مرسى الباحثين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Support
دخول

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 41 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 41 زائر

لا أحد

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
محمد - 7229
7229 المساهمات
بتول - 4324
4324 المساهمات
3758 المساهمات
foufou90 - 3749
3749 المساهمات
1932 المساهمات
1408 المساهمات
1368 المساهمات
1037 المساهمات
973 المساهمات
535 المساهمات

اذهب الى الأسفل
إسماعيل سعدي
إسماعيل سعدي
مدير الموقع
البلد : المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Btf96610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 146354
تاريخ التسجيل : 03/04/2009

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Empty المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا

03/04/12, 01:02 am
المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة
بقلم : د.حسين ابو النجا


المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  1307452797ان
القصيدة الجزائرية الحديثة وهي تنتقل من التقليدي الى الحديث تمر بمرحلة
من اهم خصائصها الجمع بين ما هو تقليدي من حيث البحور وما هو حديث، وانها
في كل منهما تتخذ انماطا متعددة تقود في النهاية الى ما معناه ان عليها
الاهتداء الى الطريق السوي ليس من اجل التجذر في التربوانما من اجل التطور
والارتقاء

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة
د.حسين ابو النجا
إذا كانت القصيدة الجزائرية المعاصرة قد ركزت على الشعر التقليدي بنحو من
الثلثين ، فإنها لم تنس أن تتوجه إلى الشعر الحديث في فترة قصيرة بنسبة
تقترب من ثلث التوجه العام، ومن البديهي أن ارتفاع نسبة التوجه إلى الحديث
تعني انه قد صار في الواقع حقيقة ملموسة، وانه لا يمكن أن تستقيم دراسة
الشعر الجزائري من دون البحث فيه.
وفيما يتعلق بالأوزان ، فان أول ما يلفت النظر هو أن المتقارب يحتل الرتبة
الأولى بواقع 190 قصيدة بنسبة 23,77 % (1 )، ويليه مباشرة الرمل بقصائد
عددها 185، ونسبة 23,15 %(2)، فالرجز بقصائد جملتها 163 بنسبة 20,4 %، ثم
المتدارك ب 82 قصيدة 10,26 %(3)، فالكامل ب 79 قصيدة بنسبة 9,88 %،
فالمتعددة(4) بثلاث وسبعين قصيدة بنسبة 9,13 %، ثم الوافر بثلاث وعشرين
قصيدة بنسبة 2,87 %، وأخيرا الهزج بأربع قصائد بنسبة 0,5 %(5).
ويلاحظ أن الشعر الحديث قد سار في اتجاهين رئيسيين : جمع أولهما في القصيدة
الواحدة أوزانا متعددة، بينما اكتفى الثاني بوزن واحد، وقد وردت في
الاتجاه الأول 73 قصيدة بنسبة 9,13 % من مجموع التوجه إلى الشعر الحديث،
واما الثاني فقد بلغت فيه القصائد 729 قصيدة، بنسبة 90,86 %.
وإذا كان الاتجاه الثاني يستقطب الاهتمام بنسبة عالية، فان ارتفاع نسبة
الاتجاه الأول تلفت النظر، وخاصة أن نسبتها أعلى من نسبة التوجه إلى بعض
البحور التقليدية كالهزج والمتدارك والمديد وغيرها، وأنها أعلى أيضا من
نسبة التوجه إلى بعض البحور الحديثة كما سنرى بعد قليل.
والظاهرة اللافتة للنظر في الاتجاه الأول انه يتضمن تيارين : أولهما يمزج
بين التقليدي والحديث، وثانيهما يكتفي بالحديث الخالص، وقد ورد في التيار
الأول 18 قصيدة بنسبة 24,65 % من مجموع التوجه إلى الحديث، وفي الثاني كانت
القصائد 55 قصيدة بنسبة 75,34 %.
ولا شك أن ارتفاع نسبة التوجه إلى الحديث الخالص لم تمنع نسبة التوجه إلى
الجمع بين التقليدي والحديث من الارتفاع إلى حد يفوق ارتفاع نسبة التوجه
إلى كثير من البحور في التقليدي وفي الحديث أيضا. مما يجعل من الابتداء به
مدخلا أوليا إلى أوزان الشعر الحديث.
و يمكن الانطلاق من أن المزج بين التقليدي والحديث ليس ظاهرة مقتصرة على
الشعر الجزائري دون غيره من الأشعار، وإنما هو ظاهرة عامة يمكن أن يلتمسها
الباحث في مختلف القصائد العربية الحديثة، فالباحث يمكن أن يقف عليها عند
السياب العراقي في مثل قصيدته "بورسعيد"(6)، وعند محمد صلاح الدين عبد
الصبور المصري في قصيدته" مذكرات الملك عجيب بن الخصيب"(7)، وعند محمود
درويش الفلسطيني في قصيدته "عاد في كفن"(Cool، وعند نزار قباني السوري في
قصيدته "جسمك خارطتي"(9)، وغيرهم من الشعراء العرب في مختلف الأمصار.
ولا شك أن الجمع بين التقليدي والحديث نابع من الحاجة إلى الخروج عما هو
مألوف في إيقاعات القصيدة الواحدة، وذلك عندما تتعدد الخيوط في المضمون
وتتداخل إلى حد يتطلب معه كل خيط نوعا من الإيقاع الذي يتباين مع الإيقاع
أي يتطلبه الخيط الآخر، فالحركات النفسية المتفاوتة في التجربة الشعرية
تستدعي التعدد على مستوى الأوزان، وان هذه الحركات النفسية المتفاوتة حين
تتخذ شكل الصراع فإنها تقترب من البناء الدرامي، حيث تتصارع الشخصيات، ويرى
علي عشري زايد أن تجربة الشاعر الجديدة ازدادت تعقيدا وتشابكا، فتعددت
وسائله للتعبير عن هذه التجربة(10)، فكان الجمع بين الحديث والتقليدي إحدى
هذه الوسائل.
ولعل من الضروري هنا لفت النظر إلى أمرين : أولهما أن الجمع بين التقليدي
والحديث لا يساعد على انتظام الحس الموسيقي في القصيدة بقدر ما يفتته إلى
حد البلبلة، فالانتقال من التقليدي إلى الحديث، مهما كانت النقلة الشعرية،
مربك، خاصة حين يتعدد هذا الانتقال، والحق أن تبرير المزج بين التقليدي
والحديث غير مقنع على الأقل بالنسبة للباحث، وذلك لان الشعر انتظام ومعاودة
للنظام، وليس مجرد انتقال، لا ينتظمه إلا المضمون أو النقلة الشعورية، أو
كما يريد الشاعر، وإذا كان الجمع بين التقليدي والحديث تنويعا على العزف
فان التنويع ينبغي أن ينتظمه حس موسيقي.
ولا يعتقد الباحث أن الرغبة تكفي فيه للخروج على الانتظام، وإنما يجب خلق
انتظام جديد يمكن أن يساعد على تجذر الشعر الحديث في الشعر العربي
والاستمرار فيه قبل أن ينتهي كما انتهت الموشحات.
والأمر الثاني أن الجمع بين التقليدي والحديث يتضمن الاعتراف بقدرة
التقليدي على الاستجابة للمضامين الجديدة، وهو اعتراف يتناقض مع خروج الشعر
الحديث عن الإطار التقليدي بسبب العجز عن استيعاب المضامين الجديدة، ولا
شك أن الجمع بين التقليدي والحديث لا يخدم قضية الشعر الحديث بقدر ما يسيء
إليها على الأقل من ناحية ضرورة الانسجام بين التنظير والواقع الشعري.
ومن الطبيعي أن أشير قبل أن تتبادر للذهن أمور متباعدة إلى أن ما ذهبت إليه
لا يعدو أن يكون وجهة نظر تهدف إلى الحرص على الموسيقى في القصيدة، حتى لا
تغيبب في الاضطراب بسبب أو بآخر، فتتحول القصيدة إلى نثر، ولا شك أن وجهة
النظر وهي تطرح افقها لا تنغلق على نفسها وإنما تنفتح على المنطق، فإذا ثبت
بمنطق معقول، نظر آخر فإنها، وان لم تقبله، لا تملك إلا أن تحترم فيه ما
يتطلبه الرأي الآخر من الاحترام.
وإذا كان الجمع بين التقليدي والحديث ظاهرة عامة في هذه المرحلة، فان
التوجه إليه في الشعر الجزائري المعاصر قد تباين من شاعر إلى آخر. فقد توجه
إليه عشرة شعراء من مجموع ثلاثة وأربعين شاعرا توجهوا إلى الشعر الحديث
بنسبة 23,25 %، وإذا كانت النسبة مرتفعة فان نسبة التوجه إليه قد اختلفت من
شاعر إلى آخر. فقد كانت نسبته عند محمد الأخضر عبد القادر السائحي
8,51%(11)، وميهوبي 17,39%، وباشوات 5,88%، وخمار 2,43%، وجوادي 2,56%،
والأزهر عطية 5,26%، والعربي دحو 8,33 %، ورمضان حمود 100%، والاخضر فلوس
11,11%.
ومن الواضح أن التفاوت في النسب قد اتخذ طرفي نقيض، فبينما كانت نسبته عند
عاشوري وجوادي متواضعة إلى حد كبير، فإنها عند رمضان حمود ليست مرتفعة إلى
حد كبير، وإنما استقطبت كل التوجه إلى الحديث، ولم تترك لغيره أي نسبة. ولا
شك أن التفاوت في النسب لا يخضع لمنطق معين بقدر ما يخضع لاختيارات
الشاعر، فإذا كان السائحي وميهوبي قد اتفقا في عدد مرات التوجه فان النسبة
قد اختلفت وذلك بسبب كم التوجه إلى الشعر الحديث من ناحية، وكم التوجه
العام من ناحية أخرى، فقد نوجه السائحي إلى الجمع بين التقليدي والحديث في
أربع قصائد من مجموع 47 قصيدة حديثة، و153 قصيدة في التوجه العام، أما
ميهوبي فقد توجه إليه في أربع قصائد ولكن من مجموع 23 قصيدة حديثة، و 39
قصيدة في الإطار العام، ومن خلال المقارنة فإننا نجد أن قلة التوجه إلى
الحديث قد ساهمت في رفع نسبة الجمع بين التقليدي والحديث عند ميهوبي، بينما
كانت كثرة التوجه إلى الحديث سيبا قي انخفاض النسبة عد السائحي.
أما إذا نظرنا إلى النسبة عند كل من الأزهر وجوادي وحمود وغيرهم من الشعراء
الذين لم يتجهوا إلى الجمع بين التقليدي والحديث إلا في قصيدة واحدة، فان
كم التوجه إلى الحديث مرتبط بالتوجه العام، فالازهر عطية لم يتجه إلى
التقليدي، ولكن رمضان حمود لم يتجه إلى الحديث إلا في قصيدة واحدة، بينما
اتجهت بقية قصائده إلى التقليدي فقط.
وإذا انتقلنا إلى البحور في صورتيهما التقليدية والحديثة فانه يمكن
الملاحظة بان الجمع بين التقليدي والحديث قد اتخذ شكلين، أولهما يجمع بين
البحر التقليدي و تفعيلته في صورتها الحديثة كالكامل، ومتفاعلن، والرجز
ومستفعلن، وغيرهما من البحور البسيطة التي تتكرر فيها التفعيلة، أما الثاني
فانه يجمع بين بحر تقليدي أو اكثر، وبين تفعيلة أو اكثر من التفعيلات التي
لا تدخل في تركيب البحر التقليدي كالكامل وفعولن على سبيل المثال.
وقد ورد الجمع بين البحر وتفعيلته في إحدى عشرة قصيدة بنسبة 61,11 %، من
مجموع التوجه إلى الجمع بين التقليدي والحديث بينما بلغت القصائد التي تمزج
بين البحر وتفعيلة أخرى 7 قصائد بنسبة 38,88 %.
ومن الواضح أن الجمع بين البحر وتفعيلته قد استأثر بالاهتمام اكثر من الجمع
بين البحر والتفعيلة غير المتجانسة، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن الجمع
بين البحر وتفعيلته أقرب إلى روح التقليدي من الخروج عليه، خاصة وان
اعتماد التفعيلة في صورتها الحديثة يساعد على إحداث شيء من الانتظام في
الحس الموسيقي، مما يعوض نقص الانتظام في عدد التفعيلات، وقد أشرنا من قبل
إلى أن الشعر الجزائري ميال إلى الاتباع اكثر من الابتداع، وهو حين يؤثر
هنا الجمع بين البحر وتفعيلته فانه يظل على الرغم من تطلعه إلى الجديد
متمسكا بالتقليد.
والباحث في هذه البحور يجد أنها خمسة، يحتل فيها الرمل الرتبة الأولى بواقع
خمس قصائد بنسبة 45,45 %، من مجموع التوجه إلى الحديث وتفعيلته، ويليه
المتقارب بثلاث قصائد بنسبة 27,27 %، أما الكامل والرجز والوافر فقد ورد كل
منهما بقصيدة واحدة وبنسبة 9,09 %.
والذي يلفت النظر في تواتر هذه البحور انه مختلف عن التواتر في الشعر
التقليدي، فالكامل الذي كان يحتل الرتبة الأولى صار يتذيل الترتيب مع كل من
الرجز والوافر، وان الرمل الذي كان يجيء في الرتبة الخامسة قد صار على راس
الترتيب، والنقطة الوحيدة التي يتفق فيها التواتر هنا وهناك هي أن
المتقارب يجيء دائما في المرتبة الثانية.
وإذا كان الاختلاف في التواتر هنا وهناك دليلا على أن التوجه إلى البحور لا
يخضع لمنطق واضح، وإنما يخضع اساسا إلى اختيارات الشعراء، فان استقرار
المتقارب في الرتبة الثانية دليل على اهمية هذا البحر من ناحية، ودليل على
أن تقدمه في اطراد، وانه سيحتل في المستقبل موقعا مميزا. وسنبين بعد قليل
كيف انه يحتل في الشعر الحديث الرتبة الأولى.
وإذا تأملنا الرمل في هذه القصائد، فان أول ما يلفت الانتباه أن التوجه فيه
قد اقتصر في القصائد الخمس على المجزوء، وانه لم يتطرق ولو مرة واحدة إلى
التام، فاتفق بهذا مع التقليدي حين ركز على المجزوء دون التام، واختلف معه
أيضا حين اقتصر هنا على المجزوء دون التام. والحق أن الاقتصار هنا على
المجزوء منطق مقبول، فهو اكثر انسجاما مع الاتجاه إلى الشعر الحديث، خاصة
وان بعض النقاد يرون أن الشعر الحديث في الحقيقة مجزوء.
وإذا كانت القصائد الخمس قد ركزت على المجزوء، فان قصيدة باشوات "حكاية "
قد انفردت عنها بتركيزها، بالإضافة إلى المجزوء، على المشطور، وهو ما لم
يقل به العروضيون، والحق أنها القصيدة الوحيدة التي اشتملت على هذه
الظاهرة، وان اتكاءها على المشطور كان اكثر من تركيزها على المجزوء.
وإذا نظرنا إلى كيفية الجمع بين الرمل التقليدي والحديث فان الملاحظة
الأولى أن الكيفية لم تتم بصورة واحدة في مختلف القصائد، فقد ابتدأت بعض
القصائد بالتقليدي وانتهت بالحديث، وقد ابتدأ بعضها الآخر بالحديث ثم انتهى
بالتقليدي، وان تواتر كل من الحديث والتقليدي قد توالى في بعض القصائد مرة
واحدة، ولكنه في بعضها الآخر قد تعدد اكثر من مرة. وقد ورد التوالي مرة
واحدة في قصيدة الأزهر عطية " أغنيات للزمان" (12) فقد ابتدأت بالحديث في
الاستخبار والأغاني الثلاث واختتمت بالتقليدي، أما بقية القصائد فقد تعدد
فيها التوالي، وتعددت فيها كيفياته فقد ابتدات "حكاية(13) بالتقليدي ثم
بالحديث، وقد تكرر التقليدي على شكل المشطور حينا، وعلى شكل المجزوء حينا
آخر، ثم تكرر الحديث إلى أن انتهت بالتقليدي المجزوء أولا ثم المشطور في
النهاية.
وقد ابتدأت قصيدة جوادي " اقبضوا الريح(14) بالتقليدي ثم بالحديث، وتلاه
التقليدي وانتهت بالحديث، أما قصيدة محمد الأخضر عبد القادر السائحي
"تسألني"(15) فقد ابتدأت بالحديث ثم التقليدي وهكذا إلى أن انتهت بالحديث،
أما قصيدته الثانية "هكذا غنى الاوراس"(16) فان التعدد قيها قد اتخذ صبغة
جديدة بالإضافة إلى تعدد التوالي، فالمقطع الأول جاء على الحديث وجمع
الثاني بين التقليدي والحديث، حيث ابتدأ بالحديث وانتهى بالحديث أيضا، ولكن
التقليدي قد توسط بينهما بخمسة أبيات من مجزوء الرمل، وفي المقطع الثالث
يجتمع الحديث والتقليدي معا بينما اكتفى المقطعان الأخيران بالحديث دون
التقليدي.
وإذا كان من الواضح أن "أغنية للزمان"، "هكذا غنى الأوراس"، "تسألني" قد
تكونت من مقاطع متعددة مما يدل على أن الانتقال من التقليدي إلى الحيث
مصحوب اساسا بانتفال معنوي معلم بالمقطع، فان "هكذا عنى الاوراس"قد جمعت
داخل المقطع الواحد بين عدة بحور، وخاصة في الثاني والثالث، وقد عبرت في
المقطع الواحد عن حركات نفسية متفاوتة تبدل فيها الموقف الشعوري من حالة
إلى أخرى. وتشبه المقطعين الثالث والرابع قي قصيدة السائحي قصيدتا باشوات
وجوادي حين تعدد الانتقال من التقليدي إلى الحديث دون علامة فارقة، ففي
"حكاية" يبدا الشاعر الحديث عن انكسار القلب، والتغلف بالحيرة نتيجة
الحكاية، ثم يبدا الحكاية:
أمس كانت(17)
إلى آخر الحكاية، وحين ينتهي منها يتحدث عن موت الوردة، ويختتم قصيدته بحالة شعورية مختلفة : هكذا ضاعت منى قلبي الكسير.(18)
ومن الواضح أن القصيدة قد تضمنت حركات نفسية متعددة ومتفاوتة، اختلف فيها
الموقف الشعوري، وان لم يتعلم برقم أو عنوان. وفي قصيدة جوادي "اقبضوا
الريح" يبتدىْ الحديث بالموقف ضد المثل الشعبي الذي أدى به إلى الوقوف أمام
القاضي، ثم بيان السبب الذي استدعى هذا الوقوف ثم يتبعه بالنتيجة، وفي
النهاية تجىْ المطالبة بايصاد الأبواب ضد الريح منطقية، ويتاكد هذا
الانتقال في الموقف الشعوري حين يعتذر الشاعر عن تقصيره في الارتجال، فتحس
أن الموقف قد تغير، ثم يختتم الشاعر قصيدته برفض خبز الذل وعدم القبول
بقرار المزبلة.
وإذا كان ثمة ادعاء أن القصيدة كانت تعبر عن حركتين نفسيتين فان كل حركة
منهما قد تضمنت هي الأخرى مستويات متعددة، الأمر الذي استلزم الجمع بين
التقليدي والحديث وتكراره، وان الجمع وتكراره وان جاء مفاجئا إلا انه لم
يكن صادقا، وذلك لان التفعيلة واحدة في كل من التقليدي والحديث، ولا شك أن
وحدة التفعيلة هي التي حولت الصدفة إلى مجرد مفاجأة تتمنطق بشيء من
المعقول.
وإذا كانت الملاحظة في الرمل أن كيفية التوجه قد اختلفت من شاعر إلى آخر،
ومن قصيدة إلى أخرى عند الشاعر الواحد فان الامر في المتقارب يختلف قليلا،
واول ما يلفت النظر في القصائد التي جمعت بين المتقارب التقليدي وفعولن في
صورتها الحديثة أن الابتداء كان بالتقليدي في القصائد الثلاثة. والحق انه
إذا كانت القصائد قد ابتدأت بالتقليدي فإنها اختلفت في الانتهاء، فبينما
انتهت "أغنية من قريتي" (19) و"في انتظار موعد الإنسان والأرض"(20)
بالحديث، فان قصيدة "مدينة بلا غد"(21) قد انتهت بالتقليدي مثلما ابتدات
به.
والملاحظة الثانية أن القصائد الثلاثة قد التجأت إلى المقطعية في التعبير
عن اختلاف الحركة النفسية، وان المقطعية قد اتخذت في "أغنية إلى قريتي"
منطق الترقيم، بينما اتخذت قي القصيدتين الأخريين وضع ما يشبه النجمة بين
المقطع والمقطع .
وإذا كانت " أغنية إلى قريتي" و" في انتظار موعد الإنسان و الأرض " قد
فصلنا بين التقليدي والحديث في المقطع الواحد، فان "مدينة بلا غد" قد جمعت
بينهما في المقطع الواحد تماما كما هو الحال في قصيدة "هكذا غنى الأوراس"مع
التحفظ بان المقطع في "مدينة بلا غد" لم يتكرر فيه الجمع كما حدث في قصيدة
السائحي.
ومن ناحية أخرى فان المتقارب التقليدي في "مدينة بلا غد" قد تميز عنه في
القصيدتين الثانيتين، ويتمثل هذا التمايز في أن المتقارب في المقطع الأول
كان تاما، ولكنه في الثاني صار مجزوءا، أي أن القصيدة في المتقارب قد جمعت
بين ما هو تام وما هو مجزوء فاختلفت بذلك عن الرمل الذي لم يرد إلا مجزوءا.
وإذا كانت قصيدتا "في انتظار موعد الإنسان والأرض" و"مدينة بلا غد" قد
اختلفتا في الجمع بين الشكلين في المقطع الواحد، فانهما قد اتفقتا في
المآخذ، فقد كان الانتقال من التقليدي إلى الحديث في "مدينة بلا غد"
انتقالا غير مبرر، فالحالة الشعورية واحدة في كل منهما، ولا شك أن ثبات
الموقف الشعوري يتناقض مع الحاجة إلى التعدد، وان الحديث في المقطع الثالث
من "في انتظار موعد الإنسان والأرض" لا يعدو أن يكون تنويعا على العزف لا
اختلافا في الحركة النفسية، ومن هنا فان الباحث لم يجد منطق الجمع بين
التقليدي و الحديث معقولا في هاتين القصيدتين، مما يمكن القول معه أن الجمع
كان متكلفا اكثر منه تلبية لحاجة موضوعية.
وإذا انتقلنا إلى الكامل فان الملاحظة الأولى على قصيدة فلوس "فوضى
الانسجام"(21) تتمثل في أن التناوب بين التقليدي والحديث هو السمة
الأساسية، فالقصيدة تبدأ بالحديث ثم التقليدي إلى آخر القصيدة، ولا شك أن
هذا التناوب بالشكل الذي ورد فيه مأخذ رئيسي، والسبب في ذلك أن استمرار
التناوب على نسق واحد تكلف اكثر منه ضرورة نابعة من الحاجة إلى التعبير عن
موقف نفسي، وكان من الأفضل إحداث تغيير معين على آلية التناوب لكي يكتسب
التناوب قبولا لدى الباحث، وان ظل هذا القبول على تفاوت في المستوى
والمعقولية.
والملاحظة الثانية أن الكامل التقليدي لا يخضع لاي ضرب من الاضرب التسعة
المعروفة، فالعروض حذاء مجزوءة، و من المعروف في مجزوء الكامل أن عروضه
صحيحة لا يدخل عليها الحذذ، فخرج الكامل هنا عن صوره المالوفة إلى صورة
جديدة يمكن أن تكون اكثر انسجاما مع الشعر الحديث، ومن المعروف أن القصيدة
الحديثة تعيد صياغة شكل البحر صياغة تختلف فيها عن المألوف في التقليدي،
ولكن النظام ومعاودته بالصورة التي ورد عليها الكامل في صورته الجديدة
يتناقض أيضا مع الشعر الحديث الذي يخرج عن الانتظام إلى اللاانتظام. والحق
أن المزج بين التقليدي في شكل مغاير للمألوف والحديث لا يزيد عن أن يكون
محاولة لاكتشاف صياغة جديدة، مما يدل على أن المجال مازال مفتوحا أمام
القصيدة الحديثة، وأنها لم تستقر بعد على قواعد معينة.
وإذا كان الانتقال من التقليدي إلى الحديث في "فوضى الانسجام" مبررا بكونه
على ألسنة متباينة كعراجين القصيدة، والخميلة، وفيض القصيدة وعلى النيران
فان قصيدة "النملة والصرصور"(22)، قد لجأت إلى نظام المقاطع المعنونة، وان
التقليدي قد ورد في القسم الثاني من الحوار وفي بعض القسم الأول من
النهاية، وان وروده على لسان النملة والصرصور لم يكن منطقيا، فقد كان
الشاعر هو الذي يتحدث على لسانيهما، وان الحوار لم يكن بينهما مباشرة، ولا
شك أن الراوي ينطلق من موقف محايد يتسم بثبات الموقف الشعوري، ولا شك أيضا
أن ثبات الموقف الشعوري هو الذي أدى إلى أن يظل البحر المستخدم على لسان
النملة هو البحر نفسه على لسان الصرصور، فيقل هنا مستوى الحوار وتختلف
طبيعته، ومن المعروف أن الحوار عنصر درامي، ولكن هذا الحوار حين لا يجيء
على لسان النملة أو الصرصور المتصارعين فانه يفقد مبررات وجوده من ناحية
ويفقد من ناحية أخرى تمايز النملة عن الصرصور، وإذا كانت القصيدة الحديثة
في الجمع بين التقليدي والحديث قد انطلقت من اختلاف الحركات النفسية فان
الشاعر في هذه القصيدة قد عبر عن النفسيتين المختلفتين ببحر واحد هو الرجز
كما لو كانتا صوتا واحدا أو صوتين متشابهين، وقد كان من المفروض ما دام
هناك صراع بين النملة والصرصور أن يلجأ الشاعر إلى التعدد كوسيلة من وسائل
التعبير عن الصراع بين الصوتين.
وواضح أن الجمع بين التقليدي والحديث هنا يفقد المنطق مما قد يدل على أن
الجمع بينهما لم يكن دائما بدافع التعبير عن التفاوت في المواقف الشعورية،
وإنما اضاف إليه الجمع من اجل التدليل على شيء من الحداثة لا اكثر، ولا شك
أن الجمع من اجل الحداثة المجردة غير المرتبطة بالمضمون شكلية لا مبرر لها.

أما في القصيدة التي توجهت إلى مجزوء الوافر "رحيل القمر الحزين"(23) فقد
اتخذت نظام المقاطع، وان المقطعين الأول والاخير قد اقتصرا على الحديث،
بينما توسطهما التقليدي في المقاطع الثلاثة، وان التقليدي قد اعتنى في
القصيدة بوصف الحزن، بينما اقترن الحديث برفض الحزن مما يشي بالصراع بين
الاستسلام للحزن وبين رفضه، وان كل حالة من الحالتين قد استدعت وزن مختلفا
عن الآخر. ولكن ورود التقليدي في الوسط على امتداد ثلاثة مقاطع وليس على
مقطع واحد أمر بحاجة إلى استفسار عن السبب، وبخاصة انه اقتصر على وصف
الحزن، ولا شك أن الاستفسار يتضمن لفت النظر إلى أن المقطعية في صورتها
الحقيقية فاصل بين حالات متباينة وليست فواصل في حالة واحدة، وعليه فان
الباحث كان يفضل لو أن المقاطع الثلاثة كانت مقطعا واحدا، فيحافظ بذلك
التعدد في الأوزان على منطقيته الخاصة.
وإذا كانت الملاحظة العامة على هذه القصائد أنها اعتمدت على تجانس القصيدة
في كل من الحديث والتقليدي، إلا أنها لم تستسلم للرتابة على عكس ما ذهب
إليه محمد النويهي(24)، خاصة أن كيفية المزج بينهما لم تلتزم صورة واحدة،
وإنما تباينت من قصيدة إلى أخرى، ومن شاعر إلى آخر، ولا شك أن هذا التباين
قد حرر القصائد من تهمة الرتابة في اكثر الأحيان.
وإذا كان الجمع بين التقليدي والحديث اقرب إلى التقليدية منه إلى الحداثة
حين تكون التفعيلة واحدة بين الشكلين، فان القصيدة الجزائرية لم تبق اسيرة
التقليدي، وإنما تعدته إلى الجمع بين بحور متعددة، بعضها تقليدي وبعضها
حديث.
وقد ورد الجمع بين عدة بحور في سبع قصائد بنسبة 38,88 % من مجموع التوجه
إلى الشكلين، وفي هذه القصائد توزع التوجه على خطين، أولهما يكتفي ببحر
تقليدي وآخر حديث، والثاني يجمع في القصيدة الواحدة بين اكثر من بحر
تقليدي، واكثر من بحر حديث. وقد جاءت في الأول قصيدتان بنسبة 28,57%، وفي
الثاني خمس قصائد بنسبة 71,45 %.
والسمة المميزة للأول انه جمع بين بحر تقليدي مركب وبين بحر حديث، فقد جمعت
قصيدة باشوات "إليها"(25) بين الخفيف التقليدي، وبين الرمل في صورته
الحديثة. أما قصيدة ميهوبي "يا حادي القدس"(26) فقد جمعت بين البسيط
التقليدي والكامل في صورته الحديثة.
وإذا كان من الواضح أن كل بحر قد ورد مرة واحدة في صورته التقليدية
والحديثة فان ورود الرمل في صورته الحديثة في قصيدة "إليها" يتصل بالخفيف،
فالخفيف التقليدي يتكون من تكرار تفعيلتين، احداهما فاعلاتن وحدة الرمل.
أما قصيدة ميهوبي فان متفاعلن لا تلتقي مع مستفعلن وفاعلن اللتين من
تكرارهما يتولد البسيط إلا عن طريق الزحافات والعلل.
أما الثاني فقد جمعت فيه القصيدة الواحدة بين بحرين تقليديين وبحر حديث،
ففي "الشموخ"(27) لميهوبي مجزوء الوافر والمتقارب، وفاعلن في صورتها
الحديثة، وفي "كان الصخر وكنت"(28) لميهوبي أيضا، الكامل والرمل
التقليديين، والمتدارك في صورته الحديثة، وفي قصيدة محمد الأخضر عبد القادر
السائحي "أغاني وادي الفضة"(29)، الخفيف و الكامل التقليديين، والوافر في
صورته الحديثة، وفي قصيدته الثانية "السحاب الأخضر"(30) الكامل والرمل
التقليديين، والرمل في صورته الحديثة .أما قصيدة رمضان "يا قلبي"(31) فقد
اجتمع فيها بالإضافة إلى الخفيف والكامل التقليديين المتدارك والمتقارب في
صورتيهما الحديثة، ولكن البحريين الحديثين يتواليان في البيت الواحد، بحيث
يجيء بعض البيت على صورة المتدارك وبعضه الآخر على صورة المتقارب، وان هذا
التوالي يختلف من بيت إلى آخر، فبينما يبتدئ بيت بالمتقارب، فان بيتا آخرا
يبتدئ بالمتدارك، وعلى سبيل المثال فقد ورد البيت كما يلي :
أنت يا قلبي تشكو هموما كبارا وغير كبار(32).
ومن الواضح أن القسم الأول "أنت يا قلبي"على المتدارك بينما جاء القسم
الثاني "هموما كبارا وغير كبار" على المتقارب، أما البيت الثلاثون فقد ورد
كما يلي:
وأن الشجاع الصبور لا يجزع عند الهزيمة(33).
وواضح أيضا أن البيت يبتدئ بالمتقارب وينتهي بالمتدارك، مع ملاحظة التذييل
في العروض . ولا شك أن انقلاب الوحدة الإيقاعية إلى معكوسها أمر غريب لا
يمكن أن يمثل ذروة من ذرى التعدد كما يقول كمال ابو ديب(34). والحق أن هناك
أبياتا لا تخضع لأي وزن، مما يمكن القول معه أن القصيدة جمعت بين ما هو
موزون وما هو غير موزون معا.
ويلاحظ الباحث في هذه البحور أن الكامل التقليدي يحتل الرتبة الأولى بأربعة
قصائد، ويليه الخفيف بثلاث ثم الرمل بقصيدتين، وفي الاخير يجيء المتقارب
والوافر والبسيط بقصيدة واحدة لكل منهما.
وواضح أن مجيء الكامل في الرتبة الأولى ينسجم مع تواتره في التقليدي ولكن
ورود المتقارب والبسيط والوافر بنسب قليلة تختلف عن تواترها في التقليدي،
وإذا كان يمكن تبرير احتلال الكامل للرتبة الأولى بانه من البحور البسيطة
التي تقترب من جوهر الشعر الحديث فانه من الصعب تبرير نسبة المتقارب الذي
يشترك مع الكامل في الانتماء إلى البحور الصافية، ولكنه يمكن الإشارة إلى
أن الكامل كان باستمرار حاضرا في مختلف الأزمنة بينما لم يكن المتقارب يشد
الاهتمام إلا في الفترة الأخيرة.
ونلاحظ في الحديث أن المتدارك قد جاء في ثلاث قصائد، ويليه الرمل في
قصيدتين، ثم المتقارب والوافر والكامل في قصيدة واحدة لكل منها. وواضح أن
الحديث قد اقتصر على البحور البسيطة اكثر من المركبة وذلك لتوافقها مع روح
الشعر الحديث كما سبق أن أشرت.
وأخيرا ، فان الباحث يلاحظ قي قصيدة "إليها" أن مجزوء الرمل التقليدي قد
ورد على شكل الشعر الحديث رغم القافية الموحدة ورغم انتظام عدد التفعيلات
في الابيات الثلاثة، كما انه يمكن الملاحظة أن الخفيف في القصيدة نفسها قد
اختلف احيانا عما هو مألوف خاصة في البيت الثاني:
أنا لولاك ما صدحت بشعري
لولا حبيك ما استلذ الورى بغنائي(35)
فالعجز كما هو واضح أطول قليلا مما ينبغي في الخفيف، وان الزيادة ليست
تذييلا وليست ترفيلا وإنما هي اطول من ذلك، فقد زادت عنهما بمتحركين
وساكنين، واتخذت الزيادة صورة فعولن وهو ما لم يقل به احد من اهل العروض.
إذا كان الجمع بين التقليدي والحديث حقيقة في القصيدة الجزائرية، فإنه لم
يزد عن أن يكون مرحلة أولى إلى التعدد في إطار الشعر الحديث الخالص، وهو
التعدد الذي وصلت إليه البنية الإيقاعية، بل إنها اهتمت به إلى حد صارت
ظاهرة ملموسة تلفت النظر، فيتدارسها النقاد باهتمام.
والباحث في التعدد في القصيدة الحديثة الجزائرية لا يملك في البداية إلا أن
يتحفظ قليلا، وذلك لان احتلال التعدد المرتبة السادسة، وان كان يعني انه
صار ظاهرة ملموسة فانه يعني في المقابل انه لم يصر بعد الظاهرة الغالبة،
ومن هنا فان الباحث فبه يؤثر الاكتفاء بالرصد وتحديد الملامح العامة دون أن
يتقصى مختلف التفاصيل.
وأول ما يلفت النظر أن عدد الشعراء الذين اتجهوا إلى التعدد في الشعر
الحديث الخالص قد بلغ ستة عشر شاعرا من الشعراء الذين توجهوا إلى الشعر
الحديث، وهو عدد تزيد نسبته عن الثلث، ولا شك أن وصول نسبته إلى 2،37 % من
مجموع الشعراء تعطي الانطباع بإمكانية ازدياد التوجه إليه في المستقبل،
خاصة وانه يسبق في التواتر بحرين هما الوافر والهزج، وان الكامل لا يزيد
عنه إلا بنسبة ضئيلة، ولا شك أن ارتفاع نسبة التوجه إليه تعود عند شاعر
كعبد العالي رزاقي إلى حد أن يستأثر بنسبة مقدارها 48،83 % من مجموع شعره
تحمل الاحتمال بالتحول إلى التعددية،وتنامي هذا التحول.
وإذا كانت نسبته عند عبد العالي مرتفعة إلى حد استقطاب نحو من نصف التوجه،
فان هذه النسبة المرتفعة لا تزيد عن أن تكون إشارة وليست دليلا، خاصة وأن
النسبة قد تفاوتت من شاعر إلى آخر، وأنها لم تشكل عند بعض الشعراء أي علامة
فارقة.
ويلاحظ الباحث أن نسبة التوجه إلى المتعدد كانت كما يلي عند بعض الشعراء
الستة عشر: محمد الأخضر عبد القادر السائحي 12،2%، أحمد حمدي 72،13%،
باوية5،12 %، جوادي 12،5 %، بوحلاسة 52،10 %، دحو33،8 %، ازراج 37،9 %،
أحلام مستغانمي 56،2 %، محمد زتيلي 34،4 %، رزاقي 83،48 %، حمادي 20 %،
لوصيف 5،12 %، سعد الله 6%، أجقاوة 25%، حمري بحري 44،3 %، وباشوات 76،11
%.
وإذا كان الباحث يلاحظ أن النسبة عند الشعراء قليلة ، فإن مقارنتها بنسبة
توجه الشاعر إلى بعض البحور تعطي الانطباع بأنها لافتة للنظر على الرغم من
تواضعها. و مما يلفت النظر في المتعدد ، أن القصيدة الجزائرية فيه قد اتخذت
مرة أخرى اتجاهين، أولهما يعيد صياغة بعض البحور المركبة في التقليدي مع
المحافظة على مرات تكرار التفعيلات، أما الثاني فإن الشاعر فيه يعدد في
القصيدة الوحيدة تفعيلات متباينة من دون أن ينتظمها التكرار.
وفي القصائد التي حللناها(36) وجدنا في الاتجاه الأول ثلاث قصائد بنسبة
20%، بينما وجدنا في الثاني اثنتي عشرة قصيدة بنسبة 80%، ومن الواضح أن
التعدد في القصيدة الجزائرية يميل إلى الاتجاه الثاني أكثر من الأول، ولكن
ميله إليه لم يمنعه من التوجه إلى الاتجاه الأول بنسبة مرتفعة.
وأول ما يلفت النظر أنه لم يستأثر بالقصائد الثلاث بحر دون غيره من البحور،
وإنما توزعت على ثلاثة بحور بمعدل قصيدة على كل بحر. فقصيدة "الفدائي"
لسعد الله(37) اختارت المجتث بينما اختارت قصيدة دحو"قضية"(38) الخفيف، أما
قصيدة "تقرت"(39) لمحمد الأخضر السائحي فقد اختارت البسيط. والملاحظ في
قصيدة الفدائي أن سعد الله قد التزم فيها بتكرار تفعيلتين في البيت الخطي
الواحد:
سلاحه في يديه متفعلن فاعلات
وروحه في النجوم متفعلن فاعلات
وقصده في جبينه متفعلن فاعلاتن
وأرضه في فؤاده متفعلن فاعلاتن
يرى الحياة دقيقة متفعلن فاعلاتن
يهز فيها سلاحه متفعلن فاعلاتن
عدوه كل شيء متفعلن فاعلاتن
يريد ذل بلاده متفعلن فاعلاتن
يقاتل الخصم دوما متفعلن فاعلاتن
بروحه وسلاحه متفعلن فاعلاتن
فان رأى الموت هانت متفعلن فاعلاتن
حياته ودماؤه متفعلن فاعلاتن
ومن الواضح أن البناء تقليدي، ولولا أن القافية تفاوتت بلا انتظام لتحولت
القصيدة إلى بحر خليلي خالص، ومن الواضح أيضا أن مستفعلن مخبونة دائما،
وإنها لم ترد تامة ولو مرة واحدة، وبغض النظر عن تسكين "جبينه" في البيت
الثالث و"دقيقة " في البيت الخامس فان فاعلاتن مزاحفة بنسبة 50 %.
وفي" قضية" يوزع دحو الخفيف كما يلي في المقطع الأول:
حولها العمر ضاع فاعلاتن مفاع
يا سادتي والدرب ما زال مغلق الأبواب لن فاعلاتن فاعلاتن مفاعلاتن فعلات
من صباح استدعائهم فاعلاتن مستفع لن
وأنا أجري خلفها لحظة لحظة بدون حساب فعلاتن مستفع لن فاعلاتن مفاعلن فعلات.
مرة في الأرشيف ورفوفه فاعلاتن مستفع لن فاعلن
مرة أنزلت إلى الدولاب فالاتن مفاعلن فع لا ت
والباحث يلاحظ في هذا المقطع أن الأبيات الثلاثة ـ إذا اعتبرنا العروض
الخليلي ـ موحدة القافية، ولولا إطالة البيت الثاني لخضعت إلى البناء
التقليدي على الرغم من فاعلاتن في عروض البيت الثالث.
وفي المقطع الثاني:
صاحبي صرت رقم شؤم لديه فاعلاتن مفاعلن فاعلات
إن رآني في الصف صاح بصوت خانق فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن فاعلا
عودوا في الخريف الآتي تن مستفعلن فع لا تن
في الشتاء الآتي فاعلاتن متفع
ولو صدق المقال لقال عودوا في الممات علن فعلاتن مفتعلن فولن فاعلات
ويلاحظ في البيت الخطي الأخير خروج عن الخفيف المعروف، بدخول فعولن بعد
مستفعلن الأخيرة، وفاعلاتن الأخيرة أيضا، وبديهي أن فعولن إطالة للبيت، كما
في البيت الثاني من المقطع الأول.
وإذا كان المقطعان متشابهين في الزيادة فإننا في المقطع الثالث نلاحظ ملاحظة جديدة، فبعد بيتين خطيين كل منهما شطر خفيف يقول الشاعر:
صاحب الحانون استشار القضاة فاعلاتن مستفعلن فاعلات
صاحب السكنى أقسم اليوم حجز المسعفات فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن
شركات المرافق استدعت الشرطة فعلاتن مفاعلن فاعلاتن فع
أعطتها قرار الإدماج بين العصاة لاتن فاعلاتن مستفعلن فاعلات
وتتمثل هذه الملاحظة في توالي فاعلاتن ثلاث مرات مرتين مما أربك التكرار،
ويلاحظ أنه إذا حذفنا فاعلاتن مرتين لاستقامت للخفيف صورته الخليلية
المعروفة. وفي المقطع الثالث يقول الشاعر:
سيدي باسم الدين أرجوك فاعلاتن مستفعلن فاع
باسم أطفال يعشقون الحياة فاعلاتن مستفعلن فاعلات
.........................
باسم أفواج النصر أبعد فاعلاتن مستفعلن فا
على أيام هاك وهات علات مستفعلن فعلات
وتتمثل الملاحظة في نقص فاعلاتن، فقد تكون البيتان الخطيان من خمس تفعيلات
بدلا من ست، فخرج البيتان " الشطران" عن الخفيف العروضي، وإن فاعلاتن
الثانية في البيت الخطي الأول قد صارت "فاع".
ومن الواضح أن تكرار فاعلاتن ومستفعلن منتظم في الغالب لولا بعض التجاوزات
القليلة التي أشرنا إليها في موضعها. ولا شك أن هذه التجاوزات محاولات
لاستغلال البحر التقليدي المركب في الشعر الحديث.
أما قصيدة "تقرت" فقد استغل محمد الأخضر عبد القادر السائحي البسيط، ولكنه
بدلا من البيت اعتمد على الشطر، ففي المقطع الأول وردت ثلاثة أشطر، وفي
الثاني والتاسع خمسة أشطر، وفي الرابع والخامس ستة أشطر، وفي العاشر عشرة
أشطر، وفي السادس أحد عشر شطرا، وفي الثالث اثنا عشر شطرا، وفي الثامن ستة
عشر شطرا، وفي السابع تسعة عشر شطرا، ولو اخترنا مقطعا كالتاسع مثلا لوجدنا
أن السائحي يوزع البسيط كما يلي:
تقرت مفاع
يا واحتي في دورة الفلك لن فاعلن مستفعلن فعلن
أتيت من حالك الأحزان مفاعلن فاعلن مستفع
أسمعك لن فعلن
أنشودة الحب مستفعلن فاع
من شبابة القمر لن مستفعلن فعلن
واكتب الشعر مفاعلن فاع
للإنسان في بلدي لن مستفعلن فعلن
فالليل لم ينقشع مستفعلن فاعلن
إلا على أرقى مستفعلن فعلن
ومن الواضح أن المقطع يتكون من بيتين ونصف "خمسة أشطر"، وان النصف هو الذي
أحال التقليدي إلى حديث، وقد دعمته في خروجه القافية المتعددة من بيت إلى
آخر.
وإذا كانت مستفعلن مخبونة أحيانا أخرى، فإن الباحث يرى أن العروض والضرب
مخبونان دائما كما هو الحال في أول البسيط التقليدي، على انه يمكن الإشارة
إلى أن عروض "ضرب" الشطر الثاني متصلة بحشو الشطر الثالث، ولا شك أن قراءة
الشطرين قراءة متصلة تحول العروض إلى "فعل" بتحريك اللام، وإن مد حركة
الكاف كسرة نشاز، وأن الوقوف على الكاف بالسكون يحول العروض إلى فعل بتسكين
اللام، وهذه هي المؤاخذة على هذا المقطع.
ومن الملاحظ في هذه القصائد الثلاث أنها لم تحدث تطويرا واضحا في موسيقى
البحور المركبة، ولا شك أن ذلك راجع أساسا إلى أنها لم تتلخص بعد من إطار
القصيدة التقليدية، وما الإشارات التي تقدمت إلا محاولات لاستغلال البحر
المركب في الشعر الحديث، ولكن هذه المحاولات لم تطور الموسيقى في هذه
البحور، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أن هذه البحور مرتبطة في الذهن
بصورتها التقليدية أكثر من صورتها في الشعر الحديث. ولا شك أن ندرة ورودها
في الشعر الحديث، وأن التزامها في الغالب بصورة التقليدي قد قللا من أهمية
تأثيرها في الشعر الحديث، وقد أشرت من قبل إلى أن الجمع بين التقليدي
والحديث لا يخدم قضية الشعر الجديد بقدر ما يخدمها المزج الآخر بين
التفعيلات في الشعر الحديث الخالص.
إذا كنت قد أشرت من قبل إلى أن الجمع بين التقليدي والحديث، وإلى أن
استخدام البحور المركبة في الشعر الحديث لا يثري التجربة في القصيدة
الحديثة، فإن التعدد في التفعيلات بصورتها الحديثة الخالصة هو الامكانية
الموسيقية التي يمكن أن تساعد على إثراء التجربة باختلاف المقاطع من ناحية،
وباختلاف التفعيلات من ناحية أخرى.
ويلاحظ من جديد أن الاتجاه إلى المتعدد في القصيدة الحديثة الخالصة قد اتخذ
طريقين، أولهما تختلف فيه الوحدات الصوتية من بيت إلى آخر دون فواصل
مميزة، أما الثاني فإن الانتقال فيه من وحدة إلى وحدة أخرى يجيء بعد علامة.
وقد وردت في الاتجاه الأول قصيدة واحدة هي "مشكلة"(40) لأحمد حمدي، وقد
اختارت أربعة بحور وهي : المتقارب، المتدارك، الرجز، الرمل، كما يلي:
وترسب في ذكرياتي فعول فعولن فعولن
عينا عصفور فعلن فعلان
ينقر في قلبي النور فاعل فعلن فعلان
وها أنا أصارع الدوار مفاعلن مفاعلن فعول
في شرايني يعيش فاعلاتن فاعلات
الحزن والحب ن فاعلاتن ف
ويمتد الصراع علاتن فاعلات
وفي لحظة اللاوجود فعولن فعولن فعولن
وقفت في المونلوج والحياة مفاعلن مستفعلن فعول
وعقرب الساعة مفاعلن مفتع
في نهاية المطاف لن مفاعلن فعول
تململ في بطن الأشياء علن فعلن فعلن ف
ليعبر عيني العالقتين علن فعلن فعلن فعلن ف
بلا أهداب علن فعلان
في قفص الزمن الضائع فاعل فاعل فعلن فع
فالعالم عبر المجهول لن فاعل فعلن فعلان
تمخض فعول ف
حولني عول فعو
مشكلة لن فعل
ومن الواضح أن الانتقال من بحر إلى آخر انتقال تتطلبه لا حاجة معنوية ولا
موقف شعوري، وإنما يتم هكذا من أجل أن تصبح القصيدة " قصيدة تجريبية" كما
ورد في صدر القصيدة، ولا شك أن الانتقال غير المبرر من وحدة إلى أخرى تقلب
غير مقنع مهما كانت الحاجة إلى التجريب. ومما يخفف من حدة توالي الانتقال
أن القصيدة وحيدة في هذا المجال، مما لا يمكن أن يجعل منها ظاهرة في
القصيدة الجزائرية، وساعد على التخفيف من الحدة أيضا أن الشاعر يومئ وهو
يصدر قصيدته بعبارة قصيدة تجريبية إلى ما قد يكون في انتقاله من حدة،
ويعتذر عنه بأن محاولة للتجريب.
أما الاتجاه الثاني فقد وردت فيه إحدى عشرة قصيدة اتففت جميعها على الفصل
بين التفعيلة والتفعيلة بعلامة مميزة كالترقيم، والعنوان، وعلامة النجمة،
وما يشبه ذلك من علامات الفصل بين المقطع والمقطع .
ولقد تكونت قصيدة رزاقي الأولى " ثم الكتابة"(41)، من أربع مقاطع، وكذلك
قصيدة" هوامش لأيام الأسبوع"(42)، أما قصيدته الثالثة "أسماء ممنوعة من
الصرف"(43) فقد تكونت من ثمانية مقاطع، بينما تكونت قصيدته الرابعة " أحزان
اليوم العادي "(44) من ثلاثة مقاطع، وبعبارة أخرى كان معدل القصيدة عنده
يتكون من4.75 مقطع.
وتكونت قصيدة سعد الله الأولى " أمس وغد "(45) من ثلاثة مقاطع، بينما
تكونت قصيدته الثانية " إلى القصلة "(46) من ستة مقاطع بمعدل 4.5 مقاطع في
القصيدة الواحدة.
وتكونت قصيدة جوادي الأولى "أحزان ليست مراهقة"(46) من خمسة مقاطع، وقصيدته
الثانية "قصائد للحزن والانتماء"(47) من ثلاثة مقاطع، بمعدل 4 مقاطع في
القصيدة الواحدة.
أما قصيدة زتيلي "وجوه من مدينتي"(48) فقد تكونت من ثلاثة مقاطع، وتكونت
قصيدة باوية "أعماق"(49) من ثلاثة مقاطع أيضا. وتكونت قصيدة حمدي "تحولات
في خريطة"(50) من أربعة مقاطع.
وقد توزعت المقاطع على النحو الذي يبينه الجدول التالي:

المقاطع النسبة القصــائـــد
عدد النسبة
فاعلاتن 18 13،39% وجوه من مدينتي، أحزان ليست مراهقة، أعماق أمس وغد،
تحولات في الخريطة، أحزان اليوم العادي، هوامش لأيام الأسبوع، أسماء ممنوعة
من الصرف، ثم الكتابة.
مفولن 7 15,21% إلى المقصلة، قصائد للحزن والانتماء، أحزان ليست مراهقة، ثم الكتابة.
مفاعلتن 7 1521% إلى المقصلة، وجوه من مدينتي، قصائد للحزن والانتماء، أعماق، تحولات في خريطة، أحزان اليوم العادي.
متفاعلن 7 15,21% وجوه من مدينتي، أمس وغد، تحولات في خريطة، هوامش لأيام الأسبوع، وأسماء ممنوعة من الصرف.
فاعلن 5 86،10% قصائد للحزن والانتماء، أحزان ليست مراهقة تحولات في خريطة، وأحزان اليوم العادي.
مستفعلن 2 34،4% إلى المقصلة، أعماق.


وواضح من خلال الجدول أن تفعيلة الرمل تحتل الرتبة الأولى، وأن تفعيلات كل
من المتقارب والوافر والكامل تجيء في الرتبة الثانية، وأن تفعيلة المتدارك
تجيء في الرتبة الرابعة، أما تفعيلة الرجز فإنها تجيء في آخر الترتيب.
ولا شك أن ارتفاع نسبة الرمل منسجمة من ازدياد الاهتمام به في العصر
الحديث، وأن ورود المتقارب في المرتبة الثانية يؤكد ما ذهبنا إليه من قبل،
وهو أن تواتر هذا البحر مستقر وأنه يشغل الاهتمام بنسبة كبيرة في التقليدي
والحديث معا.
وإذا نظرنا إلى عدد القصائد التي تعددت فيها كل تفعيلة، فإننا سنجد أن
الرمل قد تكرر في تسع قصائد، ويليه الوافر في ست، فالكامل في خمس، ثم
المتقارب والمتدارك في أربع لكل منهما، ويجيء الرجز في قصيدتين اثنتين.
وبمقارنة المقاطع مع عدد القصائد يتبين لنا أن أكثر التفعيلات قد تكررت في
القصيدة الواحدة، بمعنى أن مفاعلتن قد تكررت في مقطعين خلال القصيدة
الواحدة، كما في قصيدة "إلى المقصلة" لسعد الله، وأن فاعلاتن قد تكررت في
قصيدة واحدة ست مرات كما في قصيدة "أسماء ممنوعة من الصرف" لرزاقي، وأن
متفاعلن قد تكررت في قصيدة " أمس وغد" لسعد الله مرتين، وهكذا بقية
التفعيلات ما عدا مستفعلن التي لم تتكرر في أية قصيدة.
ولا شك أن تكرار التفعيلة الواحدة قد يكون منطقيا حين يكون الصراع بين
حركتين نفسيتين تتطلب كل حركة منهما وزنا مخالفا لوزن الأخرى، أما أن يصل
تكرار التفعيلة إلى ست مرات كما في قصيدة رزاقي، فإن المنطق لا يقبل ذلك،
لأن حالات النفس الواحدة لا يمكن أن تتعدد إلى ست حالات دفعة واحدة من
ناحية، ولأن الفصل بين مقطع ومقطع علامة على الانتقال من وزن إلى وزن، وليس
فصلا لحالة عن حالة.
وإذا كنا قد ذكرنا قبل قليل أن تعدد الحالات في الحركة النفسية الواحدة لا
يمكن أن يصل إلى ست حالات، فإننا نرى في ذلك شيئا من التعسف، وانه لا يخضع
لمنطق مقبول، بقدر ما يخضع لاختيار الشاعر الذاتي.
وإذا انتقلنا إلى الزحافات في كل تفعيلة، فإننا سنجد أن فاعلاتن قد وردت
على الأشكال التالية : فاعلاتن، فاعلن، فعلاتن، فعلن، فعلات، وفعلات.
وإن فعولن قد وردت على الصور التالية: فعولن، فعول، فعل، وفعول، وأن
مستفعلن قد وردت كما يلي: مستفعلن، مفاعلن، فاعلن، فعولن، فعول، ومفتعلن،
وأن فاعلن قد وردت كما يلي: فاعلن، فعلن، فع لن، فعلان، وفعل، وأن متفاعلن
قد وردت كما يلي: متفاعلن، مستفعلن، متفاعلاتن، مفاعلن، متفعلان،
ومتفاعلان، وقد وردت مفاعلتن كما يلي: مفاعلتن، مفاعلين، مفولن، مفول،
ومفاعيلان.
وواضح من صور الزحافات أن التفعيلات قد استقبلت أنواعا عديدة من الزحافات
والعلل معا تماما كما في الشعر التقليدي، ولا شك أن الزحافات "مرض يصيب
التفعيلة واختلال صغير نحبه لأنه لا يرد كثيرا "(51)، ولكنه في الشعر
الحديث يكثر إلى حد ورود التفعيلة التامة اقل بكثير من ورودها مزاحفة أو
معلولة، ولا شك أيضا أن كثرة المزاحفة في التفعيلات تحرم المتلقي من الشعور
بالتتابع الذي تقوم عليه الموسيقى(52)، هذا أن لم تؤد إلى ضياع
الموسيقى(53)، وإذا كان محمد النويهي يدعو إلى ربط المزاحفة بالمضمون(54)،
فان صحة الدعوة من حيث المبدأ لا تنفي أن الإكثار من المزاحفة يتعارض مع
المعنى، وذلك لأنه إذا لم يكن المعنى في الأصل مستقيما إلى حد الإكثار من
التفعيلة في صورتها التامة، لأنه لا يكون معنى أصلا إذا كثر فيه الاعوجاج
إلى حد غياب التفعيلة التامة مثلما هو الحال القصيدة الحديثة المعاصرة.
على أن الباحث في النهاية يريد الإشارة إلى أن العلل قي القصائد التي حللها
كانت تجيء في اغلب الاحيان في موضعها الطبيعي في العروض، وانها لم ترد في
الحشو إلا بصورة نادرة وبنسبة ضئيلة لا نكاد تلفت النظر.


هوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ يرى محمد ناصر أن الرجز هو الذي يحتل الرتبة الأولى بنسبة 19,75 انظر
الشعر الجزائري الحديث اتجاهاته وخصائصه الفنية 1925-1975،دار الغرب
الاسلامي،بيروت1985 ص 272، الجداول، ويرجع السبب في اختلاف الترتيب والنسبة
أن ناصر اعتمد على عشرة دواوين فقط لثمانية شعراء، بينما تناولت اعمال
ثلاثة وأربعين شاعرا.
2 ـ يرى شلتاغ عبود شراد أن الرمل اكثر شيوعا من غيره، انظ
بوعلام م
بوعلام م
مشرف المرسى الجامعي
البلد : المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Btf96610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 374
نقاط تميز العضو : 98061
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 41

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Empty رد: المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا

03/04/12, 05:12 pm
بارك الله فيك استاذنا الفاضل
إسماعيل سعدي
إسماعيل سعدي
مدير الموقع
البلد : المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Btf96610
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 3758
نقاط تميز العضو : 146354
تاريخ التسجيل : 03/04/2009

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Empty رد: المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا

03/04/12, 10:25 pm
بوعلام م كتب:بارك الله فيك استاذنا الفاضل

وفيك بركه دمت أيّها العزيز .
محمد
محمد
مشرف مرسى الرياضة
مشرف مرسى الرياضة
البلد : المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Btf96610
عدد المساهمات : 7229
نقاط تميز العضو : 200683
تاريخ التسجيل : 10/12/2009

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Empty رد: المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا

04/04/12, 05:11 pm
موضوع مهم وقيم يجب الوقوف عنده والتمعن في تفاصيله
انارك الله دربك
اعجبتني صورة الكاتب كثيرا اخي اسماعيل
avatar
samir1995
عضو جديد
عضو جديد
البلد : المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Marsa210
عدد المساهمات : 7
نقاط تميز العضو : 84795
تاريخ التسجيل : 13/09/2012

المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا  Empty رد: المتعدد في القصيدة الجزائرية الحديثة بقلم د.حسين أبو النجا

13/09/12, 11:12 pm
معلومات قيمة ، تدل على رسوخ علم صاحبها .
جازاك الله عنا كل خير ، وسهل لك دروبك كلها بتسهيلك لدروب العلم .
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى