأول 1299 هـ = 7 فبراير 1882 م).

غير أن هذه الخطوة الوليدة إلى الحياة النيابية تعثرت بعد نشوب الخلاف بين الخديوي ووزارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية، ولم يجد هذا الخلاف مَن يحتويه من عقلاء الطرفين، فاشتدت الأزمة، وتعقد الحل، ووجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديوي ووزرائه فرصة للتدخل في شئون البلاد، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من الأخطار.

ولم يكد يحضر الأسطولان الإنجليزي والفرنسي إلى مياه الإسكندرية حتى أخذت الدولتان تخاطبان الحكومة المصرية بلغة التهديد والبلاغات الرسمية، ثم تقدم قنصلا الدولتين إلى البارودي بمذكرة مشتركة في (7 رجب 1299 هـ = 25 مايو 1882 م) يطلبان فيها استقالة الوزارة، وإبعاد عرابي وزير الجهادية عن القطر المصري مؤقتًا مع احتفاظه برتبه ومرتباته، وإقامة "علي باشا فهمي" و"عبد العال باشا حلمي" –وهما من زملاء عرابي وكبار قادة الجيش- في الريف مع احتفاظهما برتبتيهما ومرتبيهما.

وكان رد وزارة البارودي رفض هذه المذكرة باعتبارها تدخلا مهينًا في شئون البلاد الداخلية، وطلبت من الخديوي توفيق التضامن معها في الرفض؛ إلا أنه أعلن قبوله لمطالب الدولتين، وإزاء هذا الموقف قدم البارودي استقالته من الوزارة، فقبلها الخديوي.

بقاء عرابي في منصبه

غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد، غير أن الأمور في البلاد ازدادت سوءًا بعد حدوث مذبحة الإسكندرية في (24 رجب 1299 هـ = 11 يونيو 1882م)، وكان سببها قيام مكاري (مرافق لحمار نقل) من مالطة من رعايا بريطانيا بقتل أحد المصريين، فشب نزاع تطور إلى قتال سقط خلاله العشرات من الطرفين قتلى وجرحى.

وعقب الحادث تشكلت وزارة جديدة ترأسها "إسماعيل راغب"، وشغل "عرابي" فيها نظارة الجهادية، وقامت الوزارة بتهدئة النفوس، وعملت على استتباب الأمن في الإسكندرية، وتشكيل لجنة للبحث في أسباب المذبحة، ومعاقبة المسئولين عنها.

قصف الإسكندرية

ولما كانت إنجلترا قد بيتت أمرًا، فقد أعلنت تشككها في قدرة الحكومة الجديدة على حفظ الأمن، وبدأت في اختلاق الأسباب للتحرش بالحكومة المصرية، ولم تعجز في البحث عن وسيلة لهدفها، فانتهزت فرصة تجديد قلاع الإسكندرية وتقوية استحكاماتها، وإمدادها بالرجال والسلاح، وأرسلت إلى قائد حامية الإسكندرية إنذارًا في (24 شعبان 1299 هـ = 10 يوليو 1882 م) بوقف عمليات التحصين والتجديد، وإنزال المدافع الموجودة بها.

ولما رفض الخديوي ومجلس وزرائه هذه التهديدات، قام الأسطول الإنجليزي في اليوم التالي بضرب الإسكندرية وتدمير قلاعها، وواصل الأسطول القصف في اليوم التالي، فاضطرت المدينة إلى التسليم ورفع الأعلام البيضاء، واضطر أحمد عرابي إلى التحرك بقواته إلى "كفر الدوار"، وإعادة تنظيم جيشه.

وبدلاً من أن يقاوم الخديوي المحتلين، استقبل في قصر الرمل بالإسكندرية الأميرال بوشامب سيمور قائد الأسطول البريطاني، وانحاز إلى الإنجليز، وجعل نفسه وسلطته الحكومية رهن تصرفهم حتى قبل أن يحتلوا الإسكندرية. فأثناء القتال أرسل الإنجليز ثلة من جنودهم ذوي الجاكتات الزرقاء لحماية الخديوي أثناء انتقاله من قصر الرمل إلى قصر التين عبر شوارع الإسكندرية المشتعلة. ثم أرسل الخديوي إلى أحمد عرابي في كفر الدوار يأمره بالكف عن الاستعدادات الحربية، ويحمّله تبعة ضرب الإسكندرية، ويأمره بالمثول لديه في قصر رأس التين؛ ليتلقى منه تعليماته.

مواجهة الخديوي ورفض قراراته

رفض عرابي الانصياع للخديوي بعد موقفه المخزي، وبعث إلى جميع أنحاء البلاد ببرقيات يتهم فيها الخديوي بالانحياز إلى الإنجليز، ويحذر من اتباع أوامره، وأرسل إلى "يعقوب سامي باشا" وكيل نظارة الجهادية يطلب منه عقد جمعية وطنية ممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر في الموقف المتردي وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية في (غرة رمضان 1299هـ= 17 يوليو 1882م)، وكان عدد المجتمعين نحو أربعمائة، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية ما دامت بوارج الإنجليز في السواحل، وجنودها يحتلون الإسكندرية.

وكان رد فعل الخديوي على هذا القرار هو عزل عرابي من منصبه، وتعيين "عمر لطفي" محافظ الإسكندرية بدلا منه، ولكن عرابي لم يمتثل للقرار، واستمر في عمل الاستعدادات في كفر الدوار لمقاومة الإنجليز. بعد انتصار عرابي في معركة كفر الدوار أرسل عرابي إلى يعقوب سامي يدعوه إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية للنظر في قرار العزل.

وفي (6 رمضان 1299 هـ = 22 يوليو 1882 م) عُقِد اجتماع في وزارة الداخلية، حضره نحو خمسمائة من الأعضاء، يتقدمهم شيخ الأزهر وقاضي قضاة مصر ومُفتيها، ونقيب الأشراف، وبطريرك الأقباط، وحاخام اليهود والنواب والقضاة والمفتشون، ومديرو المديريات، وكبار الأعيان وكثير من العمد، فضلا عن ثلاثة من أمراء الأسرة الحاكمة.

وفي الاجتماع أفتى ثلاثة من كبار شيوخ الأزهر، وهم "محمد عليش" و"حسن ألعدوي"، و"الخلفاوي" بمروق الخديوي عن الدين؛ لانحيازه إلى الجيش المحارب لبلاده، وبعد مداولة الرأي أصدرت الجمعية قرارها بعدم عزل عرابي عن منصبه، ووقف أوامر الخديوي ونظّاره وعدم تنفيذها؛ لخروجه عن الشرع الحنيف والقانون المنيف.

معركة القصاصين

في 28 أغسطس 1882 أثناء تقدم الجيش البريطاني غربا في محافظة الإسماعيلية بقيادة جنرال جراهام حوصر من قبل الأهالي العزل فطلب الإمداد بمزيد من الذخيرة في الساعة 4:30 عصرا فوصلته الساعة 8:45 مساءا مما مكنه من القيام بمذبحة كبيرة بين الأهالي. [1]

معركة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية

في 13 سبتمبر 1882 (الموافق 29 شوال 1299هـ) الساعة 1:30 صباحا واستغرقت أقل من 30 دقيقة. الإنجليز فاجأوا القوات المصرية المتمركزة في مواقعها منذ أيام والتي كانت نائمة وقت الهجوم. والقي القبض على أحمد عرابي قبل أن يكمل ارتداء حذائه العسكري (حسب اعترافه أثناء رحلة نفيه إلى سيلان)

عقب المعركة قال الجنرال جارنت ولسلي قائد القوات البريطانية أن معركة التل الكبير كانت مثال نموذجي لمناورة تم التخطيط الجيد لها مسبقا في لندن و كان التنفيذ مطابقا تماما كما لو كان الأمر كله لعبة حرب Kriegspiel . إلا أنه أردف أن المصريون "أبلوا بلاءاً حسناً" كما تشي خسائر الجيش البريطاني.

اختار ولسلي الهجوم الليلي لتجنب القيظ ولمعرفته بتفشي العشى الليلي (night blindness) بشكل وبائي بين الجنود المصريين إلا انه لاحظ أن الجنود النوبيين والسودانيين لم يعانوا من هذا المرض.

واصلت القوات البريطانية تقدمها السريع إلى الزقازيق حيث أعادت تجمعها ظهر ذلك اليوم ثم استقلت القطار (سكك حديد مصر) إلى القاهرة التي استسلمت حاميتها بالقلعة عصـر نفس اليوم. و كان ذلك بداية الاحتلال البريطاني لمصر الذي دام 72 عاماً.

المحاكمة

احتجز أحمد عرابي في ثكنات العباسية مع نائبه طلبة باشا حتى انعقدت محاكمته في 3 ديسمبر 1882 والتي قضت بإعدامه. تم تخفيف الحكم بعد ذلك مباشرة (بناءا على اتفاق مسبق بين سلطة الإحتلال البريطاني والقضاة المصريين) إلى النفي مدى الحياة إلى سرنديب (سيلان). انتقل السفير البريطاني لدى الباب العالي، لورد دوفرن، إلى القاهرة كأول مندوب سامي - حيث أشرف على محاكمة أحمد عرابي وعلى عدم اعدامه.

النفي إلى سريلانكا

قام الأسطول البريطاني بنفيه هو وزملائه عبدالله النديم و محمود سامي البارودي إلى سريلانكا حيث استقروا بمدينة كولومبو لمدة 7 سنوات. بعد ذلك نقل أحمد عرابي و البارودي إلى مدينة كاندي بذريعة خلافات دبت بين رفاق الثورة.

ارسل أحمد عرابي اعتذارات عدة إلى الملكة فيكتوريا انتهت بموافقة البريطانيين عام 1903 على العفو عنه واعادته إلى مصر.

العودة إلى مصر

لدى عودته من المنفى عام 1903 أحضر أحمد عرابي شجرة المانجو (المانجو) إلى مصر لأول مرة.
توفي في القاهرة في 21 سبتمبر 1911.
أنور السادات

نبذة عنه

ولد الرئيس السادات فى 25 ديسمبر سنة 1918 بقرية ميت ابو الكوم بمحافظة المنوفية.

تلقى تعليمه الأول في كتاب القرية على يد الشيخ عبد الحميد عيسى. ثم انتقل إلي مدرسة الأقباط الابتدائية بطوخ دلكا وحصل منها على الشهادة الابتدائية.

عام 1935
ألتحق بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا.

عام 1945
مع انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 سقطت الأحكام العرفية وبسقوط الأحكام العرفية عاد السادات إلى بيته بعد ثلاث سنوات من المطاردة والحرمان.

التقى السادات في تلك الفترة بالجمعية السرية التي قررت اغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوفد " 4 فبراير 1942 - 8 أكتوبر 1944 " ورئيس جمعية الصداقة المصرية البريطانية لتعاطفه الشديد مع الإنجليز ، وعلى أثر اغتيال أمين عثمان عاد السادات مرة أخرى وأخيرة إلى السجن وفى الزنزانة "54" في سجن قرميدان واجه السادات أصعب محن السجن بحبسه انفراديا ، غير أنه هرب المتهم الأول في قضية " حسين توفيق " وبعدم ثبوت الأدلة الجنائية سقطت التهمة عن السادات فأفرج عنه.

بعد ذلك عمل السادات مراجعا" صحفيا بمجلة المصور حتى ديسمبر 1948.

عام 1949
في هذا العام انفصل عن زوجته الأولى و تقدم لخطبة السيدة جيهان صفوت رؤف وما بين الخطبة وإتمام زواجه سنة 1949 عمل السادات بالأعمال الحرة مع صديقه حسن عزت.

عام 1950
عاد السادات إلى عمله بالجيش بمساعدة زميله القديم الدكتور يوسف رشاد الطبيب الخاص بالملك فاروق.

عام 1951
تكونت الهيئة التأسيسية للتنظيم السري في الجيش والذي عرف فيما بعد بتنظيم الضباط الأحرار فأنضم السادات إليها ، وتطورت الأحداث في مصر بسرعة فائقة بين عامي 1951 - 1952 ، فألفت حكومة الوفد " يناير 1950 - يناير 1952 " معاهدة 1936 بعدها اندلع حريق القاهرة الشهير في يناير 1952 و أقال الملك وزارة النحاس الأخيرة

عام 1952
وفى ربيع هذا العام أعدت قيادة تنظيم الضباط الأحرار للثورة ، وفى 21 يوليو أرسل جمال عبد الناصر إلى أنور السادات في مقر وحدته بالعريش يطلب إليه الحضور إلى القاهرة للمساهمة في ثورة الجيش على الملك والإنجليز.

قامت الثورة و أذاع أنور السادات بصوته بيان الثورة،بعدها أسند إلي السادات مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق.

عام 1953
في هذا العام أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية وأسند إلي السادات مهمة رئاسة تحرير هذه الجريدة.

عام 1954
ومع أول تشكيل وزاري لحكومة الثورة تولي السادات منصب وزير دولة في سبتمبر 1954 .

عام 1957
انتخب عضوا بمجلس الامة عن دائرة تلا ولمدة ثلاث دورات .

عام 1960
أنتخب رئيسا لمجلس الأمة من 21-7-1960 إلي 27-9-1961، ورئيسا" للأمة للفترة الثانية من 29-3-1964 إلى 12-11-1968.

عام 1961
عين رئيسا" لمجلس التضامن الأفرو أسيوى.

عام 1969
اختاره الزعيم جمال عبد الناصر نائبا له حتى يوم 28 سبتمبر 1970.

استمرت فترة ولاية الرئيس السادات لمصر 11 عاماً ، خلالها اتخذ السادات عدة قرارات تاريخية خطيرة هزت العالم وأكد بعضها الآخر على صلابة السادات في مواجهة الأحداث ومرونته الفائقة على تفادي مصر المخاطر الجسيمة ، حيث بني إستراتيجية في اتخاذ القرار على قاعدة تاريخية منسوبة إليه وهى " لا يصح إلا الصحيح ".

عام 1971
أتخذ الرئيس السادات قراراً حاسماً بالقضاء على مراكز القوى فى مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح في 15 مايو 1971 فخلص الإنسان المصري من قبضة أساطير الاستبداد التي كانت تتحكم في مصيره ، وفى نفس العام أصدر السادات دستوراً جديداً لمصر.

عام 1972
قام السادات بالاستغناء عن 17000 خبير روسي في أسبوع واحد لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر حتى إذا ما كسب المصريون المعركة لا ينسب الفضل إلى غيرهم.

عام 1973
أقدم السادات على اتخاذ اخطر القرارات المصيرية له ولبلاده وهو قرار الحرب ضد اسرائيل ، وهى الحرب التي اعد لها السادات منذ اليوم الأول لتوليه الحكم في أكتوبر 1970 فقاد مصر الى أول انتصار عسكري في العصر الحديث .

عام 1974
قرر السادات رسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم فكان قرار الانفتاح الاقتصادي .

عام 1975
أستكمل مسيرة انفتاح مصر على العالم فكان قراره بعودة الملاحة إلى قناة السويس وربط مصر بكل بقاع العالم فانشأ بذلك السادات مورداً جديداً يضخ الأرباح الوفيرة في شرايين الاقتصاد المصري.

عام 1976
وبعد فترة طويلة من خضوع الإنسان المصري لسلطة الفرد المطلقة أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية التي بشرت بها ثورة يوليو ولم تتمكن من تطبيقها ، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية ، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسي وهو الحزب الوطني الديمقراطي كأول مولود حزبي كامل النمو بعد ثورة يوليو ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحدوي التقدمي وغيرها.

عام 1977
أتخذ الرئيس قراره الحكيم والشجاع الذي اهتزت له أركان الدنيا بزيارة القدس ليمنح بذلك السلام هبة منه لشعبه وعدوه في آن واحد ، ويدفع بيده عجلة السلام بين مصر وإسرائيل.

عام 1978
قام السادات برحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التفاوض لاسترداد الأرض وتحقيق السلام كمطلب شرعي لكل إنسان وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام في كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.

عام 1979
وقع الرئيس السادات معاهدة السلام مع إسرائيل.

عام 1980
جنت مصر أولى ثمار جهاد السادات من أجل السلام بعودة العريش وثلثي سيناء إلى أحضان مصر مرة أخرى بعد احتلال دام أربعة عشر عاماً.

وفى يوم الاحتفال بذكرى النصر يوم السادس من أكتوبر 1981 وقعت الخيانة البشعة واغتالت يدي الإرهاب القاسم برصاصها القائد والزعيم محمد أنور السادات بطل الحرب وصانع السلام.

أهم انجازاته

6 أكتوبر 1973
نجاح القوات المسلحة المصرية فى عبور قناة السويس الى سيناء وإلاستيلاء على الشاطىء الشرقى للقناة.
من مؤلفاته:القاعدة الشعبية،صفحات مجهولة ،اسرار الثورة المصرية، قصة الوحدة العربية ،قصة الثورة كاملة ،معنى الاتحاد القومي .......

محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:44 pm
الرئيس جمال عبد الناصر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


السيرة الذاتية
ولد جمال عبد الناصر في ١٥ يناير ١٩١٨ في ١٨ شارع قنوات في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منزل جمال عبد الناصر بحى باكوس بالإسكندرية

كان جمال عبد الناصر الابن الأكبر لعبد الناصر حسين الذي ولد في عام ١٨٨٨ في قرية بني مر في صعيد مصر في أسره من الفلاحين، ولكنه حصل على قدر من التعليم سمح له بأن يلتحق بوظيفة في مصلحة البريد بالإسكندرية، وكان مرتبه يكفى بصعوبة لسداد ضرورات الحياة .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الابتدائية:
التحق جمال عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبه في عامي ١٩٢٣ ، ١٩٢٤ .

وفى عام ١٩٢٥ دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة وأقام عند عمه خليل حسين في حي شعبي لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالخطاطبه في العطلات المدرسية، وحين وصل في الإجازة الصيفية في العام التالي – ١٩٢٦ – علم أن والدته قد توفيت قبل ذلك بأسابيع ولم يجد أحد الشجاعة لإبلاغه بموتها، ولكنه اكتشف ذلك بنفسه بطريقة هزت كيانه – كما ذكر لـ "دافيد مورجان" مندوب صحيفة "الصنداى تايمز" – ثم أضاف: "لقد كان فقد أمي في حد ذاته أمراً محزناً للغاية، أما فقدها بهذه الطريقة فقد كان صدمة تركت في شعوراً لا يمحوه الزمن. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضاً بالغاً في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين ".

وبعد أن أتم جمال السنة الثالثة في مدرسة النحاسين بالقاهرة، أرسله والده في صيف ١٩٢٨ عند جده لوالدته فقضى السنة الرابعة الابتدائية في مدرسة العطارين بالإسكندرية .

جمال عبد الناصر فى المرحلة الثانوية:
التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٢٩ بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاماً واحداً، ثم نقل في العام التالي – ١٩٣٠ – إلى مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية بعد أن انتقل والده إلى العمل بمصلحة البوسطة هناك .

وفى تلك المدرسة تكون وجدان جمال عبد الناصر القومي؛ ففي عام ١٩٣٠ استصدرت وزارة إسماعيل صدقي مرسوماً ملكياً بإلغاء دستور ١٩٢٣ فثارت مظاهرات الطلبة تهتف بسقوط الاستعمار وبعودة الدستور.

ويحكى جمال عبد الناصر عن أول مظاهرة اشترك فيها: "كنت أعبر ميدان المنشية في الإسكندرية حين وجدت اشتباكاً بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات من البوليس، ولم أتردد في تقرير موقفي؛ فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شئ عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، ولقد شعرت أنني في غير حاجة إلى سؤال؛ لقد رأيت أفراداً من الجماهير في صدام مع السلطة، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادى للسلطة.

ومرت لحظات سيطرت فيها المظاهرة على الموقف، لكن سرعان ما جاءت إلى المكان الإمدادات؛ حمولة لوريين من رجال البوليس لتعزيز القوة، وهجمت علينا جماعتهم، وإني لأذكر أنى – في محاولة يائسة – ألقيت حجراً، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية.

ولما كنت في قسم البوليس، وأخذوا يعالجون جراح رأسي؛ سألت عن سبب المظاهرة، فعرفت أنها مظاهرة نظمتها جماعة مصر الفتاة في ذلك الوقت للاحتجاج على سياسة الحكومة.
وقد دخلت السجن تلميذاً متحمساً، وخرجت منه مشحوناً بطاقة من الغضب".

ويعود جمال عبد الناصر إلى هذه الفترة من حياته في خطاب له بميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦/١٠/١٩٥٤ ليصف أحاسيسه في تلك المظاهرة وما تركته من آثار في نفسه: "حينما بدأت في الكلام اليوم في ميدان المنشية. سرح بي الخاطر إلى الماضي البعيد . وتذكرت كفاح الإسكندرية وأنا شاب صغير وتذكرت في هذا الوقت وأنا اشترك مع أبناء الإسكندرية، وأنا أهتف لأول مرة في حياتي باسم الحرية وباسم الكرامة، وباسم مصر. أطلقت علينا طلقات الاستعمار وأعوان الاستعمار فمات من مات وجرح من جرح، ولكن خرج من بين هؤلاء الناس شاب صغير شعر بالحرية وأحس بطعم الحرية، وآلي على نفسه أن يجاهد وأن يكافح وأن يقاتل في سبيل الحرية التي كان يهتف بها ولا يعلم معناها؛ لأنه كان يشعر بها في نفسه، وكان يشعر بها في روحه وكان يشعر بها في دمه". لقد كانت تلك الفترة بالإسكندرية مرحلة تحول في حياة الطالب جمال من متظاهر إلى ثائر تأثر بحالة الغليان التي كانت تعانى منها مصر بسبب

تحكم الاستعمار وإلغاء الدستور. وقد ضاق المسئولون بالمدرسة بنشاطه ونبهوا والده فأرسله إلى القاهرة.

وقد التحق جمال عبد الناصر في عام ١٩٣٣ بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، واستمر في نشاطه السياسي فأصبح رئيس اتحاد مدارس النهضة الثانوية.

وفى تلك الفترة ظهر شغفه بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير" وكتب مقالة بعنوان "فولتير رجل الحرية" نشرها بمجلة المدرسة. كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى" وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هيوجو" وقصة مدينتين لـ "شارلز ديكنز".(الكتب التي كان يقرأها عبد الناصر في المرحلة الثانوية).

الكتب التي كان يقرأها جمال عبد الناصر

أولاُ: في المرحلة الثانوية


المجلات


ثانياً: في الكلية الحربية


كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجباً بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وقرأ عن سيرة النبي محمد وعن أبطال الإسلام وكذلك عن مصطفى كامل، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم خصوصاً رواية عودة الروح التي تتحدث عن ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم ودفعهم نحو النضال في سبيل الحرية والبعث الوطني.

وفى ١٩٣٥ في حفل مدرسة النهضة الثانوية لعب الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" بطل تحرير الجماهير في مسرحية "شكسبير" في حضور وزير المعارف في ذلك الوقت.

وقد شهد عام ١٩٣٥ نشاطاً كبيراً للحركة الوطنية المصرية التي لعب فيها الطلبة الدور الأساسي مطالبين بعودة الدستور والاستقلال، ويكشف خطاب من جمال عبد الناصر إلى صديقه حسن النشار في ٤ سبتمبر ١٩٣٥ مكنون نفسه في هذه الفترة، فيقول: "لقد انتقلنا من نور الأمل إلى ظلمة اليأس ونفضنا بشائر الحياة واستقبلنا غبار الموت، فأين من يقلب كل ذلك رأساً على عقب، ويعيد مصر إلى سيرتها الأولى يوم أن كانت مالكة العالم. أين من يخلق خلفاً جديداً لكي يصبح المصري الخافت الصوت الضعيف الأمل الذي يطرق برأسه ساكناً صابراً على اهتضام حقه ساهياً عن التلاعب بوطنه يقظاً عالي الصوت عظيم الرجاء رافعاً رأسه يجاهد بشجاعة وجرأه في طلب الاستقلال والحرية. قال مصطفى كامل ' لو نقل قلبي من اليسار إلى اليمين أو تحرك الأهرام من مكانه المكين أو تغير مجرى [النيل] فلن أتغير عن المبدأ ' . كل ذلك مقدمة طويلة لعمل أطول وأعظم فقد تكلمنا مرات عده في عمل يوقظ الأمة من غفوتها ويضرب على الأوتار الحساسة من القلوب ويستثير ما كمن في الصدور. ولكن كل ذلك لم يدخل في حيز العمل إلى الآن".(خطاب عبد الناصر لحسن النشار. ٤/٩/١٩٣٥).

ووبعد ذلك بشهرين وفور صدور تصريح "صمويل هور" – وزير الخارجية البريطانية – في ٩ نوفمبر١٩٣٥ معلناً رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، اندلعت مظاهرات الطلبة والعمال في البلاد، وقاد جمال عبد الناصر في ١٣ نوفمبر مظاهرة من تلاميذ المدارس الثانوية واجهتها قوة من البوليس الإنجليزي فأصيب جمال بجرح في جبينه سببته رصاصة مزقت الجلد ولكنها لم تنفذ إلى الرأس، وأسرع به زملاؤه إلى دار جريدة الجهاد التي تصادف وقوع الحادث بجوارها ونشر اسمه في العدد الذي صدر صباح اليوم التالي بين أسماء الجرحى. (مجلة الجهاد ١٩٣٥).

وعن آثار أحداث تلك الفترة في نفسية جمال عبد الناصر قال في كلمة له في جامعة القاهرة في ١٥ نوفمبر ١٩٥٢: "وقد تركت إصابتي أثراً عزيزاً لا يزال يعلو وجهي فيذكرني كل يوم بالواجب الوطني الملقى على كاهلي كفرد من أبناء هذا الوطن العزيز. وفى هذا اليوم وقع صريع الظلم والاحتلال المرحوم عبد المجيد مرسى فأنساني ما أنا مصاب به، ورسخ في نفسي أن على واجباً أفنى في سبيله أو أكون أحد العاملين في تحقيقه حتى يتحقق؛ وهذا الواجب هو تحرير الوطن من الاستعمار، وتحقيق سيادة الشعب. وتوالى بعد ذلك سقوط الشهداء صرعى؛ فازداد إيماني بالعمل على تحقيق حرية مصر".

وتحت الضغط الشعبي وخاصة من جانب الطلبة والعمال صدر مرسوم ملكي في ١٢ ديسمبر ١٩٣٥ بعودة دستور ١٩٢٣.

وقد انضم جمال عبد الناصر في هذا الوقت إلى وفود الطلبة التي كانت تسعى إلى بيوت الزعماء تطلب منهم أن يتحدوا من أجل مصر، وقد تألفت الجبهة الوطنية سنة ١٩٣٦ بالفعل على أثر هذه الجهود.

وقد كتب جمال في فترة الفوران هذه خطاباً إلى حسن النشار في ٢ سبتمبر ١٩٣٥ قال فيه: "يقول الله تعالى: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، فأين تلك القوة التي نستعد بها لهم؛ إن الموقف اليوم دقيق ومصر في موقف أدق.".

ووصف جمال عبد الناصر شعوره في كتاب "فلسفة الثورة" فقال: "وفى تلك الأيام قدت مظاهرة في مدرسة النهضة، وصرخت من أعماقي بطلب الاستقلال التام، وصرخ ورائي كثيرون، ولكن صراخنا ضاع هباء وبددته الرياح أصداء واهية لا تحرك الجبال ولا تحطم الصخور".

إلا أن اتحاد الزعماء السياسيين على كلمة واحدة كان فجيعة لإيمان جمال عبد الناصر، على حد تعبيره في كتاب "فلسفة الثورة"، فإن الكلمة الواحدة التي اجتمعوا عليها كانت معاهدة ١٩٣٦ التي قننت الاحتلال، فنصت على أن تبقى في مصر قواعد عسكرية لحماية وادي النيل وقناة السويس من أي اعتداء، وفى حال وقوع حرب تكون الأراضي المصرية بموانيها ومطاراتها وطرق مواصلاتها تحت تصرف بريطانيا، كما نصت المعاهدة على بقاء الحكم الثنائي في السودان.

وكان من نتيجة النشاط السياسي المكثف لجمال عبد الناصر في هذه الفترة الذي رصدته تقارير البوليس أن قررت مدرسة النهضة فصله بتهمة تحريضه الطلبة على الثورة، إلا أن زملائه ثاروا وأعلنوا الإضراب العام وهددوا بحرق المدرسة فتراجع ناظر المدرسة في قراره.

ومنذ المظاهرة الأولى التي اشترك فيها جمال عبد الناصر بالإسكندرية شغلت السياسة كل وقته، وتجول بين التيارات السياسية التي كانت موجودة في هذا الوقت فانضم إلى مصر الفتاة لمدى عامين، ثم انصرف عنها بعد أن اكتشف أنها لا تحقق شيئاً، كما كانت له اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين إلا أنه قد عزف عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب القائمة لأنه لم يقتنع بجدوى أياً منها ،"فلم يكن هناك حزب مثالي يضم جميع العناصر لتحقيق الأهداف الوطنية".

كذلك فإنه وهو طالب في المرحلة الثانوية بدأ الوعي العربي يتسلل إلى تفكيره، فكان يخرج مع زملائه كل عام في الثاني من شهر نوفمبر احتجاجاً على وعد "بلفور" الذي منحت به بريطانيا لليهود وطناً في فلسطين على حساب أصحابه الشرعيين.

جمال عبد الناصر ضابطاً:
لما أتم جمال عبد الناصر دراسته الثانوية وحصل على البكالوريا في القسم الأدبي قرر الالتحاق بالجيش، ولقد أيقن بعد التجربة التي مر بها في العمل السياسي واتصالاته برجال السياسة والأحزاب التي أثارت اشمئزازه منهم أن تحرير مصر لن يتم بالخطب بل يجب أن تقابل القوة بالقوة والاحتلال العسكري بجيش وطني.

تقدم جمال عبد الناصر إلى الكلية الحربية فنجح في الكشف الطبي ولكنه سقط في كشف الهيئة لأنه حفيد فلاح من بني مر وابن موظف بسيط لا يملك شيئاً، ولأنه اشترك في مظاهرات ١٩٣٥، ولأنه لا يملك واسطة.

ولما رفضت الكلية الحربية قبول جمال، تقدم في أكتوبر ١٩٣٦ إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ومكث فيها ستة أشهر إلى أن عقدت معاهدة ١٩٣٦ واتجهت النية إلى زيادة عدد ضباط الجيش المصري من الشباب بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية أو ثروتهم، فقبلت الكلية الحربية دفعة في خريف ١٩٣٦ وأعلنت وزارة الحربية عن حاجتها لدفعة ثانية، فتقدم جمال مرة ثانية للكلية الحربية ولكنه توصل إلى مقابلة وكيل وزارة الحربية اللواء إبراهيم خيري الذي أعجب بصراحته ووطنيته وإصراره على أن يصبح ضابطاً فوافق على دخوله في الدورة التالية؛ أي في مارس ١٩٣٧.

لقد وضع جمال عبد الناصر أمامه هدفاً واضحاً في الكلية الحربية وهو "أن يصبح ضابطاً ذا كفاية وأن يكتسب المعرفة والصفات التي تسمح له بأن يصبح قائداً"، وفعلاً أصبح "رئيس فريق"، وأسندت إليه منذ أوائل ١٩٣٨ مهمة تأهيل الطلبة المستجدين الذين كان من بينهم عبد الحكيم عامر. وطوال فترة الكلية لم يوقع على جمال أي جزاء، كما رقى إلى رتبة أومباشى طالب.

تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية بعد مرور ١٧ شهراً، أي في يوليه ١٩٣٨، فقد جرى استعجال تخريج دفعات الضباط في ذلك الوقت لتوفير عدد كافي من الضباط المصريين لسد الفراغ الذي تركه انتقال القوات البريطانية إلى منطقة قناة السويس.

وقد كانت مكتبة الكلية الحربية غنية بالكتب القيمة، فمن لائحة الاستعارة تبين أن جمال قرأ عن سير عظماء التاريخ مثل "بونابرت" و"الإسكندر" و"جاليباردى" و"بسمارك" و"مصطفى كمال أتاتورك" و"هندنبرج" و"تشرشل" و"فوش". كما قرأ الكتب التي تعالج شئون الشرق الأوسط والسودان ومشكلات الدول التي على البحر المتوسط والتاريخ العسكري. وكذلك قرأ عن الحرب العالمية الأولى وعن حملة فلسطين، وعن تاريخ ثورة ١٩١٩.(الكتب التى كان يقرأها عبد الناصر فى الكلية الحربية).

التحق جمال عبد الناصر فور تخرجه بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد في الصعيد، وقد أتاحت له إقامته هناك أن ينظر بمنظار جديد إلى أوضاع الفلاحين وبؤسهم. وقد التقى في منقباد بكل من زكريا محيى الدين وأنور السادات.

وفى عام ١٩٣٩ طلب جمال عبد الناصر نقله إلى السودان، فخدم في الخرطوم وفى جبل الأولياء، وهناك قابل زكريا محيى الدين وعبد الحكيم عامر. وفى مايو ١٩٤٠ رقى إلى رتبة الملازم أول.

لقد كان الجيش المصري حتى ذلك الوقت جيشاً غير مقاتل، وكان من مصلحة البريطانيين أن يبقوه على هذا الوضع، ولكن بدأت تدخل الجيش طبقة جديدة من الضباط الذين كانوا ينظرون إلى مستقبلهم في الجيش كجزء من جهاد أكبر لتحرير شعبهم. وقد ذهب جمال إلى منقباد تملؤه المثل العليا، ولكنه ورفقائه أصيبوا بخيبة الأمل فقد كان معظم الضباط "عديمي الكفاءة وفاسدين"، ومن هنا اتجه تفكيره إلى إصلاح الجيش وتطهيره من الفساد. وقد كتب لصديقه حسن النشار في ١٩٤١ من جبل الأولياء بالسودان: "على العموم يا حسن أنا مش عارف ألاقيها منين واللا منين.. هنا في عملي كل عيبي إني دغرى لا أعرف الملق ولا الكلمات الحلوة ولا التمسح بالأذيال.

شخص هذه صفاته يحترم من الجميع ولكن. الرؤساء. الرؤساء يا حسن يسوءهم ذلك الذي لا يسبح بحمدهم. يسوءهم ذلك الذي لا يتملق إليهم. فهذه كبرياء وهم شبوا على الذلة في كنف الاستعمار. يقولون. كما كنا يجب أن يكونوا. كما رأينا يجب أن يروا. والويل كل الويل لذلك. الذي تأبى نفسه السير على منوالهم. ويحزنني يا حسن أن أقول إن هذا الجيل الجديد قد أفسده الجيل القديم متملقاً. ويحزنني يا حسن أن أقول أننا نسير إلى الهاوية – الرياء – النفاق الملق - تفشى في الأصاغر نتيجة لمعاملة الكبار. أما أنا فقد صمدت ولازلت، ولذلك تجدني في عداء مستحكم مستمر مع هؤلاء الكبار." (خطاب عبد الناصر لحسن النشار.١٩٤١ . ينشر لأول مرة)

وفى نهاية عام ١٩٤١ بينما كان "روميل" يتقدم نحو الحدود المصرية الغربية عاد جمال عبد الناصر إلى مصر ونقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر خلف خطوط القتال بالقرب من العلمين.

ويذكر جمال عبد الناصر: "في هذه المرحلة رسخت فكرة الثورة في ذهني رسوخاً تاماً، أما السبيل إلى تحقيقها فكانت لا تزال بحاجة إلى دراسة، وكنت يومئذ لا أزال أتحسس طريقي إلى ذلك، وكان معظم جهدي في ذلك الوقت يتجه إلى تجميع عدد كبير من الضباط الشبان الذين أشعر أنهم يؤمنون في قراراتهم بصالح الوطن؛ فبهذا وحده كنا نستطيع أن نتحرك حول محور واحد هو خدمة هذه القضية المشتركة".

وأثناء وجوده في العلمين جرت أحداث ٤ فبراير ١٩٤٢ حينما توجه السفير البريطاني – "السير مايلز لامسبون" – ليقابل الملك فاروق بسراي عابدين في القاهرة بعد أن حاصر القصر بالدبابات البريطانية، وسلم الملك إنذاراً يخيره فيه بين إسناد رئاسة الوزراء إلى مصطفى النحاس مع إعطائه الحق في تشكيل مجلس وزراء متعاون مع بريطانيا وبين الخلع، وقد سلم الملك بلا قيد ولا شرط.

ويذكر جمال عبد الناصر أنه منذ ذلك التاريخ لم يعد شئ كما كان أبداً، فكتب إلى صديقه حسن النشار في ١٦ فبراير ١٩٤٢ يقول: "وصلني جوابك، والحقيقة أن ما به جعلني أغلى غلياناً مراً، وكنت على وشك الانفجار من الغيظ، ولكن ما العمل بعد أن وقعت الواقعة وقبلناها مستسلمين خاضعين خائفين. والحقيقة أنى أعتقد أن الإنجليز كانوا يلعبون بورقة واحده في يدهم بغرض التهديد فقط، ولكن لو كانوا أحسوا أن بعض المصريين ينوون التضحية بدمائهم ويقابلوا القوة بالقوة لانسحبوا كأي امرأة من العاهرات.

أما نحن. أما الجيش فقد كان لهذا الحادث تأثير جديد على الوضع والإحساس فيه، فبعد أن كنت ترى الضباط لا يتكلمون إلا عن النساء واللهو، أصبحوا يتكلمون عن التضحية والاستعداد لبذل النفوس في سبيل الكرامة.

وأصبحت تراهم وكلهم ندم لأنهم لم يتدخلوا – مع ضعفهم الظاهر – ويردوا للبلاد كرامتها ويغسلوها بالدماء. ولكن إن غداً لقريب. حاول البعض بعد الحادث أن يعملوا شئ بغرض الانتقام، لكن كان الوقت قد فات أما القلوب فكلها نار وأسى. عموماً فإن هذه الحركة أو هذه الطعنة ردت الروح إلى بعض الأجساد وعرفتهم أن هناك كرامة يجب أن يستعدوا للدفاع عنها، وكان هذا درساً ولكنه كان درساً قاسياً". (خطاب عبد الناصر لحسن النشار.١٦/٢/١٩٤٢).
يتبع
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:47 pm
ررقى جمال عبد الناصر إلى رتبة اليوزباشى (نقيب) في ٩ سبتمبر ١٩٤٢. وفى ٧ فبراير ١٩٤٣ عين مدرساً بالكلية الحربية. ومن قائمة مطالعاته في هذه الفترة يتضح أنه قرأ لكبار المؤلفين العسكريين من أمثال "ليدل هارت" و"كلاوزفيتز"، كما قرأ مؤلفات الساسة والكتاب السياسيين مثل "كرومويل" و"تشرشل". وفى هذه الفترة كان جمال عبد الناصر يعد العدة للالتحاق بمدرسة أركان حرب.

وفى ٢٩ يونيه ١٩٤٤ تزوج جمال عبد الناصر من تحية محمد كاظم – ابنة تاجر من رعايا إيران – كان قد تعرف على عائلتها عن طريق عمه خليل حسين، وقد أنجب ابنتيه هدى ومنى وثلاثة أبناء هم خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم. لعبت تحية دوراً هاماً في حياته خاصة في مرحلة الإعداد للثورة واستكمال خلايا تنظيم الضباط الأحرار، فقد تحملت أعباء أسرته الصغيرة - هدى ومنى - عندما كان في حرب فلسطين، كما ساعدته في إخفاء السلاح حين كان يدرب الفدائيين المصريين للعمل ضد القاعدة البريطانية في قناة السويس في ١٩٥١، ١٩٥٢.

تنظيم الضباط الأحرار:
شهد عام ١٩٤٥ انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية حركة الضباط الأحرار، ويقول جمال عبد الناصر في حديثة إلى "دافيد مورجان": "وقد ركزت حتى ١٩٤٨ على تأليف نواة من الناس الذين بلغ استياؤهم من مجرى الأمور في مصر مبلغ استيائي، والذين توفرت لديهم الشجاعة الكافية والتصميم الكافي للإقدام على التغيير اللازم. وكنا يومئذ جماعة صغيرة من الأصدقاء المخلصين نحاول أن نخرج مثلنا العليا العامة في هدف مشترك وفى خطة مشتركة".

وعقب صدور قرار تقسيم فلسطين في سبتمبر ١٩٤٧ عقد الضباط الأحرار اجتماعاً واعتبروا أن اللحظة جاءت للدفاع عن حقوق العرب ضد هذا الانتهاك للكرامة الإنسانية والعدالة الدولية، واستقر رأيهم على مساعدة المقاومة في فلسطين.

وفى اليوم التالي ذهب جمال عبد الناصر إلى مفتى فلسطين الذي كان لاجئاً يقيم في مصر الجديدة فعرض عليه خدماته وخدمات جماعته الصغيرة كمدربين لفرقة المتطوعين وكمقاتلين معها. وقد أجابه المفتى بأنه لا يستطيع أن يقبل العرض دون موافقة الحكومة المصرية. وبعد بضعة أيام رفض العرض فتقدم بطلب إجازة حتى يتمكن من الانضمام إلى المتطوعين، لكن قبل أن يبت في طلبه أمرت الحكومة المصرية الجيش رسمياً بالاشتراك في الحرب. فسافر جمال إلى فلسطين في ١٦ مايو ١٩٤٨، بعد أن كان قد رقى إلى رتبة صاغ (رائد) في أوائل عام ١٩٤٨.

لقد كان لتجربة حرب فلسطين آثاراً بعيدة على جمال عبد الناصر فعلى حد قولة: "فلم يكن هناك تنسيق بين الجيوش العربية، وكان عمل القيادة على أعلى مستوى في حكم المعدوم، وتبين أن أسلحتنا في كثير من الحالات أسلحة فاسدة، وفى أوج القتال صدرت الأوامر لسلاح المهندسين ببناء شاليه للاستجمام في غزه للملك فاروق.

وقد بدا أن القيادة العليا كانت مهمتها شيئاً واحداً هو احتلال أوسع رقعة ممكنة من الأرض بغض النظر عن قيمتها الإستراتيجية، وبغض النظر عما إذا كانت تضعف مركزنا العام في القدرة على إلحاق الهزيمة بالعدو خلال المعركة أم لا.
وقد كنت شديد الاستياء من ضباط الفوتيلات أو محاربي المكاتب الذين لم تكن لديهم أية فكرة عن ميادين القتال أو عن آلام المقاتلين.

وجاءت القطرة الأخيرة التي طفح بعدها الكيل حين صدرت الأوامر إلىّ بأن أقود قوة من كتيبة المشاة السادسة إلى عراق سويدان التي كان الإسرائيليون يهاجمونها، وقبل أن أبدأ في التحرك نشرت تحركاتنا كاملة في صحف القاهرة. ثم كان حصار الفالوجا الذي عشت معاركه؛ حيث ظلت القوات المصرية تقاوم رغم أن القوات الإسرائيلية كانت تفوقها كثيراً من ناحية العدد حتى انتهت الحرب بالهدنة التي فرضتها الأمم المتحدة " في ٢٤ فبراير ١٩٤٩.

وقد جرح جمال عبد الناصر مرتين أثناء حرب فلسطين ونقل إلى المستشفى. ونظراً للدور المتميز الذي قام به خلال المعركة فإنه منح نيشان "النجمة العسكرية" في عام ١٩٤٩.

وبعد رجوعه إلى القاهرة أصبح جمال عبد الناصر واثقاً أن المعركة الحقيقية هي في مصر، فبينما كان ورفاقه يحاربون في فلسطين كان السياسيون المصريون يكدسون الأموال من أرباح الأسلحة الفاسدة التي اشتروها رخيصة وباعوها للجيش.

وقد أصبح مقتنعاً أنه من الضروري تركيز الجهود لضرب أسرة محمد على؛ فكان الملك فاروق هو هدف تنظيم الضباط الأحرار منذ نهاية ١٩٤٨ وحتى ١٩٥٢.
ووقد كان في نية جمال عبد الناصر القيام بالثورة في ١٩٥٥، لكن الحوادث أملت عليه قرار القيام بالثورة قبل ذلك بكثير.

وبعد عودته من فلسطين عين جمال عبد الناصر مدرساً في كلية أركان حرب التي كان قد نجح في امتحانها بتفوق في ١٢ مايو ١٩٤٨. وبدأ من جديد نشاط الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبد الناصر، وتضم كمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين إبراهيم وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادي وخالد محيى الدين وأنور السادات وحسين الشافعي وزكريا محيى الدين وجمال سالم، وهى اللجنة التي أصبحت مجلس الثورة فيما بعد عام ١٩٥٠، ١٩٥١.

وفى ٨ مايو ١٩٥١ رقى جمال عبد الناصر إلى رتبة البكباشى (مقدم) وفى نفس العام اشترك مع رفاقه من الضباط الأحرار سراً في حرب الفدائيين ضد القوات البريطانية في منطقة القناة التي استمرت حتى بداية ١٩٥٢، وذلك بتدريب المتطوعين وتوريد السلاح الذي كان يتم في إطار الدعوى للكفاح المسلح من جانب الشباب من كافة الاتجاهات السياسية والذي كان يتم خارج الإطار الحكومي.

وإزاء تطورات الحوادث العنيفة المتوالية في بداية عام ١٩٥٢ اتجه تفكير الضباط الأحرار إلى الاغتيالات السياسية لأقطاب النظام القديم على أنه الحل الوحيد. وفعلاً بدئوا باللواء حسين سرى عامر - أحد قواد الجيش الذين تورطوا في خدمة مصالح القصر – إلا أنه نجا من الموت، وكانت محاولة الاغتيال تلك هي الأولى والأخيرة التي اشترك فيها جمال عبد الناصر، فقد وافقه الجميع على العدول عن هذا الاتجاه، وصرف الجهود إلى تغيير ثوري إيجابي.

ومع بداية مرحلة التعبئة الثورية، صدرت منشورات الضباط الأحرار التي كانت تطبع وتوزع سراً. والتي دعت إلى إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه بجدية بدلاً من اقتصاره على الحفلات والاستعراضات، كما دعت الحكام إلى الكف عن تبذير ثروات البلاد ورفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة، وانتقدت الاتجار في الرتب والنياشين. وفى تلك الفترة اتسعت فضيحة الأسلحة الفاسدة إلى جانب فضائح اقتصادية تورطت فيها حكومة الوفد.

ثم حدث حريق القاهرة في ٢٦ يناير ١٩٥٢ بعد اندلاع المظاهرات في القاهرة احتجاجاً على مذبحة رجال البوليس بالإسماعيلية التي ارتكبتها القوات العسكرية البريطانية في اليوم السابق، والتي قتل فيها ٤٦ شرطياً وجرح ٧٢. لقد أشعلت الحرائق في القاهرة ولم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تصدر الأوامر للجيش بالنزول إلى العاصمة إلا في العصر بعد أن دمرت النار أربعمائة مبنى، وتركت ١٢ ألف شخص بلا مأوى، وقد بلغت الخسائر ٢٢ مليون جنيهاً.

وفى ذلك الوقت كان يجرى صراعاً سافراً بين الضباط الأحرار وبين الملك فاروق فيما عرف بأزمة انتخابات نادي ضباط الجيش. حيث رشح الملك اللواء حسين سرى عامر المكروه من ضباط الجيش ليرأس اللجنة التنفيذية للنادي، وقرر الضباط الأحرار أن يقدموا قائمة مرشحيهم وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب للرياسة، وقد تم انتخابه بأغلبية كبرى وبرغم إلغاء الانتخاب بتعليمات من الملك شخصياً، إلا أنه كان قد ثبت للضباط الأحرار أن الجيش معهم يؤيدهم ضد الملك، فقرر جمال عبد الناصر – رئيس الهيئة التأسيسية للضباط الأحرار – تقديم موعد الثورة التي كان محدداً لها قبل ذلك عام ١٩٥٥، وتحرك الجيش ليلة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وتم احتلال مبنى قيادة الجيش بكوبري القبة وإلقاء القبض على قادة الجيش الذين كانوا مجتمعين لبحث مواجهة حركة الضباط الأحرار بعد أن تسرب خبر عنها .

وبعد نجاح حركة الجيش قدم محمد نجيب على أنه قائد الثورة - وكان الضباط الأحرار قد فاتحوه قبلها بشهرين في احتمال انضمامه إليهم إذا ما نجحت المحاولة - إلا أن السلطة الفعلية كانت في يد مجلس قيادة الثورة الذي كان يرأسه جمال عبد الناصر حتى ٢٥ أغسطس ١٩٥٢ عندما صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بضم محمد نجيب إلى عضوية المجلس وأسندت إليه رئاسته بعد أن تنازل له عنها جمال عبد الناصر.

بيان الثورة:
وفى صباح يوم ٢٣ يوليه وبعد احتلال دار الإذاعة تمت إذاعة بيان الثورة التالي:
"اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، وأما فترة ما بعد الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إما جاهل أو فاسد حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم وفى خُلقهم وفى وطنيتهم، ولا بد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أما من رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب، وإني أؤكد للشعب المصري أن الجيش اليوم كله أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة فأطلب من الشعب ألا يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف؛ لأن هذا ليس في صالح مصر، وإن أي عمل من هذا القبيل سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا متعاوناً مع البوليس، وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسئولاً عنهم، والله ولى التوفيق".

وبعد نجاح الثورة بثلاثة أيام – أي في ٢٦ يوليه – أجبر الملك فاروق على التنازل عن العرش لابنه أحمد فؤاد ومغادرة البلاد. وفى اليوم التالي أعيد انتخاب جمال عبد الناصر رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار.

وفى ١٨ يونيه ١٩٥٣ صدر قرار من مجلس قيادة الثورة بإلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وبإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب إلى جانب رئاسته للوزارة التي شغلها منذ ٧ سبتمبر ١٩٥٢، أما جمال عبد الناصر فقد تولى أول منصباً عاماً كنائب رئيس الوزراء ووزير للداخلية في هذه الوزارة التي تشكلت بعد إعلان الجمهورية. وفى الشهر التالي ترك جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية – الذي تولاه زكريا محيى الدين – واحتفظ بمنصب نائب رئيس الوزراء.(قرار المجلس بإلغاء الملكية) .

تعيين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة:
وفى فبراير ١٩٥٤ استقال محمد نجيب بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئيساً لمجلس الوزراء. وفيما يلي البيان الذي أذاعه المجلس بأسباب ذلك الخلاف في ٢٥ فبراير ١٩٥٤:

"أيها المواطنون
"لم يكن هدف الثورة التي حمل لواءها الجيش يوم ٢٣ يوليه سنة ١٩٥٢ أن يصل فرد أو أفراد إلى حكم أو سلطان أو أن يحصل كائن من كان على مغنم أو جاه، بل يشهد الله أن هذه الثورة ما قامت إلا لتمكين المُثل العليا في البلاد بعد أن افتقدتها طويلاً نتيجة لعهود الفساد والانحلال.

لقد قامت في وجه الثورة منذ اللحظة الأولى عقبات قاسية عولجت بحزم دون نظر إلى مصلحة خاصة لفرد أو جماعة، وبهذا توطدت أركانها واطرد تقدمها في سبيل بلوغ غاياتها.

ولا شك أنكم تقدرون خطورة ما أقيم في وجه الثورة من صعاب، خاصة والبلاد ترزح تحت احتلال المستعمر الغاصب لجزء من أراضيها، وكانت مهمة مجلس قيادة الثورة في خلال هذه الفترة غاية في القسوة والخطورة، حمل أفراد المجلس تلك التبعة الملقاة على عاتقهم ورائدهم الوصول بأمتنا العزيزة إلى بر الأمان مهما كلفهم هذا من جهد وبذل.

ومما زاد منذ اللحظة الأولى في قسوة وخطورة هذه التبعة الملقاة على أعضاء مجلس قيادة الثورة أنهم كانوا قد قرروا وقت تدبيرهم وتحضيرهم للثورة في الخفاء قبل قيامهم أن يقدموا للشعب قائداً للثورة من غير أعضاء مجلس قيادتهم وكلهم من الشبان، واختاروا فعلاً فيما بينهم اللواء أركان حرب محمد نجيب ليقدم قائداً للثورة، وكان بعيداً عن صفوفهم، وهذا أمر طبيعي للتفاوت الكبير بين رتبته ورتبهم، وسنه وسنهم، وكان رائدهم في هذا الاختيار سمعته الحسنة الطيبة وعدم تلوثه بفساد قادة ذلك العهد.

وقد أخطر سيادته بأمر ذلك الاختيار قبل قيام الثورة بشهرين اثنين ووافق على ذلك.
وما أن علم سيادته بقيام الثورة عن طريق مكالمة تليفونية بين وزير الحربية فى ذلك الوقت السيد مرتضى المراغى وبينه وفى منزله حتى قام إلى مبنى قيادة الثورة واجتمع برجالها فور تسلمهم لزمام الأمور.

ومنذ تلك اللحظة أصبح الموقف دقيقاً؛ إذ أن أعمال ومناقشات مجلس قيادة الثورة استمرت أكثر من شهر بعيدة عن أن يشترك فيها اللواء محمد نجيب إذ أنه حتى ذلك الوقت وعلى وجه التحديد يوم ٢٥ أغسطس سنة ١٩٥٢ لم يكن سيادته قد ضم إلى أعضاء مجلس الثورة.

وقد صدر قرار المجلس فى ذلك اليوم بضمه لعضويته كما صدر قرار بأن تسند إليه رئاسة المجلس بعد أن تنازل له عنها البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر الذى جدد انتخابه بواسطة المجلس قبل قيام الثورة كرئيس للمجلس لمدة عام ينتهى فى أخر أكتوبر سنة ١٩٥٢.

نتيجة لذلك الموقف الشاذ ظل اللواء محمد نجيب يعانى أزمة نفسية عانينا منها الكثير رغم قيامنا جميعاً بإظهاره للعالم أجمع بمظهر الرئيس الفعلى والقائد الحقيقى للثورة ومجلسها مع المحافظة على كافة مظاهر تلك القيادة.

وبعد أقل من ستة شهور بدأ سيادته يطلب بين وقت وآخر من المجلس منحه سلطات تفوق سلطة العضو العادى بالمجلس، ولم يقبل المجلس مطلقاً أن يحيد عن لائحته التى وضعت قبل الثورة بسنين طويلة إذ تقضى بمساواة كافة الأعضاء بما فيهم الرئيس فى السلطة، فقط إذا تساوت الأصوات عند أخذها بين فريقين فى المجلس فترجح الكفة التى يقف الرئيس بجانبها.

ورغم تعيين سيادته رئيساً للجمهورية مع احتفاظه برئاسة مجلس الوزراء ورئاسته للمؤتمر المشترك إلا أنه لم ينفك يصر ويطلب بين وقت وأخر أن تكون له اختصاصات تفوق اختصاصات المجلس، وكان إصرارنا على الرفض الكلى لكى نكفل أقصى الضمانات لتوزيع سلطة السيادة فى الدولة على أعضاء المجلس مجتمعين.

وأخيراً تقدم سيادته بطلبات محددة وهى:
أن تكون له سلطة حق الاعتراض على أى قرار يجمع عليه أعضاء المجلس، علماً بأن لائحة المجلس توجب إصدار أى قرار يوافق عليه أغلبية الأعضاء.
كما طلب أن يباشر سلطة تعيين الوزراء وعزلهم وكذا سلطة الموافقة على ترقية وعزل الضباط وحتى تنقلاتهم؛ أى أنه طالب إجمالاً بسلطة فردية مطلقة.

ولقد حاولنا بكافة الطرق الممكنة طوال الشهور العشرة الماضية أن نقنعه بالرجوع عن طلباته هذه التى تعود بالبلاد إلى حكم الفرد المطلق، وهو ما لا يمكن نرضاه لثورتنا، ولكننا عجزنا عن إقناعه عجزاً تاماً وتوالت اعتكافاته بين وقت وأخر حتى يجبرنا على الموافقة على طلباته هذه، إلى أن وضعنا منذ أيام ثلاثة أمام أمر واقع مقدماً استقالته وهو يعلم أن أى شقاق يحدث فى المجلس فى مثل هذه الظروف لا تؤمن عواقبه.

أيها المواطنون
لقد احتمل أعضاء المجلس هذا الضغط المستمر فى وقت يجابهون فيه المشاكل القاسية التى تواجه البلاد والتى ورثتها عن العهود البائدة.

يحدث كل ذلك والبلاد تكافح كفاح المستميت ضد مغتصب فى مصر والسودان وضد عدو غادر يرابط على حدودها مع خوضها معركة اقتصادية مريرة وإصلاحاً لأداة الحكم وزيادة الإنتاج إلى أخر تلك المعارك التى خاضتها الثورة ووطدت أقدامها بقوة فى أكثر من ميدان من ميادينها.

واليوم قرر مجلس قيادة الثورة بالإجماع ما يلى:
أولاً: قبول الاستقالة المقدمة من اللواء أركان حرب محمد نجيب من جميع الوظائف التى يشغلها. \
ثانياً: يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية إلى أن تحقق الثورة أهم أهدافها وهو إجلاء المستعمر عن أرض الوطن.
ثالثاً: تعيين البكباشى أركان حرب جمال عبد الناصر رئيساً لمجلس الوزراء.
ونعود فنكرر أن تلك الثورة ستستمر حريصة على مُثلها العليا مهما أحاطت بها من عقبات وصعاب، والله كفيل برعايتها إنه نعم المولى ونعم النصير، والله ولى التوفيق".
وسرعان ما تم تدارك مظاهر ذلك الخلاف فقبل مجلس قيادة الثورة عودة محمد نجيب إلى رئاسة الجمهورية في بيان صدر في ٢٧ فبراير ١٩٥٤.
ثم بدأت بعد ذلك أحداث الشغب التي دبرتها جماعة الإخوان المسلمين التي أصدر مجلس قيادة الثورة قراراً مسبقاً بحلها في ١٤ يناير ١٩٥٤، (قرار المجلس بحل جماعة الإخوان المسلمين) وقد تورط أيضاً بعض عناصر النظام القديم في هذه الأحداث.
ووقد تجلى الصراع داخل مجلس قيادة الثورة في هذه الفترة في القرارات التي صدرت عنه وفيها تراجعاً عن المضى في الثورة، فأولاً ألغيت الفترة الانتقالية التي حددت بثلاث سنوات، وتقرر في ٥ مارس ١٩٥٤ اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليه ١٩٥٤ وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفى نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.
وثانياً: قرر مجلس قيادة الثورة تعيين محمد نجيب رئيساً للمجلس ورئيساً لمجلس الوزراء بعد أن تنحى جمال عبد الناصر عن رئاسة الوزارة وعاد نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة.
وأخيراً قرر مجلس قيادة الثورة في ٢٥ مارس ١٩٥٤ السماح بقيام الأحزاب وحل مجلس قيادة الثورة يوم ٢٤ يوليه ١٩٥٤ أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية. (قرار المجلس بالسماح بقيام أحزاب).

وبالرغم من إلغاء مجلس قيادة الثورة لتلك القرارات في ٢٩ مارس ١٩٥٤ (قرار المجلس بإرجاء تنفيذ قرارات ٢٥ مارس ١٩٥٤) إلا أن الأزمة التي حدثت في مجلس قيادة الثورة أحدثت انقساماً داخله بين محمد نجيب يؤيده خالد محيى الدين وبين جمال عبد الناصر وباقي الأعضاء.

وقد انعكس هذا الصراع على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب القديمة الذين كانوا فى صف نجيب وعلى اتصال به.

وفى ١٧ أبريل ١٩٥٤ تولى جمال عبد الناصر رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد نجيب على رئاسة الجمهورية إلى أن جرت محاولة لاغتيال جمال عبد الناصر على يد الإخوان المسلمين عندما أطلق عليه الرصاص أحد أعضاء الجماعة وهو يخطب في ميدان المنشية بالإسكندرية في ٢٦ أكتوبر ١٩٥٤، وثبت من التحقيقات مع الإخوان المسلمين أن محمد نجيب كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس قيادة الثورة في ١٤ نوفمبر ١٩٥٤ إعفاء محمد نجيب من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس قيادة الثورة في تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبد الناصر.

وفى ٢٤ يونيه ١٩٥٦ انتخب جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية بالاستفتاء الشعبي وفقاً لدستور ١٦ يناير ١٩٥٦ ـ أول دستور للثورة.
وفى ٢٢ فبراير ١٩٥٨ أصبح جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا، وذلك حتى مؤامرة الانفصال التي قام بها أفراد من الجيش السوري في ٢٨ سبتمبر ١٩٦١.
وظل جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة حتى رحل في ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠.
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:50 pm
الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
(1293-1373هـ، 1876-1953م).

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى ابن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي. وينتهي نسبه إلى بكر ابن وائل من بني أسد بن ربيعة.

نشأته ومعالم شخصيته.
ولد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في مدينة الرياض ونشأ تحت رعاية والده، ولما اشتد عوده تعلم مبادئ القراءة والكتابة على يد الشيخ القاضي عبدالله الخرجي من علماء الرياض، حيث عهد إليه الإمام عبد الرحمن بن فيصل بتعليم ابنه؛ فحفظ عبد العزيز بعضًا من سور القرآن المجيد، ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، كما درس جانبًا من أصول الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف آل الشيخ الذي أعد لعبد العزيز كراسًا دينيًا جمع فيه بعض مسائل الفقه والتوحيد بالإضافة إلى المعارف الثقافية الأخرى التي اكتسبها بالخبرة والاحتكاك بالآخرين، خصوصًا ببعض العلوم العصرية التي استقاها من خلال المتابعة والمذاكرة والمناقشات.

ولع الملك عبد العزيز بالفروسية وركوب الخيل منذ صباه وعُرف عنه حركته الكثيرة وتنقله السريع، وكان حازمًا، ذكيًا متفوقًا على أترابه، شجاعًا جريئًا مقدامًا، يجمع في طبيعته روح الحرب وروح السلم، يعالج الأمور بحكمة وحنكة ودراية، ويتحلّى ببراعة سياسية لا يرقى الشك إليها، وكان يتمتع بخلق قويم وإرادة نافذة، بعيد المطامح، طويل الروّية. وظل يعتقد أن الاستعداد للأمر ودراسته هما الوسيلتان المثليان للنجاح؛ فهو جندي ظافر، تقي ورع، جواد سخي، مهذب لطيف المعشر ورقيق المعاملة في المجالات الاجتماعية.

مما لا شك فيه أن حياة التنقل مع والده بين مضارب البادية ـ بعد رحيلهما عن الرياض ـ قد أثّرت إلى حد بعيد في شخصيته، خاصة في مجال الحروب فقد تعوّد حياة البادية بما فيها من قساوة وشجاعة وأخلاق وتحمّل للمسؤولية، كما استفاد من إقامته في الكويت التي استقرت فيها الأسرة السعودية بعض الوقت عقب الجلاء عن الرياض على أثر سيطرة آل الرشيد على كل البلاد النجدية.


(آل سعود في الكويت).
فكانت حياة عبد العزيز خليطًا من لوعة النزوح والتنقل وصرامة الحياة وقسوتها في ظل الهجرة والبعد عن الوطن الأم من جهة، وتجربة فقدان المُلْك والسيادة من جهة أخرى. ومرّ الملك عبد العزيز خلال إقامته في الكويت بتجربة سياسية كبيرة من خلال مجالسة الشيوخ والأمراء والحكام ورجال الدولة، وقد ظهر أثر ذلك في فكره السياسي ومقدرته السياسية وأدائه السياسي فيما بعد، وكان يحب سماع قصص البطولات والمعارك، والتعرُّف على سير الأبطال، وتاريخ أسرته خاصة تاريخ جده فيصل ابن تركي الذي عُرف بتدينه وفكره السياسي الرصين وشجاعته وحنكته السياسية وتجربته الكبيرة في مجال السياسة والحكم والإدارة. وهو يُعد من أقوى أئمة الدولة السعودية الثانية وأشهرهم، وهكذا نلاحظ أنه أخذ يهيئ نفسه لعمل كبير جدًا ألا وهو استعادة ملك أجداده المسلوب.

استرداد ملك الآباء والأجداد.
يأتي مشروع توحيد البلاد العربية السعودية في مقدمة أعمال الملك عبد العزيز ومنجزاته؛ فقد حاول دخول الرياض عام 1318هـ، 1901م في الوقت الذي كان فيه الشيخ مبارك الصباح شيخ الكويت ومعه الإمام عبد الرحمن بن فيصل يحاربان ابن الرشيد في وقعة الصريف في 26 من ذي القعدة عام 1318هـ، 17 مارس 1901م. وقد انهزمت القوات الكويتية في تلك الوقعة وترتب على ذلك عدم تحقيق هدف الملك عبد العزيز آل سعود في استرداد الرياض من آل الرشيد عاصمة آبائه وأجداده.

حاول عبد العزيز استرداد الرياض مرة أخرى وذلك في عام 1319هـ، 1902م، وكانت هذه المحاولة أكثر رسوخًا وأدق تخطيطًا. وقد نجح الملك عبد العزيز هذه المرة واسترد الرياض من عجلان أمير آل الرشيد بعد قتله واستسلام الحامية الرشيدية في 5 شوال 1319هـ، 15 يناير 1902م، ونودي بأن الملك لله ثم لعبد العزيز آل سعود. وبهذا الحدث التاريخي بدأ ظهور الدولة السعودية الحديثة وقيامها وريثة شرعية للدولتين السعوديتين الأولى والثانية ومن ثم بدأ تاريخ الملك عبدالعزيز آل سعود كمؤسس أول وحقيقي لتلك الدولة.

المبايعة وتوحيد البلاد.
تسلم الملك عبد العزيز مقاليد الحكم والإمامة بعد تنازل والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل له عن الحكم والإمامة في اجتماع كبير عقد بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة عام 1320هـ، 1902م. وظل الأب يشرف على أعمال ابنه طوال حياته، وظل الابن يجل والده ويقدر آراءه ويحترمها.

شرع عبد العزيز يوحد مناطق نجد تدريجيًا فبدأ بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره على ابن الرشيد في بلدة الدلم القريبة من الخرج، فدانت له كل بلدان الجنوب؛ الخرج والحريق والحوطة والأفلاج وبلدان وادي الدواسر.

ثم توجه إلى منطقة الوشم وحارب ابن الرشيد وانتصر عليه، ودخل بلدة شقراء، ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضًا ثم توجه إلى منطقة سدير ودخل بلدة المجمعة. وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبد العزيز من توحيد مناطق الوشم والمحمل وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة.

تابع الملك عبد العزيز مشروعه لتوحيد البلاد، فتمكن من توحيد منطقة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية الناشئة بعد أن خاض مجموعة من الوقعات الحربية ضد ابن الرشيد وأنصاره العثمانيين؛ منها واقعة الفيضة في 18 ذي الحجة 1321هـ، 10مارس 1904م، والبكيرية في 1 ربيع الثاني 1322هـ، 1904م، والشنانة في 18 رجب 1322هـ، 1904م؛ وهي من المواقع الفاصلة في تاريخ البلاد، ووقعة روضة مهنا التي قتل فيها الأمير عبد العزيز آل الرشيد في 18 صفر من عام 1324هـ، 14 أبريل 1906م. ومثلت القصيم منطقة حيوية واستراتيجية للملك عبد العزيز آل سعود، خصوصًا في صراعه ضد ابن الرشيد بعد توقيع صلح بينه وبين متعب بن عبد العزيز آل الرشيد في أعقاب وقعة روضة مهنا، حيث اعترف الملك عبد العزيز لمتعب بن الرشيد بالإمارة على حائل ومنطقة جبل شمر. انظر: الدولة السعودية الثالثة.

استعاد الملك عبد العزيز آل سعود منطقة الأحساء بكاملها عام 1331هـ، 1913م قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى، ورحّل الحاميات العثمانية التي كانت موجودة فيها إلى البصرة، وأقر العثمانيون بالأمر الواقع، وفاوضوا الملك عبد العزيز واعترفوا رسميًا به واليًا على نجد، ومتصرفًا على الأحساء، وأهدوه النيشان العثماني الأول ورتبة الوزارة في أواخر عام 1332هـ (أوائل عام 1914م)، ولقبوه بصاحب الدولة. إلا أن هذا الاتفاق وهذا التقارب العثماني تجاه الملك عبد العزيز لم يخرجا إلى حيّز التنفيذ بل ظلا مجرد حبر على ورق.

أفاد الملك عبد العزيز كثيرًا من عودة منطقة الأحساء إلى دولته؛ لأنه قد وسّع بذلك حدود دولته لتشمل جزءًا مهمًا من الجزيرة العربية يطل على ساحل الخليج العربي، وله أهميته السياسية والاقتصادية والتجارية. وغدا لدولته الناشئة منفذ بحري ممتاز أخرجها من عزلتها وانغلاقها داخل الأراضي النجدية، وأصبح الملك عبد العزيز وثيق الاتصال بالدول الكبرى، خصوصًا بريطانيا ذات السلطة والشأن في منطقة الخليج. ورغبت بريطانيا في دفع الملك عبد العزيز إلى الدخول في حرب ضد الدولة العثمانية بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، لكنه حاول قدر استطاعته أن يظل على الحياد برغم موقفه المعادي للأتراك بسبب مساعدتهم وتشجيعهم لآل الرشيد، وبسبب الموقف العثماني العام المعادي للدولة السعودية في جميع أدوارها ومراحل حكمها.

جرت اتصالات رسمية بين الملك عبد العزيز وبعض المسؤولين البريطانيين في الخليج أمثال الكابتن شكسبير القنصل البريطاني في الخليج، والسير برسي كوكس؛ الذي وقع مع الملك عبد العزيز معاهدة في دارين بالقطيف عرفت بمعاهدة دارين عام 1334هـ، 1915م وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى وقد ألغيت فيما بعد. وزار الملك عبد العزيز بعدها البصرة بدعوة من السير برسي كوكس فكانت أول زيارة يقوم بها الملك عبد العزيز خارج بلاده عام 1334هـ، 1915م، وقدم الملك عبد العزيز أثناءها تعازيه لشيخ الكويت جابر بن مبارك الصباح في وفاة أبيه الشيخ مبارك الصباح، وشارك في مؤتمر عقدته بريطانيا في الكويت في 23 محرم 1335هـ، 20 نوفمبر 1916م للتباحث في شأن الموقف العام للحرب العالمية الأولى. وفي أعقاب ذلك عقد مؤتمر في الرياض عام 1339هـ، 1920م حضره الأمراء والعلماء ورجال الدولة وشيوخ العشائر وغيرهم وقرروا فيه بالإجماع أن يكون لقب عبد العزيز الرسمي هو سلطان نجد وملحقاته.

وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى تمكّن سلطان نجد من استرجاع منطقة جبل شمّر بعد عدة مناوشات ووقعات خاضتها القوات السعودية ضد القوات الرشيدية، استسلمت بعدها مدينة حائل عاصمة الجبل في صفر من عام 1340هـ، 1921م، وعامل ابن سعود آل الرشيد معاملة كريمة تليق بمقامهم. كما تمكن السلطان عبد العزيز من ضم منطقة عسير إلى أجزاء دولته بعد حروب طويلة مع آل عائض حكام منطقة عسير، وكان ذلك عام 1338هـ، 1920م، وعامل عبد العزيز آل عائض ومن وقف معهم من الأهالي في عسير معاملة طيبة كعادته في معاملة خصومه بعد انكسارهم واستسلامهم، وتمكّن من توحيد إمارة الأدارسة وضمها إلى بوتقة دولته، وأصبحت جزءًا من الدولة السعودية الحديثة عام 1351هـ، 1932م. كما وحّد عبد العزيز منطقة الحجاز مع باقي مناطق الدولة السعودية الحديثة بعد معارك خاضتها القوات السعودية ضد قوات الأشراف ويأتي في مقدمة تلك المعارك معركة تُرُبة التي انكسرت فيها قوات الشريف حسين بن علي أمام القوات السعودية في ليلة 25 شعبان عام 1337هـ، 1919م. وتُعد بلدة تربة مفتاح الطريق إلى باقي المدن الحجازية. وقد تهلهل وضع قوات الشريف كثيرًا في أعقاب تلك الوقعة، ويسَّر ذلك عملية ضم مدينة الطائف ـ المدينة الحجازية الاستراتيجية ـ إلى الدولة السعودية عام 1343هـ، 1924م. بعد ذلك واصلت القوات السعودية زحفها نحو الهَدا واشتبكت هناك مع قوات الشريف في وقعة فاصلة، هي وقعة الهدا في 27 صفر عام 1343هـ، 1924م، وكانت نتائج تلك الوقعة وخيمة على قوات الشريف إذ أصبح الطريق إلى مكة المكرمة بعدها مفتوحًا أمام القوات السعودية، وتنازل بعدها الشريف حسين بن علي لابنه الشريف علي في 4 ربيع الأول 1343هـ، 1924م. واصل السعوديون زحفهم باتجاه مكة المكرمة فدخلوها سلمًا منكسي أسلحتهم وهم مُحْرِمون يتقدمهم عبد العزيز بملابس إحرامه وذلك في 17 ربيع الأول عام 1343هـ، 1924م، ثم توجهت القوات السعودية صوب ما تبقى من مدن الحجاز وموانئه، كميناء رابغ والقنفذة وينبع وغيرها، وقد استسلمت حامية المدينة المنورة في 19 جمادى الأولى عام 1344هـ، 1925م. وبضم هذه المدن في منطقة الحجاز، تمكّن السعوديون من تضييق الخناق على جدة مما اضطر معه الشريف علي بن الحسين إلى الاستسلام وطلب الصلح لمغادرة البلاد في الأول من جمادى الآخرة عام 1344هـ، 17 ديسمبر 1925م، وانتهى بذلك حكم الأشراف في الحجاز. انظر: الدولة السعودية الثالثة (تأسيس الدولة السعودية الثالثة).

التنظيمات والتعليمات الأساسية.
اختارت الدولة السعودية في عهد الملك عبد العزيز شكل شعار الدولة وعلمها الحاليين، وقام دستور الدولة على القرآن ويقوم الحكم فيها على تطبيق أحكام الشرع الإسلامي المستمد من القرآن والسنة النبوية الشريفة وما أثر عن الصحابة وتابعيهم بإحسان، وما عليه الأئمة الأربعة وصالح سلف الأمة. وتطبق الدولة في المعاملات والأحوال الشخصية المشهور من مذهب الحنابلة.

أمر الملك عبد العزيز آل سعود بوضع التعليمات الأساس للمملكة الحجازية بعد ضم الحجاز وتوحيدها في بوتقة الدولة السعودية الحديثة وهي تعريف بالدولة وشكلها وترتيباتها الإدارية، وقد نشرت تلك التعليمات الأساس في الجريدة الرسمية في 21 صفر عام 1345هـ، 31 أغسطس 1926م. وبعد صدورها بثلاثة أشهر لُقّب الملك عبد العزيز آل سعود بلقب ملك الحجاز ونجد ومحلقاته، ثم بُدّل هذا اللقب بلقب أعم وأشمل هو ملك المملكة العربية السعودية في 21 من جمادي الأولى 1351هـ، 22 من سبتمبر 1932م عند إعلان توحيد جميع أجزاء المملكة في دولة واحدة، وهو اليوم الوطني للمملكة. ونظم الملك عبد العزيز دولته الحديثة على أساس من التحديث والتطور المعاصر، فوزع المسؤوليات في الدولة، وأسس حكومة منظمة في الحجاز بعد ضمها، وأنشأ منصب النائب العام في الحجاز وأسند مهماته إلى ابنه الأمير فيصل وكان ذلك عام 1344هـ، 1926م. وأنشأ مجلس الشورى السعودي عام 1345هـ، 1927م، وأسند رئاسته أيضًا إلى الأمير فيصل. وفي 19 شعبان 1350هـ، 30 ديسمبر 1931م صدر نظام خاص بتأليف مجلس الوكلاء وأسندت رئاسته إلى الأمير فيصل بن عبد العزيز. وأنشأ الملك عبد العزيز عددًا من الوزارات في الدولة السعودية كتنظيم إداري متقدم خرج به عن نسق النظام الإداري التقليدي المتوارث من الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، فأقامت الدولة الحديثة آنذاك علاقات دبلوماسية وفق التمثيل السياسي الدولي المتعارف عليه رسميًا، وعيَّنت السفراء والقناصل والمفوضين والوزراء لهذه الغاية. كما اهتم كثيرًا بدعم الحركات التحررية العربية والإسلامية ودعم القضية الفلسطينية وجامعة الدول العربية ومؤسساتها، وناصر جميع قضايا العالمين العربي والإسلامي بالدعم والمشورة والتأييد في المحافل الدولية والإقليمية. وانخرط في منظومة الدول العالمية بانضمام دولته إلى هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها.

أهم أعماله ومنجزاته.
قام الملك عبد العزيز بأول مشروع من نوعه لتوطين البدو، ليس في الجزيرة العربية فحسب، بل في العالم العربي كله، فأسكنهم في هِجَر زراعية مستقرة وأطلق عليهم اسم الإخوان من اسم الجماعة الأولى التي اعتنقت الإسلام على يد الرسول ³ وكونت مجتمعًا إسلاميًا في المدينة المنورة، وترابطت في الله وتعاونت دينيًا ودنيويًا بروابط التآخي، فتعلّم البدو أمور دينهم وعلّمهم أساليب الزراعة والعمل فيها، وشكّل منهم جيشًا متطوعًا يكون تحت يده عند الحاجة وإعلان النفير العام. وعمل على تحسين وضع دولته الاجتماعي والاقتصادي، وجعل البدوي مطيعًا للدولة مما قوى دعائم الأمن الداخلي.

وجّه الملك عبد العزيز عنايته واهتمامه بالتعليم، ففتح المدارس النظامية والمعاهد، ووزّع الكتب الدراسية، ووزّع مساعدات مالية على الطلاب تشجيعًا لهم على مواصلة تعليمهم، واستقدم المدرسين من خارج البلاد، وأرسل البعثات إلى الخارج وأسس المكتبات العامة، وشجّع طباعة الكتب وبخاصة الكتب الدينية والكتب التي تفيد في تدريس اللغة العربية وفهمها، ووزّع كل ذلك دون مقابل، واهتم بالدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات وكان ذلك هو الخط المتواصل الذي نهجته الدولتان السعوديتان الأولى والثانية. وأنشأ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزوّدها بالإمكانات والصلاحيّات، وأمر بتوسعة الحرم المدني، فشرع في ذلك قبيل وفاته، ووفّر الماء والخدمات الطبية والوقائية لراحة الحجاج.

مَنّ الله على البلاد السعودية بغزارة النفط وكثرة المعادن وتنوعها فاستخرج النفط بكميات تجارية عام 1357هـ، 1938م في المنطقة الشرقية، مما ساعد على ازدياد الثروة النقدية التي أسهمت في تطوير البلاد السعودية وتقدمها وازدهارها، وبدأت العملة السعودية تأخذ مكانها الطبيعي بين عملات الدول الأخرى، وأنشئت لهذا الغرض مؤسسة النقد العربي السعودي، وضربت العملة السعودية (الريال) واشترت الدولة الآلات الزراعية ووزعتها على الفلاحين للنهوض بالزراعة. وأنشأت الدولة الطرق البرية المعبدة، ومُدّ خط حديدي يربط الرياض بالدمام في المنطقة الشرقية، وربطت البلاد بشبكة من المواصلات السلكية واللاسلكية واستوردت أهم سبل المواصلات العصرية ووضعت نواة الطيران المدني، ومُدّ خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط (التابلاين) وافتتحت الإذاعة السعودية، ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة بالمجتمع.

وفاته
توفي الملك عبد العزيز آل سعود في مدينة الطائف ونقل جثمانه إلى الرياض حيث دفن في مقبرة العود مع أسلافه من آل سعود.
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:54 pm
روليهلالا 'نيلسون' مانديلا (ولد 18 يوليو 1918)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


هو الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا وأحد أبرز المناضلين و المقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة في جنوب إفريقيا.

طفولته وصباه
ولد نيلسون روليلالا مانديلا في منطقة ترانسكاي في أفريقيا الجنوبية ( 18 تموز - يوليو 1918). وكان والده رئيس قبيلة، وقد توفي و نيلسون لا يزال صغيرا، إلا انه انتخب مكان والده، وبدأ إعداده لتولي المنصب. تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة داخلية عام 1930، ثم بدأ الإعداد لنيل البكالوريوس من جامعة فورت هار. ولكنه فصل من الجامعة، مع رفيقه اوليفر تامبو، عام 1940 بتهمة الاشتراك في إضراب طلابي.و من المعروف إن مانديلا عاش فترة دراسية مضطربة و تنقل بين العديد من الجامعات و لقد تابع مانديلا الدراسة بالمراسلة من مدينة جوهانسبورغ، وحصل على الإجازة ثم التحق بجامعة ويتواتر ساند لدراسة الحقوق. كانت جنوب أفريقيا في تلك الفترة خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصري الشامل، إذ لم يكن يحق للسود الانتخاب ولا المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شؤون البلاد. بل أكثر من ذلك كان يحق لحكومة الأقلية البيضاء أن تجردهم من ممتلكاتهم أو أن تنقلهم من مقاطعة إلى أخرى، مع كل ما يعني ذلك لشعب (معظمه قبلي) من انتهاك للمقدسات وحرمان من حق العيش على ارض الآباء والأجداد والى جانب الأهل وأبناء النسب الواحد.gano

النشاط السياسي
بدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في جنوب إفريقيا الذي كان بيد الأقلية البيضاء، ذلك أن الحكم كان ينكر الحقوق السياسية والإجتماعية والإقتصادية للأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا. في 1942 إنضم مانديلا إلى == المجلس == الإفريقي القومي، الذي كان يدعو للدفاع عن حقوق الأغلبية السوداء في جنوب إفريقيا.
وفي عام 1948، أنتصر الحزب القومي في الإنتخابات العامة، وكان لهذا الحزب ،الذي يحكم من قبل البيض في جنوب إفريقيا، خطط وسياسات عنصرية، منها سياسات الفصل العنصري ،وإدخال تشريعات عنصرية في مؤسسات الدولة. وفي تلك الفترة أصبح مانديلا قائدا لحملات المعارضة والمقاومة. و كان في البداية يدعو للمقاومة الغير مسلحة ضد سياسات التمييز العنصري. لكن بعد إطلاق النار على متظاهرين عزل في عام 1960، وإقرار قوانين تحضر الجماعات المضادة للعنصرية، قرر مانديلا وزعماء المجلس الإفريقي القومي فتح باب المقاومة المسلحة.

إعتقاله وسجنه
في عام 1961 أصبح مانديلا رئيسا للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي. وفي اغسطس 1962 أعتقل مانديلا وحكم عليه لمدة 5 سنوات بتهمة السفر الغير قانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
خلال سنوات سجنه السبعة وعشرين، أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزا لرفض سياسة التمييز العنصري. وفي 10 يونيو 1980 تم نشر رسالة إستطاع مانديلا إرسالها للمجلس الإفريقي القومي قال فيها: "إتحدوا! وجهزوا! وحاربوا! إذ ما بين سندان التحرك الشعبي، ومطرقة المقاومة المسلحة، سنسحق الفصل العنصري"
في عام 1985 عرض على مانديلا إطلاق السراح مقابل إعلان وقف المقاومة المسلحة،الا أنه رفض العرض . و بقي في السجن لغاية 11 فبراير 1990 عندما أثمرت مثابرة المجلس الإفريقي القومي، والضغوطات الدولة عن إطلاق سراحه بأمر من رئيس الجمهورية فريدريك دكلارك الذي أعلن أيقاف الحظر الذي كان مفروضا على المجلس الإفريقي . وقد حصل نيلسون مانديلا مع الرئيس فريدريك دكلارك في عام 1993 على جائزة نوبل للسلام.

رئاسة المجلس الإفريقي ورئاسة جنوب إفريقيا
شغل مانديلا منصب رئاسة المجلس الإفريقي (من يونيو 1991- إلى ديسمبر 1997)، وأصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا (من مايو 1994- إلى يونيو 1999). وخلال فترة حكمه شهدت جنوب إفريقيا إنتقالا كبيرا من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية. و لكن ذلك لم يمنع البعض من انتقاد فترة حكمه لعدم اتخاذ سياسات صارمة لمكافحة الـايدز من جانب ، و لعلاقاته المتينة من جانب آخر بزعماء دول منتقدين في الغرب مثل معمر القذافي و فيدل كاسترو.

تقاعده
بعد تقاعده في 1999 تابع مانديلا تحركه مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم. وتلقى عددا كبيرا من الميداليات والتكريمات من رؤساء وزعماء دول العالم. و كان له كذلك عدد من الأراء المثيرة للجدل في الغرب مثل أراءه في القضية الفلسطينية ومعارضته للسياسات الخارجية للرئيس الأمريكي جورج بوش، وغيرها.
في يونيو 2004 قرر نيلسون مانديلا ذو الـ 85 عاما التقاعد و ترك الحياة العامة، ذلك أن صحته أصبحت لا تسمح بالتحرك والإنتقال، كما أنه فضل أن يقضي ما تبقى من عمرة بين عائلته.
في 2005 اختارته الأمم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة.

كتاب :
نيلسون منديلا :
مسيرة طويلة نحو طريق الحرية
محمد بن حامد الأحمدي

منذ فترة قصيرة جاء موظف عربي مهاجر ليعمل في شركة طيران أمريكية كبيرة ، وعند وصوله تعرَّف عليه المسلمون في الشركة ودعوه للغداء الأسبوعي ، حيث يجتمعون في قاعة من قاعات الشركة ويتناولون الغداء ويصلُّون الظهر ويستمعون لدرس في العلوم الإسلامية أو علاقاﺗﻬم بغيرهم . ولما صلُّوا استغرب العقل العربي المهاجر للعمل هذه الحرية ، ثم جلسوا لبدء الدرس فهمس في أذن الأخ الذي عن يمينه : هل هذا العمل قانوني ؟ ! قال له الذي بجواره : نعم ، ولنا سنوات نفعله . ولم يطمئن ، ولم يكد يصدق ، فهمس في أذن الأخ الذي عن يساره : هل أنت متأكد أن هذا العمل مشروع وقانوني ؟ !
فاستنكر المسؤول خوف الرجل وسؤاله لأنه أقدم عهدًا وهذا حق مكفول لكل مجموعة تريد ذلك .
لقد كان هذا المسلم الذي وفد من بلد مشرقي عربي ينعم ببعض بصيص الحر ية النسبية مقارنة ببلاد عربية أخرى مستغربًا جدًا أن تسمح الشركة بل الحكومة الأمريكية لعشرين شخصًا أن يصلوا ويتدارسوا الإسلام - بل أي قضية - في حجرﺗﻬم تلك ! الأمريكيون المسلمون تعجبوا لمستوى الكبت في بلاد المسلمين وتدهور عقل الإنسان وقيمته في بلاد المسلمين التي أحبوا دينها فاعتنقوه ، وأنكروا فيها هوان الإنسان وتردِّي قيمته ، وهذا حاجز كبير يمنع دخول الناس في دين الله ، فما إن تتحدث عن هذه الأمور حتى تقدم اعتذارًا مما يحدث ، وإثبات أن الإسلام ليس هو الذي تشاهدونه في بلاد المسلمين .
وعربي آخر قال لهم : إنكم أيها الأمريكيون لا تعرفون ظلمات الواقع العربي ، وتحول الهمس ليكون موضوع اللقاء فزاد خوف الأخ وتوجسه . ولا لوم عليه ولا تثريب فقد جاء من بلاد الرعب المتبادل ،فالشعب يخاف حاكمه ، والحاكم يرهب شعبه ، والثقة والأمن أعز مطلوب ، فالاجتماعات في بلده محرمة ، فكيف بالدينية ؟ ! ويحسب كل اجتماع ديني خاص بأن وراءه مؤامرة انقلاب وذهاب لرأس الزعيم ! .
وهذا أنتج عندنا عزوفًا عن بعض القضايا المهمة والأخطر في حياة الأمة ، ومن أهم هذه القضايا "قضية الحرية" ، حرية قول الحق وممارسته ، حرية الدعوة له ، حرية نصره ، وَأطر الناس عل ى الحق . حريتنا وكرامتنا أن نحيا كما أراد الله لنا عبادًا له وحده أعزة أحرارًا ، لا نقبل بالخضوع لغيره، ولا نستسلم لغير شرعه، وفي ظل شرعه والالتزام به نُحكم كما نريد، ونوالي كما نريد، ونعادي كما نريد، ونعلم ما يُراد بنا، ونعلم مصالحنا ومضارنا . ونتدارس أمر نا بكامل اختيارنا دون قهر خارجي أو استبدادي ، فمَن الذي يزعم أن شخصًا واحدًا كلي ً لا علي ً لا يفهم كل شيء ، ويعرف كل شيء ! اللهم لا ، إلا في عصر" مدَّعي الإلوهية من البشر " في ظلمات المثبورين الذين قال أحدهم :
{ما علمت لكم من إله غيري }
وقال : {ما أريكم إلا ما أرى} وما أشبه تلك الحال .

ألم يشهد المسلمون أعظم تجربة حديثة العهد أمامهم منذ شهور ، أم هل تراهم توقعوها مسرحية أمريكية شكلية ! لقد شهدوا وشهد العالم رئيس أمريكا يقف في قفص الاﺗﻬام محاصَر ًا، محمرّ الوجه يستغيث بالمناديل ليمسح عرقه ، ويأمل في عطف الشعب ، ويكاد يستقيل قبل أن يُقال ، يحدوه أمل كبير أن ينجو من حصاره من أجل قضية خلقية ، هي في معيارهم عادية ؛ ومن قبل طردوا زعيمًا ومفكرًا استراتيجيًا كبيرًا "نيكسون" من البيت الأبيض من أجل مخالفة خلقية صغيرة فيها اعتداء على خصوصيات الآخرين، حادثة تجسس على الحزب المناوئ ؛ لأنه علم عنه وسكت! ولكن شعوبًا كاملة - هي شعوبنا - ليس لها خصوصية وليس لها حرية ولا تجرؤ على التلفظ ﺑﻬا ، وتنزع منها قيمتها ، بل تمسخ الكلمات الكبيرة فتصبح كريهة المعنى والظل ، فيسمى الخروج عن الأدب حرية ، واستقدام راقصة تطورا،
ويسمى نشر الدعارة رقيًا . وغابت الكلمات والمعاني والأفعال الشريفة ، فلم تخرج هذه الشعوب يومًا فتقول للظالم : قف ! ولا لمستبد : هذا حدُّك ! لأن الكلمات في زمن الاستبداد تفقد معانيها فيصبح الجور عدلا واستقرارا، والسكوت على الذل حكمة ، والحرية حرية الفساد ، وكلمة الحق والنصح لله وللمسلمين طريقة الخوارج والبغاة !
والمسلمون في بلادهم لا يحق لهم ولا يسألون عما يفعل ﺑﻬم ، ولا هم ينطقون ، بل قد يهمس شجعاﻧﻬم في الخفاء ، وهؤلاء الهامسون بالكرامة والحرية قليل مستضعفون ، يخافون أن يتخطفهم الجواسيس ، أو هاربون خائفون. وتصبح الكرامة والعزة والحرية ﺗﻬمة وعيبًا وتطرفًا وخروجًا .
ومنذ قرون استوطنت هذه الأمراض في معظم البلاد الإسلامية إلى اليوم ، فليس للشعب المسلم المستضعَف دور في قراره ، لا يوالي بقراره ولا يعادي بقراره بل بوصاية من الخارج . يقول برنارد لويس إن العرب منذ جاءهم نابليون الفرنسي ، حتى أخرجه من بلادهم ضغط بريطانيا (!!!) ، منذ ذلك اليوم وإلى اليوم - أكثر من مائتي عام - أدرك العرب أﻧﻬم لا يملكون شيئًا من قرارهم . أي يذهب مستعمر بسبب ضغط من مستعمر جديد، وقد يبدل لباسه ويرسل وكلاء محليين !

وجاء عزوفنا عن "الحرية" - مصطلحًا وسلوكًا وشعارًا - بسبب ا لخوف من المشاكلة مع الذين أساءوا للمصطلح، أو أن غيرنا استخدم اللفظ أو رفع الشعار وتاجر به في غير مكانه أو خالف الحق والشرع .
وقضية الحرية ومفاهيمها الشرعية يجب أن تكون على أولويات قائمة المطالب الإسلامية ؛ فحرية المسلم في قول ما يعتقد ، وإنكار ما يرى من منك ر وباطل ، وحريته في قول كلمة الحق ، وممارسة واجبه الشرعي في التوجيه والنصح والإصلاح هي طريق الحق والعزة والكرامة والسيادة . أما السكوت والخمول والتواكل والرعب من كلمة الحق فهي شر طريق سلكته أمة ، وهي طريق الخذلان والهزيمة ، ومخالفة سُنة الله في الشرع والواقع . وسنة الله في الصدع والدفع وقول كلمة الحق واحترامها ما قام عليها مجتمع موحِّد إلا عز ونجا ، ولا ﺗﻬاون بكلمة الحق وممارسته والأعذار إلى الله إلا مَن جانب الشرع ورضي بالخذلان والهوان والمعصية . خفنا من هذه الكلمة لأن الفاسدين استغلوها للترويج للانحلال ،
واستخدمها الدهريون - العلمانيون أو اللائيكيون - للترويج لوثنيتهم ، واستغلها الشهوانيون لممارسة الفسق والخروج على الآداب .
وقد آن أن نعيد قضايانا الهاربة من خطابنا، ونزرع العدل في بلادنا ،
ونتعود عليه ونحبه ، فبالحق والعدل نتحاب وتنتهي عوامل الفرقة والخوف والخضوع للبغاة والمحتلين .
وعملية التحرر في بلاد المسلمين لا تتم فجأة ، ولا من كلمة وموقف ، ولكنه مشروع متواصل ، وركام من الثقافة والسلوك ، وشجاعة في الكلمة والتصرف ، حتى تصبح العزة خلقًا عامًا ، وتربية الأخلاق للفرد واﻟﻤﺠموع أطول عمليات الإصلاح إطلاقًا . ومن بعد رسوخ خلق العزة والكرامة تنسجم الأمة مع نفسها ودينها وتاريخ أمجادها ، وإلا فإن شواهد العزة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحبه والتابعين لا يقدر المسلم المعاصر الذي صودرت حريته وعزته أن يفهمها ولا أن يتجاوب معها.

الحرية أم العدالة ؟
كان الرجل العربي حرًا أنف ًا، لا يخضع إلا لربه ، ويعتبر الخضوع لغير ه عبودية له ؛ لذا اختار الله العرب للرسالة، لما تميزوا به من عزة النفوس وشَمَمها وبراءﺗﻬا من عسف المستبدين ، فلا يقبلون العبودية للملوك - ملوك فارس والروم - ولا مَن استخدمتهم هاتان القوتان لإخضاع الناس على حوا شي الإمبراطوريتين، يفتخر الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم - مذكِّرًا قومه بعناصر عزﺗﻬم وشرفهم وأيامهم الماجدة الحرة - :
وأيام لنا غر طوال ---- عصينا الملك فيها أن ندينا ويقول - مستنكرًا محاولة الاستبداد - :
بأي مشيئة عمرو بن هند ---- نكون لأمكم فيها قطينا ؟ .

ويأنف من خضوع الحاكم للجواسيس ، أو خضوعه - وهو سيد قومه - لما سقط فيه الحاكم من طاعة الوشاة وتأثيرهم في قراره :
بأي مشيئة عمرو بن هند ---- تطيع بنا الوشاة وتزدرينا ؟

درس من الأسد الأسود
إن مشاعر العزة وثقافة التحرر قلَّت في واقع المسلمين اليوم، وكادت أن تكون تاريخًا بعيدًا جدا ً ، ولما قرأت سيرة مانديلا جددت تلك القصة معاني تستحق الاهتمام والوعي في بعض بلاد المسلمين التي تشارك إفريقية الجنوبية الكثير من الأحوال المشاﺑﻬة.
خرج مانديلا من السجن بعد عشرة آلاف يوم كاملة في المعتقل ، وكان عمره واحد ًا وسبعين عامًا وقاد دولته الجديدة في طريق لم يسبق أن سارت فيه من قبل . وكتابه "مسيرة طويلة نحو الحرية " - دار الهلال ، مصر ، عام ١٩٩٥ ، ترجمة د .فاطمة نصر - من أجمل الكتب ، بل ومن كتب العالم الثالث المهمة التي روت واحدة من سِيَر العالم المغلوب وكيف كافحت أمة ل تحصل بعد قرون متطاولة على حريتها . فقد احتاجت جنوب إفريقية إلى ثلاثمائة وأربعين عامًا لتنال استقلالها ، ولا تتوهموا أن جميع الإفريقيين في جنوب إفريقية سعوا إلى الاستقلال ، ولا تتوهموا أن كل الرجال يحبون الحرية ويسعون لها ! فليس كل السود قاتلوا من أجل الحرية والاستقلال ، ولا كلهم سُجن ثلث قرن كما حدث لمانديلا ، فليس كل الناس يسعون للحرية ولا كلهم يحبها . لا ، بل استقلت جنوب إفريقية - أو نال السود حقوقهم على الأصح - على الرغم من كراهية عدد من السود غير قليل؛ فمنهم أعداد هائلة كانت تقاتل في صفوف المستعمِرين - الأفريكانو "البيض" وترى في مانديلا شرًا وشيوعيًا أحمر ! يريد أن يحرمهم من الخير الذي جاء به السادة البيض ، فقد جاءوا لهم بالإنجيل والدخان والموسيقى والثياب الحمر المرقشة ، لقد جاءوا لهم بالذُّل والخنوع ، والراحة من التفكير والمبادرة ، أراحوهم من مسؤولية القرار ، ومن ثقل الاختيار ،
وتلك نِعَم يهنأ ﺑﻬا العبيد - دائمًا - في كل مكان ، والعبودية ليست لونًا ولا جنسًا ولكنها حالة نفسية ، أو "عجز حُكمي " كما يعرفها الفقهاء . وإن الأحرار من طراز آخر من الرجال - أمثال مانديلا - يهون عليه أن يموت أو يُسجن ثلث قرن ولا ﺗﻬون عليه كر امته وحريته . كان زعماء "المؤتمر" في السجن مطارَدين أو يعملون ضد الاحتلال سرًا ، وكان بعض المتعلمين الدكاترة والقساوسة والصحفيين من السود أنفسهم – ويا للأسف ! - ضد الاستقلال "الشرير" وضد "سرطان" الحرية ! مع أن البيض"السادة" كانوا لا يؤاكلونهم ولا يشار بونهم ولا يزاوجوﻧﻬم ، ولا يستخدمون المواصلات التي يركبها السادة، ولا يسمحون لهم بالسكن في مناطقهم ، ويحرمون عليهم حتى بعض أنواع اللباس ، ويمنعوﻧﻬم حرية التنقل ، وبعض أنواع العمل ، بل لا يرى فيهم البيض بشرًا من البشر ! ومع هذا فقد كانت طائفة من السود تقدس البيض و تعبدهم وتطيعهم بلا حدود . كان هؤلاء العملاء من السود خونة للحرية وكانوا جواسيس للحكومة العنصرية وكانوا رَصاصًا في قلوب شعبهم لصالح الأجانب ، ولكأن "الرصافي" عاش تلك السنوات في جنوب إفريقية ؛ ليقول :
عبيد للأجانب وهم دومًا ----- على أبناء جلدﺗﻬم ُأسودُ

فقد كان العنصريون البيض يجدون طبقة متغرّبة من السود - يسموﻧﻬا متعلمة - تافهة الشخصية تابعة للبيض، يحاربون ﺑﻬا الشعب الأسود نفسه ، وقد كانت هذه الطبقة حذاءً تسعى عليه الطبقة العنصرية لتحقيق مصالحها وخدمتها ، أو وقاءًا للبيض ، تقيهم من حراب الإفريقيين السود ويقع فيها الضرب ويتقي ﺑﻬا السيد الأبيض الأيدي المضرجة بالدم ، التي تطرق باب الحرية ، ولكن السود أدمنوا طرْق باب الحرية حتى نالوها.
يقوم هؤلاء المتغربون - "طبقة الوسطاء " بين السود والبيض - بجمع السود في مصانع البيض وترتيب عملهم والإشراف على إخلاصهم ، وبذل كل جهد هم للسيد الأبيض ، منهم من يشرف على قومه العمال وعملهم من قبل الفجر إلى الليل في مناجم الذهب والمصانع وأعمال البناء وتربية الحيوانات والمزارع ، ينتجون الملايين للمستغل الأبيض ويَقنعون ببعض جنيهات في ﻧﻬاية الشهور السود تحت أطباق الأرض . لا تكاد تكفي هذه المبالغ الزهيدة لطعامهم ومسكنهم غير الإنساني في مساكن المصانع والمزارع وأحياء الفقر ، حيث تقل كثيرًا عن غرف كلاب السادة البيض !
أما السماسرة الوسطاء فهم قيادات سوداء يصنعها البيض ، قساوسة و ُكتَّاب وموظفون ، ويعطوﻧﻬم بعض المزايا عن الشعب ويدفعون لهم أكثر ليستمروا في إخضاع جنسهم الأسود للبيض ، وهذه الطبقة كانت رأس الحربة في قلب الشعب ، وهي الأخطر في وجه مانديلا والمؤتمر الإفريقي ، وهي التي كانت حاجزًا دون أن يتصل بالشعب ويبلِّغه رسالته ويلهمه حريته وكرامته ، هذه الطبقة من الشعب الإفريقي جمعت اللؤم والدناءة من الشعبين وباعت كرامتها وحريتها للأفريكانو ، في البداية عن جهل وسذاجة وشهوة للمَيزات المادية ، وفيما بعد عن عمالة ولؤم وتنكُّر لإنسانيتها وعن آلية حيوانية وانعدام للإنسانية والخلق في سلوكها ، ومَن يهن يسهل الهوان عليه . كانت هذه الطبقة ترى إخواﻧﻬا وأخواﺗﻬا وشعبها يُذّل ويمتهن ﺑﻬا وهي لا تدري ولا تحسب ، بل بعضهم يقول : "إنني أقوم بما يمليه عليَّ عملي وواجبي " !! بل يجرؤ بعضهم ويقول بما يمليه عليه عقلي ووطنيتي !! ومهما وضعت من علامات التعجب فإﻧﻬا لا تغني شيئًا تجاه هذا الموقف من شخص يُتوقع أنه بقي له عمل وواجب وعقل ووطنية وهو يرى قادة المؤتمر في السجن غذاؤهم الجوع أو حساء الذرة البارد والمتعفن ، ولما طالبوا بالخبز قال لهم السجانون في صفاقة :
"الخبز ضار بالإنسان " ! هكذا قالوا لمانديلا ورفاقه . لِمَ لا يضر الخبز بالإنسان ؟ ! ، والحرية أضر بنفوس الشعوب من الخبز ، فالحيوان يطعم و لا يثور ، ولكن الحرية غذاء مدمر لكل وسيلة وقاعدة ونظام مستبد .
غير أن المستبد يفقد الكرامة والإنسانية فيتوقع أن الناس - وفيهم العباقرة والدهاة - ليسوا بشرًا ! لأنه بلغ دركات العنصرية وظلام الكفر وانحطاط العقل والعاطفة ، فتنقلب عنده الأمور . ويرى الكرامة والطعام الطيب مضرًا بالبشر ، أو مضرًا بغيره هو ؛ لأنه هو البشر الوحيد في العالم ! هكذا يفكر اليهود والأفريكانو والنازيون .
وإذا كان الخبز خطيرًا إلى هذا الحد فكيف بالحرية ؟!! ، إﻧﻬا قنابل نووية .
وعلى عكس تلك النوعية الرخيصة من السود يفاجئنا مانديلا بذكر قصة المحامي الأبيض "برام منيشر" ،
وهو ابن لرئيس وزراء مستعمرة ﻧﻬر أورانج وكان والده رئيس قضاة ، كان يدافع عن مانديلا وأعضاء المؤتمر وكان يؤرقه أن الرجال الذين يدافع عنهم يذهبون إلى السجن ، بينما يعيش هو حرًا طليقًا ! وبعد محاكمة ريفونيا قرر المحامي الأبيض أن يلحق بالعمل السري مع السود أنصار مانديلا ضد أعداء الإنسانية البيض "قومه" ، ونصحه مانديلا أثناء المحاكمة ألا يفعل ذلك ؛ لأنه يخدم المعركة أفضل في قاعة المحكمة ،
وحتى يرى العالم أفريكانيًا وابن رئيس قضاة ينافح عن المظلومين ، ولكن لشهامته لم يكن ليتحمل رؤية نفسه حرًا والأبرياء يعانون ، فقد كان كالقائد الذي يقاتل جنبًا إلى جنب مع جنوده ، لم يرد أن يطلب من الآخرين أن يقدموا تضحية يتورع هو عنها ، والتحق بالعمل السري ضد البيض (قومه) ، فُقبض عليه ثم أفرج عنه بكفالة ، وقبض عليه مرة أخرى وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة ، ولما أصابه السرطان في السجن شنت الصحافة حملة للإفراج عنه ومات بعد خروجه واستمرت الحكومة البيضاء في مطاردته ، حتى بعد وفاته وصادرت رماد جثته بعد حرقها ! وهكذا قد يخرج حي الهمة شريف الطباع من منبت السوء والوحشية أحيانًا .

ويقول مانديلا بعد هذا : "قدم برام فنيشر أ كبر التضحيات على الإطلاق ، فمهما كانت معاناتي في بحثي عن الحرية فقد كنت أستمد القوة من كوْني مناضلاً مع ومن أجل شعبي ، أما برام فكان رجلاً حرًا ناضل ضد شعبه ، من أجل أن يضمن الحرية للآخرين " (ص ٢٥٧ ) ، إنه رجل شريف يحترم ذوي المواقف ويقدرها، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان "اُُلمطعم" حيًا لوهبت له هؤلاء النتنى (أسرى بدر) . وقد وقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم موقفًا شهمًا لم ينسه له على الرغم من كفره .

وقال مانديلا عنه - مرة أخرى - : "ومع أنه أفريكا ني فقد فرض عليه ضميره أن يرفض إرثه الظالم ونبذ قومه ، وأظهر مستوى من الشجاعة والتضحية لا نظير له ، فقد كنت أنا أقاتل ضد الظلم وليس ضد. (٢١٠- قومي" ٢٠٩ )

دروس مانديلا في السجن :
الحياة في السجون والابتلاء سُنة رافقت الأحرار في مختلف العصور - وفي عصرنا خاصة - وقامت ثروة فكرية وتجريبية متشعبة في بقاع الاستعمار ا لعديدة مما جعل دعاة الحرية والاستقلال والدعوة أحيانًايعتبرون المرور بالسجن علامة صدق الداعية وإخلاصه، وإن لم يمر ﺑﻬذه التجربة فهو ليس في مرتبة هؤلاء ! .

قال مانديلا - عن السجن - : "إن حياة المعتقل روتينية ؛ تتماثل فيها الأيام حتى تختلط الأشهر والسنوات . وإن أي شيء يخرج عن القالب يقلق السلطات ؛ لأن الروتين علامة من علامات حسن الإدارة في السجن ! وقد كانت الساعات من أي نوع ممنوعة ، وكنا نعتمد على الأجراس وصفارات السجانين وصيحاﺗﻬم لمعرفة الوقت ، وكان من بين أوائل ما فعلته هو أن أسجل تقويمًا على الحائط ، فإن الإنسان إذا فقد قبضته على الوقت فقد قبضته على سلامة عقله .

إن التحدي الذي يواجه كل سجين خاصة السجين السياسي هو المحافظة على ذاته في السجن وأن يخرج من السجن دون أن يتضاءل ، وأن يحتفظ ، بل ويزيد من عقائده ، وأول مهمة لتحقيق ذلك هو أن يتعلم المرء كيف يبقى ، ولكي يتحقق ذلك فلا بد للمرء أن يعرف هدف عدوه ؛ فإن السجن يهدف إلى هزيمة معنويات الإنسان ، وتقويض عزمه، ولكي يتحقق ذلك تحاول السلطات استغلال كل ضعف وتحطيم كل دافع، وأن تبطل ما يدل على التفرد، وذلك لكي تقضي على تلك الومضة التي تضفي على كل آدمي هويته.

وكان بقاؤنا يعتمد على فهم ما تحاول السلطة أن تفعله وتشارك ذلك الفهم ، كان من المستحيل أن يقاوم الفرد منفردًا ، وكان خطأ السلطة الأكبر هو إبقاؤنا معًا ؛ لأن ذلك قوَّى تصميمنا ، وهكذا عاون الأقوياء مَن هم أقل قوة وصرنا جميعًا أقوياء ، وفي النهاية كان علينا أن ن صنع طريقة حياتنا داخل المعتقل. ( ، وكما اعترفت بذلك السلطات فقد كنا نحافظ نحن على النظام أكثر من السجانين"(ص ٢١٠)

ويقول - في مكان آخر - : "إن المعتقل لا يأخذ من الإنسان فقط حريته ، ولكن أيضًا يحاول أن يحرمه من هويته ، فإن الجميع يرتدون نفس الملابس ، ويأكلون نفس الطعام ، ويتبعون نفس برنامج الحياة اليومي ، وإن الدولة المتسلطة فقط هي التي لا تسمح باستقلال الإنسان وتفرده" (ص ١٨٠)

يتبع
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:56 pm
من أفكاره ومواقفه :
في المحكمة قال مرة إن أوضاع شعبه الأسود كانت قبل قدوم البيض عيش في سلام وأمن وديمقراطية قبلية بلا ملكيات واسعة ولا استغلال للإنسان ، وكان الشعب بلا طبقات كلهم سواسية وكان ذلك دستور القبائل ومجالها وذلك التاريخ والحرية هو الذي يلهمه موقفه الآن .
وقال إن حياتي في الخفاء أصعب من حياتي المحتملة في السجن في الهم ، وإن تحدينا كان بسبب أعمال ومواقف الحكومة ، وإن آخرين قبلي قد دفعوا ثمن معتقداﺗﻬم وآخرين أكثر سيدفعونه بعدي ، ثم ختم قائلا : "إن الشيء الوحيد الذي هو أقوى من كراهيتي للظروف البشعة التي سأخضع لها في المعتقل هو كراهيتي للظروف البشعة التي يخضع لها مواطنيَّ خارج السجون في عموم البلاد ، وبعد انتهاء مدة الحكم عليَّ فسأواصل المعركة لإﻧﻬاء تلك المظالم حتى تختفي إلى الأبد " (ص ١٧٧ ) ، وقد عمل إلى أن أخفاهاإلى الأبد .
وكان يرى أن النظام الظالم لا يمكن إصلاحه ، ولكن يجب التخلص منه .
وقال مرة - في زمن المفاوضات معه - : "إذا خرجت من السجن في نفس الظروف التي اعتقلت فيها. ( فإنني سأقوم بنفس الممارسات التي سُجنت من أجلها" ! ( ٢٨٧ )

التفاؤل والأمل
يقول : "كنت حينذاك مهمشًا ، ولكنني كنت أعلم أنني لن أتخلى عن المعركة ، كنت في بيئة مختلفة وصغيرة ، حيث الجمهور هو أنفسنا وسجانونا . ولكنَّا نظرنا للمعركة داخل المعتقل كصورة مصغرة للمعركة ككل ، فقد كانت هناك - في السجن - نفس العنصرية ، ونفس الاضطهاد -كالتي في خارج السجن - . ولم يدر في خلدي قط أنني لن أخرج من السجن يومًا من الأيام ، وكنت أعلم أنه سيجئ اليوم الذي أسير فيه رجلاً حرًا تحت أشعة الشمس والعشب تحت قدمي ؛ فإنني أصلا ً إنسان متفائل ، وجزء من هذا التفاؤل أن يُبقى الإنسان جزءًا من رأسه في اتجاه الشمس وأن يحرك قدميه إلى الأمام .
وكانت هناك لحظات عديدة مظلمة اختبرت فيها ثقتي بالإنسان بقوة ولكنني لم أترك نفسي لليأس أبدًا .
. ( فقد كان ذلك يعني الهزيمة والموت" ( ٢١١
ويعترف في مكان آخر أ نِهُ أُصيب بمرض يجعل عقله ينقله إلى لحظات فرح وحزن غامرين ، ويُخيَّل إليه في تلك الأحوال مرة أنه أطلق وأنه يسير في الشوارع والبيوت التي أحبها ، وبُخيَّل إليه أيضًا أنه يدخل منازل أشباح !
ولم ييأس مانديلا وصحبه ؛ فقد كان زعيم المؤتمر المطارَد - أوليفر وأتباعه - يجوبون العالم كله ؛ يشرحون للناس عنصرية جنوب إفريقية ، وشرها المدمر للإنسانية ، وكانت صور مانديلا في كل مكان مع طلب بالإفراج عنه ، كنت أدرس في معهد اللغة بالجامعة وأرى اللوحات بأيدي الطلاب وعلى الشوارع ومواقف الحافلات ولم أكن أفهم وقتها معنى تلك اللوحات ، ولا لمن هي وبعد فترة وأسئلة عرفت عن وجود أناس ناشطين في الجامعة يطالبون بحرية أسود معتقل في جنوب إفريقية ، ويتعاطفون معه ضد الحكومة العنصرية . نعم ، كانت هناك دول تتعاطف مع المؤتمر والسود ، ولكن السود في جنوب إفريقية لو لم يحرصوا على حريتهم ، وإﻧﻬاء التمييز ضدهم في بلادهم لما أهداها لهم العالم الخارجي . ولو لم يموتوا في سبيل حريتهم ويهتموا بحقهم لما سمع عنهم أحد ، أو لو سمع لأٌُسكِت بالذهب الإفريقي الأحمر الذي استُخلِص بعرق المواطنين المساكين .
ولكن العزيمة القوية والصبر والاستمرار والإعلام المنشط للوعي والمثور للضمير ، وكثير من عشاق الحرية في العالم وقفوا إلى جانبهم وسخروا الإعلام العالمي لمصلحتهم ، حتى أصبحت الأخبار التي تُنتشر ترهب السجانين أنفسهم وليس الشعب المسجون ، ومن أمثلة التهويل الإعلامي لصالحهم ما ذكره مانديلا حين قال إنه شكى مرة لزوجته وندي : "أن الحذاء الذي تسلمته أصغر من حجم قدمي ، وسمعت بعد ذلك أن التقارير قالت إنه ستُجرى لي عملية لبتر إصبع قدمي ، وجاءت محامية لرؤية قدمي سليمة ،
وحدث أن شكونا من رطوبة الغرف ونشرت الصحف أن زنزاناتنا قد أغرقتها المياه " (ص ٢٨٣)، وقد واجهت حكومة الأفريكانو الهجين هذه الضجة الإعلامية بتعتيم كامل على قضية مانديلا وصحبه ، يحاصرون أخباره ويمنعون نشرها ويبعدون ذكره بكل طريقة ، ويحاولون - على طريقة المستبدين الأقزام - إشغال الناس بسماع أخبار منجزاﺗﻬم وذكر أسمائهم هم وقد بقي كلامه محرمًا في بلده على قومه لمدة عشرين عامًا (ص ٢٨٧). ولكنهم في النهاية ينفقون أموال الدعاية وتكون عليهم حسرة ثم يُغلبون ويخرجون أو يستسلمون للسلطة الجديدة.
ومع هذا فقد كانت حملة المؤتمر الإفريقي لمناصرة مانديلا وصحبه كبيرة متنوعة ، شملت بقاع العالم الواسعة . وعمل المؤتمر على أن يحصل مانديلا على جائزة ﻧﻬرو في الهند ، وحضر أوليفر رئيس الحزب لتسلمها نيابة عنه .
ولم يفتّ السجن في همته على الرغم من قسوته ، وربما ساعده على ذلك كثرة العدد المعتقل وعالمية الدفاع ووضوح القضية .
يقول لهم مرة : "إذا خرجت من السجن في نفس الظروف التي اعتُقلت فيها فإنني سأقوم بنفس الممارسات التي سُجنت من أجلها " (ص ٢٨٧ ) ؛ ولذلك كان "مانديلا" يؤكد أن تجربة النضال في جنوب إفريقية علَّمته أن العنف ليس دائمًا خيارًا منبوذًا عنده ، بل يقول : "إن خمسين عامًا من عدم العنف من جانب المؤتمر لم ينتج عنها سوى القوانين الظالمة ، والاستغلال والاضطهاد للإفريقيين ، وهكذا بدت السياسة التي ﺗﻬدف إلى إقامة الدولة غير العنصرية عن طريق عدم العنف غير مجدية" (ص ١٩٥ ) ؛ فقد أجبرﺗﻬم غطرسة المحتلين العنصريين على المواجهة بوسائل أخرى .
ثم يتواضع ويتفلسف ، فيقول - عن علاقته التي انتهت وبزوجته إلى الطلاق - : "لكني مقتنع أن حياة زوجتي أثناء وجودي في السجن كانت أصعب من حياتي ، وكانت عودتي أكثر صعوبة بالنسبة لها .
فقد تزوجتْ رجلا ً سرعان ما تركها وصار ذلك الرجل أسطورة ، وعند عودة الأسطورة إلى المنزل ظهر أنه مجرد رجل " (ص ٣٤٧ ) ، وهنا لمسة تواضع جميلة ؛ فقد قل عنده الغرور الذي يركب مَن كان في مثل إنجازه .

المعتقدات الراسخة :
ساق الكتاب بلا ﺗﻬويل - كالذي حدث في بعض الكتب التي تصف ملامح السجون العنصرية - أنواعًا من العذاب الدائم والتصميم المستمر عنده وعند صحبه على المواجهة والتعلم والتطور وترقية القدرات العلمية والعقلية ، وقد حصل على شهادة جامعية في السجن . ويقول : "أما جسم الإنسان فيتكيف مع أي ظروف قاسية ، كما أن المعتقدات الراسخة هي سر البقاء في ظروف الحرمان " (ص ٢٢٦ ).
ويقارن هذا بما ورد عند فرانكل - في كتابه "الإنسان يبحث عن معنى " - : "إن السجين الذي فقد ثقته بمستقبله وبالمستقبل عامة يكون قد حكم على نفسه بالفناء . وهو مع فقدانه للثقة بالمستقبل يفقد تماسكه. ( المعنوي ، ويكون بذلك قد ترك نفسه للتدهور، وأصبح عرضة للاﻧﻬيار العقلي والجسمي" (ص ١٠٥ )
إن أمانة الكلمة والموقف ، وصحة التوجه والقصد ، تُلزم الشرفاء المخلصين وزعماء الأمة ودعاة الحق أن ينادوا بحرية الأمة وزرع أخلاق العزة والاستقلال وكرامة الأنفس والحرمات والأعراض والبيوت من أن تكون ﻧﻬبًا مستباحًا ، فلم يستبِحْ الغزاة دول وأقطار المسلمين وحرماﺗﻬم وأعراضهم وثروﺗﻬم وحدودهم إلا لأﻧﻬم قد قبلوا قبل ذلك بمستبيح مستبد صغير ، لا يرعى لهم حرمة ، ولا يقدر لهم قدرًا ولا دينًا ؛ ولأﻧﻬم سكتوا عن طلب العدل والحرية والمساواة، فلم يعرفوها ولن يرَوْها ولن يذوقوها حتى يدفعوا ثمنها.
والله غالب على أمره .
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 01:59 pm
مهاتير محمد نجاح بلا حدود

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مهاتير محمد

الرجل الذي قاد مشروع التنمية الماليزي وخطط له، ونجح في وضع ماليزيا على هذا المسار منذ عقود هو مهاتير محمد، وهو سياسي إسلامي له فهم وإدراك خاصين للإسلام يتسمان بالواقعية، ويبدوان أقرب في التسمية إلى"العلمانية المؤمنة"أي بناء نظام سياسي إسلامي قوي، لكن بتفسير متقدم للإسلام، مختلف تماما عن طرح الأحزاب الإسلامية العربية.
كما يحدد مهاتير طبيعة العلاقة بين الإسلام والحركة السياسة في ماليزيا بـ"التعايش"، والتي تعني التسليم بقدر من التقبل المشترك من قبل الحركة للإسلام ومن قبل الإسلام للحركة.

ومع الإقرار بدور مهاتير محمد في التنمية الاقتصادية الماليزية، إلاّ أنَّ قراءة التجربة الماليزية في السياق الكلي مع التجارب الآسيوية الأخرى (الأندونسية والكورية والسنغافورية والصينية واليابانية) -وكلها تجارب اقتصادية وتنموية ناجحة على الرغم من تعدد الأديان واختلاف سمات النظم السياسية- تبرز أن الإسلام يمكن أن يكون عاملا مساعدا في التجربة الماليزية، لكنه ليس العامل المحفز الرئيس الذي يمكن أن نعزو له نجاح تلك التجربة. في هذا السياق، يرجع العديد من المثقفين نجاح التنمية في تلك الدول إلى "الثقافة الآسيوية" التي تقدس الجماعة والعمل والإنجاز والوقت .
بالعودة إلى ماليزيا، فإن ما يمكن الوقوف عنده هو دور الإرادة السياسية، ودور العامل الثقافي-الاجتماعي في التنمية. وأحد أهم استحقاقات المقارنة والإفادة من التجربة الماليزية "عربيا" هو أهمية بناء تفسير وإدراك للإسلام يدفعان المجتمع إلى العمل والعطاء وروح النظام والعمل الجماعي التنموي، وهو ما يلقي عبئا كبيرا على دور المثقفين والفقهاء.
في المحصلة، لا يمكن استنساخ التجربة الآسيوية، لاسيما مع وجود خصوصية العامل الثقافي هناك، لكن ما يمكن استخلاصه من المقارنة أن هناك "إطارا ثقافيا للتنمية الاقتصادية" لابد من الوصول إليه في العالم العربي. هذا هو التحدي المطروح، ليس على الحكومات أو المثقفين فحسب، بل على الحركات الإسلامية العربية التي ذهبت بعيدا في شواغل السياسة عن فكر التنمية الاقتصادية. مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق ومن أعظم القادة السياسيين والاقتصاديين في آسيا، استطاع تغيير وجه ماليزيا وتمكن من أن ينهض بها تنموياً ويجعلها في مصاف الدول الاقتصادية المتقدمة، حيث تمكن من الانتقال بها من مجرد دولة زراعية تعتمد على تصدير السلع البسيطة إلى دولة صناعية متقدمة، فأصبح الفكر التنموي للزعيم الماليزي مهاتير محمد مثلاً يحتذي به العديد من القادة والسياسيين والاقتصاديين في جميع أنحاء العالم.

ولد مهاتير محمد في ديسمبر عام 1925م بولاية كيداه بماليزيا، وتلقى دراسته بكلية السلطان عبد الحميد، ثم درس الطب بكلية " المالاي " بسنغافورة والتي كانت تعرف بكلية الملك إدوارد السابع الطبية، وقام بدراسة الشؤون الدولية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1967م.

حياته العملية
قام السيد مهاتير بعد تخرجه بالعمل بالطب في عيادته الخاصة والتي كان يقوم بعلاج الفقراء بها مجاناً، كما عمل كضابط طبيب بسلاح الخدمات الطبية، عرف مهاتير باتجاهاته السياسية، فعرف بانتمائه لتنظيم اتحاد الملايو حيث تدرج فيه من عضو المجلس الأعلى لتنظيم اتحاد الملايو الوطني، ثم نائب رئيس له، ثم بعد ذلك رئيس له عام 1981، شغل عدد من المناصب منها: عين مندوب ماليزيا بالأمم المتحدة 1963، عضو برلمان منتخب عن منطقة كوتا سيتار، عضو مجلس الشيوخ، عضو برلمان منتخب عن منطقة كوبانج باسو، رئيس مجلس التعليم العالي الأول ورئيس مجلس الجامعة الوطنية في السبعينات، ثم وزيراً للتربية والتعليم من عام 1974 حتى 1981، نائب رئيس الوزراء ووزير التجارة والصناعة، رئيس الوزراء ووزير الشؤون الداخلية 1981 .

مهاتير محمد رئيساً للوزراء
في عام 1970 كتب الدكتور مهاتير محمد كتابا بعنوان "معضلة المالايو" انتقد فيه بشدة شعب المالايو واتهمهه بالكسل، والرضا بان تظل بلاده دولة زراعية متخلفة دون محاولة تطويرها.
وقرر الحزب الحاكم في ماليزيا، والذي يحمل اسم منظمة المالايو القومية المتحدة، منع الكتاب من التداول نظرا للآراء العنيفة التي تضمنها، واصبح مهاتير محمد في نظر قادة الحزب مجرد شاب متمرد لابد ان تحظر مؤلفاته.
غير ان مهاتير سرعان ما اقنع قادة الحزب بقدراته، وصعد نجمه في الحياة السياسية بسرعة، وتولى رئاسة وزراء بلاده من عام 1981 لمدة 22 عاما،
واتيحت له الفرصة كاملة ليحول افكاره الى واقع، بحيث اصبحت ماليزيا احد انجح الاقتصاديات في جنوب آسيا والعالم الاسلامي.
حيث وصلت ماليزيا في عهده إلى ذروة مجدها وارتفع نصيب دخل الفرد فيها ارتفاعاً كبيراً، كما تم تقليص حجم البطالة فيها بشكل ملحوظ ، استطاع من خلال منصبه أن يتجه بالبلاد نحو نهضة اقتصادية عالية حيث حقق نسب عالية جدا في معدل النمو الاقتصادي للبلاد، ورسم الخطط بحيث تصبح بلاده بحلول عام 2020 بلد على درجة عالية من التقدم الصناعي .
فقد تحولت ماليزيا من دولة زراعية تعتمد على انتاج وتصدير المواد الاولية، خاصة القصدير والمطاط، الى دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعي الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي، وتبلغ نسبة صادرات السلع المصنعة 85% من اجمالي الصادرات، وتنتج 80% من السيارات التي تسير في الشوارع الماليزية.
وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% من اجمالي السكان في عام 1970، اي اكثر من نصفهم، الى 5% فقط في عام 2002، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 الى 8862 دولارا في عام 2002، اي ان دخل المواطن زاد لاكثر من سبعة امثال ما كان عليه منذ ثلاثين عاما، وانخفضت نسبة البطالة الى 3%.

الفكر التنموي لمهاتير
تبنى مهاتير محمد المنهج التنموي ودفع بالمالايا نحوالنهضة التنموية من خلال توفير مستويات عالية من التعليم والتكنولوجيا لهم، كما دفع بهم لتعلم اللغة الإنجليزية، وقام بإرسال البعثات التعليمية للخارج وتواصل مع الجامعات الأجنبية، حاول جهده في إطار سياسته الاقتصادية
بتجهيزالمواطن الماليزي بكافة الوسائل العلمية والتكنولوجية لكي يستطيع الانفتاح والتواصل مع العالم الخارجي والتعرف على الثقافات المختلفة، ثم بعد ذلك الدفع به إلى سوق العمل من أجل زيادة الإنتاج وخفض مستوى البطالة بين أفراد الشعب، حيث كان يهدف لتفعيل الجزء الأكبر من المجتمع الأمر الذي يعود على ارتفاع مستوى التنمية
الاقتصادية للبلاد في نهاية الأمر، واستطاع أن يحول ماليزيا من دولة زراعية يعتمد اقتصادها على تصدير السلع الزراعية والمواد الأولية البسيطة مثل المطاط والقصدير وغيرها إلى دولة صناعية متقدمة، حيث شارك القطاع الصناعي والخدمي في اقتصادها بنسبة 90 %، وأصبحت معظم السيارات التي توجد بها صناعة ماليزية خالصة، وزاد نصيب دخل الفرد زيادة ملحوظة فأصبحت واحدة من أنجح الدول الصناعية في جنوب آسيا، كما أدى هذا التحول إلى تقوية المركز المالي للدولة ككل.
وأصبحت تجربة ماليزيا في النهضة الصناعية التي قامت بها تحت رعاية مهاتير محمد مثل تحتذي به الدول، ومادة للدراسة من قبل الاقتصاديين.

وجود رؤية للمستقبل
بالطبع لم يتحقق كل هذا من فراغ، بل كان وراءه مجموعة من السياسات التي جعلت ماليزيا تتمتع باحد افضل بيئات الاستثمار في جنوب آسيا حسب دراسات البنك الدولي. والاهم من ذلك هو ان الحكومة الماليزية كان لديها دائما تصور او رؤية للمستقبل.

ويرى عبد العزيز محمد المفوض الاعلى لماليزيا في بريطانيا في حوار مع بي بي سي آريبك اونلاين ان مهاتير لم يكن فقط سياسيا يتولى رئاسة الوزراء بل كان ايضا مفكر له كتبه ومؤلفاته، وصاحب رؤية لما ينبغي ان تكون عليه بلاده.
وابرز مثال على ذلك خطة 2020 التي يعتبر مهاتير مهندسها، والتي تقوم على فكرة ان تصبح ماليزيا بحلول هذا التاريخ دولة مكتملة البنيان الصناعي، وهو هدف يبدو شديد الطموح، لكن نجاح ماليزيا في النمو بنسبة 6.7% في الفترة من 1971 الى 1990، ثم بنسبة 7.1% في الفترة من 1991 الى 2000 يجعلها قادرة على تحقيق هذا الهدف اذا كررت نفس السيناريو.

سياسة الاتجاه الى الشرق
يقول مهاتير محمد في آخر تقرير له عن الموازنة العامة قبل تقاعده كرئيس للوزراء ان حكومته ادركت تماما اهمية اعتناق قيم ايجابية لتحقيق التقدم المنشود، ولهذا اعتنق منذ 22 عاما سياسة النظر الى الشرق، والمقصود بها اعتناق قيم العمل السائدة في اليابان وكوريا التي تقوم اساسا على الانضباط الشديد والاخلاص التام لجهة العمل، والحرص على اختيار المديرين ليكونوا قدوة لموظفيهم.

توزان بين الاعراق
من الامور اللافتة للنظر في تجربة ماليزيا قدرة المجتمع الماليزي على تجنب الصراعات والخلافات بين المجموعات العرقية الثلاثة المكونة للسكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة، وهي المالايو الذين يمثلون 58% من السكان، والصينيون الذين تبلغ نسبتهم 24%، والهنود البالغ نسبتهم 7%.
اعتمد مهاتير في فكره للتقدم بالبلاد على ركائز أساسية ويعد أولها بل في مقدمتها الوحدة بين فئات الشعب حيث إن سكان ماليزيا ينقسموا إلى السكان الأصليين وهم المالايا ويمثلون أكثر من نصف سكان ماليزيا، وقسم آخر من الصينيين والهنود وأقليات أخرى، وأيضاً توجد الديانة الأساسية وهي الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى مثل البوذية والهندوسية "ولقد نص الدستور الماليزي على أن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام مع ضمان الحقوق الدينية للأقليات الدينية الأخرى "، لذلك لزم التوحد بين جميع الأطراف لتسير البلاد كلها من أجل الاتجاه نحو هدف واحد والعمل وفق منظومة تتكاتف فيها جميع الفئات، والركيزة الثانية في خطة التنمية تمثلت في البحث عن دولة مناسبة تقوم بعملية الدعم لماليزيا في تجربتها نحو التقدم والتنمية وكانت هذه الدولة هي اليابان التي أصبحت من أكبر حلفاء ماليزيا في مشروعها نحو التنمية والتقدم، وثالثاًُ العمل على جذب الاستثمار نحو ماليزيا وتوجيه الأنظار إليها، كما قام مهاتيربإدخال التكنولوجيا الحديثة والتدريب عليها حتى يتم الانتقال بالبلاد سريعاً إلى مرحلة أخرى أكثر تقدماً وأيضاً لتحقيق إمكانيات التواصل مع العالم الخارجي.

ازمة 1997
اكد مهاتير دائما رفضه لفكرة العولمة حسبما تقدمها او تفسرها الولايات المتحدة، ذلك لانها ستؤدي الى فتح اسواق الدول النامية امام الشركات الامريكية العملاقة التي لا تقوى مؤسسات الدول النامية على منافستها، وينتهي الامر باستمرار احتكار الشركات الكبرى.
ويرى مهاتير انه لا يجب ان تقبل اي افكار او سياسات لمجرد انها صادرة من الغرب، وطبق افكاره عمليا عندما رفض تطبيق السياسات التي اوصى بها صندوق النقد الدولي اثناء ازمة الاسواق الآسيوية التي طالت دول منطقة جنوب آسيا بما فيها ماليزيا.
فقد تعرضت العملة الماليزية، وهي الرينجيت، الى مضاربات واسعة بهدف تخفيض قيمتها، وظهرت عمليات تحويل نقدي واسعة الى خارج ماليزيا، وبدا ان النجاح الذي حققته على وشك التحول الى فشل. وبعد بحث مستفيض للموضوع، اصدر مهاتير مجموعة قرارات تهدف الى فرض قيود على التحويلات النقدية خاصة الحسابات التي يملكها غير المقيمين، وفرض اسعار صرف محددة لبعض المعاملات، وهذا يخالف سياسة تعويم العملة التي يصر عليها صندوق النقد الدولي دائما.
ورغم ضغوط الصندوق، اصر مهاتير على سياسته التي اثبتت الايام انها كانت ناجحة حتى ان دولا كثيرة تدرسها وتحاول تكرارها. لكن وسائل الاعلام العالمية، حسبما يقول مهاتير، ترفض الاعتراف بالنجاح الذي حققته ماليزيا في مواجهة الازمة المالية الآسيوية، ولا تظهره بالشكل الكافي.

مشكلات سياسية
تعرض الزعيم الماليزي مهاتير محمد للعديد من الانتقادات على مدار حياته السياسية حيث وصفه البعض بالديكتاتور ولكن جاء قرار استقالته وهو في قمة مجده لينسف هذا المعتقد حيث لم يستأثر بالحكم على الرغم من النجاح الساحق الذي حققه أثناء حكمه للبلاد، وظل مثيراً للجدل من قبل الغرب نظراً لتصريحاته اللاذعة الشديدة اللهجة دائماً.
وكانت أكثر هذه التصريحات جرأة وإثارة لغضب الغرب تلك التي كانت في القمة الإسلامية التي عقدت في ماليزيا حيث انتقد اليهود بشدة في كلمته التي ألقاها حيث أشار لسيطرتهم على القرار الدولي وقيامهم بإشعال نيران الحرب ضد المسلمين.
اوضح تقرير خاص لمجلة الايكونومسيت عن تجربة ماليزيا في عهد مهاتير محمد انه على الرغم من النجاح الاقتصادي الذي تحقق، الا ان تركيز كل السلطات في يد مهاتير لم يسمح بتطور التجربة الديمقراطية في ماليزيا، كما لم يسمح بظهور اي زعيم قوي، وبدا الامر وكأن مهاتير لن يتقاعد ابدا.

لقد اختار مهاتير في عام 1986 صديقه لسنوات طويلة موسى هيتلم نائبا له، الا انه استقال بعد خمس سنوات بسبب خلافه المستمر مع مهاتير، ووصفه الاسبوع الماضي بانه "رجل عنيد جدا".
ثم اختار مهاتير انور ابراهيم للمنصب الشاغر، وتكرر السيناريو ليرحل ابراهيم بعد خمس سنوات اثر خلافات حادة مع مهاتير، لكن الرحيل هذه المرة كان مدويا اذ صحبته اتهامات لابراهيم بالفساد والشذوذ الجنسي انتهت به الى السجن حتى الآن.
ويرى كثير من المراقبين ان مهاتير قرر انهاء الحياة السياسية لابراهيم بهذه الاتهامات، التي انكرها ابراهيم باستمرار، بعد ان اشتد الخلاف بين الرجلين.
واخيرا وقع الاختيار على عبد الله بدوي لخلافة مهاتير، ويبدو ان بدوي تعلم من التجربتين السابقتين فعاش تحت ظلال مهاتير دون خلافات او مشكلات ظاهرة حتى تولى منصب رئيس الوزراء في مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2003.
وبالاضافة الى مشكلاته السياسية الداخلية اثار مهاتير ايضا جدلا سياسيا خارجيا مستمرا بآرائه التي ينتقد فيها الغرب بشكل عام والولايات المتحدة واستراليا بشكل خاص، واخيرا تصريحاته الشهيرة عن اليهود التي قال فيها ان اليهود يحكمون العالم بالوكالة ويرسلون غيرهم للموت نيابة عنهم.
ولكن هل يعني تنحي مهاتير عن منصبه انه سيتوقف عن ممارسة دور في الحياة السياسية الماليزية؟
يقارن تقرير "الايكونوميست" بين تجربة مهاتير في ماليزيا وتجربة رئيس وزراء سنغافورة السابق لي كون يو الذي حول جزيرته الصغيرة الى عملاق اقتصادي وصناعي، واستمر في الهيمنة على الحياة السياسية في بلاده بعد تقاعده.
ونظرا لان مهاتير عبر دائما عن اعجابه بتجربة لي كون فمن الممكن ان يسلك مسلكه ويستمر في ممارسة دور في الحياة السياسية لبلاده.
وهذا يعني انه ربما يكون هناك فصل آخر في تجربة مهاتير قد يتم عرضه في السنوات القادمة.

اعتزال الحياة السياسية

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مهاتير مع رئيس الوزراء الجديد عبد الله بدوي

قرر الزعيم الماليزي الانسحاب من السلطة وهو في قمة مجده بعد أن استطاع نقل البلاد إلى مرحلة جديدة متقدمة من النهضة الاقتصادية، وبعد قيامه برئاسة الوزراء لمدة 22عاماً، وكان زعيم حزب الأغلبية في البرلمان الماليزي، فقد قرر اعتزال الحياة السياسية عام 2003 بعد أن أثبت للعالم إمكانية قيام دولة إسلامية بالنهوض اقتصادياً بالاعتماد على شعبها والوحدة والتآلف بين جميع أفراده بمختلف ديانتهم وأعراقهم، قام مهاتير محمد بتسليم مقاليد البلاد لخليفته عبد الله أحمد بدوي وهو في قمة نجاحه، وأصبح بعد ذلك الرجل الاقتصادي الحكيم والذي يعد منهجه السياسي والتنموي مرجع للعديد من السياسيين والقادة في بلاده وفي جميع أنحاء العالم .

مهاتير اختار بدوي بعد خلافه مع سابقيه
وقد يبدو هذا مخالفا لمفهوم البحث عن قيم التطور في الغرب عموما والولايات المتحدة بشكل خاص، لكن مهاتير رأى دائما ان ثقافة العمل في اليابان بشكل خاص هي الانسب لثقافة وتكوين بلاده.

مهاتير في اليوم الاخير لرئاسة الوزراء
ويقول عبد العزيز محمد انه اثر الصدامات العرقية التي وقعت عام 1969، ادرك الماليزيون ان استمرارها يعني ان يخسر الجميع، ومن ثم استطاع قادة المجموعات العرقية ايقاف هذه الصدامات بحيث لم تتكرر بعدها الى اليوم.
ويضيف ان التحالف الحاكم يضم 14 حزبا تمثل مختلف المجموعات العرقية، وهذا يعني ان المالايو، وهم الاغلبية، قبلوا المشاركة في السلطة لا الاستئثار بها. وهذه المشاركة هي التي ضمنت انتقال السلطة بسهولة من مهاتير الى خليفته اذ انه انتقال داخل اطار النظام وليس تغييرا للنظام.

مؤلفات له وعنه
قام مهاتير محمد بتأليف كتاب " معضلة الملايو" عام 1970م، وهو الكتاب الذي أثار ضجة وقام فيه بانتقاد الشعب المالاوي واتهمه بالكسل ودعا فيه الشعب لثورة صناعية تنقل ماليزيا من إطار الدول الزراعية المتخلفة إلى دولة ذات نهضة اقتصادية عالية، ولقد تم منع الكتاب من قبل منظمة المالايو القومية المتحدة ولكنه استطاع أن يتجاوز هذا وبدأ يظهر كشخصية سياسية لها فكر مختلف حتى وصل لرئاسة الوزراء عام 1981م.
كما قام بتأليف عدد آخر من الكتب منها كتاب " صوت ماليزيا"، و"صوت آسيا – زعيمان أسيويان يناقشان أمور القرن المقبل" هذا الكتاب الذي قام بالمشاركة بتأليفه مع السياسي الياباني شينتارو اشيهار.
وقد قام عدد من المؤلفين والكتاب بتناول حياة الزعيم الماليزي مهاتير محمد والتجربة الماليزية سواء في مقالتهم أو كتبهم نذكر منهم الكاتب والصحفي الفلسطيني الدكتور عبد الرحيم عبد الواحد والذي قام بتأليف كتاب عنوانه " مهاتير محمد .. عاقل في زمن الجنون " حيث يستعرض فيه التجربة الماليزية والظروف التي عاشتها وكيفية تغلبها على الأزمات التي واجهتها، كما ركز في الكتاب على شخصية مهاتير محمد وفلسفته ورؤيته الاقتصادية والسياسية والإسلامية خلال فترة رئاسته للوزراء.

مقتطفات من الطبعة الرابعة من كتاب:

"مهاتير محمد.. عاقل في زمن الجنون"

تأليف د. عبد الرحيم عبد الواحد


يبدى الكاتب إعجاباً شديداً بمهاتير منذ الحروف الأولى لكتابه حيث يقول في مقدمته: "بهامته الشامخة كما هي ماليزيا، وبساطته وتواضعه، يسطر الدكتور مهاتير أروع الأمثلة الإنسانية التي جاءت وليدة قناعاته ونظرياته وفلسفته الحياتية، حيث قاد بلاده إلى النهضة والتطور ومن ثم إلى بر الأمان بعد مشوار طويل من التضحيات.
ينقسم الكتاب إلى 10 أبواب و42 فصلاً، تناولت كافة مفردات التجربة الماليزية الغنية بتجارب مثالية نادرة الحدوث في عالم اليوم، كما أوضحت أسباب ووسائل الزعيم الماليزي في النهوض ببلاده منذ عام 1981 وحتى استقالته عام 2003م.

الباب الأول
بدأ المؤلف كتابه من حيث أنهى مهاتير حياته السياسية بكلمته المثيرة للجدل حول اليهود والسامية خلال خطاب استقالته، على هامش انعقاد الدورة العاشرة لمؤتمر "القمة الإسلامي" في العاصمة الماليزية كوالالمبور في 18 أكتوبر 2003م، حيث خصص الباب الأول "الاستقالة واليهود... مشهد الحقيقة"، أشار فيه إلى المزاعم والافتراءات التي تعرض لها مهاتير وغيره من الساسة وكبار الشخصيات التي تعرضت للاضطهاد اليهودي بسبب كشفهم لحقائق الواقع. وفي الوقت نفسه حفرت استقالة مهاتير في ذاكرة الشعوب الماليزية والعربية والإسلامية والعالمية، مبادئ ومواقف مشرفة ستظل لعقود مقبلة نبراساً وأسلوباً متميزاً في الحكم والإدارة والسياسة والاقتصاد والطب. فبعد 22 عاماً من السلطة، جاء الاستخلاف السياسي في ماليزيا بطريقة فريدة مثالية قلما تجدها في عالمنا الثالث، حيث تنازل مهاتير عن منصبة وهو في أوج قوته ومكانته السياسية والاقتصادية.

الباب الثاني
ولم يكن موضوع الباب الثاني من الكتاب سوى دليل آخر على شجاعة مهاتير وثباته على المواقف حيث تعرض الكاتب لمزاعم اليهود بما يسمى بمعاداة السامية، وتدفعنا تلك المواقف اليهودية والمؤيدة لها إلى التساؤل: لماذا صمتت الدول الغربية وغيرها، ولا تزال، ومنذ زمن بعيد تجاه الإهانات والهجمات والإساءات التي يتعرض لها الإسلام بل والنبي محمد {.

الباب الثالث
ويخصص الكاتب الباب الثالث للشأن السياسي الماليزي، وذلك بطرح قضية حساسة وشائكة للغاية، وخاصة أن طرفها الآخر المفرج عنه من المعتقل حديثاً أنور إبراهيم النائب السابق لمهاتير، حيث يطرح قضايا وتوجهات ومواقف الأحزاب الإسلامية والقومية المعارضة ورؤيتها الخاصة لبناء ماليزيا الإسلامية.

الباب الرابع
ويتحول الكاتب في بداية الباب الرابع للحديث عن سياسة مهاتير، مبيناً الإنجازات والمواقف التي ساهمت في بناء ماليزيا، وكيف استطاعت ماليزيا تحقيق مثل تلك النجاحات فيما فشل الآخرون الذين لم يعانوا مثلما عانته ماليزيا طائفياً وسياسياً واقتصادياً. وعبر تسعة فصول، يعرض الأول للأسباب التي من أجلها استحق مهاتير ثقة شعبه، وفي الفصل الثاني نبحث في التوجهات التي انتهجها مهاتير، وتمثلت في الاقتداء بالسياسة اليابانية لبناء دولته ثم يتناول الفصل الثالث مظاهر وأسباب الوحدة التي تتمتع بها ماليزيا، أما الفصل الرابع فيبين أسلوب الخصخصة ودوره في تنمية الاقتصاد الماليزي، ويعرض الفصل الخامس للرؤى والتصورات المستقبلية التي يراها مهاتير في بناء ماليزيا الجديدة بحلول عام 2020م، وتكملة لذلك يأتي الفصل السادس ليحكي قصة ماليزيا مع التكنولوجيا والمعلومات ودورهما في بناء مستقبل الأجيال المقبلة، ثم يتناول الفصل السابع مزايا التحولات التي عاشتها ماليزيا خلال السنوات الماضية، فيما يحدد الفصل الثامن الأساليب والوسائل التي انتهجتها القيادة الماليزية لمواجهة الأزمات المالية التي تعرضت لها وخاصة عام 1997م، وأخيراً يأتي الفصل التاسع ليشرح فلسفة الدكتور مهاتير الاجتماعية والقيم الإسلامية التي حاول جاهداً لتكون الأسس التي يقوم عليها البناء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع الماليزي.

يتبع
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 02:00 pm
الباب الخامس
وفي مكان آخر يتناول الكتاب زاوية جديدة من أفكار مهاتير تمثلت في التوجهات والنظريات الإسلامية وارتباطها بالتقدم والتطورات التي وصلت إليها ماليزيا خلال السنوات الماضية، حيث تستحوذ القضايا الإسلامية بكافة أبعادها وصورها المحلية والدولية على نصيب وافر من فلسفة الدكتور مهاتير محمد الذي لم يقصر في دعمها. كما بحث هذا الباب مفاهيم ورؤى الدكتور مهاتير تجاه العديد من المسائل، فالفصل الأول يستعرض مواقف مهاتير الخاصة بالإرهاب وعلاقته بالإسلام، فيما يسهب الفصل الثاني في تفسير تداعيات هجمات 11 سبتمبر 2001م على الولايات المتحدة، ثم يأتي الفصل الثالث لبيان الكيفية التي دعم بها مهاتير الدول الإسلامية في المحافل الدولية، ثم الفصل الرابع الذي يتعرض للمشاركة الماليزية الفعالة في المؤتمرات الإسلامية، وأخيراً يستعرض الفصل الخامس الدعوات الخاصة التي يطلقها مهاتير لتحقيق الوحدة الإسلامية.

الباب السادس
ويشرح الباب السادس المفاهيم ونظريات الاقتصادية التي أرساها مهاتير في التعامل مع كافة القضايا والتحديات الاقتصادية التي تعرضت لها بلاده، حيث ينطلق مهاتير في دعواته الدائمة إلى ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية لتحقيق التنمية من قناعة راسخة بحتمية هذا الأمر للارتقاء بحال الأمة، والنهوض بها من الواقع المأزوم الذي تعانيه إلى المستقبل المنشود والارتقاء بها من خلال مشاريع واقعية تتوفر لها أسباب النجاح.

حديث عن العولمة
ويعود مهاتير للربط بين التحديات الاقتصادية للعولمة وواقع ومستقبل الأمة الإسلامية فيقول: "بالتمعن في تجليات العولمة بشكلها الحالي من اقتحام للحدود القطرية، وإزالة الحواجز أمام حركة رؤوس الأموال وتمكينها من التدفق عبر الحدود دون كابح أو قيد فإنها من دون شك تصب في مصلحة الغرب والشعوب الغربية، ذلك لأننا لم نحسن استثمار الثروات الضخمة.
ويخلص مهاتير إلى طرح رؤية أكثر تفاؤلاً للمستقبل إذا ما تم تكريس التعاون بين الدول الإسلامية فيقول: "نحن فقدنا الكثير من مقدراتنا، لكننا لم نفقد كل شيء، حيث مازلنا نملك الأصول والموجودات، ومقومات القوة الحقيقية، ونحن بحاجة في الوقت الحالي إلى رصد تلك الإمكانيات، والمقومات، ومن ثم العمل سوياً على بلورة الخطط والبرامج التي تمكن من تفعيل استخدامها بأقصى طاقتها للارتقاء بالمردود، ومما لا شك فيه أن العالم الإسلامي زاخر بالمهارات العالية والعقول النادرة التي هاجرت إلى الغرب، ونحن مطالبون بتوفير البيئة الملائمة التي تغري علماءنا بالعودة إلى بلدانهم بما يمكننا من الاستفادة من إمكاناتهم في إعادة بناء أمتنا واللحاق بركب الدول المتقدمة".

مواجهة صندوق النقد الدولي
المطالع لأفكار مهاتير بهذا الشأن يكتشف بجلاء كيف يربط بين مظاهر السياسة المعقدة، والأحداث الجارية، واستجابة ماليزيا الواعية لتطورات وضغوط العولمة، حيث اتبعت سياسات جريئة عندما كانت في أتون الأزمة المالية والاقتصادية في الفترة من عام 1997م وحتى عام 1999م، لصد المضاربة في البورصة ولإنعاش الاقتصاد بعد أن كان على حافة الانهيار فكانت ماليزيا الدولة الوحيدة التي واجهت الأزمة الاقتصادية في ذلك الوقت ورفضت سياسات صندوق النقد الدولي، وابتكرت سياستها الخاصة التي اشتملت على سعر الصرف الثابت وعدم تعويم النقد، وغيرها من الإجراءات... ولعل عدم لجوء ماليزيا إلى "روشتة" صندوق النقد الدولي في مثل هذه الحالات جنب البلاد الاضطرار إلى اللجوء إلى سياسة الباب المفتوح للقوى المالية الأجنبية لشراء الأصول الوطنية كما في الدول الأخرى، ولقد ساهمت تلك السياسات المبتكرة في إنعاش الاقتصاد، الماليزي و في إنعاش الاقتصاد داخلياً، الأمر الذي جعل العالم أجمع يهتم بهذه السياسات، لمعرفة الخيار الماليزي الذي أنقذ البلاد.
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 02:04 pm
د. عبد العزيز الرنتيسي

(8 اكتوبر 1947- 17 ابريل 2004)


[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إضغط هنا لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي.


الدكتور عبد العزيز الرنتيسي (8 اكتوبر 1947- 17 ابريل 2004) مناضل فلسطيني وأحد مؤسسي حركة المقاومة الإسلامية حماس. وقائد الحركة في قطاع غزة قبل إغتياله.

وُلِد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23/10/1947 في قرية يبنا (بين عسقلان و يافا)
لجأت أسرته بعد حرب 1948 إلى قطاع غزة و استقرت في مخيم خانيونس للاجئين و كان عمره وقتها ستة شهور . نشأ الرنتيسي بين تسعة إخوة و أختين .

تعليمه

التحق في السادسة من عمره بمدرسةٍ تابعة لوكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين و اضطر للعمل أيضاً و هو في هذا العمر ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة التي كانت تمرّ بظروف صعبة . و أنهى دراسته الثانوية عام 1965 ، و تخرّج من كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 1972 ، و نال منها لاحقاً الماجستير في طب الأطفال ، ثم عمِل طبيباً مقيماً في مستشفى ناصر (المركز الطبي الرئيسي في خانيونس) عام 1976 .

حياته و نشاطه السياسي

- متزوّج و أب لستة أطفال (ولدان و أربع بنات) .

- شغل د. الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها عضوية هئية إدارية في المجمع الإسلامي ، و الجمعية الطبية العربية بقطاع غزة (نقابة الأطباء) ، و الهلال الأحمر الفلسطيني .

- عمِل في الجامعة الإسلامية في غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضراً يدرّس مساقاتٍ في العلوم و علم الوراثة و علم الطفيليات .

- اعتقل عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال ،

- اعتقل مرة ثالثة في 4/2/1988 حيث ظلّ محتجزاً في سجون الاحتلال لمدة عامين و نصف على خلفية المشاركة في أنشطة معادية للاحتلال الصهيوني ، و أطلق سراحه في 4/9/1990 ، و اعتُقِل مرة أخرى في 14/12/1990 و ظلّ رهن الاعتقال الإداري مدة عام .

- أُبعِد في 17/12/1992 مع 400 شخصٍ من نشطاء و كوادر حركتي حماس و الجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان ، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة بمنطقة مرج الزهور لإرغام الكيان الصهيوني على إعادتهم .

- اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني فور عودته من مرج الزهور و أصدرت محكمة صهيونية عسكرية حكماً عليه بالسجن و ظلّ محتجزاً حتى أواسط عام 1997 .

- كان أحد مؤسّسي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة عام 1987 ، و كان أول من اعتُقل من قادة الحركة بعد إشعال حركته الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987 ، ففي 15/1/1988 جرى اعتقاله لمدة 21 يوماً بعد عراكٍ بالأيدي بينه و بين جنود الاحتلال الذين أرادوا اقتحام غرفة نومه فاشتبك معهم لصدّهم عن الغرفة ، فاعتقلوه دون أن يتمكّنوا من دخول الغرفة .

- و بعد شهرٍ من الإفراج عنه تم اعتقاله بتاريخ 4/3/1988 حيث ظلّ محتجزاً في سجون الاحتلال لمدة عامين و نصف العام حيث وجّهت له تهمة المشاركة في تأسيس و قيادة حماس و صياغة المنشور الأول للانتفاضة بينما لم يعترف في التحقيق بشيء من ذلك فحوكم على قانون "تامير" ، ليطلق سراحه في 4/9/1990 ، ثم عاود الاحتلال اعتقاله بعد مائة يومٍ فقط بتاريخ 14/12/1990 حيث اعتقل إدارياً لمدة عامٍ كامل .

- و في 17/12/1992 أُبعِد مع 416 مجاهد من نشطاء و كوادر حركتي حماس و الجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان ، حيث برز كناطقٍ رسمي باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم و تعبيراً عن رفضهم قرار الإبعاد الصهيوني ، و قد نجحوا في كسر قرار الإبعاد و العودة إلى الوطن .

خرج د. الرنتيسي من المعتقل ليباشر دوره في قيادة حماس التي كانت قد تلقّت ضربة مؤلمة من السلطة الفلسطينية عام 1996 ، و أخذ يدافع بقوة عن ثوابت الشعب الفلسطيني و عن مواقف الحركة الخالدة ، و يشجّع على النهوض من جديد ، و لم يرقْ ذلك للسلطة الفلسطينية التي قامت باعتقاله بعد أقلّ من عامٍ من خروجه من سجون الاحتلال و ذلك بتاريخ 10/4/1998 و ذلك بضغطٍ من الاحتلال كما أقرّ له بذلك بعض المسؤولين الأمنيين في السلطة الفلسطينية و أفرج عنه بعد 15 شهراً بسبب وفاة والدته و هو في المعتقلات الفلسطينية .

ثم أعيد للاعتقال بعدها ثلاث مرات ليُفرَج عنه بعد أن خاض إضراباً عن الطعام و بعد أن قُصِف المعتقل من قبل طائرات العدو الصهيوني و هو في غرفة مغلقة في السجن المركزي في الوقت الذي تم فيه إخلاء السجن من الضباط و عناصر الأمن خشية على حياتهم ، لينهي بذلك ما مجموعه 27 شهراً في سجون السلطة الفلسطينية .

- حاولت السلطة اعتقاله مرتين بعد ذلك و لكنها فشلت بسبب حماية الجماهير الفلسطينية لمنزله .

- د الرنتيسي تمكّن من إتمام حفظ كتاب الله في المعتقل و ذلك عام 1990 بينما كان في زنزانة واحدة مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين ، و له قصائد شعرية تعبّر عن انغراس الوطن و الشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده ، و هو كاتب مقالة سياسية تنشرها له عشرات الصحف .

أمضى معظم أيام اعتقاله في سجون الاحتلال و كلّ أيام اعتقاله في سجون السلطة في عزل انفرادي . ود.الرنتيسي يؤمن بأن فلسطين لن تتحرّر إلا بالجهاد في سبيل الله .

- و في العاشر من حزيران (يونيو) 2003 نجا صقر "حماس" من محاولة اغتيالٍ نفّذتها قوات الاحتلال الصهيوني ، ذلك في هجومٍ شنته طائرات مروحية صهيونية على سيارته ، حيث استشهد أحد مرافقيه و عددٌ من المارة بينهم طفلة .

- و في الرابع والعشرين من آذار (مارس) 2004 ، و بعد يومين على اغتيال الشيخ ياسين ، اختير الدكتور الرنتيسي زعيماً لحركة "حماس" في قطاع غزة ، خلفاً للزعيم الروحي للحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين .

- واستشهد د. الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه في 17 نيسان (أبريل) 2004 بعد أن قصفت سيارتهم طائرات الأباتشي الصهيونية في مدينة غزة ، ليختم حياة حافلة بالجهاد بالشهادة .


أقواله

"أرض فلسطين جزء من الإيمان. وقد أعلنها الخليفة عمر بن الخطاب أرضاً للمسلمين قاطبة. ولهذا، لايحق لفرد أو جماعة بيعها أو إهداؤها."


اللحظات الأخيرة في حياة أسد فلسطين كما يرويها نجله محمد!!

بعد جولة من العمل المضني طوال النهار والليل لخدمة حركته وقضيته التي عاش من أجلها عاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة حوالي الساعة الثالثة فجر يوم السبت 17 نيسان الجاري إلى منزله لأن أخاه صلاح قادم من خانيونس لرؤيته والسلام عليه .

"المنزل الذي يقع في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة لم يدخله صاحبه منذ أكثر من أسبوع " يقول نجله محمد (25 عاما) الذي بدا متماسكا قويا و يضيف " أختي إيناس أيضا كانت تريد رؤيته و طلبنا منه عدم الخروج يومها وقضاء ساعات معنا ، فقد كان يأتي إلى المنزل قرب منتصف الليل ويغادره قبل الفجر و بعد إلحاحنا وافق و أرسل في طلب أختي الثانية أسماء لرؤيتها" .

وقال محمد إن والده قضى الليل يتحدث مع العائلة المشتاقة إليه و لا تراه إلا قليلا بسبب ملاحقة جيش الاحتلال لوالده لاسيما بعد فشل محاولة اغتياله في حزيران 2003 و اغتيال الشيخ ياسين في شهر آذار الماضي" و أضاف "جلس يتحدث عن زواج أخي أحمد الذي أصيب خلال محاولة الاغتيال و ذلك بعد أن حصل على قيمة مدخراته من الجامعة الإسلامية التي كان يحاضر فيها و وزع قيمة مدخراته حيث سدد ما عليه من ديون و اقتطع مبلغا من المال لزواج أحمد (21 عاما) و قال لنا الآن أقابل ربي نظيفا لا لي و لا علي !!"

استيقظ الرنتيسي أسد فلسطين كما يصفه نشطاء حماس و اغتسل ووضع العطر على نفسه وملابسه و قال محمد "أخذ أبي ينشد على غير عادته نشيدا إسلاميا مطلعه (أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى) " وأضاف " التفت إلى والدتي و قال لها إنها من أكثر الكلمات التي أحبها في حياتي !! "

مرافقه أكرم منسي نصار (35 عاما)– لم يتصل بالدكتور الرنتيسي منذ مدة طويلة تصل إلى أسبوعين و إنما كان ينسق بعض تحركاته وفق شيفرة معينة لبعض التنقلات و زارنا يوم السبت في المنزل بعد العصر و تحدث مع والدي قليلا و اتفقا على الخروج !!

فعلا قبل آذان العشاء بقليل خرج الرنتيسي برفقة نجله أحمد الذي كان يقود السيارة من نوع سوبارو ذات نوافذ معتمة كما هو متفق عليه من منزلهم متنكرا بلباس معين و أوصله إلى مكان محدد في مدينة غزة متفق عليه سابقا ، وبعد دقائق وصل إلى المكان سيارة سوبارو أخرى يستقلها أكرم نصار و يقودها أحمد الغرة الذي يعمل بشكل سري ضمن صفوف كتائب القسام ، بهدوء انتقل الرنتيسي من سيارة نجله إلى السيارة الأخرى التي انطلقت به مسرعة إلى هدف لم يحدد لكن صاروخين من طائرات الأباتشي الإسرائيلية كانت أسرع من الجميع .

محمد كان على علم بما هو مخطط لخروج والده وقال " عندما سمعت صوت القصف اتصلت سريعا بأخي أحمد لأطمئن ورد علي وهنا اطمأنيت قليلا و لكن يبدو أن أحمد كان يدرك ما حدث و انتظر حتى يتأكد من الأمر حيث عاد إلى المكان و شاهد السيارة المشتعلة تحولت إلى ركام و أيقن بما جرى "

و أضاف محمد أسرعت إلى مكان القصف و عندما شاهدت السيارة علمت أن والدي بين الشهداء رغم ما حاوله البعض من التخفيف بالقول إنه جريح "

زوجة الرنتيسي أم محمد ربما لا تقل عن زوجها في النشاط الإسلامي استقبلت النبأ بكل قوة و عزيمة وقال محمد "والدتي قالت بعد سماع الخبر الحمد لله و أخذت بالتسبيح و التهليل ، شقيقتي أجهشت في البكاء لكننا جميعا متماسكون هذا قدرنا و نحن راضون بقضاء الله "

ولـ د. الرنتيسي ولدان هما محمد الذي يدرس حاليا في كلية التجارة بالجامعة الإسلامية بعد منعه من قبل قوات الاحتلال من السفر لإكمال تعليمه في اليمن بعد مشاكل أثارها حزب البعث الحاكم آنذاك في العراق حيث كان يدرس الطب في جامعة المستنصرين في بغداد لمدة عامين و نصف و تزوج منذ حوالي العام و شقيقه أحمد أصيب بجراح بالغة خلال محاولة الاغتيال الأولى لوالده و بدأ يتماثل للشفاء واعتبر سببا رئيسيا في نجاته في المرة الأولى بعد قدر الله فقد كان سائق السيارة و لم يتوقف رغم إطلاق الصواريخ باتجاهه فيما تمكن والده من القفز منها و له أيضا أربعة بنات هن إيناس و سمر و آسيا و أسماء .

و تعكس اللحظات الأخيرة من حياة الشهيد القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حرصه على اتخاذ إجراءات وتدابير أمنية عالية في تحركاته و لم يستخدم الاتصالات الهاتفية أو اللاسلكية ، لكن ما تتمتع به دولة الاحتلال من تكنولوجيا و عيون و رصد على مدار الساعة يجعل من الصعوبة بمكان الإفلات من المصير .

ويرى محمد أن والده سيترك فراغا كبيرا في منزله فقد كان مرجعا للكبير و الصغير و قال إن الصورة التي في أذهان الناس عن والدي هو الثوري الشديد لكنه داخل الأسرة صاحب الحنان الكبير و القلب الرؤوف الهادىء ، و إذا أصررنا على شيء ربما لا يريده كان ينزل عند رغبتنا و يراضينا ، خطابه المتشدد في الإعلام لم يكن في المنزل وأكثر حنانه و محبته كانت لأحفاده فقد كان يحب الأطفال "

لم يترك الرنتيسي قصورا و شركات و حسابات في البنوك تزعم الولايات المتحدة الامريكية و أوروبا تجميدها بل ما تركه قائمة تفصيلية بما له و ما عليه من أموال على المستوى الشخصي و مستوى حركة حماس .

و يقول محمد " علمنا والدي أن نكون رجالا منذ الصغر ،و أذكر أنه عند اعتقاله إبان الإبعاد إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني كان عمري حينها حوالي (11 عاما) و اقتحم جنود الاحتلال المنزل لاعتقاله . نظر إلي و قال الآن أصبحت رجل البيت و تستطيع أن تعتني بأمك و أخواتك . المشوار هذه المرة في الاعتقال يبدو طويلا " .

قضى الرنتيسي في الإبعاد عام 1992 مدة عام كامل مع 417 من كوادر حركة حماس بعد اختطاف مجموعة من كتائب القسام جنديا صهيونياً و بعد عودته من الإبعاد اعتقلته قوات الاحتلال حتى عام 97 حتى أفرج عنه و خضع للاعتقال عدة مرات من قبل السلطة الفلسطينية نتيجة مواقفه السياسية التي لا تعرف المهادنة.

و يقول محمد أنا لست قلقا على حركة حماس بتاتا و قال " حماس حركة ربانية و لن يكون فيها فراغ أو ضعف وستخرج الكثيرين من القادة أمثال والدي وغيره ولن تتوقف المسيرة وكان والدي يتوقع اغتياله في أي لحظة وأعتقد أنه غادرنا مطمئنا على حماس " .
زوجة الرنتيسي وابنته تحكيان عن القائد الشهيد د. عبد العزيز الرنتيسي

"أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى " كلمات رددها الشهيد الرنتيسي أمام أسرته قبل دقائق من استشهاده !!

" كان سعيدا جدا على غير عادته وطوال جلسته معنا قبل دقائق من اغتياله كان يردد الأنشودة التي تقول " أن تدخلني ربي الجنة هذا أقصى ما أتمنى " وحدثنا عن رغبته بالشوق للشهداء " بهذه الكلمات وصفت السيدة أم محمد الرنتيسي اللحظات الأخيرة من حياة زوجها الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته قوات الاحتلال مع اثنين من مرافقيه بثلاثة صواريخ أطلقتها مروحيات الاباتشي باتجاه سيارته قرب شارع الجلاء بغزة .

وأضافت أم محمد: قبل دقائق من اغتياله كان الشهيد الدكتور أبو محمد معنا وكانت ترتسم على وجهه علامات فرح غريبة ، جعلتني أيقن أن القصف الذي حدث بعد خروجه مباشرة نال منه وأيقنا بعدها أنه استشهد قبل أن يذاع الخبر وتؤكده وسائل الإعلام "

وأضافت أم محمد أن زوجها الراحل عبد العزيز الرنتيسي كان مصدر قوة لحركة حماس ، لكن حين يكتب الله نهاية أجله فإنه لن يضيع حركة حماس " وذكرت أنها كانت تتوقع اغتيال زوجها مثلما كان رحمه الله يتوقع ذلك في كل لحظة وأضافت أن استشهاده لم يفاجئنا لا أنا ولا أبنائه لأنه رحمه الله هيأنا ليوم استشهاده وهو المتيقن لمدى الاعتداءات الإسرائيلية التي طالته دائما " مضيفة بأن اعتداءات قوات الاحتلال المستمرة ضد الأرض والشعب كانت تجبر زوجها على التشدد في أرائه " ،و قالت زوجة زعيم حماس الراحل إن زوجها الشهيد كان دائما مع أسرته رغم حذره الشديد من محاولات النيل منه فقد كان يتوقع أن تطاله صواريخ الاحتلال في أي وقت " ، مؤكدة أن رحيل زوجها عبد العزيز وقبله الشيخ أحمد ياسين لن يضعف المقاومة بل سيزيدها قوة وثباتا .

وتابعت أم محمد قائلة " الحمد لله الذي منح زوجي ما كان يتمناه وأضافت هنيئا لك يا أبى محمد الشهادة هنيئا جوارك مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع الشيخ احمد ياسين ومع المجاهدين وعبرت زوجة الشهيد الرنتيسي عن فخرها واعتزازها بالشرف الذي ناله زوجها وقالت إنني أقف اليوم موقف فخر واعتزاز في عرس زوجي حيث يزف إلى 72 حورية من الحور العين وتمنت من الله أن تلحقه بالوقت القريب .

ورددت زوجة الشهيد الرنتيسي وقد ارتسمت على وجهها ملامح والتأثر على فراق زوجها المقولة التي أطلقها النبي محمد صلى الله عليه وسلم عند موت ولده إبراهيم وقالت " إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا محمد لمحزونون وتمنت أن يلهمها الصبر وأولادها وبناتها وكل الشعب الفلسطيني والمسلم وأن يرزق الله حركة حماس بقائد مثله أو خير منه معتبرة أنه كان مصدر قوة لحركة حماس .

ولم تنس زوجة الشهيد الرنتيسي أن توجه حديثها إلى المجرم شارون قائلة " افرح قليلا ولكن لن تكتمل فرحتك وستبكي كثيرا أنت وشعبك حينما ينقض عليك الشعب الفلسطيني بأكمله ليس فقط القساميون بل والله إن الشعب الفلسطيني بأكمله سيثار لدماء الياسين والرنتيسي "
وأكدت أن الخيار الوحيد لهذا الشعب هو المقاومة لنيل حقوقه موضحة أن دماء الياسين والرنتيسي زرعت في شعبنا آلاف ياسين وآلاف الرنتيسي"

أما ابنة الشهيد " آسيا" وهي متزوجة ولديها أربعة أبناء فقد عبرت عن فخرها بالمكانة والدرجة التي حظي بها والدها الشهيد و قالت " هنيئا لك يا أبي الشهادة فقد نلت ما تمنيته "

وأضافت أن استشهاد والدها وخروج المئات من الآلاف من المواطنين في جنازته أكد أن شعبنا مصمم على خيار المقاومة وأضافت أن شهادته بأذن الله ستكون بداية النصر موضحة أن والدها الشهيد ربى جميع أبنائه وبناته على حب الجهاد وقالت كان يشفي غليلنا بموافقة القوية كان نعم الأب مضيفة انه كان نعم الأب لا يفرق بين أحد من أبنائه.

وقالت إن والدها الشهيد زرع في أسرته حب الدين والوطن ورغم انشغالات الدائمة لم نشعر بأنه بعيد عنا وكانت حياتنا الأسرية سعيدة وأضافت كان دوما يعبر عن رغبته بالاستشهاد ويتمني الشهادة منذ كنا أطفالا مضيفة أن فقدانه خسارة للأمة وللشعب الفلسطيني .

وقد أم بيت العزاء الذي أقيم في منزل الشهيد الرنتيسي الآلاف من النسوة اللاتي قدمن من كل حدب وصوب من قطاع غزة للمشاركة في تقديم التهاني لزوجة الشهيد باستشهاد قائد حركة حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقد رفعن صوره وصور الشيخ ياسين فيما اعتمرت عدد منهن الكوفية الخضراء المزينة بشعار التوحيد التي تعود الرنتيسي على وضعها على رأسه.
وفي غمرة انشغالها باستقبال وفود المهنئات كانت زوجة الشهيد تخصص جزءا من وقتها للحديث مع ممثلي وسائل الإعلام المختلفة كانت قوية ومتماسكة ومحتسبة عند الله مصيبتها في زوجها رغم علامات التأثر التي بدت على وجهها .

الرنتيسي : عهداً إن رزقت الشهادة بإذن الله أن أشفع لك يوم القيامة

في السابع عشر من مارس / آذار 2004 ، تلقى الأستاذ / عادل أبو هاشم ، مدير تحرير صحيفة "الحقائق" رسالة إلكترونية من الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ، عاهد فيها الدكتور الرنتيسي الله أن يشفع للأستاذ أبو هاشم يوم القيامة إن رزق الشهادة ، و تحققت أمنية الدكتور الرنتيسي بالشهادة التي طالما تمناها وسعى إليها يرحمه الله ، بعد انقضاء 30 يوماً على استلام هذه الرسالة ، وفيما يلي نص الرسالة دون حذف أو إضافة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل الحبيب / عادل أبو هاشم حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إني لأحمد الله سبحانه أن تفضل علي بأخ فاضل كريم مثلك، ويشهد الله أن السعادة قد غمرتني وأنا أقرأ رسالتك التي تحمل ما تفضلت به من أداء للعمرة نيابة عني، وإني لأسأل الله أن يتقبل منك العمرتين وأن يجزيك عنا خير الجزاء، وعهدا إن رزقت الشهادة بإذن الله أن أشفع لك يوم القيامة، فيعلم الله أن لك مكانة خاصة في قلبي رغم أننا لم نلتق، ولكن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، ولقد أحببناك في الله.

أخي الحبيب سأحاول الاتصال بك عندما أتمكن من ذلك فأنا لا أستخدم الهاتف ولا الجوال حتى لا يعرف المكان الذي أقيم فيه، ولكن عندما أخرج من المكان إلى مكان عام أتمكن من الاتصال بإذن الله، ولا يوجد لدي إلا تليفون بيت حضرتكم الذي ينتهي بـ 44 فإن كان لديك هاتف نقال فأرسل إلي رقمه ليسهل علي الاتصال بك بإذن الله.

أخي الحبيب نسأل الله أن يجمعنا بك وقد تحرر الوطن من دنس الصهاينة بإذن الله تعالى.

أخوكم

عبد العزيز الرنتيسي

من مذكرات الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي

كيف تحدّيت الضابط الصهيوني

من مذكرات الشهيد القائد د.عبد العزيز الرنتيسي كتبها حول ذكريات الأسر . يقول:
في عام 1991 كنت في معتقل النقب أقضي حكماً إدارياً لمدّة عام، وكان المعتقلون منذ افتتاح هذا المعتقل عام 1988 حتى الوقت محرومين من زيارات ذويهم، ومع إلحاح المعتقلين واحتجاجاتهم المتكرّرة بدت هناك استعدادات لدى إدارة المعتقل للسماح للأهل بالزيارة، وقام مدير عام المعتقل وهو صاحب رتبة عسكرية رفيعة ويُدعى "شلتئيل" بطلب عقد لقاء مع ممثّلي المعتقلين، ولقد اجتمع ممثلون عن مختلف الفصائل في خيمة من خيام المعتقل لتدارس الأمر قبل انعقاد اللقاء مع الإدارة،

وأحبّ المعتقلون أن أرافقهم وقد فعلت. وأثناء لقائنا في الخيمة سمعت بعض الشباب يحذر من "شلتئيل" ويضخّم من شأنه ويخشى من غضبه، فشعرت أن له هيبة في نفوس بعض الشباب، وهذا لم يرق لي ولكني لم أعقب بشيء، ثمّ جاءت حافلة في يوم اللقاء لتقلنا إلى ديوان "شلتئيل"، وأخذت وأنا في الحافلة أفكّر في استعلاء هذا الرجل وهيبته في نفوس الشباب وكيفيّة انتزاع هذه الهيبة من نفوسهم، ولقد وطّنت نفسي على فعل شيء ما ولكني لا أعلمه،

ولكن كان لدي استعداد تام أن أتصدى له إذا تصرّف بطريقة لا تليق. ووصلت الحافلة ودخلنا ديوانه، فكان عن يميننا داخل القاعة منصّة مرتفعة حوالي 30 سم عن باقي الغرفة، وعليها عدد من الكراسي، وعن شمالنا كانت هناك عدّة صفوف من الكراسي معدّة لنا، فجاء رؤساء الأقسام المختلفة وجميعهم من الحاصلين على رتب عسكرية في جيش الاحتلال، ومن بينهم مسؤول أحد الأقسام وكان في الماضي نائباً للحاكم العسكري لمدينة خانيونس وكان يعرفني مسبقاً، وكان نائب "شلتئيل" أيضاً يجلس على المنصّة مع رؤساء الأقسام. وجلس المعتقلون الممثّلون لكافّة الفصائل على الكراسي المعدّة لهم وجهاً لوجه مع رؤساء الأقسام، تفصلنا عنهم مسافة لا تزيد على مترين، ولقد جلست في الصفّ الأوّل في الكرسي الأقرب إلى باب الديوان.

ثمّ بعد وقت قليل دخل "شلتئيل" وكان رجلاً طويل القامة ضخم الجثّة، فالتفتَ بطريقة عسكرية إلى المنصّة وأشار بيده يدعوهم إلى القيام له فقاموا، ثم التفت إلينا بطريقة عسكرية وأشار بيده فوقف الشباب وبقيت جالساً، وكان هذا اللقاء هو اللقاء الأوّل بيني وبينه، فاقترب مني وقال لماذا لا تقف، فقلت له أنا لا أقف إلا لله وأنت لست إلهاً ولكنك مجرد إنسان وأنا لا أقف للبشر، فقال يجب عليك أن تقف، فأقسمت بالله يميناً مغلظاً ألا أقف، فأصبح في حالة من الحرج الشديد ولم يدرِ ما يفعل.

حاول العقيد سامي أبو سمهدانة أحد قادة فتح في المعتقل التدخّل وأخبره أنني إذا قررت لا أتراجع، فرفض الاستماع إليه وأصرّ على موقفه، ولكني أبَيت بشدّة، فقال نائبه يا دكتور هنا يوجد بروتوكول يجب أن يُحترم، فقلت له ديني أولى بالاحترام ولا يجيز لي الإسلام أن أقف تعظيماً لمخلوق، فقال وما الحلّ؟ قلت إما أن أبقى جالساً أو أعود إلى خيمتي، فقال "شلتئيل" عد إذن إلى خيمتك، فخرجت من الديوان ولم يخرج معي إلا الأخ المهندس إبراهيم رضوان والأخ عبد العزيز الخالدي، وكلاهما من حماس. وبعد أيام قلائل كان قد مضى على اعتقالي تسعة أشهر ولم يتبق إلا ثلاثة أشهر فقط للإفراج عني، فإذا بهم يستدعونني ويطلبون مني أن أجمع متاعي وهذا يعني في مفهوم المعتقلات ترحيل ولكن لا ندري إلى أين، وكانت تنتظرني حافلة، فما إن ارتقيتها حتى وجدت كلا الأخوين فيها وقد أُحضروا من أقسامهم فأدركت أنها عقوبة ولا يوجد عقوبات سوى الزنازين.

وانطلقت بنا الحافلة إلى "معتقل سبعة" حيث يوجد خمسون زنزانة، وما إن وصلنا حتى تسلّمَنا مسؤول الزنازين ويُدعى "نير"، الذي أخبرنا وهو ممتعض بأنّنا معاقبون بوضعنا في زنازين انفرادية لمدّة ثلاثة أشهر، وتبيّن لنا فيما بعد أن سبب امتعاضه اعتباره أن العقوبة كانت لأسباب شخصية، أي أنه لم يرق له أن ينتقم "شلتئيل" لنفسه بهذه الطريقة، خاصّة أن أقصى عقوبة من العقوبات اليومية الروتينية لا تصل إلى سبعة أيام، ولذلك لم يكن سيّئاً في استقبالنا كما يفعل عادة، وربّما أن السنّ والدرجة العلميّة لعبت دوراً في التأثير عليه.

وأخذنا إلى الزنازين المخصّصة لنا كل في زنزانته وحيداً، وكنّا نخرج يومياً لمدّة ساعة ما عدا يوم السبت في ساحة محاطة بالأسلاك الشائكة حيث الدورة والحمّامات، لأن الزنازين لم تكن بها دورة مياه ولا حمّام. وبدأنا رحلتنا مع القرآن، أما أنا فأراجعه بعد أن منّ الله عليّ بإكمال حفظه من قبل عام 1990 حيث كنت والشيخ أحمد ياسين في زنزانة واحدة في معتقل "كفاريونه"، وأما المهندس إبراهيم فبدأ بحفظ القرآن في الزنزانة وكان رجلاً ذكياً جداً ويجيد العبريّة بطلاقة، وقد تمكّن من حفظ القرآن قبل انقضاء الثلاثة أشهر والحمد لله رب العالمين.

يتبع
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

10/06/10, 02:06 pm
الضابط السجان الذي كان مسئولا عن مراقبة الشهيد الرنتيسي في معتقلات السلطة:

* لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الدكتور الرنتيسي

* جذبني فيه عبادته وتعامله وحبّه للجميع

غزة/إبراهيم المدهون

الضابط (م.ر.) هو أحد المسئولين عن السجون في السلطة الفلسطينية، وهو المشرف على احتجاز الدكتور الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي، وهو المسؤول عن مراقبته وأوضاعه داخل السجن.

في هذا الحوار يتحدّث الضابط (م.ر.) عن حياة الدكتور الرنتيسي في المعتقل، وعن تعامل الشهيد، رحمه الله، مع المعتقلين والسجانين.

- ما هي الصورة الذهنية التي كانت لديك عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قبل رؤيته في المعتقل؟
• لم أكن أعرف الكثير عن الدكتور فقد قضى حياته في السجون والإبعاد بخلاف الكثير من القياديين، وقد كنت أنظر إليه وكابن حركة فتح أنه إنسان عدواني ومتشدد ولا يحب الخير لأحد، ولكن نظرتي اختلفت تماماً عما سمعته، فقد وجدته أكثر الناس حناناً وحباً للغير، ولمست فيه خوفه على المصلحة الفلسطينية والإسلامية.

- كيف كان أول لقاء لك به؟
• أول لقاء كان لي به رحمه الله حين قامت السلطة الفلسطينية باعتقال الكثير من أبناء حماس والجهاد الإسلامي معاً, حيث دخلت إليهم وتوجهت بالسؤال: لماذا لم تتوحدوا وأنتم إسلاميون؟ فعبس جميع السجناء في وجهي إلا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تبسم كثيراً، وقد أحببته يومها ولم أكن أعرف يومها من هو. وبعد ذلك أصبحت ألتقي به وأتحدث معه وأحاوره.. ولم يدل حديثه على الإطلاق أنه إنسان عدواني أو متشدد، ولكن إلى هذه الفترة لم أحبه كقائد، بل كنت أتقبله وأحبه كإنسان كان ذلك في اللقاء الأول.

أما اللقاء الثاني فكان عند اعتقاله لمدة طويلة في سجن انفرادي. ولأني عرفته كنت أسلم عليه، ولكنه رحمه الله جذبني في أشياء كثيرة: عبادته، صلاته، حبه للخير، فرأيته يتمنى أن يصلي الجميع وتتوثق علاقتهم بدينهم وربهم، وأن يتعلم الجميع، فقد كان يحث رجال الشرطة لأن يتعلموا ويطوروا أنفسهم..

- كيف كانت عباداته في السجن؟
• لاحظت عليه أكثر من مرة عندما أذهب إليه في الليل أجده طوال الليل يصلي من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. كانت هذه الفترة كلها عبادة وصلاة وقراءة قرآن ورغم أنه حافظ لكتاب الله إلا أنه كان يقرأ من الكتاب، وعندما سألته: لماذا تقرأ من الكتاب وأنت حافظ له؟ قال لي: إن ثوابها يكون أكبر بإذن الله. وبصدق لم أكن أتوقع أن هناك إنساناً يظل يصلي ويتعبد طوال الليل، وكان ذلك يومياً.

ومن الأمور التي كنت أحبها في الدكتور الشهيد أنه كان يحث الجميع على الصلاة، ولا أبالغ حين أقول أن أكثر من عشرين شاباً من رجال الشرطة أصبحوا يصلون بعدما حرسوا الدكتور الشهيد في المعتقل. ومن أكثر ما لفت انتباهي شاب من الذين جاءوا من لبنان لم يعرف الدين في حياته، وكان سكّيراً ويفعل جميع المحرمات ظل شهر حراسة عند الدكتور عبد العزيز، فتفاجأت به يوماً يصلي.. استغربت ذلك كثيراً فأخبرني أن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حدثه وعلّمه ماذا تعني الصلاة والعبادة مؤكدا أنه لم يكن يعرف معناها.
وقلت له: هل من الممكن أن تستمر في الصلاة؟ فقال لي أنه متأكد بإذن الله أنه سيظل يصلي باستمرار. وبالفعل، بعد سنة رأيته يصلي في المسجد، وعندما رأيت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أخبرته أن هذا الشخص مازال يصلي. فقال بإذن الله سيظل يصلي وكان متأكداً من ذلك.

- هل كان الدكتور يحرص على أن يعطيهم دروس ومواعظ لكي ينجذبوا له ويسمعوا نصحه، أم كان ذلك من خلال المعاملة؟
• كانت أفعال الدكتور عبد العزيز مرآة لأقواله، ويحضرني الآن موقف كان الحراس يذكرونه عن الدكتور عبدالعزيز، حيث كان بعض الحراس لا يستطيعون الاستيقاظ طوال الليل فينامون والسلاح بجانبهم، وعندما يأتي الضباط للتفتيش يقوم الدكتور رحمه الله بإيقاظهم وإعطائهم سلاحهم حتى لا تنزل بهم عقوبة. كانت تلك المواقف تجذبهم إلى الدكتور الشهيد، حتى لو تحدث إليهم في أي موضوع كان محل ثقة وتأثير على الشباب فكانت أفعاله ومعاملاته دليل حديثه.

- تحدثت أنه كان يحب الجميع فما مدلول قولك؟
• لاحظت عليه أنه رغم بقائه فترة طويلة في السجن لم أره على الإطلاق يتكلم ولو بكلمة واحدة جارحة عن أحد، حتى عن الرئيس الذي كان يعتقد أن اعتقاله كان من قبله أو حتى على أي عنصر من العناصر المسئولين عن اعتقاله. حتى أنه لم يعترض طوال فترة أسره على أي شيء إلا على شيء واحد فقط..

حتى أنه كان ضد الخلافات، بل بالعكس كنت أراه يتمنى أن يجتمع الكل ويتحاب وأن يكونوا يداً واحدة، وكان يقول أن الكل مستقل لكن كلنا على خط قتال واحد.. وكيف لا يكون محباً للجميع وهو الذي كان يحث رجال الشرطة على التعلّم في الجامعة وتطوير أنفسهم، وهم الذين يعتقلونه، بل ويدعو لهم بالنجاح.

- هل حثك الدكتور شخصياً على العلم؟
• نعم لقد حثني على التعلم وأنهيت الجامعة، وأنا أدين له بالفضل، حيث كان يحثني على التعلم أنا وأغلب الشباب، وكان يدعو لي وكنت أشعر بذلك، وأكثر من مرة أقول له اليوم ذهبت إلى الامتحان وأشعر أني بدعواتك ربنا وفقني فكنت أشعر دائماً أنه مستجاب الدعاء.

وكم كنتُ مبهوراً بعلمه ومعرفته فقد كان بحراً في الطب والدين والشعر.. وقد استغربت أنه شاعر، وقد كان يقرأ علينا الشعر الذي كتبه وهو في السجن مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين في النقب، وأيضاً في الإبعاد. وقد كان الدكتور الشهيد حافظاً للشعر وضليعاً في النحو والطب واللغة والشريعة..

- تحدثت أن الدكتور رحمه الله لم يعترض إلا على شيء واحد فما هو؟
• لقد كانت مدة اعتقال الدكتور الرنتيسي طويلة جداً، وغيره كان ممكناً أن يعترض على أشياء كثيرة سواء المدة أو المعاملة وحتى الطعام، أما الأمر الوحيد الذي اعترض عليه الدكتور فهو الزيارات، حيث أن زوجته وبناته منقبات، وأثناء الزيارة كان لا بد أن يجلس أحد الضباط معهم، وهو يريد أن يتحدث مع زوجته وبناته وأن يرى وجوههن ويحاورهن عن أحوالهن الخاصة، لذلك اعترض رحمه الله على وجود من يراقب أنفاسه وهو يتحدث لزوجه وبناته.

وغير ذلك لم يكن يعترض على أي شيء، لدرجة أنه كان يصوم ولا يعترض على الطعام. فقد كنا نعلم أنه يعاني من مرض السكري ويحتاج لطعام مخصص، وأكثر من مرة كان الطعام لا يناسبه فينوي الصيام ويكمل نهاره صائماً.

- هل يعني ذلك أن الدكتور كان مريضاً، وإدارة السجن تعلم ولا تخصص له طعاماً يناسب صحته؟
• طبعاً الجميع كان يعلم أنه مريض بالسكري ولم يحضروا له طعاماً خاصاً بل من الموجود.. ولكن علمت أن آخر ستة شهور كانوا يحضرون له طعامه الخاص. فبعض الحراس ومن شدة حبهم للدكتور الشهيد كانوا يحضروا له طعاماً خاصاً على حسابهم دون أن يخبروه، لأنه كان سيرفض لو علم، وقد جربت ذلك معه فرفض بشدة، ومن بعدها قررنا إخباره أنها من السجن، فمعلوم أن ليس كل طعام السجن دجاج أو لحوم بل هناك عدس، وكان لا يهون علينا تقديم مثل ذلك للدكتور.

- كطبيب.. كيف كان الشهيد في السجن هل كان ينصح الشباب أو يعالجهم؟
• لقد كان هناك بعض الشباب عند مرضهم يلجأون إلى الدكتور الرنتيسي ليكتب لهم علاجهم، رغم أن هناك عيادة في الشرطة، ولكن الأطباء في العيادة ليسوا بمستوى علم الدكتور عبد العزيز.. لذا كان ملاذاً لبعض الحراس. حتى أنني أخذت طفلي إلى السجن ليعالجه الدكتور الشهيد فشفاه الله على يده، بعد أن ذهبت لأكثر من طبيب لمعالجته ولم يتعافَ، وكان ابني حينها في الرابعة من عمره.

- حدثنا عن تطلعاته للمستقبل؟
• كان دائماً يقول سوف تقوى شوكة الإسلام وتكبر حماس وتصبح لها قوة وتشتبك مع الاحتلال من جديد، ولم يكن أحد يتوقع في ذلك الوقت أن تقوى حماس وتكبر وتتصارع مع العدو.. وذات مرة قال لي سوف ينسحبون من الضفة الغربية، ولكن سوف يعيدون احتلالها، على العكس من غزة التي لم يتراجعوا عن الخروج منها.

- هل حدثك الدكتور الشهيد عن مرحلة الإبعاد؟
• حدثني الدكتور رحمه الله عن هذه المرحلة، وأكد أنها غيرت كثيراً في حياته. ولكن لم يحدثني عن الإبعاد بقدر ما حدثني عن مرارة العودة من الإبعاد، لأن الجميع عادوا من الإبعاد إلى بيوتهم إلا هو فقد عاد إلى المعتقل، رغم أنه كان يقول ((لو أظل طول حياتي في سجن في فلسطين أهون علي من الإبعاد)).

وكثيراً ما حدثني عن أجواء الإبعاد، وكيف كانوا يتصرفون، كما حدثني عن الصلاة والحياة والثلوج، وما رآه وكيف كانوا يعالجون من يمرض وغير ذلك من الأمور.

- طبعاً استمرت علاقتك بالدكتور الرنتيسي بعد الإفراج فكيف كانت طبيعة العلاقة؟
• نعم لقد استمرت علاقتي معه حتى بعد الإفراج وكانت أقوى من علاقة أخ بأخيه، وأقول لك بأني لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الشيخ عبد العزيز الرنتيسي، وكنت أشعر أنه يحبني أيضاً، فأكثر من مرة أكون في الشارع ولا أراه ويراني هو، فيركن سيارته ويسلم علي بالأحضان ويطمئن عليّ وعلى الأولاد وعلى عملي وأسرتي والحراس ويبعث لهم السلام، حتى في أصعب الظروف حيث كان بالفترة الأخيرة مطارداً من اليهود والسلطة أيضاً.

وفي موقف آخر وفور خروجه من سجننا كان يلقي بعض الندوات في المساجد، وبالصدفة التقيت به في مسجد الإصلاح بغزة، وكان بالطبع مراقباً من قبل السلطة ولكني التقيت به صدفة، وعند رؤيته للشباب المراقبين له سلم عليهم ولم أكن أراهم أنا شخصياً فقال لهم: أنتم آتون في مهمة رسمية، ولكن أخونا لا. وكان يقصدني فقلت له: وما أدراك؟ فقال: أنا أعرف. واحتضنني.

- كيف تجنبت الزعماء الفلسطينيين واخترت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من بينهم؟
• لقد أحسست أنه إنسان يعلم ويفهم في كل شيء، كما أنه رجل عادل ويحب أن يكون الحق لأصحابه لو أخطأت سيقول لك أنك خطأ حتى لو كان يحبك، وهو لا يهتم للواسطات والمحسوبيات. كان رحمه الله يسير على قاعدة ((إذا كان لك حق ستأخذه)). ذات مرة جاء له أحد الشباب من الشرطة يطلب منه خدمة بالجامعة الإسلامية، ونحن نعرف أن الدكتور يدرّس فيها، وله ثقله هناك. رغم ذلك أجابه: إن كان لك حق سوف تأخذه، أما أنني أتوسط لك فلا.. فكان هذا الموقف دليلاً على ذلك رغم أن الدكتور قد يحتاج هذا الشاب في موقف معاكس.

وليس هذا فقط ما كان يربطني بالدكتور، بل معاملته وحنانه، فكنت ألمس حبه لأهله. وكان رحمه الله يعشق والدته ودائم الحديث عنها، وذلك قبل وفاتها رحمها الله.
أما إذا أردت أن أرتب اختياراتي فسوف أختار د.عبد العزيز الرنتيسي ثم د.عبد العزيز الرنتيسي ثم د.عبد العزيز الرنتيسي. لقد قلتها له في حياته لو كان لي حق اختيار خليفة للمسلمين لاخترتك أنت.

- كل هذا الحب قبل الانتفاضة أم بعدها؟
• أكيد قبل الانتفاضة وبعد رؤيته عن قرب.

- هل هناك مواقف تودّ ذكرها؟
نعم عندما كان الدكتور الشهيد يوماً في مسجد الإصلاح، كانت هناك قوات كبيرة من الشرطة في مهمة رسمية.. عندما رآهم الناس بدأوا يلقون عليهم الحجارة فأغضب هذا الموقف الدكتور ووقف بجانب الشرطة، وقال: جاء هؤلاء لسماع ندوتي وليس لاعتقالي.. رغم أنهم كانوا في مهمة رسمية لمراقبة كلامه ومع هذا لم يرضه الموقف..

- كيف كان وقع خبر استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عليك؟
• كان خبر استشهاد الدكتور أصعب موقف في حياتي وأنا لم أبك في حياتي إلا ثلاث مرات، واحدة منها كانت على الدكتور الشهيد..

ليلتها ذهبت لشراء عشاء جاهز لأولادي، وإذا بالناس يقولون بأن هناك سيارة انفجرت واحتمال أن يكون فيها الدكتور عبد العزيز الرنتيسي فأحسست بقبضة في قلبي، وعند أذان العشاء ذهبت للصلاة وكانت الأنباء تتحدث عن نجاته واستشهاد مرافقيه، فحمدت الله حمداً كثيراً ولم أستطع أن أكمل غير صلاة الفرض لأنني تأكدت من خبر استشهاده، ولم أستطع أن أمسك نفسي فذهبت إلى مكتب خالي حتى أفرغ ألمي بالبكاء، ثم ذهبت إلى مستشفى الشفاء ورأيت الجماهير الغفيرة المجتمعة والذين كانوا ما بين باكٍ ومصدوم، ومن ثم عدت إلى البيت.

لا شك أن اغتيال الدكتور عبد العزيز الرنتيسي يعد خسارة كبيرة للأمة الإسلامية وإن شاء الله نعوض خيراً بمثله وحتى لا نطمع كثيراً فأقول أو قريب منه..

- كيف تلقّى ابنك الصغير خبر استشهاد الدكتور؟
• لقد تلقاه بحزن شديد جداً حتى أنه أصر على أن يمشي في جنازته وأن يصلي عليه رغم أنه طفل. وكنت كثيراً ما أعترض على وجود الأطفال في الجنازات، إلا أنني أخذته معي على الجنازة، لأن ذلك كان يريحه فهو يعشق الدكتور عبد العزيز والحمد لله رب العالمين..

- طالما كان استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أمراً متوقعاً، ما تفسيرك لحزنك الشديد على استشهاده وحزن الناس؟
• دائماً الحزن على خسران شخص يكون بمقدار محبته والتعلق به، فما بالك بمحبة الدكتور!؟ فأنا واحد من الكثيرين الذين رسخ حب الدكتور رحمه الله في قلوبهم، فهو أغلى الناس علي وأفضل من عرفت في حياتي، فلم أحب أحداً بقدر ما أحببت الدكتور الرنتيسي..

- هل تحب أن تضيف شيئاً عن الدكتور قبل أن ننهي اللقاء؟
• أنا أتصور أنني لو تكلمت أياماً وليالي عن هذا الرجل لا أعطيه معشار حقه من بطولاته، فقد كان بإمكانه أن يعيش حياة مرفهة بعيدة عن هذه المشاكل، فمنذ بداية حياته قال لي إنه عاش يتيماً وعاش بقلّة، وكان يستطيع أن يعيش حياة نعيم وبعيدة عن كل هذه المشاكل السياسية، لكنه فضّل طريق الجهاد.
إسماعيل سعدي
إسماعيل سعدي
مدير الموقع
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 146734
تاريخ التسجيل : 03/04/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

11/06/10, 11:43 am
ترجمات مفيدة لشخصيات بارزة أخي محمد شكرا لك .
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : شخصيات سياسية Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 201063
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

شخصيات سياسية Empty رد: شخصيات سياسية

11/06/10, 11:58 am
نحن في خدمة طلاب العلم وواجبنا اعطاء هذه الشخصيات التي صنعت التاريخ شيئا من حقها
لقد عطرت موضوعي بمرورك وزدته رونقا وجمالا
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى